عرض مشاركة واحدة
قديم 18/07/2016, 11:50 AM   #7
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



(تابع) شرح القصائد السبع للقاضي: الحسين بن أحمد الزوزني
51 - إذا رجعت في صوتها خلت صوتها = تجاوب أظآر على ربع رد
الترجيع: ترديد الصوت وتغريده. الظئر: التي لها ولد، والجمع الأظآر الربع من ولد الإبل: ما ولد في أول النتاج، الردى: الهلاك، والفعل ردي يردى والإرداء الإهلاك والتردي مثل الردى.
يقول: إذا طربت في صوتها ورددت نغمتها حسبت صوتها أصوات نوق تصيح عند جؤارها على هالك، شبه صوتها بصوتهن في التحزين، ويجوز أن يكون الأظآر النساء، والربع مستعار لولد الإنسان فشبه صوتها في التحزين والترقيق بأصوات النوادب والنوائح على صبي هالك.
52 - وما زال تشرابي الخمور ولذتي = وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
التشراب: الشرب، وتفعال من أوزان المصادر مثل التقتال بمعنى القتل والتنقاد بمعنى النقد. الطريف والطارف: المال الحديث. التليد والتلاد والمتلد: المال القديم الموروث.
يقول: لم أزل أشرب الخمر وأشتغل باللذات وبيع الأعلاق النفيسة وإتلافها حتى كأن هذه الأشياء لي بمنزلة المال المستحدث والمال الموروث يريد أنه التزم القيام بهذه الأشياء لزوم غيره القيام باقتنائه المال وإصلاحه.
53 - إلى أن تحامتني العشيرة كلها = وأفردت إفراد البعير المعبد
التحامي: التجنب والاعتزال. البعير المعبد: المذلل المطلي بالقطران والبعير يستلذ ذلك فيذل له.
يقول: فتجنبتني عشيرتي كما يتجنب البعير المطلي بالقطران. وأفردتني لما رأت أني لا أكف عن إتلاف المال والاشتغال باللذات.
54 - رأيت بني غبراء لا ينكرونني = ولا أهل هذاك الطراف المدد
الغبراء: صفة الأرض جعلت كالاسم لها. الطراف: البيت من الأدم والجمع الطروف، وكنى بتمديده عن عظمه.
يقول: لما أفردتني العشيرة رأيت الفقراء الذين لصقوا بالأرض من شدة الفقر لا ينكرون إحساني وإنعامي عليهم، ورأيت الأغنياء الذين لهم بيوت الأدم لا ينكرونني لاستطابتهم صحبتي ومنادمتي.
يقول: إن هجرتني الأقارب وصلتني الأباعد، وهم الفقراء والأغنياء فهولاء لطلب المعروف وهؤلاء لطلب العلا.
55 - ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى = وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟
الوغى: أصله صوت الأبطال في الحرب ثم جعل اسما للحرب. الخلود: البقاء، والفعل خلد يخلد والإخلاد والتخليد الإبقاء.
يقول: ألا أيها الإنسان الذي يلومني على حضور الحرب وحضور اللذات هل تخلدني إن كففت عنها؟
56 - فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي = فدعني أبادرها بما ملكت يدي
اسطاع يسطيع: لغة في استطاع.
يقول: فإن كنت لا تستطيع أن تدفع موتي عني فدعني أبادر الموت بإنفاق أملاكي يريد أن الموت لا بد منه فلا معنى للبخل بالمال وترك اللذات وامتناع الذوق.
57 - ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى = وجدك لم أحفل متى قام عودي
الجد: الحظ والبخت، والجمع الجدود، وقد جد الرجل يجد جدا فهو جديد، وجد يجد جدا فهو مجدود إذا كان ذا جد، وقد أجده الله إجدادا جعله ذا جد.
وقوله: وجدك قسم. الحفل: المبالاة. العود: جمع عائد من العيادة.
يقول: فلولا حبي ثلاث خصال هن من لذة الفتى الكريم لم أبال متى قام عودي من عندي آيسين من حياتي، أي لم أبال متى مت.
58 - فمنهن سبقي العاذلات بشربة = كميت متى ما تعل بالماء تزبد
يقول: إحدى تلك الخلال أني أسبق العواذل بشربة من الخمر كميت اللون متى صب الماء عليها أزبدت، يريد أنه يباكر شرب الخمر قبل انتباه العواذل.
59 - وكري إذا نادى المضاف محنبا = كسيد الغضا نبهته المتورد
الكر: العطف. والكرور: الانعطاف. المضاف: الخائف، والمذعور، والمضاف الملجأ. المحنب: الذي في يده انحناء والمجنب الذي في رجله انحناء السيد: الذئب، والجمع السيدان. الغضا: شجر الورد والتورد واحد.
يقول: والخصلة الثانية عطفي – إذا ناداني الملجأ إلي والخائف عدوه مستغيثا إياي – فرسا في يده انحناء، يسرع في عدوه إسراع ذئب يسكن فيما بين الغضا إذا نبهته وهو يريد الماء، جعل الخصلة الثانية إغاثته المستغيث وإعانته اللاجئ إليه، فقال: أعطف في إغاثته فرسي الذي في يده انحناء وهو محمود في الفرس إذا لم يفرط، ثم شبه فرسه بذئب اجتمع له ثلاث خلال: إحداها كونه فيما بين الغضا، وذئب الغضا أخبث الذئاب والثانية إثارة الإنسان إياه، والثالثة وروده الماء وهما يزيدان في شدة العدو.
60 - وتقصير يوم الدجن والدجن معجب = ببهكنة تحت الطراف المعمد
قصرت الشيء: جعلته قصيرا. الدجن: إلباس الغيم آفاق السماء. البهكنة: المرأة الحسنة الخلق السمينة الناعمة. المعمد: المرفوع بالعمد.
يقول: والخصلة الثالثة أني أقصر يوم الغيم بالتمتع بامرأة ناعمة حسنة الخلق تحت بيت مرفوع بالعمد، جعل الخصلة الثالثة استمتاعه بحبائبه، وشرط تقصير اليوم لأن أوقات اللهو والطرب أقصر الأوقات، ومنه قول الشاعر: [الوافر]
شهور ينقضين وما شعرنا = بأنصاف لهن ولا سرار
وقوله: والدجن معجب أي يعجب الإنسان.
61 - كأن البرين والدماليج علقت = على عشر أو خروع لم يخضد
البرة: حلقة من صفر أو شبه أو غيرهما تجعل في أنف الناقة، والجمع البرا والبرات والبرون في الرفع والبرين في النصب والجر، استعارها للأسورة والخلاخيل الدملج والدملوج: المعضد، والجمع الدماليج والدمالج، العشر والخروع: ضربان من الشجر، التخضيد: التشذيب من الأغصان والأوراق والعشر وصف البهكنة.
يقول: كأن خلاخيلها وأسورتها ومعاضدها معلقة على أحد هذين الضربين من الشجر، وجعله غير مخضد ليكون أغلظ، شبه ساعديها وساقيها بأحد هذين الشجرين في الامتلاء والنعمة والضخامة.
62 - كريم يروي نفسه في حياته = ستعلم إن متنا غدا أينا الصدي
يقول: أنا كريم يروي نفسه أيام حياته بالخمر، ستعلم إن متنا غدا أينا العطشان يريد أنه يموت ريان وعاذله يموت عطشان.
63 - أرى قبر نحام بخيل بماله = كقبر غوي في البطالة مفسد
النحام: الحريص على الجمع والمنع. الغوي: الغاوي الضال، والغي والغواية الضلالة، وقد غوي يغوي.
يقول: لا فرق بين البخيل والجواد بعد الوفاة فلم أبخل بأعلاقي، فقال: أرى قبر البخيل والحريص بماله كقبر الضال في بطالته المفسد بماله.
64 - ترى جثوتين من تراب عليهما = صفائح صم من صفيح منضد
الجثوة: الكومة من التراب وغيره، والجمع الجثى، التنضيد: مبالغة النضد.
يقول: أرى قبري البخيل والجواد كومتين من التراب عليهما حجارة عراض صلاب، فيما بين قبور عليها حجارة عراض قد نضدت.
65 - أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي = عقيلة مال الفاحش المتشدد
الاعتيام: الاختيار. العقائل: كرائم المال والنساء، الواحدة عقيلة الفاحش: البخيل.
يقول: أرى الموت يختار الكرام بالإفناء، ويصطفي كريمة مال البخيل المتشدد بالإبقاء، وقيل: بل معناه أن الموت يعم الأجواد والبخلاء، فيصطفي الكرام وكرائم أموال البخلاء، يريد أنه لا تخلص منه لواحد من الصنفين فلا يجدي البخل على صاحبه بخير فالجود أحرى لأنه أحمد.
66 - أرى العيش كنزا ناقصا كل ليلة = وما تنقص الأيام والدهر ينفد
شبه البقاء بكنز ينقص كل ليلة، وما لا يزال ينقص فإن مآله إلى النفاد، فقال: وما تنقصه الأيام والدهر ينفد لا محالة، فكذلك العيش صائر إلى النفاد لا محالة، والنفاد والنفود الفناء، والفعل نفد ينفد، والإنفاد الإفناء.
67 - لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى = لكالطول المرخى وثنياه باليد
العمر والعمر والعمر بمعنى، ولا يستعمل في القسم إلا بفتح العين. قوله: ما أخطأ الفتى، فما مع الفعل هنا بمنزلة مصدر حل محل الزمان، نحو: قولهم: آتيك خفوق النجم ومقدم الحاج، أي وقت خفوق النجم ووقت مقدم الحاج. الطول: الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه، الإرخاء: الإرسال الثني: الطرف، والجمع الأثناء.
يقول: أقسم بحياتك أن الموت في مدة إخطائه الفتى، أي مجاوزته إياه، بمنزلة حبل طول للدابة ترعى فيه وطرفاه بيد صاحبه، يريد أنه لا يتخلص منه كما أن الدابة لا تفلت ما دام صاحبها آخذاً بطرفي طولها لما جعل الموت بمنزلة صاحب الدابة التي أرخى طولها، قال: متى شاء الموت قاد الفتى لهلاكه، ومن كان في حبل الموت انقاد لقوده.
68 - فما لي أراني وابن عمي مالكا = متى أدن منه ينأ عني ويبعد
النأي والبعد واحد، فجمع بينهما للتأكيد وإثبات القافية، كقول الشاعر: [الطويل]
وهند أتى من دونها النأي والبعد
يقول: فما لي أراني وابن عمي متى تقربت منه تباعد عني؟ يستغرب هجرانه إياه مع تقربه منه.
69 - يلوم وما أدري علام يلومني = كما لامني في الحي قرط بن معبد
يلومني مالك وما أدرى ما السبب الداعي إلى لومه إياي، كما لامني هذا الرجل في القبيلة يريد أن لومه إياه ظلم صراح كما كان لوم قرط إياه كذلك.
70 - وأيأسني من كل خير طلبته = كأنا وضعناه إلى رمس ملحد
الرمس: القبر وأصله الدفن. ألحدت الرجل: جعلت له لحدا.
يقول: قنطني مالك من كل خير رجوته منه حتى كأنا وضعنا ذلك الطلب إلى قبر رجل مدفون في اللحد، يريد أنه آيسه من كل خير طلبه كما أن الميت لا يرجى خيره.
71 - على غير شيء قلته غير أنني = نشدت فلم أغفل حمولة معبد
النشدان: طلب المفقود، الإغفال: الترك. الحمولة: الإبل التي تطيق أن يحمل عليها. معبد: أخوه.
يقول: يلومني على غير شيء قلته وجناية جنيتها، ولكنني طلبت إبل أخي ولم أتركها، فنقم ذلك مني وجعل يلومني، وقوله: غير أنني، استثناء منقطع تقديره ولكنني.
72 - وقربت بالقربى وجدك إنني = متى يك أمر للنكيثة أشهد
القربى: جمع قربة وقيل هو اسم من القرب والقرابة، وهو أصح القولين. النكيثة: المبالغة في الجهد وأقصى الطاقة. يقال: بلغت نكيثة البعير أي أقصى ما يطيق من السير.
يقول: وقربت نفسي بالقرابة التي ضمنا حبلها ونظمنا خيطها، وأقسم بحظك وبختك أنه متى حدث له أمر يبلغ فيه غاية الطاقة ويبذل فيه المجهود أحضره وأنصره.
73 - وإن أدع للجلى أكن من حماتها = وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
الجلى: تأنيث الأجل، وهي الخطة العظيمة، والجلاء بفتح الجيم والمد لغة فيها. الحماة: جمع الحامي من الحماية.
يقول: وإن دعوتني للأمر العظيم والخطب الجسيم أكن من الذين يحمون حريمك، وإن يأتك الأعداء لقتالك أجهد في دفعهم عنك غاية الجهد، والباء في قوله بالجهد زائدة.
74 - وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم = بكأس حياض الموت قبل التهدد
القذع والقذع: الفحش. العرض: موضع المدح والذم من الإنسان، قاله ابن دريد، وقد يفسر بالحسب، والعرض النفس، ومنه قول حسان: [الوافر]
فإن أبي ووالده وعرضي = لعرض محمد منكم وقاء
أي نفسي فداء، والعرض: العرق وموضع العرق، والجمع الأعراض في جميع الوجوه. التهدد والتهديد: واحد. القذف: السب.
يقول: وإن أساء الأعداء القول فيك وأفحشوا الكلام، أوردتهم حياض الموت قبل أن أهددهم يريد أنه يبيدهم قبل تهديدهم أي لا يشتغل بتهديدهم بل يشتغل بإهلاكهم، ومن روى بشرب فهو النصيب من الماء والشرب، بضم الشين، مصدر شرب، يريد أسقهم شرب حياض الموت، فالباء زائدة والمصدر بمعنى المفعول والإضافة بتقدير من.
75 - بلا حدث أحدثته وكمحدث = هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي
يقول: أجفى وأهجر وأضام من غير حدث إساءة أحدثته، ثم أهجى وأشكى وأطرد كما يهجى من أحدث إساءة وجر جريرة وجنى جناية ويشكى ويطرد، والشاكية والشكوى والشكية والشكاة واحد، والمطرد بمعنى الإطراد، وأطردته صيرته طريدا.
76 - فلو كان مولاي امرأ هو غيره = لفرج كربي أو لأنظرني غدي
يقول: فلو كان ابن عمي غير مالك لفرج كربي أو لأمهلني زمانا. فرجت الأمر وفرجته كشفته والفرج انكشاف المكروه. كربه الغم: إذا ملأ صدره، والكربة اسم منه، والجمع كرب. الإنظار: الإمهال، والنظرة اسم بمعنى الإنظار.
77 - ولكن مولاي امرؤ هو خانفي = على الشكر والتسآل أو أنا مفتد
خنقت الرجل خنقا: عصرت حلقه. التسآل: السؤال.
يقول: ولكن ابن عمي رجل يضيق الأمر علي حتى كأنه يأخذ علي متنفسي على حال شكري إياه وسؤالي عوارفه وعفوه، أو كنت في حال افتدائي نفسي منه.
يقول: هو لا يزال يضيق الأمر علي سواء شكرته على آلائه أو سألته بره وعطفه، أو طلبت تخليص نفسي منه.
78 - وظلم ذوي القرب أشد مضاضة = على المرء من وقع الحسام المهند
مضني الأمر وأمضني: بلغ من قلبي وأثر في نفسي تهييج الحزن والغضب، يقول: ظلم الأقارب أشد تأثيرا في تهييج نار الحزن والغضب من وقع السيف القاطع المحدد أو المطبوع بالهند. الحسام: فعال من الحسم وهو القطع.
79 - فذرني وخلقي، إنني لك شاكر = ولو حل بيتي نائيا عند ضرغد
ضرغد: جبل. يقول: خل بيني وبين خلقي وكلني إلى سجيتي، فإني شاكر لك وإن بعدت غاية البعد حتى ينزل بيتي عند هذا الجبل الذي سمي بضرغد، وبينهم وبين ضرغد مسافة بعيدة وشقة شاقة وبينونة بليغة.
80 - فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد = ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
هذان سيدان من سادات العرب مذكوران بوفور المال ونجابة الأولاد، وشرف النسب وعظم الحسب.
يقول: لو شاء الله بلغني منزلتهما وقدرهما.
81 - فأصبحت ذا مال كثير وزارني = بنون كرام سادة لمسود
يقول: فصرت حينئذ صاحب مال كثير وزارني بنون موصوفون بالكرم والسؤدد لرجل مسود يعني به نفسه والتسويد مصدر سودته فساد.
يقول: لو بلغني الله منزلتهما لصرت وافر المال. كريم العقب، وهو الولد.
82 - أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه = خشاش كرأس الحية المتوقد
الضرب: الرجل الخفيف اللحم.
يقول: أنا الضرب الذي عرفتموه والعرب تتمدح بخفة اللحم لأن كثرته داعية إلى الكسل والثقل، وهما يمنعان من الإسراع في دفع الملمات وكشف المهمات، ثم قال: وأنا دخال في الأمور بخفة وسرعة، شبه تيقظه وذكاء ذهنه بسرعة حركة رأس الحية وشدة توقده.
83 - فآليت لا ينفك كشحي بطانة = لعضب رقيق الشفرتين مهند
لا ينفك: لا يزال، وما انفك ما زال. البطانة: نقيض الظهارة، العضب: السيف القاطع، شفرتا السيف: حداه، والجمع الشفرات والشفار.
يقول: ولقد حلفت أن لا يزال كشحي لسيف قاطع رقيق الحدين طبعته الهند بمنزلة البطانة للظهارة.
84 - حسام إذا ما قمت منتصرا به = كفى العود منه البدء ليس بمعضد
الانتصار: الانتقام. المعضد: سيف يقطع به الشجر، والعضد قطع الشجر، والفعل عضد يعضد.
يقول: لا يزال كشحي بطانة لسيف قاطع إذا ما قمت منتقما به من الأعداء كفى الضربة الأولى به الضربة الثانية فيغني البدء عن العود وليس سيفا يقطع به الشجر، نفى ذلك لأنه من أردإ السيوف.
85 - أخي ثقة لا ينثني عن ضريبة = إذا قيل مهلا قال حاجزه قدي
أخي ثقة: يوثق به، أي صاحب ثقة. الثني: الصرف، والفعل ثنى يثني، والانثناء الانصراف.
الضريبة: ما يضرب بالسيف، والرمية: ما يرمى بالسهم، والجمع الضرائب والرمايا. مهلا: أي كف، قدي وقدني: أي حسبي وقد جمعهما الراجز في قوله: [الرجز]
قدني من نصر الخبيبين قدي
يقول: هذا السيف سيف يوثق بمضائه كالأخ الذي يوثق بإخائه، لا ينصرف عن ضريبة أي لا ينبو عما ضرب به، إذا قيل لصاحبه كف عن ضرب عدوك قال مانع السيف وهو صاحبه. حسبي فإني قد بلغت ما أردت من قتل عدوي، يريد أنه ماض لا ينبو عن الضرائب، فإذا ضرب به صاحبه أغنته الضربة الأولى عن غيرها.
86 - إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني = منيعا إذا بلت بقائمه يدي
ابتدر القوم السلاح: استبقوه المنيع: الذي لا يقهر ولا يغلب، بل بالشيء يبل به بلا إذا ظفر به. يقول: إذا استبق القوم أسلحتهم وجدتني منيعا لا أقهر ولا أغلب إذا ظفرت يدي بقائم هذا السيف.
87 - وبرك هجود قد أثارت مخافتي = بواديها، أمشي بعضب مجرد
البرك: الإبل الكثيرة الباركة، الهجود: جمع هاجد وهو النائم، وقد هجد يهجد هجودا. مخافتي: مصدر مضاف إلى المفعول، بواديها: أوائلها وسوابقها.
يقول: ورب إبل كثيرة باركة قد أثارتها عن مباركها مخافتها إياي في حال مشي مع سيف قاطع مسلول من غمده، يريد أنه أراد أن ينحر بعيرا منها فنفرت منه لتعودها ذلك منه.
88 - فمرت كهاة ذات خيف جلالة = عقيلة شيخ كالوبيل يلندد
الكهاة والجلالة: الناقة الضخمة السمينة. الخيف: جلد الضرع، وجمعه أخياف. العقيلة: كريمة المال والنساء والجمع العقائل. الوبيل: العصا الضخمة، اليلندد والألندد والألد: الشديد الخصومة، وقد لد الرجل يلد لددا صار شديد الخصومة وقد لددته ألده لدا غلبته بالخصومة.
يقول: فمرت بي في حال إثارة مخافتي إياها ناقة ضخمة لها جلد الضرع وهي كريمة مال شيخ قد يبس جلده ونحل جسمه من الكبر حتى صار كالعصا الضخمة يبسا ونحولا، وهو شديد الخصومة، قيل: أراد به أباه، يريد أنه نحر كرائم مال أبيه لندمائه، وقيل: بل أراد غيره ممن يغير هو على ماله والقول الأول أحراهما بالصواب.
89 - يقول وقد تر الوظيف وساقها = ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد
تر: أي سقط. المؤيد: الداهية العظيمة الشديدة.
يقول: قال هذا الشيخ في حال عقري هذه الناقة الكريمة وسقوط وظيفها وساقها عند ضربي إياها بالسيف: ألم تر أنك أتيت بداهية شديدة بعقرك مثل هذه الناقة الكريمة النجيبة.؟
90 - وقال: ألا ماذا ترون بشارب = شديد علينا بغيه متعمد
يقول: قال هذا الشيخ للحاضرين: أي شيء ترون أن يفعل بشارب خمر اشتد بغيه علينا عن تعمد وقصد؟ يريد أنه استشار أصحابه في شأني، وقال: ماذا نحتال في دفع هذا الشارب الذي يشرب الخمر ويبغي علينا بعقر كرائم أموالنا ونحرها متعمداً قاصدا؟ ترون من الرأي والباء في قوله بشارب صلة محذوف تقديره أن يفعل ونحوه.
91 - وقال: ذروه إنما نفعها له = وإلا تكفوا قاصي البرك يزدد
ذروه: دعوه، والماضي منهما غير مستعمل عند جمهور الأئمة اجتزاء بـ (ترك) منهما، وكذلك اسم الفاعل والمفعول لاجتزائهم بالتارك والمتروك الكف: المنع والامتناع كفه فكف، والمضارع منهما يكف.
يقول: ثم استقر رأى الشيخ على أن قال دعوا طرفة إنما نفع هذه الناقة له. أو أراد إنما نفع هذه الإبل له، لأنه ولدي الذي يرثني، وإلا تردوا وتمنعوا ما بعد هذه الإبل، من الندود يزدد طرفة من عقرها ونحرها، أراد أنه أمرهم برد ما ند لئلا أعقر غير ما عقرت.
92 - فظل الإماء يمتللن حوارها = ويسعى علينا بالسديف المسرهد
الإماء: جمع أمة. الامتلال والملل: جعل الشيء في الملة وهي الجمر والرماد الحار. الحوار للناقة: بمنزلة الولد للإنسان يعم الذكر والأنثى، السديف: السنام، وقيل – قطع السنام المسرهد: المربى – والفعل سرهد يسرهد سرهدة.
يقول: فظل الإماء يشوين الولد الذي خرج من بطنها تحت الجمر والرماد الحار. ويسعى الخدم علينا بقطع سنامها المقطع، يريد أنهم أكلوا أطايبها وأباحوا غيرها للخدم، وذكر الحوار دال على أنها كانت حبلى، وهي من أنفس الإبل عندهم.
93 - فإن مت فانعيني بما أنا أهله = وشقي علي الجبب يا ابنة معبد
لما فرغ من تعداد مفاخره أوصى ابنة أخيه، ومعبد أخوة، فقال: إذا هلكت فأشيعي خبر هلاكي بثنائي الذي استحقه وأستوجبه، وشقي جيبك علي يوصيها بالثناء عليه والبكاء.
النعي: إشاعة خبر الموت والفعل نعى ينعى، أهله أي مستحقه، كقوله تعالى {وكانوا أحق بها وأهلها}.
94 - ولا تجعليني كامرئ ليس همه = كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي
يقول: ولا تسوي بيني وبين رجل لا يكون همه مطلب المعالي كهمي، ولا يكفي المهم والملم كفايتي، ولا يشهد الوقائع مشهدي والهم أصله القصد، يقال: هم بكذا أي قصد له، ثم يجعل الهم والهمة اسما لداعية النفس إلى العلى. الغناء: الكافية. المشهد في البيت بمعنى الشهود وهو الحضور، أي ولا يغني غناء مثل غنائي ولا يشهد الوقائع شهودا مثل شهودي.
يقول: لا تعدلي بي من لا يساويني في هذه الخلال فتجعلي الثناء عليه كالثناء علي والبكاء علي كالبكاء عليه.
95 - بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا = ذلول بأجماع الرجال ملهد
البطء: ضد العجلة، والفعل بطؤ يبطأ، الجلى: الأمر العظيم. الخنا: الفحش، جمع الكف، وجمعها لغتان يقال: ضربه بجمع كفه إذا ضربه بها مجموعة، والجمع الأجماع. التلهيد: مبالغة اللهد وهو الدفع بجمع الكف، يقال: لهده يلهده لهدا. والبيت كله من صفة من ينهى ابنة أخيه أن تعدل غيره به.
يقول: ولا تجعليني كرجل يبطأ عن الأمر العظيم ويسرع إلى الفحش، وكثيرا ما يدفعه الرجال بأجماع أكفهم فقد ذل غاية الذل.
96 - فلو كنت وغلا في الرجال لضرني = عداوة ذي الأصحاب والمتوحد
الوغل: أصله الضعيف ثم يستعار للئيم.
يقول: لو كنت ضعيفا من الرجال لضرتني معاداة ذي الأتباع والمنفرد الذي لا أتباع له، إياي، ولكنني قوي منيع لا تضرني معاداتهما إياي، ويروى وغدا وهو اللئيم.
97 - ولكن نفى عني الرجال جراءتي = عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
الجرأة والجراءة واحد، والفعل جرؤ يجرؤ والنعت جريء، وقد جرأه على كذا أي شجعه. المحتد: الأصل.
يقول: ولكن نفى عني مباراة الرجال ومجاراتهم شجاعتي وإقدامي في الحروب وصدق صريمتي وكرم أصلي.
98 - لعمرك ما أمري علي بغمة = نهاري ولا ليلي علي بسرمد
الغمة والغم واحد، وأصل الغم التغطية، والفعل غم يغم، ومنه الغمام لأنه يغم السماء أي يغطيها، ومنه الأغم والغماء، لأن كثرة الشعر تغطي الجبين والقفا.
يقول: أقسم ببقائك ما يغم أمري رأيي، أي ما تغطي الهموم رأيي في نهاري، ولا يطول علي ليلي حتى كأنه صار دائما سرمدا، وتلخيص المعنى: أنه تمدح بمضاء الصريمة وذكاء العزيمة. يقول: لا تغمني النوائب فيطول ليلي ويظلم نهاري.
99 - ويوم حبست النفس عند عراكه = حفاظا على عوراته والتهدد
العراك والمعاركة: القتال، وأصلهما من العرك وهو الدلك. الحفاظ: المحافظة على ما تجب المحافظة عليه من حماية الحوزة والذب عن الحريم ودفع الذم عن الأحساب.
يقول: ورب يوم حبست نفسي عن القتال والفزعات وتهدد الأقران محافظة على حسبي.
100 - على موطن يخشى الفتى عنده الردى = متى تعترك فيه الفرائص ترعد
الموطن: الموضع. الردى: الهلاك والفعل ردي يردي، والإرداء الإهلاك الاعتراك والتعارك واحد. الفرائص: جمع فريصة، وهي لحمة عند مجمع الكتف ترعد عند الفزع.
يقول: حبست نفسي في موضع من الحرب يخشى الكريم هناك الهلاك ومتى تعترك الفرائص فيه أرعدت من فرط الفزع وهول المقام.
101 - وأصفر مطبوح نظرت حواره = على النار واستودعته كف مجمد
ضبحت الشيء: قربته من النار حتى أثرت فيه، أضبحه ضبحا. الحوار والمحاورة: مراجعة الحديث، وأصله من قولهم: حار يحور إذا رجع، ومنه قول لبيد: [الطويل]
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه = يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
نظرت: أي انتظرت والنظر الانتظار، ومنه قوله تعالى: {انظرونا نقتبس من نوركم}. استودعته وأودعته واحد. المجمد: الذي لا يفوز، وأصله من الجمود.
يقول: ورب قدح أصفر قد قر ب من النار حتى أثرت فيه، وإنما فعل ذلك ليصلب ويصفر، انتظرت مراجعته؛ أي: انتظرت فوزه، أو خيبته، ونحن مجتمعون على النار له، وأودعت القدح كف رجل معروف بالخيبة، وقلة الفوز: يفتخر بالميسر، وإنما افتخرت العرب به؛ لأنه لا يركن إليه إلا سمح جواد، ثم كمل المفخرة بإيداع قدحه كف مجمد قليل الفوز.
102 - ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا = ويأتيك بالأخبار من لم تزود
يقول: ستطلعك الأيام على ما تغفل عنه وسينقل إليك الأخبار من لم تزوده.
103 - ويأتيك بالأخبار من لم تبع له = بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
باع قد يكون بمعنى اشترى، وهو في البيت بهذا المعنى. البتات: كساء المسافر وأداته والجمع أبتة ولم تضرب له أي: لم تبين له، كقوله تعالى: {ضرب الله مثلا}؛أي: بين وأوضح.
يقول: سينقل إليك الأخبار من لم تشتر له متاع المسافر، ولم تبين له وقتا لنقل الأخبار إليك.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس