عرض مشاركة واحدة
قديم 23/04/2014, 03:57 PM   #4
المؤسس والمشـــرف العــــام


صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



1104 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن المسافر إذا صلى خلف الإمام المقيم هل يلزمه الإتمام أو يجوز أن يقصروا الصلاة على ركعتين‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجب على المسافر إذا صلى مع الإمام المقيم أن يتم صلاته سواء أدرك الإمام في أول الصلاة، أو أدرك الركعتين الأخيرتين فقط؛ وذلك لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إنما جعل الإمام ليؤتم به‏)‏‏.‏ وقوله -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا‏)‏‏.‏ ولأن ابن عباس سئل ‏(‏عن الرجل المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا صلى مع الإمام، يصلي أربعاً‏؟‏ فقال‏:‏ تلك هي السنة‏)‏‏.‏ وقول الصحابي عن أمر من الأمور‏:‏ إنه من السنة، أو هذا هو السنة له حكم الرفع‏.‏ فيجب على المسافر إذا صلى مع إمام مقيم أن يتم أربعاً سواء دخل مع الإمام في أول الصلاة، أم في الركعة الثالثة، أم في الرابعة، وأما بالعكس لو صلى المقيم خلف مسافر فإنه يجب عليه أن يتم أربعاً بعد سلام الإمام المسافر، فإذا صلى الإمام ركعتين وأنت مقيم فإذا سلم فأتم ما عليك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل مكة عام الفتح ‏(‏أتموا فإنا قوم سفر‏)‏‏.‏ أي مسافرون‏.‏
1105 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ مسافر أخر صلاة المغرب ليجمعها مع صلاة العشاء وأدرك الناس في المدينة يصلون العشاء فكيف يصنع‏؟‏ أفتونا مأجورين‏.‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ينضم معهم صلاة المغرب، وفي هذه الحال إن كان قد دخل مع الإمام في الركعة الثانية فالأمر ظاهر ويسلم مع الإمام؛ لأنه يكون صلى ثلاثاً، و إن دخل في الثالثة أتى بعده بركعة، أما إن دخل في الركعة الأولى من صلاة العشاء وهو يصلي بنية المغرب فإن الإمام إذا قام إلى الرابعة يجلس هو يتشهد ويسلم، ثم يدخل مع الإمام في بقية صلاة العشاء حتى يدرك الجماعتين في الصلاتين، وهذا الانفصال جائز لأنه لعذر، والانفصال لعذر جائز كما ذكر ذلك أهل العلم، ومن الانفصال لعذر ما لو طرأ على الإنسان في أثناء الصلاة طارئ يستلزم السرعة في الصلاة فإن له أن ينفرد عن الإمام ويكمل صلاته خفيفة ثم يذهب لهذا الطارئ مثل لو حصل له آلام في بطنه، أو اضطرار إلى التبول، أو تغوط، أو حصل في معدته روجان يخشى أن يقئ في صلاته وما أشبه ذلك‏.‏
والمهم أن الانفراد لعذر عن الإمام جائز وهذا انفراد لعذر، ولا حرج عليه أن يدخل معهم بنية صلاة العشاء ثم بعد ذلك يأتي بالمغرب؛ لأن من أهل العلم من يقول إن الترتيب يسقط بخوف فوت الجماعة، ولكن الوجه الأول عندي أولى‏.‏
1106 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن جماعة يعملون في إحدى الإدارات الحكومية وقد نقلوا قريباً من الحدود لمدة شهر أو شهرين أو أكثر أو أقل ويحملون في هذا السفر ما يحمله المسافر من الزاد والمتاع على السيارات بمسافة تبعد 470 كيلو أو أكثر، ومع ذلك فنحن نقصر الصلاة ونجمع أحياناً إذا اشتد بنا السير عملاً بسنة الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن بعض الأفراد يتمون الصلاة في هذه المسافة النائية والغربة الطارئة فنرجو منكم بيان سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أسفاره الثابتة عنه‏؟‏ وهل يصح أن المسافر يتم الصلاة‏؟‏ وهل صح أن المسافر يصلي الرواتب المقرونة بالصلاة في سفره‏؟‏ وهل يصح أن المدة المقصودة للمسافر يتم فيها صلاته‏؟‏ و هل صح أن البعيد عن أهله وأولاده ووطنه في مثل هذه المسافة يقصر صلاته و يأخذ في رخص السفر‏؟‏ نرجو من سماحتكم بيان الحكم
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ القول الصواب أن من كان في مثل حالكم فله القصر والجمع؛ لأنكم في سفر، لكن ترك الجمع أفضل إلا عند الحاجة، وهذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية، فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ من الآية101‏]‏ ولم يقيد ذلك بمدة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر يقصر الصلاة حتى يرجع إلى المدينة مع إقامته في أسفاره تختلف، فأقام عام الفتح بمكة تسعة عشر يوماً، وأقام بتبوك عشرين يوماً، وقدم مكة عام حجة الوداع في الرابع ذي الحجة، وخرج منها صباح الرابع عشر، فتلك عشرة أيام كما قال أنس بن مالك حين سئل كم أقام‏؟‏ قال أنس – رضي الله عنه – خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة، قلنا‏:‏ أقمتم بمكة شيئاً‏؟‏ قال‏:‏ أقمنا بها عشراً‏)‏ ولم يحدد لأمته حداً ينقطع به السفر مع علمه بأن الناس يقدمون مكة للحج قبل اليوم الرابع‏.‏ وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وجماعة من أهل العلم، وبناء عليه يكون لكم أحكام السفر من القصر والجمع ومسح الخفين، ثلاثة أيام‏.‏
وأما التطوع بالصلاة فتطوعوا بما شئتم كالمقيمين إلا سنة الظهر، والمغرب، والعشاء فالأفضل أن لا تصلوها بنية الراتبة ولكم أن تصلوا تطوعاً لو حضرتم إلى المصلى قبل الإقامة‏.‏ وإذا رأى إمامكم أن لا يجمع ولا يقصر فلا تختلفوا عليه؛ لأن الأمر واسع ولله الحمد‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏
حرر في 9 / 5 / 1411هـ‏.‏
1107 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏ نحن من العاملين بالخليج العربي مؤقتاً نرجو أن تجيبوا على أسلتنا في موضوع الصلاة مع تبيان ما ترجحون من أقوال العلماء‏:‏
1 - هل الأفضل في حقنا القصر أو الإتمام‏؟‏
2 - كيفية القصر والحال أن الصلاة جماعة‏؟‏
3 - هل يجوز لمثلنا إذا فاتته جماعة الظهر مثلاً أن تؤدي الصلاة مع العصر قصراً أو جمعاً‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏
مسألتكم هذه ليس فيها سنة صريحة تبين حكمها، وإنما فيها نصوص عامة وقضايا اختلف العلماء في القول بها‏.‏
فذهب أصحاب المذاهب المتبوعة إلى أن من عزم على الإقامة مدة معينة انقطع حكم سفره، ولزمه إتمام الصلاة، والصوم في رمضان وجميع أحكام الإقامة التي لا يشترط لها الاستيطان، ثم اختلف هؤلاء في المدة التي تقطع أحكام السفر‏:‏
فذهب بعضهم إلى أنها أربعة أيام، وذهب آخرون منهم إلى أنها فوق أربعة أيام، وذهب آخرون منهم إلى أنها ما بلغ خمسة عشر يوماً فأكثر، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنها ما بلغ تسعة عشر يوماً فأكثر، وفيها أقوال أحرى تبلغ أكثر من عشرة أقوال ذكرها النووي في شرح المهذب، وإنما كثرت فيها الأقوال لعدم وجود دليل فاصل صريح كما أسلفنا، ولهذا كان القول الراجح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيميه أن أحكام السفر لا تنقطع إلا بإنهاء السفر، والسفر هو مفارقة محل الإقامة، فما دام الرجل مفارقاً لمحل إقامته فهو مسافر حتى يرجع، ولا يقطع سفره أن يقيم في المحل الذي سافر إليه مدة معينة لعمل أو حاجة، ويدل على ذلك أن اسم السفر في حقه باق، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام في عدة أسفار له إقامات مختلفة يقصر الصلاة فيها، فأقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، وأقام في حجة الوداع عشرة أيام مكة في صحيح البخاري عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه سئل عن إقامتهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته‏؟‏ فقال ‏(‏أقمنا بها عشراً‏)‏ يعني أربعة أيام قبل الخروج إلى منى، وستة بعد ذلك، فإنه قدم يوم الأحد صبيحة رابعة من ذي الحجة إلى مكة، وخرج منها راجعاً إلى المدينة يوم الأربعاء صبيحة الرابعة عشرة، وكان -صلى الله عليه وسلم- في هذه المدة يقصر الصلاة بلا ريب كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر وأنس وغيرهما، ومن المعلوم أن وصوله صبيحة الرابعة وقصر الصلاة كان اتفاقاً لا قصداً، وأنه لو كان قدومه صبيحة الثالثة لم يتغير الحكم، إذ لو كان الحكم يتغير بذلك لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- لدعاء الحاجة إلى بيانه، إذ المعلوم أن من المعلوم أن من الحجاج من يقدم مكة قبل ذلك، ولا يمكن أن يسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيان الحكم فيهم لو كان الحكم فيهم مخالفاً لحكم من قدم في اليوم الرابع فما بعده، ثم إن كون النبي يقيم بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وفي تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، وأقام بمكة في حجه عشرة أيام يقصر يدل على أنه لا فرق بين طول مدة الإقامة وقصرها‏.‏ وأما قول من قال‏:‏ إن إقامته عام الفتح، وفي تبوك لا يدري متى تنتهي إقامته لم ينو مدة معينة تقطع حكم السفر‏.‏
فيقال‏:‏ من أين لك أن لم ينو ذلك‏؟‏ والمدة التي تقطع حكم السفر عندك هي أربعة أيام مثلاً‏؟‏ ثم لو كان الحكم يختلف فيما إذا نوى الإقامة التي تقطع حكم السفر على قول من يرى ذلك، وفيما إذا نوى إقامة لا يدري متى تنتهي لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأنه يعلم أن أمته ستغتدي به وتأخذ بمطلق فعله‏.‏ وقد وردت آثار عن الصحابة والتابعين تدل على أن حكم السفر لا ينقطع بنية إقامة مقيدة وإن طالت، فروى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن أبي حمزة نصر بن عمران قال‏:‏ قلت لابن عباس ‏(‏إنا نطيل المقام بالغزو بخرا سان فكيف ترى‏؟‏ فقال‏:‏ صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين‏)‏، وروى الإمام أحمد في مسنده عن ثمامة بن شراحيل قال‏:‏ خرجت إلى ابن عمر فقلت ‏(‏ما صلاة المسافر‏؟‏ قال‏:‏ ركعتين ركعتين، إلا صلاة المغرب ثلاثاً، قلت‏:‏ أرأيت إن كنا بذي المجاز‏؟‏ قال‏:‏ وما ذو المجاز‏؟‏ قلت‏:‏ مكان نجتمع فيه، ونبيع فيه، نمكث عشرين ليلة، أو خمسة عشر ليلة‏؟‏ قال‏:‏ يا أيها الرجل، كنت بأذربيجان، لا أدري قال‏:‏ أربعة أشهر أو شهرين، فرأيتهم يصلونها ركعتين، ركعتين‏)‏‏.‏ وروى عبد الرزاق عن محمد بن الحارث قال‏:‏ قدمنا المدينة فأرسلت إلى ابن المسيب أنا ميقيمون أياماً في المدينة أفنقصر‏؟‏ قال‏:‏ نعم، ولم يستفصل، وعن علقمة أنه أقام بخوار زم سنتين فصلى ركعتين‏.‏ وروى نحو هذا عن أنس بن مالك، وعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنهما، وعن مسروق والشعبي رحمهما الله‏.‏
وقد اختار هذا القول أيضاً من المتأخرين الشيخ محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار، وشيخنا عبد الرحمن السعدي‏.‏
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى ص 138 مج 24 من مجموع ابن قاسم ‏(‏والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معدودة يقيمها ليس أمراً معلوماً، لا بشرع، ولا لغة، ولا عرف‏)‏، وفي ص 184 من المجلد المذكور ‏(‏وقد بين في غير هذا الموضع أنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلا مقيم ومسافر والمقيم هو المستوطن ومن سوى هؤلاء فهو مسافر يقصر الصلاة‏)‏‏.‏ أ هـ‏.‏ وقال الشيخ محمد رشيد رضا في مجموع فتاويه ص 1180 ‏(‏المسافر الذي يمكث في بلد أربعة أيام أو أكثر وهو ينوي أن يسافر بعد ذلك لا يعد مقيما منتفياً عنه وصف السفر لا لغة ولا عرفاً، وإنما يعد مقيماً من نوى قطع السفر، واتخاذ مسكن له في ذلك البلد‏)‏ إلى أن قال ‏(‏فالمكث المؤقت لا يسمى إقامة إلا بقيد التوقيت‏)‏‏.‏ أ هـ‏.‏
وقال الشيخ عبد الرحمن السعد في كتابه المختارات الجلية ص 30 ‏(‏والصحيح أيضاً أن المسافر إذا أقام في موضع لا ينوي فيه قطع السفر فإنه على سفر وإن كان ينوي إقامة أكثر من أربعة أيام، لكونه داخلاً في عموم المسافرين؛ ولأن إقامة أربعة أيام، أو أقل أو أكثر حكمها واحد فلم يرد المنع من الترخص في شيء منها بل ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه ما يدل على الجواز‏)‏‏.‏ أ هـ‏.‏
وعلى هذا فإن إقامتكم للتدريس في الخليج لا تنقطع بها أحكام السفر من القصر، والجمع، ومسح الخفين ثلاثة أيام ونحوها لكن لا يسقط عنكم حضور الجماعة في المساجد لعموم الأدلة الموجبة لحضور الجماعة حضرةً و سفراً، في حال الأمن والخوف وإذا صليتم وراء إمام يتم وجب عليكم الإتمام تبعاً له لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إنما جعل الإمام ليؤتم به‏)‏‏.‏ وقوله عليه الصلاة والسلام ‏(‏إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا‏)‏‏.‏
متفق عليه، وهذا عام في جميع المؤتمين بالإمام، وفي مسند الإمام أحمد عن موسى بن سلمة قال‏:‏ كنا مع ابن عباس بمكة فقلت ‏(‏إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً، وإذا رجعنا صلينا ركعتين‏؟‏ فقال‏:‏ تلك سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-‏)‏‏.‏ قال في التلخيص وأصله في مسلم والنسائي بلفظ ‏(‏فقلت لابن عباس كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام‏؟‏ قال‏:‏ ركعتين سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-‏)‏‏.‏ فقوله ‏(‏إذا لم أصل مع الإمام‏)‏ دليل على أنه كان من المعروف عندهم أنه أصلي مع الإمام أتم‏.‏
فإذا فاتتكم الصلاة مع الجماعة فلكم القصر، وأما الجمع فلا ينبغي الجمع لكم إلا عند الحاجة إيه لأن الجمع يكون عند الحاجة في حق المسافر وغيره، وأما إذا لم يكن حاجة فإنه وإن جاز للمسافر فلا ينبغي له إلا عند الحاجة مثل أن يكون حاجة فإنه وإن جاز للمسافر فلا ينبغي له إلا عند الحاجة مثل أن يكون قد جد به السير، أو يكون محتاجاً لنوم، أو حط رحل نحوه، والله الموفق‏.‏ قال ذلك كاتبه محمد الصالح العثيمين في 16 / 10 / 1399 هـ‏.‏
وبعد أن كتبت هذا الجواب رأيت في مجلة الجامعة الإسلامية في العدد الرابع من السنة الخامسة الصادر في ربيع الثاني سنة 1393 هـ ص 125 في ركن الفتاوى للشيخ عبد العزيز بن باز قال‏:‏ أما إذا نوى إقامة معينة تزيد على أربعة أيام وجب عليه الإتمام عند الأكثر، وقال بعض أهل العلم‏:‏ كله القصر ما دام ينو الاستيطان في ذلك الموضع وإنما أقام لعارض متى زال سافر وهو قول قوي تدل عليه أحاديث كثيرة‏.‏ أ هـ‏.‏ المراد منه‏.‏
فصل
بسم الله الرحمن الرحيم قال فضيلة الشيخ – أعلى الله درجته في المهديين - ‏:‏
بيان السفر الذي تقصر فيه الصلاة في ثلاثة فصول‏:‏
الفصل الأول‏:‏ السفر الذي تقصر فيه‏.‏
الفصل الثاني‏:‏ مدته‏.‏
الفصل الثالث‏:‏ متى ينقطع‏؟‏
أما الفصل الأول‏:‏
فقال في فتح الباري ص 561 ج2 ‏(‏قال النووي‏:‏ ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح، وذهب بعض السلف إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو جهاد، وبعضهم كونه طاعة أو معصية‏)‏‏.‏ ا‏.‏ هـ‏.‏
قلت‏:‏ واختاره تقي الدين ابن تيميه، ونقله عن ابن حزم ورجحه بأدلة قوية مع الإجابة عن حجج الآخرين ص 60 من رسالته في أحكام السفر والإقامة‏.‏
وأما الفصل الثاني‏:‏
فقال في شرح المهذب ص 191 ج 4 – ما ملخصه - ‏:‏ مذهبنا أنه مرحلتان وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة‏:‏ ثلاثة أيام، وقال الأوزاعي وآخرون يوم تام، وقال داود في طويل السفر وقصيره‏.‏ قلت‏:‏ واختاره الشيخ تقي الدين وجعل مناط الحكم يسمى سفراً وعرفاً، وقال في رسالة أحكام السفر والإقامة ص 80‏:‏ فالتحديد بالمسافة لا أصل له في شرع، ولا لغة، ولا عرف ولا عقل، ولا يعرف الناس مساحة الأرض فلا يجعل ما يحتاج إليه عموم المسلمين معلقاً بشيء لا يعرفونه، ولم يسمح أحد الأرض على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا قدر النبي -صلى الله عليه وسلم- الأرض لا بأميال، ولا فراسخ، والرجل قد يخرج من القرية إلى الصحراء لحطب يأتي به فيغيب اليومين والثلاثة فيكون مسافراً وإن كانت المسافة أقل من ميل بخلاف من يذهب ويرجع من يومه فإنه لا يكون في ذلك مسافراً، فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد، بخلاف الثاني فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفراً، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفراً‏.‏ أ هـ‏.‏ وفي المغني ص 255 – 258 ج2 – حين ذكر اختلاف العلماء في ذلك – قال‏:‏ ولا أرى لما صار إليه الأئمة حجة لأن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، - ثم قال - ‏:‏ وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه لوجهين‏:‏
أحدهما‏:‏ أنه مخالف لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي ذكرناها ولظاهر القرآن‏.‏
الثاني‏:‏ أن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد لا سيما وليس له أصل يرد إليه، ولا نظير يقاس عليه، والحجة مع من أباح القصر لك مسافر أن ينعقد الإجماع على خلافه‏.‏ ا‏.‏ هـ‏.‏
أما الفصل الثالث‏:‏ فقال في شرح المهذب ص 219 - 220 ج4‏:‏ مذهبنا أن نوى إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج القطع، وإن نوى دون ذلك لم ينقطع، وهو مذهب مالك، وقال أبو حنيفة‏:‏ إن نوى خمسة عشر يوماً مع يوم الدخول، وقال الأوزاعي‏:‏ إن نوى اثني عشر يوماً، وقال أحمد‏:‏ إن نوى إقامة تزيد على أربعة أيام، وعنه تزيد على إحدى وعشرين صلاة، وعن ابن المسيب‏:‏ إن أقام ثلاثاً، وقال الحسن‏:‏ بن راهويه‏:‏ يقصر أبداً حتى يدخل وطنه أو بلداً له فيه أهل أو مال‏.‏ ا‏.‏ هـ‏.‏ فهذه اثنا عشر قولاً، قال شيخ الإسلام ابن تيميه في رسالته الآنفة الذكر ص 82‏:‏ فمن جعل للمقام حداً من الأيام فإنه قال قولاً لا دليل عليه من جهة الشرع، وهي تقديرات متقابلة تتضمن تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام‏:‏ كمسافر، ومقيم مستوطن، ومقيم غير مستوطن، وتقسيم المقيم إلى مستوطن وغيره لا دليل عليه من جهة الشرع‏.‏ قال‏:‏ والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معدودة يقيمها ليس أمراً معلوماً لا بشرع، ولا لغة، ولا عرف‏.‏ قال ص 84‏:‏ والقول بأن من قدم المصر فقد خرج عن حد السفر ممنوع مخالف للنص والإجماع والعرف‏.‏
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد‏:‏
فقد نشر في ‏(‏المسلمون‏)‏ يوم السبت 28 شعبان 1405 هـ جواب حول ترخص المبتعث برخص السفر من القصر والفطر، ومسح الخفين ثلاثة أيام، وكان الجواب مختصراً، وقد طلب مني بعض الأخوان أن أبسط القول في ذلك بعض البسط، فأقول وبالله التوفيق منه الهداية والصواب‏:‏
المغتربون عن بلادهم لهم ثلاث حالات‏:‏
الحال الأولى‏:‏ أن ينووا الإقامة المطلقة بالبلاد التي اغتربوا إليها كالعمال المقيمين للعمل، والتجار المقيمين للتجارة، ونحوهم ممن يقيمون إقامة مطلقة فهؤلاء في حكم المستوطنين في وجوب الصوم عليهم في رمضان، وإتمام الصلاة، والاقتصار على يوم وليلة في مسح الخفين، لأن إقامتهم مطلقة غير مقيدة بزمن ولا غرض، فهم عازمون على إقامة في البلاد التي اغتربوا إليها لا يخرجون منها إلا أن يخرجوا‏.‏
الحال الثانية‏:‏ أن ينووا الإقامة المقيدة بغرض معين لا يدرون متى ينتهي، ومتى رجعوا إلى بلادهم كالتجار الذين يقدمون لبيع السلع، أو شرائها ثم يرجعون و كالقادمين لمراجعة دوائر
حكومية أو غيرها لا يدرون متى ينتهي غرضهم حتى يرجعوا إلى بلادهم، فهؤلاء في حكم المسافرين فلهم الفطر، وقصر الصلاة الرباعية ومسح الخفين ثلاثة أيام، ولو بقوا سنوات، هذا قول جمهور العلماء، بل حكاه ابن المنذر إجماعاً‏.‏ لكن لو ظن هؤلاء أن الغرض لا ينتهي إلا بعد المدة التي ينقطع بها حكم السفر فهل لهم الفطر والقصر على قولين‏.‏
الحال الثالثة‏:‏ أن ينووا الإقامة المقيدة بغرض معين يدرون متى ينتهون، ومتى انتهى رجعوا إلى بلادهم بمجرد انتهائه فقد اختلف أهل العلم –رحمهم الله - في حكم هؤلاء، فالمشهور عن مذهب الإمام احمد أنهم إن نووا إقامة أكثر من أربعة أيام أتموا وإن نووا دونها قصروا‏.‏ وقيل‏:‏ إن نووا إقامة أكثر من أربعة أيام أتموا وإن نووا دونها قصروا، قال في المغني ‏(‏صفحة 288 المجلد الثاني‏)‏ وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور قال‏:‏ وروي هذا القول عن عثمان –رضي الله عنه - وقال الثوري وأصحاب الرأي‏:‏ إن أقام خمسة عشر يوما مع اليوم الذي يخرج فيه أتم، وإن نوى دون ذلك قصر‏.‏ انتهى‏.‏
وهناك أقوال أخرى ساقها النووي في شرح المهذب صفحة 220 المجلد الرابع تبلغ عشرة أقوال، وهي أقوال اجتهادية متقابلة ليس فيها نص يفصل بينها، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم إلى أن هؤلاء في حكم المسافرين لهم الفطر، وقصر الرباعية، والمسح على الخفين ثلاثة أيام‏.‏ انظر مجموع الفتاوى جمع ابن قاسم صفحة 184، 138، 137 مجلد 42 والاختيارات صفحة 73 وانظر زاد المعاد لابن القيم صفحة 29 مجلد 3 أثناء كلامه على فقه غزوة تبوك‏.‏ وقال في الفروع لابن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيميه صفحة 64 مجلد 2 بعد أن ذكر الخلاف فيما إذا نوى مدة فوق أربعة أيام قال‏:‏ ‏(‏واختار شيخنا وغيره القصر والفطر وأنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن كإقامته لقضاء حاجة بلا نية إقامة‏)‏ انتهى‏.‏ واختار هذا القول الشيخ عبد لله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد لوهاب‏.‏ انظر صفحة 375، 372 مجلد 4 من الدرر السنية، واختاره أيضا الشيخ محمد رشيد رضا صفحة 1180 المجلد الثالث من فتاوى المنار، وكذلك اختاره شيخنا عبد لرحمن بن ناصر السعدي صفحة 47 من المختارات الجلية، وهذا القول هو الصواب لمن تأمل نصوص الكتاب والسنة، فعلى هذا يفطرون ويقضون كأهل الحال الثانية، لكن الصوم أفضل إن لم يشق، ولا ينبغي أن يؤخروا القضاء إلى رمضان ثان؛ لأن ذلك يوجب تراكم الشهور عليهم فيثقل عليهم القضاء أو يعجزوا عنه‏.‏
والفرق بين هؤلاء وأهل الحال الأولى أن هؤلاء أقاموا لغرض معين ينتظرون انتهاءه ولم ينووا الإقامة المطلقة، بل لو طلب منهم أن يقيموا انتهاء غرضهم لأبوا ذلك، ولو انتهى غرضهم قبل المدة التي نووها ما بقوا في تلك البلاد‏.‏ أما أهل الحال الأولى فعلى العكس من هؤلاء فهم عازمون على الإقامة لا ينتظرون شيئا معينا ينهون إقامتهم بانتهائه، فلا يكادون يخرجون من مغتربهم هذا إلا بقهر النظام، فالفرق ظاهر للمتأمل، والعلم عند الله تعالى فمن تبين له رجحان هذا القول فعمل به فقد أصاب، ومن لم يتبين له فأخذ بقول الجمهور فقد أصاب؛ لأن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد التي من اجتهد فيها فأصاب فله أجران ومن اجتهد فيها فأخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية286‏]‏‏.‏ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب، فله أجران، وإذا حم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر‏)‏‏.‏ أخرجه البخاري ‏(1)‏‏.‏
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للصواب عقيدة وقولا وفعلا إنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‏.‏
10 / 9 / 1405هـ‏.‏



 
مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس