قطان الكويت الذي غير الإرهاب صوته

قطان الكويت الذي غير الإرهاب صوته :
حماس المنابر كاد يهلكنا .. وهؤلاء الخطباء مذنبون


حوار: سلطان حمزي
لم تتغير ملامحه الا من شيب اكتسح ما أمكنه، ووجهه يتهلل كعادته، بدا لي الشيخ احمد القطان “الكويت” ممتلئاً بالتواضع، وهو من ملأ الدنيا زمنا وشغل الناس عبر منبره “الاقصى” بخطبه الرنانة، وكلماته المدوية، كاد ان يكون وحيد زمنه اذ ذاك، وجدته مصرا على مواصلة سيره الذي خطه لنفسه في الدفاع عن الاقصى، محترقا لشباب امته كما كان.. يردد دائماً “قالها يوسف فقلها يا أخي..”!! أترككم مع الحوار:
لعل من اوائل الاسئلة التي يطرحها من يعرفون الشيخ احمد القطان هو: لماذا اختفى الشيخ احمد القطان بعدما شغل الناس زمناً؟.
- في عام 92م بعد تحرير الكويت في عامين بدأت بوادر تهمة ارهاب الدين تلوح عبر الافق فخشيت على شباب الصحوة والدعوة من الحماس المتهور فخففت من اسلوب الخطب الحماسية وحولتها الى تربوية وايمانية واخلاقية وبفضل الله تمكنت من خلال هذا النهج من حقن الدماء ورفع شعار العقيدة الوسطية والدعوة الوسطية المعتدلة الخالية من التكفير والتفجير وعممنا هذا ورأينا ثماره بعد سنين.
هل من امثلة لتلك الثمار؟
- من ثماره ان الجماعة الاسلامية المسلحة في مصر تابت واعلنت توبتها والفت في ذلك الكتب، وكثير منهم خرج من السجون والمعتقلات، وكذلك الجماعة المسلحة في الجزائر وفي كثير من البلدان التي تصطدم الجماعات الدعوية مع انظمتها فهمت هذا الشعار الذي رفعته باننا تجاوزنا مرحلة الصحوة، والآن ندخل في مرحلة الاعداد، والاعداد هذا يحتاج الى تعاون والى هدوء فان الصخب والقتل والدم والتفجير والتكفير يضيع الحق في صخبه وغباره ودخانه.
وهل كان طرح مثل هذه الصيغ الهادئة مقبولاً بسهولة؟
- لا.. لقينا صعوبة في بداية الامر في طرح مثل هذا الموضوع لكن لما رأوا اثر هذه الهجمة الشرسة انطلاقاً من العراق وتعميمها على الشرق الاوسط كله انتبهوا لهذا فبدأوا يرتبون اولوياتهم واوراقهم.
مرحلة الإعداد
اعود لما اسميته بـ”الإعداد”.. الإعداد لماذا؟
- إعداد لفتح القدس والاقصى.
هل لهذا السبب اختفى منبر الاقصى؟
- لا المنبر لم يختف بل موجود، منبر الدفاع عن الاقصى الآن تسمعه بالفضائيات في صوت الاقصى سواء كانت اذاعة او فضائية والمحاضرة تقريباً بالشهر مرة تصل الى تلك الديار والى العالم وفي ابها القيت محاضرتين واحدة في خانيونس وانا في ابها والاخرى في صوت الاقصى بمناسبة حرق المسجد الاقصى.. فمنبر الاقصى في اوجه وقوته.
جلجل .. لا تهون
بمناسبة الحديث عن منبر الاقصى.. ثمة خطباء يجلجلون فوق المنابر واصواتهم مرتفعة، وهم ينادون اين صلاح الدين، ويحملون الناس مسؤولية تراجع الامة؟
- لا لا.. المجلجلون بالحق مؤيدون من الله ونشجعهم ونقول لهم جلجلوا ما استطعتم على المنابر, ولكن لا تلدغوا الناس فتكفروهم وتفجروهم وتضللوهم او تسوقوا ابناء الناس الى موارد الفتنة فيقتلوا وابناؤكم يغفلون في نعيم الفنادق، فلهذا فإن الجلجلة على المنابر دعوة وليست ذنبا.
ولكن.. الى متى؟
- كما جعل الله لفتح مكة امدا جعل الله لفتح القدس امدا.. ولو ان الناس في عهد نورالدين زنكي ومن قبله استعجلوا كاستعجال الناس اليوم لما تم تحرير الاقصى من الصليبيين لكن نور الدين زنكي صنع المحراب وصنع المنبر قبل الفتح بعشرين عاما وصبر هو وجنوده وصلاح الدين عشرين عاما فجاء صلاح الدين لما جاء الفتح ففتح يوم الجمعة ودخل وركب على المنبر الذي عمره عشرون عاما من الصبر وعمر الاحتلال الصليبي 91 عاما وتم الفتح فنحن نطالب ونذكرهم بسورة النصر {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا} ولهذا قال صلى الله عليه وسلم بعد ان كسب الانام قام بتحطيم الاصنام فقال ساعتها “جاء الحق وزهق الباطل”.
اقوال .. افعال
ثمة من يقول بان العلماء والدعاة- على الاقل- في الفترة الاخيرة اكثروا من الحديث عن المسجد الاقصى والقدس دون ان يكون لذلك صدى؟
- هذا غير صحيح وانما كل كلمة نستثمرها وكل حرف نقوله، الكلمة تؤدي دورها فالكلمة اذا كانت على ثغرتها صارت امضى من نطح النبل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان “قل وروح القدس معك وان قولك اشد عليهم من نطح النبل”.
الداعية .. هل يخبو
هل لقوة الداعية وتوهجه زمن معين ثم يبدأ ويخبو؟
- الداعية لا يخبو، الداعية كالمصباح في الظلمات والظلام واسع وكبير وطويل وقطع من الليل، لكن هذه القطع المتدرجة في الكثافة يخترقها مصباح شمعة فترى المخلوقات كلها من الفراشات والجنادب الى التائهين والحيارى بسيطة تلك الشمعة التي قد تكون تومض من مكان بعيد لكن يعلمون ان عنده الدفء، وقد رأى موسى في تلك الليلة الباردة ومع اهله في الظلام “اني انست ناراً”، وحال وحشته في الظلام واحس بأنس الدفء والهدى، وأي هدى وجد عنده الرسالة والنبوة والنصر والتمكين فالتمكين لم يكن لموسى عندما هوى فرعون في قاع البحر. التمكين بدأ يوم ان رأى تلك النار البعيدة فذهب اليها. ويوسف لم يكن له التمكين لما صار ملك مصر، كان له التمكين يوم ان دخل القصر وعمره سبع سنوات، فبدأ نصرة التمكين وانطلقت قال الله عنه يوم دخوله “وكذلك مكنا ليوسف” ثم عادها بعد ذلك يوم ان جلس على العرش، “وكذلك مكنا ليوسف” ليذكرنا بالتمكين الاصلي الاساسي وهو صبر يوسف على الفتن وحياة القصور وعلى العفة وعلى الشرف وعلى الصدق وعلى الامانة وهو الآن جاء ابن الانبياء والرسل إلى القصر فدخل القصر وهو مملوك وجلس على عرش مصر ملكاً ودخل السجن بجمال خلقه وخرج منه بجمال خُلقه .
وما علاقتها بوضع المنطقة الحالي؟
- هي ذات الخطة الفرعونية الآن تعمم على المنطقة كلها حتى يفقد الشاب المسلم الحر هويته، من خلال نشر الفتن والكليبات وتدني الاخلاق المعروض عبر الفضائيات وعبر الاقمار الصناعية.
والحل؟
- ان يكون شعار الشباب جميعاً “معاذ الله انه ربي احسن مثواي انه لا يفلح الظالمون” وان ينشد هذه النشيدة.
“ونساء الارض لما أنبذت اقبلت نحوي وقالت لي إلي
فتعاميت كأن لم أرها، عندما ابصرت مقصودي لدي
كيف القى الله ربي آثماً يوم حشر الناس غل بيدي
بئس الشهوة ان كان بها غضب الجبار والسخط عليّ
فمعاذ الله هذه صيحتي قالها يوسف فقلها يا اخيا”
فكان ثبات يوسف وهو يرفع شعار العفة والاخلاق كان سببا في هداية نساء القصور، فلما حقق الملك مع النسوة عندما قال {ما خطبكن اذ راودتن يوسف عن نفسه} ماذا قلن؟ {حاشا لله ما علمنا عليه من سوء} وتكلمن بالحق واعلن التوبة وامراة العزيز لم يحقق معها احد انما بادرت ذاتياً بدون تحقيق واعلنت {الآن حصحص الحق، انا راودته عن نفسه} فإذن اليوم نحن نحتاج الى هذا العفاف اليوسفي نعممه على شبابنا حتى لا يكونوا عبادا للشهوات وللشيطان.
حماس الدعاة
الحماس عند بعض الدعاة قد لا يكون فقط في امور انتصار الأمة، بل قد يتجاوز الى نقل الناس من حال الذنوب والمعاصي الى حال الاحسان.
- هم انتقلوا من المعاصي الى الاحسان والطاعات وقد انتصروا فهذه وصايا الفاروق يوصي جيوشه الفاتحة ويقول اكثروا من الاستغفار ومن لا حول ولا قوة الا بالله ويقول لم ننتصر عليهم بعدد ولا عدة وانما ننتصر عليهم بطاعتنا لله ومعصيتهم له، فان عصينا تساوينا معهم بالمعصية فغلبونا بعددهم وعدتهم، وان المعصية طلقة وطعنة في جسم الامة وان الطاعة مرهم وبلسم في جسم الامة والله جل جلاله في كتابه الكريم يخبر عن هذه الحقيقة {واقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين} .
ترشيد الحماس
كيف يرشد الحماس عند الدعاة والجماهير؟
- يرشد الحماس عند الدعاة والأمة بان يعوا فقه الدعوة فإذا امروا بالمعروف فلا بد ان يكون معروفاً وإذا نهوا عن المنكر يكون منكراً وليس نابعاً من هوى فالمعروف معروف والمنكر منكر ثم لا يتولد من هذا المنكر ما هو انكر منه ودائماً وابداً يدرسون فقه المصالح والمفاسد، فدرء المفاسد يقدم على جلب المصالح وان يتركوا الاستعجال والتهور، قال تعالى في كتابه الكريم {واصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}.
دعوة للمصالحة
بعد مسيرتك الطويلة الدعوية.. فما هو تقييمك للحراك الدعوي؟
- اقول لكل الدعاة جميعاً بلا استثناء اصطلحوا فيما بينكم ودوروا حول عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح والصحابة الذي يقول عنها “ما انا عليه واصحابي” فانها هي التي يتميز بها الناس اليوم وادعوا اكبر جماعتين في العالم الاخوان المسلمين والسلفيين ان يتركوا فيما بينهم من فساد ذات البين وان يتحدوا ويتآلفوا ويتعارفوا ويتواصلوا وينسقوا العمل بينهم حتى لا تتذبذب الشعوب وتحتار فيحتار الشباب كالذي استهوته الشياطين في الارض حيران له اصحاب يدعونه الى الهدى ائتنا، فإذا ما اتحدت اولئك الكبار اتحد الجماعات التي هي اصغر وكانت الجماعة رحمة وقوة نعم والا سيستغل العدو هذا التنازع اننا نتنازع والشيطان حريص على فساد ذات البين والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أدلكم على أكثر من درجة الصيام والصلاة والصدقة “إصلاح ذات البين” فإن فساد ذات البين هي الحالقة ولا اقول تحليق الشعر ولكنها تحليق الدين واعطى البديل فقال عن البديل “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
وأود التذكير بان الجماعة رحمة فمن عهد الصحابة رضي الله عنهم وتحديداً من عهد مقتل عثمان الى يومنا هذا والى ان تقوم الساعة يجري السيف بين المسلمين بالدم ما داموا خارجين عن الجماعة فيجب الا نناقش من هو على حق ومن هو على الباطل، وانما نناقش ان الجماعة رحمة والفرقة عذاب فمن نزع يداً من طاعة وفارق الجماعة فقتل فقتله جاهلية ومن قاتل تحت راية يدعو الى عصبية وينصر عصبته فقتل قتلة جاهلية ومن خرج علينا يضرب برنا وفاجرنا ولا يتجاوز عن مؤمننا فقتل.. فقتلة جاهلية.