الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات




آداب معلم القرآن ومتعلمه

المنتدى الإسلامي


إضافة رد
#1  
قديم 19/10/2004, 02:29 AM
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا
نهرالعسل âيه ôîًَىà
 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
 معدل التقييم » نهرالعسل is a jewel in the roughنهرالعسل is a jewel in the roughنهرالعسل is a jewel in the roughنهرالعسل is a jewel in the rough
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي آداب معلم القرآن ومتعلمه



أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى قال الله تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) أي الملة المستقيمة . وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى "

يقول الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شئ آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى ، قال ويصح أن يقال الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين .

يقول حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن .

وعن ذي النون رحمه الله تعالى قال ثلاث من علامات الإخلاص استواء المدح والذم من العامة ونسيان رؤية العمل في الأعمال واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة .

وعن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما وعن السري رضي الله عنه قال لا تعمل للناس شيئا ولا تترك لهم شيئا ولا تغط لهم شيئا ولا تكشف لهم شيئا .

ثانياً وينبغي أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالاً أو خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه ، قال تعالى ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) وقال الله تعالى ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ) الآية

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " رواه أبو داود وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار" رواه الترمذي

ثالثاً وليحذر ثم الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء وفساد طويته بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك بل قال لنفسه أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه .

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال يا حملة القرآن أو قال يا حملة العلم اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم ، يخالف عملهم علمهم وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقاً يباهي بعضهم بعضاً ، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى




رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها نهرالعسل
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
سر اسم احمد‎ منتدى الثقافة والمعلومات العامة والاحداث السياسية 2 1670 27/05/2009 11:19 AM
كيف تعشق الصلاة‎ المنتدى الإسلامي 3 1527 18/05/2009 04:52 PM
عجائب الرجال‎ منتدى ادم 4 2095 18/05/2009 04:49 PM
عجائب زمــــزم‎ المنتدى الإسلامي 1 1420 18/05/2009 04:46 PM
فوائد الاستوداع المنتدى الإسلامي 1 1539 18/05/2009 04:36 PM

قديم 20/10/2004, 01:46 PM   #2
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا


نهرالعسل âيه ôîًَىà

 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي قل لا إله إلا الله … وحطم الأصنام من داخلك



عبارة قد لا نفهم معناها من أول وهلة … قالها إمام أحد المساجد لفتى صالح طلب يد فتاة طيبة فأبى أهلها أن يزوجوه إياها… قال هذا الإمام هذه العبارة مبتسما مهللا بها لهذا الفتى الحزين :"... قل لا إله إلا الله وحطم الأصنام التي بداخلك …" فما معنى ذلك ؟

قصد هذا الشيخ بذلك" اجعل حب لا إله إلا الله أكبر من أي حب مهما كبر وتعلق به قلبك "

اجعل لا اله إلا الله وقوداً تضيء به قناديل قلبك فتنجلي ظلمته ومداداً طاهراً ترتوي به أقلام أفكارك فلا تخط من قصائد الحب الصادق الخالص إلا ما اختص بحب الخالق ... وحطم صنم عشق غير الله من داخلك ... حطم هذا الصنم ولا تمكّن منه نفسك ... واعلم أنك بذلك تحوز على رضا الوهاب فيهبك خير من تلك الفتاة نسباً وأكثر منها جمالا ودينا وخلقا...

ابتسم ذلك الفتى مستبشرا وكأـنه يرى بأم عينه عروسا ً أمامه هبة ًمن الله هي أكمل وأروع وأحسن قلباً وقالباً... وانشرح صدره ثقةً بالله ويقيناً بأن ما بيد الله هو أكبر واجل وأطهرمما بيد العبد.

أحبتي في الله أليس حري بنا جميعا أن نحطم الأصنام من داخلنا ... أليس جدير بنا أن نعظّم لا اله إلا الله موحدين مجددين الحب والولاء وأن لا نجعل في قلوبنا حباً يعلو على حب الله ولا ثقة تسبق ثقتنا بالله

فكم منا أستعبده صنم حب المال وجمعه والحرص عليه وكأن هذا المال يأتي من عند غير الله ولو توكل على الله وحطم صنم الخوف والطمع وأتقى الله لرزقه من حيث لا يحتسب (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )

فكم منا أخوتي في الله استعبده صنم حب النظر إلى ما حرم الله وحب سماع ما حرم الله ... أفلا ننطلق ونحطم هذا الصنم بداخلنا معلنين حب لا إله إلا الله ....

وكم منا استعبده صنم الأنانية وحب النفس وعدم المبالاة بإخوانه المسلمين والسعي في حاجاتهم ومساعدتهم وبذلك نسوا أو تناسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مازال الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه)

إخواني ... لو بحثنا عن الأصنام داخلنا لوجدناها كثيرة ... إلا يدفعنا الحياء من الله سبحانه وتعالى والخوف منه أن نحطم هذه الأصنام وننتزعها من قلوبنا
ألا يحق لنا أحبتي أن نفرح بلا اله إلا الله ونجعلها يقينا يقرب كل بعيد … وثقة لتحقيق وإحضار كل غائب … وتفاؤلا بما عند الله الذي هو أرحم بعباده من الوالدة بولدها

إخواني في الله أن حب لا اله إلا الله هو نور هو ضياء يلف المؤمن ويرفرف بقلبه أينما كان وحيثما حل ... وهو فرحة وسعادة تحضن المؤمن وتميزه عن غيره وتجعل له بـِشر يـُرى من بعيد وحب يحظى به من قبل كل من هم حوله....

ألا يكفينا قول صلوات ربي وسلامه عليه ( من قال في اليوم مائة مرة لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير كانت له كعدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء ، إلا رجل عمل أكثر منه ) ( رواه البخاري )
وقال أيضا (من قال عشرا كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل ) ( رواه البخاري )
والمتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله يرى جلياً أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصد اللسان دون القلب وإنما قصد الشعور والإدراك والإحساس بأن الملك لله فنرضى بما وهبنا وأن الحمد لله فنشكر على ما وهبنا

فهلم إخواني هلم بنا نهتف بلا اله إلا الله ونحطم الأصنام داخلنا ونحيا حياة يحبها الرحمن ويرتضيها … حياة كلها رضا بما قسم لنا وقناعة بما وهب … بعيدة عن السخط والضيق واليأس


 

رد مع اقتباس
قديم 20/10/2004, 02:04 PM   #3
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا


نهرالعسل âيه ôîًَىà

 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي تنبيه الغافلين



كنجوم السماء تدل على الطريق للسائر في الظلام . تلك المفاهيم والثوابت التي لا تتغير ما دام الليل والنهار وما دامت السماوات والأرض نساها البعض وتناساها آخرون وحق علينا إن تتداعى الأمم علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها , وفي هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة الإسلامية وجب علينا العودة إلى تلك المفاهيم والثوابت نعيشها قولا وعملا كي نعود إلى المجد المفقود وللخروج من عالم الأزمات إلى مقدمة ركب الحضارة والتقدم . وعلى غرار قاعدة [ وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين ] نعيش في هذه الأسطر القليلة مع بعض هذه المفاهيم والثوابت , نذكر النفس ونذكر امتنا بطريق المجد الذي غاب عنا وغبنا عنه .

العدل روح الأمم وحياة الشعوب :
فالعدل كما يقولون أساس الملك وفي الحكمة (لعن الله قوما ضاع الحق بينهم ) فما من دولة يتفشى فيها الظلم إلا ويبدأ فيها الانهيار وحلت عليها عقوبة الله تعالى الذي يقول ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه اليم شديد ) هود 102 ولقد ذم الله تعالى حمية الجاهلية فلقد كان التعاون فيها على الإثم والعدوان أقرب من التعاون على البر والتقوى وكان الحلف على النصرة في الباطل قبل الحق وها هو شاعرها يقول :
وهل أنا إلا من غزيه إن غوت *** غويت وإن ترشد غزيه أرشد
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه : الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة ولهذا يروى ( الله ينصر []تخيم فترات من الظلام على حياة الأفراد والأمم , يحلوا فيها الكسل , وتخبوا فيها الهمم , وتظل كثير من المفاهيم والثوابت منارات على قارعة الطريق يهتدي بها من يريد أن يفلت من هذه الحالة البغيضة , وتكون بمثابة القشة التي يبحث عنها الغريق , يتلمس بها النجاة أو الدولة العادلة وإن كانت كافرة , ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة ) ويقول أيضا :إن العدل نظام كل شيء , فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق وإن لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة . إن لله تعالى حمى هي محارمه وللعباد حقوقا وواجبات وقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن تكون الدولة هي الحارس الأمين الذي يدافع عن حمى الله حتى لا ينتهك وهى التي تحفظ للناس حقوقهم حتى لا يجور بعضهم على بعض , فإذا اعتدى فرد على فرد أو فريق على فريق آخر طالته يد العدالة لأن الله يذع بالسلطان ما لا يذع بالقرآن .ولم يجعل الإسلام الالتزام بالعدل أمر خاص بالحكام فحسب بل أمر كل إنسان بالعدل في جميع أموره التي يزاولها سواء في ذلك ما يتصل بالأسرة أو القرابة أو الجار أو غير ذلك وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده . فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )متفق عليه يقول ابن علان في شرح ذلك الحديث :أي كلكم حافظ مؤتمن ملتزم صلاح ما أتمن على حفظه فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه .
قال الله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا) النساء 58. يقول القرطبي : وهذا خطاب للولاة والأمراء والحكام ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )
وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا , وإن تلوا أو تعرضوا فان الله بما تعملون خبير)النساء135
وقال تعالى( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) المائدة 8
قال الشعبي أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء أن لا يتبعوا الهوى وألا يخشوا الناس ويخشوه ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا
والعدل الحق لا يكون إلا بتطبيق أحكام الشريعة التي تضمنت العدل كل العدل في إعطاء الحقوق لأصحابها وتنظيم العلاقات بين الناس تنظيما عادلا وإن من أكبر الظلم و أخطره أن يتعدى الحاكم على حق من حقوق الله تعالى فيقوم بالتشريع للأمة التي يرعاها وفي هذا يكون ظالما لنفسه وللرعية التي تحت يديه حيث حرمهم من عدل الله وشرعه .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس من وال أمة قلت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار) رواه احمد ( ما من أمير عشيرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور) رواه احمد ( اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة , واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم , حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم )رواه مسلم ( من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين)متفق عليه.
وللعدل صور شتى منها القيام بمنع الظلم و إزالته عن المظلوم , ومنع انتهاك حرمات الناس وحقوقهم المتعلقة بأنفسهم وأعراضهم وأموالهم وإزالة آثار التعدي الذي يقع عليهم , وإعادة حقوقهم إليهم , ومعاقبة المعتدى عليهم بما يستحقه من العقوبة .
ومن صوره أيضا فض المنازعات والخصومات بين المسلمين وإعطاء كل ذي حق حقه وتعين القضاة الأكفاء لتحقيق ذلك ومراعاة حقوق أهل الذمة .
ومن صوره أيضا القيام بحق أفراد الشعب في كفالة حرياتهم وحياتهم المعاشية حتى لا يكون فيهم عاجز متروك ولا ضعيف مهمل ولا فقير بائس ولا خائف مهدد .
ومن صوره أيضا التسوية بين الناس في المعاملة ومكافأة جهودهم بحسبها وإسناد الأعمال والوظائف لمن يستحقها وعدم المفاضلة والتمييز بينهم تبعا للهوي والمصلحة الشخصية أو غير ذلك من الأسباب غير الشرعية وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (من ولى من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهم فقد خان الله ورسوله والمسلمين )
ومن صوره أيضا ألا تتدخل مراكز الناس الاجتماعية وأنسابهم في خضوعهم لمقتضى العدل فالشريعة الإسلامية تطبق على كل أحد لا فرق في ذلك بين شريف وغيره ولا بين حاكم ومحكوم وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )رواه البخاري .
تجانست تلك المبادئ العادلة بدماء المسلمين وعندما كانوا أهل التزام بها كونوا أعظم حضارة عرفت العدل في تاريخ البشرية.
اخرج ابن عساكر قال : كتب عمر بن الخطاب إلى فيروز الديملى رضي الله عنه (أما بعد فقد بلغني أنه قد شغلك أكل اللباب بالعسل , فإذا أتاك كتابي هذا فأقدم على بركة الله فاغز في سبيل الله ) فقدم فيروز فاستأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له فزاحمه فتى من قريش فرفع فيروز يده فلطم أنف القرشي فدخل القرشي على عمر مستدمى فقال له عمر من فعل بك ؟ قال فيروز وهو على الباب فأذن لفيروز بالدخول فدخل فقال ما هذا يا فيروز ؟قال يا أمير المؤمنين إنا كنا حديثي عهد بملك , إنك كتبت إلى ولم تكتب إليه , وأذنت لي بالدخول ولم تأذن إليه , فأراد أن يدخل في إذني قبلي فكان منى ما قد أخبرك قال عمر القصاص قال فيروز لابد قال لابد فجثي فيروز على ركبتيه وقام الفتى ليقتص منه فقال له عمر رضي الله عنه على رسلك أيها الفتى حتى أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وهو يقول ( قتل الليلة الأسود العنسى الكذاب قتله العبد الصالح فيروز الديلمى ) أفتراك مقتصا منه بعد أن سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الفتى : قد عفوت عنه بعد أن أخبرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا , فقال فيروز لعمر افتري هذا مخرجي مما صنعت إقراري له وعفوه غير مستكره قال نعم قال فيروز فأشهدك أن سيفي وفرسي وثلاثين ألفا من مالي هبة له.
إن غياب العدل في أمة وتمتع بعض الأفراد بمزايا وحقوق دون الآخرين نذير شؤم على تلك الأمة ينشئ فيها كثيرا من السلبيات فمنها على سبيل المثال :-
أن الظلم يولد في نفس أبناء الأمة الغل والحقد والحسد بين بعضهم البعض , مما يؤدى إلى فقد التراحم والتعاون والتآزر كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا , وتظهر الفردية وروح الأنانية فيصبح كل فرد حريص على مصلحته الشخصية قبل مصلحة المجموع.
ظهور سلوكيات شاذة بين الأفراد من التطرف الفكري والعملي ويسهل على المرء الجنوح إلى كل ما هو بغيض فيستحل الخوض في عرض أو مال أخيه بلا وجه حق ويستمرئ سفك الدماء لأدنى شبهة تحت العديد من الدعاوى كالإصلاح والتحرير وغيرها.
هجرة النابغين من أبناء الأمة أصحاب الهمم العالية من علماء ومتخصصين ومثقفين وباحثين وغيرهم إلى أقطار أخرى يتمتعون فيها بالحرية الفكرية والعملية وينالون حقوقهم كاملة غير منقوصة وينعمون بلذة الابتكار والإبداع والعطاء ويبقى الغوغاء الذين لا هم لهم إلا الجري وراء الملذات والشهوات وهم أهم معاول الهدم لأي وطن , فالعدل حقا روح الأمم وحياة الشعوب لا طريق إلا طريقه ولا نجاح إلا به .

ماذا تقول لربك غدا :
روى الذهبي في تاريخ الإسلام بعد أن ذكر مشورة أبى بكر لكبار الصحابة في عزمه على تولية عمر بعده ( فقال قائل : ماذا تقول لربك عن استخلافك عمر وقد تري غلظته ؟ فقال أجلسوني ثم قال أبالله تخوفوني ؟ أقول استخلفت عليهم خير أهلك )
وعن الأحنف بن قيس قال كنت مع عمر بن الخطاب فلقيه رجل فقال له يا أمير المؤمنين انطلق معي فأعدني على فلان فقد ظلمني فرفع عمر درته وخفق بها رأس الرجل وقال له : تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم مقبل عليكم حتى إذا شغل بأمر من أمور المسلمين أتيتموه أعدني أعدني , فانصرف الرجل غضبان آسفا فقال عمر : على بالرجل فلما عاد ناوله مخفقته وقال له خذ واقتص لنفسك مني , فقال الرجل : لا والله ولكني أدعها لله وانصرف . وعدت مع عمر إلى بيته فصلى ركعتين ثم جلس يحاسب نفسه ويقول: ابن الخطاب كنت وضيعا فرفعك الله , وكنت ضالا فهداك الله , وكنت ذليلا فأعزك الله , ثم وكان من الكافرين. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه , وعن علمه فيم فعل به , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه , وعن جسمه فيم أبلاه )رواه الترمذى (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم , وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم , وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه , فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة )متفق عليه .
وبمجرد يقين الفرد بأن الأيام إلى زوال وأنه يقدم إلى ربه فيحاسبه على عمله, مجرد معايشة ذلك لهو كفيل بأن يوجه الإنسان الوجهة الصحيحة فيقبل على كل خير يفعله ويعرض عن كل شر وتفاهة وخلود إلى الأرض حيث الرضي بالذل والهوان, فطريق فلاح المؤمنين هو هذا الميزان الرباني (ما تقول لربك غدا ) الذي من وزن به أعماله اهتدى ونجا .ولما فقدت أمة الإسلام هذا الميزان فقدنا طريق الفلاح وسهل علينا الفرقة والخلاف وسهل علينا حب الذات والجري وراء الملذات والرضي بسفاسف الأمور وحب الخمول فلو استشعر كل منا المقام بين يدي الله وأعددنا له جوابا لجرنا ذلك نحو النجاة التي نحن الآن في أمس الحاجة إليها .
يا من تمتع بالدنيا وزينتــها ولا تنام عن اللذات عيناه
أفنيت عمرك فيما لست تدركه تقول لله ماذا حين تلقاه


 

رد مع اقتباس
قديم 20/10/2004, 02:06 PM   #4
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا


نهرالعسل âيه ôîًَىà

 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي بعض أساليب الشيطان في إغواء الإنسان



قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) ( النور : 21 ).
قال الإمام ابن كثير لا تتبعوا مسالكه وما يأمر به ثم قال إن كل معصية فهي من خطوات الشيطان ( تيسير العلي القدير 3/269 ) .

أساليب الشيطان مع الإنسان
1ـ التزين: قلنا أن الشيطان لا يأمر بالشر مباشرة ولكن يزين للنفس فيأتي للمسلم إذا سمع آذان الفجر في ليلة باردة مظلمة فيقول له نم فالفراش دافئ وأنت متعب مرهق وهلم جره.

2ـ التلبيس: الشيطان هنا يحاول خداع العقل فيحاول إقناعه بأن الذي يعتقد أنه حرام هو في الحقيقة حلال، فإذا أراد أن يأخذ قرضاً ربوياً ليبني به بيتاً قال له الشيطان هذا ليس حراماً، لأنك لا تريد أن تستغل الناس إنما تريد أن تستر نفسك وأولادك فما وجه الحرمة هنا، أقول ما أكثر ما وقع الناس في هذه الأيام في هذا الفخ.

3ـ التسويف: وهنا يستخدم معه طول الأمل حتى يصرفه عن التوبة إذا كان رآه مصمم عليها فيقول له لا بأس أن تتوب ولكن لماذا العجلة أنت في ريعان الشباب أكمل دراستك ثم تزوج فالزواج نصف الدين وهو يعين على التوبة ثم اضمن مستقبلك حتى يصرفه تماماً عن التوبة.

4ـ تهوين المعصية: يأتي الإنسان فيقول له لماذا تتوب/ وماذا فعلت حتى تتوب أنت بالنسبة لغيرك من خيار الناس إنما التوبة لأصحاب المعاص الكبيرة وأنت لست منهم فيهون عليه المعصية.

5ـ تصعيب الأمر على الإنسان بعد التوبة: يقول له التوبة تحتاج إلى استقامة/ والاستقامة شاقة على النفس وتجلب عداءة المنحرفين فيقول له لماذا تتوب وتُحمل نفسك وتفقد أصدقائك السابقين/ ثم عن الناس لن يصدقوا عنك تبت بل سيسخرون منك/ وعلى هذا قس.

6ـ التيئيس : يأتي الإنسان فيوقل له إن الله لا يقبل توبة من كانت ذنوبه كثيرة كذنوبك كيف يقبل الله توبتك وأنت الذي فعلت كذا وكذا ويذكره بكل معصية كان يفعلها( الهدي النبوي في الرقائق ) .

7- الغضب : تمرد شيطاني على عقل العاقل، وحالةٌ من الخروج عن جادة ذوي الرجاحة والأسوياء. رُوي عن بعض الأنبياء أنه قال لإبليس: بم غلبت ابن آدم؟ قال: عند الغضب وعند الهوى. وأغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول، فأطرق عمر برهةً، ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان، فأنال منك اليوم ما تنال مني غداً!!

8- الأماني وحصائد الغرور... فذلكم هو السلاح الشيطاني المضَّاء { يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَـانُ إِلاَّ غُرُوراً } [النساء:120]. { وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ } [إبراهيم:22]. { فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ } [الأنفال:48]. يعدهم هذا الغرَّار بحسب طبائعهم، يجرهم إلى حبائله بحسب ميولهم ومشتهياتهم. يخوِّف الأغنياء بالفقر، إذا هم تصدقوا وأحسنوا. كما يزين لهم الغنى وألوان الثراء بالأسباب المحرمة والوسائل القذرة.

9- تزين لأصحاب المِلل والنحل التعصب وتحقير المخالفين، ويصور لهم ذلك طريقاً إلى الحرص على العلم وحبِّ أهله. وينقضي عمْرُ ابن آدم وهو في بحر الأماني يسبح، وفي سبيل الغواية يخوض. يعده الباطل، ويمنيه المحال، والنفس الضعيفة المهينة تغتذي بوعده، وتلتذ بأباطيله، وتفرح كما يفرح الصبيان والمعتوهون.

10- الخروج عن الوسط ومجاوزة حد الاعتدال خطو إبليسي، ومسلك شيطاني. يقول بعض السلف: ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط أو تقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي إبليس بأيهما ظفر.
وإن حبائل الشيطان بين هذين الواديين تحبك وتحاك. غلا قومٌ في الأنبياء وأتباعهم حتى عبدوهم، وقصَّر آخرون حتى قتلوهم، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، وطوائف غلوا في الشيوخ وأهل الصلاح، وآخرون جفوهم وأعرضوا عنهم.

ما هو الحل والمخرج من حرب الشيطان ؟ هو بين يديك
لن ندفع شر إبليس لعنه الله، ولن نبطل مكائده، ولن ننجو من غوايته وفساده إلا بالاعتصام بالله تعالى، قال الله عز وجل: { وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِراطٍ مّسْتَقِيمٍ } [آل عمران:101].
فالنجاة من الشيطان بالعمل بالكتاب والسنة، ودعوة الناس إلى ذلك.

1- يدفع الله شر الشيطان الإكثار من قراءة القرآن الكريم، فله خاصية في طرده، وكلما أكثر العبد من التلاوة حصّن نفسه من الشيطان الرجيم.

2- ومما يدفع الله به شر الشيطان الزكاة والصدقة والإنفاق في شؤون الخير، قال : ((والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)) [4]. وإذا وقي المسلم الخطيئة نجا من شر عظيم، و((صنائع المعروف تقي مصارع السوء)) [5].

3- ومما يدفع كيد الشيطان مداومة ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار والدعاء، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: ((إذا قال المؤمن: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. مائة مرة في أول يومه كان ذلك حرزاً له من الشيطان في يومه، وكانت كعتق عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة)) [6].

4- ومما يدفع الله به شر الشيطان الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، ومما يدفع الله به شر الشيطان شهود مجالس الخير والعلم، والبعد عن مجالس اللهو واللعب، والباطل والغفلة، فإن مجالس اللهو والباطل يحضرها الشيطان، ويوقع فيها العداوة والبغضاء والشقاء، وقد يتعدى الشر إلى العدوان على النفس، وشرب الخمر وكبائر الإثم.

ومما ينجي أولاً وآخراً من شر هذا الشيطان هو التوحيد، والتوكل على الله، والانقطاع إليه، وإخلاص العبادة كلها لله وحده، قال الله تعالى: { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }الحجر


 

رد مع اقتباس
قديم 20/10/2004, 02:16 PM   #5
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا


نهرالعسل âيه ôîًَىà

 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي لماذا تقسو قلوبنا



أسباب قسوة القلب

لقسوة القلب أسباب كثيرة ومتعددة وبعضها أكثر خطورة من الآخر ، وتزداد القسوة كلما تعددت الأسباب ، ولعل أهم هذه الأسباب ما يلي :

1- تعلق القلب بالدنيا والركون إليها ونسيان الآخرة :
وهذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب ، فإن حب الدنيا إذا طغى على قلب الآخر تعلق القلب بها ، وضعف إيمانه شيئاً فشيئاً حتى تصبح العبادة ثقيلة مملة ، ويجد لذته وسلواه في الدنيا وحطامها حتى ينسى الآخرة أو يكاد ، ويغفل عن هادم اللذات ، ويبدأ عنده طول الأمل ، وما اجتمعت هذه البلايا في شخص إلا أهلكته .

والدنيا شعب ٌ ما مال القلب إلى واحد منها إلا استهواه لما بعده ، ثم إلى ما بعده حتى يبتعد عن الله عز وجل ، وعندها تسقط مكانته عند الله ، ولا يبالي الله في أي وادي من أودية الدنيا هلك والعياذ بالله .

إن هذا العبد نسي ربه وأقبل على الدنيا مجلاً لها ومكرما ، فعظم ما لا يستحق التعظيم ، واستهان بما يستحق التعظيم والإجلال والتكريم ، فلذلك كانت عاقبته من أسوأ العواقب.

يقول أحد السلف : (( ما من عبد إلا وله عينان في وجه يبصر بهام أمر الدنيا ، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة ،فإذا أردا الله بعبد خيراً فتح العينين اللتين في قلبه ، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب ، وإذا أردا به غير ذلك تركه على ما فيه ، ثم قرأ { أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } ( محمد:24) .

2- الغفلة :
وهي داءٌ وبيل ٌ ، ومرض خطير إذا استحوذ على القلوب ، وتمكن من النفوس ، واستأثر على الجوراح والأبدان أدى إلى انغلاق كل أبواب الهداية ، وحصول الطبع والختم على القلوب { أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} ( النحل : 108) .

يقول ابن القيم –رحمه الله- واصفاً حال أكثر الخلق : (( ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا قليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى ، واتبعوا أهواءهم ، وصارت أمورهم ومصالحهم فرطاً ، إي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصالحهم ، واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلاً و آجلاً )) اهـ .

وأخبر الله تعالى عن أصحاب الغفلة أنهم أصحاب قلوب قاسية لا ترق ولا تلين ، ولا تنفع بشيء من الموعظة ، فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، ولهم أعين يشاهدون بها ظواهر الأشياء ، ولكنهم لا يبصرون بها حقائق الأمور ، ولا يميزون بها بين المنافع والمضار ، ولهم آذان يسمعون بها الباطل كالكذب والغناء والفحش والغيبة والنميمة ن ولا ينتفعون بها في سماع الحق من كاتب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فأنى لهؤلاء الفوز والنجاة وتلك حالهم ، وأنى لهم الهدى والإستقامة وتلك طريقتهم يقول سبحانه : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } ( الأعراف :179)

3- مصاحبة أصدقاء السوء ، والجلوس في الأجواء الفاسدة : وهذا السبب من أكثر الأسباب تأثيراً ، وذلك لأن الإنسان سريع التأثر بمن حوله ، فالشخص الذي يعيش في وسط يعجُ بالمعاصي والمنكرات ، ويجالس أناساً أكثر حديثهم عن اللذات المحرمة والنساء ، ويكثرون المزاح والضحك والنكات وسماع الغناء ورؤية المسلسلات ، هذا الشخص لا بد أن يتأثر بهؤلاء الجلساء وطبعه يسرق من طبعهم ، فيقسو قلبه ويغلط ، ويعتاد على هذه المنكرات .

4- كثرة الوقوع في المعاصي والمنكرات بحيث تصبح شيئاً مألوفاً :
فإن المعصية ولو كانت صغير تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها ، ولا يدرك صاحبها خطرها ، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه ، حتى لا يبالي بها ، ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها ، فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته ، كما أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخر وتعوقه أو توقفه فلا تدعه يخطوا إلى الله خطوة ، فالذنب يحجب الواصل ، ويقطع السائر ، وينكس الطالب ، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلوا قلبه ، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ( المطففين : 14) [ رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني ]

5- نسيان الموت وسكراته ، والقبر وأهواله :
وعذابه ونعيمه ، ووضع الموازين ، ونشر الدواوين ، والمرور على الصراط ، ونسيان النار وما أعد الله فيها لأصحاب القلوب القاسية .

6- الاشتغال بما يفسد القلب ويقسيه :
ومفسدات القلب خمسة ذكرها ابن القيم وهي كثرة الخلطة ، وركوب بحر التمني ، والتعلق بغير الله ، وكثرة الطعام ، وكثرة النوم .

علاج قسوة القلب

والآن – أخي الحبيب – بعد أن وقفنا على مظاهر هذا الداء وأسبابه ، وفحصنا المرض ، نقف على سُبل علاجه ، السُبل التي تجعله رقيقاً منكسراً خاشعاً لخالفه عز وجل ، يُقبل على الله بعد أن كان معرض عنه ، ويقف عند حدوده بعد أن كان مجترئاً عليها .

إن نعمة رقة القلب من أجل النعم وأعظمها ، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله فقد قال سبحانه { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ } (الزمر:22) ، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات ، شمراً إلى الطاعات ، أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته ، وأبعد ما يكون من معاصيه .

وها هي –أخي الحبيب – بعض الأمور التي تزيل القسوة عن قلبك ، وتجعله رقيقاً منكسراً لخالقه ومولاه :

1- المعرفة بالله تعالى :
فمن عرف ربه حق المعرفة رق لبه ، ومن جهل ربه قسا قلبه ، وما وجدت قلباً قاسياً إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل وأبعدهم عن المعرفة به ، وكلما عظم الجهل بالله كلما كان العبد أكثر جرأة على حدوده ومحارمه ، وكلما وجدت الشخص يديم التفكير في ملكوت الله ، ويتذكر نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى ، كلما وجدت في قلبه رقة .

2- تذكر الموت وما بعده :
من سؤال القبر وظلمته ووحشته وضيقه ، وأهوال الموت وسكراته ، ومشاهدة أحوال المحتضرين وحضور الجنائز ، فإن هذا مما يوقظ النفس من نومها ، ويوقفها من رقدها ، وينبهها من غفلتها ، فتعود إلى ربها وترق ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول : (( أكثروا ذكر هادم اللذات الموت ، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه )) (رواه البيهقي وحسنه الألباني ) ويقول سعيد بن جبير رحمه الله : لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي .

3- زيارة القبور والتفكر في حال أهلها :
وكيف صارت أجسادهم تحت التراب وكيف كانوا يأكلون ويتمتعون ويلبسون مالذ وطاب فأصبحوا تراباً في قبورهم ، وتركوا ما ملكوا من أموال وبنين ، ويتذكر أنه قريباً سيكون بينهم ، وأن مآله هو مآلهم ، ومصيره هو مصيرهم ، فزيارة القبور عظة وعبرة ، وتذكير وتنبيه لأهل الغفلة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ؛ فإنها ترق القلب ، وتدمع العين ، وتذكر الآخرة ، ولا تقولوا هُجراً )) ( رواه الحاكم وصححه الألباني ) ، ومن نظر إلى القبور وإلى أحوال أهلها انكسر قلبه ورق ، وذهب ما به من القسوة ، وأقبل على ربه إقبال صدق وإخبات .

4- النظر في آيات القرآن الكريم :
والتفكر في وعده ووعيده وأمر ونهيه ، فما قرأ عبد القرآن وكان عند قراءته حاضر القلب مفكراً متأملاً إلا وجدت عينه تدمع ، وقلب يخشع ، ونفسه تتوهج إيماناً من أعماقها تريد السير إلى ربها ، وما قرأ عبد القرآن أو استمع إلى آياته إلا وجدته رقيقاً قد خفق قلبه واقشعر جلده من خشية الله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (23) سورة الزمر.

5- تذكر الآخرة والتفكر في القيامة وأهوالها :
والجنة وما أعد الله فيها للطائعين من النعيم المقيم ، والنار وما أعد الله فيها للعاصين من العذاب المقيم ، فإن ذلك يذهب النوم عن الجفون ، ويحرك الهمم الساكنة والعزائم الفاترة ، فتقبل على ربها إقبال المنيب الصادق ، وعندها يرق القلب .

6- الإكثار من الذكر والاستغفار :
فإن للقلب قسوة لا يذيبها إلى ذكر الله تعالى ، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى ، وقد قال رجل للحسن : يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي . قال : أذِبه بالذكر . وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة ، فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار ن فما أذيبت قسوة القلب بمثل ذكر الله تعالى . يقول ابن القيم رحمه الله : (( صدأ القلب بأمرين : بالغفلة والذنب ، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر ...)).

7- زيارة الصالحين وصحبتهم ومخالطتهم والقرب منهم :
فهم يأخذون بيدك إن ضعفت ، ويذكرونك إذا نسيت ، ويرشدونك إذا جهلت ، إن افتقرت أغنوك ، وإن دعوا الله لم ينسوك ، ورؤيتهم تذكر بالله وتعين على الطاعة ، قال تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }( الكهف : 28) ويقول جعفر بن سليمان : كنت إذا وجدت من قلبي قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع .

8- مجاهدة النفس ومحاسبتها ومعاتبتها :
فإن الإنسان إذا لم يجاهد نفسه ويحاسبها ويعاتبها وينظر في عيوبها ، ويتهمها بالتقصير لا يمكن أن يدرك حقيقة مرضها ، وإذا لم يعرف حقيقة المرض فكيف يتمكن من العلاج ؟! لهذا لا بد من تذكير النفس بضعفها وافتقارها إلى خالقها ، وإيقاظها من غفلتها ، وتعريفها بنعم الله عليها ، ومراقبتها ومحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة حتى يسهل عليه قيادها والتحكم فيها .

نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوباً خاشعة ، وألسنة ذاكرة ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه


 

رد مع اقتباس
قديم 22/10/2004, 03:03 AM   #6


المتميز âيه ôîًَىà

 عضويتي » 17
 تسجيلي » Sep 2004
 آخر حضور » 17/03/2014 (06:35 PM)
مشآركاتي » 2,200
 نقآطي » 1063
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي



جزاكم الله خيراً على هذه المواضيع المفيدة وانا اعتقد ان العلاج كما قال سعيد بن جبير رحمه الله : لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي . ويكفي بالموت واعظ

والف شكروتحياتي لك يانهر العسل يالي كل مواضيعك عسل على قلوبنا



 

رد مع اقتباس
قديم 22/10/2004, 03:22 AM   #7
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا


نهرالعسل âيه ôîًَىà

 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي



الله يسعد قلبك و يسمعك كل يوم خبر حلو ورمضان يكون عليك حلو


 

رد مع اقتباس
قديم 23/10/2004, 12:07 AM   #8
عضوة مؤسسة ومشرفة المنتديات النسائية سابقا


نهرالعسل âيه ôîًَىà

 عضويتي » 3
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/01/2011 (04:09 AM)
مشآركاتي » 3,254
 نقآطي » 311
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي أسباب الرزق



أسباب الرزق

أولا : اكثر من الاستغفــــار
قال تعالى: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا
ثانيا : التقــــوى
قال تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
ثالثا : التوكــل على اللــه
قال الرسول : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا
رابعا : المتابعة بين الحج والعمرة
قال الرسول : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقــر والذنوب
خامسا : صلــة الرحـــم
قال رسول الله : من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه
سادسا : الإنفـــاق في سبيل الله
قال تعالى : وما أنفقتــم من شيء فهـــو يخلفـــه


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضل سور القرآن.. وفضل الكهف يوم الجمعه نمرعدوان المنتدى الإسلامي 1 20/03/2009 09:18 PM
2025 معلماً في حركة النقل الداخلية لمعلمي منطقة الرياض ابو رؤى منتدى الجامعات والدراسات العليا 3 06/08/2008 05:15 PM
الملف الصحفي الاثنين تركي بن محمد منتدى الجامعات والدراسات العليا 1 04/06/2007 10:07 AM
الملف الصحفي 12-4-1428 تركي بن محمد منتدى الجامعات والدراسات العليا 0 29/04/2007 04:08 PM


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

الساعة الآن 02:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w