عرض مشاركة واحدة
قديم 28/08/2007, 03:36 PM   #8
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

 عضويتي » 245
 تسجيلي » Feb 2005
 آخر حضور » 28/02/2014 (09:03 AM)
مشآركاتي » 6,236
 نقآطي » 10000
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي أخلاق المصريين **فوزية سلامه



أخلاق المصريين

منذ زمن لا تسعفني الذاكرة بتحديده قال الشاعر: إنما الأمم الاخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا. المعنى الذي يحمله هذا البيت من شعر حافظ ابراهيم هو موضوع مراسلات تبودلت على الانترنت في مدونة من المدونات الكثيرة التي اصبحت وسيلة التعبير الاكثر تلقائية مما نقرأه في الصحف والمجلات. والطريف ان بعض المواد التي ترد على المدونات اصبحت هدفاً للبعض ينقلها عن اصحابها وينشرها بين المعارف والأصدقاء.

هذا الصباح وصلتني رسالة انترنت نقلت اليّ جانباً من حوار دار بين صاحب مدونة ومحاوره عن حنين المصريين الى الماضي: الى الزمن الجميل الذي ذهب الى غير رجعة. أما قلب الحوار فهو اخلاق المصريين وما آلت اليه في الحاضر على عكس ما كانت عليه في الزمن الجميل. وتساءل المتحاوران عما اذا كانت الاخلاق تولد معنا اي انها جزء من البرمجة الجينية التي تورث. فيرد أحدهما قائلا: ان الانسان يولد وسط اسرة، والأسرة تسكن حياً وسكان الحي هم جزء من ثقافة مجتمعية تنطوي على نسيج سلوكي متعارف عليه، وأن هذا النسيج السلوكي هو الذي يحدد مسارات المجتمع ويحدد معالم الاخلاق. هذا السياق يعني ان الاخلاق لا تولد معنا وإنما نكتسبها من التجربة المعاشة في المجتمع.

في الزمن الجميل كان تعداد سكان القاهرة لا يتجاوز الأربعة ملايين. والحمد لله أنني نشأت في ذلك الزمن. ومازلت رغم مضي السنين احترم جيران المسكن ورفاق الطفولة. وما زالت مصر في خاطري وفي فمي أحبها من كل روحي ودمي. ما زلت اذكر الشوارع النظيفة الهادئة المحفوفة بالأشجار. اذكر التكاتف والتكافل، اذكر الاعراس والاعياد وزيارات الاقارب والمعارف والجيران. فهل مضى هذا الزمن الى غير رجعة؟

يقول صاحب المدونة: إن تعداد السكان الآن ثمانون مليونا وشوارع القاهرة مزدحمة في ساعات اليوم الاربع والعشرين. ويكفي ان تتفرس في وجوه المارة لكي ترى امارات الغضب وكأن الناس تخطو على حافة بركان من دون ان يشعر بغضبهم احد. وأولاد الشوارع مليونان:جيل من مجهولي الهوية يتعرض للجوع والاغتصاب والجريمة فلمن ينتمي هؤلاء؟ وأي مستقبل ينتظر مصر عندما يكبرون؟ وأي نسيج سلوكي يحدد معالم الاخلاق؟ ثقافة الاستهلاك تزين للفرد ان يبيع شرفه من اجل سيارة او مقدم شقة. وهل يمكن للجار ان يحتفي بجاره وهو وزوجته وأولاده الستة يقيمون في مسكن من غرفتين؟ وهل تلوم موظفاً يقبل رشوة لأنه لا يستطيع توفير الطعام لأسرته؟

اذهلني الحوار وشل تفكيري للحظة تذكرت بعدها ان لي اخوة غير مرتشين وأصدقاء يعبرون عن فرح نقي حين ازورهم، وأقارب تربطني بهم صلة رحم موصولة لا تنقطع، وزملاء يحملون راية الوطن عالية، وآخرين من اصحاب الفكر والثقافة. وأنا لا اكذب ولا اتجمل ان قلت بأن في مصر شرفاء ومثقفين وبناة حضارة لا لأنني اتعلق بأذيال حنيني الى الماضي، ولكن لأن مصر عاشت حضارة مستقرة لآلاف السنين وكانت محطة هجرات من الشرق والغرب. فإن تكلمنا عن مستودع الجينات فإن في مصر افضلها بحكم التفاعل والتمازج والاختلاط. وان تكلمنا عن أزمنة الافول سأقول ان الهكسوس غزوا مصر بفضل تفوق في آليات القتال ثم طردوا. لن اقول اننا بانتظار احمس آخر يطرد الهكسوس. اقول فقط انني اشبه مصر بجهاز كمبيوتر متطور ذي ذاكرة هائلة، ولكنه في الوقت الحالي يعمل بعشر امكانياته بسبب البرمجيات الرخيصة.

قد يعترض صاحب المدونة بأن جيل العمالقة ولى، فمن اين لنا بالخبراء والشرفاء والمفكرين؟ فأقول له طبق قانون النسبة والتناسب. عُشر المصريين او عشر العشر يكفي لإعادة البناء والترميم. تذكر بأن الذين غيروا العالم اقلية.




 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس