عرض مشاركة واحدة
قديم 04/10/2010, 02:02 AM   #49
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : 31/08/2025 (01:45 AM)
 المشاركات : 64,173 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي



كهوف مسكونة تخرّج الشعراء

فهد الرياعي (ابها)
حكاية وادي عبقر وشيطان الشعر الذي يملي الالهام على الشعراء تعتبر من الخرافات والترهات التي يتناقلها البعض جيلاً بعد الآخر لدرجة ان شيطان الشعر لدى هؤلاء اصبح من المسلمات وان لكل شاعر شيطان يلازمه..هناك من يطرح العديد من الاسئلة الساخنة التي يدعم بها هذه الاسطورة ولعل اشهر الاسئلة كيف يمكن لشاعر كفيف ان يصف مشهداً معيناً أو يتغزل في جمال امرأة فاتنة او ان يرتجل قصيدة في ثوانٍ وهي مقدرة غير عادية..وتأتي تفاصيل اسطورة شيطان الشعر في العديد من الحكايات المتناقلة عبر الاجيال ولا احد يعلم مصدر الاسطورة او منشأها. من الاساطير التي يتناقلها العامة في المنطقة الجنوبية ان هناك اودية وكهوفا تعلم الناس الشعر وتحول الانسان الى مبدع والذي لا يجيد تركيب الجمل الى شاعر فحل ومبدع. ومثل هذه الاسطورة تترسخ في عقول بعض السذج فآمنوا بأن ابداع الشاعر وبراعته ليست إلا قطرة من بحر ابداعات الجان الذي يملي على الشعراء ابداعاتهم ومن اشهر القصص التي لا تزال تتداول في المجالس حتى يومنا هذا قصة ذلك الرجل الذي نام بالصدفة في احد الاودية وكان يرعى اغنام اهل قريته واثناء نومه جاءته جنية بابريق من اللبن ودعته ان يشرب منه الا انه لاحظ بأن اللبن كان مغطى بالشعر فرفض شربه الا انه اجبر على ذلك دفعة واحدة ثم افاق واذا هو يقول الشعر باستفاضة وبرع فيه واصبح علماً في قومه ولسان قبيلته في الذود عنها وقس على هذه القصة من الوان القصص التي تتوارثها الاجيال.
تطور الاساطير
وبمرور الزمن تطورت الاساطير المتعلقة بالشعراء وأصبحت هناك اماكن كالكهوف يقال انها مسكونة بالجن وان اي شخص عادي اذا نام بها فانه في اليوم التالي يصبح شاعراً يشار اليه بالبنان، ولكأنما هذه الكهوف تعتبر اكاديمية لتعليم الشعر وبحوره.
وليست الاسطورة تنسحب على الكهوف فحسب بل ان الاودية لها نصيبها ايضاً من هذه الخرافات.
طقوس النوم
وفي بعض اساطير الشعوب ان طقوس النوم في غار الشعراء وصخرة الجن ووادي الشعراء وغيرها تتطلب ان يحضر معه الانسان بعض القرابين مثل شحم الخروف ورأس الذبيحة التي تذبح لهذا الغرض وبعضا من مرقها وسطلا من اللبن حيث يضعها الانسان الذي يريد ان يصبح شاعراً الى جانبه وينام متجاهلاً اية احداث تحدث الى جانبه وان ابدى الخوف او حاول الهروب فانه يفشل ويعتريه الجنون في الحال وان حدث العكس واثبت جدارته وتجاهل كل شيء في محيط نومه بالكهف او الوادي فيعتبر قد اجتاز الامتحان وما عليه سوى ان يغرد شعراً ابداعياً.
الغار الصعب
يقول العم ظافر 85 عاماً ان هناك غارا معروفا على قمة احد الجبال في منطقة عسير وهو غار بعيد ومن الصعب الوصول اليه ويسمى هذا غار الشاعر لان من يتمكن من النوم فيه ليلة كاملة يصبح شاعراً.
ويضيف سمعنا من الروايات المتواترة ان اجدادنا الشعراء المعروفين تلقوا ابجديات الشعر من هذا الغار.
واضاف ان مثل هذه الاساطير نشأت في المخيلة العامة لان الناس كانوا ولا يزالون يهابون الجن لانهم عوالم مجهولة بالنسبة لهم وان علاقتهم مرتبطة بالغيبات.
العينان قربانا
واضاف من القصص الخرافية التي تروى عن هذا الغار ان الجن اشترطت على احد الشعراء ان يقدم لها عينيه قرباناً حتى يصبح شاعراً مرموقاً له قرين من الجن يمده بالشعر فوافق على ذلك وأصبح شاعراً لا يشق له غبار ولكنه فقد عينيه.
ومن جانبه قال سعيد الاحمري وهو احد المعمرين في منطقة عسير ان احد اقربائه ابلغه انه كان متوجهاً الى احدى القرى البعيدة في آخر الليل وفجأة سمع اصواتاً وقرعاً على الطبول ولما اقترب من هذه الاصوات وجد مجموعة من الرجال يؤدون العرضة الجنوبية فشاركهم دون ان يدري حقيقتهم الا بعد ان نظر الى اقدامهم حيث اكتشف انها اقدام حمير فولى هارباً واصابه المرض لمدة شهر.
خرافات الارتباط
وفي سياق هذه الاسطورة تحدث الشاعر المعروف صالح بن عزيز القرني والذي اوضح ان اسطورة غار الشعراء تتناقلها الاجيال وانه ليست لديه قناعة بمثل هذه الاساطير لانه يدرك تماماً ان الشعر ليس له علاقة بالجن وانما هو موهبة وما يشاع عن الكهوف والاودية المرتبطة بالهام الشعراء لا تعدو كونها خرافات واساطير.
ومن جانبه قال الشاعر عبدالواحد الزهراني: ان مثل هذه الاساطير موجودة في ثقافات العالم اجمع والشعر يختص بمثل هذه الاساطير دون غيره من الفنون الابداعية المعروفة وفي ثقافتنا منذ القدم ارتبط الشعر بالجن بينما في ثقافات اخرى ارتبط الشعر بعالم الارواح ولكنها اسطورة يصعب اخراجها من دائرة الثقافة والحقيقة ان الشعر لا يعدو كونه موهبة وتفوق في قدرة معينة وهي القدرة على اعادة صياغة المخزون اللفظي واللغوي بطريقة ابداعية وقدرة عقلية متقدمة.
ويضيف الزهراني: الجن حقيقة موجودة في عالمنا وتلبسهم بالبشر امر واقع ولكن ليس له علاقة بالشعر فالجن يتلبسون بالشاعر وغير الشاعر والشعر في حقيقته يحاكي تجارب شخصية ويصور حضارة انسانية وليس حضارة الجن وتجاربهم.
كما نفى الشاعر ضيف الله العمري ارتباط الشعر بالجن بالرغم من سيطرة الاسطورة على مخيلات الناس مؤكدا ان استخدام بعض الشعراء لالفاظ الجن والتفاخر بها في بعض القصائد لا تعدو كونها تعابير لفظية تعبر عن معانٍ اخرى او من باب محاكاة الاسطورة التي يؤمن بها جمع غفير من الناس في مختلف الثقافات.
وقال الشاعر عوض العمري: سمعنا ان هناك شعراء لهم ارتباط بالجن ولكننا لم نعلم عن كيفية ذلك الارتباط وحقيقته ولكنه موروث تناقلناه وثقافة عامة استشرت في المجتمع. الشعراء اتفقوا على ان لا علاقة لشعرهم بالجن وانها من الامور الطريفة التي يواجهونها مع الجمهور احيانا خاصة في مناسبات المساجلات الشعرية حيث تعلو صيحات الجمهور ومحبي الشعر ببعض الكلمات التي تنم عن هذه الاسطورة والتي توحي بايمان الكثير بها وفي نفس الوقت اكد الشعراء على ان مصدر الشعر الحقيقي هو اما الموهبة او الوراثة ولا تخرج عن ذلك.
طقوس الحصول على شيطان الشعر «كفر»
الاسبوعية استضافت الشيخ الدكتور عوض القرني الداعية المعروف للحديث عن هذه القضية فقال: مصادر المعرفة التي يعول عليها الناس هي اما بالوحي او بالعقل او بالاحساس واما بالفطرة وما خرج عن هذه فلا يؤخذ به وما زعم قديما ان للجن علاقة بالشعر وان لكل شاعر قرينا وان الجن هم مصدر الالهام الشعري وان الموهبة الشعرية مرتبطة بالجن هي خرافات يلجأ اليها الناس لتفسير الموهبة التي هي خلاف السائد عند الناس فالموهبة لا توجد عند سائر البشر.
والحقيقة انه لا يوجد دليل على صحة هذه الخرافة المنتشرة منذ القدم حيث كان الجاهليون يزعمون بان شعراء المعلقات السبع التي كانت تعلق على استار الكعبة مع كل واحد منهم (رئي) اي قرين يمنحه ويمده بالشعر وعلاقة الجن بالشعراء كعلاقتهم بغيرهم من البشر والجن عالم خفي وحقيقة لا تنكر ومنهم - كما ورد في القرآن - المسلمون الصالحون ومنهم الكفار والمردة وكذلك فان من الشعراء منهم صالحون ويقفون عند حدود الله تعالى ويبدعون بشعرهم في التغني في وصف قدرة الخالق وجمال الطبيعة واغراض شعرية اخرى ومنهم من اولياء الشيطان والعياذ بالله الا انه ليس للجن علاقة بالشعراء وشعرهم ولا يمكن ان ننفي كون من الجن شعراء كما لا يوجد دليل على اثبات ذلك.
ويضيف الشيخ القرني ان الطقوس التي تنص عليها الخرافة من التقرب للجن بأي شيء كفر مخرج من الملة ولا ينبغي للعبد ان يقترف مثل هذا الجرم العظيم الذي لا يجد من ورائه الا خسرانه المبين لدينه.. واخيراً هذه اسطورة ملأت الكون جدلا عبر القرون التي خلت حتى يومنا هذا وقد قمت بزيارة بعض هذه المواقع التي يزعم الناس ارتباطها بالجن والشعر وقد دخلت بعض هذه المغارات والكهوف المزعومة ولكنني خرجت ولم اتمكن من كتابة بيت شعر واحد حتى هذه اللحظة فهل ياترى كان المتنبي وامثاله من فحول الشعر قد عثروا على مغارات اكثر حضوة من مغاراتنا اليوم.




المصدر.جريدة عكاظ


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس