عرض مشاركة واحدة
قديم 11/11/2007, 01:51 AM   #15
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



المبحث الثانى

القبول

72 – تعريف القبول :

القبول هو التعبير الذى يصدر عن الموجه إليه الإيجاب ، معلناً عن إرادته بالرضاء بالعرض الذى وجهه إليه الموجب دون تعديل فيه .

وقد نصت المادة 18 من اتفاقية فيينا فى فقرتها الأولى على أن " يعتبر قبولا ، التعبير أو السلوك الذى يصدر عن الموجه إليه الإيجاب والذى يدل على موافقته على هذا الإيجاب . ولا يعتبر السكوت أو الموقف السلبى فى ذاتهما قبولاً " .

ويعنى هذا التعريف أن القبول كما يكون صريحاً بصدور تعبير محدد يدل عليه ، من الموجب له ، فإنه قد يكون ضمنيا باتخاذ الموجب له سلوكا يعبر عن موافقته على الإيجاب الموجه إليه كما لو قام المشترى بدفع الثمن أو قام البائع بتسليم المبيع .

وقد أكدت الفقرة الثانية من المادة 18 أن السكوت لا يعد فى ذاته قبولاً ، كذلك فإن الموقف السلبى من جانب الموجب له لا يصل إلى درجة القبول . فسكوت الموجه إليه الإيجاب لا يرقى إلى درجة القبول الضمنى . وقد نصت المادة 2 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين عقد البيع على أن كل شرط يرد فى الإيجاب ليشترط اعتبار السكوت قبولاً يعتبر باطلاً. وهذا النص الذى يعتبره البعض ، النص الآمر الوحيد فى اتفاقيات لاهاى (19) ، لم يرد ما يماثله فى اتفاقية فيينا .{ صفحة 98}

وتقضى المادة 98 من التقنين المدنى المصرى بأنه إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجارى أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول ، فإن العقد يعتبر قد تم ، إذا لم يرفض الإيجاب فى وقت مناسب ويعتبر السكوت عن الرد قبولا ، إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل ، أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه .

وهذا النص يعنى أن السكوت فى ذاته مجرداً عن أى ظرف ملابس له ، لا يكون تعبيراً عن الإرادة ولو قبولاً ، لأن الإرادة عمل إيجابى والسكوت موقف سلبى ، والقاعدة الشرعية أنه " لا ينسب لساكت قول " ، وإذا كان هذا هو الأصل فإن الاستثناء أن يعتبر السكوت قبولاً إذا أحاطت به ظروف ملابسة من شأنها أن تجعله يدل على الرضا ويسمى السكوت فى هذه الحالة " السكوت الملابس " (20) .

وقد عرض المشرع المصرى للأمثلة التى تحيط فيها بالسكوت ظروف ملابسة ، كما لو جرى العرف التجارى على أن يعتبر السكوت رضاء ، أو كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين أو تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه ، وسكت هذا فيعد سكوته رضاء.

وبالرغم من أن اتفاقية فيينا لم يرد فيها نص صريح يؤدى إلى اعتبار السكوت الملابس قبولاً ، فإنه يمكن أن يستخلص هذا الحكم من عبارة الجملة الثانية من الفقرة الأولى من المادة 18 التى تقضى - كما ذكرنا - بأن السكوت أو الموقف السلبى لا يعتبران فى ذاتهما in itself قبولاً ، ومؤدى هذا التعبير الأخير أنه متى ارتبط بالسكوت ظرف من الظروف فإنه يمكن اعتباره قبولا ، ويجد هذا التفسير صدى له فى نص الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من اتفاقية فيينا ، وهو نص خاص بتفسير العقد ، فيعطى للظروف الملابسة أهمية { صفحة 99 } خاصة فى تحديد إرادة المتعاقدين ، على النحو الذى سنعرض له عند الكلام عن تفسير العقد فى الفصل الثانى من هذا الباب ، هذا فضلا عن أن السكوت قد يعتبر ، استثناء ، من القاعدة العامة فى اتفاقية فيينا ، بمثابة قبول ، وفقاً للعادات التجارية السارية (21) .

73 – متى ينتج القبول أثره ؟ :

الأصل أن القبول لا ينتج أثره وفقاً لأحكام المادة 18/2 من اتفاقية فيينا إلا متى وصل إلى الموجب ، ويمكن سحب القبول أو الرجوع فيه متى وصل هذا الرجوع إلى الموجب قبل أو على الأقل فى نفس وقت وصول القبول طبقاً لنص المادة 22 من اتفاقية فيينا .

ولا يعتبر القبول منتجاً لأثره إذا لم يصل إلى الموجب خلال الميعاد الذى حدده فى إيجابه أو خلال ميعاد معقول ، إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول ، ويجب أن يؤخذ فى الاعتبار فى تحديد الميعاد المعقول ظروف التعامل بما فى ذلك سرعة وسائل المواصلات التى استخدمها الموجب . وإذا كان الإيجاب شفوياً وجب أن يكون القبول فورياً ، إلا إذا اتضح من الظروف غير ذلك ( المادة 18/2 من اتفاقية فيينا ) .

وعلى أية حال ، فإنه متى تضمن الإيجاب أو دل التعامل السابق بين المتعاقدين أو قضى العرف بأن الموجه إليه الإيجاب ، عليه أن يعبر عن قبوله بالقيام بعمل معين كإرسال البضاعة المبيعة أو دفع الثمن ، دون إخطار الموجب ، فإن القبول ينتج أثره منذ اللحظة التى يقوم فيها الموجه إليه الإيجاب بهذا العمل ، بشرط أن يتم هذا العمل { صفحة 100} خلال الميعاد المحدد فى الإيجاب لصدور القبول أو خلال الميعاد المعقول إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول ( المادة 18/3 من اتفاقية فيينا ) .

وقد رأينا فيما تقدم أن القانون المصرى يلزم الموجب بالبقاء على إيجابه إذا حدد ميعاداً للقبول سواء أكان هذا التحديد صريحاً أم ضمنياً ( المادة 93 مدنى ) كما تقضى المادة 94 بأنه إذا صدر الإيجاب فى مجلس العقد دون أن يعين ميعاد للقبول فإن الموجب يتحلل من ايجابه إذا لم يصدر القبول فوراً ، على أن العقد يتم مع ذلك ولو لم يصدر القبول فوراً ، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن ايجابه فى الفترة ما بين الإيجاب والقبول وكان القبول قد صدر قبل أن ينقضى مجلس العقد .

74– عدم تطابق القبول مع الإيجاب :

تنص المادة 96 من التقنين المدنى المصرى على أنه " إذا اقترن القبول بما يزيد فى الإيجاب أو يقيد منه أو يعدل فيه ، اعتبر رفضا يتضمن ايجابا جديدا " ويعنى هذا النص أن القبول الذى يؤدى إلى إبرام العقد ، هو القبول المطابق للإيجاب بحيث إذا اقترن به ، يؤدى هذا إلى تطابق إرادتى الموجب والقابل فينعقد العقد . أما إذا تضمن القبول ما يغير فى الإيجاب زيادة أو بوضع قيد عليه أو بتعديل لما تضمنه ، فإنه ليس من شأن هذا القبول ، أن يعد تعبيراً عن إرادة الموجب له يطابق الإيجاب الصادر من الموجب بحيث يؤدى إلى انعقاد العقد ، فاختلاف تطاق التعبيرين يؤدى إلى عدم تكوين العقد . لذلك يعتبر التعبير الصادر عن الموجب له متى تضمن تغييراً فى الإيجاب بالزيادة أو التقييد أو التعديل ، رفضا يتضمن ايجابا جديداً أى يحتاج إلى قبول من الموجب لكى ينعقد العقد . ويسمى التعبير الصادر من الموجب له المتضمن تقييداً للإيجاب ، " القبول الموصوف " فإذا وجه إلى الموجب كان بمثابة إيجاب جديد فإذا قبله { صفحة 101} الموجب ، فان العقد يتم بالشروط الجديدة ، كما لو أرسل المشترى ايجابا الى البائع يطلب منه شراء كمية معينة من البضاعة بثمن التزم به في العرض ، فيقبل البائع هذا العرض مع زيادة الثمن او بشرط التزام المشترى بمصاريف التعبئة أو بمصاريف نقل البضاعة أو اذا تضمن القبول الموافقة على الصفقة على أن يدفع الثمن فورا مع أن عرض المشترى الشراء كان على أساس دفع الثمن على دفعات .

وقد تضمنت اتفاقية فيينا نصا مماثلا هو نص المادة 19/1 الذى يقضى بأنه " متى تضمن الرد بقبول العرض الموجه الى الموجب له بعض الإضافات او القيود أو أية تعديلات أخرى ، فانه يعتبر رفضا للإيجاب ويشكل ايجابا جديدا ".

وعلى ذلك فالنص واضح تماما في أن عدم تطابق القبول مع الإيجاب ليس من شأنه أن يؤدى الى انعقاد عقد البيع الدولى للبضائع ، ولكن تعتبر الإضافة addition أو القيد limitation أو التعديل modification بمثابة إيجاب جديد counter-offer يحتاج الى قبول من الموجب حتى ينعقد العقد وفقا للتغيير المقترح من الموجب له .

ويطابق نص المادة 19/1 من اتفاقية فيينا ، ما تضمنته المادة 7/1 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 .

وتنص الفقرة الثانية من المادة 19 من اتفاقية فيينا على أنه : " ومع ذلك فان الرد على الإيجاب بقصد القبول ، متى تضمن عبارات إضافية او مختلفة ، لا تغير من جوهر الإيجاب ، يعتبر قبولا مالم يبادر الموجب دون تأخير له ما يبرره ، بالاعتراض شفوياً على التعديل المقترح أو بإرسال إخطار بذلك ، فإذا لم يعترض الموجب على هذا النحو ، فان العقد يتم بالشروط التى تضمنها الإيجاب مع التعديلات الواردة في القبول " .{صفحة 102}

ويهدف النص المتقدم الى تيسير تكوين العقد ، فمتى كانت هناك تعديلات في الإيجاب لاتغير في جوهر شروطه ، فان العقد يتم طبقا لهذه الشروط التى يتضمنها الإيجاب والمعدلة وفقا للتغييرات غير الجوهرية الواردة في القبول ، ما لم يعترض الموجب على هذه التغييرات شفاهة أو بإرسال إخطار فورى الى الموجب له بحل هذا الاعتراض .

وتضمنت المادة 7/2 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى حكما يشابه هذا الحكم ، ويذهب الأستاذ محسن شفيق الى التشبيه بين الحكم المتقدم وحكم المادة 95 مدنى مصرى ، فهو يرى أن الحكمين وان كانا غير متطابقين ، فان حكم المادة 95 مدنى مصرى قريب من حكم المادة 7/2 من اتفاقية لاهاى ويقوم على علة حكمها ( 22) .

وتنص المادة 95 من التقنين المدنى المصرى على أنه : " إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها ، اعتبر العقد قد تم . واذا قام خلاف على المسائل التى لم يتم الاتفاق عليها ، فان المحكمة تقضى فيها طبقا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة " .

ويعنى ذلك " أن المتعاقدين متى اتفقا على المسائل الجوهرية في العقد وتركا بعض المسائل غير الجوهرية دون اتفاق ، فان العقد يتم مع ذلك ، إذ يفترض القانون أن نية الطرفين قد انصرفت إلى إبرامه حتى لو قام خلاف بينهما على هذه المسائل مادام انهما لم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها ، وأباح القانون للقاضى في هذه الحالة أن يقضى فيما اختلف المتعاقدان فيه ، ولا تقتصر مهمة القاضى في هذا الفرض على مجرد تفسير ما اتفقا عليه ، وإنما يجاوز ذلك الى تدبير ما اختلفا فيه فهو إذن يساهم في صنع العقد . وعلة هذا { صفحة 103} الحكم أنه مادام المفروض أن المتعاقدين قد أرادا إبرام العقد ولو لم يتفقا على هذه المسائل غير الجوهرية استتبع ذلك أن نفرض أيضا أنهما أرادا أن يحل القاضى محلهما ليبت فيما اختلفا فيه " (23) .
__________________
محمد متولى
المحامى
بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
0122701728


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس