عمليات الإبرة التنظيرية - أصعب مافي الأمر اقناع المريض بالذهاب للمنزل

بسم الله الرحمن الرحيم

حوار طبي مع الدكتور محمد محفوظ

سيتحول المستقبل في جراحات المناظير من الطريقة التقليدية الحالية للطريقة المصغرة الجديدة أو ما اسميه " بعمليات الإبرة التنظيرية " منذ سنوات تجرى عمليات المناظير التقليدية بنجاح, وخاصة عمليات البطن عن طريق فتحات صغيرة لا تتعدى السنتيمترات وباستخدام أدوات خاصة والقيام بعدة عمليات منها : عملية استئصال المرارة, استئصال الزائدة الدودية, إصلاح فتوق البطن وعمليات استئصال أجزاء من الأمعاء الغليظة أو الدقيقة والعديد غيرها .

وتميزت عمليات المناظير كما سبق وأوضحت بمواضيع سابقة ومفصلة كونها تقلل حدة الألم ما بعد إجراء العمل الجراحي بنسبة كبيرة كذلك فترة النقاهة والعودة للحياة الطبيعية حيث اختزلت و أصبحت اقصر من السابق , وقلت كذلك نسبة حدوث فتوق على شقوق البطن الكبيرة نتيجة العمل الجراحي المفتوح لتصبح هذه المشكلة شبه معدومة بعمليات المناظير التقليدية ,كذلك الضغط الحاصل على الجهاز المناعي للجسم نتيجة العمل المفتوح وخطر التعرض للالتهابات قل بشكل ملحوظ باستخدام المناظير, أما بالنسبة للأثر و الندبات الجراحية المتبقية بعد عملية بالمنظار تعتبر نتيجة رائعة جماليا مقارنة بالطريقة المفتوحة التي تترك اثر بشع على الجلد وكذلك في نفس المريض.

ويلاحظ الفرق بين الندبة بعد عملية مفتوحة :

http://www.surgery.ch/img/krankheiten/reflux/71.jpg
والندبة بعد اجراء نفس العملية بالمنظار :
http://www.surgery.ch/img/krankheiten/reflux/70.jpg
ومن المعروف أن الجراح يحتاج بعمليات المناظير إلى خلق حيز داخل البطن يستطيع من خلاله إجراء العمل الجراحي المطلوب ولذلك يملأ التجويف البطني بكمية محدودة من غاز ثاني أوكسيد الكربون للحصول على هذا الحيز. هناك العديد من الأدوات الخاصة التي تستخدم في هذه العمليات أهمها آلة التصوير (الكاميرا) التي تنقل المشهد من داخل البطن إلى شاشة يتابعها الجراح وهناك أدوات عادة يحتاج الجراح إلى تبديلها حسب احتياجه فتارة يحتاج إلى مقص مثلا وتارة يحتاج إلى ملقط وهكذا, وللحفاظ على الحيز الهوائي بنسبة ثابتة طوال وقت إجراء العملية واستخدام الأدوات بشكل سلس يحتاج الجراح إلى مبازل (صمامات معدنية) تثبت على جدار البطن من خلال شقوق جراحية صغيرة ووظيفتها الحفاظ على الحيز الهوائي داخل تجويف البطن بمنع تسرب الغاز للخارج خلال إجراء الجراحة وكذلك تسمح للجراح باستخدام واستبدال أدواته من خلالها وقطرها يحدد حجم الشقوق والندبات التي سيراها المريض بعد إجراء العملية وعادة يتراوح ما بين 5 إلى 12 مم.

المبازل (الصمامات المعدنية) التي يعمل من خلالها الجراح بعمليات المناظير :
http://www.surgery.ch/img/krankheiten/reflux/67.jpg
ومنذ العام 1999م بدأت محاولات لتصغير قطر هذه المبازل وبالتالي تصغير قطر كل الأدوات المستخدمة بما فيها آلة التصوير. كان الهدف من ذلك هو تقليل الألم ما بعد عمليات المناظير التقليدية وفترة البقاء بالمستشفى بعد العملية وتصغير اثر الندبات الجراحية المتبقية بشكل اكبر مما يحافظ على الشكل الجمالي للجسم. ونشر أول بحث نظري يدور حول هذه الفكرة للعالم الجراح" ن . جوي " بجامعة سنغافورة بنفس العام. ومع أن هناك مراكز قليلة جدا بالعالم تواكب هذا التطور برعت ألمانيا بشكل خاص بهذا المجال وبالتعاون الدائم بين مستشفى المرين الجامعي وشركات تصنيع الادوات الطبية توصلنا إلى إنتاج أدوات متناهية في الصغر تلبي احتياجاتنا وطموحاتنا فمثلا أصبحنا نستخدم آلة تصوير قطرها 3 مم بدلا من آلة التصوير التقليدية بقطر 10مم وبنفس الجودة التصويرية كذلك المبازل الجراحية التي نستخدمها لا يتعدى قطرها الثلاث مليمترات.

ويلاحظ الفرق الواضح بين قطر المبزل 10 مليمتر (من اليمين) المستخدم في عمليات المناظير التقليدية وبين المبازل التي نستخدمها على اليسار بقطر 3 , 2 , 2 مليمتر على التوالي :
http://www.minilaparoskopie.de/images/trok3.jpg
وكيف استطعنا بفضل الله مع شركات المانية مختصة تصغير قطر آلة التصوير المستخدمة بعمليات المناظير من 10 مليمتر الى 3 مليمتر :
http://www.minilaparoskopie.de/images/optik.JPG
بالطبع هذه الطريقة تحتاج إلى مهارة خاصة وفن من قبل الجراح ولن يصل إليها إلا بعد تدريب متخصص للسيطرة على صغر هذه الأدوات ليس ذلك فحسب بل أن طريقة استخدام المشرط بعمل شقوق المبازل الجراحية تحتاج إلى مهارة وتدريب باختيار المكان وعمل الشق بالطول والاتجاه المحدد دون زيادة أو نقصان على جدار البطن مما سيترك نتيجة مذهلة للمريض وهو ما نسميه بعمليات الإبرة التنظيرية .

وهنا مثال للندبة التي تظهر بعد التئام تام لفتحة المبزل ال 10 مليمتر على جدار البطن :
http://www.minilaparoskopie.de/images/10mmepi.jpg
وندبة ال 3 مليمتر :
http://www.minilaparoskopie.de/images/3mmepi.jpg
وندبة ال 2 مليمتر :
http://www.minilaparoskopie.de/images/2mmrl.jpg
قد يتساءل البعض عن كيفية استخراج المرارة وغيرها من الاجزاء المستأصلة من البطن من خلال هذه الشقوق المتناهية الصغر وأجيب أنه بعد الانتهاء من الاستئصال يتم استخراج الأجزاء المستأصلة من خلال فتحة تعمل بحسب حجم الجزء المستأصل ولكن باختيار مكان مخفي على جدار البطن كمنطقة ما فوق العانة بسبب تواجد الشعر بكثافة في تلك المنطقة سيحول دون الانتباه إلى الندبة مستقبلا.

والنساء أكثر إقبالا على هذا النوع من العمليات حيث يقمن بإجراء العملية ويذهبن إلى المنزل في نفس اليوم ولا يوجد لهذه الطريقة أية مضاعفات أو متاعب (اضافية عن الطريقة التنظيرية التقليدية )
واصعب ما في الأمر هو إقناع المريض بعد العملية بأنها قد انتهت ويستطيع الذهاب للمنزل.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ ؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ملاحظة للأطباء : ارجو استخدام كلمة مبزل عند الاشارة الى (صمامات عمليات المناظير) وهي الكلمة العربية الصحيحة عوضا عن استخدام لفظ "تروكار" الذي يستخدمه الاغلبية وهي الكلمة الانجليزية للمبزل. من الجدير ذكره ان اول من اخترع المبزل الجراحي وسماه هو العالم المسلم الزهراوي ولمزيد من التفاصيل العودة لموضوع تاريخ الجراحة التنظيرية و الجامع الصغير في شرح علوم التنظير
والله اعلم وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله واصحبه اجمعين والحمدلله رب العالمين
؛؛؛؛؛؛؛
اتأمل ان الموضوع ناسبكم ولكم جزيل الشكر
اخوكم :مشعل احمد