لكن هل توجد علامات تدل على أن الجنين قد نفخت فيه الروح؟
يمكن أن تكون الحركات الإرادية دليلا على وجود الروح. وقد أشار لذلك ابن القيم في وصفه الجنين قبل وبعد نفخ الروح فقال: كانت فيه حركة النمو والاغتذاء كالنبات، ولم تكن حركة نموه واغتذاءه بالإرادة، فلما نفخت فيه الروح انضمت حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه. وقد أثبتت الأجهزة الحديثة رؤية حركات جسم الجنين في وقت مبكر؛ حيث يمكن أن تصور عند الأسبوع الثامن أو عندما يبلغ كيس الحمل 3سم أو يبلغ طول الجنين حوالي 15 مم. كما يمكن أن ترى الحركات الجنينية التي تعبر عن حيوية الجنين مثل حركات التنفس وحركات الأطراف العليا وضربات القلب وحركات عدسة العين والبلع وحركات الأمعاء الدودية. كما رصدت الحركات التي تعبر عن نشـاط الجنين
fetal activity مثل البلع وحركة اليد إلى الفم والمضغ وحركات اللسان و حركة اليد إلى الوجه و مص الأصابع؛ والتي يمكن أن ترى عند الأسبوع السادس عشر؛أي قبل مائة وعشرين يوما فتأمل! وتعتبر هذه الحركات انعكاس غير مباشر لحالة الجهاز العصبي المركزي؛ فكلما كانت هذه الحركات موجودة ومتوازنة، كلما كانت حالة الجهاز العصبي نشطة وسليمة. وهكذا أثبت علماء الأجنة بهذه الأجهزة الدقيقة هذه الحقائق التي تؤكد في مجملها أن أطوار الجنين الأولى من النطفة والعلقة والمضغة ، تحدث كلها خلال الأربعين يوما الأولى، ويجمع في كل منها خلق أعضاء الجنين وأجهزته في صورته الابتدائية خلال الأربعين يوما الأولى من عمره، وأن حركات الجنين الإرادية وبدء عمل وظائف أعضاء الجنين الرئيسية تحدث في الأربعين يوما الثانية من عمره. وعليه فالقول بأن مدة الأطوار الأولى للجنين من النطفة والعلقة والمضغة مائة وعشرين يوما؛ قول غير صحيح مناقض للحقائق العلمية بكل وضوح. وبناء على كل ما سبق يمكننا القول بأن الجزم بعدم نفخ الروح إلا بعد أربعة أشهر قول ليس عليه دليل قطعي من النصوص الشرعية، بل مبني على فهم لحديث ظني الدلالة هو: رواية الإمام البخاري لحديث ابن مسعود ثم جاءت حقائق علم الأجنة الحديث معارضة لمفهوم هذه الرواية ومؤيدة لرواية أخرى لنفس الحديث ونفس الراوي رواها الإمام مسلم بزيادة بسيطة في المتن بينت القضية بوضوح لا لبس فيه وهذا يبطل الاحتجاج برواية البخاري في تحديد زمن أطوار الجنين الأولى. وبالتالي يبطل الاحتجاج بالجزم بعدم نفخ الروح في الجنين قبل أربعة أشهر. وعليه فإمكانية نفخ الروح في الأجنة قائمة في أي وقت بعد الأربعين يوما الأولى؛ في نهاية الأسبوع السابع، أو الثامن،أو التاسع، أو حتى بعد أربعة أشهر وإن كان الراجح من النصوص أن الروح تنفخ بعد الأسبوع الثامن من التلقيح لدلالة النصوص الصريحة والصحيحة على ذلك. ولعدم وجود حديث واحد صحيح أو حسن ، يصرح بأن الروح لا تنفخ في الجنين إلا بعد أربعة أشهر. ومما يؤكد ذلك الحقائق العلمية الثابتة في علم الأجنة ومن أهمها رؤية مراحل الجنين المختلفة منذ بداية تكونه، واكتمال خلقه وتصويره وقيام معظم أجهزته بوظائفها ورصد حركته الذاتية و أنشطته البدنية قبل أربعة أشهر على وجه القطع. وينبني على ذلك حرمة الإجهاض بعد الأربعين ؛ لأن الإجهاض محرم عند جمهور الفقهاء بعد نفخ الروح، ونفخ الروح يكون بعد طور المضغة، وطور المضغة يبدأ ويكتمل وينتهي خلال الأربعين يوما الأولى بيقين؛ فعليه يرجح القول بحرمة الإجهاض بعد الأربعين يوما الأولى من بداية تلقيح البييضة وتكون النطفة الأمشاج. وتشتد الحرمة بعد مرحلة التخليق، أي بعد ثمانية أسابيع، وهي أشد بعد الشهر الثالث أو الرابع. والله أعلم.
القضية الثانية: ما هي أقصى مدة للحمل؟
قال الشنقيطي رحمه الله:(أما أكثر أمد الحمل فلم يرد في تحديده شيء من كتاب ولا سنة والعلماء مختلفون فيه، وكلهم يقول بحسب ما ظهر له من أحوال النساء..). ثم استعرض أقوال العلماء في أقصى مدة للحمل: ( فمن قائل أنها سنتان أو أربع أو خمس أو سبع،.. إلى أن قال: أظهر الأقوال دليلا أنه لا حد لأكثر أمد الحمل، لأن كل تحديد بزمن معين لا أصل له ولا دليل عليه، وتحديد زمن بلا مستند صحيح لا يخفى سقوطه، والعلم عند الله تعالى). بعد هذه المقدمة نقول وبالله التوفيق: إن كل الآراء التي ذكرها العلماء إنما كانت آراء مبنية على أخبار موهومة من النساء، فالمرأة التي حملت وتأكدت من حملها، حينما.ينزل عليها دم، وربما بغزارة بعد تأخر دورتها الشهرية ربما تظن أن حيضة أتتها على حملها، فتبقى معتقدة أنها حامل، وخصوصا أنها لا ترى في الدم أثرا لجنين ميت، حيث لا يرى بالعين المجردة وسط الدماء في هذه الفترة (02, جم في نهاية الشهر الأول)، ثم تحمل مرة أخرى بعد شهر أو اثنين أو أكثر، ويحدث لها ما حدث في المرة الأولى، فتحسب عمر حملها الأخير منذ الحمل الأول، والحقيقة أنها حملت ثم أسقطت مرارا، من غير أن تدري بالحمل أو السقط. كما أن إصابة المرأة.بما يعرف علميا بالحمل الكاذب
(Molar Pregnancy)، قد يكون أساسا لهذا الوهم: حيث يكبر حجم الرحم وينتفخ بطن المرأة وتعتقد جازمة بأنها حامل هي ومن حولها، ثم قد تزول هذه الأعراض،التي يمكن أن تستمر شهورا عديدة، ويأتيها حيض طبيعي ثم تحمل بعد ذلك حملا حقيقيا، فتحسب عمر حملها الحقيقي منذ بدء حملها الكاذب. وفي بعض حالات الإجهاض المخفي؛ ينقطع الدم ولا تأتي للمرأة دورة شهرية لعدة أشهر أو لعدة سنوات وأحيانا لعدة عقود، ويقول الدكتور صاحب المرجع الطبي1: أنه رأى شخصيا حالات لدى بعض السيدات حدثت لديهن انقطاع للدورة الشهرية لمدة 38 شهرا. وبناء على هذه الاحتمالات؛ يمكن أن يقع الخطأ في التقدير والحساب عند النساء والمحيطين بهن، ونقل هذا الخطأ إلى العلماء عن طريقهن، فأفتى علماؤنا الأجلاء بجواز تأخر الجنين في بطن أمه أكثر من تسعة أشهر، فمن قائل بسنتين،ومن قائل بثلاث، أو أربع، ومن قائل بخمس أو ست سنين وغير ذلك.فليتأمل. وقد كان رأي الشنقيطي ــ رحمه الله ــ موضوعيا، حينما أطلق هذا الأمر وجعله بلا حد زمني، لأنه لا دليل على هذا الحد عند علماء الشريعة، حيث لا يوجد مستند صحيح يرجع إليه. والحق في هذه المسألة أن المستند الصحيح الذي ذكره الشنقيطي ــ رحمه الله ــ موجود الآن بصورة قاطعة، في المراجع العلمية الطبية المحققة، ولا مجال لنكرانه أوإهماله!. وهذه شهادة أحد العلماء المعاصرين في تفسيره والإحصاء العلمي دل على أن الجنين لا يزيد بقاؤه.في بطن أمه عن 305 أو 308 يوما، وهناك رأي في المذهب المالكي أن عدة المطلقة سنة قمرية (354) يوما، وأما ما يذكر في المذاهب لأقصى مدة ــ الحمل فمستنده الاستقراء وأخبار الناس، والناس قد يخطئون أو يتوهمون وجود الحمل في فترة زمنية ما، وليس في ذلك نص شرعي ثابت. فالأطباء الآن هم أهل الذكر في هذا الموضوع، وأبحاثهم ومراجعهم تؤكد أن مدة الحمل لا تزيد عن واحد وأربعين أسبوعا من بدء التلقيح، وإن زادت عن ذلك فالجنين معرض لخطر الموت؛ وذلك لتدهور كفاءة المشيمة والرحم في إمداده بالغذاء اللازم؛ فيصاب بتلف في المخ ويهلك. فلا يمكن مثلا أن يستمر الحمل خمسين أسبوعا، لأن الحمل والولادة تتم وفق سنن ثابتة لا تتغير، ولم يذكر أي مرجع طبي حالة واحدة سجل فيها الحمل لمدة سنة كاملة مثلا، فضلا عن أكثر من ذلك، وإذا بطلت هذه المسألة ــ وهي باطلة قطعا ــ فكل ما ورد من آراء تربط بين نزول الدم من المرأة الحامل، وبقاء الجنين في بطنها فترة أطول؛ آراء غير صحيحة.
القضية الثالثة: عدم حيض المرأة الحامل
إن قضية حيض المرأة الحامل لا أساس لها من الصحة، لا من الناحية الشرعية ولا الطبية. فالمرأة الحامل لا تحيض. هذه حقيقة علمية لا شك فيها، ومثبتة بالدلائل اليقينية في المراجع الطبية وترجح قول من قال من العلماء، بأن المرأة الحامل لا تحيض، وأن الدم الذي ينزل منها هو دم فساد لا دم حيض، والأدلة الشرعية تعضد هذا القول، وقد ذكرها الشنقيطي ــ رحمه الله ــ في النقاط التالية:
1. ما جاء في بعض روايات حديث ابن عمر في طلاقه امرأته في الحيض أن النبي قال لعمر: (مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا) وهذه الرواية أخرجها أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، قالوا: قد جعل النبي علامة عدم الحمل الحيض، كما جعل الطهر علامة لذلك.
2. حديث (لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة) رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وصححه الحاكم وله شواهد، قالوا: فجعل النبي الحيض علامة على براءة الرحم، فدل ذلك على أنه لا يجتمع مع الحمل.
3. ومنها أنه دم في زمن لا يعتاد فيه الحيض غالبا، فكان غير حيض، قياسا على ما تراه اليائسة، بجامع غلبة عدم الحيض في كل منهما، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: إنما يعرف النساء الحمل بانقطاع الدم.
4. ومنها: أنه لو كان دم حيض ما انتفت عنه لوازم الحيض، فلما انتفت عنه دل ذلك على أنه غير حيض، لأن انتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم، فمن لازم الحيض حرمة الطلاق، ودم الحامل لا يمنع طلاقها، للحديث المذكور آنفا الدال على إباحة طلاق الحامل والطاهر، ومن لازم الحيض أيضا انقضاء العدة به، ودم الحامل لا أثر له في انقضاء عدتها لأنها تعتد بوضع حملها لقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) الطلاق (4)
الأدلة العلمية على أن الحامل لا تحيض
هناك عدة حقائق قد استقرت في علم الأجنة، عن كيفية حدوث وتوقف الحيض أثناء الحمل، أولى هذه الحقائق: أن حدوث الحيض وتوقفه يخضع لتأثيرات هرمونية، غاية في الترابط والدقة والإحكام. وثاني هذه الحقائق: أن هناك علاقة وطيدة بين المبيض والرحم لها دور فعال في التحكم الهرموني المسيطر على عملية الحيض بمراحله المختلفة. ثالث هذه الحقائق: أن هناك تغيرات وتبدلات وظيفية تحدث في جسم الرحم بعد حدوث الحمل تمنع حدوث الحيض. وإلقاء إطلالة سريعة على تفصيل لهذه الحقائق يوضحها ويجليها.
التبدلات الدورية في الرحم (الدورة الرحمية) سنة في الخلق:
تتألف الدورة الرحمية من أربع مراحل:
أ. مرحلة الحيض: تبدأ من اليوم الأول لرؤية دم الحيض حيث تنسلخ الطبقة الوظيفية لبطانة الرحم، وتنطرح كل 28 يوما تقريبا وتستمر من 3 - 5 أيام.
ب. المرحلة الجرابية أو طور التكاثر: وتتبع المرحلة السابقة، وتنتج عن فعل هرمون الأستروجين، حيث تعود بطانة الرحم إلى النماء، والأجربة المبيضية للنضج.
ج. المرحلة الإفرازية أو الطور الأصفر: وهى تتبع سابقتها وتنتج عن فعل هرمون البروجستيرون، المفرز من الجسم الأصفر، وفيها تتورم (تنتفخ) بطانة الرحم وتكثر مفرزات غددها، وتصبح شرايينها حلزونية.
د. المرحلة ما قبل الحيض أو طور الحرمان: وفيها ينقطع إفراز الهرمونات النخامية، (fsh&lh) فيتحول الجسم الأصفر في المبيض إلى ندبة، وتنقطع الشرايين الحلزونية ونهايات الغدد الرحمية، وتنكمش الطبقة الوظيفية وتصبح شاحبة، وتنسلخ في بدء الدورة الطمثية التالية. تنتظم الدورة الرحمية بشبكة مترابطة من الهرمونات، تبدأ في الدماغ في منطقة ما تحت المهاد، (hypothalamus) فهي تفرز هرمونات تؤثر على الغدة النخامية، فتطلق ما فيها من هرمونات أو تثبط افرازها، وأهمها هنا: الحاثة الجرابية (FSH) وهى تحث بعض الأجربة الموجودة في مبيض المرأة، على النمو من بداية الدورة، والحاثة الصفراء L H وهى تحث الجراب الناضج على الإباضة بمساعدة الحاثة الجرابية. أنظر شكل(5).
شكل رقم (5) يبين العلاقة بين التحكم الهرموني للغدة النخامية ودورتي الرحم والمبيض. ويرى في الشكل تغيرات بطانة الرحم في دورة الطمس العادية في النصف الأول من الشكل. وترى بطانة الرحمن في النصف الآخر وقد تهيأت لانغراس النطفة الأمشاج فيها. وتلاحظ التغيرات في المبيض والتغيرات الهرمونية خلا هاتين الدورتين.
العلاقة الوطيدة بين المبيض والرحم:
يقوم المبيض خلال الدورة الطمثية بإفراز هرموني، من خلال بنائه الغدي المسمى بالجسم الأصفر، حيث يفرز هرمون البروجستيرون بعد الإباضة، بشكل تدريجي ليبلغ ذروته بين اليومين السابع والتاسع بعد الإباضة، ثم يهبط إلى مستواه الطبيعي قبل الطمث بيومين، كما يفرز الجسم الأصفر كميات قليلة من هرمون الأستروجين.أنظر شكل (5). يثبط اليروجيسترون تدريجيا الحاثة الصفراء (L. H)، ويهيئ بطانة الرحم والجهاز التناسلي الأنثوي لتعشيش الكيسة الأريمية (Blastocyst)، في حالة حصول الحمل (التلقيح)، لذلك يدعى الهرمون المهيء للحمل. فإذا لم تتلقح البييضة يصل الجسم الأصفر ذروة تطوره في حوالي اليوم التاسع بعد الإباضة، ثم يتراجع في الحجم ويتحول إلى ما يعرف بالجسم الأبيض، لذلك يتناقص المفرز من هذا الهرمون سريعا، مما ينشأ عنه النزف الطمثي. انظر شكل (5). أما إذا تلقحت البييضة فيستمر الجسم الأصفر في نموه وإفرازه نتيجة فعل هرمون ثالث هو: المنميات التناسلية الزغابية الإنسانية (S.C.G.T)، الذي يظهر خلال يومين أو ثلاثة من تعشيش البييضة الملقحة، وهو يحول الجسم الأصفر إلى جسم أصفر حملي، ويزداد حجمه ازديادا كبيرا في نهاية الشهر الثالث، كما يزداد إفرازه الهرموني من البروجيستيرون والإستروجين اللذين لهما تأثير حيوي مهم في تغيير التركيب الوظيفي للرحم. وتؤكد المراجع الطبية في النساء والتوليد هذه الحقيقة فيقول أحدها 2: إن الرحم هو العضو الهدف لهرموني الإستروجين والبروجستبرون، وهذان الهرمونان لهما دور حاسم في تغيير البنية التي تحدث أثناء المراحل المختلفة في حياة المرأة، حيث يتكون الرحم أساسا من عضلات ملساء وخلايا عضلية، تحتوى على مستقبلات للإستروجين والبروجستيرون، فليس بمستغرب أن نرى أن تركيب الرحم ووظائفه العضوية ستتغير اعتمادا على الحالة الهرمونية للمرأة.
جسم الرحم في زمن الغرس
تكون بطانة الرحم زمن التعشيش في طور الإفراز البروجستيرونى الناجم عن الجسم الأصفر، وتلاحظ أولى علامات تأثير البروجستيرون، خلال يومين أو ثلاثة من الإباضة، حيث تتضخم غدد الرحم وتتعرج وتمتلئ بالإفرازات، كما تكبر الخلايا المبطنة للرحم (stroma cells) وتسمى الخلايا الساقطة، وتصبح شرايين بطانة الرحم حلزونية ونسيجها متوذما (منتفخا). أنظر شكل (5). ونتيجة لهذه التبدلات تتمايز بطانة الرحم إلى ثلاث طبقات هي من الخارج للداخل:
1. طبقة قاعدية رقيقة: لا يرى فيها توذم أو فرط تصنع، ولها أوعيتها الخاصة، ولا تنسلخ مع الحيض.
2. طبقة إسفنجية ثخينة: تتكون من أقنية الغدد المتوذمة، ومن الشرايين الحلزونية المحتقنة، ومن النسيج المتوذم بين الغدد.
3. طبقة سطحية متضامة: تتكون من خلايا بطانة الرحم المتوذمة والكثيفة.
ماذا يحدث بعد التلقيح؟
إذا تلقحت البييضة تبدى غدد غشاء الرحم المخاطي ازديادا في فعاليتها الإفرازية، وتطلق منتجاتها بما فيها المخاط والجليكوجين، من فتحاتها العديدة على سطح هذه الطبقة، واللازمة لتغذية هذه الخلايا الجنينية، وتصبح الشرينات التي تروي الطبقتين الكثيفة والإسفنجية ملتوية، وتشكل فراشا وعائيا كثيفا، يتوضع تحت بشرة الرحم مباشرة، لذلك يصبح غشاء الرحم المخاطي شديد التوذم، ومستعدا لاستقبال الكيسة الأريمية (blastocyst). وتدعى الطبقتان السطحية والاسفنجية من غشاء الرحم المخاطي بعد اكتمال تعشيش الكيسة الأريمية باسم الغشاء الساقط (decidua)، حيث يكون هذا الغشاء تحت التأثير الهرموني للحاثات النخامية (F.S.H & L.H)، وهرمونات الجسم الأصفر وهرمونات تنشأ عن المشيمة بعد تعشيش البييضة الملقحة، وهو الذي يسقط مع سقوط الجنين أو مع ولادته. يحدث التلقيح للبييضة خلال (24 ــ 36) ساعة من الإباضة، وتتحول بعد (3 ــ 4) أيام إلى كرة ممتلئة بالخلايا أشبه بالتوتة، ثم تتحول إلى كيسة أريمية (blastocyst) تصل إلى جوف الرحم وتسبح في مفرزاته، ثم تعلق وتعشش في بطانة الرحم في اليوم السادس، ومن ثم تبدأ بإفراز هرمونات خاصة بها تدعى الهرمونات الجنينية ويطلق عليها: المنميات التناسلية الزغابية الإنسانية (H.C.G.T)، وهى تحافظ على الجسم الأصفر ليستمر في إفراز هرمونات المبيض (البروجستيرون والإستروجين)، وهذه الهرمونات تؤدى إلى استمرار نمو وإفراز بطانة الرحم، وتبقيه في طور الإفراز؛ لذلك لا يحصل انقطاع هرموني عنها وبالتالي ينقطع حدوث الحيض وتصبح بطانة الرحم مستقرة صالحة لتعشيش بذرة الجنين. كما أن الهرمونات الجنينية تؤدى إلى تحول الجسم الأصفر إلى جسم أصفر حملي، وبالتالي تزداد إفرازات هرموناته فتثبط هرمونات الغدة النخامية (FSH&LH)؛ فلا تتطور أجربة جديدة؛ لذلك لا تحدث إباضة خلال الحمل وبهذا يتوقف الحيض عند المرأة الحامل. وبهذا يثبت أن المرأة الحامل لا تحيض، و عليه فكل الآراء التي وصفت الدماء التي تنزل على المرأة الحامل بأنها دماء حيض، آراء غير صحيحة. بناء على ما تقدم فإن الدم الذي تراه المرأة مصحوبا ببقاء الحمل، إما أن يكون مقدمة أو علامة على حدوث الإسقاط التلقائي كما في حالات الإجهاض المنذر، أو يحدث من نزف الزوائد المرضية في عنق الرحم الخارجي، أو نتيجة لإصابته بكدمة أو جرح، وكذا الدماء التي تنزل على المصابات بالحمل الكاذب، أو بمتلازمة التوأم المتلاشي؛ حيث يحدث نزيف للمرأة نتيجة هلاك أحد التوأمين، وقد يستمر هذا النزيف فترة تظن به المرأة أنه حيض على حملها المتنامي للجنين الآخر. فهذه الدماء لا يمكن أن تكون دم حيض، وليس لها أي تأثير على بقاء الجنين، فترة أطول في الرحم، بل ربما تؤثر بالنقص في عمر الجنين أو وزنه، فالجنين الذي يبقى عادة مع الإجهاض المنذر قد ينزل دون التسعة أشهر، أو ينزل دون الوزن الطبيعي. ومن ثم فلا يبقى هناك احتمال إلا خطأ حساب هؤلاء النسوة اللائى نقلن إلى العلماء مشاهداتهن مع تبريراتهن الخاطئة لها. وعليه فكل الآراء التي ربطت بين ضعف الولد ورقته بحدوث هذه الدماء، وازدياد مدة الحمل أكثر من المدة المعهودة آراء غير صحيحة، وليس عليها أي دليل علمي.
الهوامش والمراجع:
1. فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/303. ا،كتاب بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة. رقم الحديث 8 0 32 . و6/363
2. البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن لابن الزملكاني ص 275
3. كيث مور وعبد المجيد الزنداني ومصطفى أحمد، وصف التخلق البشري طور العلقة والمضغة، بحث مقدم للمؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة،(1408هـ-1987م، من كتاب علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة، ط أولى، مطابع رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة.
4. ابن رجب الحنبلي (زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين بن أحمد )جـامع العلوم والحكم، ص55 تحقيق الدكتور يوسف البقاعي (1995)ط1 المطبعة العصرية، بيروت.
5. التبيان لابن القيم ص339و 351