عرض مشاركة واحدة
قديم 18/07/2016, 11:50 AM   #6
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



شرح القصائد السبع للقاضي: الحسين بن أحمد الزوزني
طرفة بن العبد
حدث المفضل بن محمد بن يعلى الضبي أن طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، كان في حسب كريم وعدد كثير، وكان شاعرا جريئا على الشعر، وكانت أخته عند عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس، وكان عبد عمرو سيد أهل زمانه وكان من أكرم الناس على عمرو بن هند الملك، فشكت أخت طرفة شيئا من أمر زوجها إلى طرفة فعاب عبد عمرو وهجاه وكان من هجائه إياه أن قال: [الطويل]
ولا خير فيه غير أن له غنى = وأن له كشحا إذا قام أهضما
تظل نساء الحي يعكفن حوله = يقلن: عسيب من سرارة ملهما
يعكفن: أي يطفن، العسيب: أغصان النخل. سرارة الوادي: قرارته وأنعمه وأجوده نبتا. الملهم: قرية باليمامة فبلغ ذلك عمرو بن هند الملك وما رواه فخرج يتصيد ومعه عبد عمرو فرمى حمارا فعقره فقال لعبد عمرو: انزل فاذبحه، فعالجه فأعياه فضحك الملك. وقال: لقد أبصرك طرفة حيث يقول، وأنشد: ولا خير فيه، وكان طرفة هجا قبل ذلك عمرو بن هند فقال فيه: [الوافر]
فليت لنا مكان الملك عمرو = رغوثا حول قبتنا تخور
من الزمرات أسبل قادماها = وضرتها مركنة درور
لعمرك إن قابوس بن هند = ليخلط ملكه نوك كثير
قسمت الدهر في زمن رخي = كذاك الحكم يقصد أو يجور
فلما قال عمرو بن هند لعبد عمرو ما قال طرفة قال: أبيت اللعن؟ ما قال فيك أشد مما قال في، فأنشده الأبيات فقال عمرو بن هند: أوقد بلغ من أمره أن يقول في مثل هذا الشعر؟ فأمر عمرو فكتب إلى رجل من عبد القيس بالبحرين وهو المعلى ليقتله فقال له بعض جلسائه: إنك إن قتلت طرفة هجاك المتلمس رجل مسن مجرب، وكان حليف طرفة وكان من بني ضبيعة، فأرسل عمرو إلى طرفة والمتلمس فأتياه فكتب لهما إلى عامله بالبحرين ليقتلهما وأعطاهما هدية من عنده وحملهما وقال: قد كتبت لكما بحباء فأقبلا حتى نزلا الحيرة، فقال المتلمس لطرفة: تعلمن والله أن ارتياح عمرو لي ولك لأمر عندي مريب وأن انطلاقي بصحيفة لا أدري ما فيها؟ فقال طرفة: إنك لتسيء الظن، وما نخاف من صحيفة إن كان فيها الذي وعدنا وإلا رجعنا فلم نترك منه شيئا؟ فأبى أن يجيبه إلى النظر فيها، ففك المتلمس ختمها ثم جاء إلى غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام؟ فقال: نعم، فأعطاه الصحيفة فقرأها فقال الغلام: أنت المتلمس؟ قال: نعم، قال: النجاء! قد أمر بقتلك، فأخذ الصحيفة فقذفها في البحيرة، ثم أنشأ يقول: [الطويل]
وألقيتها بالثني من جنب كافر = كذلك ألقي كل رأي مضلل
رضيت لها بالماء لما رأيتها = يجول بها التيار في كل جدول
فقال المتلمس لطرفة: تعلمن والله أن الذي في كتابك مثل الذي في كتابي فقال طرفة: لئن كان اجترأ عليك ما كان بالذي يجترئ علي، وأبى أن يطيعه، فسار المتلمس من فوره ذلك حتى أتى الشام فقال في ذلك: [الكامل]
من مبلغ الشعراء عن أخويهم = نبأ فتصدقهم بذاك الأنفس
أودى الذي علق الصحيفة منهما = ونجا حذار حياته المتلمس
ألقى صحيفته ونجت كوره = وجنا محمرة المناسم عرمس
عيرانة طبخ الهواجر لحمها = فكأن نقبتها أديم أملس
وخرج طرفة حتى أتى صاحب البحرين بكتابه، فقال له صاحب البحرين: إنك في حسب كريم وبيني وبين أهلك إخاء قديم وقد أمرت بقتلك فاهرب إذا خرجت من عندي فإن كتابك إن قرئ لم أجد بدا من أن أقتلك فأبى طرفة أن يفعله فجعل شبان عبد القيس يدعونه ويسقونه الخمر حتى قتل.
وقد كان قال في ذلك قصيدته التي أولها (لخولة أطلال) انقضى حديث طرفة برواية المفضل، وذكر العتبي سببا آخر في قتله، وذلك أنه كان ينادم عمرو بن هند يوما فأشرفت أخته فرأى طرفة ظلها في الجام، الذي في يده فقال: [الهزج]
ألا يا ثاني الظبي = الذي يبرق شنفاه
ولولا الملك القاعد = قد ألثمني فاه
فحقد ذلك عليه، قال: ويقال إن اسمه عمرو وسمي طرفة ببيت قاله، وأمه وردة، وكان من أحدث الشعراء سنا وأقلهم عمرا، قتل وهو ابن عشرين سنة فيقال له ابن العشرين. ورأيت أنا مكتوبا في قصته في موضع آخر أنه لما قرأ العامل الصحيفة عرض عليه فقال: اختر قتلة أقتلك بها، فقال: اسقني خمرا فإذا ثملت فافصد أكحلي ففعل حتى مات فقبره بالبحرين، وكان له أخ يقال له معبد بن العبد فطالب بديته فأخذها من الحوافر.
معلقة طرفة
1 - لخولة أطلال ببرقة ثهمد = تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
خولة: اسم امرأة كلبية، ذكر ذلك هشام بن الكلبي، الطلل: ما شخص من رسوم الدار، والجمع أطلال وطلول، البرقة والأبرق والبرقاء: مكان اختلط ترابه بحجارة أو حصى، والجمع الأبارق والبراق والبرق والبرقاوات إذا حمل على معنى البقعة أو الأرض قيل البرقاء، وإذا حمل على المكان أو الموضع قيل الأبرق ثهمد: موضع تلوح: تلمع، واللوح اللمعان، الوشم: غرز ظاهر اليد وغيره بإبرة وحشو المغارز بالكحل، أو النقش بالنيلج والفعل منه وشم يشم وشما، ثم جعل اسما لتلك النقوش، وتجمع بالوشام والوشوم، ومنه قوله، عليه الصلاة والسلام: ((لعن الله الواشمة والمستوشمة)) فالواشمة هي التي تشم اليد، والمستوشمة هي التي يفعل بها ذلك، ثم تبالغ فتقول: وشم يوشم توشيما إذا تكرر ذلك منه وكثر.
يقول: لهذه المرأة أطلال ديار بالموضع الذي يخالط أرضه حجارة وحصى من ثهمد، فتلمع تلك الأطلال لمعان بقايا الوشم في ظاهر الكف، شبه لمعان آثار ديارها، ووضوحها بلمعان آثار الوشم في ظاهر الكف.
2 - وقوفا بها صحبي علي مطيهم = يقولون لا تهلك أسى وتجلد
تفسير البيت هنا كتفسيره في قصيدة امرئ القيس. التجلد: تكلف الجلادة، وهو التصبر.
3 - كأن حدوج المالكية غدوة = خلايا سفين بالنواصف من دد
الحدج: مركب من مراكب النساء، والجمع حدوج وأحداج والحداجة مثله، وجمعها حدائج. المالكية: منسوبة إلى بني مالك قبيلة من كلب. الخلايا: جمع الخلية وهي السفينة العظيمة، السفين: جمع سفينة ثم يجمع السفين على السفن، وقد يكون السفين واحدا، وتجمع السفينة على السفائن.
النواصف: جمع الناصفة، وهي أماكن تتسع من نواحي الأودية مثال السكك وغيرها، دد قيل: هو اسم واد في هذا البيت وقيل دد مثل يد، وددا مثل عصا، وددن مثل بدن، وهذه الثلاثة بمعنى اللهو واللعب.
يقول: كأن مراكب العشيقة المالكية غدوة فراقها بنواحي وادي دد سفن عظام، شبه الإبل وعليها الهوادج بالسفن العظام. وقيل: بل حسبها سفنا عظاما من فرط لهوه وولهه، وهذا إذا حملت ددا على اللهو، وإن حملته على أنه واد بعينه فمعناه على القول الأول.
4 - عدولية أو من سفين بن يامن = يجور بها الملاح طورا ويهتدي
عدولى: قبيلة من أهل البحرين، وابن يامن: رجل من أهلها، وروى أبو عبيدة بن نبتل وهو رجل آخر منها. الجور: العدول عن الطريق، والباء هنا للتعدية: الطور: التارة، والجمع الأطوار.
يقول: هذه السفن التي تشبهها هذه الإبل من هذه القبيلة أو من سفن هذا الرجل، والملاح يجريها مرة على استواء واهتداء وتارة يعدل بها فيميلها عن سنن الاستواء وكذلك الحداة تارة يسوقون هذه الإبل على سمت الطريق وتارة يميلونها عن الطريق ليختصروا المسافة، وخص سفن هذه القبيلة وهذا الرجل لعظمها وضخمها ثم شبه سوق الإبل تارة على الطريق وتارة على غير الطريق بإجراء الملاح السفينة مرة على سمت الطريق ومرة عادلا عن ذلك السمت.
5 - يشق حباب الماء حيزومها بها = كما قسم الترب المفايل باليد
حباب الماء: أمواجه، الواحدة حبابة، الحيزوم: الصدر، والجمع: الحيازيم الترب والتراب والترباء والتورب والتيرب والتيراب والتوراب واحد، ثم يجمع التراب على أتربة وتربان وتربات والتربة على الترب، ذكر هذا كله ابن الأنباري الفيال: ضرب من اللعب، وهو أن يجمع التراب فيدفن فيه شيء، ثم يقسم التراب نصفين، ويسأل عن الدفين في أيهما هو، فمن أصاب قمر ومن أخطأ قمر. يقال: فايل هذا الرجل يفايل مفايلة وفيالا إذا لعب بهذا الضرب من اللعب، شبه شق السفن الماء بشق المفايل التراب المجموع بيده.
6 - وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن = مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد
الأحوى: الذي في شفتيه سمرة، والأنثى الحواء، والجمع الحو. وأيضا الأحوى ظبي في لونه حوة، والشادن أحوى لشدة سواد أجفانه ومقلتيه.
قال الأصمعي: الحوة: حمرة تضرب إلى السواد، يقال: حوي الفرس مال إلى السواد، فعلى هذا شادن صفة أحوى، وقيل بدل من أحوى، وينفض المرد صفة أحوى، الشادن: الغزال الذي قوي واستغنى عن أمه. المظاهر: الذي لبس ثوبا فوق ثوب أو درعا فوق درع أو عقدا فوق عقد. السمط: الخيط الذي نظمت فيه الجواهر، والجمع سموط.
يقول: وفي الحي حبيب يشبه ظبيا أحوى في كحل العينين وسمرة الشفتين في حال نفض الظبي ثمر الأراك لأنه يمد عنقه في تلك الحال. ثم صرح بأنه يريد إنسانا، وقال قد لبس عقدين أحدهما من اللؤلؤ والآخر من الزبرجد، شبهه بالظبي في ثلاثة أشياء: في كحل العينين، وحوة الشفتين وحسن الجيد، ثم أخبر أنه متحل بعقدين من لؤلؤ وزبرجد.
7 - خذول تراعي ربربا بخميلة = تناول أطراف البرير وترتدي
خذول: أي خذلت أولادها: تراعي ربربا: أي ترعى معه. الربرب: القطيع من الظباء وبقر الوحش الخميلة: رملة منبتة.
قال الأصمعي: هي أرض ذات شجر، والجمع الخمائل. البرير: ثمر الأراك المدرك البالغ، الواحدة بريرة الارتداء والتردي: لبس الرداء.
يقول: هذه الظبية التي أشبهها الحبيب ظبية خذلت أولادها وذهبت مع صواحبها في قطيع من الظباء ترعى معها في أرض ذات شجر أو ذات رملة منبتة تتناول أطراف الأراك وترتدي بأغصانه، وإنما خص تلك الحال لمدها عنقها إلى ثمر الشجرة شبه طول عنق الحبيب وحسنه بذلك.
8 - وتبسم عن ألمى كأن منورا = تخلل حر الرمل دعص له ند
الألمى: الذي يضرب لون شفتيه إلى السواد، والأنثى لمياء، والجمع لمي. والمصدر اللمى، والفعل لمي يلمى. البسم والتبسم والابتسام واحد. كأن منورا يعني أقحوانا منورا، فحذف الموصوف اجتزاء بدلالة الصفة عليه.
نور النبت إذا خرج نوره فهو منور، حر كل شيء: خالصه، الدعص: الكثيب من الرمل والجمع الأدعاص الندي يكون دون الابتلال والفعل ندي يندى ندى، ونديته تندية.
يقول: وتبسم الحبيبة عن ثغر ألمى الشفتين كأنه أقحوان خرج نوره في دعص ند يكون ذلك الدعص فيما بين رمل خالص لا يخالطه تراب، وإنما جعله نديا ليكون الأقحوان غضا ناضرا شبه به ثغرها وشرط لمى الشفتين ليكون أبلغ في بريق الثغر، وشرط كون الأقحوان في دعص ند لما ذكرنا، وتقدير الكلام كأن به أقحوانا منورا تخلل دعص له ند حر الرمل ثغرها، فحذف الخبر.
9 - سقته إياة الشمس إلا لثاته = أسف ولم تكدم عليه بإثمد
إياة الشمس وإياها: شعاعها، اللثة: مغرز الأسنان، والجمع اللثات الإسفاف: إفعال من سففت الشيء أسفه سفا. الإثمد: الكحل. الكدم: العض، ثم وصف ثغرها فقال: سقاه شعاع الشمس، أي كأن الشمس أعارته ضوءها ثم قال: إلا لثاته، يستثني اللثات لأنه لا يستحب بريقها ثم قال: أسف عليه الإثمد. أي ذر الإثمد على اللثة، ولم تكدم بأسنانها على شيء يؤثر فيها. وتقديره: أسف بإثمد ولم تكدم عليه بشيء، ونساء العرب تذر الإثمد على الشفاه واللثات فيكون ذلك أشد للمعان الأسنان.
10 - ووجه كأن الشمس ألقت رداءها = عليه نقي اللون لم يتخدد
التخدد: التشنج والتغضن.
يقول: وتبسم عن وجه كأن الشمس كسته ضياءها وجمالها، فاستعار لضياء الشمس اسم الرداء، ثم ذكر أن وجهها نقي اللون غير متشنج متغض وصف وجهها بكمال الضياء والنقاء والنضارة، وجر الوجه عطفا على ألمى.
11 - وإني لأمضي الهم عند احتضاره = بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
الاحتضار والحضور واحد. العوجاء: الناقة التي لا تستقيم في سيرها لفرط نشاطها، المرقال: مبالغة مرقل من الإرقال: وهو بين السير والعدو.
يقول: وإني لأمضي همي وأنفذ إرادتي عند حضورها بناقة نشيطة في سيرها تخب خببا وتذمل ذميلا في رواحها واغتدائها، يريد أنها تصل سير الليل بسير النهار وسير النهار بسير الليل، يقول: وإني لأنفذ همي عند حضوره بإتعاب ناقة مسرعة في سيرها.
12 - أمون كألواح الإران نصأتها = على لاحب كأنه ظهر برجد
الأمون: التي يؤمن عثارها. الإران: التابوت العظيم، نصأتها، بالصاد، زجرتها، ونسأتها، بالسين أي ضربتها بالمنسأة وهي العصا، اللاحب: الطريق الواضح، البرجد: كساء مخطط.
يقول: هذه الناقة الموثقة الخلق يؤمن عثارها في سيرها وعدوها وعظامها كألواح التابوت العظيم ضربتها بالمنسأة على طريق واضح كأنه كساء مخطط في عرضه. يريد أنه يمضي همه بناقة موثقة الخلق يؤمن عثارها. ثم شبه عرض عظامها بألواح التابوت ثم ذكر سوقه إياها بالعصا، ثم شبه الطريق بالكساء المخطط لأن فيه أمثال الخطوط العجيبة.
13 - جمالية وجناء تردي كأنها = سفنجة تبري لأزعر أربد
الجمالية: الناقة التي تشبه الجمل في وثاقة الخلق. الوجناء: المكتنزة اللحم، أخذت من الوجين وهي الأرض الصلبة والوجناء العظيمة الوجنات أيضا. الرديان: عدو الحمار بين متمرغه وآريه، هذا هو الأصل ثم يستعار للعدو، والفعل ردى يردي، السفنجة: النعامة، تبري: تعرض، والبري والانبراء واحد وكذلك التبري.
الأزعر: القليل الشعر، الأربد: الذي لونه لون الرماد.
يقول: أمضي همي بناقة تشبه الجمل في وثاقة الخلق مكتنزة اللحم تعدو كأنها نعامة تعرض لظليم قليل الشعر يضرب لونه إلى لون الرماد، شبه عدوها بعدو النعامة في هذه الحال.
14 - تباري عتاقا ناجيات وأتبعت = وظيفا وظيفا فوق مور معبد
باريت الرجل: فعلت مثل فعله مغالبا له. العتاق: جمع عتيق، وهو الكريم. الناجيات: المسرعات في السير، نجا ينجو نجا ونجاء أي أسرع في السير. الوظيف: ما بين الرسغ إلى الركبة وهو وظيف كله.
المور: الطريق المعبد: المذلل، والتعبيد: التذليل والتأثير.
يقول: هي تباري إبلا كراما مسرعات في السير وتتبع وظيف رجلها وظيف يدها فوق طريق مذلل بالسلوك والوطء بالأقدام والحوافر والمناسم في السير.
15 - تربعت القفين في الشول ترتعي = حدائق مولي الأسرة أغيد
التربع: رعي الربيع والإقامة بالمكان واتخاذه ربعا.
القف: ما غلظ من الأرض وارتفع لم يبلغ أن يكون جبلا، والجمع قفاف. الشول: النوق التي جفت ضروعها وقلت ألبانها الواحدة شائلة، بالتاء لا غير، وأما الشول جمع شائل، من شال البعير بذنبه إذا رفعه، يشول شولا ويقال: ناقة شائل وجمل شائل، والشول: الارتفاع ويعدى بالباء، والإشالة: الرفع.
الارتعاء: الرعي إذا اقتصر على مفعول واحد عن الرعي الحدائق: جمع حديقة، وهي كل روضة ارتفعت أطرافها وانخفض وسطها والحديقة: البستان أيضا، سميت بها لإحداق الحائط بها، والإحداق: الإحاطة.
المولي: الذي أصابه الولي وهو المطر الثاني من أمطار السنة، سمي به لأنه يلي الأول، والأول الوسمي، سمي به لأنه يسم الأرض بالنبات يقال: ولي المكان يولى فهو مولي إذا مطر الولي. سر الوادي وسرارته خيره وأفضله كلأ، والجمع الأسرة والسرار الأغيد: الناعم الخلق، وتأنيثه غيداء والجمع الغِيد، ومصدره الغَيد.
يقول: قد رعت هذه الناقة أيام الربيع كلأ القفين، وأراد بهما قفين معينين معروفين بين نوق جفت ضروعها وقلت ألبانها, ترعى هي حدائق واد قد وليت أسرتها وهو مع ذلك ناعم التربة، وصف الناقة برعيها أيام الربيع ليكون ذلك أوفر للحمها وأشد تأثيرا في سمنها ثم وصفها بأنها كانت في صواحب لها، وهي إذا رأت صواحبها ترعى كان ذلك أدعى لها إلى الرعي، ثم وصف مرعاها بأنه في واد اعتادته الأمطار وهو مع ذلك طيب التربة، وقوله: حدائق مولي الأسرة، تقديره حدائق واد مولي الأسرة، فحذف الموصوف ثقة بدلالة الصفة عليه.
16 - تريع إلى صوت المهيب وتتقي = بذي خصل روعات أكلف ملبد
الريع: الرجوع، والفعل راع يريع. الإهابة: دعاء الإبل وغيرها، يقال: أهاب بناقته إذا دعاها الاتقاء: الحجز بين شيئين يقال: اتقى قرنه بترسه إذا جعل حاجزا بينه وبينه، وقوله: بذي خصل، أراد بذنب ذي خصل، فحذف الموصوف اكتفاء بدلالة الصفة عليه، والخصل جمع خصلة من الشعر وهي قطعة منه. الروع: الإفزاع، والروعة فعلة منه، وجمعها الروعات. الأكلف: الذي يضرب إلى السواد الملبد: ذو وبر متلبد من البول والثلط وغيره روعات أكلف أي روعات فحل أكلف، فحذف الموصوف.
يقول: هي ذكية القلب ترجع إلى راعيها وتجعل ذنبها حاجزا بينها وبين فحل تضرب حمرته إلى السواد متلبد الوبر، يريد أنها لا تمكنه من ضرابها وإذا لم يصل الفحل إلى ضرابها لم تلقح، وإذا لم تلقح كانت مجتمعة القوى وافرة اللحم قوية على السير والعدو.
17 - كأن جناحي مضرحي تكنفا = حفافيه شكا في العسيب بمسرد
المضرحي: الأبيض من النسور، وقيل: هو العظيم منها، التكنف: الكون في كنف الشيء وهو ناحيته. الحفاف: الجانب، والجمع الأحفة. الشك: الغرز العسيب: عظم الذنب، والجمع العسب، والمسرد والمسراد: الإشفى والجمع المسارد والمساريد.
يقول: كأن جناحي نسر أبيض غرزا بإشفى في عظم ذنبها فصار في ناحية شبه شعر ذنبها بجناحي نسر أبيض في الباطن.
18 - فطورا به خلف الزميل وتارة = على حشف كالشن ذاو مجدد
قوله: فطورا به يعني فطورا تضرب بالذنب.
الزميل: الرديف الحشف: الأخلاف التي جف لبنها فتشنجت الواحدة حشفة وهو مستعار من حشف التمر أو من الحشيف وهو الثوب الخلق الشن: القربة الخلق، والجمع الشنان الذوي: الذبول، والفعل ذوى يذوي وذوي يذوى لغة أيضا.
المجدد: الذي جد لبنه أي قطع.
يقول: تارة تضرب هذه الناقة ذنبها على عجزها خلف رديف راكبها وتارة تضرب على أخلاف متشنجة خلقة كقربة بالية وقد انقطع لبنها.
19 - لها فخذان أكمل النحض فيهما = كأنهما بابا منيف ممرد
النحض: اللحم، وقوله: بابا منيف أي بابا قصر منيف فحذف الموصوف، والمنيف: العالي، والإنافة العلو. الممرد: المملس من قولهم: وجه أمرد وغلام أمرد لا شعر عليه، وشجرة مرداء لا ورق لها، والمممرد المطول أيضا، وقد أول قوله تعالى: {صرح ممرد من قوارير} بهما.
يقول: لهذه الناقة فخذان أكمل لحمهما فشابها مصراعي باب قصر عال مملس أو مطول في العرض.
20 - وطي محال كالحني خلوفه = وأجرنة لزت بدأي منضد
الطي: طي البئر. المحال: فقار الظهر. الواحدة محالة وفقارة، الحني: القسي، الواحدة حنية وتجمع أيضا على حنايا الخلوف: الأضلاع الواحد خلف الأجرنة: جمع جران، وهو باطن العنق.
اللز: الضم الدأي: خرز الظهر والعنق الواحدة دأية وتجمع أيضا على الدأيات التنضيد مبالغة النضد: وهو وضع الشيء على الشيء والمنضد أشد من المنضود.
يقول: ولها فقار مطوية متراصفة متداخلة كأن الأضلاع المتصلة بها قسي ولها باطن عنق ضم وقرن إلى خرز عنق قد نضد بعضه على بعض.
21 - كأن كناسي ضالة يكنفانها = وأطر قسي تحت صلب مؤيد
الكناس: بيت يتخذه الوحش في أصل شجرة، والجمع الكنس، وقد كنس الوحش يكنس كنساً وكنوسا: دخل كناسه. الضال: ضرب من الشجر وهو السدر البري، الواحدة الضالة كنفت الشيء: صرت في ناحيته، أكنفه كنفا، والكنف الناحية، والجمع الأكناف.
الأطر: العطف والانئطار الانعطاف. المؤيد: المقوى، والتأييد التقوية، من الأيد والآد وهما القوة شبه إبطيها في السعة ببيتين من بيوت الوحش في أصل شجرة، وشبه أضلاعها بقسي معطوفة.
يقول: كأن بيتين من بيوت الوحش في أصل ضالة صارا في ناحيتي هذه الناقة وقسيا معطوفة تحت صلب مقوى. وسعة الإبط أبعد لها من العثار، لذلك مدحها بها.
22 - لها مرفقان أفتلان كأنها = تمر بسلمي دالج متشدد
الأفتل: القوي الشديد، وتأنيثه فتلاء، السلم: الدلو لها عروة واحدة مثل دلاء السقائين الدالج: الذي يأخذ الدلو من البئر فيفرغها في الحوض. التشدد والاشتداد والشدة واحد، يقال: شد يشد شدة إذا قوي والباء في قوله: تمر بسلمي للتعدية ويجوز أن تكون بمعنى مع أيضا.
يقول: لهذه الناقة مرفقان قويان شديدان بائنان عن جنبيها فكأنها تمر مع دلوين من دلاء الدالجين الأقوياء شبهها بسقاء حمل دلوين إحداهما بيمناه والأخرى بيسراه فبانت يداه عن جنبيه، شبه بعد مرفقيها عن جنبيها ببعد هاتين الدلوين عن جنبي حاملهما القوي الشديد.
23 - كقنطرة الرومي أقسم ربها = لتكتنفن حتى تشاد بقرمد
القرمد: الآجر، وقيل هو الصاروج الواحدة قرمدة. الاكتناف: الكون في أكناف الشيء وهي نواحيه شبه الناقة في تراصف عظامها وتداخل أعضائها بقنطرة تبنى لرجل رومي قد حلف صاحبها ليحاطن بها حتى ترفع أو تجصص بالصاروج أو بالآجر.
الشيد: الرفع والطلي بالشيد وهو الجص، قوله: كقنطرة الرومي، أي كقنطرة الرجل الرومي. وقوله: لتكتنفن، أي والله لتكتنفن.
24 - صهابية العثنون موجدة القرا = بعيدة وخد الرجل موارة اليد
العثنون: شعرات تحت لحيه الأسفل، يقول: فيها صهبة أي حمرة. القرا: الظهر والجمع الأقراء. الموجدة: المقواة والإيجاد التقوية، ومنه قولهم: بعير أجد أي شديد الخلق قوي. الوخد والوخدان والوخيد، الذميل والفعل وخد يخد. المور: الذهاب والمجيء والموارة مبالغة المائرة، وقد مارت تمور مورا فهي مائرة.
يقول: في عثنونها صهبة وفي ظهرها قوة وشدة، ويبعد ذميل رجليها ومور يديها في السير، ويجوز جر صهابية العثنون على الصفة لعوجاء، ويجوز رفعها على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي صهابية العثنون.
25 - أمرت يداها فتل شزر وأجنحت = لها عضداها في سقيف مسند
الإمرار: إحكام الفتل. الفتل الشزر: ما أدير عن الصدر، والنظر الشزر والطعن الشزر ما كان في أحد الشقين. الإجناح: الإمالة، والجنوح الميل. السقف والسقيف واحد، والجمع السقف. المسند: الذي أسند بعضه إلى بعض.
يقول: فتلت يداها فتلا بعدتا به عن كركرتها، وأميلت عضداها تحت جنبين، كأنهما سقف أسند بعض لبنه إلى بعض.
26 - جنوح دفاق عندل ثم أفرعت = لها كتفاها في معالي مصعد
الجنوح مبالغة الجانحة: وهي التي تميل في أحد الشقين لنشاطها في السير. الدفاق: المندفقة في سيرها أي المسرعة غاية الإسراع. العندل: العظيمة الرأس. الإفراع: التعلية، يقال: فرعت الجبل أفرعه فرعا إذا علوته، وتفرعته أيضا وأفرعته غيري أي جعلته يعلوه. المعالاة والإعلاء والتعلية واحد، والتصعيد مثلها.
يقول: هذه الناقة شديدة الميلان عن سمت الطريق لفرط نشاطها في السير مسرعة غاية الإسراع عظيمة الرأس، وقد عليت كتفاها في خلق معالي مصعد، وقوله: في معالي، يريد في خلق معالي أو ظهر معالي، فحذف الموصوف اجتزاء بدلالة الصفة عليه، ويجوز في الجنوح الرفع والجر على ما مر.
27 - كأن علوب النسع في دأياتها = موارد من خلقاء في ظهر قردد
العلب: الأثر، والجمع العلوب، وقد علبت الشيء علبا إذا أثرت فيه. النسع: سير كهيئة العنان تشد به الأحمال، وكذلك النسعة، والجمع الأنساع والنسوع والنسع.
الموارد: جمع المورد وهو الماء الذي يورد الخلقاء: الملساء والأخلق الأملس، وأراد من خلقاء أي من صخرة خلقاء فحذف الموصوف القردد: الأرض الغليظة الصلبة التي فيها وهاد ونجاد.
يقول: كأن آثار النسع في ظهر هذه الناقة وجنبيها نقر فيها ماء من صخرة ملساء في أرض غليظة متعادية فيها وهاد ونجاد، شبه آثار النسع أو الأنساع بالنقر التي فيها الماء في بياضها، وجعل جنبها صلبا كالصخرة الملساء، وجعل خلقها في الشدة والصلابة كالأرض الغليظة.
28 - تلاقى وأحيانا تبين كأنها = بنائق غر في قميص مقدد
29 - وأتلع نهاض إذا صعدت به = كسكان بوصي بدجلة مصعد
الأتلع: الطويل العنق، النهاض: مبالغة الناهض، البوصي: ضرب من السفن. السكان: ذنب السفينة.
يقول: هي طويلة العنق فإذا رفعت عنقها أشبه ذنب سفينة في دجلة تصعد قوله: إذا صعدت به، أي بالعنق، والباء للتعدية، جعل عنقها طويلا سريع النهوض، ثم شبهه في الارتفاع والانتصاب بسكان السفينة في حال جريها في الماء.
30 - وجمجمة مثل العلاة كأنما = وعى الملتقى منها إلى حرف مبرد
الوعي: الحفظ والاجتماع والانضمام وهو في البيت على المعنى الثاني.
الحرف: الناحية، والجمع الأحرف والحروف.
يقول: ولها جمجمة تشبه العلاة في الصلابة فكأنما انضم طرفها إلى حد عظم يشبه المبرد في الحدة والصلابة الملتقى: موضع الالتقاء وهو طرف الجمجمة لأنه يلتقي به فراش الرأس.
31 - وخد كقرطاس الشآمي ومشفر = كسبت اليماني قده لم يحرد
قوله: كقرطاس الشآمي يعني كقرطاس الرجل الشآمي فحذف الموصوف اكتفاء بدلالة الصفة عليه. المشفر للبعير: بمنزلة الشفة للإنسان والجمع المشافر السبت: جلود البقر المدبوغة بالقرظ وقوله: كسبت اليماني يريد كسبت الرجل اليماني. التحريد: اضطراب القطع وتفاوته.
شبه خدها في الانملاس بالقرطاس ومشفرها بالسبت في اللين واستقامة القطع.
32 - وعينان كالماويتين استكنتا = بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد
الماوية: المرآة الاستكنان: طلب الكن، الكهف: الغار، الحجاج: العظيم المشرف على العين الذي هو منب شعر الحاجب، والجمع الأحجة. القلت: النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، والجمع القلات. المورد: الماء هنا.
يقول: لها عينان تشبهان مرآتين في الصفاء والنقاء والبريق، وتشبهان ماء في القلت في الصفاء، وشبه عينيها بكهفين في غؤورهما وحجاجيها بالصخرة في الصلابة، قول: حجاجي صخرة أي حجاجين من صخرة، كقولهم: باب حديد أي باب من حديد.
33 - طحوران عوار القذى فتراهما = كمكحولتي مذعورة أم فرقد
الطرح والطحر والدحر واحد والطحور مبالغة الطاحر والفعل طحر يطحر، العوار والقذى واحد، والجمع العواوير، أراد بالمكحولتين العينين ولا تكحل بقر الوحش ولكن العين محل الكحل على الإطلاق، الذعر: الإخافة الفرقد: ولد البقرة الوحشية، والجمع الفراقد.
يقول: عيناها تطرحان وتبعدان القذى عن أنفسهما ثم شبههما بعيني بقرة وحشية لها ولد وقد أفزعها صائد أو غيره، وعين الوحشية في هذه الحالة أحسن ما تكون.
34 - وصادقتا سمع التوجس للسرى = لهجس خفي أو لصوت مندد
التوجس: التسمع، السرى: سير الليل، الهجس: الحركة. التنديد: رفع الصوت.
يقول: ولها أذنان صادقتا الاستماع في حال سير الليل لا يخفى عليهما السر الخفي ولا الصوت الرفيع.
35 - مؤللتان تعرف العتق فيهما = كسامعتي شاة بحومل مفرد
التأليل: التحديد والتدقيق من الآلة وهي الحربة وجمعها آل وإلال وقد أله يؤله إلا إذا طعنه بالآلة والدقة والحدة تحمدان في آذان الإبل.
العتق: الكرم والنجابة، السامعتان: الأذنان، الشاة: الثور الوحشي. حومل: موضع بعينه.
يقول: لها أذنان محددتان تحديد الآلة تعرف نجابتها فيهما، وهما كأذني ثور وحشي منفرد في الموضع المعين، وخص المفرد لأنه أشد فزعا وتيقظا واحترازا.
36 - وأروع نباض أحذ ململم = كمرداة صخر في صفيح مصمد
الأروع: الذي يرتاع لكل شيء لفرط ذكائه. النباض: الكثير الحركة مبالغة النابض من نبض ينبض نبضانا الأحذ: الخفيف السريع. الململم: المجتمع الخلق الشديد الصلب، المرداة: الصخرة التي تكسر بها الصخور، الصفيحة: الحجر العريض، والجمع الصفائح والصفيح المصمد: المحكم الموثق.
يقول: لها قلب يرتاع لأدنى شيء لفرط ذكائه سريع الحركة خفيف صلب مجتمع الخلق، يشبه صخرة يكسر بها الصخور في الصلابة فيما بين أضلاع تشبه حجارة عراضا موثقة محكمة شبه القلب بين الأضلاع بحجر صلب بين حجارة عراض. وقوله: كمرداة صخر أي كمرداة من صخر مثل قولهم: هذا ثوب خز, وقوله: في صفيح، أي فيما بين صفيح، والمصمد نعت للصفيح على لفظه دون معناه.
37 - وأعلم مخروت من الأنف مارن = عتيق متى ترجم به الأرض تزدد
الأعلم: المشقوق الشفة العليا. المخروت: المثقوب، والخرت الثقب، المارن: ما لان من الأنف.
يقول: ولها مشفر مشقوق ومارن أنفها مثقوب، وهي عندما ترمي الأرض بأنفها ورأسها تزداد في سيرها.
38 - وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت = مخافة ملوي من القد محصد
الإرقال: دون العدو وفوق السير الإحصاد: الإحكام والتوثيق.
يقول: هي مذللة مروضة، فإن شئت أسرعت في سيرها، وإن شئت لم تسرع مخافة سوط ملوي من القد موثق.
39 - وإن شئت سامى واسط الكور رأسها = وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد
المساماة: المباراة في السمو وهو العلو: الكور: الرحل بأداته والجمع الأكوار والكيران، وواسطه له كالقربوس للسرج. العوم: السباحة، والفعل عام يعوم عوما، الضبع: العضد، النجاء: الإسراع الخفيدد: الظليم ذكر النعام.
يقول: إن شئت جعلت رأسها موازيا لواسط رحلها في العلو من فرط نشاطها وجذبي زمامها إلي، وأسرعت في سيرها حتى كأنها تسبح بعضديها إسراعا مثل إسراع الظليم.
40 - على مثلها أمضي إذا قال صاحبي = ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
يقول: على مثل هذه الناقة أمضي في أسفاري حين بلغ الأمر غايته يقول صاحبي: ألا ليتني أفديك من مشقة هذه الشقة فأخلصك منها وأنجي نفسي.
41 - وجاشت إليه النفس خوفا وخاله = مصابا ولو أمسى على غير مرصد
خاله: أي ظنه، والخيلولة الظن. المرصد: الطريق، والجمع المراصد. وكذلك المرصاد. يقول: وارتفعت نفسه أي زال قلبه عن مستقره لفرط خوفه فظنه هالكا وإن أمسى على غير الطريق.
يقول: إن صعوبة هذه الفلوات جعلته يظن أنه هالك، وإن لم يكن على طريق يخاف قطاع الطريق:
42 - إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني = عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
يقول: إذا القوم قالوا من فتى يكفي مهما أو يدفع شرا؟ خلت أنني المراد بقولهم فلم أكسل في كفاية المهم ودفع الشر ولم أتبلد فيهما وعنيت من قولهم: عنى يعني عنيا بمعنى أراد، ومنه قولهم: يعني كذا أي يريده، وأيش تعني بهذا أي أيش تريد بهذا، ومنه المعنى وهو المراد، والجمع المعاني.
43 - أحلت عليها بالقطيع فأجذمت = وقد خب آل الأمعز المتوقد
الإحالة: الإقبال هنا. القطيع السوط. الإجذام: الإسراع في السير.
الآل: ما يرى شبه السراب طرفي النهار والسراب ما كان نصف النهار، الأمعز: مكان يخالط ترابه حجارة أو حصى، وإذا حمل على الأرض أو البقعة قيل المعزاء، والجمع الأماعز.
يقول: أقبلت على الناقة أضربها بالسوط، فأسرعت في السير في حال خبب آل الأماكن التي اختلطت تربتها بالحجارة والحصى.
44 - فذالت كما ذالت وليدة مجلس = تري ربها أذيال سحل ممدد
الذيل: التبختر، والفعل ذال يذيل. الوليدة: الصبية والجارية، وهي في البيت بمعنى الجارية. السحل: الثوب الأبيض من القطن وغيره.
يقول: فتبخترت هذه الناقة كما تتبختر جارية ترقص بين يدي سيدها، فتريه ذيل ثوبها الأبيض الطويل في رقصها، شبه تبخترها في السير بتبختر الجارية في الرقص، وشبه طول ذنبها بطول ذيلها.
45 - ولست بحلال التلاع مخافة = ولكن متى يسترفد القوم أرفد
الحلال: مبالغة الحال من الحلول. التلعة: ما ارتفع من مسيل الماء وانخفض عن الجبال إلى قرار الأرض والجمع التلعات والتلاع، الرفد والإرفاد: الإعانة، والاسترفاد الاستعانة.
يقول: أنا لا أحل التلاع مخافة حلول الأضياف بي أو غزو الأعداء إياي، ولكني أعين القوم إذا استعانوا بي أما في قرى الأضياف، وإما في قتال الأعداء والحساد.
46 - فإن تبغني في حلقة القوم تلقني = وإن تقتنصني في الحوانيت تصطد
البغاء: الطلب، والفعل بغى يبغي، الحلقة تجمع على الحلق بفتح الحاء واللام وهذا من الشواذ وقد تجمع على الحلق مثل بدرة وبدر وثلة وثلل الحانوت: بيت الخمار، والجمع الحوانيت. الاصطياد: الاقتناص. يقول: وإن تطلبني في محفل القوم تجدني هناك، وإن تطلبني في بيوت الخمارين تصطدني هناك يريد أنه يجمع بين الجد والهزل.
47 - وإن يلتق الحي الجميع تلاقني = إلى ذروة البيت الشريف المصمد
الصمد: القصد، والفعل صمد يصمد، والتصميد مبالغة الصمد.
يقول: وإن اجتمع الحي للافتخار تلاقني أنتمي وأعتزي إلى ذروة البيت الشريف أي إلى أعلى الشرف يريد أنه أوفاهم حظا من الحسب وأعلاهم سهما من النسب. قوله: تلاقني إلى، يريد أعتزي إلى فحذف الفعل لدلالة الحرف عليه.
48 - نداماي بيض كالنجوم وقينة = تروح علينا بين برد ومجسد
الندامى: جمع الندمان وهو النديم، وجمع النديم ندام وندماء. وصفهم بالبياض تلويحا إلى أنهم أحرار ولدتهم حرائر. ولم تعرف الإماء فيهم فتورثهم ألوانهن، أو وصفهم بالبياض لإشراق ألوانهم وتلألؤ غررهم في الأندية والمقامات، إذ لم يلحقهم عار يعيرون به فتتغير ألوانهم لذلك، أو وصفهم بالبياض لنقائهم من العيوب، لأن البياض يكون نقيا من الدرن، والوسخ أو لاشتهارهم لأن الفرس الأغر مشهور فيما بين الخيل. والمدح بالبياض في كلام العرب لا يخرج من هذه الوجوه. القينة: الجارية المغنية، والجمع القينات والقيان. المجسد: الثوب المصبوغ بالجساد وهو الزعفران. ويقال: بل هو الثوب الذي أشبع صبغه فيكاد يقوم من إشباع صبغه، والمجسد لغة فيه، وقال جماعة من الأئمة: بل المجسد الثوب الذي يلي الجسد، والمجسد ما ذكرنا، والجمع المجاسد.
يقول: نداماي أحرار كرام تتلألأ ألوانهم وتشرق وجوههم، ومغنية تأتينا رواحا لابسة بردا أو ثوبا مصبوغا بالزعفران أو ثوبا مشبع الصبغ.
49 - رحيب قطاب الجيب منها رفيقة = بجس الندامى بضة المتجرد
الرحب والرحيب واحد، والفعل رَحَب رحباً ورحابة ورُحبا. قطاب الجيب: مخرج الرأس منه، الغضاضة والبضاضة: نعومة البدن ورقة الجلد والفعل غض يغض وبض يبض. المتجرد: حيث تجرد أي تعرى.
يقول: هذه القينة واسعة الجيب لإدخال الندامى أيديهم في جيبها للمسها ثم قال: هي رفيقة على جس الندامى إياها، وما يعرى من جسدها ناعم اللحم رقيق الجلد صافي اللون. والجس: اللمس، والفعل جس يجس جسا.
50 – إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا = على رسلها مطروقة لم تشدد
أسمعينا: أي غنينا. البري والانبراء والتبري: الاعتراض للشيء والأخذ فيه، على رسلها: أي على تؤدتها ووقارها، المطروقة: التي بها ضعف، ويروى مطروفة، وهي التي أصيب طرفها بشيء أي كأنها أصيب طرفها لفتور نظرها.
يقول: إذا سألناها الغناء عرضت تغنينا متئدة في غنائها على ضعف نغمتها لا تشدد فيها، أراد لم تتشدد فحذف إحدى التاءين استثقالا لهما في صدر الكلمة، ومثله {تنزل الملائكة} و{نارا تلظى} و{فأنت عنه تلهى} وما أشبه ذلك.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس