عرض مشاركة واحدة
قديم 16/05/2008, 08:49 PM   #4


الصورة الرمزية رحاب الرحمن
رحاب الرحمن âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5380
 تاريخ التسجيل :  Dec 2006
 أخر زيارة : 08/05/2012 (02:57 AM)
 المشاركات : 5,918 [ + ]
 التقييم :  660
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





الزراعة


إن قصة الزراعة بمنطقة الباحة في حقيقة الأمر قصة صراع ومعاناة ومصابرة ضد ظروف طبيعية ممعنة في الشدة والقسوة وفي المقابل هي قصة عناد وجلد ومثابرة من إنسان المنطقة الذي كان لا يملك من الإمكانات إلا أدوات



تقليدية وإرادة حديدية على استنطاق الأرض والصخر . تقودنا إلى هذه الحقيقة بعض النقوش وبقايا أطلال أثرية ورسومات بالإضافة إلى المحاصيل الزراعية التي حملها إنسان المنطقة على ظهور الدواب إلى أسواق كانت بمقياس هذا الزمن في أقصى الأقاصي من منطقة الباحة وقصة النهضة الزراعية التي شهدتها المنطقة ربما تكون بدايتها بداية استقرار جماعات من الأزد جاءت في موجات نزوح من الجنوب وحطوا رحالهم في السراة والأغوار ثم شرعوا في تعمير الأرض على ضفاف الأودية مستغلين كل قطرة ماء تجود به السماء أو نبع ماء ينفجر من بطن الأرض فمع مرور الزمن ورسوخ أقدام الاستقرار بدأ إنسان هذه المنطقة في الإستفادة من مياه الأمطار بإنشاء المدرجات الزراعية وحفر الآبار وبناء السدود وقد أشار بطليموس إلى إتخاذ أهل النجود والجبال في بلاد العرب المدرجات الزراعية وتشجيرها وأطلق على الجبال المكونة للقسم الجنوبي من جبال السر وات اسم (كليم اكس ما ونز) ومعناها الجبال المدرجة ولا تزال تلك الظاهرة سائدة حتى يومنا هذا .




فالزراعة ، إذن، ظلت تشكل الأساس القوي لاقتصاديات منطقة الباحة ، وقد شهدت أسواق المناطق المجاورة مثل الطائف ومكة المكرمة ، قوافل الغامديين والزهرانيين المحملة بمحاصيل المنطقة الزراعية خلال العهد الجاهلي مروراً بالعهد الإسلامي المشرق وحتى إلى ما قبل زمن ليس بالبعيد . وكانت القوافل تحط رحالها في تلك الأسواق بعد رحلات شاقة محفوفة بالمخاطر من قطاع الطرق وعبر طرق وعرة ، لتسويق منتجات المنطقة من الذرة والحنطة والسمن والعسل والزيت ولم تكن هذه المنتجات الزراعية ، بتلك الوفرة ، إلا من خلال عمل شاق يتم من خلاله استنطاق الأراضي الصماء أو مجاهدة خلف قطرة ماء لئلا تنساب إلى شقوق الجبال أو مثابرة لحفر بئر مستعصية أو حتى رحيل جماعي خلف سيول الأمطار التي تستقر في الأدوية الخصبة .



ولا شك أن الحال استمر هكذا أو أقصى من ذلك إلى إن أهتدي الإنسان إلى (السواني) و (المدرجات الزراعية) التي يسمونها (الجناب والعارض) واخترع أدوات الزراعة وتعرف على مواعيد زراعة المحاصيل برصد حركة النجوم ، ووسط هذه المعاناة تواصلت أهازيج المزارعين وأفراد أسرهم وهم يغوصون في جوف الأرض تأميناً لماء الري وترميماً للمنتجات الزراعية وبناء السدود ، تصنيعاً لأدوات الفلاحة ، تشييداً للحصون والقلاع ، حماية للمحاصيل الزراعية من الطيور وللثروة الحيوانية من الحيوانات المتوحشة وللأهل من غارات اللصوص وقطاع الطرق ، ونسجاً للوحات فلكلورية راقصة وقت الحرث وعند الحصار وعند الانتهاء من (الطينة) وعند عقد القرآن




لذا كانت الزراعة تشكل عماد الحياة الاقتصادية لساكني المنطقة ، وكانت هذه الحياة كفاحاً شاقاً يشترك فيه كل أفراد الأسرة التي شكلت شكلاً من أشكال التعاون الوثيق والتعاضد المتين بين أفراد الأسرة من ناحية وبين مجتمع القرية أو القبيلة من ناحية أخرى ، بل وبين مجتمعات القرى المتناثرة والمتقاربة في آن واحد ، كان عمل هذه المجموعات يمتد من قبيل شروق الشمس إلى بعد غروبها وكان لكل مرحلة عمرية مبدأ التخصص في العمل وكذلك لكل جنس من ذكر أو أنثى ، وكانت وسائل الزراعة بدائية ، وكان تسويق المنتجات الزراعية ضرباً من ضروب المخاطرة بالحياة وبالمحصول



 
 توقيع : رحاب الرحمن


التعديل الأخير تم بواسطة رحاب الرحمن ; 16/05/2008 الساعة 09:26 PM

رد مع اقتباس