عرض مشاركة واحدة
قديم 07/05/2007, 01:31 AM   #28
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 245
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : 28/02/2014 (09:03 AM)
 المشاركات : 6,236 [ + ]
 التقييم :  10000
لوني المفضل : Brown
افتراضي لا قهوة ولا معها صحيفة **سمير عطالله



لا قهوة ولا معها صحيفة

ذهبت أمس لأشتري «النهار» من كشك الصحف القائم أمام مبنى «الكافيه دو لابيه» في ساحة الأوبرا. ولم يكن البائع فرنسيا أبيض الشعر يعتمر «بيريه» كحلية اللون. كان شابا عربيا من سورية. وقد اعتذر فـ«النهار» لم تعد تباع هنا، لأن اللبنانيين توزعوا على مقاه أخرى في المدينة. ها هي حتى أكشاك الصحف تتغير. فالأشياء أيضا لها «ديموغرافيتها». وفي الماضي كان بعضنا يصل إلى مطار أورلي ويتوجه إلى «الكافيه دولا بيه» قبل أن يذهب إلى فندقه. وكانت الرسالة من باريس تقتضي أن تذكر من شاهدت هناك وإلى من تحدثت. فهي ليست مجرد مقهى، بل هي «ناد» محدود العضوية، تقرأ فيه صحيفتك، وتنقل إليه قضايا لبنان. وكانت يومها بسيطة، وأحيانا احتفالية.

الأشياء تتغير. وقد كنت أعدو هنا في الماضي، على أطراف الباحات نصف المكشوفة (يا للمتعة) وفي عالم المترو الذي لا نهاية له، من أجل تغطية الانتخابات الفرنسية. وها أنذا اليوم صحافي هرم، ليس مطلوبا مني أن أعدو وراء أحد. بل يكفي أن أجلس في المقهى وأتأمل وأعد نوعا من المذكرات وأوراق الحنين. ولكن ألست أحمل عذري تحت إبطي على بولفار «الكيوشين»؟ فقد كنت في الصحافة أغطي خروج ديغول ومجيء جورج بومبيدو، ثم جيسكار ديستان ثم فرانسوا ميتران! وعندما كنت اكتب عن المرأة في باريس كنت أستبدل المحبرة بالمعطرة، والورق بالمناديل المطرزة، والرأي «بأغاني البوليفار». ولكن ها هي امرأة تخوض معركة الرئاسة بشراسة وعلى غرار المرأة الأميركية في الفظاظة، ولم يعد للعطر الفرنسي أية ميزة خاصة. طالما ارتضت المرأة الفرنسية صورتها النمطية عبر التاريخ: زوجة تنصح الجائعين بأن يأكلوا البسكوت بسبب النقص في الخبز. أو عشيقة تذل الإمبراطور وهو فرح. أو كونتيسة تفتح صالونها لرجال المعارضة. لكن أن تطلب الرئاسة والاليزيه، بمثل هذا الإلحاح، فيا لفرنسا، ويا للأقبية التي كانت تخرج منها حوريات نزار قباني، جانين وكوزيت وصاحبات الأسماء الأخرى.

بعد ديغول توقفت فرنسا قليلا أمام نفسها وقالت: «بعد ديغول؟ هل يمكن أن يكون هناك أحد بعد ديغول؟ ثم بعد وصيفه وخلفه بومبيدو، طرحت السؤال أيضا. ثم بعد ميتران. ثم ثم أو ثمة ثمة. إنها الدنيا يا عزيزي. واليوم سوف تختار فرنسا بين ابن مهاجر تكاد تعرفه وبين امرأة تكاد لا تعرفها. و«النهار» لم تعد تباع أمام «الكافيه دولا بيه». واللبنانيون لم يعودوا يجلسون هناك ليعرفوا من وصل من بيروت ومن لم يصل بعد.


 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس