دور المعلم في تعظيم قدر الصلاه في نفوس الناشئه
لا يخفى أن للمعلم أثره الكبير في غرس القيم والمبادىء في نفوس الناشئه ،وخصوصاً إذا كان حريصاً على نفعهم رفيقاً بهم مشفقاً عليهم ،كما نبه العلامه ابن جماعه إذ قال [لأيؤثر في التلاميذ إلا من يرفق بهم ويشفق عليهم ويحبهم ويفرح بتعليمهم ويكلف نفسه كل مشقه في سبيل رعاية مصالحهم وتهذيب أخلاقهم ،وإرشادهم إلى ما ينفعهم باللين والرحمه ،وذلك كله عنوان نجاح المعلم ]
ولا يمتري أي معلم في أن من أهم ما ينبغي العنايه به في التعامل مع الناشئه وأن النتائج الإيجابيه فيه دليل على نجاح رسالة التربيه والتعليم : والعنايه بالصلاه وتعظيم قدرها 0 ولنا أن نتصور أهمية هذا الامر إذا تحققنا وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو في آخر لحظات حياته وهو يوصي بالصلاه [الصلاه 00 الصلاه ]
ولكن ما السبل التي يسلكها المعلم لترسيخ هذا المبدأ الجليل ؟
وجواب هذا : أن لكل معلم أسلوبه ومنهجه في ذلك بما يؤدي إلى تحقيق المراد ، ومن ذلك على سبيل المثال :أن المعلمين ~ وخصوصاً معلمي العلوم الشرعيه ـ حين يكررون سؤال طلابهم عن حالهم مع الصلاة في سياق الترغيب فيها وتأكيد العنايه بها والتحذير من إهمالها ، فإن ذلك سيحرك مشاعرهم تجاه هذه القضيه بإذن الله 0
وهكذا اللفتات المدرجه ضمن الموضوعات التربويه والقصص النافعه حول الصلاة ، والإشاره إلى ارتباط السعاده والحياه الكريمه في الدنيا والآخره بالصلاة وإقامتها ، والتنبيه بين حين وآخر إلى مظاهر التهاون في الصلاة بين الشباب ونقد هذا المسلك بإسلوب تربوي ناصح إلى غير ذلك من الأساليب التي لا تغيب عن أي معلم حصيف 0
سنجد محصلة ذلك وعلى مدى سنين متتابعه أن الطالب تركز في نفسه جليل قدر الصلاة وعظم مكانتها ، بالنظر إلى تتابع المعلمين وعبر سنين متتابعه على تعظيم قدرها وإعلاء شأنها ، بما يحقق الثمرات اليانعه في واقع الناشئه من جهة عنايتهم بالصلاة وما يستتبع ذلك من الآثار التربويه الحميده على أنفسهم وعلى مجتمعهم ووطنهم وأمتهم ، وفي مجالات أخرى عديده اجتماعيه وأمنيه وغير ذلك ، هذا في الدنيا ، وفي الآخرة اعظم وأزكى 0
وللمعلمين والمربين خير أسوة بمعلم البشريه وهادي الإنسانيه محمد صلى الله عليه وسلم فإن عنايته بالصلاة ورعايته كانت واضحة ،وتركيزه على الشباب والناشئه كان جلياً، ولنقتطف من أزاهير السنه ورياضها نصين كريمين يدلان على المراد :
ففي الصحيحين من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال :[أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوما ًوليله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً ، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا ،سألنا عمن تركنا بعدنا ، فأخبرناه ، وقال :[ ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ،ومروهم ـ وذكر أشياء أحفظها او لا أحفظها ـ وصلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبكم ]
فليتأمل المعلم هذا الحديث حق تأمله ، وليلاحظ كيف أن هؤلاء الشباب لم يقيموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عشرين يوماً ومع قصر المده إلا أنهم لاحظوا عظيم اخلاقه عليه الصلاة والسلام وكريم تعامله ، فكيف بمن يمكث مع طلابه ثلاث سنوات او ستة ولايحقق ولو بعض ذلك ؟!
وفي المسند وسنن أبي داود عن عمر بن شعيب عن ابيه عن جده قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ،واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ]0
|