العمل من المنزل تجارب ناجحة

نائلة حسين عطار - مستشارة إدارية واقتصادية 16/02/1427هـ
يعتبر تشجيع العمل من المنزل توجها عالميا، فقد أثبتت الدراسات في هذا المجال أن المشاريع الصغيرة لها القدرة على استقطاب أيد عاملة وطنية كثيفة، وذلك بالمقارنة بالمشروعات الكبرى التي تتجه حاليا نحو الاندماج من أجل تقليل نسبة العمالة فيها، وهذه المشروعات الصغيرة بمثابة نواة لرجال ونساء أعمال المستقبل، وبالإقبال عليها تزيد مساحة الأعمال في المجتمع، ومن ثم تؤثر هذه المشروعات إيجابيا في الناتج المحلي.
ولم يعد العمل المنزلي خارج دائرة القانون كما تعامله بعض الدول، فلقد أطلقت دبي تجربة جديدة لافتة ووضعت ضوابط واضحة للتعامل مع المشروعات المنزلية.
التجربة جاءت تحت عنوان مشروع "انطلاق" الذي يقوم عليه "قسم تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة" في "دائرة التنمية الاقتصادية في دبي"، وتتمحور فكرتها حول إمكانية الترخيص للمواطنين بممارسة أنشطة تجارية انطلاقا من منازلهم، برسوم رمزية، بحيث يزاول الشاب العمل بأقل التكاليف، وتحت مظلة قانونية.
أسباب إطلاق هذا المشروع تعود إلى أنه وسيلة لتشجيع المواطن الإماراتي لدخول مجال الأعمال الحرة، ولا سيما أن أي مشروع صغير قد تصل تكلفته إلى 200 ألف درهم، وهو ما يجعل الشباب يحجم عن المخاطرة بدفع هذا المبلغ في مشروع قد ينجح أو يفشل.
لذا فقد تم إنشاء مشروع "انطلاق" من أجل تقليل مخاوف المواطن من المخاطرة، ومن خلاله يحصل المواطن الإماراتي الذي لا يقل عمره عن 21 سنة على ترخيص بمزاولة أي نشاط أو عمل تجارى منزلي، وبالتالي فهو يوفر تكلفة استئجار المكان الذي يقام فيه أي مشروع تجاري وفاز مشروع انطلاق بجائزة دبي للأداء الحكومي المتميز عن فئة أفضل تجربة إدارية عام 2001.
ووصل عدد المنتسبين للبرنامج منذ إطلاقه عام 1999 حتى الآن إلى 889 شخصا. استطاعوا الحصول على تراخيص بمزاولة العديد من الأعمال التجارية مثل: تأجير السيارات، تجارة الكمبيوتر والبرمجة والعبايات، والاستشارات الإدارية، والتصميم الفني، وتجارة العطور والتمور والبخور والعسل، والوساطة العقارية، وتجارة معدات الرحلات، وتجارة الاتصالات (الهواتف الجوّالة)، والخدمات الترفيهية، وتنظيم المعارض، وتجارة الأقمشة، وتصميم المواقع الإلكترونية، وخدمات الأفراح، وبرنامج "انطلاق" لا يقدم الدعم المادي للمرخص له، بل خدمات أخرى للراغبين في التعرف على كيفية تأسيس منشأة صغيرة وإدارتها، إضافة إلى تسويق منتجاتها أو خدماتها، كما يستطيع الحاصل على الترخيص التجاري في المشروع اللجوء إلى الدائرة للاستفسار عن أي شيء يخص المشروع، والاشتراك في الدورات التدريبية التي يتيحها البرنامج.
ويسمح للمرخص له في إطار برنامج "انطلاق" بممارسة الاستيراد والتصدير، والممارسات التجارية الاعتبارية الأخرى، كما هو الحال في الرخص العادية، حيث تقوم دائرة التنمية الاقتصادية بالاتصال مع الجهات المعنية في إمارة دبي لضمان تلقي الرخص الممنوحة في إطار برنامج "انطلاق" مميزات مساوية لتلك الممنوحة للرخص الأخرى.
كما أن هذه المشروعات الصغيرة من شأنها أن تكون تدريبا عمليا للشاب أو الشابة، فعليه أن يكون ملما بمختلف جوانب المشروع الإدارية والفنية، سواء أكانت حسابات أو تسويقا أو إنتاجا؛ لأنه يكون، في حالة المشروع الصغير، صاحبه، وفي الوقت نفسه يمثل العمالة فيه، لذلك كلما نما المشروع نمت معه خبرة صاحب العمل، كما أنه يضمن استمرارية العمل، وفقا لعبد الرضي.
ومن جهة أخرى فهذه شروط الاستفادة.
لكن المشروع يشترط أن يكون المستفيد منه من مواطني الدولة، ومن المقيمين في إمارة دبي، على أن يدفع رسوما قدرها ألف درهم، وذلك من باب التحقق من جدية المتقدم للحصول على الترخيص.
وتستمر فترة الترخيص لمدة عام واحد قابلة للتجديد، كما لا يوجد حد أدنى لرأس المال الخاص بالمشروعات المرخصة من برنامج "انطلاق"، ولصاحب الترخيص مطلق الحرية في تحديد هذه التكلفة.
ولا يجوز إصدار أكثر من ترخيص واحد لكل شخص، حتى لو كان يمتلك أكثر من منزل، حيث تتم مراجعة عدد الرخص الصادرة باسم المتقدم المرصودة في كشوف الدائرة، بينما يسمح البرنامج بتقدم أكثر من فرد من القاطنين في منزل واحد للحصول على ترخيص "انطلاق"، كأن يتقدم الزوج للحصول على ترخيص، وكذلك الزوجة، أو أحد الأبناء.
ويتيح البرنامج ألا يمتلك المتقدم للترخيص منزلا في دبي، ولكن يجب أن تكون ملكية المنزل لأحد أقاربه المباشرين (من الدرجة الأولى)، وأن يكون هو أحد القاطنين في هذا المنزل مثل أن تكون ملكية المنزل عائدة للأب أو الأم أو الزوجة أو الزوج أو الأخ.
ضوابط لأفكار المشروعات وحسب موقع دائرة التنمية الاقتصادية فبعد أن يتقدم المواطن بطلب الحصول على ترخيص من خلال تعبئة نموذج (طلب الحصول على رخصة انطلاق) تقوم الدائرة بالنظر إلى فكرة المشروع، ودراسة كل طلب للتحقق من عدم تحول المجمعات السكنية إلى مجمعات شبه تجارية تزول عنها كافة معالم الأحياء السكنية.
ويضع مشروع انطلاق مجموعة من المعايير التي تشترط في هذه الأفكار، تدور كلها في فلك الحفاظ على كون المنزل وحدة سكنية في المقام الأول، فلا يسمح بأن تتسبب ممارسة النشاط في إطلاق أو انبعاث حرارة، أو وهج، أو صوت، أو رائحة، أو ضوء، أو غبار، أو اهتزاز، أو لهب، أو أدخنة، أو التداخل مع التيار الكهربائي، أو التداخل مع الموجات الإذاعية والتلفزيونية أو الهاتفية، أو التسبب في إحداث تجمعات بشرية أو جمهرة أو أية أمور أخرى من شأنها أن تحد من قدرة أي شخص آخر على التمتع بمسكنه بأي شكل من الأشكال.
ويلتزم صاحب الترخيص بعدم التسبب في الإضرار بالصحة العامة أو الأمن العام، أو زيادة النفايات على الحد المقبول في المنطقة، ولا يسمح له أن يكون سببا في زيادة حركة السيارات.
كما تحظر ممارسة البيع بالتجزئة من المنزل التي قد تتسبب في تردد كثير من الغرباء على المكان على نحو يثير حفيظة سكان المنطقة بأي شكل كان، ولا يسمح لصاحب الترخيص بوضع أي لوحات دعائية أو ترويجية على المنزل أو الجدران الخارجية، ولكن يسمح فقط بوضع لوحة عند مدخل المنزل تبين الاسم التجاري للترخيص، ويشترط ألا تتجاوز مساحتها قدمين مربعين، ويجب أن تكون اللوحة مسطحة، ولا يسمح بإضاءتها، كما لا يسمح بوضع الأعلام واللوحات الشريطية.
أما من ناحية العمالة فلا يسمح في إطار الرخص الصادرة من برنامج "انطلاق" باستخراج أية تصاريح عمل، كما يحظر على أي طرف آخر من غير المواطنين أن يكون له أي دور مباشر في أعمال الرخصة، إلا أن يكون من المستخدمين أصلا في المنزل، وأن يكون دورهم ذا طبيعة مؤقتة، وألا تربطهم أية علاقة بالنشاط المرخص، ويتحمل صاحب الترخيص المسؤولية القانونية والإدارية لضمان ذلك.
وقد استقطب برنامج "انطلاق" نحو 700 مواطن إماراتي منذ بدئه العام الماضي.
تفتيش ومتابعة ولضمان التزام صاحب الترخيص بشروط مزاولة العمل تقوم دائرة التنمية الاقتصادية بزيارات تفتيشية للتحقق من حسن استخدام الرخصة، والتزام صاحب الترخيص بكل القوانين المتصلة بالنشاط المرخص به في المكان المرخص له، شريطة أن يتم مسبقا الاستئذان من صاحب الترخيص.
وفي حالة إخلال صاحب الترخيص بأحد الشروط والمعايير التي وضعتها الدائرة يعتبر الترخيص لاغيا، والمرخص له مخالفا للقانون ومخلا بالأحكام الخاصة بالترخيص، ويتحمل كل التبعات القانونية والإدارية المترتبة على ذلك، التي تصل إلى غرامة 50 ألف درهم كحد أقصى، مع وقف التراخيص التجارية الأخرى التابعة له.
وقد صمم مشروع "انطلاق" لمساعدة المواطنين على بدء خطواتهم الأولى نحو دخول عالم الأعمال من خلال مشاريع بسيطة تدار من المنزل. وعلى الراغبين في الحصول على الترخيص التقدم إلى دائرة التنمية الاقتصادية وتسديد رسم اشتراك حدد بمبلغ ألف درهم يمنح سنوياً.
ومن شروط الحصول على الترخيص، أن يكون المتقدم من مواطني الإمارات المقيمين في إمارة دبي، وألا تؤثر طبيعة العمل في البيئة المحيطة أو تتسبب في الإزعاج للجيران. كما ينبغي على العاملين ضمن هذا المشروع مراعاة القوانين الخاصة بحماية الملكية الفكرية وغيرها من القوانين، ويسمح لهم الاستعانة بأفراد العائلة المقيمين في نفس المنزل لمساعدتهم في تأدية مهامهم. على الراغبين في الحصول على ترخيص العمل وفق برنامج "انطلاق" تقديم صورة عن جواز السفر وخلاصة القيد، وشهادة ملكية المنزل أو عقد إيجار، وصور للمنزل، وصورة شخصية.