الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات




قراءة في ديوان وشاية عطر لمحمد الشدوي‏

منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة)


إضافة رد
#1  
قديم 25/04/2010, 11:54 AM
المؤسس والمشـــرف العــــام
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه
 عضويتي » 2
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 29/02/2024 (08:23 PM)
مشآركاتي » 64,139
 نقآطي » 16605
 معدل التقييم » صقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond repute
دولتي » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 
 MMS ~
MMS ~
قراءة في ديوان وشاية عطر لمحمد الشدوي‏



قراءة في ديوان وشاية عطر لمحمد الشدوي


ناصر العُمري :

في ديوان ((محمد مشعل الشدوي الزهراني ))الصادر عن النادي الأدبي بمنطقة الباحة للعام 1428هـ الذي تبلغ عدد قصائده ((27)) قصيدة تنوعت بين العمودي وشعرالتفعيلة الكثير وهو الإصدار الأول له ((اعقبه بديوان آخر )) في هذا الديوان محل القراءة الكثير ممايستوقف المتلقي والقاريء ويجد في ثنايا الإصدارالكثير مما يشكل في النهاية إغراءً له يدفعه للإبحار والغوص في نصوص الديوان ومصاحباته وأول ما يستوقفك هو دلالات عنوان هذاالإصدار((وشاية عطر )) والمؤلف من كلمتين لها دلالات مختلفة ومتباينة حد الافتراق من خلال هذا المزج بين كلمتين لهما دلالات متضادة خصوصاً عند القراءة العابرة وعند التعاطي السريع معها فالوشاية عبارة لها إحالات ومدلولات مرتبطة بها راسخة في الذهن تربطها بفعل الدناءة والنفاق والفتنة والتحريض الكاذب و يترتب عليها الفراق وإنقطاع الوصل بين شخصين بفعل مرجف أو كاذب أو حاسد اما الكلمة التالية لها فهي العطر والعطر له إرتباطاته ومدلولاته وإحالاته الذهنية فهوإغراء وفتنة حسنة ويشي بمن خلفه ((صاحب العطر )) محرضاًعلى الإقتراب منه والتواصل معه وقد يكون العناق والإرتباط الدائم أو المؤقت هما النتيجة الطبيعية متى كانت الظروف المحيطة مهيأة وقد كان العنوان وشاية بقصائد الديوان ومحفز للهجوم عليها والإبحار معها فكان بمثابة وشاية فن لا فتون وشاية ويصور هذا الموضوع الشاعر بقوله في إحدى قصائده ((ولو لم تكن ماكان شعري وشاية / وشاية فن لا فنون المنافق )) في تضادية جميلة ومعبرة وتحمل الكثير من دلالات الجمال ثم يستوقفك بعد ذاك لون عنوان الديوان حيث تجده مكتوباً بلون أحمر ((وهو لون القوة والدماء والنزف والثورية والغضب المحتد ))وكانه يشي بقصائد الديوان التي تفيض بالنزف الدامي الذي يشكل نسقاً عاماَ لمختلف النصوص التي تعج بالبوح والشكوى وألأنين والعتاب واللوم ولكن دون أن يخالطها ضعف بل جاءت مقترنة بالقوة والثبات والصبر والجلادة حتى وإن لم يكن المرتكز الأساسي الذي تتكيء عليه قصائد الديوان بمفرده لكنه شكل أحد مرتكزاته وهذا التضاد الذي يشكل بنية الديوان إبتداءً من غلاف الإصدار الذي يشى بذلك كماذكرنا ولا يكتفي بما تقدم بل يذهب ب((التضاد ))إلى أبعد من ذلك ففي غلاف الإصدار تأتي وردة حمراء ودلالات الأحمر تطرقنا لها تتوسط هذه الوردة الصفحة وتأتي من حولها اللون الأخضر الموجود في الوريقات المحيطة بالوردة الحمراء مما يجعل الراصد يرى الأحمر ظاهراً وطاغياً ولكن دون أن يكون هناك غياب للاخضرار وهو لون الأمل والنماء والحياة وفي الذات الشاعرة ((لمحمد الشدوي)) حضور ظاهر للألم والحزن والشكوى من رداءة تحيط به لكنه يظهر الصلادة والصمود ولا يتأثر بهذه الإنكسارات ولم تنجح في أن تثني عزيمته وتفتت عضده وطموحه ولم تتمكن من قتل إخضرار الأمل في داخله فنجده في غير موضع من نصوصه ينسل من بين إنكساراته المتعددة نحو مايشد عضده ويقوي من عزيمته ففي ((قصيدته معزوفة السرو )) حيث السرو شجر كثيف الأغصان وارف الظلال يعمر طويلاً ويصمد في وجه الريح والهجير والظروف المختلفة يقول مبدياً أعجابه به : (يا أعين السرو الذبيح بحزنه /إني أتيتك عهنا إجلالاً) فهو يعشق التحدي ويطربه الصمود

(هي آهة ، هي حرقة سطرتها / فارفع لوائك زاهياً مختالا)
ويناجيه كصديق عزيز (مد الظلال فللهجير ملامح / وأنا أودك قامة وظلالاً)) ثم يحقنه بعد ذلك بجرعات من التعزيز الذي يجلب المزيد من الثقة والسعادة ((أنت الصباح فنونه وفتونه / فأجعل صباحك ضحكة تتعالى ))فرغم الحزن ورغم الهجير اللافح يظل قامة شاهقة وظلالاً وارفاً وهذا الهروب إلى عالم الكائنات الآخرى من غير بني البشر مؤشر على أن له مقاييس ومواصفات خاصة قد يصعب أن يتسم بها بني البشر فالصمود وشدة البأس والوفاء رغم الظروف والثبات على المواقف قد لا نجدها في البعض من بني البشر لذا تلجأ ذاته إلى الموجودات من حولها علها تجد فيها نموذجاً يناجيه ويبثه الشكوى ويستمد منه بعض ملامحه وصفاته التي هو في أمس الحاجة إليها وياتي الأخضر في وريقات الوردة التي تحتل قلب الغلاف متموجاً وتبدو وكأن اللون قد أهرق على الأوراق وهي إشارة إلى التشظي الذي تعانيه الذات الشاعرة القلق الذي يجعلها لا تهدأ ولا تسير بنسق ثابت ووتيرة واحدة والتناقض الذي يشعربه وإضطراب وجدانه يقول في قصيدته ((رحلة التيه )) ((لا تسل عن سر صمتي وأضطرابي / بي من الأشواق واللوعات مابي )) ((في أحاسيسي نقيضان هما / قلق الريح وإنصات الهضاب ))إلى أن يقول ((وشظايا الصمت تسري في دمي / كالتظاء البرق في وجه السحابِ))

إذاً هناك خلف هذه الإيقونة مايحرضك ويستفزك على أن تدلف إلى الداخل لتأخذك تلك القصائد في رحلة من الشجن والتشتت رحلة مع شوق الذكريات والحزن المورق والوجد الشفيف والنزف الدامي لتصطدم بعبارات تحمل في ثناياها منتهى الألم ((شجن –الجوى – كرب- شوق- موت جمر –تعب شتات –نشيج- وحشة –حزن غياب الصمت )) وهي ولا شك مفردات تلقي بظلالها عليك في أجواء من الحزن لكن كل هذه السوداوية وهذاالحزن المهول والألم الضاري الذي كان كافياً لأن يجعل من الذات المنهكة به خرساء صامته ل اتحسن البوح ولاتجيد الحديث فتحيلها إلى أطلال إنسان لكنها على العكس من ذلك تفاجئنا بانها كشفت لنا عن قدرة مذهلة يمتلكها الشاعر ((محمد الشدوي )) على تجاوز هذه الإنكسارات وصياغتها أنهاراً من الشعر والشعور المتدفق أسفر عن وجه شاعر موهوب متمكن من صياغة هذا الحزن وهذا الوجد والألم والتقلب على جمر المعاناة اشعاراً لا تنقصها الرصانة وتفيض بمواطن الجمال
يقول أدونيس ((من المؤكد أن الشاعر يعاني أزمات نفسية ويحس بوطأة آلامها إلا أن معجزة الشعر هي على وجه الدقة ان لايعكس هذه المعطيات وحسب بل يتجاوزها )) وهذا تأكيد على أن الشعر معاناة وهي هنا في هذا الديوان 00رحلة معقدة ومخيفة من الإنفعال والمعاناة والثقافة الرصينة والإبحار في عوالم اللغة يقول بشار بن برد عندما سئل : بم فقت أهل عمرك ،وسبقت أهل عصرك في حسن الشعر وتهذيب ألفاظه ؟ فأجاب : أني لم أقبل كل ماتورده علي قريحتي ويناجيني به طبعي ويبعثه فكري ونظرت إلى مغارس الفطن ، ومعادن الحقائق ، ولطائف التشبيهات ، فسرت إليها بفهم جيد ,وغريزة قوية فأحكمت سيرها ,، وأنتقيت حرها ، وكشفت حقائقها )) وأظن أن ((الشدوي )) قد فطن إلى هذا الأمر جيداً الأمر الذي أفضى إلى حضور مدهش وبوح متأنق وقصائد فارهة تدلف معها إلى أفقه الشاسع للتأمل في صوره وجماليات أدائه المحلق في آفاق البيان وفي جولة سريعة على القصائد نرى أن الشاعر قد أعتراه القلق وأستبد به الوجد فأنسكب حرفاً ((أشدو وفي أضلعي ورقاء باكية /من مغرب الشمس حتى مطلع الفلق ))((هنا دمائي هنا أطلال عاطفتي /تغلغلت مدية الأحزان في عنقي )) معترفاً بأن قصيده نزيف قلب يسكبه على الورق يقول في قصيدته ((ليل من الأرق )):هذا القصيد نزيف القلب اسكبه / قصائداً إنها روحي على الورق ))(( ملامحي من خريف لا أنتهاء له / وفي شفاهي ماتت خضرة الورق ))
ومعترفاً بان هذا القصيد سببه أنه يركب بحراً من القلق (شرقت غربت ، من صمت إلى لغة / سيان أطفو على بحر من القلق ))ممسكاً بجمر الذكرى والشوق والحنين الجارف والألم يقلبه بين كفيه ليرسم عليهما قبلاً من شواظ يلوح بها في وجه زمن رديء وشوق جارف وجرح يستبيح الكبد . يقول في قصيدته (كتبت عينيك ):
((حملت جرحي على أقتاب قافيتي / ومشهد الموت في عيني لم يغب ))

((ماكان ذنب الذي ولاك خافقه / تبت يداك أيا حمالة الحطب ))
((ما أتعس القلب حظاً حين تذبحه/ كف الجريمة عدواناً بلا سبب))
((واتعس الروح إن باتت بلا أمل / تصارع الموت في بحر من التعب))
ويتواصل الشدو الباكي إلى أن يقول :
((ليت الذي جام للعشاق جام لنا / كأساً من الصدق لا كأساً من الكذب ))

(( كثرة الإستفهامات )):
تلحظ في هذه الديوان حضوراً طاغياً لأسلوب الإستفهام فقد حضر هذا الأسلوب بأنواعه في أكثر من عشرين موضعاً ولا تكاد تخلو قصيدة منه وهو مايعبر عن حقيقتين :

الأولى حالة القلق والإضطراب التي تعانيها الذات الشاعرة .
أما الحقيقة الآخرى فهي أن الذات الحقيقية ذات نهمة باحثة جدلية تعشق المعرفة وتفتح لها الآفاق لها وتشرع الأبواب لها ولا تمل منها ولا تشبع .
((نفس قصير )) : يقول أليوت (( تعلمت من ((جحيم دانتي )) أن أعظم الشعر ماكتب بكلمات مختصرة مع الصرامة في إستعمال الإستعارة والتشبيه وجمال اللفظ وإنسجامه ))
من الملامح المميزة للقصائد الواردة في هذا الإصدار ((قصر النفس )) وأحسبه قصراً محموداً لأنه أدعى للتكثيف الشعري ولأن ذلك تماشى مع إيقاع العصر وروحه ومع سمات المتلقي فالطول مدعاة للمل لدى المتلقي اليوم فضلاً عن كون هذا القصر يجنب الشاعر السقوط في الحشو والتكرار والإسفاف وإجترار روابط كلامية كثيرة والإغراب والتكلف وبرود العاطفة
((عنوان القصائد كمفتاح لها )):

إذا كان النقاد قديماً قد عنوا بمطلع القصيدة لأنها تعد مفتاحاً للقصيدة وأول ما يطرق الأسماع وأنها بمثابة الوجه الحسن الذي هو أدعى والقبول في النفس ولكن اليوم مفتاح القصيدة لم يعد مطلعها بل هو عنوانها فهو الذي يقدم الإغراء للقاريء بالهجوم عليها وهو سر النص الذي يجب أن تكون العناية به في أعلى معدلاتها وفي هذا الإصدار نجد أن (( الشدوي قد فطن لهذا الأمر في أكثر القصائد )) فقد جاءت دلالات العناوين معبرة ففي أحد عناوين قصائده جاء عنوان ((إغتيال الفجر )) والإغتيال فعل معلوم(( متعين )) مرتبط بالوحشية والدناءة والخسة والنذالة والجبن وعدم القدرة على المواجهة لنقص في شجاعة من يقوم بفعل الإغتيال وعندما يكون المغتال هو الفجر الذي هو رمز الأمل والحياة وأول لحظة في يوم قادم يحمل النور وتباشير الحياة والنسائم العليلة والخير فذاك معناه أن هذا الإغتيال لم يكن مجرد قتل عابر بل هو مع سبق الإصرار والترصد ولم يكن الهدف منه قتل الذات بل قتل كل ماله علاقة بالأمل أنه قتل للحياة لكل ماهو جميل من زقزقات العصافير وشدو الطيور وقتل الأمنيات وهذه الصورة المتخيلة حيث في الواقع ((لايمكن لأحد أن يغتال الفجر )) وهذا يؤكد ماذهب إليه ((ادونيس )) سابقاً بأن الشاعر يتجاوز بمعاناته المألوف وأن تكون آلامه محرضاً له على الإتيان بما هومبتكر وخلاق من الصور والتراكيب وهذا دليل صارخ على عناية الشاعر بإختيار عنوان معبر وقدرته على نحته في تراكيب غير مسبوقة وتحمل في ثناياها الجمال ومنها ((جوع الإنتظار )) ((نشيج الثواني )) ((جام التذكر )) ((جدل الناي )) ((سديم التداني )) وكل منها مثير لأسئلة المتلقي :

فهل للإنتظار جوع ؟ وهل للثواني نشيج ؟ وللتذكر جام ؟ وللناي جدل ؟ وللتداني سديم ؟ ومتى أثار العنوان تساؤلاً فهو قد نجح في تحفيز ذهنه على ممارسة التنقيب عن خبايا داخل النص تجيب على إستفساراته ؟ والملاحظ هنا أن هذه العناوين تجمع بين ((متعين ومتخيل )) فالناي مثلاً ((شيء ملموس )) اما الجدل فهو ((شيء لا نراه لكن نلمس أثره وصوره )) وهكذا وهذا دليل على ان هناك عناية كبيرة في إختيار عناوين القصائد .

((نهايات القصائد )): كبقية الفنون الأدبية الأخرى تحتاج إلى نهاية حيث أنه لا يوجد فن أدبي إلا وقد أولى عناية خاصة للخاتمة الخاتمة والأدب بناء والبناء دون سقف لا يعتبر تاماً يصبح الكلام غير تام مما يؤدي للضعف في البناء وعدم الفهم للمقصد والمراد والغاية والإهتمام بخاتمة القصيدة دليل على وعي الشاعرببناء القصيدة بأهمية هذا الجزء وقد يغفله البعض لحساب الإهتمام بالمطلع رغم الأهمية القصوى لخاتمة القصيدة لكونها بمثابة القفل لها ولكونها آخر مايسري في النفوس ويتبقى في الوعي وغير الوعي
يقول أبن رشيق ((ومن العرب أن يختم القصيدة فيقطعها والنفس بها متصلة ، وفيها راغبة مشتهية ويبقى الكلام مبتوراً كأنه لم يتعمد جعله خاتمة )) ويقول ((لاكروا )) ((أن الشعر لا نهاية له والشاعر هو الذي يفرض النهاية ليقطعه )) ومايلفت النظر في اغلب نصوص(( محمد الشدوي )) أن الخاتمة تكون وعاءً للقصيدة يصب فيها أنفعالاته ومعانيه بشكل متدفق يظهر فيها مشاعره المتضاربة ولواعجة التي يبثها ففي قصيدته ((رحلة التيه )) يختمها بقوله ((لاتسل عن سر صمتي إنه/ رحلة التيه وبيداء إغترابي )) وفي قوله ((بيداء إغترابي )) يتكيء على التكثيف فالبيداء مساحات شاسعة والإغتراب لوعة وتعب والجمع بين البيداء والإغتراب في ذات واحدة يهلكها .

وفي قصيدته ((إغتيال الفجر )): جاءت الخاتمة في صورة مؤلمة وحزينة ودموية يفضح فيها الفاعل الذي أغتال الفجر والأمنيات والإشراق يقول (ليل المواجع بات يشحذ مدية ً/ جبت وتين الفجر قبل المطلع ))

وفي قصيدته ((ليل من الأرق )) يختمها بقوله ((لها إحتراقي ولي تلويع ذاكرتي / لها انتهيت ومنها تبتدي طرقي )) ولك أن تتخيل مالذي يوحي به قوله ((لها أنتهيت ومنها تبتدي طرقي )) من غزارة ورؤى شاعرية وتعب مستديم فبمجرد أن تنتهي رحلة العذابات والشتات بوصوله إليها ممنياً النفس بأن هناك رحلته الأخيرة لكنه يفاجأ بأنها تبتدي في ذات اللحظة رحلات جديدة عبر طرق عدة من العذاب والألم )) أنه يذكرنا ب((سيزيف ))في المثيولوجيا المحكوم عليه بعذاب مشابه.

((متفرقات )): لمحمد الشدوي قاموسه الخاص الذي تعرف من خلالها أنه متمكن في شعره ونثره وآرائه إيضاً وله صوره التي ينحتها بأزميله الخاص من التشبيهات التي تستوقف القاريء قوله في قصيدته نقوش البلادة ((هو غبن هاهنا في داخلي / يحتسي الجمر ويقتات إتقاده )) فالإحتساء لايكون في العادة إلا بالبارد أو الدافيء وللمواد السائلة إلا أن الشدوي يفاجئنا بنوع جديد من الإحتساء فهو يحتسي ((جمراً)) والجمر يخالف المألوف في صفتين ((حرارته الشديدة )) و((صلابته)) وهنا صورة غاية في الإغتراب والدلالة فهو يتحدث عن غبن موغل في أغواره لذا جاءت هذه الصورة الشعرية في معبرة جداً وزادها قوله ((يقتات إتقاده )) وهذه إشارة موحية إلى الصمود رغم فداحة الألم الذي لايطاق .

وقوله في نص ((أنثى بين حنايا الشعر ))((كصبح بدائي على كف غيمة )) حيث هذه الصورة الموغلة في الغرابة والجمال .
ويظهر لنا عمق ثقافته وتمكنه من ناصية اللغة والسير ففي قصيدته ((كتبت عينيك )) وفي غمرة إنفعالاته وألمه وحنقه ((بوئي بشسعٍٍ فما أخزاك في نظري /ونزدكي الحب بين العرض والطلب )) وفي بيت آخر يقول ((وسلمي لي على ((ركوار)) والتزمي / فابن الدمينة مذبوح على النصب )) وتأمل معي هنا ((بوئي بشسع )) ((نزدكي الحب )) ((ركوار )) ((ابن الدمينة مذبوح )) وكيف أستطاع أن يستحضرها ويوظفها لخدمة هذا النص وهذا لن يتأتى له لولم يكن يتكيء على ثقافة واسعة وإطلاع جم .

* من الملاحظات التي خرجت بها بعد أن قرأت هذا الإصدار (( رداءة الطباعة ووجود بعض الأخطاء الإملائية وضبط الكلمات بالشكل لم يكن كما ينبغي . كذلك فأن من الملاحظ أن ((الشدوي )) عندما يكتب شعر التفعيلة يظهر أقل تمكناً منه عندما يكتب الشعر العمودي ويتضح هذا عندما تقرأ قصائده الثلاث التي تضمنها الديوان ((حيث سقطت في المباشرة والخطابة وخلت من الصور وخبا بين كلماتها عطر الشعر وبدت أقل شاعرية من بقية النصوص المكتوبة عمودياً))
كما حوى الديوان خطأً شائعاً يندر أن يلتفت إليه أحد معنى كلمة ((رائع )) حيث شاع إستخدامها بمعنى ((جميل )) ((أو بمعنى غاية الجمال والحسن )) وهو إستخدام في غير محله لأنها تعنى ((مخيف ))
يقول في قصيدته ((إغتيال الفجر )):

((أمسي سهيرا أرتجي قطر الندى / ليطل من كف الصباح الأروع ))
وقد وردت هنا بمعنى الأجمل وكررنفس الاستخدام الخاطيء لها في موضع آخر في نص ((عنوانها أنت )) حيث يقول ((كتبت عمري على أمواج روعتها / فبعثرت هفهات الموج أسراري ) كذلك فقد جاءت صورة الإبن ((مشعل )) في الصفحة التي تلي الغلاف مباشرة وحيث يوجه الإهداء لإبنه ذي السنوات التسع ولكن رداءة الإخراج جعلت من الإهداء يبدو غيرجذاب ويفتقر للعنصر الجمالي لكونه جاء غير ملون مما أظهر الشكل العام بمظهر رديء .
مع أني ممن لا يميلون إلى سلخ الأبيات من سياقاتها وأرى في الإستشهاد بهذه الطريقة إستشهاداً لا يُعتد به فأن هناك العديد م الأبيات التي أستطاع هذا الشاعر أن يستوقف بها المتلقيء وذاك إما لكونه أستخدم صوراً جمالية غير مألوفة كما تقدم في ثنايا هذا العرض أو لأنه جلب اسماءً وكلمات غير مألوفة وغير مطروقة ولكنها لاتصل إلى الإغراب ((لا تأتي ضمن غريب اللغة )) وأقحمها في الأبيات مما يجعل المتلقي يبحث عن معلومات أكثر حولها أوبسبب الجرس الموسيقي الآتي من جمال التقطيع في كثير من الأبيات ومن تلك الأبيات التي حوت جماليات تستوقف المتلقي عدا ماورد أعلاه مايلي :

1) - صورة غريبة وجميلة في ذات الوقت تدل على خيال واسع وقدرات عقلية عليا قوله ((كبيت طين تهاوى تحت سارية ///يُصغي إلى هدمه الآتي من السحب )). من نص ((كتبت عينيك )) وهي قصيدته الأطول في الديوان والتي نزف فيها مشاعر متباينة بين الحزن والشكوى والألم وبين الغضب المحتد وختمها بحكمة رائعة ((من خالط الجرب لا يخلو من الجرب ))

2) - من قصيدته ((تشظٍ)) يختمها بقوله ((والله مالاحت طيوفك ليلة /لا وكانت أنجمي وسماي)) وهنا تكثيف جميل يختصر الكثير من العبارات والجمل حتى بدا هذا البيت قصيدة كافياً عن قصيدة .

3) - ((أنثى السحاب )) عنوان لإحدى القصائد ولا شك أن هذا العنوان مثير للأسئلة ويدلعلى أن الشاعر يتغلغل في أعماق الأشياء ويجنح لتفكيكها وصولاً لحقائق أكثر عمقاً ((السحاب )) لا يجهله احداً من بني البشر لكن لايشيع بينناأن هناك ((سحاب أنثى )) وبالضرورة هذا التعبير يفتح الآفاق لنا لنشبعه بالإسئلة . كيف ترى يكون شكل السحابة الأنثى مامواصفاتها ؟ وبالضرورة بما أن هناك أنثى فمن المفترض أن يكون هناك ذكر وكيف يبدو شكل السحاب الذكر ((لعمري أن شاعراً أستطاع أن يجعل المتلقي يغوص في أسئلة كهذه هو ولا شك ممسك بناصية الشعر متمكن من أدواته ... ومن يقودنا نحو هذه الممارسة وهذه التساؤلات ومن يجبر المتلقي على إستمطار أفكاره وممارسة العصف الذهني والتفكير التباعدي جديرٌبالقراءة والتأمل وهنا لا أتردد في القول أن نصوص هذا الفاتن هي (( رحلة فكر فوق كونها جمال شعر )).

4) - أختم هذا العرض بهذه الصورة الموجعة والتي يأتي فيها العذاب من حيث يُنتظر البلسم ((تخيل ان شخصاًما كان في داخل جوفه ناراً مشتعلة وفي غمرة معاناته ومن فرط بلادته يفتح فمه للريح لعلها تطفيء هذا اللهيب متوهماً ذلك ومتأملاً في أن تطفئها لكن الريح تزيد من توهج النار داخل جوفه )) أي بؤس هذا وأي مبدع قادر على صناعة صور معبرة بهذأ التمكن؟؟ ((تشرب الريح لكي تُطفئها / فتصب الوهج في فيها زيادة ))



 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب


رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) 0 349 04/01/2024 11:35 AM
القصة (مورد المثل) منتدى القصص و الروايات المتنوعة 0 331 02/01/2024 09:28 AM
الله لايجزي الغنادير بالخير منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) 1 228 28/12/2023 05:06 PM
قصة وسيرة صدام حسين منتدى القصص و الروايات المتنوعة 2 529 28/12/2023 04:58 PM
مت شهيدا قصة فكاهية منتدى القصص و الروايات المتنوعة 0 306 28/12/2023 04:54 PM

قديم 25/04/2010, 12:17 PM   #2
نائب المراقب العام


الصورة الرمزية أبـو مشاري
أبـو مشاري âيه ôîًَىà

 عضويتي » 5681
 تسجيلي » Feb 2007
 آخر حضور » 19/01/2017 (01:12 PM)
مشآركاتي » 38,466
 نقآطي » 25000
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي



ربي يسلمك على النقل المميز


 

رد مع اقتباس
قديم 27/04/2010, 10:54 PM   #3
شاعر وعضو شرف منتديات رباع


الصورة الرمزية بن صغير
بن صغير âيه ôîًَىà

 عضويتي » 12844
 تسجيلي » Nov 2008
 آخر حضور » 23/09/2014 (08:22 AM)
مشآركاتي » 1,163
 نقآطي » 200
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي



بارك الله فيك على الطرح الجميل


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

الساعة الآن 07:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w