الحلم:
بالكسر الأناة،وقد حلم بالضم حلماً،وتحلم تكلف لحلم،وفي "المصباح المنير" حلم بالضم حلماً بالكسر صفح وستر فهو حليم
[1].
فالحلم: الأناة في الأمور،والصفح عن المسيء،والإحسان إليه،مع القدرة على الرد عليه،ويختلف عن العفو في فارق الزمن،فقد يكون العفو عن إساءة قديميه،بينما الحلم يكون في وقت الإساءة فيصبر الحليم عن الإساءة،ويقابلها بالإحسان والصبر،قال تعالى:{ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[2]}.وقال صلى الله عليه وسلم "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء[3])".
والحلم يدل على قوة ضبط النفس والسيطرة على وقت الغضب،وعدم الاستجابة لاستفزاز أحد،وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب[4]).
والحلم صفة هامة للداعية والمربي،تجمع القلوب،وتعطي قدرا كبير من الصلابة في مواجهة أشد المواقف وأصلبها،وهو يعطي أول ما يمتحن به الخلق الحسن،إذ يقرب الغريب،ويذهب العداوة،ولا يستوي هو والتهور أبدا،والحلم ليس دليل ضعف،لأن المالك لنفسه عند الغضب هو القوي في الحقيقة.والإسلام رغم أنه يعطي النفس حقها في مقابلة السوء بمثله حيث قال تعالى:{ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
[5]}.
إلا أن الانتصار على النفس بالحلم والصفح أقرب إلى كمال الخلق،وأكثر جلبا للأجر لذا عقب الله تعالى على الآية آنفة الذكر بقوله:{ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[6]}.
{احمد صالح زارب}

[1] [ مختار الصحاح،و المصباح المنير " مادة الحلم ]

[2] [سورة آل عمران:الآية134]

[3] [ رواه الترمذي ،20221،2493]

[4][ البخاري بشرح فتح الباري " 10/635]

[5](سورة الشورى:الآية40).

[6]