أساليب التعامل مع كبار السن رؤية تربوية تأصيلية

عرض لكتاب : أساليب التعامل مع كبار السن رؤية تربوية تأصيلية

تأليف : الدكتور / علي بن إبراهيم الزهراني

لقد بين الله عز وجل في محكم التنزيل حقوق الشيوخ وكبار السن قبل صدور مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن بأربعة عشر قرناً ونيف ، وإذا كانت هذه المبادئ التي سنتها الأمم المتحدة وشجعت الحكومات على تبنيها وإدراجها في خططها الوطنية ، وهي لا تعدو أن تكون مجرد وصايا غير ملزمة- بأن يكون للكبار حقهم في الحصول على الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية ، وأن يمكنوا من الحصول على رعاية الأسرة والمجتمع المحلي ، وتمكينهم من المكوث في منازلهم لفترات طويلة - إلى آخر الإرشادات التي ترى الأمم المتحدة أنها تستجيب لمتطلبات الشيخوخة ، وتلبي رغبات هذه الفئة العمرية ، فإن الإسلام قد سبق إلى الاهتمام بالكبار ، كون الإسلام دين إنساني في المقام الأول يصون كرامة الإنسان صغيرا كان أم كبيراً ، حيث إن الحفاظ على الكليات الخمس يعد مطلباً شرعيًا فضلاً عن أنه مبدأ إنساني ، وهو ما دعت إليه الشريعة الإسلامية ، قال عليه الصلاة والسلام : " كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) وقد كرم الله بني آدم الجنس البشري كله ، يقول الله تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم ) وندبه إلى عمارة الأرض واستخلفه فيها ، وإذا كانت الشيخوخة هي المحطة الأخيرة في سلم النمو البشري ، الذي يبدأ من ضعف ثم قوة وعنفوان ثم ترهل فعود إلى ضعف وشيبة ، مصداقاً لقوله تعالى :" الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد ضعفٍ قوةً وشيبة ) فقد وضع الإسلام مبادئ وأسس للتعامل مع الكبار أقلها بذل المعروف قولاً وفعلاً حتى في حال اختلاف الدين ، قال تعالى ( .. وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) ثم كان التوجيه الرباني الكريم : " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ) ثم قرن الله عزوجل طاعته بطاعة الوالدين إكراماً لمنزلتهما وحقهما على الولد فقال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ) ثم بين عظم الجرم الذي ينطوي عليه عقوقهما وعدم إكرامهما حتى ولو كان ذلك بمجرد التأفف منهما وعدم احترامهما الاحترام اللائق بمكانتهما العظيمة عند الله تعالى ، وأمر الولد أن يرفق بهما ويتعاهدهما بالرعاية ، قال تعالى " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً ) .

والكتاب الذي بين أيدينا يأتي في هذا الإطار بياناً لحقوق المسنين إجمالاً ، وكذلك للفت أنظار الذين حرموا أجر الرعاية لآبائهم ، وتوجيههم فيما قصروا فيه .

يتكون الكتاب من مقدمة وخمسة فصول ، وثبت بأهم المراجع ، وعدد صفحاته مائتان وثمان وخمسون صفحة وهو من إصدارات دار الخضيري للنشر والتوزيع بالمدينة المنورة .

الفصل الأول : واشتمل على مقدمة وأهمية البحث وأهدافه والدراسات السابقة .

المقدمة :

تناول المؤلف في مقدمته الأسباب التي دعته للكتابة في هذا الجانب وهو خلو المكتبة الإسلامية أو افتقارها لمثل هذا النوع من الدراسات التي تتناول حياة المسنين وخصائص ومتطلبات هذه المرحلة العمرية ، ثم أشار إلى طغيان الجانب المادي في حياة الناس اليوم على الجانب الروحي ، والتهاون في حقوق المسنين وعدم أدائها على الوجه المطلوب ، ثم بين أن ما صدر من دعوات وتوصيات وقرارات من الجمعيات والأفراد في الحث على رعاية المسنين لن تبلغ معشار ما دعا إليه الإسلام ، "حيث لم تعرف البشرية -وسوف لن تعرف كذلك- من صور الرحمة والبر وأداء الحقوق لأصحابها ما عرفته في ظل الإسلام " . ثم بين أن هذه المرحلة مرحلة الشيخوخة تستحق الوقوف عندها وتأمل ما يحدث فيها ويعتري أصحابها من متغيرات ومواقف وعبر.

كما تطرق فيها كذلك لموضوع البحث المتعلق بحقوق المسنين وأساليب التعامل معهم من منظور التربية الإسلامية . ثم أورد إحصائيات لعدد ونسبة المسنين في البلدان العربية .

ثم تطرق إلى أهمية البحث والتي تبرز أهميته من :
[list]<LI class=MsoNormal dir=rtl style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">الارتفاع المتزايد لأعداد المسنين في المجتمعات المعاصرة . [*]بروز دعوات من قبل المنظمات الدولية للعناية بالمسنين ، مع أن المنهج الإسلامي في التعامل مع المسنين سبق إلى ذلك ورتب على عدم العناية والاهتمام بالكبير من قبل الفرد والمجتمع إثماً عظيماً .[/list]ثم تناول الدراسات السابقة التي تطرقت لهذا الموضوع من قبل . ثم عرج على التعريف بالشيخ لغة واصطلاحاً ، ثم بين المنهج الإسلامي في مرحلة المسنين .

الفصل الثاني :خصائص مرحلة المسنين :

يقول المؤلف عن هذه المرحلة وخصائصها كما بينها المنهج الإسلامي حيث يقول الله تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ) .

يقول ابن كثير في بيان السمة التي تميز هذه المرحلة ( ينتقل الإنسان في أطوار الخلق حالاً بعد حال فأصله من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم يصير عظاماً ثم تكسي العظام لحماً وينفخ فيه الروح ثم يخرج من بطن أمه ضعيفاً نحيفاً واهن القوى قليلاً حتى يكون صغيراً ثم حدثاً ثم مراهقاً ثم شاباً وهو القوة بعد ، ثم يشرع في النقص فيكتهل ثم يشيخ ثم يهرم وهو الضعف بعد القوة ، فتضعف الهمة والحركة والبطش وتشيب اللمة وتتغير الصفات الظاهرة والباطنة ) .

ثم ذكر التحولات التي تطرأ على بنية الإنسان وخصائصه الجسمانية :

1-ضعف الجهاز العضلي

2-ضعف الجهاز العظمي لنقص مادة الكالسيوم

3-ضعف الحواس لدى المسن في هذه المرحلة

4-ضعف الجهاز العصبي حيث تضعف عنده السيطرة الإرادية على نشاطه بالتدرج .

5-تكاثر الأمراض وتنوعها بصورة مستمرة لقلة المناعة الجسدية وقلة الحركة .

الفصل الثالث : حقوق المسنين في التربية الإسلامية

تحدث المؤلف عن حقوق المسنين بإسهاب كبير ، وقد بدأ المؤلف بالحديث عنها مستهلاً بالاستشهاد بقوله تعالى : " هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون "

ثم ذكر الحديث النبوي الذي ورد فيه متوسط أعمار الأمة المحمدية ما بين الستين إلى السبعين سنة . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعمارأمتي ما بين الستين إلى السبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك ) " رواه الترمذي .

ثم ذكر تعليق الإمام ابن حجر رحمه الله على ذلك بقوله :" الأسنان أربعة سن الطفولة ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان "

ثم تطرق إلى بعض الحقوق التي كفلها الإسلام للمسنين منها :

·التخفيف عن المسن في العبادات ورفع الحرج عنه : كما في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنبك " وزاد النسائي " فإن لم تستطع فمستلقياً لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " .

·رخصة الطهارة .

·رخصة الصلاة

·رخصة الصوم

·رخصة الحج

·الرفق بالمسنين في صلاة الجماعة .





الفصل الرابع : أساليب التعامل مع كبار السن :

ذكر المؤلف جملة من الأساليب التي يمكن أن يأخذ بها أفراد المجتمع مع المسنين :

·مبادرة المسنين بالتحية والسلام والمصافحة .

·التحدث إلى المسن عن ماضيه .

·إبراز جهود وإنجازات المسنين

·عدم التبرم والضجر من تعصب المسن لماضيه .

·ضرورة الاقتراب من المسنين لا سيما أقرباؤه وأصدقاؤه .

·مساعدة المسنين على المشاركة الاجتماعية .

وقد توسع المؤلف في ذكر هذه الأساليب للتعامل مع المسن مستشهداً بأدلة من الواقع والنقل .

الفصل الخامس : وقفات تربوية مع مرحلة المسنين :

في هذا الفصل يذكر المؤلف طرفاً من ما اختص به المنهج الإسلامي في التعامل مع المسنين من خلال حفز المجتمع على رعايتهم والعناية بهم ، ومن هذه الوقفات التربوية نذكر التالي :

·المحافظة على حدود الله في الشباب : يقول الرسول عليه الصلاة والسلام "احفظ الله يحفظك "

·نشر العلم والمعرفة .

·تدريب الصغار على رعاية الوالدين

·رعاية الشباب وعنايته بالمسنين

·حماية المسن من الاضطرابات النفسية

·الاستفادة من خبرات وتجارب المسنين

·تهيئة المناخ النفسي للمسنين

·المحافظة على الانتماء الاجتماعي لدى المسنين

وقد عضد المؤلف هذه الوقفات التربوية بشواهد من القرآن والسنة ومأثور السلف الصالح .



والله الموفق،،،