عرض مشاركة واحدة
قديم 18/07/2016, 11:44 AM   #4
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



(تابع) شرح المعلقات العشر للخطيب: محمد بن عبد الله التبريزي
51- فَقُلْتُ لهُ لَمَّا عَوَى إنَّ شَأْنَنَا =قَلِيلُ الغِنَى إنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ
أيْ:إنْ كُنْتَ لم تُصِبْ مِن الغِنَى ما يكفِيكَ. وقولُهُ: (إنَّ شَأْنَنَا * قليلُ الغِنَى)؛ أيْ: أَنَا لا أُغْنِي عنكَ، وأنتَ لا تُغْنِي عنِّي شيئاً؛ أيْ: أنا أطلُبُ وأنتَ تَطْلُبُ، فكِلانَا لا غِنَى لهُ.ومَنْ رَوَاهُ (طَوِيلُ الغِنَى) أرادَ: هِمَّتِي تَطُولُ في طَلَبِ الغِنَى.
52-كِلانَا إِذَا ما نَالَ شَيْئاً أَفَاتَهُ =ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يُهْزَلِ
أيْ: إذا نِلْتُ شيئاً أَفَتُّهُ، وكذلكَ أنتَ إذا أَصَبْتَ شيئاً أَفَتَّهُ، (ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يُهْزَلِ)؛ أيْ: مَنْ طَلَبَ منِّي ومِنكَ شيئاً لم يُدْرِكْ مُرادَهُ. وقالَ قومٌ: معنى البيتِ: مَنْ كَانَتْ صِناعتُهُ وطِلْبَتُهُ مثلَ طِلْبَتِي وطِلْبَتِكَ في هذا الموضِعِ ماتَ هُزَالاً؛ لأنَّهما كانَا بِوَادٍ لا نباتَ فيهِ ولا صَيْدَ.
فهذهِ الأبياتُ الأربعةُ من الزياداتِ فيها.
53- وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا = بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ
ويُرْوَى: (وُكُرَاتِهَا)؛ أيْ: في مَوَاضِعِها التي تَبِيتُ فيها.و(الْوُكُنَاتُ) في الجِبَالِ كالتَّمَارِيدِ في السَّهْلِ،الواحدةُ: وُكْنَةٌ، وهيَ الْوُقُنَاتُ أيضاً، وقدْوَكَنَ الطائرُ يَكِنُ، ووَقَنَ يَقِنُ، ووَكَرَ يَكِرُ.ومَنْ رَوَى: ِي وُكُرَاتِهَا)، فهوَ جمعُ الجمْعِ، يُقالُ: وَكْرٌ، ووُكُرٌ جَمْعٌ، ووُكُراتُ جمعُ الجمعِ.و(أَغْتَدِي): أَفْتَعِلُ مِن الغُدُوِّ، والواوُ في (والطَّيْرُ) واوُ الحالِ، والجملةُ في مَوْضِعِ الحالِ.
يقولُ: قدِ أَغْتَدِي، في هذهِ الحالِ، بفَرَسٍ (مُنْجَرِدٍ)؛ أيْ: قصيرِ الشعَرَةِ، (قَيْدَ الأَوَابِدِ). والأوابدُ: الوُحُوشُ، وكذلكَ أَوَابِدُ الشَّعَرِ، وتقديرُ (قَيْدَ الأوابدِ) ذِي تَقْيِيدِ الأَوَابِدِ.والمعنى أنَّ هذا الفَرَسُ مِنْ سُرْعَتِهِ يَلْحَقُ الأوابدَ فيَصِيرُ لها بمَنْزِلَةِ القَيْدِ.و(الهَيْكَلُ): الضَّخْمُ.
54- مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً = كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
ِكَرٍّ): يَصْلُحُ للكَرِّ، (مِفَرٍّ): يَصْلُحُ للفَرِّ، و(مُقْبِلٍ): حَسَنِ الإقبالِ، و(مُدْبِرٍ): حَسَنِ الإدبارِ.وقولُهُ: (مَعاً)؛ أيْ: عندَهُ هذا وعندَهُ هذا، كما يُقَالُ: فلانٌ فارسٌ رَاجِلٌ؛ أيْ: قدْ جَمَعَ هَاتَيْنِ. و(حَطَّهُ السَّيْلُ): حَدَرَهُ.
ومعنى البيتِ: أنَّهُ يَصِفُ أنَّ هذا الفَرَسَ في سُرْعَتِهِ بمنزلةِ هذهِ الصخرةِ التي قدْ حَطَّهَا السيلُ في سُرْعَةِ انْحِدَارِها، وأنَّ هذا الفرسَ حَسَنُ الإقبالِ والإدبارِ. و(مَعاً): منصوبٌ على الحالِ، و(مِنْ عَلِ)؛ أيْ: مِنْ فَوْقُ.
55- كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبَدُ عنْ حَالِ مَتْنِهِ =كما زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالمُتَنَزِّلِ
ويُرْوَى: (عنْ حَاذِ مَتْنِهِ)؛ أيْ: وَسَطِهِ. شَبَّهَ مَلاسَةَ ظَهْرِ الفرسِ؛ لاكتنازِ اللَّحْمِ عليهِ وامتلائِهِ، بالصَّفاةِ المَلْسَاءِ. والصفاةُ و(الصَّفْوَاءُ): الصَّخْرَةُ المَلْسَاءُ التي لا يَثْبُتُ فيها شيءٌ، ويُقالُ: صَفْوَانٌ وجَمْعُهُ صِفْوَانٌ. وجمعُ صَفاةٍ: صَفاً. وقدْ تكونُ الصَّفواءُ جمعَ صَفاةٍ، كما قالُوا: طَرَفَةُ وطَرْفَاءُ.و(المُتَنَزِّلُ): الطائرُ الذي يَتَنَزَّلُ على الصخرةِ. وقيلَ: (المُتَنَزِّلُ) السَّيْلُ؛ لأنَّهُ يَتَنَزَّلُ الأشياءَ.وقيلَ: هوَ المطرُ. وَ(الْحَاذُ) وَ(الْحَالُ) مَوْضِعُ اللِّبَدِ.
56- عَلَى الذِّبْلِ جَيَّاشٍ كَأَنَّ اهْتِزَامَهُ =إِذَا جَاشَ فِيهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ
(الذِّبْلُ): الضُّمُورُ. ويُرْوَى: (عَلَى الضُّمْرِ).و(الْجَيَّاشُ): الَّذِي يَجِيشُ في عَدْوِهِ كما تَجِيشُ القِدْرُ في غَلَيَانِها. و(اهْتِزَامُهُ): صَوْتُهُ، و(حَمْيُهُ): غَلْيُهُ.ويُرْوَى: (عَلَى العَقْبِ جَيَّاشٍ)، والعَقْبُ: جَرْيٌ يَجِيءُ بعدَ جَرْيٍ.وقيلَ: مَعْنَاهُ إذا حَرَّكْتَهُ بِعَقِبِكَ جَاشَ، وَكَفَى ذَلِكَ مِن السَّوْطِ.و(على العَقْبِ) في موضِعِ الحالِ، ومعنى البيتِ: أنَّ هذا الفرسَ آخِرُ عَدْوِهِ على هذهِ الحالِ، فكَيْفَ أَوَّلُهُ؟
57- مِسَحٍّ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الْوَنَى = أَثَرْنَ الغُبَارَ بِالْكَدِيدِ المُرَكَّلِ
ِسَحٌّ) معناهُ: يَصُبُّ الجرْيَ صَبًّا. و(السَّابِحَاتُ): اللَّوَاتِي عَدْوُهُنَّ سِباحَةٌ. والسباحةُ في الجرْيِ: أنْ تَدْحُوَ بأَيْدِيها دَحْواً؛ أيْ: تَبْسُطَهَا. و(الْوَنَى): الفُتُورُ. قالَ الفَرَّاءُ: ويُمَدُّ ويُقْصَرُ.و(الْكَدِيدُ): المَوْضِعُ الغَلِيظُ. وقيلَ: ما كُدَّ مِن الأرضِ بالوَطْءِ. و(المُرَكَّلُ): الذي يُرَكَّلُ بالأرجلِ.
ومعنى البَيْتِ: أنَّ الخَيْلَ السريعةَ إذا فَتَرَتْ فَأَثَارَت الغُبَارَ بأَرْجُلِها من التَّعَبِ، جَرَى هذا الفَرَسُ جَرْياً سَهْلاً، كما يَسُحُّ السَّحابُ المَطَرَ.
و(عَلَى) تَتَعَلَّقُ بـ(أَثَرْنَ)، وكذلكَ البَاءُ في قَوْلِهِ: (بِالْكَدِيدِ).ويُرْوَى: (بِالْكَدِيدِ السَّمَوَّلِ)، وهيَ: الأرضُ الصُّلْبَةُ.
58- يَزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عنْ صَهَوَاتِهِ =ويُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيفِ المُثَقَّلِ
ويُرْوَى: (يُزِلُّ الغلامَ الخِفَّ).ورَوَى الأَصْمَعِيُّ: (يُطِيرُ الغلامَ). و(الخِفُّ): الخَفِيفُ، بكسرِ الخاءِ. وقالَ أبو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ الخَفَّ، بفتحِ الخاءِ.
و(الصَّهْوَةُ): موضِعُ اللِّبْدِ، وصَهْوَةُ كلِّ شيءٍ: أعلاهُ، وجَمَعَها بما حَوْلَها. و(يُلْوِي بأَثْوَابِ العَنيفِ)؛ أيْ: يَرْمِي بثيابِهِ؛ أيْ: يُذْهِبُها ويُبْعِدُها. و(العنيفُ): الذي ليسَ برَفِيقٍ. و(المُثَقَّلُ): الثَّقِيلُ. وقالَ بعضُهم: إذا كانَ راكِبُ الفرسِ خَفِيفاً رَمَى بهِ، وإذا كانَ ثقيلاً رَمَى بثيابِهِ. والجيِّدُ أنَّ المعنيَّ بأثوابِ العنيفِ نفسُهُ؛ لأنَّهُ غيرُ حَاذِقٍ بِرُكُوبِهِ. وقيلَ: معنى هذا البيتِ: أنَّ هذا الفَرَسَ إذا رَكِبَهُ العنيفُ لم يَتَمَالَكْ أنْ يُصْلِحَ ثِيابَهُ، وإذا رَكِبَهُ الغلامُ الخِفُّ زَلَّ عنهُ ولم يُطِقْهُ؛ لِسُرْعَتِهِ ونشاطِهِ، وإنَّما يَصْلُحُ لهُ مَنْ يُدَارِيهِ.
59- دَرِيرٍ كَخُذْرُوفِ الْوَلِيدِ أَمَرَّهُ =تَتَابُعُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
َرِيرٌ): مُسْتَدِرٌّ في العَدْوِ، يَصِفُ سُرْعَةَ جَرْيِهِ. و(الخُذْرُوفُ): الخَرَّارَةُ التي يَلْعَبُ بها الصِّبيانُ، تَسْمَعُ لها صوتاً. و(أَمَرَّهُ): أَحْكَمَ فَتْلَهُ.و(تَتَابُعُ كَفَّيْهِ) يُريدُ: مُتَابَعَتُهما بالتخريرِ.ويُرْوَى: (أَمَرَّهُ * تَقَلُّبُ كَفَّيْهِ)؛ أيْ: تَقَلُّبُهُمَا بالخَرَّارَةِ.ومعنى البيتِ: أنَّ هذا الفَرَسَ سُرْعَتُهُ كسُرْعَةِ الخُذْرُوفِ، وخِفَّتُهُ كخِفَّتِهِ.
60- لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ =وإِرْخَاءُ سِرْحَانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ
ويُرْوَى: (لهُ إِطِلا ظَبْيٍ)، وهما: كَشْحَاهُ، وهوَ ما بينَ آخِرِ الضُّلُوعِ إلى الوَرِكِ،يُقَالُ: إِطِلٌ وآطَالٌ، وأَيْطَلٌ وأَيَاطِلُ.وإنَّما شَبَّهَهُ بأَيْطَلِ الظَّبْيِ؛ لأنَّهُطَاوٍ وَلَيْسَ بِمُنْفَضِجٍ.
وقالَ: (سَاقَا نَعَامَةٍ)، والنعامةُ قصيرةُ الساقيْنِ صُلْبَتُهما، وهيَ غليظةٌ ظَمْيَاءُ لَيْسَتْ بِرَهِلَةٍ. ويُسْتَحَبُّ من الفَرَسِ قِصَرُ السَّاقِ؛ لأنَّهُ أَشَدُّ لِرَمْيِها بوَظِيفِها. ويُسْتَحَبُّ مِنهُ معَ قِصَرِ الساقِ طُولُ وَظِيفِ الرِّجْلِ وطُولُ الذِّرَاعِ؛ لأنَّهُ أَشَدُّ لِدَحْوِهِ؛ أيْ: لِرَمْيِهِ بها. و(الإِرْخَاءُ): جَرْيٌ ليسَ بالشديدِ. وفَرَسٌ مِرخاءٌ، وهيَ مَرَاخِي الخَيْلِ، وليسَ دابَّةٌ أحسنَ إرخاءً من الذِّئْبِ.
و(السِّرْحَانُ): الذِّئْبُ، و(التَّقْرِيبُ): أنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ معاً ويَضَعَهُمَا مَعاً.
(والتَّتْفُلُ): وَلَدُ الثعلَبِ، وهوَ أَحْسَنُ الدَّوَابِّ تَقْرِيباً. ويُقَالُ: تَتْفُلٌ وتُتْفَلٌ وتُتْفُلٌ.فإذا سَمَّيْتَ رَجُلاً بِتَتْفُلَ أوْ تُتْفَلَ، لم تَصْرِفْهُ في المعرفةِ؛ لأنَّهُ على مثالِ تَفْعُلُ وتُفْعَلُ.ولوْ سَمَّيْتَ بِتُتْفُلٍ انْصَرَفَ في المعرفةِ والنكرةِ؛ لأنَّهُ ليسَ على وزنِ الفعلِ. ويقالُ للفرسِ: هوَ يَعْدُو الثَّعْلَبِيَّةَ، إذا كانَ جَيِّدَ التقريبِ.
61- ضَلِيعٌ إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ =بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ
يقالُ: فَرَسٌ (ضَلِيعٌ)، وبَعِيرٌ ضَلِيعٌ، إذا كانَا قَوِيَّيْنِ مُنْتَفِجَيِ الجَنْبَيْنِ، وهيَ الضَّلاعةُ.ويُرْوَى عنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: (إِذَا اشْتَرَيْتَ بَعِيراً فَاشْتَرِهِ ضَلِيعاً، فَإِنْ أَخْطَأَكَ مَخْبَرُهُ لَمْ يُخْطِئْكَمَنْظَرُهُ).
و(فَرْجُهُ): ما بينَ رِجْلَيْهِ.وقولُهُ: (بِضَافٍ)؛ أيْ: بِذَنَبٍ ضَافٍ، وهوَ السَّابِغُ، ويُكْرَهُ من الفرسِ أنْ يكونََعْزَلَ) ذَنَبُهُ إلى جَانِبٍ، وأنْ يكونَ قصيرَ الذَّنَبِ، وأنْ يكونَ طَوِيلاً يَطَأُ عليهِ، ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ سَابِغاً قصيرَ العَسِيبِ. و(إذا) ظَرْفٌ، والعاملُ فيهِ (سَدَّ فَرْجَهُ)، وهوَ الجوابُ.
62- كَأَنَّ سَرَاتَهُ لَدَى البَيْتِ قَائِماً =مَدَاكُ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةُ حَنْظَلِ
َرَاتُهُ): ظَهْرُهُ، وإنَّما أرادَ مَلاسَةَ ظَهْرِهِ واستواءَهُ. (المَدَاكُ): الحَجَرُ الذي يُسْحَقُ بهِ، والمِدْوَكُ: الحجرُ الذي يُسْحَقُ عليهِ، ومِداكٌ مِنْ دَاكَهُ يَدُوكُهُ دَوْكاً، إذا طَحَنَهُ.ويقالُ: صَلاءَةٌ وصَلايَةٌ، كما يُقَالُ: عَظَاءَةٌ وعَظايَةٌ، فَمَنْ قالَ: عَظَاءَةٌ، بَنَاهُ على (عَظَاءٍ) ثمَّ جاءَ بالهاءِ.ومَنْ قالَ: عَظَايَةٌ، بَنَاهُ على الهَاءِ منْ أوَّلِ وَهْلَةٍ.وصَلايَةٌ مُشَبَّهٌ بهذا، ومعناهُ: أنَّهُ يَصِفُ هذا الفرسَ ويقولُ: إذا كانَ قائماً عندَ البيتِ غيرَ مُسْرَجٍ رَأَيْتَ ظَهْرَهُ أَمْلَسَ، فكأنَّهُ مَدَاكُ عَرُوسٍ أوْ صَلايَةُ حَنْظَلٍ في صفائِهما وامِّلاسِهِما.
وإنَّما قَصَدَ إلى (مَدَاكِ العَرُوسِ) دُونَ غيرِهِ؛ لأنَّهُ قريبُ العهدِ بالطِّيبِ. و(صَلاءةِ الحَنْظَلِ)؛ لأنَّ حَبَّ الحَنْظَلِ يَخْرُجُ دُهْنُهُ فيَبْرُقُ على الصَّلاءَةِ.
ورَوَى الأَصْمَعِيُّ: (أوْ صَرَايَةُ حَنْظَلِ).ورَوَى: (كَأَنَّ عَلَى الكَتِفَيْنِ مِنْهُ إذَا انْتَحَى).والصَّرَايَةُ: الحَنْظَلَةُ التي قد اصْفَرَّتْ؛ لأنَّها قَبْلَ أنْ تَصْفَرَّ مُغْبَرَّةٌ، فإذا اصْفَرَّتْ صَارَتْ تَبْرُقُ كأنَّها قدْ صُقِلَتْ.
ورَوَى أبو عُبَيْدَةَ: (أوْ صِرَايَةُ حَنْظَلِ) بكسرِ الصادِ، وقالَ: شَبَّهَ عَرَقَهُ بمَدَاكِ العَرُوسِ، أوْ بِصِرايَةِ حَنْظَلٍ، وهوَ الماءُ الذي يُنْقَعُ فيهِ حَبُّ الحنظلِ لِتَذْهَبَ مَرَارَتُهُ، وهوَ أَصْفَرُ مثلُ لَوْنِ الحُلْبَةِ، يُقَالُ: صَرَى يَصْرِي صَرْياً وصِرَايَةً.
63- كأنَّ دِمَاءَ الهَادِيَاتِ بِنَحْرِهِ =عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلٍ
(الهَادِيَاتُ) المُتَقَدِّمَاتُ مِنْ كلِّ شيءٍ. ويُرِيدُ بـ(عُصارةُ حِنَّاءٍ): ما بَقِيَ من الأثرِ. و(المُرَجَّلُ): المُسَرَّحُ. ومعنى البيتِ: أنَّ هذا الفرسَ يَلْحَقُ أَوَّلَ الوَحْشِ، فإذا لُحِقَ أَوَّلُهَا عُلِمَ أنَّهُ قدْ أُحْرِزَ آخِرُها، وإذا لَحِقَها طَعَنَها، فَتُصِيبُ دِمَاؤُها نَحْرَهُ.
64- فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ =عَذَارَى دَوَارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
َنَّ): اعْتَرَضَ. و(السِّرْبُ): القَطِيعُ مِن البَقَرِ.و(دَوَارٌ): صَنَمٌ يَدُورُونَ حولَهُ. و(المُلاءُ): الملاحِفُ، واحِدَتُها مُلاءَةٌ. و(مُذَيَّلٌ): سابِغٌ.وقيلَ: لهُ هُدْبٌ.وقِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ أنَّ لهُ ذَيْلاً أسودَ. وهذا أَشْبَهُ بالمعنى؛ لأنَّهُ يَصِفُ بَقَرَ الوَحْشِ، وهيَ بِيضُ الظُّهُورِ، سُودُ القوائِمِ.ومعنى البيتِ: أنَّهُ يَصِفُ أنَّ هذا القَطِيعَ من البقرِ يَلُوذُ بَعْضُهُ ببعضٍ، وتَدُورُ كما تَدُورُ العَذَارَى حولََوَارٍ)، وهوَ نُسْكٌ كَانُوا في الجاهليَّةِ يَدُورُونَ حَوْلَهُ.
65- فَأَدْبَرْنَ كَالْجَزْعِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَهُ =بِجِيدِ مُعَمٍّ في الْعَشِيرَةِ مُخْوَلِ
الكافُ في قَوْلِهِ: (كَالْجَزْعِ) في موضِعِ نَصْبٍ؛ لأنَّها نَعْتٌ لمصدرٍ مَحْذُوفٍ. و(الجَزْعُ) بالفتحِ: الخَرَزُ. وأَبُو عُبَيْدَةَ يقولُهُ بالكسرِ، وهوَ الخَرَزُ الذي فيهِ سوادٌ وبيَاضٌ.و(بجِيدٍ)؛ أيْ: في جِيدٍ، وهوَ العُنُقُ.ومعنى (مُعَمٍّ مُخْوَلِ)؛ أيْ: لهُ أعمامٌ وأخوالٌ، وهم في عشيرةٍ واحدةٍ، كأنَّهُ قالَ: كريمُ الأَبَوَيْنِ. وإذا كانَ كذلكَ كانَ خَرَزُهُ أَصْفَى وأَحْسَنَ. يَصِفُ أنَّ هذهِ البقَرَ من الوَحْشِ تَفَرَّقَتْ كالجَزْعِ؛ أيْ: كأنَّها قِلادَةٌ فيها خَرَزٌ، قدْ فُصِّلَ بينَهُ بالخَرَزِ، وجُعِلَت القِلادَةُ في عُنُقِ صَبِيٍّ كريمِ الأعمامِ والأَخْوَالِ.
66- فَأَلْحَقَهُ بِالْهَادِيَاتِ ودُونَهُ =جَوَاحِرُهَا في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ
(الهادِيَاتُ): أوائلُ الوَحْشِ.و(جَوَاحِرُهَا): مُتَخَلِّفَاتُها، يُقالُ: جَحَرَ إذا تَخَلَّفَ. والهاءُ في قَوْلِهِ: َأَلْحَقَهُ) تَحْتَمِلُ أنْ تكونَ للفرَسِ؛ أيْ: أَلْحَقَ الغلامُ الفرسَ. وتَحْتَمِلُ أنْ تكونَ للغُلامِ؛ أيْ: أَلْحَقَ الفَرَسُ الغُلامَ. وَ(الصَّرَّةُ) قِيلَ: الشِّدَّةُ،وقيلَ: الصَّيْحَةُ، وقيلَ: الغُبَارُ.يقولُ: لَمَّا لَحِقَ هذا الفرسُ أوائلَ الوَحْشِ بَقِيَتْ أَوَاخِرُها لم تَتَفَرَّقْ، فهيَ خالِصَةٌ لهُ، و(لم تَزَيَّلِ)؛ أيْ: لم تَتَفَرَّقْ.
67- فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ =دِرَاكاً ولم يُنْضَحْ بِمَاءٍ فيُغْسَلِ
(عَادَى) معناهُ: وَالَى بينَ اثنيْنِ في طَلَقٍ ولم يَعْرَقْ؛ أيْ: أَدْرَكَ صَيْدَهُ قبلَ أنْ يَعْرَقَ. وقولُهُ: (فَيُغْسَلِ)؛ أيْ: لم يَعْرَقْ فيَصِيرَ كأنَّهُ قدْ غُسِلَ بالماءِ.والفاءُ للعطفِ وليسَ بجوابٍ؛ أيْ: لم يُنْضَحْ ولم يُغْسَلْ. وقولُهُ: (دِرَاكاً) بمعنى: مُدَارَكَةً، وهوَ مصدرٌ في موضِعِ الحالِ.قالَ بُنْدَارٌ: ولم يُرِدْ ثَوْراً ونَعْجَةً فقطْ، وإنَّما أرادَ التكثيرَ، والدليلُ على هذا قولُهُ: (دِرَاكاً)، ولوْ أرادَ ثَوْراً ونعجةً فقطْ لاسْتَغْنَى بقولِهِ:َعَادَى).

68- فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِنْ بَيْنِ مُنْضِجٍ = صَفِيفَ شِوَاءٍ أوْ قَدِيرٍ مُعَجَّلِ
(الطُّهَاةُ): الطَّبَّاخُونَ، واحِدُهم طَاهٍ. و(الصَّفِيفُ): الذي قدْ صُفِّفَ مُرَقَّقاً على الجَمْرِ. و(القَدِيرُ): ما طُبِخَ في قِدْرٍ. وأمَّا خَفْضُ (قَدِيرٍ) فأَجْوَدُ ما قِيلَ فيهِ - وأجازَ مِثْلَهُ سِيبَوَيْهِ - أنَّهُ كانَ يَجُوزُ أنْ يقولَ: (مِنْ بَيْنِ مُنْضِجِ صَفِيفِ شِوَاءٍ)، فحَمَلَ (قَديراً) على (صَفِيفٍ) لوْ كانَ مجروراً.
وشَرْحُ هذا أنَّكَ إذا عَطَفْتَ اسماً على اسمٍ، وكانَ يَجُوزُ لكَ في الأوَّلِ إعرَابَانِ فأَعْرَبْتَهُ بأحدِهما، ثمَّ عَطَفْتَ الثانِيَ عليهِ، جازَ لكَ أنْ تُعْرِبَهُ بإعرابِ الأوَّلِ، وجازَ لكَ أنْ تُعْرِبَهُ بما كانَ يَجُوزُ في الأوَّلِ، فَتَقُولُ: هذا ضارِبُ زيدٍ وعمرٍو، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: هذا ضارِبُ زيدٍ وعَمْراً؛ لأنَّهُ قدْ كانَ يَجُوزُ لكَ أنْ تقولَ: هذا ضارِبٌ زيداً وعَمْراً. وكذلكَ تقولُ: هذا ضارِبٌ زيداً وعمراً، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: هذا ضاربٌ زيداً وعمرٍو؛ لأنَّهُ قدْ كانَ يَجُوزُ لكَ أنْ تقولَ: هذا ضاربُ زيدٍ وعمرٍو، فهذا يَجِئُ على مذهَبِ سِيبَوَيْهِ، وأَنْشَدَ:
مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً =ولا نَاعِبٍ إلاَّ بِشُؤْمٍ غُرابُهَا
والمَازِنِيُّ وأبو العَبَّاسِ لا يُجِيزَانِ هذهِ الروايَةَ.والروايَةُ عندَهما: (ولا نَاعِباً)؛ لأنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ يُضْمَرَ الخافِضُ؛ لأنَّهُ لا يَتَصَرَّفُ، وهوَ مِنْ تَمامِ الاسمِ.وأمَّا القولُ في البيتِ؛ فإنَّ قديراً مَعْطُوفٌ على (مُنْضِجٍ) بلا ضرورةٍ، والمعنى: مِنْ بينِ قديرٍ، والتقديرُ: مِنْ بينِ مُنْضِجٍ قَدِيرٍ، ثُمَّ حَذَفَ (مُنْضِجاً) وأقامََدِيراً) مُقَامَهُ في الإعرابِ.
69- ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُونَهُ =مَتَى مَا تَرَقَّ العَيْنُ فِيهِ تَسَهَّلِ
أرادَ بـ(الطَّرْفِ): العينَ. والطَّرْفُ يكونُ المصدرَ أيضاً. ومعنى قولِهِ: (يَقْصُرُ دُونَهُ): أنَّهُ إذا نَظَرَ إلى هذا الفرسِ أَطَالَ النظرَ إلى ما يَنْظُرُ منهُ؛ لِحُسْنِهِ، فلا يكادُ يَسْتَوْفِي النظرَ إلى جميعِهِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ معناهُ: أنَّهُ إذا نَظَرَ إلى هذا الفرسِ لم يُدِمِ النظرَ إليهِ؛ لِئَلاَّ يُصِيبَهُ بعَيْنِهِ؛ لحُسْنِهِ.
ورَوَى الأَصْمَعِيُّ وأبو عُبَيْدَةَ: (وَرُحْنَا وَرَاحَ الطِّرْفُ يَنْفُضُ رَأْسَهُ).والطِّرْفُ: الكريمُ مِنْ كُلِّ شيءٍ، والأُنْثَى طِرْفَةٌ.وقيلَ: الطِّرْفُ: الكريمُ الطَّرْفَيْنِ.وقولُهُ: (يَنْفُضُ رَأْسَهُ)؛ أيْ: من المَرَحِ والنشاطِ.
وقولُهُ: (مَتَى مَا تَرَقَّ العَيْنُ فِيهِ تَسَهَّلِ)؛ أيْ: متَى ما نظَرَ إلى أَعْلاهُ نظَرَ إلى أسفلِهِ؛ لكمالِهِ؛ لِيَسْتَتِمَّ النظرَ إلى جميعِ جَسَدِهِ.
70- فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ ولِجَامُهُ =وباتَ بِعَيْنِي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَلِ
في (بَاتَ) ضميرُ الفرسِ. وقولُهُ: (عليهِ سَرْجُهُ ولِجَامُهُ) في مَوْضِعِ النصبِ خَبَرُ (باتَ)، و(باتَ) الثاني معطوفٌ على الأوَّلِ،و(بِعَيْنِي) خبرُهُ؛ أيْ: بحيثُ أَرَاهُ، و(قائِماً) نُصِبَ على الحالِ. و(غيرَ مُرْسَلِ)؛ أيْ: غيرَ مُهْمَلٍ. ومعناهُ:أنَّهُ لَمَّا جِيءَ بهِ من الصَّيْدِ لم يُرْفَعْ عنهُ سَرْجُهُ، وهوَ عَرِقٌ، ولم يُقْلَعْ لِجَامُهُ، فَيُعْتَلَفَ على التَّعَبِ، فيُؤْذِيهِ ذلكَ. ويَجُوزُ أنْ يكونَ معنى (فَبَاتَ عليهِ سَرْجُهُ ولِجَامُهُ)؛ لأنَّهم مُسَافِرُونَ، كأنَّهُ أَرَادَ الغُدُوَّ، فكانَ مُعَدًّا لذلكَ.
71- أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَهُ = كَلَمْعِ اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ؟
ويُرْوَى: (أَحَارِ تَرَى).ويُرْوَى: (أَعِنِّي عَلَى بَرْقٍ أُرِيكَ وَمِيضَهُ). يُقالُ: وَمَضَ البرقُ وأَوْمَضَ، وَمْضاً وإِيماضاً.والوَمْضُ: الخَفِيُّ. و(وَمِيضَهُ): خَطَرَانَهُ. وقولُهُ: (كَلَمْعِ اليَدَيْنِ)؛ أيْ: كَحَرَكَتِهِما.و(الْحَبِيُّ): ما ارْتَفَعَ مِن السَّحابِ. و(الْمُكَلَّلُ): المُسْتَدِيرُ كالإِكْلِيلِ.و(المُكَلَّلُ): المُتَبَسِّمُ بالبَرْقِ.
وقولُهُ: (أَصَاحِ) ترخيمُ صَاحِبٍ على لُغَةِ مَنْ قالَ: يا حَارِ.وفيهِ من السُّؤَالِ أنْ يُقَالَ: قالَ النَّحْويُّونَ: لا تُرَخَّمُ النَّكِرَةُ، فكيفَ جازَ أنْ يُرَخِّمَ (صَاحِباً) وهوَ نكرةٌ، وقدْ قالَ سِيبَوَيْهِ: لا يُرَخَّمُ من النَّكِرَاتِ إلاَّ ما كانَ في آخِرِهِ الهاءُ، نَحْوُ قولِهِ:

* جَارِيَ لا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي *

فالجوابُ عنْ هذا: أنَّ أَبَا العبَّاسِ لا يُجَوِّزُ أنْ تُرَخَّمَ نَكِرَةٌ البَتَّةَ، وأَنْكَرَ على سِيبَوَيْهِ ما قالَ مِنْ أنَّ النكرةَ تُرَخَّمُ إذا كانَتْ فيها الهاءُ، وزَعَمَ أنَّ قولَهُ:
جَارِيَ لا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي *

أنَّهُ يُرِيدُ: يا أَيَّتُها الجارِيَةُ، فكأنَّهُ رَخَّمَ على هذا مَعْرِفَةً، فكذلكَ يقولُ في قَوْلِهِ: َصَاحِ تَرَى)، كأنَّهُ قالَ: يا أَيُّها الصاحِبُ، ثمَّ رَخَّمَ على هذا.
ومِمَّا يُسْأَلُ عنهُ في هذا البيتِ أنْيُقالَ: كيفَ جازَ أنْ يُسْقِطَ حرفَ الاستفهامِ؟ وإنَّما المعنَى: أَتَرَى بَرْقاً؟ فإنْ قالَ قائلٌ: إنَّ الألِفَ في قَوْلِهِ: َصَاحِ) هيَ أَلِفُ الاستفهامِ، فهذا خطأٌ؛ لأنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ تقولَ: صاحِبُ أَقْبِلْ؛ لأنَّكَ تُسْقِطُ شَيْئَيْنِ، ألا تَرَى أنَّكَ إذا قُلْتَ: يا صَاحِبُ، فمعناهُ: يا أيُّهَا الصاحِبُ.
فالجوابُ: عنْ هذا أنَّ قَوْلَهُ:َصَاحِ) الألِفُ للنداءِ، كقولِكَ: يا صَاحِ، إلاَّ أنَّها دَلَّتْ على الاستفهامِ؛ إذْ كانَ لَفْظُها كلفظِ ألفِ الاستفهامِ.وأجازَ النَّحْوِيُّونَ: زيدٌ عندَكَ أمْ عَمْرٌو؟ يُرِيدُونَ أَزَيْدٌ عندَكَ أمْ عمرٌو؟ لأنَّ (أَمْ) قدْ دَلَّتْ على معنى الاستفهامِ. فأمَّا بغيرِ دَلالةٍ فلا يَجُوزُ، لوْ قُلْتَ: زيدٌ عندَكَ وأَنْتَ تريدُ الاستفهامَ لم يَجُزْ. وقدْ أُنْكِرَ على عُمَرَ بنِ أبي رَبِيعَةَ قَوْلُهُ:

ثُمَّ قالُوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْراً = عددَ الرَّمْلِ والحَصَى والتُّرَابِ

قالُوا: لأنَّهُ أَرَادَ: قالُوا: أَتُحِبُّها؟ ثمَّ أَسْقَطَ ألفَ الاستفهامِ. وهذا عندَ أبي العبَّاسِ ليسَ باستفهامٍ، إنَّما هوَ على الإلزامِ والتوبيخِ، كأنَّهُ قالَ: قَالُوا: أَنْتَ تُحِبُّها.
72- يُضِيءُ سَنَاهُ أوْ مَصَابِيحُ راهِبٍ =أَهَانَ السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المُفَتَّلِ
(السَّنَا) مقصورٌ: الضوْءُ. يُقالُ: سَنَا يَسْنُو، إذا أضاءَ. و(مَصَابِيحُ) مرفوعٌ على أنْ يكونَ معطوفاً على المُضْمَرِ الذي في الكافِ في قَوْلِهِ: َلَمْعِ اليَدَيْنِ)، والمضمَرُ يعودُ على البرقِ. وإنْ شِئْتَ على الوَمِيضِ. ويُرْوَى: (أوْ مَصابيحِ راهِبٍ) بالجرِّ، على أنْ تَعْطِفَهُ على قولِهِ:َلَمْعِ اليَدَيْنِ)، ويكونُ المعنى: أوْ كَمَصَابِيحِ راهِبٍ.ومعنى قولِهِ:َهَانَ السَّلِيطَ)؛ أيْ: لم يَكُنْ عندَهُ عَزِيزاً، يعني: أنَّهُ لا يُكْرِمُهُ عن استعمالِهِ وإتلافِهِ في الوَقُودِ. ولا معنى لروايَةِ مَنْ رَوَى: (أَمَالَ السَّلِيطَ).و(السَّلِيطُ): الزَّيْتُ، وقيلَ: الشِّيرَجُ.و(الذُّبالُ): جَمْعُ ذُبَالَةٍ، وهيَ الفَتِيلَةُ.
73- قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتِي بَيْنَ ضَارِجٍ =وَبَيْنَ العُذَيْبِ بُعْدَ مَا مُتَأَمَّلِي
ُحْبَتِي) بمعنى: أَصْحَابِي، وهوَ اسمٌ للجميعِ. و(ضَارِجٌ والعُذَيْبُ): مَكَانَانِ.
ويُرْوَى: (بَيْنَ حَامِزٍ * وبينَ إِكامٍ)، وهوَ مِنْ بلادِ غَطَفَانَ؛ أيْ: قَعَدْتُ لذلكَ البرقِ، أَنْظُرُ مِنْ أينَ يَجِيءُ بالمطَرِ؟
ومعنى قولِهِ: (بُعْدَ مَا مُتَأَمَّلِي): ما أَبْعَدَ ما تَأَمَّلْتُ.وحقيقتُهُ أنَّهُ نِدَاءٌ مضافٌ، فالمعنى: يا بُعْدَ ما مُتَأَمَّلِي؛ أيْ: يا بُعْدَ ما تَأَمَّلْتُ.ورَوَى الرِّيَاشِيُّ: (بَعْدَ مَا) بفتحِ الباءِ، وهيَ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهما: أنَّ المعنَى: بَعُدَ، ثُمَّ حَذَفَ الضمَّةَ، كما يُقالُ: عَضْدٌ في عَضُدٍ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ المعنى: بَعْدَ ما تأَمَّلْتُ.
74- عَلا قَطَناً بالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِهِ =وأَيْسَرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُلِ
ورَوَى الأَصْمَعِيُّ: (على قَطَنٍ).و(قَطَنٌ): جَبَلٌ. و(الشَّيْمُ): النظرُ إلى البَرْقِ.و(صَوْبُهُ): مَطَرُهُ الذي يُصِيبُ الأرضَ منهُ. وقولُهُ: (أَيْمَنُ صَوْبِهِ) يَحْتَمِلُ تفسيريْنِ: أَحَدُهُمَا أنْ يكونَ مِن اليُمْنِ، والآخَرُ: أنْ يكونَ مِن اليَمينِ.
و(أَيْسَرُهُ) يَحْتَمِلُ تفسيرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أنْ يكونَ من اليُسْرِ، والآخَرُ: أنْ يكونَ مِنْ يَسَرْتُهُ. و(يَذْبُلُ) صَرَفَهُ لضرورةِ الشِّعْرِ.ويُرْوَى: (على النِّبَاجِ وَثَيْتَلِ).
75- فأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ =يَكُبُّ على الأَذْقَانِ دَوْحَالْكَنَهْبُلِ
ُتَيْفَةٌ): اسمُ أرضٍ، يقولُ: فأَضْحَى السَّحَابُ يَصُبُّ الماءَ. وقولُهُ:َكُبُّ): يَقْلِبُها على رُؤُوسِها.و(الأَذْقَانُ): هنا مُسْتَعَارَةٌ، وإنَّما يُرِيدُ بها: الرُّؤُوسَ وأَعَالِيَ الشجَرِ. و(الدَّوْحُ): جمعُ دَوْحَةٍ، وكُلُّ شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ: دَوْحَةٌ. و(الْكَنَهْبُلُ): شَجَرٌ معروفٌ من العِضاهِ. ويُرْوَى: (مِنْ كُلِّ فِيقةٍ)، والفِيقةُ: ما بينَ الحَلْبتَيْنِ، واسمُ ما بينَهما: الفَوَاقُ والفُواقُ جَمِيعاً.ويُرْوَى: (عنْ كُلِّ فِيقةٍ) بمعنى: بَعْدَ. ورَوَى أبو عُبَيْدَةَ: (مِنْ كُلِّ تَلْعَةٍ)؛ أيْ:مَسِيلِ الماءِ.
76- ومَرَّ على الْقَنَانِ مِنْ نَفَيَانِهِ =فأَنْزَلَ مِنهُ العُصْمَ مِنْ كلِّ مُنْزَلِ
ويُرْوَى: (مِنْ كُلِّ مَنْزِلِ).و(القَنَانُ): جبلٌ لبني أَسَدٍ. وأصلُ (النَّفَيَانِ) ما تَطَايَرَ عن الرِّشَاءِ عندَ الاسْتِقَاءِ، وهوَ ههنا: ما شَذَّ عنْ مُعْظَمِهِ.و(العُصْمُ): الوُعُولُ، واحِدُها أَعْصَمُ، والأُنْثَى: أُرْوِيَّةٌ، والأَعْصَمُ هنا: ما كانَ في مِعْصَمِهِ بَيَاضٌ، أوْ لَوْنٌ يُخَالِفُ لونَهُ. وقيلَ: بلْ سُمِّيَ الوَعْلُ أَعْصَمَ؛ لأنَّهُ يَعْتَصِمُ بالجِبَالِ، لأنَّهُ لا يَكَادُ يَكُونُ إلاَّ فيها. ومَنْ رَوَى: (مِنْ كُلِّ مُنْزَلِ) فمعناهُ عندَهُ: مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ تُنْزَلُ مِنهُ العُصْمُ.ومَنْ رَوَى: (مِنْ كُلِّ مَنْزِلِ) فمَعْنَاهُ: مِنْ كلِّ مَوْضِعٍ تَنْزِلُ هيَ مِنْهُ؛ أيْ:تَهْرُبُ مِن السَّيْلِ الكثيرِ.
77- وَتَيْمَاءَ لم يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَةٍ =وَلا أُجُماً إِلاَّ مَشِيداً بجَنْدَلِ
ويُرْوَى: (ولا أُطُماً). و(الآجَامُ): البُيُوتُ المُسَقَّفَةُ، وكذلكَ (الآطَامُ).يقولُ: لم يَدَعْ أُطُماً إلاَّ ما كانَ مَشِيداً بجِصٍّ وصَخْرٍ فإنَّهُ سَلِمَ. والشِّيدُ: الجِصُّ.و(المَشِيدُ) يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ المبنيَّ بالجِصِّ، وأنْ يكونَ المُطَوَّلَ. و(تَيْمَاءُ): منْ أُمُّهَاتِ القُرَى.
78- كَأَنَّ ثَبِيراً في عَرَانِينِ وَبْلِهِ =كَبِيرُ أُنَاسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلِ
َبِيرٌ): جبلٌ.و(العَرَانِينُ): الأوائِلُ. والأصلُ في هذا أنْ يُقَالَ للأنفِ: عِرْنِينٌ. و(الوَبْلُ): ما عَظُمَ مِن القَطْرِ. ورَوَاهَا الأَصْمَعِيُّ: (كَأَنَّ أَبَاناً فِي أَفَانِينِ وَدْقِهِ).و(أَبَانَانِ): جبلٌ أبيضُ وجبلٌ أسودُ، وهُما لبَنِي عبدِ مَنَافِ بنِ دَارِمٍ. و(أَفَانِينُ): ضُرُوبٌ. و(الوَدْقُ): المَطَرُ.و(البِجادُ): كِسَاءٌ مُخَطَّطٌ مِنْ أَكْسِيَةِ الأعرابِ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ وصُوفِ الغَنَمِ مُخَيَّطَةٌ، والجمعُ بُجُدٌ. و(مُزَمَّلٌ): مُلْتَفٌّ.
يقولُ: قدْ أَلْبَسَ الوَبْلُ أَبَاناً فكَأَنَّهُ ممَّا أَلْبَسَهُ مِن المَطَرِ وغَشَّاهُ كَبِيرُ أُنَاسٍ مُزَمَّلٌ؛ لأنَّ الكَبِيرَ أَبَداً مُتَدَثِّرٌ.وقالَ أبو نَصْرٍ: شَبَّهَ الجَبَلَ، وقدْ غَطَّاهُ الماءُ والغُثَاءُ الذي أَحَاطَ بهِ إلاَّ رَأْسَهُ، بشيخٍ في كِساءٍ مُخَطَّطٍ، وذلكَ أنَّ رأسَ الجبلِ يَضْرِبُ إلى السَّوَادِ، والماءُحَوْلَهُ أَبْيَضُ.
وكانَ يَجِبُ أنْ يقولَ: ُزَمَّلُ)؛ لأنَّهُ نعتٌ للـ(كَبِيرُ)، إلاَّ أنَّهُ خَفَضَهُ على الجِوَارِ. وحكَى الخليلُ وسِيبَوَيْهِ: (هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ)، وإنَّما (خَرِبٍ) نعتٌ للجُحْرِ.قالَ سِيبَوَيْهِ: وإنَّما غَلِطُوا في هذا؛ لأنَّ المضافَ والمضافَ إليهِ بمنزلةِ شيءٍ واحدٍ، وأنَّهُمَا مُفْرَدَانِ. وحَكَى الخليلُ أنَّهُم يَقُولُونَ في التثنيَةِ: (هذَانِ جُحْرَا ضَبٍّ خَرِبَانِ)، فيَرْجِعُ الإعرابُ إلى ما يَجِبُ؛ لأنَّ الأوَّلَ مُثَنًّى، والثانِيَ مفردٌ.وممَّا يُبَيِّنُ لكَ هذا حِكَايَةُ سِيبَوَيْهِ عن العربِ: (هذا حَبُّ رُمَّانِي)، وإنَّما كانَ يَجِبُ أنْ يُضِيفَ الحَبَّ إلى نفسِهِ.
وفي البيتِ وَجْهٌ آخَرُ، وهوَ أنْ يكونَ على قولِ مَنْ قالَ: كُسِيَتْ جُبَّةٌ زَيْداً، فيكونُ التقديرُ: في بِجادٍ مُزَمَّلِهِ الكِسَاءُ، ثُمَّ تُحْذَفُ، كما تقولُ: مَرَرْتُ برَجُلٍ مَكْسُوَّتِهِ جُبَّةٌ، ثمَّ تُكَنِّي عن الجُبَّةِ فتقولُ: مَرَرْتُ برَجُلٍ مَكْسُوَّتِهِ، ثُمَّ تُحْذَفُ الهاءُ في الشِّعْرِ، هذا قولُ بعضِ النحْوِيِّينَ. وكانَ ابنُ كَيْسَانَ يَرْوِي: (وكأَنَّ) بزيادةِ الواوِ، في هذا البيتِ وفيما بعدَهُ؛ لِيَكُونَ الكلامُ مُرْتَبِطاً بعضُهُ ببعضٍ، وهذا يُسَمَّى الخَزْمَ في العَرُوضِ، وإسقاطُ الواوِ هوَ الوَجْهُ.
79- كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُدْوةً =مِنَ السَّيْلِ والغُثَاءِ فَلْكةُ مِغْزَلِ
روَى الأَصْمَعِيُّ: (كأنَّ طَمِيَّةَ المُجَيْمِرِ غُدْوةً).و(المُجَيْمِرُ): أَرْضٌ لبَنِي فَزَارَةَ. و(طَمِيَّةُ): جَبَلٌ في بلادِهم. يقولُ: قد امْتَلأَ المُجَيْمِرُ، فكأنَّ الجبلَ في الماءِ فَلْكَةُ مِغْزَلٍ؛ لِمَا جمَعَ السيلُ حولَهُ مِن الغُثاءِ.ورَوَاهُ الفَرَّاءُ: (مِنَ السَّيلِ والأَغْثَاءِ)، جمعُ الغُثَاءِ، وهوَ قليلٌ في المُدُودِ. قالَ أبو جَعْفَرٍ: مَنْ رَوَاهُ (الأَغْثَاءِ) فقدْ أَخْطَأَ؛ لأَنَّ غُثَاءً لا يُجْمَعُ على أَغْثَاءٍ، وإنَّما يُجْمَعُ على أَغْثِيَةٍ؛ لأنَّ (أَفْعِلَةً) جمعُ الممدودِ، و(أَفْعَالاً) جمعُ المقصورِ؛ نَحْوُ: رَحًى وأَرْحَاءٌ.
و(الذُّرَى): الأَعَالِي، الواحِدَةُ ذِرْوَةٌ. ويُرْوَى: (كأنَّ قُلَيْعَةَ المُجَيْمِرِ).
80- وأَلْقَى بِصَحْرَاءِ الغَبِيطِ بَعَاعَهُ =نُزُولَ الْيَمَانِي ذِي الْعِيَابِ المُحَمَّلِ
َحْرَاءُ الغَبِيطِ): الحَزْنُ، وهيَ أرضُ بَنِي يَرْبُوعَ.و(الغَبِيطُ): نَجَفَةٌ يَرْتَفِعُ طَرَفُها ويَطْمَئِنُّ وَسَطُها، وهيَ كَغَبِيطِ القَتَبِ.وقَالُوا: لم يُرِدْ أرضَ بَنِي يَرْبُوعَ خاصَّةً، أرادَ الغَبِيطَ من الأرضِ، وكُلُّ أرضٍ منخفِضَةٌ فهيَ غَبِيطٌ. و(بَعَاعُهُ): ثِقْلُهُ.
ويُرْوَى: (المُحَمَّلِ) و(المُحَمِّلِ) بفتحِ الميمِ وكسرِها، فمَنْ فتَحَ الميمَ جَعَلَ (اليَمَانِي) جَمَلاً، ومَنْ كَسَرَها جَعَلَهُ رَجُلاً.وشَبَّهَ السَّيْلَ بهِ؛ لِنُزُولِهِ في هذا الموضِعِ. و(نُزُولَ): منصوبٌ على تقديرِ: نُزُولاً مثلَ نُزُولِ.
ورَوَى الأَصْمَعِيُّ: (كَصَرْعِ اليَمَانِي ذِي العِيابِ المُحَوَّلِ)، قالَ: كما نَشَرَ اليَمَانِيُّ مَتَاعَهُ، وهوَ أحمرُ وأصفَرُ، شَبَّهُ بهِ ما أَخْرَجَ المطَرُ منْ ذلكَ النَّبْتِ.ويُرْوَى: (كَصَوْعِ اليَمَانِي)؛ أيْ: كَطَرْحِهِ الذي معَهُ إذا نَزَلَ بمكانٍ. وقالَ بَعْضُهم: الصَّوْعُ: الحُطُوطُ، يُقالُ: صاعَ يَصُوعُ.
81- كَأَنَّ مَكَاكِيَّ الجِوَاءِ غُدَيَّةً =صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحِيقٍ مُفَلْفَلِ
(المَكَاكِيُّ): جَمْعُ مُكَّاءٍ، وهوَ طائرٌ كثيرُ الصَّفِيرِ.و(الجِوَاءُ): البَطْنُ من الأرضِ العظيمُ، وقدْ يكونُ الجِوَاءُ جَمعاً واحدُهُ:جَوٌّ. و(صُبِحْنَ): من الصَّبُوحِ، وهوَ شُرْبُ الغَداةِ.و(السُّلافُ): أوَّلُ ما يُعْصَرُ من الخمرِ.و(الرَّحِيقُ): الخَمْرُ،وقَالُوا: صَفْوَةُ الخمْرِ. و(المُفَلْفَلُ): الذي قدْ أُلْقِيَتْ فيهِ تَوَابِلُهُ.وقيلَ: الذي يَحْذِي اللِّسَانَ. والمرادُ: أنَّ المَكَاكِيَّ لَمَّا رَأَت الخِصْبَ والمطرَ فَرِحَتْ وصَوَّتَتْ كأنَّها سَكَارَى.
82- كأنَّ السِّبَاعَ فِيهِ غَرْقَى عَشِيَّةً =بِأَرْجَائِهِ الْقُصْوَى أَنَابِيشُ عُنْصُلِ
ويُرْوَى: (غُدَيَّةً). و(غَرْقَى) في موضِعِ نصبٍعلى الحالِ.يقولُ: حِينَأَصْبَحَ الناسُ ورَأَوْهَا فكأنَّها تِلْكَ الأَنَابِيشُ من العُنْصُلِ. و(الأنابيشُ): جماعاتٌ مِن العُنْصُلِ يَجْمَعُها الصِّبْيَانُ. ويُقالُ: الأنابيشُ: العُرُوقُ، وإنَّما سُمِّيَتْ أَنَابِيشَ؛: لأنَّها تُنْبَشُ؛ أيْ: تُخْرَجُ منْ تحتِ الأرضِ.ويُقالُ: نَبَشَهُ بالنَّبْلِ؛ إذا غَرَزَهُ فيهِ. وقالَ أبو عُبَيْدَةَ: الأَنَابِيشُ والأَيَابِيشُ وَاحِدٌ.
و(العُنْصُلُ والعُنْصَلُ): بَصَلٌ بَرِّيٌّ، يُعْمَلُ منهُ خَلُّ عُنْصُلانَ، وهوَ شديدُ الحُمُوضَةِ.
شَبَّهَ السِّبَاعَ الغَرْقَى بما نُبِشَ من العُنْصُلِ؛ لأنَّ السَّيْلَ غَرَّقَها، فَهِيَ في نواحيهِ تَبْدُو منها أَطْرَافُها، فشَبَّهَهَا بذلكَ. و(الأَرْجَاءُ): النَّوَاحِي، وَاحِدُها: رَجاً.
وقولُهُ: (الْقُصْوَى) كانَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ: القُصَا؛ لأنَّهُ نَعْتُ (الأرجاءِ)، إلاَّ أنَّهُ حَمَلَهُ على لفظِ الجمعِ. ونظيرُهُ قولُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}.والأَنَابِيشُ لا وَاحِدَ لها.وقِيلَ: واحِدُها: أُنْبُوشٌ.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس