طرق الجبل في الباحة

طرق الجبل)

ذلك النوع من الشعر عرف بالموال لأن له لحناً شبيهاً (بالمواليا) الذي يعود إلى بداية القرن الثاني، وتميز طرق الجبل بسهولة تناوله وسياقه المنتظم، وله بحر واحد وهو البسيط، وكان يردده الأهالي من النساء والرجال في منطقة الباحة على رؤوس الجبال وفي سقي الماء والمزارع، ويردده رعاة الأغنام والمسافرون للتسلية ولعذوبة لحنه الشبيه بلحن البحَّارة، حتى أصبح مشهوراً واختص بالغزل، ويقاربه الموال (الزهيري) وزناً وقافيه وسياقاً، وقاعدة الزهيري المعروف في بعض دول الخليج وخصوصاً في دولتي الكويت والبحرين وشرق المملكة العربية السعودية، وللتعرف على هذه المقارنة بين الزهيري والشقر لنا أن نتأمل نماذج من الأبيات المختصرة دون التعمق في الشرح كون الموضوع واضحاً وليس بحاجة للتطويل الممل. ففي أبيات غزلية نادرة وجدت لشاعر الباحة القديم (محمد الثوابي) المعروف (بابن ثامرة) من ذلك اللون حيث استلهم فيها الشاعر محبوبته، وترجم فيها ذلك الود ليبني منزلاً في أشهر الجبال الشاهقة من مرتفعات السراة وتهامة مسقوفاً بزرقة السماء الصافية، وقد رمز للجبال بالمشايخ الذين تدخلوا في الصلح لإقناع عشيرة محبوبته وذويها بزواجه منها، وهذه الجبال (كُبُر، صَلحَب، الخَلَب، الحوْبة، نيس، جبل تِلاع) وهي جبال شاهقة لها شهرتها التاريخية تقع في تهامة والسراة بالباحة وهنا يقول الشاعر الثوابي:

بنيت في حب الذي عنّا يسالا

مبني إلاّ بالجبالا

كُبر.. وصلْحب.. والخلب.. والحوب والاجدار

والسما... سقف على داري

ونيس الأجرد زاوية وتلاع زاوي

ومن المعروف أن كلمات الرد على هذه القصيدة تكون (شقر) أي (جناس) وهو تطابق حروف الكلمات الأخيرة في القوافي مع اختلاف المعنى ويقابل هذا اللون في شرقي المملكة وخصوصاً الأحساء ودولة الكويت والبحرين والعراق الموال الزهيري أو (الزهريات) ومنه الخماسي والسباعي بحيث تتجانس القوافي الثلاث الأولى وكذلك الثلاث التي تليها ثم يأتي البيت السابع مجانساً للأول ويسمى القفل وذلك في السباعي من هذا اللون الزهريري ومن ذلك قول الشاعر فهد بور سلي من الأحساء:

أهيم بهموم دهري ساعة وانتبه

هيهات تسلم من هموم الدهر وأنت به

لو كان شمسان تشبه ونتي وانتبه

تحطم الطلع ركن من ركن وانفك

إلهمّ غصب على عينيك يجي وانفك

مثل الفياتر بها الدنيا نشد ونفك

كلّ من الضيم مقراصة فرط ونتبه

أما شاعرنا الثوابي فيقول في شعر الشقر المقارب للزهري:

أنا أشهد أن المحبة عظيمة

تتعب القلب وتضيمه

حتى الجبال السود لو تدري عن الحب

ليصاحب عيسان صلحب

ويصير له غربه وقربه والتهامة

ومن يلومه ما لعرب مالمته آنا

وعند التمعن في كلا القصيدتين الزهيري والشقر في طرق الجبل بمنطقة الباحة نجد التقارب الكبير من حيث الجناس والإبداع في ذلك اللون الجميل.

موضوع رائع اعتقد أن الثوابي هنا هو محمد الثوابي ( محمد بن ثامره ) من رباع

أما شاعرنا الثوابي فيقول في شعر الشقر المقارب للزهري:

أنا أشهد أن المحبة عظيمة

تتعب القلب وتضيمه

حتى الجبال السود لو تدري عن الحب

ليصاحب عيسان صلحب

ويصير له غربه وقربه والتهامة

ومن يلومه ما لعرب مالمته آنا