عرض مشاركة واحدة
قديم 24/11/2006, 02:56 AM   #2
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

 عضويتي » 245
 تسجيلي » Feb 2005
 آخر حضور » 28/02/2014 (09:03 AM)
مشآركاتي » 6,236
 نقآطي » 10000
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي أيام فاتت خالد القشطيني



أيام فاتت

في هذه الأيام الكالحة التي ابتليت فيها الامة الإسلامية بالمتطرفين ودعاة العنف، علينا ان نتذكر الايام الحلوة التي تمسك الناس فيها بالاعتدال وتحررت المرأة، وشق على المرء واستعاب ان يسأل جليسه عن طائفته او دينه، وتسمى النصارى باسم محمد وتسمى المسلمون باسم عيسى وموسى، والسنة باسم حسين وعلي والشيعة باسم عمر وعثمان، في تلك الايام الحلوة تتلمذت على يد استاذي الجليل حسين علي الاعظمي، رحمه الله، في كلية الحقوق العراقية.

كان الملا حسين، كما كان يعرف بين اهل محلته في الأعظمية بجوار الإمام ابي حنيفة النعمان، من مشايخ المسلمين عندما تأسست المملكة العراقية، رعى الله ذكراها، يعلّم الناس دينهم ودنياهم ويفتي بينهم. انتدبوه لتدريس الشريعة الاسلامية في كلية الحقوق. ما زلت اتذكر صوته الرخيم وابتسامته الوديعة ولهجته الأعظمية الأصيلة. ما زلت اتذكر مخاطبته لنا، اسمع ابني.. اسمعوا يا اولادي...

كان مستغرقا في النوم على سطح بيته على عادة العراقيين في الصيف، وقد دنت الساعة من منتصف الليل، عندما أفاقه طرق عنيف على الباب. وصوت رجل يناديه باسمه «ملا حسين!... يا ملا حسين!...» لم يتمالك استاذنا غير ان يطرد النوم من عينيه، ويتناول السلم بدشداشته وينزل ليفتح الباب. وجد امامه شابا بالدشداشة والطاقية من فئة بسطاء الكسبة والشغالين. من الواضح انه كان قد عاد توا من حانة ابو عتيشة. ورائحة ابو عتيشة تعج من فمه.

«ملا حسين، ابوس إيدك. اعطيني فتوى. بساعة عصبية وسوس لي الشيطان الله يلعنه، وطلقت مرتي بنت عمي بالثلاثة. وانا ندمان عليها. اريد ارجعها لكن الناس يقولون لي لازم اجحشها بالأول! ملا، شلون؟ هذي بنت عمي، شلون اخلي غريب ينام وياها؟ اريدك تحل لي هالمشكلة».

نظر استاذي الجليل في وجهه وشمّ رائحة ابو عيشة في انفاسه. ابتسم ابتسامته الوديعة ذاتها. وضع يده على كتف الشاب وقال له:

اسمع ابني. شأسمك انت»؟ ـ «يسموني فاضل ابو ورطة» ـ «اسمع ابني فاضل، كلهم يقولون لازم تجحشها بالأول. لكن آني حسين الأعظمي اقول لك روح رجعها لبنت عمك. اعقد عليها مهر من جديد ورجعها. وآني حسين الاعظمي خطيتك برقبتي اذا اكو خطيئة».

انكب الرجل على يد الاستاذ الفاضل ليقبلها ويشكره ويدعو له بطول العمر. لم انس ذلك. ولا نسيت ما كان يردده لنا من فقه الشريعة السمحة: «اذا ضاق الأمر اتسع».

ايام حلوة. ايام التسامح والمحبة ... وفاتت.


 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس