الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات




معلقة طرفة بن العبد

منتدى الشعر الفصيح ( المنقول )


إضافة رد
#1  
قديم 18/07/2016, 11:47 AM
المؤسس والمشـــرف العــــام
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه
 عضويتي » 2
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 19/03/2024 (09:42 PM)
مشآركاتي » 64,139
 نقآطي » 16605
 معدل التقييم » صقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond repute
دولتي » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 
 MMS ~
MMS ~
افتراضي معلقة طرفة بن العبد



معلقة طرفة ابن العـبـد

1- لِخَوْلَةَ أَطْلَالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ = تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ (1)
2- وُقُوفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ = يَقُولُونَ لَا تَهْلَكْ أَسًى وَتَجَلَّدِ
3- كَأَنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُدْوَةً = خَلَايَا سَفِينٍ بِالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ
4- عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِن سَفِينِ ابْنِ يَامِنٍ = يَجُورُ بِهَا المَلَّاحُ طَوْرًا وَيَهْتَدِي (2)
5- يَشُقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا = كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلُ بِالْيَدِ
6- وَفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٍ = مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ
7- خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَبًا بِخَمِيلَةٍ = تَنَاوَلُ أَطْرَافَ البَرِيرِ وَتَرْتَدِي
8- وَتَبْسِمُ عَن أَلْمَى كَأَنَّ مُنَوَّرًا = تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٌ لَهُ نَدِي
9- سَقَتْهُ إِيَاةُ الشَّمْسِ إِلَّا لِثَاتِهِ = أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ
10- وَوَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ حَلَّتْ رِدَاءَهَا = عَلَيْهِ، نَقِىُّ اللَّوْنِ لَمْ يَتَخَدَّدِ (3)
11- وَإِنِّي لَأَمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ = بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وَتَغْتَدِي
12- أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ اللْإِرَانِ نَسَأْتُهَا = عَلَى لَاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بَرْجُدِ (4)
13- جَمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدِي كَأَنَّهَا = سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لِأَزْعَرَ أَرْبَدِ
14- تُبَارِي عِتَاقًا نَاجِيَاتٍ وَأَتْبَعَتْ = وَظِيفًا وَظِيفًا فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
15- تَرَبَّعَت القُفَّيْنِ بِالشَّوْلِ تَرْتَعِي = حَدَائِقَ مَوْلِيِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
16- تَرِيعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيبِ وَتَتَّقِي = بِذِى خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ
17- كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَا = حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي القَسِيبِ بِمَسْرَدِ
18- فَطَوْرًا بِهِ خَلْفَ الزَّمِيلِ وَتَارَةً = عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
19- لَهَا فَخْذَانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيهِمَا = كَأَنَّهُمَا بَابًا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ
20- وَطَيِّ مَحَالٍ كَالْحَنِيِّ خُلُوفُهُ = وَأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ
21- كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يُكْنِفَانِهَا = وَأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدٍ
22- لَهَا مِرْفَقَانِ أَفْتَلَانِ كَأَنَّمَا = تَمُرُّ بِسَلْمَيْ دَالِجٍ مُتَشَدِّدِ
23- &كَقَنْطَرِةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّهَا = لَتُكْتَنَفَنْ حَتَّى تُشَادَ بِقَرْمَدِ
24- صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُوجَدَةُ القَرَا = بَعِيدَةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
25- أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وَأُجْنِحَتْ = لَهَا عَضُدَاهَا فِي سَقِيفٍ مُسَنَّدِ
26- جُنُوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَتْ = لَهَا كَتِفَاهَا فِي مُعَالًى مُصَعَّدِ (1)
27- كَأَنَّ عُلُوبِ النِّسْعِ فِي دَأَيَاتِهَا = مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
28- تَلَاقَى وَأَحْيَانًا تَبِينُ كَأَنَّهَا = بَنَائِقُ غُرٌّ فِي قَمِيصٍ مُقَدَّدٍ
29- وَأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إِذَا صَعَّدَتْ بِهِ = كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدِجْلَةَ مُصْعِدِ (2)
30- وَجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلَاةِ كَأَنَّمَا = وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ
31- وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِيِّ وَمِشْفَرٌ = كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُحَرَّدِ (3)
32-وَعَيْنَانِ كَالْمَاوِيَّتَيْنِ اسْتَكَنَّتَا = بِكَهْفَىْ حَجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
33- طَحُورَانِ عُوَّارَ القَذَى فَتَرَاهُمَا = كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
34- وَصَادِقَتَا سَمْعِ الَتَوُّجِس لِلسُّرَى = لِهَجْسٍ خَفِىٍّ أَوْ لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ (4)
35- مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيهِمَا = كَسَامِعَتَيْ شَاةٍ بِجَوْمَلَ مُفْرَدِ
36- وَأَرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ = كَمِرْدَاةِ صخَرْ ٍفِي صَفِيحٍ مُصَمَّدِ
37- وَإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكَوْرِ رَأْسُهَا = وَعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ (5)
38- وَإِنْ شِئْتُ لَمْ تُرْقِلْ وَإِنْ شِئْتُ أَرْقَلَتْ = مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِن القَدِّ مُحْصَدِ
39- وَأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِن الأَنْفِ مَارِنٌ = عَتِيقٌ مَتَى تَرْجُم بِهِ الأَرْضَ تَزْدَدِ
40- عَلَى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذَا قَالَ صَاحِبِي = أَلَا لَيْتَنِي أَفْدِيكَ مِنْهَا وَأَفْتَدِي
41- وَجَاشَتْ إِلَيْهِ النَِّفْسُ خَوْفًا وَخَالَهُ = مُصَابًا وَلَوْ أَمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَدِ
42- إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتًى؟ خِلْتُ أَنَّنِي = عُنِيتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ
43- أَحَلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيعِ فَأَجْذَمَتْ = وَقَدْ خَبَّ آلُ الأَمْعَزِ المُتَوَقِّدِ
44- فَذَالَتْ كَمَا ذَالَتْ وَلِيدَةُ مَجْلِسٍ = تُرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
45- وَلَسْتُ بِحَلَّالِ التِّلَاعِ مَخَافَةً = وَلَكِنْ مَتَى يَسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ (1)
46- وَإِنْ تَبْغِنِي فِي حَلْقَةِ القَوْمِ تَلْقَنِي = وَإِنْ تَقْتَنِصْنِي فِي الحَوَانِيتِ تَصْطَدِ
47- مَتَى تَأْتِنِي أُصْبِحْكَ كَأْسًا رَوِيَّةً = وَإِنْ كُنْتَ عَنْهَا غَانِيًا فَاغْنِ وَازْدَدِ (2)
48- وَإِنْ يَلْتَقِي الحَيُّ الجَمِيعُ تُلَاقِنِي = إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ الرَّفِيعِ المُصَمَّدِ
49- نَدَامَايَ بِيضٌ كَالنُّجُومِ وَقَيْنَةٌ = تَرُوحُ عَلَيْنَا بَيْنَ بُرْدٍ وَمَجْسَدِ (3)
50- رَحِيبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنهَا رَفِيقَةٌ = بِجَسِّ النَّدَامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
51- إِذَا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمِعِينَا انْبَرَتْ لَنَا = عَلَى رِسْلِهَا مَطْرُوفَةً لَمْ تَشَدَّدِ (4)
52- إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا = تَجَاوُبَ أَظْآرٍ عَلَى رُبَعٍ رَدِ (5)
53- وَمَا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِي = وَبَيْعِي وَإِنْفَاقِي طَرِيفِي وَمَتْلَدِي
54- إِلَى أَنْ تَحَامَتْنِي العَشِيرَةُ كُلُّهَا = وَأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيرِ المُعَبَّدِ
55- رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لا يُنْكِرُونَنِي = وَلَا أَهْلُ هَذَّاكَ الطِّرَافِ المُمَدَّدِ
56- أَلَا أَيُّهَذَا اللَّائِمِي أَحْضَرُ الوَغَى = وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي (6)
57- فَإِنْ كُنْتَ لَا تَسْطَيِعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي = فَدَعْنِي أُبَادِرْهَا بِمَا مَلَكَتْ يَدِي
58- فَلَولَا ثَلَاثٌ هُنَّ مِن عِيشَةِ الفَتَى = وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُوَّدِي
59- فَمِنْهُنَّ سَبْقُ العَاذِلَاتِ بِشَرْبَةٍ = كُمَيْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبَدِ
60- وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُحَنَّبًا = كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَهُ المُتَوَرِّدِ (1)
61- وَتَقْصِيرُ يَوْمَ الدَّجْنِ وَالدَّجْنُ مُعْجِبٌ = بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الطِرَافِ المُعَمَّدِ (2)
62- كَأَنَّ البُرِينَ وَالدَّمَالِيجَ عُلِّقَتْ = عَلَى عُشَرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يَخَضَّدِ
63- فَذَرْنِي أَرْوِي هَامَتِي فِي حَيَاتِهَا = مَخَافَةَ شُرْبٍ فِي الحَيَاةِ مُصَرَّدِ (3)
64- كَرِيمٌ يُرَوِّي نَفْسَهُ فِي حَيَاتِهِ = سَتَعْلَمُ إِنْ مُتْنَا غَدًا أَيُّنَا الصَّدِي (4)
65- أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بِخَيْلٍ بِمَالِهِ = كَقَبْرِ غَوِِيٍّ فِي البَطَالَةِ مُفْسِدِ
66- تَرَى جُثْوَتَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَا = صَفَائِحُ صُمٌّ مِن صَفِيحٍ مُنَضَّدِ
67- أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ وَيَصْطَفِي = عَقِيلَةَ مَالِ الَفاحِشِ المُتَشَدِّدِ (5)
68- أَرَى العَيْشَ كِنْزًا نَاقِصًا كُلَّ لَيْلَةٍ = وَمَا تَنْقُصِ الأَيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَدِ (6)
69- لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوْتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَى = لَكَالطِوَلِ المُرْخَى وَثَنِيْاهُ بِاليَدِ (1)
70- فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّيَ مَالِكًا = مَتَى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي وَيَبْعُدِ
71- يَلُومُ وَمَا أَدْرِي عَلَامَ يَلُومُنِي = كَمَا لَامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ (2)
72- وَأَيْأَسَنِي مِن كُلِّ خَيْرٍ طَلَبْتُهُ = كَأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَدِ
73- عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ قُلْتُهُ غَيْرَ أَنَّنِي = نَشَدْتُ فَلَمْ أُغْفِلْ حَمُولَةَ مَعْبَدِ (3)
74- وَقَرَّبْتُ بِالقُرْبَى وَجَدِّكَ إِنَّهُ = مَتَى يَكُ أَمْرٌ لِلنَّكِيثَةِ أَشْهَدِ
75- وَإِنْ أُدْعَ لِلجُلَّى أَكُنْ مِن حُمَاتِهَا = وَإِنْ يَأْتِكَ الأَعْدَاءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ (4)
76- وَإِنْ يَقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ = بِكَأْسِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ (5)
77- بِلَا حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وَكَمُحْدِثٍ = هِجَائِي وَقَذْفِي بِالشَّكَاةِ وَمُطْرَدِى (6)
78- فَلَوْ كَانَ مَوْلَايَ امْرَأً هُوَ غَيْرُهُ = لَفَرَّجَ كَرْبِي أَوْ لَأَنْظَرَنِي غَدِي (7)
79- وَلَكِنَّ مَوْلَايَ امْرُؤٌ هُوَ خَانِقِي = عَلَى الشُّكْرِ وَالتَسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَدِ
80- وَظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً = عَلَى المَرْءِ مِن وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ (1)
81- فَذَرْنِي وَخَلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِرٌ = وَلَوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِبًا عِنْدَ ضَرْغَدِ (2)
82- فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بْنَ خَالِدٍ = وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْرَو بْنَ مَرْثَدِ
83- فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَعَادَنِي = بَنُونَ كِرَامٌ سَادَةٌ لِمُسَوَّدِ (3)
84- أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ = خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ (4)
85- فَآلَيْتُ لَا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً = لِعَضْبٍ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ (5)
86- حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِرًا بِهِ = كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
87- أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَن ضَرِيبَةٍ = إِذَا قِيلَ مَهْلًا قَالَ حَاجِزُهُ قَدِ
88- إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلَاحَ وَجَدْتَنِي = مَنِيعًا إِذَا بَلَّت بِقَائِمِةٍ يَدِي
89- وَبَرْكٍ هُجُودٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي = نَوَادِيهِ أَمْشِي بِعَضَبٍ مُجَرَّدِ (6)
90- فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلَالَةٌ = عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالوَبِيلِ يَلَنْدَدِ
91- يَقُولُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيفُ وَسَاقُهَا = أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ
92- وَقَالَ: أَلَا مَاذَا تَرَوْنَ بِشَارِبٍ = شَدِيدٍ عَلَيْنَا بَغْيُهُ مُتَعَمِّدِ (7)
93- وَقَالَ: ذَرُوهُ إِنَّمَا نَفْعُهَا لَهُ = وَإِلَّا تَرُدُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ (1)
94- فَظَلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَهَا = ويُسْعَى عَلَيْهَا بِالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ
95- فَإِنْ مُتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ = وَشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ
96- وَلَا تَجْعَلِينِي كَامْرِئٍ لَيْسَ هَمُّهُ = كَهَمِّي وَلَا يُغْنِي غَنَائِي وَمَشْهَدِي
97- بَطِيءٍ عَن الجُلَّى سَرِيعٍ إِلَى الخَنَا = ذَلُولٍ بِأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ (2)
98- فَلَوْ كُنْتُ وَغْلًا فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي = عَدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّدِ
99- وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الْأَعَادِي جَرْأَتِي = عَلَيْهِمْ وَإِقْدَامِي وَصِدْقِي وَمَحْتِدِي (3)
100- لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بِغُمَّةٍ = نَهَارِي وَلَا لَيْلِي عَلَيَّ بَسَرْمَدِ
101- وَيَوْمٍ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ = حِفَاظًا عَلَى عَوْرَاتِهِ والتَّهَدُّدِ (4)
102- عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى = مَتَى تَعْتَرِكْ فِيهِ الفَرَائِصُ تَرْعَدِ (5)
103- وَأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ = عَلَى النَّارِ وَاسْتَوْدَعَتْهُ كَفَّ مُجْمِدِ (6)
104- سَتُبْدِي لَكَ الْأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلًا = وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
105- وَيَأْتِيكَ بِالْأَنْبَاءِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَهُ = بَتَاتًا وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ (1)



 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب


رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) 0 412 04/01/2024 11:35 AM
القصة (مورد المثل) منتدى القصص و الروايات المتنوعة 0 397 02/01/2024 09:28 AM
الله لايجزي الغنادير بالخير منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) 1 239 28/12/2023 05:06 PM
قصة وسيرة صدام حسين منتدى القصص و الروايات المتنوعة 2 589 28/12/2023 04:58 PM
مت شهيدا قصة فكاهية منتدى القصص و الروايات المتنوعة 0 337 28/12/2023 04:54 PM

قديم 18/07/2016, 11:47 AM   #2
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



(1)وَيُرْوَى (ظَلَلْتُ بِهَا أَبْكِي وَأَبْكِي إِلَى الغَدِ) شَرْحُ ابنِ الأَنْبَارِيِّ ص (132).
(2)وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ (أَوْ مِنْ سَفِينِ ابْنِ نَبْتَلِ).
(3)وَيُرْوَى (أَلْقَتْ رِدَاءَهَا).
(4)وَيُرْوَى (نَصَأْتُهَا).
(1)قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: وَرَوَى التُّوزِيُّ (دِفَاقٌ جُنُوحٌ) شَرْحُ ابنِ الأَنْبَارِيِّ (168).
(2)وَيُرْوَى (كَسُكَّانِ نُوتِيٍّ).
(3)وَرَوَاهُ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ (وَوَجْهٌ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي)، وَرَوَى الزُّوزَنِيُّ (لَمْ يُجَرَّدِ).
(4)وَيُرْوَى (لِجَرْسٍ خَفِيٍّ).
(5)قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: وَيُرْوَى (وَمَارَتْ بِضَبْعَيْهَا).
(1)قالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: وَرُوِيَ عن الطُّوسِيِّ: (وَلَسْتُ بِحَلَّالِ التِّلَاعِ بَبَيْتِهِ).
شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (186).
(2)لَمْ يَرْوِهِ الزُّوزَنِيُّ، وَرَوَى ابْنُ الأَنْبَارِيِّ عَن التُّوزِيِّ وَالطُّوسِيِّ: وَإِنْ تَأْتِنِي...).
(3)وَيُرْوَى (تَرُوحُ إِلَيْنَا) شَرْحُ ابنِ الأَنْبَارِيِّ ص (188).
(4)وَيُرْوَى (مَطْرُوقَةً) شَرْحُ الزُّوزَنِيِّ ص (59).
(5)رَوَاهُ الزُّوزَنِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَرْوِهِ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ وَلَا التِّبْرِيزِيُّ.
(6)وَيُرْوَى (أَشْهَدُ الوَغَى) وَ (أَلَا أَيُّهَا اللَّاحِي أَنْ أَحْضَرَ الوَغَى).
شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (192) وَالشِّعْرُ وَالشُّعَرَاءُ (1 / 124).
وَيُرْوَى (أَلَا أَيُّهَا الزَّاجِرِي).
(1)وَيُرْوَى &(فِي الطَّخِيَّةِ المُتَوَرِّدِ ) الحيوان (3 / 496).
(2)وَيُرْوَى (بِهَيْكَلَةٍ)، وَيُرْوَى (تَحْتَ الخَبَاءِ المُعَمَّدِ) والرِّوَايَةُ الثانيةُ في شَرْحِ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ ص (196) وَشَرْحِ الزُّوزَنِيِّ ص(61).
(3)لَمْ يَرْوِهِ الزُّوزَنِيُّ وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ (قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَا أَعْرِفُ هَذَا البَيْتَ فِي قَصِيدَةِ طَرَفَةَ).
وَيُرْوَى (ذَرِينِي أَرْوِي) شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (198).
(4)قالَ التِّبْرِيزِيُّ: وَيُرْوَى (إِنْ مِتْنَا صَدًى أَيُّنَا الصَّدِي).
(5)وَيُرْوَى بَعْدَهُ البَيْتُ التَّالِي:
أَرَى المَوْتَ أَعْدَادً وَالنُّفُوسَ وَلَا أَرَى = بَعِيدًا غَدًا مَا أَقْرَبُ اليَوْمَ مِنْ غَدِ.
رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ، وَالجَاحِظُ فِي الحَيَوَانِ جـ (3 / 495)، وَلَمْ يَرْوِهِ مِن شُرَّاحِ المُعَلَّقَاتِ سِوَى الشَّنْقِيطِيِّ.
(6)وَيُرْوَى (أَرَى الدَّهْرَ) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ ص (139).
(1)وَيُرْوَى بَعْدَهُ البَيْتُ التَّالِي:
إِذَا شَاءَ يَوْمًا قَادَهُ بِزِمَامِهِ = وَمَنْ يَكُ فِي حَبْلِ المَنِيَّةِ يَنْقَدِ
رَوَاهُ الشَّنْقِيطِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَأَبُو زَيْدٍ في الجَمْهَرَةِ، وَلَمْ يَرْوِهِ شُرَّاحُ المُعَلَّقَاتِ.
وَيُرْوَى (مَتَى مَا يَشَأْ يَوْمًا يَقُدْهُ لِحَتْفِهِ) شَرْحُ الشَّنْقِيطِيِّ ص (105).
(2)وَيُرْوَى (قَرْطُ بْنُ أَعْبَدِ) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (140).
وَشَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (202) وَشَرْحُ الشَّنْقِيطِيِّ (105).
(3)وَيُرْوَى (عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ) شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ(204)، وَشُعَرَاءُ النَّصْرَانِيَّةِ (1/299)، وَالبَيْتُ في دِيوَانِهِ (بَيْرُوت)ص(47)
(4)وَيُرْوَى (وَإِنْ أُدْعَ فِي الجُلَّى) شَرْحُ ابنِ الأَنْبَارِيِّ (205). وَشَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (143).
(5)وَيُرْوَى (بِشُرْبِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّنَجُّدِ) شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (206).
(6)قالَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ فِي شَرْحِهِ (207) وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ (كَمُحْدَثٍ بِفَتْحِ الدَّالِ).
(7)وَيُرْوَى &(فَلَوْ كَانَ مَوْلَايَ ابْنَ أَصْرَمَ مسهر).
(1)رَوَاهُ شُرَّاحُ المُعَلَّقَاتِ لِطَرَفَةَ وَنَسَبَهُ الجَاحِظُ لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ ضِمْنَ أَبْيَاتٍ.
انْظُر الحَيَوَانَ (3 / 496). وَكَذَلِكَ فَعَلَ أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ (398).
(2)وَيُرْوَى (فَذَرْنِي وَعِرْضِي) شُعَرَاءُ النَّصْرَانِيَّةِ (1 / 304).
(3)وَيُرْوَى (فَأَلْفَيْتُ ذَا مَالٍ) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ ص (148).
وَيُرْوَى (وَزَارَنِي) شَرْحُ الزُّوزَنِيِّ ص (66).
(4)وَيُرْوَى (أَنَا الرَّجُلُ الجَعْدُ) شَرْحُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ (212).
(5)وَيُرْوَى (لِأَبْيَضَ عَضْبِ الشَّفْرَتَيْنِ) شَرْحُ ابنِ الأَنْبَارِيِّ (213).
(6)وَيُرْوَى (نَوَادِيهَا، وَبَوَادِيهَا) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (150) وَالزُّوزَنِيِّ (67).
(7)هذهِ رِوَايَةُ التِّبْرِيزِيِّ وَالزُّوزَنِيُّ، وَرَوَى ابْنُ الأَنْبَارِيِّ (شَدِيدٍ عَلَيْكُمْ).
وَيُرْوَى:
وَقَالَ:
أَلَا مَاذَا تَرَوْنَ لِشَارِبٍ = شَدِيدٍ عَلَيْنَا سُخْطُهُ مُتَعَيَّدِ
اللسان (عَوَدَ).
(1)وَرَوَى التُّوزِيُّ وَالطُّوسِيُّ (فَقَالَ: ذَرُوهَا) شَرْحُ ابنِ الأَبْنَارِيِّ (221).
وَرَوَى أَبُو الحَسَنِ (فَقَالُوا: ذَرُوهُ) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (153).
وَيُرْوَى (وَإِلَّا تَكُفُّوا) شَرْحُ الزُّوزَنِيِّ (68)، وَمَوْسُوعَةُ الشِّعْرِ العَرَبِيِّ (2/408).
وَشَرْحُ الشَّنْقِيطِيِّ ص (109)، وَيُرْوَى (تَزْدَدِ).
(2)وَيُرْوَى (ذَلِيلٍ) شَرْحُ التِّبْرِيزِيِّ (155).
(3)وَيُرْوَى (وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالُ جَرَاءَتِي) شَرْحُ الشَّنْقِيطِيِّ (109)،
وَالزُّوزَنِيِّ (69).
(4)وَيُرْوَى (عِنْدَ عِرَاكِهَا) وَيُرْوَى (عَلَى رَوْعَاتِهِ).
(5)وَيُرْوَى بَعْدَهُ البَيْتُ التَّالِي:
أَرَى المَوْتَ لَا يَرْعَى عَلَى ذِي جَلَالَةٍ = وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا عَزِيزًا بِمَقْعَدِ
رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ.
(6)وَيُرْوَى &(نَظَرْتُ حِوَيْرَهُ)، وَيُرْوَى هَذَا البَيْتُ لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ.
انْظُر اللِّسَانَ (جَمَدَ).
(1)قالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمْ يَرْوِ هذا البيتَ غَيْرُ جَرِيرٍ. انْظُر الجَمْهَرَةَ (341).
وَيُرْوَى بَعْدَهُ البَيْتَانِ التَّالِيَانِ اللَّذَانِ رَوَاهُمَا التِّبْرِيزِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَرْوِهِمَا الشُّرَّاحُ الآخَرُونَ:
لَعَمْرُكَ مَا الأَيَّامُ إِلَّا مُعَارَةً = فَمَا اسْطَعْتَ مِنْ مَعْرُوفِهَا فَتَزَوَّدِ (أ)
عَنِ المَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَأَبْصِرْ قَرِينَهُ = فَإِنَّ القَرِينَ بِالمُقَارِنِ مُقْتَدِي (ب)
وَقَد انْفَرَدَ أَبُو زَيْدٍ بِرِوَايَةِ الأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ: (جـ)
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِى وَإِنِّي لَوَاجِلٌ = أَفِي اليَّوْمِ إِقْدَامُ المَنِيَّةِ أَوْ غَدِ
فَإِنْ تَكُ خَلْفِي لَا يَفُتْهَا سَوَادِيَا = وَإِنْ تَكُ قُدَّامِي أُجِدْهَا بِمَرْصَدِ
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَنْفَعْ بِوِدِّكَ أَهْلَهُ = وَلَمْ&تَنكبِالبُؤْسَى عَدُوَّكَ فَابْعُدِ
أ – وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ بَعْدَهُ فِي الجَمْهَرَةِ (341):
وَلَا خَيْرَ فِي خَيْرٍ تَرَى الشَّرَّ دُونَهُ = وَلَا نَائِلٍ يَأْتِيكَ بَعْدَ التَّلَدُّدِ
ب – وَيُرْوَى (وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ)، وَيُرْوَى لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ (الحَيَوَانُ 7 / 150)، وَالعِقْدُ الفَرِيدُ (2 / 311).
جـ - انْظُر الجَمْهَرَةَ (340).


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس
قديم 18/07/2016, 11:48 AM   #3
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



شرح المعلقات العشر للخطيب: محمد بن عبد الله التبريزي
وقالَ طَرَفَةُ بنُ العَبْدِ

ابنِ سُفْيَانَ بنِ سَعْدِ بنِ مَالِكِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ قَيْسِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُكَابَةَ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ بنِبَكْرِ بنِ وَائِلِ بنِ قاسِطِ بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيِّ بنِ جَدِيلَةَ بنِ أَسَدِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ:
1- لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ = تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ في ظَاهِرِ الْيَدِ
َوْلَةُ): امرأةٌمِنْ كَلْبٍ. و(الأطلالُ) وَاحِدُها طَلَلٌ، وهوَ ما شَخَصَ مِنْ آثارِ الدارِ. و(ثَهْمَدُ): اسمُ مَوْضِعٍ. و(البُرْقَةُ) والأبرقُ والبَرْقَاءُ: كُلُّ رَابِيَةٍ فيها رَمْلٌ وطِينٌ، أوْ حِجَارَةٌ وطِينٌ يَخْتَلِطَانِ، فمَنْ أَنَّثَ ذَهَبَ إلى البُقْعَةِ، ومَنْ ذَكَّرَ ذَهَبَ إلى المكانِ. و(أطلالٌ) يَرْتَفِعُ بالابتداءِ، وإنْ شِئْتَ بالظَّرْفِ، وتَعَلَّقُ الباءِ إنْ شِئْتَ بـ(أَطْلالٌ)، وإنْ شِئْتَ عَلَّقْتَ الباءَ والكافَ بـ(تَلُوحُ).و(تَلُوحُ): تَبْدُو، يُقالُ: لاحَ؛ إذاظَهَرَ، وأَلاحَ إذَا لَمَعَ، وأَلاحَ الرَّجُلُ بثَوْبِهِ وسَيْفِهِ، إذا لَمَعَ بهِما.وإذا عَلَّقْتَ الباءَ بـ(أَطْلالٌ) كانَ (تَلُوحُ) في موضِعِ نَصْبٍ على الحالِ مِن الذِّكْرِ الذي في الباءِ من الأطلالِ. والكافُ في قَوْلِهِ: (كَبَاقِي الوَشْمِ) في مَوْضِعِ نَصْبٍ.و(الوَشْمُ) أنْ يُغَرَّزَ بالإِبِرِ في الجلدِ، ثمَّ يُذَرَّ عليهِ الكُحْلُ والنَّؤورُ، فيَبْقَى سَوَادُهُ ظَاهِراً.
ويُرْوَى: (ظَلِلْتُ بها أَبْكِي، وَأُبْكِي، إلى الغَدِ). يُقالُ: ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا، إذا فَعَلَهُ نَهاراً، ويقالُ: ظَلْتُ وظِلْتُ بمعنى ظَلِلْتُ، فمَنْ قالَ: ظَلْتُ بفتحِ الظاءِ، حَذَفَ إحدَى اللاَّمَيْنِ لالتقاءِ حرفيْنِ منْ جنسٍ واحدٍ. ومَنْ قالَ: ظِلْتُ بكسرِ الظاءِ، حَذَفَ إحدَى اللاَّمَيْنِ وكسَرَ الظاءَ؛ لِيَدُلَّ على المحذوفةِ.
2- وُقُوفاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ =يَقُولُونَ: لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَلَّدِ
(وُقُوفاً): منصوبٌ على الحالِ، وهوَ جَمْعُ وَاقِفٍ، كما يُقَالُ: جالِسٌ وجُلُوسٌ. والعاملُ في الحالَِلُوحُ) أوْ (ظَلِلْتُ) في الروايتيْنِ. و(تَجَلَّدِ)؛ أيْ: كُنْ جَلِيداً. وجَلْدٌ وجَلِيدٌ بمعنًى.
3- كَأَنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُدْوةً =خَلايَا سَفِينٍ بالنواصِفِ مِنْ دَدِ
(الحُدُوجُ): جَمْعُ حِدْجٍ، وهوَ مَرْكِبٌ منْ مراكِبِ النساءِ، ويُقالُ: حَدَجَ إذا رَكِبَ الحِدْجَ.
و(المالكيَّةُ): منسوبةٌ إلى مالِكِ بنِ سَعْدِ بنِ ضُبَيْعَةَ. و(الخلايا): جمعُ خَلِيَّةٍ، وهيَ السفينةُ العظيمةُ. و(النواصِفُ): جمعُ ناصفةٍ، وهيَ الرَّحْبَةُ الواسِعَةُ، تكونُ في الوادي. و(دَدٌ) هنا: مَوْضِعٌ. وقالَ أبو عُبَيْدَةَ: لا يُقالُ للسفينةِ خَلِيَّةً، حتَّى يكونَ معَها زَوْرَقٌ، كأنَّهُ شَبَّهَهَا بالخَلِيَّةِ من الإِبِلِ.
فإنْ قيلَ: كيفَ يَجُوزُ أنْ يكونَ بالنواصِفِ السَّفينُ، وإنَّما النَّوَاصِفُ رِحابٌ تكونُ في الأوديَةِ؟ فالجوابُ عنْ هذا: أنَّ في البيتِ تقديماً وتأخيراً، والتقديرُ: كأنَّ حُدُوجَ المالكيَّةِ غُدوةً بالنواصفِ مِنْ دَدٍ خَلايا سَفِينٍ. والباءُ في موضِعِ الحالِ؛ أيْ: كأنَّ حُدُوجَ المالكيَّةِ وهيَ بالنواصِبِ. و(مِن) صلةُ (النواصِفِ).
4- عَدَوْلِيَّةٍ أوْ مِنْ سَفِينِ ابنِ يَامِنٍ = يَجُورُ بها المَلاَّحُ طَوْراً ويَهْتَدِي
أحمدُ بنُ عُبَيْدٍ: َدَولِيَّةٌ) منسوبةٌ إلى جزيرةٍ مِنْ جَزَائِرِ البحرِ، يُقَالُ لها: عَدَوْلَى أسفلَ مِنْ أَوَالٍ، وأوالٌ أسفلَ مِنْ عُمانَ. وقالَ غيرُهُ: العَدَوْلِيَّةُ منسوبةٌ إلى قومٍ كَانُوا يَنْزِلُون بِهَجَرٍ، لَيْسُوا من رَبِيعَةَ ولا مِنْ مُضَرَ ولا من اليمنِ. و(ابنُ يَامِنٍ): مَلاَّحٌ منْ أهلِ هَجَرٍ أوْ تاجِرٌ.
ويُرْوَى: (أَوْ مِنْ سَفِينِ ابْنِ نَبْتَلٍ)، وهوَ أيضاً ملاَّحٌ منْ أهلِ هَجَرٍ. و(يَجُورُ)؛ أيْ: يَعْدِلُ بها ويَمِيلُ.و(يَهْتَدِي): يَمْضِي للقَصْدِ. وقالَ ابنُ الأعرابِيِّ: (عَدَوْلِيَّةٍ) منسوبةٌ إلى قِدَمٍ أوْ ضِخَمٍ. و(عَدَوْلِيَّةٍ) منْ نَعْتِ (السَّفِينِ). و(طَوْراً) منصوبٌ على أنَّهُ ظرفٌ؛ لأنَّ معناهُ: وَقْتاً وحيناً. وقِيلَ في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: َقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}:إنَّ معناهُ: نُطْفَةً ثمَّ عَلَقَةً ثمَّ مُضْغَةً. وقيلَ: معناهُ:اختلافُ المناظِرِ.
5- يَشُقُّحَبَابَ الْمَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا = كما قَسَمَ التُّرْبَ الْمُفَايِلُ بِالْيَدِ
َبَابُ المَاءِ): طرائِقُهُ. (والحَيْزُومُ): الصَّدْرُ؛ أيْ: يَشُقُّ حَيْزُومُها بها حَبابَ الماءِ؛ أيْ: يَقْطَعُهُ ويُقَسِّمُهُ كقِسْمَةِ المُفَايِلِ التُّرْبِ.و(المُفَايِلُ): الذي يَلْعَبُ لُعْبَةً لِصِبْيَانِ الأعرابِ يُقالُ لها: الفِيَالُ والمُفَايَلَةُ، وهيَ تُرَابٌ يَكُومُونَهُ، أوْ رَمْلٌ، ثُمَّ يَخْبَؤُونَ فيهِ خَبِيئاً، ثُمَّ يَشُقُّ المُفايِلُ تلكَ الكَوْمَةَ بيدِهِ فيَقْسِمُها قِسْمَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: في أَيِّ الجانبيْنِ خَبَّأْتُ؟ فإنْ أصابَ ظَفِرَ، وإنْأَخْطَأَ قُمِرَ.والكافُ في موضِعِ نصبٍ.وقولُهُ: (المُفَايِلُ): هوَ مُفَاعِلٌ مِن الفَأْلِ بالظَّفَرِ، أوْ منْ قَوْلِهم: فالَ رَأْيُهُ، إذا لم يَظْفَرْ.
6- وفي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ = مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ
َحْوَى): ظَبْيٌ لهُ خُطَّتَانِ مِنْ سَوَادٍ، وإنَّما أرادَ سوادَ مَدْمَعِ عَيْنِهِ، شَبَّهَ المرأةَ بالظبيِ الأَحْوَى.و(المَرْدُ): ثَمَرُ الأراكِ المُدْرِكُ، الواحدةُ مَرْدَةٌ. ومعنى (يَنْفُضُ): يَعْطُو لِيَتَنَاوَلَ ثَمَرَ الأراكِ، فيسقُطُ عليهِ النَّفَضُ. والنَّفَضُ: ما سقَطَ من النَّفْضِ.ويُقَالُ: (شَدَنَ) إذا قَوِيَ، والأُمُّ مُشْدِنٌ. و(السِّمْطُ): النَّظْمُ مِن اللؤلؤِ.
وقولُهُ: (مُظَاهِرُ سِمْطَيْ) يعني: أنَّهُ قدْ لَبِسَ واحداً فوقَ آخَرَ. ومنهُ: تَظَاهَرَت الأخبارُ؛ أيْ: أَتَى خَبَرٌ على إثرِ خَبَرٍ.ويَجُوزُُظَاهِرَ) بالنصبِ على الحالِ.
7- خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَباً بِخَمِيلةٍ =تَنَاوَلُ أَطْرَافَ البَرِيرِ وتَرْتَدِي
(الخَذُولُ): التي خَذَلْتْ صَوَاحِبَها، وأقامَتْ على وَلَدِها، وهيَ الخاذِلُ.فإنْ قالَ قائلٌ: كيفَ قالَ: (وفي الحَيِّ أَحْوَى)، ثمَّ قالَ: َذُولٌ)، والخَذُولُ نَعْتُ الأُنْثَى؟ قيلَ لهُ: هذا على طريقِ التشبيهِ، أرادَ: وَفِي الحيِّ امرأةٌ تُشْبِهُ الغَزَالَ، في طُولِ عُنُقِها وحُسْنِها، وتُشْبِهُ البقرةَ في حُسْنِ عَيْنَيْها.
وقولُهُ: (تُرَاعِي رَبْرَباً)؛ أيْ:تَرْعَى معَ رَبْرَبٍ. و(الرَّبْرَبُ): القَطِيعُ من البقرِ والظِّباءِ وغيرِ ذلكَ. وخَصَّ الخَذُولَ؛ لأنَّها فَزِعَةٌ وَلِهَةٌ على خِشْفِهَا، فهيَ تَشْرَئِبُّ وتَمُدُّ عُنُقَهَا وتَرْتَاعُ؛ لأنَّها مُنْفَرِدَةٌ، وهوَ أَحْسَنُ لَهَا،وَلَوْ كانَتْ في قَطِيعِها لم يَبِنْ حُسْنُها. و(الخَمِيلَةُ): الأرضُ السَّهْلَةُ اللَّيِّنَةُ ذاتُ الشَّجَرِ.و(الْبَرِيرُ): ثَمَرُ الأَرَاكِ.
8- وتَبْسِمُ عنْ أَلْمَى كأنَّ مُنَوِّراً =تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّملِ دِعْصٌ لهُ نَدِي
أيْ: وتَبْسِمُ عنْ ثَغْرٍَلْمَى)؛ أيْ: أَسْمَرَ اللِّثَاتِ. وهم يَمْدَحُونَ سُمْرَةَ اللِّثةِ؛ لأنَّها تُبَيِّنُ بَيَاضَ الأسنانِ.و(المُنَوَّرُ): الأُقْحُوَانُ الذي قدْ ظَهَرَ نَوْرُهُ. و(تَخَلَّلَ)؛ أيْ: دَخَلَ في خَلَلِهِ. و(حَرُّ الرَّمْلِ): خَالِصُهُ، وكذلكَ حَرُّ كُلِّ شيءٍ.و(الدِّعْصُ): الكَثِيبُ من الرملِ. ومِمَّا يُسْأَلُ عنهُ في هذا البيتِ، أنْ يُقالَ: ما يَعُودُ على قَوْلِهِ: (أَلْمَى)، وأينَ خَبَرُ (كَأَنَّ)؛ لأنَّ الهاءَ في قَوْلِهِ: (لَهُ) تعودُ على الأُقْحُوَانِ؟
فالجوابُ عنْ هذا: أنَّ خبرَ (كأنَّ) محذوفٌ، وهوَ يعودُ على قولِهِ: َلْمَى)، والمعنى: كأنَّ مُنوِّراً، مُتَخَلِّلاً حُرَّ الرملِ دِعْصٌ لهُ نَدٍ، هذا الثَّغْرُ. فحُذِفَ لِعِلْمِ السامعِ.
9- سَقَتْهُ إِيَاةُ الشَّمْسِ إلاَّ لِثاتِهِ =أُسِفَّ ولمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بإِثْمِدِ
(إِيَاةُ الشمسِ): ضَوْءُها وشُعَاعُها، ويقالُ: إِيَا الشمسِ بالقصرِ، وأَيَاءٌ.إذا كَسَرْتَ الهمزةَ قَصَرْتَ، وإذا فَتَحْتَ مَدَدْتَ.ومعنى (سَقَتْهُ): حَسَّنَتْهُ وبَيَّضَتْهُ وأَشْرَبَتْهُ حُسناً.وقِيلَ في قَوْلِهِ: َقَتْهُ إِياةُ الشمسِ): منْ قَوْلِ الأعرابِ إذا سَقَطَتْ سِنُّ أَحَدِهِم كانَ يَرْمِيهَا إلى عَيْنِ الشمسِ، ويقولُ: أَبْدِلْنِي سِنًّا مِنْ ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ. ومعنى (أُسِفَّ): ذُرَّ عليهِ؛ أيْ: أُسِفَّ بإِثْمِدٍ.(ولَمْ تَكْدِمْ عليْهِ)؛ أيْ: لم تَعْضَضْ عَظْماً، فيُؤَثِّرَ في ثَغْرِها، ويُذْهِبَ أُشُرَهُ.
والهاءُ في (سَقَتْهُ) تعودُ على الثَّغْرِ، وكذلكَ الهاءُ، في (لِثَاتِهِ). و(اللِّثَاتُ) في موضِعِ نصبٍ على الاستثناءِ.والمُضْمَرُ الذي في قَوْلِهِ: ُسِفَّ) يعودُ على الثَّغْرِ أيضاً على قولِ أهلِ اللُّغَةِ، والمعنى عِنْدَهم: أنَّهُ يَعُودُ على الثَّغْرِ، وهوَ يُرِيدُ اللِّثَاتِ، وليسَ يَمْتَنِعُ أنْيعودَ على اللِّثَاتِ، وقدْ يُذَكَّرُ، يُحْمَلُ على تذكيرِ الجمعِ، وإنَّما قالُوا: إنَّهُ يُرِيدُ اللِّثَاثِ؛ لأنَّهُ يُرِيدُ أنَّ اللِّثَاتِ كأنَّها ذُرَّ عليها كُحْلٌ، وهم يَمْتَدِحُونَ النِّسَاءَ بهذا، وكذلكَ سُمْرَةُ الشِّفَةِ.
10- وَوَجْهٌ كأنَّ الشَّمْسَ حَلَّتْ رِدَاءَهَا =عَلَيْهِ نَقِيُّ اللَّوْنِ لمْ يَتَخَدَّدِ
أيْ: ولها وَجهٌ.ورَوَى بعضُهم: (وَوَجْهٍ) بالجَرِّ، عَطَفَهُ على (أَلْمَى)؛ أيْ: وتَبْسِمُ عنْ وَجْهٍ.ومعنى (حَلَّتْ رِدَاءَهَا * عليْهِ): قَلَعَتْهُ وأَلْبَسَتْهُ إِيَّاهُ. وقولُهُ: (لم يَتَخَدَّدِ) لم يَضْطَرِبُ، مُشْتَقٌّ مِن الخَدِّ؛ لأنَّهُ إنَّما قِيلَ لهُ: خَدٌّ؛ لأنَّهُ يَضْطَرِبُ عندَ الأكلِ.
11- وإنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عندَ احْتِضَارِهِ =بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي
يقالُ: مَضَى الشيءُ يَمْضِي مَضَاءً ومُضِيًّا، وأَمْضَيْتُهُ أنا (أُمْضِيهِ) إِمضاءً؛إذا أَذْهَبْتَهُ عنكَ. والمَضَاءُ: السُّرْعَةُ.يَقُولُ: إذا نَزَلَ بي هَمٌّ سَلَّيْتُهُ عَنِّي وأَمْضَيْتُهُ بأَنْ أَرْتَحِلَ على هذهِ الناقةِ (العَوْجَاءِ)، وهيَ الضامِرَةُ التي قدْ لَحِقَ بَطْنُها بظَهْرِها، واعْوَجَّ شَخْصُها.و(المِرْقَالُ): السريعةُ في سَيْرِها، كأنَّ في سَيْرِها خَبَباً.و(مِرْقَالٌ) على التكثيرِ، كما تَقُولُ: مِذْكَارٌ ومِئْنَاثٌ.
وقولُهُ:(بعَوْجَاءَ)، يُقالُ للمذكَّرِ: أَعْوَجُ،وكانَ يَجِبُ أنْ يُقَالَ للأنثى: أَعْوَجَةٌ، كما يُؤَنَّثُ بالهاءِ في غيرِ هذا، إلاَّ أنَّ قولَكَ: َعْوَجُ) وما أَشْبَهَهُ ضَارَعَ الفعلَ منْ جهتَيْنِ: إحدَاهُما أنَّهُ صِفَةٌ، والأُخْرَى أنَّ لفظَهُ كلفظِ الفعلِ، فَلَوْ قُلْتَ: أَعْوَجَةٌ وأَحْمَرَةٌ، لَزَالَتْ إحدَى الجهتيْنِ، فلِهَذَا أُنِّثَ بالهمزةِ؛ لأنَّ مَخْرَجَها منْ مخرَجِ الهاءِ، وأُزِيلَت الهمزةُ منْ أَوَّلِهِ؛ لأنَّهم لوْ تَرَكُوها على حالِها لكانَ في وَزْنِ أَحْمَرَةٍ.وأمَّا زِيَادَتُهم الألِفَ قبلَ الهمزةِ فِفِيهِ قولانِ:
أَحَدُهما: أنَّ هاءَ التأنيثِ يكونُ ما قبلَها مفتوحاً، والهمزةُ يَخْتَلِفُ ما قبلَها، فجَاؤُوا بالألفِ عِوَضاً من الفتحةِ.
والقولُ الآخَرُ: أنَّهُم أرادُوا أنْ يُخَالِفُوا بينَها وبينَ الهاءِ، فزَادُوا حرفيْنِ، ولم يَزِيدُوا واحداً فيكونَ بمنزلةِ الهاءِ.
12- أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَسَأْتُهَا = على لاحِبٍ كأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
(الأَمُونُ): التي يُؤْمَنُ عِثَارُها.و(الإِرَانُ): تابوتٌ كَانُوا يَحْمِلُونَ فيهِ سَادَتَهُم وكُبَرَاءَهُم دُونَ غَيْرِهم.وكلُّ خَشَبَةٍ عَرِيضَةٍ فهيَ (لَوْحٌ).و(نَسَأْتُهَا): ضَرَبْتُها بالمِنْسَأَةِ.ويُرْوَى: (نَصَأْتُهَا). وقالَ ابنُ الأعرابيِّ: نَصَأْتُهَا ونَسَأْتُهَا: زَجَرْتُها وضَرَبْتُها بالمِنْسَأَةِ، وهما واحدٌ.وقيلَ: نَصَأْتُها: قَدَّمْتُها، ونَسَأْتُهَا: أَخَّرْتُها.و(اللاَّحِبُ): طَرِيقٌ مُنْقَادٌ، ويقالُ: مَرَّ فلانٌ يَلْحُبُ، إذا مَرَّ مَرًّا سَرِيعاً. واللاحِبُ: الْبَيِّنُ المُؤَثَّرُ فيهِ.
فإنْ قِيلَ: كانَ يَجِبُ أنْ يَقولَ: َلْحُوبٌ)، فالجوابُ عنهُ أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يكونَ مثلَ قَوْلِهِ تعالى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}، قيلَ: معناهُ: مَدْفُوقٍ،وحقيقتُهُ أنَّهُ بمعنى: ذِي دَفْقٍ. ويَجُوزُ أنْ يكونَ (لاحِبٌ) على بابِهِ، كأنَّهُ يَلْحُبُ أَخْفَافَ الإِبِلِ؛ أيْ: يُؤَثِّرُ فيها، والهاءُ في (كأنَّهُ) تعودُ على الطريقِ، كأنَّهُ قالَ: على طَرِيقٍ لاحِبٍ.وشَبَّهَ الطرائقَ التي في الطريقِ بطرائقِ (البُرْجُدِ)، وهوَ: كِسَاءٌ مُخَطَّطٌ، وأرادَ: كأنَّهُ بُرْجُدٌ، ولم يُرِد الظَّهْرَ دونَ البطنِ.
13- تُبَارِي عِتَاقاً نَاجِيَاتٍ وَأَتْبَعَتْ =وَظِيفاً وَظِيفاً فوقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
ُبَارِي): تُعَارِضُ، يُقالُ: هُمَا يَتَبَارَيَانِ في السَّيْرِ، إذا فَعَلَ هذا شيئاً فَعَلَ هذا مِثْلَهُ.و(العِتَاقُ): الكِرَامُ مِن الإِبِلِ البِيضُ.والعِتْقُ: الكَرَمُ، والعِتْقُ أيضاً: الحُسْنُ والجمالُ، يُقَالُ: عَتَقَ الفَرَسُ؛ إذا سَبَقَ.وبهِ سُمِّيَ بيتُ اللَّهِ العَتِيقَ؛ لأنَّهُ عَتَقَ أنْ يُمْلَكَ؛ أيْ: سَبَقَ ذلكَ.ويقالُ: سُمِّيَ العَتِيقَ؛ لأنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِن الغَرَقِ أيَّامَ الطُّوفانِ.وقيلَ: سُمِّيَ العَتِيقَ؛ لأنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِن الجَبَابرةِ، فلم يَقْصِدْهُ جَبَّارٌ إلاَّ قَصَمَهُ اللَّهُ.
و(النَّاجِيَاتُ): السِّراعُ، يقالُ: نَجَا يَنْجُو، إذا أَسْرَعَ. والنَّجْوَةُ: المكانُ المرتفِعُ، سُمِّيَ بذلكَ لأنَّهُ يُنْجَى عليهِ من السَّيْلِ. و(الْوَظِيفُ): عَظْمُ الساقِ.وقولُهُ (وَأَتْبَعَتْ * وَظِيفاً وَظِيفاً)؛ أيْ: أَتْبَعَتْ وَظِيفَ يَدِها وَظِيفَ رِجْلِها.ويُسْتَحَبُّ من الناقةِ أنْ تَجْعَلَ رِجْلَهَا في موضِعِ يَدِهَا إذا سارَتْ، ويُسْتَحَبُّ أنْ تكونَ خَرْقَاءَ اليَدِ، صَناعَ الرِّجلِ. و(المَوْرُ): الطريقُ، ويُقالُ: مَارَ يَمُورُ مَوْراً، إذا دارَ. والْمُورُ بالضَّمِّ: التُّرَابُ والغُبارُ.
وَ(المُعَبَّدُ): المُذَلَّلُ، يُقالُ: بَعِيرٌ مُعَبَّدٌ؛ أيْ: مُذَلَّلٌ قدْ طُلِيَ بالهِناءِ، وَبَعِيرٌ مُعَبَّدٌ؛ أيْ: مُكْرَمٌ، وهوَ مِن الأَضْدَادِ، قالَ الشاعِرُ:
تقولُ: أَلا أَمْسِكْ عَلَيْكَ فَإِنَّنِي = أَرَى الْمَالَ عِنْدَ الْبَاخِلِينَ مُعَبَّدَا
ومعناهُ: مُكَرَّماً، كأنَّهُم يَعْبُدُونَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ علَيْهِم.
وَمَوْضِعُ (تُبَارِي) يَجُوزُ أنْ يكونَ نَصْباً على الحالِمن الهاءِ والألِفِ؛ أيْ: مُبَارِيَةً عِتَاقاً. ويَجُوزُ أنْ يكونَ في مَوْضِعِ جَرٍّ على الاتِّبَاعِ لـ(أَمُونٍ).
14- تَرَبَّعَت القُفَّيْنِ بالشَّوْلِ تَرْتَعِي =حَدَائِقَ مَوْلِيِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
(القُفُّ): ما غَلُظَ من الأرضِ وارْتَفَعَ، ولم يَبْلُغْ أنْ يكونَ جَبَلاً.و(الشَّوْلُ) مِن النُّوقِ: الَّتِي قد ارْتَفَعَتْ أَلْبَانُها. و(الحدائِقُ): البساتينُ.و(المَولِيُّ): الذي أَصَابَهُ الوَلْيُ مِن المطرِ، وهوَ الذي يَجِيءُ بعدَ الوَسْمِيِّ.و(الأَسِرَّةُ): بُطُونُ الأَوْدِيَةِ، والواحدةُ سَرَارَةٌ، وهوَ أَكْرَمُ الوادي؛ لأنَّهُ يُقالُ: فُلانٌ في سِرِّ قومِهِ؛ أيْ: في صَمِيمِهِم. وقولُهُ: (بالشَّوْلِ)؛ أيْ: في الشَّوْلِ.ويُرْوَى: (في الشَّوْلِ). والشَّوْلُ: جَمْعُ شَائِلَةٍ، وكأنَّها التي قدْ شَالَ ضَرْعُها، وهيَ التي قدْ أَتَى عليها منْ وقتِ نِتَاجِها سَبْعَةُ أشهُرٍ، وهذا كَقَوْلِهم: شَالَ المِيزَانُ يَشُولُ؛ إذا ارْتَفَعَ.
وقالَ الكُوفِيُّونَ: هذا مِن الشَّاذِّ، كانَ يَجِبُ أنْ يُقالَ: شائِلٌ؛ لأنَّهُ شيءٌ لا يكونُ إلاَّ للإناثِ. وهوَ عندَ البَصْرِيِّينَ جَيِّدٌ، على أنْ تُجْرِيَهُ على الفعلِ، فَتَقُولَ: شَالَتْ فهيَ شائِلَةٌ، فأمَّا إذا شَالَتْ بذَنَبِها فإنَّما يُقالُ: شَائِلٌ بلا هاءٍ، هذا الأَكْثَرُ. ويَجُوزُ أنْ تُجْرِيَهُ على الفعلِ فَتَقُولَ: شائِلَةٌ. و(تَرْتَعِي): تَفْتَعِلُ مِن الرَّعْيِ.وكلُّ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ أَوْ نَخْلٍ فهيَ حديقةٌ، و(الحدائِقُ) هنا: الرِّيَاضُ. و(الأَغْيَدُ): الناعِمُ؛ أيْ: ذُو النَّعْمَةِ، كأنَّهُ اللَّيِّنُ مِن النَّعْمَةِ.
15- تَرِيعُ إلى صَوْتِ المُهِيبِ وَتَتَّقِي =بِذِي خُصَلٍ رَوْعاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ
(المُهِيبُ): الذي يَصِيحُ بها: هَوْبَ هَوْبَ.و(تَرِيعُ)؛ أيْ: تَرْجِعُ إلى صَوتِ الراعِي إذا دَعَا بها. و(تَتَّقِي * بِذِي خُصَلٍ) المفعولُ محذوفٌ، المعنى: وتَتَّقِي الفَحْلَ بِذَنَبِ ذِي خُصَلٍ؛ لأنَّ الناقةَ إذا كانَتْ حامِلاً اتَّقَت الفَحْلَ بحركةِ ذَنَبِها، فيَعْلَمُ الفَحْلُ أنَّها حامِلٌ، فلا يَقْرَبُها.
و(الأَكْلَفُ) مِنْ صفةِ الفَحْلِ، وهوَ الذي في لونِهِ حُمْرَةٌ إلى السَّوَادِ. و(المُلْبِدُ): الذي قدْ صارَ على وَرِكِهِ مِثْلُ اللِّبْدِ منْ ثَلْطِهِ؛ لأنَّهُ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ مِن الهَيَاجِ على ظَهْرِهِ. و(الرَّوْعَاتُ): جَمْعُ رَوْعَةٍ، وهوَ الفَزَعُ. ومن العربِ مَنْ يقولُ: رَوَعَاتٌ؛ لِيُفَرِّقَ بينَ الاسمِ والصفةِ، مِثْلُ: جَفْنَةٍ وجَفَنَاتٍ.إلاَّ أنَّ الأحسنَ رَوْعَاتٌ بِتَسْكِينِ الواوِ؛ لاسْتِثْقَالِهِم الحركةَ فيها.
فإنْ قِيلَ: سبيلُ الواوِ إذا كانَتْ في موضِعِ حركةٍ، وكانَتْ قَبْلَها فتحةٌ، أنْ تُقْلَبَ أَلِفاً، فيَجِبُ على هذا في لُغَةِ مَنْ حَرَّكَ، أنْ يَقُولَ: رَاعَاتٌ. فالجوابُ عنهُ أنَّهُ وإنْ حُرِّكَ فالأصلُ الإسكانُ، فصارَ بمَنْزِلَةِ قولِكَ: صَيِدَ البعيرَ، فلم تُقْلَب الياءُ ألِفاً؛ لأنَّهُ في معنى اصْيَدَّ واصْيَادَّ، أَلا تَرَى أنَّهُم يقولونَ: حَوَكَةٌ، فَيَأْتُونَ بهِ عَلَى الأصلِ.
16- كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَا =حِفَافَيْهِ شُكَّا في الْعَسِيبِ بِمِسْرَدِ
شَبَّهَ هُلْبَ ذَنَبَها بجَنَاحَيْ (مَضْرَحِيٍّ)، وهوَ العَتِيقُ من النُّسُورِ يَضْرِبُ إلى البياضِ. و(حِفَافَاهُ): جانِبَاهُ.وقولُهُ: (تَكَنَّفَا)؛ أيْ: صَارَا مِنْ جَانِبَيْهِ عنْ يمينِ الذَّنَبِ وشِمالِهِ. و(شُكَّا): غُرِزَا وأُدْخِلا فيهِما. و(العَسِيبُ): عَظْمُ الذَّنَبِ.و(المِسْرَدُ): المِخْصَفُ وهوَ الإِشْفَى. وقالَ الأَصْمَعِيُّ: يُسْتَحَبُّ مِن المَهَارِي أنْ تَقْصُرَ أَذْنَابُهَا، وقَلَّمَا تَرَى مَهْرِيًّا إلاَّ ورَأَيْتُ ذَنَبَهُ أَعْصَلَ، كأنَّهُ أَفْعَى، وهوَ عَيْبٌ فيما يُحْلَبُ. ويُمْدَحُ في ذَوَاتِ الحَلَبِ سُبُوغُ الأذنابِ، وكَثْرَةُ هُلْبِهَا. وقالَ غيرُهُ: كلُّ الفحولِ مِن الشعراءِوَصَفَ الأذنابَ بكَثْرَةِ الهُلْبِ، مِنهم امْرُؤُ القيسِ وطَرَفَةُ وعُتَيْبَةُ بنُ مِرْدَاسٍ وغيرُهم.
17- فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيلِ وتارَةً =على حَشِفٍ كالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
يَقُولُ: طَوْراً تَرْفَعُ ذَنَبَهَا وتَضْرِبُ بهِ خَلْفَ (الزَّمِيلِ)؛ أي: الرَّدِيفِ.ولا زَمِيلَ هُنَاكَ، وإنَّما أرادَ مَوْضِعَ الزَّمِيلِ.ومَرَّةً تَضْرِبُ بهِ على ضَرْعِها.وإنَّما سَمَّاهَُشِفاً)؛ لأنَّهُ مُتَقَبِّضٌ لالَبَنَ فيهِ.و(الشَّنُّ): الْقِرْبَةُ الخَلَقُ.و(الذَّاوِي): الذَّابِلُ الذي قدْ أَخَذَ في اليُبْسِ.و(المُجَدَّدُ): الذاهِبُ اللَّبَنِ. ناقةٌ جَدُودٌ، وأَتَانٌ جَدُودٌ: ذَهَبَ لَبَنُها مِنْ غيرِ بَأْسٍ.وأصلُ الكلمةِ مِنْ قَوْلِهم: جَدَدْتُ الشيءَ إذا قَطَعْتَهُ، فالجَدُودُ: التي انْقَطَعَ لَبَنُها.و(الطَّوْرُ) والتَّارَةُ: وَقْتَانِ.
18- لَهَا فَخِذَانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيهِمَا = كَأَنَّهُمَا بَابَا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ
(أُكْمِلَ): أُتِمَّ. والكَمالُ: التَّمَامُ. و(النَّحْضُ): اللَّحْمُ، ويُقالُ: نُحِضَ العَظْمُ، إذا أُخِذَ ما عليهِ من النَّحْضِ. ورَوَى الطُّوسِيُّ: (لَهَا فَخِذَانِ عُوِليَ النَّحْضُ فِيهِمَا).و(عُوِليَ) معناهُ: ظُوهِرَ وكَثُرَ.وقولُهُ: (بَابَا مُنِيفٍ)، يقولُ: كأنَّ الفَخِذَيْنِ بَابَا قَصْرٍ (مُنِيفٍ)؛ أيْ: مُشْرِفٍ. يُقالُ: أَنَافَ الشيءُ يُنِيفُ إِنَافَةً، إذا عَلا وأَشْرَفَ.و(المُمَرَّدُ)، قالُوا: هوَ المُطَوَّلُ. ويَكُونُ على هذا منْ قولِهم: تَمَرَّدَ؛ إذا تَجَاوَزَ في الشَّرِّ. وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ في صِفَةِ فَحْلٍ، وذَكَرَ ارْتِفَاعَ سَنَامِهِ:
* بَنَى لَهُ العُلَّفُ قَصراً مَارِدَا *
وقِيلَ: (المُمَرَّدُ): المُمَلَّسُ. ومنهُ: شَجَرَةٌ مَرْدَاءُ؛ إذا سَقَطَ وَرَقُها فصَارَتْ مَلْسَاءَ.ومنهُ سُمِّيَ الأمردُ أَمْرَدَ؛ لأنَّهُ أَمْلَسُ الخَدَّيْنِ.
19- وَطَيُّ مَحَالٍ كَالْحَنِيِّ خُلُوفُهُ =وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ
أيْ: لَهَا مَحالٌ مَطْوِيَّةٌ. و(المَحَالُ): فَقَارُ الظهرِ، الواحِدَةُ: مَحَالَةٌ. و(الْحَنِيُّ): القِسِيُّ، واحِدَتُها حَنِيَّةٌ، ويُرْوَى بضَمِّ الحاءِ وكسرِها، كما يُقالُ: عُصِيٌّ وَعِصِيٌّ. و(الخُلُوفُ): أطرافُ الأضلاعِ.و(الجِرَانُ): بَاطِنُ العُنُقِ، جَمَعَهُ بما حَوَالَيْهِ. و(لُزَّتْ): قُرِنَ بعضُها إلى بعضٍ فانْضَمَّتْ واشْتَدَّتْ.و(دَأْيٌ): جَمْعُ دَأْيَةٍ، وهيَ الفَقَارُ، وكلُّ فِقْرَةٍ مِنْ فَقَارِ العُنُقِ والظَّهْرِ دَأْيَةٌ.
يقولُ: مَحَالُ ظَهْرِها مُتَرَاصِفٌ مُتَدانٍ بعضُهُ منْ بعضٍ، وذلكَ أَشَدُّ لَهَا وأَقْوَى مِنْ ألاَّ تَكُونَ مُتَدَانِيَاتٍ.
20- كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها =وأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ
(الْكِنَاسُ) أَنْ تَحْتَفِرَ الثِّيرَانُ في أَصْلِ الشجرةِ، كالسَّرَبِ يُكِنُّها من الحَرِّ والبَرْدِ، والجمعُ: كُنُسٌ، وقدْ كَنَسَتْ تَكْنِسُ: إذا اسْتَظَلَّتْ في كُنُسِها مِن الحَرِّ. وإنَّما قالَ: ِنَاسَيْ)؛ لأنَّهُ يَسْتَكِنُّ بالغداةِ في ظِلِّها، وبالعَشِيِّ في فَيْئِها. والضَّالُ: السِّدْرُ البَرِّيُّ،الواحِدَةُ: َالَةٌ).و(الأَطْرُ): العَطْفُ.و(المُؤيَّدُ): المُقَوَّى. والأَيْدُ: القُوَّةُ.
يقولُ: كأنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفانِ هذهِ الناقةَ مِنْ سَعَةِ ما بينَ مِرْفَقَيْهَا وزَوْرِها.وإنَّما أرادَأنَّ مِرْفَقَيْهَا قدْ بَانَا عنْ إِبِطَيْهَا، فشَبَّهَ الهواءَ الذي بينَهما بكِنَاسَيْ ضالَةٍ، فَلَيْسَ بها حَازٌّ ولا نَاكِتٌ، وكأنَّ قِسِيًّا مَأْطُورَةٌ تحتَ صُلْبِها، يعني: تحتَ ضُلُوعِها.
21- لها مِرْفَقَانِ أَفْتَلانِ كَأَنَّمَا =تَمُرُّ بِسَلْمَيْ دَالِجٍ مُتَشَدِّدِ
(الأَفْتَلانِ): المُتَبَايِنَانِ، كأنَّما فُتِلا عنْ صَدْرِها؛ أيْ: عُدِلا. و(السَّلْمُ): الدَّلْوُ لها عُرْوَةٌ واحدةٌ، نَحْوُ دَلْوِ السَّقَّائِينَ.و(الدَّالِجُ): الذي يَمْشِي بينَ الحَوْضِ والبئرِ. يَقُولُ: هُما مَفْتُولانِ كأنَّهُما سَلْمَانِ بِيَدَيْ دَالِجٍ، فهوَ يُجَافِيهِمَا عنْ ثِيَابِهِ.
والروايَةُ الجيِّدَةُ: (تَمُرُّ) بفتحِ التاءِ.ويُرْوَى (تُمِرُّ) معناهُ: تَفْتِلُ وتُجَوِّدُ الفَتْلَ.وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: كأنَّما تُمِرُّ سَلْمَيْ، فَزَادَ الباءَ، أرادَ: تَبَايَنَ مِرْفَقَا الناقَةِ وتَبَاعَدَا عنْ زَوْرِها، كما يَتَبَاعَدُ عَضُدُ الدَّالِجِ عنْ زَوْرِهِ.
22- كَقَنْطَرَةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّهَا =لَتُكْتَنَفَنْ حَتَّى تُشَادَ بِقَرْمَدِ
َتُكْتَنَفَنْ)؛ أيْ: لَتُؤْتَيَنْ مِنْ أَكْنَافِها لِتُبْنَى. وَ(تُشَادَ): تُرْفَعَ. و(القَرْمَدُ): الآجُرُّ، الواحِدَةُ: قَرْمَدَةُ.وَقَصَدَ بِنَاءَ الرُّومِ لإحكامِهِ.
وقولُهُ:َتُكْتَنَفَنْ) أَقْسَمَ بالنونِ الخفيفةِ، والوقفُ عليها بالألفِ عِوَضاً من النونِ، ولا يُعَوَّضُ منها إذا كانَ قَبْلَها ضَمَّةٌ أوْ كسرةٌ؛ لأنَّهم شَبَّهُوهَا بالتنوينِ في الأسماءِ؛ لأنَّكَ تُعَوِّضُ منهُ في موضِعِ النصبِ، ولا تُعَوِّضُ في موضِعِ الرفعِ والجرِّ، إلاَّ أنَّ النونَ في الأفعالِ تُحْذَفُ لالتقاءِ الساكنيْنِ، والتنوينُفي الأسماءِ الاختيارُ فيهِ التَّحْرِيكُ؛ لأنَّ ما يَدْخُلُ في الأسماءِ أَقْوَى مِمَّا يَدْخُلُ في الأفعالِ.
23- صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُوجَدَةُ الْقَرَا =بَعِيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
(الصُّهَابِيَّةُ): التي يَضْرِبُ لَوْنُها إلى الصُّهْبَةِ، وهيَ بَيَاضٌ يُخَالِطُهُ حُمْرَةٌ. و(العُثْنُونُ): ما تَحْتَ لَحْيَيْهَا من الشَّعَرِ. و(المُوجَدَةُ): المُحْكَمَةُ. قالَ أبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: يُقالُ: نَاقَةٌ أُجُدٌ، إذا كانَ عَظْمُ عِدَّةٍ مِنْ فَقَارِهَا وَاحِداً.
وقولُهُ: (بَعِيدَةُ وَخْدِ الرِّجْلِ)، يُريدُ: سَعَةَ خَطْوِها. و(الوَخْدُ): ضَرْبٌ مِن السيرِ السريعِ. وقولُهُ: (مَوَّارَةُ اليَدِ)؛ أيْ: أنَّ كَتِفَيْهَا تَتْبَعَانِ يَدَيْهَا في سُهولَةٍ، يُرِيدُ أنَّها خَرْقَاءُ اليَدِ. ويُقَالُ: مَارَ يَمُورُ، إذا دَارَ.
24- أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ =لَهَا عَضُدَاهَا فِي سَقِيفٍ مُسَنَّدِ
ُمِرَّتْ): فُتِلَتْ.و(الشَّزْرُ): الفَتْلُ الذي يُقالُ لهُ: الدَّبِيرُ.ومنهُ يُقَالُ: فلانٌ ينظُرُ إليكَ شَزْراً، كأنَّهُ يَرْفَعُ طَرْفَهُ ثمَّ يَطْرِفُ؛ لأنَّ الشَّزْرَ الذي يُفْتَلُ بهِ عن الصَّدْرِ مُتَعَالًى، فَلِهَذَا سُمِّيَ الدَّبِيرَ.
وانْتَصَبَ (فَتْلَ)؛ لأنَّهُ نعتٌ لمَصْدَرٍ محذوفٍ، كأنَّهُ قالَ: أُمِرَّتْ يَدَاها إِمْرَاراً مِثْلَ فَتْلِ شَزْرٍ.
ومعنى (أُجْنِحَتْ): أُمِيلَتْ إلى خارِجٍ، فيقولُ: كأنَّ ظَهْرَها صَفَائِحُ صَخْرٍ لا يُؤَثِّرُ فيهِ شيءٌ.
وقيلَ: (السَّقِيفُ) هنا: زَوْرُهَا وما فوقَهُ. وأصلُ السَّقِيفِ: صفائِحُ مِنْ حِجارةٍ.و(مُسَنَّدٌ): أُسْنِدَ بعضُهُ إلى بعضٍ.
25- جَنُوحٌ دُِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَتْ = لَهَا كَتِفَاهَا في مُعَالًى مُصَعَّدِ
(الجَنُوحُ): التي تَمِيلُ على أَحَدِ شِقَّيْهَا في السَّيْرِ. و(الدُِّفاقُ): التي تَتَدَفَّقُ في السيرِ. و(العَنْدَلُ): الضخمةُ الرأسِ.و(أُفْرِعَتْ): عُولِيَتْ. و(في مُعالًى)؛ أيْ: معَ مُعالًى.
26- كَأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَيَاتِهَا =مَوارِدُ منْ خَلْقَاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
(العُلُوبُ): الآثارُ، واحِدُها عَلْبٌ. و(النِّسْعُ): حَبْلٌ مَضْفُورٌ مِنْ أَدَمٍ. و(الدَّأَيَاتُ): مُنْتَهَى الأضلاعِ.قيلَ: في الظَّهرِ، وقيلَ: في الصدرِ.و(المَوَارِدُ): طُرُقُ المِيَاهِ. و(الخَلْقَاءُ): الصخرةُ الملساءُ. و(القَرْدَدُ): الأرضُ الصُّلبةُ المستويَةُ. و(ظَهْرُ القَرْدَدِ): أَعْلاهُ. يَقُولُ: هذهِ العُلُوبُ في صَدْرِها مِثْلُ آثارِ الموارِدِ.
وقيلَ: مَعْنَى البيتِ: أنَّ النُّسُوعَ لا تُؤَثِّرُ في هذهِ النَّاقَةِ، إلاَّ كما تُؤَثِّرُ الموارِدُ في الصخرةِ المَلساءِ.وقيلَ: أرادَ بالموارِدِ: مَوَاضِعَ مَرِّ الحِبالِ على حَرْفِ البئرِ المَزْبُورَةِ، حتَّى تُؤَثِّرَ فيها أَثَراً ليسَ بالمُبَالَغِ، فكذلكَ آثارُ النُّسوعِ في جَنْبِ هذهِ الناقةِ، ليسَ بالمُبالَغِ؛ لِصَلابةِ جِلْدِهَا.
27- تَلاقَى وأَحْيَاناً تَبِينُ كَأَنَّهَا = بَنَائِقُ غُرٌّ في قَمِيصٍ مُقَدَّدِ
(تَلاقَى)؛ أيْ: تَتَلاقَى؛ أيْ:تَجْتَمِعُ. و(تَبِينُ): تَفْتَرِقُ، يعني: هذهِ الموارِدُ يكونُ بعضُها يَلِي بعضاً، ويَتَّصِلُ بعضُها ببعضٍ. و(البَنَائِقُ): جمعُ بَنِيقَةٍ، يقولُ: كأنَّها دَخَارِيصُ قَمِيصٍ.و(الغُرُّ): البِيضُ. و(المُقَدَّدُ): المُشَقَّقُ.وقالَ أحمدُ بنُ عُبَيْدٍ: (تَلاقَى) يعني: الحِبَالُ والآثارُ، إذا سَفَلَتْ إلى العُرَى الْتَقَتْ رُؤُوسُها، وإذا ارْتَفَعَتْ إلى الرَّحْلِ تَبَايَنَتْ. وخَصَّ الدَّخَارِيصَ؛ لِدِقَّةِ رُؤُوسِها وسَعَةِ أَسَافِلِها، فأرادَ أنَّ الآثارَ ممَّا يَلِي الْحَلَقَ دَقِيقَةٌ، وما عَلا مِنْ ذلكَ إلى الرَّحْلِ واسِعٌ؛ لأنَّ الحَلَقَ تَجْمَعُ الحِبَالَ فيَدِقُّ الأَثَرُ.
28- وأَتْلَعُ نَهَّاضٌّ إِذَا صَعَّدَتْ بِهِ = كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدِجْلَةَ مُصْعِدِ
يعنِي بـ(الأَتْلَعِ) عُنُقَهَا.والأَتْلَعُ: المُشْرِفُ.والتَّلَعُ: الطُّولُ. و(نَهَّاضٌ): يَنْهَضُ في السيرِ؛ أيْ:يَرْتَفِعُ إذا سَارَتْ. يُقَالُ: نَهَضَ إليهِ، إذا ارْتَفَعَ إليهِ، ونَهَضَ الفَرْخُ، إذا ارْتَفَعَ وفارَقَ عُشَّهُ، وهيَ النَّوَاهِضُ.ومعنى (صَعَّدَتْ بِهِ): أَشْخَصَتْهُ في السماءِ. و(السُّكَّانُ): الذي تُقَوَّمُ بهِ السَّفِينَةُ. و(الْبُوصِيُّ): السفينةُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.ويُرْوَى: (كَسُكَّانِ نُوتِيٍّ).والنُّوتِيُّ: المَلاَّحُ.وقالَ: (مُصْعِدِ)؛ لأنَّهُ يُعَالِجُ المَوْجَ.
29- وَجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كَأَنَّمَا = وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إلى حَرْفِ مِبْرَدِ
(العَلاةُ): السِّنْدَانُ التي يَضْرِبُ عليها الحَدَّادُ حَدِيدَتَهُ، شَبَّهَ جُمْجُمَتَها بها في صَلابَتِها.
و(الجُمْجُمَةُ): عِظَامُ الرأسِ. و(وَعَى): اجْتَمَعَ وانْضَمَّ. يُقالُ: وَعَى عَظْمُهُ، إذا اجْتَبَرَ وتَمَاسَكَ. وَلا وَعْيَ عنْ ذَاكَ؛ أيْ: لا تَمَاسُكَ عنهُ.
و(المُلْتَقَى): يعني كُلَّ قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قبائلِ الرأسِ الْتَقَتَا، ويعني حُيُودَ رَأْسِ الناقةِ. وكُلُّ نَادِرٍ: حَيْدٌ. وإنَّما أرادَ صَلابَتَهَا، فَلَيْسَ لِمُلْتَقَى شُؤُونِها نُتوءٌ، كأنَّهُ مُلْتَئِمٌ كُلُّهُ، كَالْتِئَامِ المِبْرَدِ مِنْ تَحْتِ حُزُوزِهِ.
فيقولُ: هذهِ الجُمْجُمَةُ كأنَّها قِطْعَةٌ واحدةٌ في الْتِئَامِها.وخَصَّ المِبْرَدَ؛ لِلْحُزُوزِ التي فيهِ. فيقولُ: فيهِ نُتوءٌ غيرُ مُرْتَفِعٍ. قالَ الأَصْمَعِيُّ: لم يَقُلْ أَحَدٌ مثلَ هذا البيتِ، كما لم يَقُلْ أحدٌ مِثْلَ قولِ عَنْتَرَةَ:
غَرِدٌ يَسُنُّ ذِرَاعَهُ بِذِرَاعِهِ = قَدْحَ المُكِبِّ عَلَى الزِّنَادِ الأَجْذَمِ
30- وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَرٌ = كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُحَرَّدِ
شَبَّهَ بَيَاضَ خَدِّها بِبَيَاضِ القِرْطَاسِ قبلَ أنْ يُكْتَبَ فيهِ.وقيلَ: أرادَ أنَّهُ عَتِيقٌ لاشَعَرَ عليهِ.والشعَرُ في الخَدِّ هُجْنَةٌ.والمرادُأنَّهُ جُعِلَ كالقِرْطَاسِ؛ لنقائِهِ وقِصَرِ شَعَرَتِهِ.
والمِشْفَرُ مِن البَعِيرِ: كالشَّفَةِ مِن الإنسانِ. و(السِّبْتُ): جُلُودُ البقرِ إذا دُبِغَتْ بالقَرَظِ، فإنْ لم يُدْبَغْ بالقَرَظِ فليسَ بِسِبْتٍ. وأرادَ: أنَّ مَشَافِرَها طُوَالٌ، كأنَّها نِعَالُ السِّبْتِ، وذلكَ ممَّا يُمْدَحُ بهِ. وخَصَّ السِّبْتَ لِلِينِهِ. وقولُهُ: (لم يُحَرَّدِ)؛ أيْ: لم يُمَيَّلْ، يَصِفُ أنَّها شَابَّةٌ فَتِيَّةٌ، وذلكَ أنَّ الهَرِمَةَ والهَرِمَ تَمِيلُ مَشَافِرُهُمَا.
31- وَعَيْنَانِ كالمَاوِيَّتَيْنِ اسْتَكَنَّتَا =بِكَهْفَيْ حِجاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
شَبَّهَ عَيْنَيْهَا بِالمَاوِيَّتَيْنِ لِصَفَائِهِما.و(المَاوِيَّتَانِ): المِرْآتَانِ. و(اسْتَكَنَّتَا): حَلَّتَا في كِنٍّ. و(الكَهْفُ): غارٌ في الجبَلِ، وهوَ هَهُنَا: غارُ العَيْنِ الذي فيهِ مُقْلَتُها. و(الحِجَاجُ): العَظْمُ المُشْرِفُ على العيْنِ، الذي يَنْبُتُ عليهِ شَعَرُ الحاجِبِ.و(القَلْتُ): نُقْرَةٌ في الجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ، مُؤَنَّثَةٌ، وجَمْعُها: قِلاتٌ.
وقولُهُ: (قُلْتِ مَوْرِدِ) بَدَلٌ مِنْ (صَخْرَةٍ)، وإذا كانَت الصخرةُ في ماءٍ كانَ أَصْلَبَ لها. والمرادُ: أنَّ صَفَاءَ عَيْنَيْهَا كصَفَاءِ ماءِ القَلْتِ.وقولُهُ: (مَوْرِدِ) أرادَ: أنَّ ماءَ المَطَرِ يَرِدُها، ولوْ وَرَدَها الناسُ لَكَدَّرُوها.
32- طَحُورَانِ عُوَّارَ الْقَذَى فتَرَاهُمَا =كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
َحُورَانِ)؛ أيْ: دَفُوعَانِ. يُقالُ: طَحَرَهُ ودَحَرَهُ؛ أيْ: دَفَعَهُ. وَ(العُوَّارُ) والعائِرُ: ما أَفْسَدَ العينَ مِن الرَّمَدِ. فَيَقُولُ: عينُها صَحِيحَةٌ، لاقَذَى فيها، كأنَّها قدْ طَحَرَتْهُ.
وقولُهُ: (فَتَرَاهُمَا * كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ)، يريدُ: كَعَيْنَيْ بَقَرَةٍ مَذْعُورَةٍ. و(فَرْقَدُهَا): وَلَدُها. وإذا كانَتْ مَذْعُورَةً مُطْفِلاً كانَ أَحَدَّ لِنَظَرِها.
33- وَصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ لِلسُّرَى = لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ
يَعْنِي أُذُنَيْهَا؛ أيْ: لا تَكْذِبُهَا إذا سَمِعَت النَّبْأَةَ. و(التَّوَجُّسُ): التَّسَمُّعُ بحَذَرٍ. و(الهَجْسُ): الصوتُ الخَفِيُّ. وقولُهُ: (لِلسُّرَى)؛ أيْ: فِي السُّرَى، أوْ عِنْدَ السُّرَى. ويُقَالُ: سَرَى وأَسْرَى، إذا سَارَ بالليلِ. وقِيلَ: للنَّهَرِ: سَرِيٌّ، منْ هَذَا؛ لأنَّ الماءَ يَسْرِي فيهِ. قالَ المُبَرِّدُ: خُصَّ النَّهَرُ بهذا الاسمِ، مِنْ قولِهم: (خَيْرُ المَالِ عَيْنٌ ساهرةٌ لِعَيْنٍ نائِمَةٍ)؛ أيْ: لا تَنَامُ وإنْ نِمْتَ عنها.
ويُرْوَى: (لِصَوْتِ مُنَدِّدِ) بالإضافةِ. و(المُنَدِّدُ): الذي يَرْفَعُ صَوْتَهُ. والروايَةُ الجَيِّدَةُ: (صَوْتٍ مُنَدِّدِ). والمُنَدِّدُ: صِفْةٌ للصوتِ.
34- مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيهِمَا = كَسَامِعَتَيْ شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْرَدِ
(المُؤَلَّلُ) المُحَدَّدُ كتحديدِ الأَلَّةِ، وهيَ الحَرْبَةُ.و(العِتْقُ): الكَرَمُ، وَيُرِيدُ هنا: الحُسْنَ والنَّقَاءَ. ويُرِيدَ بـ(الشاةِ) هنا: الثَّوْرَ الوَحْشِيَّ. وقالَ: ُفْرَدِ) بلاهَاءٍ؛ لأنَّهُ أرادَ الثورَ الوحشيَّ، وإذا كانَ مُفرداً كانَ أَسْمَعَ لهُ؛ لأنَّهُ ليسَ معَهُ ما يَشْغَلُهُ.وقيلَ: (العِتْقُ): ألاَّ يكونَ في دَاخِلِهما وَبَرٌ، فهوَ أَجْوَدُ لِسَمْعِها، وكذلكَ آذَانُ الوَحْشِ.
35- وأَرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ =كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ في صَفِيحٍ مُصَمَّدِ
َرْوَعُ): يعني قَلْبَها، وهوَ الحَدِيدُ السريعُ الارْتِيَاعِ. و و(نَبَّاضٌ): يَنْبِضُ يَضْرِبُ مِن الفَزَعِ.و(الأَحَذُّ): الأمْلَسُ الذي ليسَ لهُ شيءٌ يَتَعَلَّقُ بهِ. وقالَ أبو عَمْرٍو: هوَ الخَفِيفُ. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: (الأَحَذُّ): الذكِيُّ الخفيفُ. و(مُلَمْلَمٌ): مُجْتَمِعٌ. وقولُهم للشَّعَرِ: لِمَّةٌ، مِنْ هذا. وأَلْمِمْ بِنَا؛ أي: ادْخُلْ في جَمَاعَتِنا.وبَنُو تَمِيمٍ يقولونَ: لُمَّ بِنَا. وقولُهُ عَزَّ وجَلَّ: {الَّذِينِ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ} معناهُ:إلاَّ أَنْ يُقَارِبُوا ولا يَدْخُلُوا في مُعْظَمِ الشيءِ.
وليسَ في الكلامِ دليلٌ على أنَّهُ أَبَاحَ اللَّمَمَ؛ لأنَّهُ استثناءٌ مِن الأوَّلِ.وهوَ مِثْلُ قولِهِ: َأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}، فليسَ فيهِ دليلٌ على أنَّهُ أَبَاحَ ما سَلَفَ، وإنَّما المعنى: ولكِنْ ما قدْ سَلَفَ فإنَّ اللَّهَ يَعْفُو عنهُ.وكذلكَ قولُهُ عَزَّ وجَلَّ: َمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً}؛ أيْ: ولَكِنْ إِنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ ما أُمِرَ بهِ.
وقولُهم: َمَّ اللَّهُ شَعْثَكَ) فيهِ قولانِ:
أَحَدُهما: أنَّ المعنَى: جَمَعَ اللَّهُ مُتَفَرِّقَكَ.والثاني، وهوَ قَوْلُ المُبَرِّدِ: أنَّ المعنى: جَمَعَ اللَّهُ ما يُزِيلُ الشَّعْثَ عنكَ.
و(الْمِرَادَةُ): صَخْرَةٌ تُدَقُّ الصخورُ بها. والمُرَادُ: كمُرَادةٍ مِنْ صَخْرٍ.
و(الصَّفِيحُ) مِن الحِجارةِ: العَرِيضُ. و(المُصَمَّدُ): الصُّلْبُ الذي لا خَوَرَ فيهِ.
36- وإنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكُورِ رَأْسُهَا = وعامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ
َامَى): عالَى. و(وَاسِطَ الكُورِ): العُودُ الذي بينَ مَوْرِكَةِ الرَّحْلِ ومُؤَخَّرِهِ. ومَوْرِكَةُ الرَّحْلِ: المَوْضِعُ الذي يَضَعُ عليهِ الراكِبُ رِجْلَهُ. وقيلَ: المَوْرِكَةُ: مِهَادٌ يُمَهِّدُهُ الرجُلُ لرِجْلِهِ إلى جانِبِ الواسِطِ أسفلَ منهُ، فإذا أَعْيَا مِن الغَرْزِ نَزَعَ رِجْلَهُ من الغَرْزِ، وجَعَلَها على المَورِكَةِ.وقيلَ: الواسِطُ للرَّحْلِ: كالقَرَبُوسِ للسَّرْجِ. و(عَامَتْ): سَبَحَتْ. و(الضَّبْعُ): العَضُدُ.و(النَّجَاءُ): السُّرْعَةُ. وَ(الخَفَيْدَدُ): الظَّلِيمُ، وهوَ ذَكَرُ النَّعَامِ.
37- وإنْ شِئْتُلمْ تُرْقِلْ وإِنْ شِئْتُأَرْقَلَتْ =مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِن القِدِّ مُحْصَدِ
(الإِرْقَال): ضَرْبٌ مِن السَّيْرِ السريعِ. وأَرَادَ بـ(المَلْوِيِّ) السَّوْطَ. و(المُحْصَدُ): المُحْكَمُ الفَتْلِ.و(مَخَافَةَ) منصوبٌ؛ لأنَّهُ مفعولٌ منْ أجلِهِ، وإنْ شِئْتَ كانَ مَصْدراً.
38- وأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِن الأَنْفِ مَارِنٌ =عَتِيقٌ مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ تَزْدَدِ
أَرَادَ بـ(الأَعْلَمِ) مِشْفَرَها. والإِبِلُ كُلُّها عُلْمٌ.والعَلَمُ: شَقٌّ في الشَّفَةِ العُلْيَا، فإنْ كانَ في السُّفْلَى قِيلَ لهُ: أَفْلَحُ. و(المَخْرُوتُ): المشقوقُ، وخُرْتُ كُلِّ شيءٍ: شَقُّهُ وثَقْبُهُ.و(المَارِنُ): اللَّيِّنُ. وقولُهُ: (مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ): إذا أَدْنَتْ رَأْسَها من الأرضِ في سَيْرِها، فذلكَ رَجْمُها إيَّاها. يقولُ: إذا أَوْمَأَتْ بِرَأْسِها إلى الأرضِ ازْدَادَتْ سَيْراً.
39- على مِثْلِها أَمْضِي إذا قالَ صَاحِبِي: = أَلا لَيْتَنِي أَفْدِيكَ مِنْهَا وَأَفْتَدِي
أيْ: عَلَى مِثْلِ هذهِ الناقةِ أَسِيرُ وأَمْضِي إذا قالَ صَاحِبِي: إنَّا هَالِكُونَ مِنْ خَوْفِ الفَلاةِ. وقولُهُ:َلا لَيْتَنِي أَفْدِيكَمِنْهَا وأَفْتَدِي)، معناهُ: مِن الفَلاةِ،فجاءَ بِمَكْنِيِّها، ولم يَجْرِ لها ذِكْرٌ؛ لدَلالةِ المعنى عَلَيْهَا. كقولِهِ تعالى: َتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}.
وقولُهُ: (أَفْدِيكَ منهَا)؛ أيْ: أَعْطِيكَ فِدَاءَكَ وتَنْجُو، و(أَفْتَدِي) أَنَا مِنْهَا؛ أيْ: أَنْجُو. وقِيلَ: معناهُ: لَيْتَنِي أَقْدِرُ على أنْ أَفْتَدِيَكَ مِنها، وأَفْتَدِيَ نَفْسِي.وعلى تَتَعَلَّقُ بـ(أَمْضِي)، وكذلكَ (إِذَا).
40- وجَاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوْفاً وَخَالَهُ = مُصَاباً وَلَوْ أَمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَدِ
َاشَت): ارْتَفَعَتْ إليهِ مِن الخوفِ ولم تَسْتَقِرَّ، كما تَجِيشُ القِدْرُ إذا ارْتَفَعَ غَلَيَانُها. وقولُهُ: (إلَيْهِ)؛ أيْ: إلى صاحِبِهِ.وقولُهُ: (وَخَالَهُ)؛ يعني: وخالَ نفسَهُ. وإنَّما جازَ أنْ يُقالَ: (خَالَهُ * مُصَاباً)، ولم يَجُزْ (ضَرَبَهُ) إذا أَرَدْتَ: ضَرَبَ نَفْسَهُ على مذهَبِ سِيبَوَيْهِ، أنَّهُم اسْتَغْنَوْا عنْ (ضَرَبَهُ) بقولِهم: ضَرَبَ نفسَهُ. والذي يَذْهَبُ إليهِ أبو العبَّاسِ أنَّهُ لم يَجُزْ (ضَرَبَهُ)؛ لِئَلاَّ يكونَ فاعلاً مفعولاً في حالٍ. وجازََالَهُ)؛ لأنَّ الفاعلَ في المعنى مفعولٌ؛ لأنَّهُ إنَّما رَأَى شيئاً فَأَظَنَّهُ. وقولُهُ: (ولوْ أَمْسَى على غيرِ مَرْصَدِ)؛ أيْ: ولوْ أَمْسَى لا يُرْصَدُ ولا يَخافُ مِنْ أحدٍ؛ لِظَنَّ أنَّهُ هالِكٌ من العَطَشِ لِهَوْلِ المَفَازَةِ؛ أيْ: فأنا أَنْجُو منها على نَاقَتِي.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس
قديم 18/07/2016, 11:48 AM   #4
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



(تابع) شرح المعلقات العشر للخطيب: محمد بن عبد الله التبريزي
41- إذَا الْقَوْمُ قَالُوا: مَنْ فَتًى؟ خِلْتُ أَنَّنِي = عُنِيتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ
يقولُ: إذا قالُوا: مَنْ فَتًى لهذهِ المَفَازَةِ؟ خِلْتُ أنَّهُم يَعْنُونَنِي، ويقولونَ: ليسَ لها غَيْرُهُ، فَلَمْ أَكْسَلْ عنْ أنْ أَقُولَ: أنا لها، ولم أَتَبَلَّدْ عنْ سُلُوكِها.ويُقالُ: رَجُلٌ بَلِيدٌ ومُتَبَلِّدٌ، إذا أَثَّرَ فيهِ الجَهْلُ؛ كيْ يَذْهَبَ عنْ فِطَنِ الناسِ واحْتِيَالِهم. وكذا يُقالُ في الدَّوَابِّ. وأصلُ البَلادَةِ والتَّبَلُّدِ مِن التأثيرِ، يُقالُ: في جِلْدِهِ بَلَدٌ، إذا كانَ فيهِ أَثَرٌ. وكذلكَ في غيرِ الجِلْدِ، ويُقَالُ لِكِرْكِرةِ البَعِيرِ: بَلْدةٌ؛ لأنَّها تُؤَثِّرُ في الأرضِ أوْ تُؤَثِّرُ فيها الأرضُ، قالَ الشاعِرُ:
أُنِيخَتْ فَأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوْقَ بَلْدَةٍ = قَلِيلٍ بِهَا الأَصْوَاتُ إِلاَّ بُغَامُها
وبهذا سُمِّيَت البَلْدَةُ والبَلَدُ؛ لأنَّهُ مَوْضِعُ مَوَاطِنِ الناسِ وتأثيرِهم.
42- أَحَلْتُعَلَيْهَا بِالْقَطِيعِ فأَجْذَمَتْ = وقدْ خَبَّ آلُ الأَمْعَزِ المُتَوَقِّدِ
(القَطِيعُ): السَّوْطُ؛ أيْ:أَقْبَلْتُ عليها بالسَّوْطِ.يُقالُ: أَحَلْتُ عليهِ ضَرباً، إذا أَقْبَلْتَ عليهِ تَضْرِبُهُ ضَرْباً في إِثْرِ ضَرْبٍ، أوْ على ضَرْبٍ.ومنهُ قولُهم:
* يُحِيلُونَ السِّجَالَ على السِّجَالِ*
أيْ: يَصُبُّونَ دَلْواً على إِثْرِ دَلْوٍ. و(أَجْذَمَتْ): أَسْرَعَتْ.و(خَبَّ الآلُ): جَرَى واضْطَرَبَ.والآلُ يكونُ بالغَداةِ والعَشِيِّ.و(الأَمْعَزُ) والمَعْزَاءُ: المَوْضِعُ الغَلِيظُ الكثيرُ الحَصَى.و(المُتَوَقِّدُ): الذي يَتَوَقَّدُ بالحَرِّ.والواوُ في قَوْلِهِ: (وقدْ خَبَّ) واوُ الحالِ.
43- فَذَالَتْ كَمَا ذَالَتْ وَلِيدةُ مَجْلِسٍ =تُرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
َالَتْ): مَاسَتْ في مَشْيِها وتَبَخْتَرَتْ. يقولُ: تَتَبَخْتَرُ هذهِ الناقةُ في مَشْيِها كما تَتَبَخْتَرُ (وَلِيدَةٌ)؛ أيْ: أَمَةٌ، عُرِضَتْ على أَهْلِ مَجْلِسٍ، فأَرْخَتْ ثَوْبَها، واهْتَزَّتْ بأَعْطَافِها.وخَصَّ وَلِيدَةَ المَجْلِسِ، يُريدُ: أنَّها لَيْسَتْ بمُمْتَهَنَةٍ، فإذا مَشَتْ تَبَخَّرَتْ وجَرَّتْ أَذْيَالَها.و(السَّحْلُ): الثوبُ الأبيضُ. و(المُمَدَّدُ): الذي يَنْجَرُّ في الأرضِ. ومعنى البيتِ: أَنِّي أَبْلُغُ على هذهِ الناقةِ حاجَتِي بِأَقَلِّ تَعَبٍ.
44- ولَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاعِ مَخَافَةً =ولَكِنْ مَتَى يَسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ
(التِّلاعُ): مَجَارِي الماءِ منْ رُؤُوسِ الجبالِ إلى الأودِيَةِ.والمعنى: أنِّي لَسْتُ ممَّنْ يَسْتَتِرُ في التِّلاعِ؛ أيْ: لا أَنْزِلُها مخافةً فَتُوَارِينِي من الناسِ، حتَّى لا يَرَانِي ابنُ السبيلِ والضيفُ، ولكِنْ أَنْزِلُ الفضاءَ، وأَرْفِدُ منْ يَسْتَرْفِدُني، وأُعِينُ مَن اسْتَعَانَنِي.و(الرِّفْدُ): العَطِيَّةُ، والرِّفدُ: المعونةُ. و(مَخَافَةً) ينتصِبُ على أنَّهُ مفعولٌ لهُ أوْ على المصدرِ. ويُرْوَى: (وَلَسْتُ بحَلاَّلِ التِّلاعِ بِبَيْتِهِ).
45- وإِنْ تَبْغِنِي في حَلْقَةِ الْقَوْمِ تَلْقَنِي = وإنْ تَقْتَنِصْنِي في الحَوَانِيتِ تَصْطَدِ
يقولُ: (إنْ تَبْغِنِي)؛ أيْ: تَطْلُبْنِي في مَوْضِعٍ يَجْتَمِعُ فيهِ الناسُ للمشورةِ وإِجَالَةِ الرأيِ، تَلْقَنِي لِمَا عندِي من الرَّأْيِ لا أَتَخَلَّفُ عنهم، وإنْ تَطْلُبْ صَيْدِي في حوانيتِ الخَمَّارِينَ تَجِدْنِي أَشْرَبُ وأَسْقِي مَنْ يَحْضُرُنِي. و(الحانوتُ) يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ، و(الحَوَانِيتُ): بُيُوتُ الخَمَّارِينَ.والحوانِيتُ أيضاً: الخَمَّارُونَ.

46- متَى تَأْتِنِي أَصْبَحْكَ كَأْساً رَوِيَّةً =وإنْ كُنْتَ عَنْهَا غَانِياً فَاغْنَ وَازْدَدِ
ويُرْوَى: (وإنْ تَأْتِنِي أَصْبَحْكَ كَأْساً).َصْبَحْكَ): من الصَّبُوحِ. والصَّبُوحُ: شُربُ الغَداةِ. و(الكَأْسُ) مُؤَنَّثَةٌ. قالَ الفَرَّاءُ: الكَأْسُ: الإناءُ الذي فيهِ لبَنٌ أوْ ماءٌ أوْ خَمْرٌ أوْ غيرُ ذلكَ، وإنْ كانَ فارِغاً لم يُقَلْ لهُ:كَأْسٌ.كما أنَّ المِهْدَى: الطبَقُ الذي يكونُ لِلْهَدِيَّةِ، فإنْ أُخِذَتْ منهُ الهديَّةُ قيلَ لهُ: طَبَقٌ، ولم يُقَلْ لهُ: مِهْدًى.
وأكثرُ أهلِ اللغةِ يقولُ: لا يُقالُ للإناءِ: كَأْسٌ حتَّى يكونَ فيها الخمرُ. وقالَ بعضُهم: قدْ يُقَالُ للزُّجاجةِ: كأسٌ، وللخمرِ: كَأْسٌ.كقولِهِ تعالى: ُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}.فاللذَّةُ هَهُنَا: الخمرُ.
(وإنْ كُنْتَ عنها غانِياً)؛ أيْ:غَنِيًّا.والمعنى: مَتَى تَأْتِنِي تَجِدْنِي قدْ أَخَذْتُ خمراً كثيراً مُرْوِيَةً لِمَنْ يَحْضُرُنِي.ومعنى (فَاغْنَ وازْدَدِ)؛ أيْ: فاغْنَ بما عندَكَ وازْدَدْ.
47- وإنْ يَلْتَقِ الحَيُّ الجميعُ تُلاقِنِي =إلى ذِرْوَةِ البيتِ الرفيعِ المُصَمَّدِ
يقولُ: إذا الْتَقَى الحيُّ الجميعُ الذينَ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ، للمُفاخَرَةِ وذِكْرِ المعالي، تَجِدُني في الشَّرَفِ.و(إلى ذِرْوَةِ)؛ أيْ: مَعَ ذِرْوَةِ. وذِرْوَةُ كلِّ شيءٍ: أعلاهُ، وإنَّما يُرِيدُ بـ(البيتِ) هنا الأشرافَ.و(المُصَمَّدُ) والصَّمَدُ: الذي يُصْمَدُ إليهِ في الحوائِجِ والأُمُورِ؛ أيْ:يُقْصَدُ.
48- نَدَامَايَ: بِيضٌ كالنجومِ وقَيْنَةٌ =تَرُوحُ عَلَيْنا بينَ بُرْدٍ ومُِجْسَدِ
وَ: َرُوحُ إِلَنَا). (النَّدَامَى): الأصحابُ، يُقَالُ: فلانٌنَدِيمُ فلانٍ، إذا شَارَبَهُ، وفلانٌ نَدِيمَةُ فلانٍ. ويقالُ ذلكَ أيضاً إذا صاحَبَهُ وحَدَّثَهُ، وإنْ لم يَكُونَا على شَرَابٍ.
قالَ أبو جَعْفَرٍ: سُمِّيَ النَّدِيمُ نَدِيماً لِنَدَامَةِ جَذِيمَةَ، حِينَ قَتَلَ جَذِيمةُ مالِكاً وعَقِيلاً ابْنَيْ فَارِجٍ، اللَّذَيْنِ أَتَيَاهُ بعمرٍو ابنِ أُخْتِهِ، فسَأَلاهُ أنْ يَكُونَا في سَمَرِهِ فوَجَدَ عَلَيْهِمَا، فقَتَلَهما ونَدِمَ، فسُمِّيَ كلُّ مُشارِبٍ نَدِيماً.وقيلَ من النَّدَمِ: نَدْمَانُ ونَدْمَى.وقيل: الأصلُ فيهما واحدٌ؛ لأنَّهُ إنَّما قيلَ للمُتَوَاصِلِينَ: نَدَامَى؛ لأنَّهم يَجْتَمِعُونَ على ما يُنْدَمُ عليهِ منْ إتلافِ المالِ.
وقولُهُ: (كالنُّجُومِ)؛ أيْ:هُمْ أعلامٌ. و(القَيْنَةُ): الأَمَةُ مُغَنِّيَةً كانَتْ أوْ غيرَ مُغَنِّيَةٍ.وإنَّما قيلَ لها: قَيْنَةٌ؛ لأنَّها تَعْمَلُ بِيَدَيْهَا معَ غِنَائِها.والعربُ تقولُ لكلِّ مَنْ يَصْنَعُ بيديْهِ شيئاً: قَيْنٌ. و(المُجسَدُ): الثوبُ المَصْبُوغُ بالزَّعْفَرَانِ.ومعنى قولِهِ: (بَيْنَ بُرْدٍ ومُجْسَدِ)؛ أيْ: عليها بُرْدٌ ومُجْسَدٌ. وقيلَ: معناهُ: مَرَّةً تَأْتِي وعليها بُرْدٌ، ومرَّةً تَأْتِي وعليها مُجْسَدِ. و(المُجْسَدُ): المصبوغُ الذي قدْ يَبِسَ عليهِ الصِّبَاغُ، منْ قولِهم: جَسِدَ الدَّمُ بهِ، إذا يَبِسَ عليهِ. و(المُجْسَدُ) أيضاً: الَّذِي يَلِي الجَسَدَ مِن الثِّيَابِ. وقِيلَ في الذي يَلِي الجَسَدَ: مِجْسَدٌ، بِكَسْرِ الميمِ.
49- رَحِيبٌ قِطابُ الجَيبِ مِنْهَا رَفِيقَةٌ = بِجَسِّ النَّدَامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
ويُرْوَى: (رَحِيبُ قِطابِ الجَيْبِ) بالإضافةِ.و(الرَّحِيبُ): المُتَّسِعُ. و(قِطَابُ الجَيْبِ): مُجْتَمَعُ الجَيْبِ قُطِبَ؛ أيْ: جُمِعَ.ومنهُ:قَطَبَ بينَ عَيْنَيْهِ؛ أيْ: جَمَعَ.وَجاءَ الناسُ قَاطِبَةً؛ أيْ: جَمِيعاً.
و(الجَسُّ): المَسُّ. و(جَسُّ النَّدَامَى): أنْ يَجُسُّوا بأَيْدِيهِم يَلْمَسُونها، كما قالَ الأَعْشَى:
* لِجَسِّ النَّدَامَى فِي يَدِ الدِّرْعِ مَفْتَقُ*

وذلكَ أنَّ القَيْنَةَ كانَ يُفْتَقُ فَتْقٌ في كُمِّها إلى الرُّفْغِ، وإذا أَرَادَ الرجلُ أنْ يَلْمَسَ منها شيئاً أَدْخَلَ يَدَهُ فَلَمِسَ.ويَدُ الدِّرْعِ: كُمُّهُ.
وقالَ بعضُهم: (بِجَسِّ النَّدَامَى) بما يَطْلُبُ النَّدَامَى من اقْتِرَاحِها وغِنَائِها.والجَسُّ بمعنى: الطَّلَبِ.و(قِطابٌ) يَرْتَفِعُ بـ(رَحِيبٌ)، ومعنى قولِهِ:(رَحِيبٌ قِطابُ الجَيْبِ): أنَّ عُنُقَها واسِعٌ، فتَحْتَاجُ إلى أنْ يكونَ جَيْبُها واسِعاً. و(الْبَضَّةُ): البيضاءُ الرَّخْصَةُ. و(الْمُتَجَرِّدُ): جَسَدُها المُتَجَرِّدُ مِنْ ثِيَابِها.
50- إذَا نَحْنُ قُلْنَا: أَسْمِعِينَا انْبَرَتْ لَنَا =على رِسْلِهَا مَطْرُوفَةً لم تَشَدَّدِ
و: َطْرُوقَةً). َسْمِعِينَا): غَنِّينَا. و(انْبَرَت): اعْتَرَضَتْ. و(على رِسْلِها): على هِينَتِها؛ أيْ: تَرَنَّمَتْ في رِفْقٍ. و(مَطْرُوفَةً) بالفاءِ: ساكنةُ الطَّرْفِ فاتِرَتُهُ، كأنَّها قدْ طُرِفَتْ عنْ كلِّ شيءٍ يُنْظَرُ إليهِ، وطُرِفَ طَرْفُها.ومَنْ رَوَى: (مَطْرُوقَةً) بالقافِ فمعناهُ: مُسْتَرْخِيَةً. (لم تَشَدَّدِ): لم تَجْتَهِدْ. وقيلَ في (المَطْرُوفَةِ) بالفاءِ: إنَّها التي عَيْنُها إلى الرِّجَالِ. و(انْبَرَتْ) جوابُ (إذَا)، وهوَ العاملُ فيهِ.و(مطروفةً) منصوبٌ على الحالِ.
51- وما زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ ولَذَّتِي = وبَيْعِي وَإِنْفَاقِي طَرِيفِي ومُتْلَدِي
َشْرَابٌ): تَفْعَالٌ مِن الشُّرْبِ، إلاَّ أنَّ تَشْرَاباً يكونُ للكثيرِ، والشُّرْبَ يَقَعُ للقليلِ والكثيرِ.والطارِفُ والطَّرِيفُ: ما اسْتَحْدَثَهُ الرجلُ واكْتَسَبَهُ. و(المُتْلَدُ) والتَّالِدُ والتَّلِيدُ والتِّلادُ: ما وَرِثَهُ عنْ آبائِهِ. ومعناهُ:المُتَوَلِّدُ. والتاءُ بَدَلٌ مِن الواوِ.
52- إِلَى أَنْ تَحَامَتْنِي الْعَشِيرَةُ كُلُّهَا = وأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ الْبَعِيرِ الْمُعَبَّدِ
َحَامَتْنِي): تَرَكَتْنِي.و(العَشِيرَةُ): أهلُ بَيْتِهِ، ويَدْخُلُ فيهم غَيْرُهم مِمَّنْ يُخَالِطُهُ.و(أُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيرِ)؛ أيْ: أُفْرِدْتُ إِفْرَاداً مثلَ إفرادِ البَعِيرِ. و(المُعَبَّدُ): الأَجْرَبُ.وقيلَ: هوَ المَهْنُوءُ الذي سَقَطَ وَبَرُهُ، فأُفْرِدَ عن الإبلِ؛ أيْ: تُرِكْتُ ولَذَّاتِي.
53- رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لا يُنْكِرُونَنِي =وَلا أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرافِ الْمُمَدَّدِ
(الغَبْرَاءُ): الأَرْضُ.و(بَنُو غَبْرَاءَ): الفُقَرَاءُ،ويَدْخُلُ فيهم الأضيافُ.والمعنى: أنَّهُم يَجِيئُونَ مِنْ حيثُ لا يَحْتَسِبُونَ.و(أهلُ) مرفوعٌ معطوفٌ على المُضْمَرِ الذي في (يُنْكِرُونَنِي). وقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}. و(الطِّرَافُ): قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ يَتَّخِذُها المَيَاسِيرُ والأغنياءُ. و(المُمَدَّدُ): الذي قدْ مُدَّ بالأطنابِ.والطِّرَافُ لَفْظُهُ لفظُ الواحدِ، ومعناهُ معنى الجمعِ. ومعنى البيتِ: أنَّهُ يُخْبِرُ أنَّ الفُقَرَاءَ يَعْرِفُونَهُ؛ لأنَّهُ يُعْطِيهم، والأغنياءُ يَعْرِفُونَهُ لِجَلالَتِهِ.
54- أَلا أَيُّهَذَا اللاَّئِمِي أَحْضُرُ الْوَغَى =وأنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي؟
ويُرْوَى: (أَلا أَيُّها اللاَّحِي أنْ أَحْضُرَ الْوَغَى).واللاَّحِي: اللائِمُ، لَحَاهُ يَلْحُوهُ ويَلْحَاهُ: إذا لامَهُ. و(الزاجِرُ): النَّاهِي.وقدْ رُوِيَ: (أَلا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغَى) على إضمارِ (أنْ).وهذا عندَ البَصْرِيِّينَ خَطَأٌ؛ لأنَّهُ أَضْمَرَ ما لا يَتَصَرَّفُ وأَعْمَلَهُ، فكأنَّهُ أَضْمَرَ بعضَ الاسمِ.
ومَنْ رَوَاهُ بالرَّفْعِ فهوَ على تقديريْنِ:
أَحَدُهما أنْ يكونَ قَدَّرَهُ: أنْأَحْضُرَ، فلَمَّا حَذَفَ (أنْ) رفَعَ.ومِثْلُهُ على أحدِ مَذْهَبَيْ سِيبَوَيْهِ قولُهُ عَزَّ وجَلَّ: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}، المعنى عندَهُ: أنْ أَعْبُدَ.
والقولُ الآخَرُ في رَفْعِ (أَحْضُرُ)، وهوَ قولُأَبِي العبَّاسِ: أنْ يَكُونَ في موضِعِ الحالِ، ويكونَ: (وأَنْ أَشْهَدَ) معطوفاً على المعنى؛ لأنَّهُ لَمَّا قالَ: (أَحْضُرُ) دَلَّ على الحُضُورِ، كما تَقُولُ: مَنْ كَذَبَ كانَ شَرًّا لهُ؛ أيْ: كانَ الكَذِبُ شَرًّا لهُ.ومعنى قولِهِ: (هَلْ أَنْتَ مُخَلِدِي): هلْ أَنْتَ مُبْقِيَّ؟ ومعنى البيتِ: ألا أَيُّهَذَا اللائِمِي في حُضُورِ الحربِ؛ لِئَلاَّ أُقْتَلَ، وفي أنْ أُنْفِقَ مَالِي؛ لِئَلاَّأَفْتَقِرَ، ما أَنْتَ مُخْلِدِي إنْ قَبِلْتُ مِنْكَ، فدَعْنِي أُنْفِقُ مَالِي ولا أُخَلِّفُهُ.

55- فإنْ كُنْتَ لا تَسْتَطِيعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي =فَدَعْنِي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَدِي
أيْ: فَدَعْنِي ولَذَّاتِي قَبلَ أنْ يَأْتِيَنِي الموتُ.ويقالُ: معناهُ:أُبَادِرُ المَنِيَّةَ بإِنْفَاقِ ما مَلَكَتْ يَدِي في لَذَّاتِي.
56- فَلَوْلا ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عِيشَةِ الْفَتَى =وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُوَّدِي؟
ِيشَةُ الْفَتَى): ما يَعِيشُ بهِ ويَلْتَذُّ، وقدْ بَيَّنَهُنَّ فيما بعدُ.وقولُهُ: (وَجَدِّكَ) قيلَ: معناهُ:وحَقِّكَ. وقيلَ: معناهُ:ونَفْسِكَ.وقيل:َ معناهُ: وَأَبِيكَ.
وقولُهُ: (لَمْ أَحْفِلْ)؛ أيْ: لم أُبَالِ. و(عُوَّدُهُ): مَنْ يَحْضُرُهُ عندَ مَوْتِهِ في مَرَضِهِ ويَنُوحُ عليهِ.
57- فَمِنْهُنَّ سَبْقُ الْعَاذِلاتِ بِشَرْبَةٍ =كُمَيْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالْمَاءِ تُزْبِدِ
(الكُمَيْتُ) من الخمرِ: التي تَضْرِبُ إلى السوادِ. وقولُهُ: (مَتَى ما تُعْلَ بالماءِ)؛ أيْ: مَتَى تُمْزَجُ بهِ (تُزْبِدِ)؛ لأنَّها عَتِيقَةٌ.
58- وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُحَنَّباً = كَسِيدِ الْغَضَى نَبَّهْتَهُ الْمُتَوَرِّدِ
َرِّي): عَطْفِي. و(المُضَافُ): الذي قدْ أَضَافَتْهُ الهُمومُ.و(المُحَنَّبُ): فَرَسٌ أَقْنَى الذِّرَاعِ. و(السِّيدُ): الذِّئْبُ.و(الْغَضَى): شَجَرٌ، وذِئَابُهُ أَخْبَثُ الذِّئَابِ.و(نَبَّهْتَهُ): هَيَّجْتَهُ. و(المُتَوَرِّدُ): الذي يَطْلُبُ أنْ يَرِدَ الماءَ.وقولُهُ: (مُحَنَّباً) منصوبٌ بـ(كَرِّي). والمعنى: وكَرِّي فَرَساً مُحَنَّباً. والكافُ في قَوْلِهِ: (كَسِيدٍ) في موضِعِ نصبٍ؛ لأنَّها مِنْ نَعْتِ (المُحَنَّبِ).
59- وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ = بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الطِّرَافِ المُعَمَّدِ
(الدَّجْنُ) قيلَ: هوَ النَّدَى والمطَرُ الخفيفُ.وقيلَ: هوَ إِلْبَاسُ الغَيْمِ السماءَ، وإنْ لم يَكُنْ مَطَرٌ. يقولُ: أُقَصِّرُهُ باللَّهْوِ، ويومُ اللَّهْوِ وليلةُ اللَّهوِ قَصِيرَانِ. قالَ بعضُ الأعرابِ:
لَئِنْ أَيَّامُنَا أَمْسَتْ طِوالاً = لَقَدْ كُنَّا نَعِيشُ بِهَا قِصَارَا

أرادَ: طَالَتْ بالحُزْنِ، وقَصُرَتْ بالسرورِ. وقالَ:
ظَلِلْنَا عِنْدَ دَارِ أَبِي أُنَيْسٍ =بِيَوْمٍ مِثْلِ سَالِفةِ الذُّبَابِ
وقالَ آخَرُ:
ويَوْمٍ كَإِبْهَامِ القَطاةِ مُزَيَّنٍ =إِلَى صِباهُ غَالِبٍ لِيَ بَاطِلُهْ
(والدَّجْنُ مُعْجِبٌ)؛ أيْ: يُعْجِبُ مَنْ رَآهُ.(البَهْكَنَةُ): التامَّةُ الخَلْقِ. ويُرْوَى: (بِهَيْكَلَةٍ).والْهَيْكَلَةُ: العَظِيمَةُ الأَلْوَاحِ والعَجِيزَةِ والفَخِذَيْنِ. ويُرْوَى: (تحتَ الخِباءِ المُعَمَّدِ)؛ أيْ: ذِي العَمَدِ.
60- كَأَنَّ البُرِينَ والدَّمَالِيجَ عُلِّقَتْ =عَلَى عُشَرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّدِ
(الْبُرِينُ): الخَلاخِيلُ، واحِدَتُها بُرَةٌ. و(العُشَرُ): شَجَرٌ أَمْلَسُ مُسْتَوٍ ضَعِيفُ العُودِ. شَبَّهَ عِظَامَها وذِرَاعَيْهَا بهِ؛ لِمَلاسَتِهِ واسْتِوَائِهِ. وكلُّ ناعمٍ: (خِرْوَعٌ). (لم يُخَضَّدِ): لم يُثْنَ، يُقَالُ: خَضَدْتُ العُودَ أَخْضِدُهُ خَضْداً، إذا ثَنَيْتَهُ لِتَكْسِرَهُ.
وفي (بُرِينَ) لُغَتَانِ: من العربِ مَنْ يَجْعَلُ إعرابَهُ في النونِ، ومنهم مَنْ يَجْعَلُهُ بمنزلةِ: مُسْلِمِينَ. و(الدَّمَالِيجُ): جمعُ دُمْلُجٍ. وكانَ يَجِبُ أنْ يقولَ: دَمَالِجُ. فيَجُوزُ أنْ يكونَ جَمْعاً على غيرِ واحدِهِ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ أَشْبَعَ الكَسْرَةَ، فوَلَّدَتْ منها ياءً، ويَجُوزُ أنْ يكونَ بَنَاهُ على دُمْلُوجٍ،وهوَ الوَجْهُ.
61- فَذَرْنِي أُرَوِّي هَامَتِي فِي حَيَاتِهَا =مَخَافَةَ شِرْبٍ فِي الْحَيَاةِ مُصَرَّدِ
(الشِّرْبُ) بكسرِ الشِّينِ، والشُّرْبُ بضمِّها: اسْمَانِ للمَشْرُوبِ،والشَّرْبُ بالفتحِ: مصدرٌ.وقدْ تكونُ الثلاثةُ مَصْدَراً. و(المُصَرَّدُ): المُقَلَّلُ والمُنَعَّصُ.
62- كَرِيمٌ يُرَوِّي نَفْسَهُ فِي حَيَاتِهِ =سَتَعْلَمُ إنْ مُتْنَا غَداً: أَيُّنَا الصَّدِي؟
ويُرْوَى: (إنْ مُتْنَا صَدًى)؛ أيْ: عَطَشاً.و(الصَّدِي): العَطْشَانُ.ويُرْوَى: (إنْ مُتْنَا: صَدَى أَيِّنَا الصَّدِي؟) والمرادُ بالصَّدَى في هذهِ الروايَةِ: ما كانَت العربُ تَزْعُمُهُ في الجاهليَّةِ، أنَّ الرجلَ إذا قُتِلَ ولم يُدْرَكْ بِثَأْرِهِ خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ طائرٌ يُشْبِهُ البُومَ فيَصِيحُ: اسْقُونِي اسْقُونِي،فإذا أُخِذَ بثَأْرِهِ سَكَنَ. والصَّدَى في غيرِ هذا، قَالُوا: بَدَنُ المَيِّتِ، والصوتُ الذي تَسْمَعُهُ مِنْ نَاحِيَةِ الجبلِ ونحوِهِ، وذَكَرُ البُومِ، ويُقالُ: هوَ صَدَى مَالٍ؛ أي: الذي يَقُومُ بهِ.
وقولُهُ:ُرَوِّي نَفْسَهُ) أرادَ: يُرَوِّي نفسَهُ من الخمرِ، ثمَّ حَذَفَ لِعِلْمِ المُخَاطَبِ.ومَنْ رَوَى: (إِنْ مُتْنَا صَدًى) أرادَ: إنْ مُتْنَا عَطَشاً.ومَنْ روَى: (صَدَى أَيِّنا الصَّدِي) بالإضافةِ، أرادَ: صَدَى أيِّنَا العَطْشَانُ؟
63- أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيلٍ بِمَالِهِ =كَقَبْرِ غَوِيٍّ في البَطالةِ مُفْسِدِ
(النَّحَّامُ): الزَّحَّارُ عندَ السؤالِ البخيلُ.و(الغَوِيُّ): الذي يَتَّبِعُ هَوَاهُ ولَذَّاتِهِ. ومعنى البيتِ: أنَّ مَنْ يَبْخَلُ بمالِهِ عندَ أَدَاءِ الحقِّ وعندَ السؤالِ وعندَ لَذَّاتِهِ، إذا مَاتَ فَقَد اسْتَوَى هوَ ومَنْ يُنْفِقُ مالَهُ ويَقْضِي لَذَّاتِهِ، وفَضَلَهُ مَنْ يُنْفِقُ في حياتِهِ.
64- تَرَى جُثْوَتَيْنِ مِنْ تُرابٍ عَلَيْهِمَا = صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدِ
(الجُثْوَةُ): الترابُ المجموعُ، يُقالُ للرَّجُلِ: (إنَّما هوَ جُثْوَةُ الْيَوْمِ أوْ غَدٍ). ويُقَالُ لكلِّ مُجْتَمِعٍ: جُثْوَةٌ، والجمعُ: جُثًى. وفي الحديثِ: (َنْ دَعَا دُعَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ))؛ أيْ: منْ جَمَاعَاتِ جَهَنَّمَ.ويُرْوَى: (ِنْ جُثِيِّ جَهَنَّمَ))، وهوَ جمعُ جَاثٍ.و(الصُّمُّ): الصُّلْبَةُ.و(المُنَضَّدُ): الذي قدْ نُضِّدَ بعضُهُ على بعضٍ.
65- أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الْكِرَامَ ويَصْطَفِي = عَقِيلَةَ مَالِ الْفَاحِشِ المُتَشَدِّدِ
َعْتَامُ) معناهُ: يَخْتَارُ، يُقالُ: اعْتَامَهُ، إذا اخْتَارَهُ.و(عَقِيلَةُ) كُلِّ شيءٍ: خِيرَتُهُ وأَنْفَسُهُ عندَ أهلِهِ. ويُرْوَى: (يَعْتَامُ الْكَرِيمَ). والكريمُ: الشريفُ الفاضِلُ، قالَ اللَّهُ تعالى: َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}؛ أيْ: شَرَّفْنَاهُم وفَضَّلْنَاهُم.
ويقالُ للصَّفُوحِ: كَرِيمٌ؛ لفضلِهِ؛ كما قالَ اللَّهُ: ِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}.
ويقالُ للكثيرِ: كريمٌ؛ كقولِهِ تعالى: َهْمُ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}؛ أيْ: كَثِيرٌ. و(يَصْطَفِي): يَخْتَارُ صَفْوَتَهُ.و(الفاحِشُ): القَبِيحُ السَّيِّئُ الخُلُقِ. و(المُتَشَدِّدُ): البخيلُ، وكذلكَ الشَّدِيدُ، قالَ اللَّهُ تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}. قالَ أبو العَبَّاسِ: إنَّهُ منْ أَجْلِ حبِّ الخيرِ لبخيلٌ.
66- أَرَى الدَّهْرَكَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَةٍ = وَمَا تَنْقُصِ الأَيَّامُ والدَّهْرُ يَنْفَدِ
أرادَ: أهلَ الدَّهْرِ.ويُرْوَى: (أَرَى العَيْشَ)، وَ: (أَرَى العُمْرَ). و(الكَنْزُ): ما استُعِدَّ وحُفِظَ.وقولُهُ: (وَمَا تَنقُصِ الأيَّامُ)؛ أيْ: ما تَنْقُصْهُ الأيَّامُ يَنْفَدْ.
67- لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخْطَأَ الْفَتَى =لَكَالطِّوَلِ الْمُرْخَى وثِنْيَاهُ بالْيَدِ
(الطِّوَلُ): الحبلُ. و(ثِنْيَاهُ): ماثُنِيَ منهُ. ويُقالُ: طَرَفَاهُ؛ لأنَّهما يُثْنَيَانِ. وقولُهُ: (ما أَخْطَأَ الْفَتَى)؛ أيْ: في إخطائِهِ الفَتَى؛ أيْ: في أنْ يَطُولَ عُمُرُهُ، بمنزلةِ حَبْلٍ رُبِطَتْ بهِ دابَّةٌ، يُطَوَّلُ لها في الكَلأِ حتَّى تَرْعَاهُ، فَيَقُولُ: الإنسانُ قدْ مُدَّ لهُ في أَجَلِهِ، وهوَ آتِيهِ لا مَحَالَةَ، وهوَ في يَدَيْ مَنْ يَمْلِكُ قَبْضَ رُوحِهِ، كما أنَّ صاحبَ الفَرَسِ الذي قدْ طُوِّلَ لهُ إذا شاءَ اجْتَذَبَهُ وثَنَاهُ إليهِ.وموضِعُ (مَا) نَصْبٌ، وهوَ في تقديرِ المصدرِ.
68- فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّيَ مَالِكاً =مَتَى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي وَيَبْعُدِ؟
معناهُ: إذا أَرَدْتُ وُدَّهُ ودُنُوَّهُ تَبَاعَدَ مِنِّي.وقالَ: َنْأَ عَنِّي ويَبْعُدِ) ومَعْنَاهُما واحدٌ،وإنَّما جاءَ بهما؛ لأنَّ اللفظيْنِ مختلفانِ، وإنَّما المعنى: يَبْعُدُ ثُمَّ يَبْعُدُ بعدَ ذلكَ.
69- يَلُومُ وَمَا أَدْرِي عَلامَ يَلُومُنِي؟ =كَمَا لامَنِي في الحَيِّ قُرْطُ بنُ أَعْبَدِ
ُرْطٌ): رجلٌ لامَهُ على ما لا يَجِبُ أنْ يُلامَ عليهِ.وقولُهُ: (عَلامَ) الأصلُ (عَلَى مَا)؛ لأنَّ المعنى: على أيِّ شيءٍ يَلُومُنِي؟ إلاَّ أنَّ هذهِ الألفَ تُحْذَفُ في الاستفهامِ معَ (مَا) إذا كانَ قبلَها حرفٌ خافِضٌ؛ لِيُفْرَقَ بينَ (مَا) إذا كانَت استفهاماً، وبينَها إذا كانَتْ بمعنى: الذي. ويكونُ الحرفُ الخافِضُ عِوَضاً ممَّا حُذِفَ.
70- وَأَيْئَسَنِي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ طَلَبْتُهُ =كَأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَدِ
أيْ: جَعَلَنِي ذا يَأْسٍ مِن الخيرِ، فهوَ بمَنزلةِ المَوْتَى؛ إذْ كانَ لا يُرْجَى مِنهُ خيرٌ.و(الرَّمْسُ): القَبْرُ. و(المُلْحَدُ): اللَّحْد.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس
قديم 18/07/2016, 11:49 AM   #5
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



(تابع) شرح المعلقات العشر للخطيب: محمد بن عبد الله التبريزي
71- عَلى غَيْرِ ذَنْبٍ قُلْتُهُ غَيْرَ أَنَّنِي =نَشَدْتُ فَلَمْ أَغْفِلْ حَمُولةَ مَعْبَدِ
َعْبَدٌ): أَخُو طَرَفَةَ. قالَ ابنُ الأعرابِيِّ: كانَ لطرَفَةَ ولأخيهِ إِبِلٌ، يَرْعَيَانِها يَوماً ويوماً.فلَمَّا أَغَبَّها طَرَفَةُ قالَ لهُ أَخُوهُ مَعْبَدٌ: لم لا تَسْرَحُ في إبلِكَ؟ كأنَّكَ تَرَى أنَّها إنْ أُخِذَتْ يَرُدُّها شِعْرُكَ هذا.
قالَ: فإنِّي لا أَخْرُجُ فيها أبداً، حتَّى تَعْلَمَ أنَّ شِعْرِي سَيَرُدُّها إنْ أُخِذَتْ. فتَرَكَها وأَخَذَها نَاسٌ مِنْ مُضَرَ، فادَّعَى جِوارَ عَمْرٍو وقَابُوسَ ورجلٍ من اليمنِ يُقالُ لهُ: بِشْرُ بنُ قَيْسٍ.فقالَ في ذلكَ طَرَفَةُ:
* أَعَمْرَو بنَ هِنْدٍ مَا تَرَى رَأْيَ صِرْمَةٍ*
وقالَ غيرُهُ: هذهِ إِبِلٌ ضَلَّتْ لِمَعْبَدٍ، فسَأَلَ طَرَفَةُ ابنَ عَمِّهِ مالِكاً أنْ يُعِينَهُ في طَلَبِها، فلامَهُ وقالَ: فَرَّطْتَ فيها، ثُمَّ أَقْبَلْتَ تُتْعِبُ نَفْسَكَ في طَلَبِها.
ويُقَالُ: (نَشَدْتُ) الضَّالَةَ، إذا طَلَبْتَها.وأَنْشَدْتُها، إذا عَرَّفْتَها. و(الحَمُولَةُ): التي يُحْمَلُ عليها، والحَمُولَةُ: الأحمالُ.
وقولُهُ: (فلمْ أَغْفِلْ) أرادَ: نَشَدْتُ حَمُولةَ مَعْبَدٍ فلم أغفِلْ ذلكَ.وأَعْمَلَ الفعلَ الثانِيَ، ولوْ أَعْمَلَ الأوَّلَ لقالَ: فلم أَغْفِلْهَا.
ويُرْوَى: (فلم أَغْفُلْ حَمُولَةَ مَعْبَدِ)؛ أيْ: لم أَغْفُلْ عنْ ذلكَ.يَقُولُ: لامَنِي على غيرِ ذَنْبٍ كانَ مِنِّي إليهِ، إلاَّ أنَّنِي طَلَبْتُ حَمولةَ مَعْبَدٍ.و(غيرَ) منصوبٌ على الاستثناءِ، وهوَ استثناءٌ ليسَ مِن الأوَّلِ. و(عَلَى) يَجُوزُ أنْ تكونَ مُتَعَلِّقَةً بـ(لامَنِي) أوْ بـ(أَيْئَسَنِي).
72- وَقَرَّبْتُ بِالْقُرْبَى وَجَدِّكَ إِنَّنِي =مَتَى يَكُ أَمْرٌ لِلنَّكِيثَةِ أَشْهَدِ
أيْ: أَدْلَلْتُ على مَالِكٍ بالقَرَابَةِ.و(النَّكِيثَةُ): بلوغُ الجَهْدِ. وقيلَ: النَّكِيثَةُ: شِدَّةُ النَّفْسِ. وقولُهُ: (وَجَدِّكَ)؛ أيْ: وَحَظِّكَ. يُخَاطِبُ مالِكاً ويقولُ: أَدْلَلْتُ بما بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِن القرابةِ، ويَحْلِفُ أنَّهُ متَى يَكُ أمرٌ للنَّكِيثَةِ يَشْهَدُ ذلكَ الأمرَ، ويُعِينُهُ على حُضُورِهِ. ويُرْوَى: (وَجَدِّكَ إِنَّهُ)، والهاءُ: للأمرِ والشأنِ.
73- وإنْ أُدْعَ في الجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُماتِهَا = وإنْ يَأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَدِ
ويُرْوَى: (وإنْ أُدْعَ لِلْجُلَّى). و(الجُلَّى): الأمرُ العظيمُ الجلِيلُ.قالَ يعقوبُ: الجُلَّى: فُعْلَى من الأَجَلِّ، كَمَا تقولُ: الأعظمُ والعُظْمَى.وقالَ غيرُهُ:الجُلَّى بضمِّ الجيمِ مقصورةً، فإذا فَتَحْتَ جِيمَهَا مَدَدْتَ فقُلْتَ: الجَلاَّءُ. أبو جَعْفَرٍ النحَّاسُ: الجُلَّى: الأمرُ الجَلِيلُ، وأَنَّثَهُ على مَعْنَى القِصَّةِ والحالِ. ويُقالُ: جَلِيلٌ وجُلالٌ كما يُقالُ: طَوِيلٌ وطُوالٌ. وقولُهم: جَلَلٌ للعظيمِ والصغيرِ.قالَ أصحابُالغريبِ المَحْضِ: هُمَا ضِدَّانِ. وقالَ أهلُ النَّظَرِ: جَلَلٌ للعظيمِ على بابِهِ، وجَلَلٌ للصغيرِ على بابِهِ مِن الجِلِّ، وهوَ الشيءُ الذي لا يُعْبَأُ بهِ. ويَجُوزُ أنْ يكونَ جَلَلٌ لِمَا جَاوَزَ في العِظَمِ والصِّغَرِ، وقَالُوا في قولِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ِنَّ اللَّهَلا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}؛ أيْ: فَمَا فَوْقَها في الصِّغَرِ.
ومعنى: َكُنْ مِنْ حُمَاتِهَا)؛ أيْ: مِمَّنْ يَدْفَعُ ويُقاتِلُ. ويُقالُ: حَمَيْتُ المَوْضِعَ، إذا دَفَعْتَ عنهُ.وأَحْمَيْتُهُ: جَعَلْتَهُ ذا حِمًى. وحَمَيْتُ أَنْفِي مَحْمِيَةً، إذا امْتَنَعْتَ مِن الضَّيْمِ.
74- وإنْ يَقْذِفُوا بِالْقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ = بِكَأْسِ حِيَاضِ الْمَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ
ويُرْوَى: (بِشُرْبِ حِيَاضِ الْمَوْتِ قَبْلَ التَّنَجُّدِ). (القَذْعُ) والقَذَعُ: اللفظُ القبيحُ والشَّتْمُ. والصحيحُ في (العِرْضِ) أنَّهُ النَّفْسُ؛ كما قالَ:
فإنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وعِرْضِي =لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
والمعنى: إِنْ شَتَمَكَ الأعداءُ عَاقَبْتُهُم قبلَ أنْ أَتَهَدَّدَهُم. و(التَّنَجُّدُ): الاجتهادُ، فيمَنْ رَوَاهُ.
75- بِلا حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْدِثٍ = هِجائِي وقَذْفِي بالشَّكاةِ ومُطْرَدِي
الباءُ في (بلا حَدَثٍ) يَجُوزُ أنْ تكونَ مُتَعَلِّقَةً بقولِهِ: (يَنْأَ عَنِّي).ويَجُوزُ أنْ تكونَ مُتَّصِلَةً بقولِهِ: (يَلُومُ)، وبقولِهِ: (أَيْئَسَنِي). والكافُ في (كَمُحْدِثٍ) في موضِعِ رَفْعٍ.المعنى: هوَ كَمُحْدِثٍ هِجَائِي؛ أيْ: هوَ مُتَعَدٍّ عَلَيَّ. ويَجُوزُ أنْ يكونَ المعنى: وأنا كمُحْدِثٍ هِجَائِي؛ أيْ: قدْ صَيَّرَنِي بمَنْزِلَةِ مَنْ قدْ فَعَلَ هذا بهِ. ومَنْ رَوَى: (مُطْرَدِي) بضمِّ الميمِ فهوَ مِنْ: أَطْرَدَهُ؛ إذا جَعَلَهُ طَرِيداً. ومَنْ فَتَحَ الميمَ فهوَ مِنْ طَرَدَهُ؛ إذا نَحَّاهُ.
ويُرْوَى: (كمُحْدَثٍ) بفتحِ الدالِ، فمَنْ كَسَرَ الدالَ أرادَ: الرَّجُلُ الذي هَجَانِي كرَجُلٍ أَحْدَثَ حَدَثاً عظيماً.ومَنْ فَتَحَ الدالَ أرادَ: هِجَائِي كأمرٍ مُحْدَثٍ عظيمٍ.قالَ الأَصْمَعِيُّ: يُقالُ: هَجَا غَرْثَهُ وأَهْجَى غَرْثَهُ، إذا كَسَرَهُ.والهِجَاءُ: الذَّمُّ، يُقَالُ: فلانةٌ تَهْجُو زَوْجَهَا؛ أيْ: تَذُمُّ صُحْبَتَهُ.وقالَ في قَوْلِهِ: (كمُحْدَثٍ) بفتحِ الدالِ: أيْ: كإِحْدَاثِي شِكَايَتَهُ إيَّايَّ.
76- فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ امْرَءاً هُوَ غَيْرُهُ = لَفَرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَدِي
ويُرْوَى: (فَلَوْ كانَ مَوْلايَ ابنُ أَصْرَمَ مُسْهِرٌ). و(مَوْلايَ) في موضِعِ نصبٍ خبرِ (كانَ) في هذهِ الروايَةِ، وفي الروايَةِ الأولى في موضِعِ رفعٍ اسمِ (كانَ). ويَجُوزُ أنْ يُرْوَى: (فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ امْرُؤٌ)، على أنْ يكونَ (امْرُؤٌ) اسمَ (كانَ)، و(مولايَ) الخَبَرَ، ويكونُ مِثْلَ قولِهِ:
كَأَنَّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ = يكُونُ مِزَاجَها عَسَلٌ وَمَاءُ
إلاَّ أنَّهُ في بيتِ طَرَفَةَ أَحْسَنُ؛ لأنَّهُ قدْ وَصَلَهُ بقولِهِ:(هوَ غيرُهُ)، فقارَبَ المعرفةَ.
وقولُهُ: (لَفَرَّجَ كَرْبِي)؛ أيْ: أَعَانَنِي على ما نَزَلَ بي من الهَمِّ. (أوْ لأَنْظَرَنِي غَدِي)؛ أيْ: تَأَنَّى عَلَيَّ فلم يُعْجِلْنِي.
77- ولَكِنَّ مَوْلايَ امْرُؤٌ هُوَ خَانِقِي = على الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أوْ أَنَا مُفْتَدِي
معناهُ: يَسْأَلُنِي أَنْ أَشْكُرَهُ وأَفْتَدِيَ مِنهُ بمَالِي.وقالَ الأَصْمَعِيُّ: أوْ أنا مُفْتَدٍ منهُ. ويُرْوَى: (أَوْ أَنَا مُعْتَدِي)؛ أيْ: مُعْتَدٍ عليهِ.
78- وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً = عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ
قِيلَ: إنَّ هذا البيتَ لِعَدِيِّ بنِ زَيْدٍ العِبَادِيِّ، وليسَ مِنْ هذهِ القصيدةِ. وقولُهُ: (أَشَدُّ مَضَاضَةً)؛ أيْ: أشدُّ حُرْقَةً، منْ قولِهم: مَضَّنِي الشيءُ وأَمَضَّنِي.
79- فذَرْنِي وخُلْقِي إنَّنِي لكَ شَاكِرٌ =وَلَوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَدِ
َرْغَدٌ): اسمُ جَبَلٍ.وقيلَ: هوَ حَرَّةٌ بأرضِ غَطَفَانَ.

80- فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بْنَ خَالِدٍ = ولَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْرَو بنَ مَرْثَدِ
قالَ أبو عُبَيْدَةَ: (قيسُ بنُ خَالِدٍ) منْ بني شَيْبَانَ، و(عَمْرُو بنُ مَرْثَدٍ) ابنُ عَمِّ طَرَفَةَ.فلمَّا بَلَغَ هذا عَمْرَو بنَ مَرْثَدٍ وَجَّهَ إلى طَرْفَةَ، فقالَ لهُ: أمَّا الوَلَدُ فاللَّهُ يُعْطِيكَهُم، وأمَّا المالُ فسَنَجْعَلُكَ فيهِ إِسْوَتَنَا. فَدَعَا وَلَدَهُ - وكَانُوا سَبْعَةً - فأَمَرَ كلَّ واحدٍ، فدَفَعَ إلى طَرَفَةَ عَشْراً مِن الإبلِ، ثُمَّ أَمَرَ ثلاثةً مِنْ بَنِي بَنِيهِ، فدَفَعَ كلَّ واحدٍ مِنهم إلى طَرَفَةَ عَشْراً من الإِبِلِ، فكانَ الثلاثةُ الذينَ دَفَعُوا إلى طَرَفَةَ يَفْتَخِرُونَ على مَنْ لم يَدْفَعْ، ويَقُولُونَ: جَعَلَنا جَدُّنَا بمنزلةِ بَنِيهِ.
81- فَأُلْفِيتُ ذَا مَالٍ كثيرٍ وعَادَنِي = بَنُونَ كِرَامٌ سَادَةٌ لِمُسَوَّدِ
ويُرْوَى: (فأَصْبَحْتُ ذا مالٍ). ابنُ كَيْسَانَ: يُقالُ: عَادَنِي واعْتَادَنِي وزَارَنِي وازْدَارَنِي. وقولُهُ: (سَادةٌلِمُسوَّدِ)؛ أيْ:سادةٌ أبناءُ سَيِّدٍ؛ كما يُقالُ: شريفٌ لِشَرِيفٍ؛ أيْ: شَريفٌ ابنُ شَريفٍ.
82- أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونَهُ = خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
(الضَّرْبُ): الخَفِيفُ.ومَنْ رَوَى: (الجَعْدُ) أرادَ: المُجْتَمِعَ الشديدَ. و(الخَشَاشُ): الرَّجُلُ الذي يَنْخَشُّ في الأمورِ ذَكاءً ومَضاءً. ورَوَى الأَصْمَعِيُّ: (خِشَاشٌ) بكسرِ الخاءِ، وقالَ: كلُّ شيءٍ خِشَاشٌ بالكسرِ، إلاَّ خَشاشَ الطيرِ لِخَسِيسِهِ.
وقولُهُ: (كَرَأْسِ الحَيَّةِ)، العَرَبُ تقولُ لكلِّ متحرِّكٍ نشيطٍ: رَأْسُهُ كرأسِالحَيَّةِ. وأمَّا الحديثُ الذي يُرْوَى في صِفَةِ الدَّجَّالِ: (كَأَنَّهُ رَأْسَهُ أَصَلَةٌ)؛ فإنَّ الأَصَلَةَ: الأَفْعَى.و(المُتَوَقِّدُ): الذَّكِيُّ، يُقالُ: تَوَقَّدَت النارُ تَوَقُّداً، ووَقَدَتْ تَقِدُ وَقَداناً وَوَقْداً وقِدَةً.
83- فآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً لِعَضْبٍ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ
ويُرْوَى: (لأَبْيَضَعَضْبٍ). (آلَيْتُ): حَلَفْتُ.(لا يَنْفَكُّ): لا يَزَالُ.
و(الكَشْحُ): الجَنْبُ، ومعناهُ: لا يَزَالُ جَنْبِي لاصِقاً بالسيفِ. و(العَضْبُ): السَّيْفُ القاطِعُ. و(شَفْرَتَاهُ): حَدَّاهُ.و(مُهَنَّدٌ): منسوبٌ إلى الهِنْدِ.
84- حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِهِ = كَفَى الْعَوْدَ مِنْهُ الْبَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
(الحُسَامُ): القاطِعُ. وقولُهُ: (كَفَى العَوْدَ)؛ أيْ: كَفَت الضربةُ الأولى منْ أنْيعودَ.وقولُهم: رَجَعَ عَوْدَهُ على بَدْئِهِ؛ أيْ: رَجَعَ ناقِضاً لمجيئِهِ. و(عَوْدَهُ) منصوبٌ؛ لأنَّهُ في موضِعِ الحالِ عندَ سِيبَوَيْهِ. ويَجُوزُ أنْ تكونَ مفعولاً؛ لأنَّهُ يُقَالُ: رَجَعَ الشيءُ ورَجَعْتُهُ، ويَجُوزُ: رَجَعَ عَوْدُهُ على بَدْئِهِ؛ أيْ: وهذهِ حالُهُ، كما تقولُ: كَلَّمْتُهُ فُوهُ إلى فِيَّ، وإنْ شِئْتَ نَصَبْتَهُ.
و(المِعْضَدُ): الكَالُّ الذي يُعْضَدُ بهِ الشجَرُ. وقولُهُ: (مُنْتَصِراً) معناهُ: مُتَابِعاً للضَّرْبِ.ويقالُ: قدْ تَنَاصَرَ القومُ على رُؤْيَةِ الهلالِ، إذا تَتَابَعُوا.ونَصَرَ اللَّهُ أرضَ بَنِي فلانٍ؛ إذا جَادَهَا بالمطرِ.ويقالُ: (مُنْتَصِراً) معناهُ: ناصِراً.وقيلَ: (مُنْتَصِراً): أَنْتَصِرُ مِنْ ظُلْمِي.
85- أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيبةٍ =إِذَا قِيلَ: مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ: قَدِ
َخِي ثِقَةٍ): يَثِقُ بسيفِهِ. ومعنى (لا يَنْثَنِي عنْ ضَريبةٍ)؛ أيْ: لا يَنْبُو عنها ولا يُعَوِّجُ.و(الضَّرِيبَةُ): المضروبةُ.و(حاجِزُهُ): حَدُّهُ. =وقولُ: (قَدِ) معناهُ: حَسْبُ؛ أيْ: قدْ فَرَغَ.
86- إذَا ابْتَدَرَ القومُ السِّلاحَ وَجَدْتَنِي =مَنِيعاً إذَا بَلَّتْ بِقَائمِهِ يَدِي
أيْ: إذا عَجِلُوا إليهِ وتَبَادَرُوا. ومنهُ يُقالُ: ناقةٌ بَدْرِيَّةٌ إذا كانَتْ تُبْكِرُ اللِّقاحَ وتُنْتَجُ قبلَ الإبلِ، وذلكَ مِنْ فضلِقُوَّتِها وجَوْدَتِها، قالَ الراجِزُ:
لِسَالِمٍ إِنْ سَكَتَ العَشِيَّهْ =عَن البُكَاءِ نَاقَةٌ بَدْرِيَّهْ
و(السِّلاحُ) يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ. ويُرْوَى: (وَجَدْتُنِي) بضمِّ التاءِ.و(المَنِيعُ): الذي لا يُوصَلُ إليهِ.ومعنَى: (بَلَّتْ) ظَفِرَتْ وتَمَكَّنَتْ. و(قَائِمُ السَّيْفِ): مَقْبِضُهُ.
87- وبَرْكٍ هُجُودٍ قدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي = نَوَادِيَهَا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ
(الْبَرْكُ): جماعةُ إِبِلِ أهلِ الحِواءِ. وقالَ أبو عُبَيْدَةَ: البَرْكُ: يَقَعُ على جَميعِ ما يَبْرُكُ من الجمالِ والنُّوقِ، على الماءِ وبالفلاةِ، منْ حَرِّ الشمسِ أو الشَّبَعِ.الواحِدُ: بَارِكٌ، والأُنْثَى بارِكَةٌ. وقيلَ لها: بَرْكٌ؛ لاجتماعِ مَبَارِكِها.وبَرَكَ البَعِيرُ: إذَا أَلْقَى صَدْرَهُ على الأرضِ.ويُقالُ للصدْرِ: بَرْكٌ وبِرْكَةٌ.
ويُقالُ: إنَّ البَرَكَةَ مُشْتَقَّةٌ مِن البَرْكِ؛ لأنَّ معْنَاهَا: خيرٌ مُقِيمٌ وسُرُورٌ يَدُومُ.وقولُهم: مُبَارَكٌ، معناهُ: الخيرُ يَأْتِي بنزولِهِ. و(تَبَارَكَ اللَّهُ) منهُ. و(نَوَادِيَهَا): ما نَدَّ منها.ويُرْوَى: (هَوَادِيَهَا)، وهوَ أَوَائِلُها.و(الهُجُودُ): النِّيَامُ.وإنَّما خَصَّ النوادِيَ؛ لأنَّهُ أرادَ: لا يُفْلِتُ منْ عَقْرِي ما قَرُبَ ولا ما شَذَّ. و(أَمْشِي) حالٌ؛ أيْ: قدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي نَوَادِيَ هذا البَرْكِ في حالِ مَشْيِي إليهِ بالسيفِ.
88- فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيفٍ جُلالةٌ = عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالْوَبِيلِ يَلَنْدَدِ
(الكَهَاةُ): الضخمةُ المُسِنَّةُ.و(الخَيْفُ): جِلْدُ الضَّرْعِ الأَعْلَى الذي يُسَمَّى الجِرَابَ. وناقةٌ خَيْفَاءُ، إذا كانَ ضَرْعُها كبيراً.و(الجُلالَةُ) والجَلِيلَةُ: العظيمةُ.و(الوَبِيلُ): العَصَا. وَقِيلَ: هيَ خَشَبَةُ القَصَّارِينَ. وكُلُّ ثَقِيلٍ: وَبِيلٌ. ومنهُ قولُهُ عَزَّ وجَلَّ: َأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً}. و(اليَلَنْدَدُ): الشديدُ الخُصُومَةِ.
89- يَقُولُ وقدْ تَرَّ الوَظِيفُ وسَاقُهَا: =أَلَسْتَ تَرَى أنْ قدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ؟
(ترَّ الوَظِيفُ): انْقَطَعَ. وأَتْرَرْتُهُ: قَطَعْتَهُ.و(الوَظِيفُ): عَظْمُ الساقِ والذِّراعِ. و(المُؤْيِدُ): الداهِيَةُ.ويُرْوَى: (بِمُؤْيَدِ)؛ أيْ: جِئْتَ بأَمْرٍ شديدٍ يُشَدَّدُ فيهِ، مِنْ عَقْرِكَ هذهِ الناقةَ.
90- وقالَ: ألا مَاذَا تَرَوْنَ بِشَارِبٍ =شَدِيدٍ عَلَيْنَا بَغْيُهُ مُتَعَمِّدِ
ويُرْوَى: (سُخْطُهُ مُتَعَيِّدٍ). المُتَعَيِّدُ: الظَّلُومُ، قالَ الشاعِرُ:
يرَى المُتَعَيِّدُونَ عَلَيَّ دُونِي =أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقَابَا
وموضِعُ (مَاذَا) نَصبٌ بـ(تَرَوْنَ).ويَجُوزُ أنْ تَجْعَلَ (مَا) في موضعِ رفعٍ، ويكونُ التقديرُ: ما الَّذِي تَرَوْنَهُ بشارِبٍ؟
91- فَقَالَ: ذَرُوهُ إنَّمَا نَفْعُهَا لَهُ =وإلاَّ تَرُدُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ
وروَى أبو الحَسَنِ: (فَقَالُوا: ذَرُوهُ)، وهوَ الصوابُ؛ لأنَّ المعنى: وقالَ الشيخُ يَشْكُو طَرَفَةَ إلى الناسِ، فقَالُوا، يَعْنِي الناسَ. ومَنْ رَوَى (فَقَالَ)، فروايتُهُ بعيدةٌ؛ لأنَّهُ يَحْتَاجُ إلى تقديرِ فاعلٍ. والهاءُ في قَوْلِهِ: َرُوهُ) تعودُ على طَرَفَةَ، وكذلكَ في قَوْلِهِ: َفْعُها لَهُ).وقالَ أبو الحَسَنِ: الهاءُ في قَوْلِهِ (ذَرُوهُ) تعودُ على طَرَفَةَ، وفي قَوْلِهِ: (نَفْعُهَا لَهُ) على الشيخِ.
و(قَاصِي البَرْكِ): ما تَبَاعَدَ منهُ. والمعنى: إنَّكُم إنْ لم تَرُدُّوهُ يَزْدَدْ في عَقْرِهِ.ويُرْوَى: (تَزْدَدِ) بالتاءِ؛ أيْ: تَزْدَدْ نِفاراً؛ أيْ: ذَرُوهُ لا تَلْتَفِتُوا إليهِ،واطْلُبوا قاصِيَ البَرْكِ، لا يَذْهَبْ على وَجْهِهِ.

92- فظَلَّ الإماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوارَهَا = ويُسْعَى عَلَيْنَا بالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ
(الإِمَاءُ): الخَدَمُ، الواحِدُ: أَمَةٌ، وقدْ تُجْمَعُ على إِمْوَانٍ، والجمعُ السالِمُ: أَمَوَاتٌ، وحَكَى الكُوفِيُّونَ: أَمَيَاتٌ.و(يَمْتَلِلْنَ)؛ أيْ: يَشْتَوِينَ في المَلَّةِ،وهيَ الرمادُ والترابُ الحارُّ.وقولُهم: أَطْعَمَنَا مَلَّةً، خَطَأٌ؛ لأنَّ المَلَّةَ: الرمادُ.ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ المرادُ: أَطْعَمَنا خُبْزَ مَلَّةٍ، فَحَذَفَ المُضَافَ وأَقَامَ المضافَ إليهِ مُقَامَهُ؛ كقولِهِ عَزَّ وجَلَّ: َاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}.
و(الحُوَارُ): وَلَدُ الناقةِ. و(السَّدِيفُ): شَطَائِبُ السَّنامِ، الواحِدَةُ: شَطِيبَةٌ، وهوَ ما قُطِعَ منهُ طُولاً.و(المُسَرْهَدُ): الناعِمُ الحَسَنُ الغذاءِ.
93- فإنْ مُتُّ فَانْعَيْنِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ =وشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ
(انْعَيْنِي)؛ أي: اذْكُرِينِي مِنْ أَفْعَالِي ما أَنَا أَهْلُهُ.يقالُ: فلانٌ يَنْعَى على فلانٍ ذُنُوبَهُ، إذا كانَ يُعَدِّدُها عليهِ ويَأْخُذُهُ بها.المعنى: فإنْ مُتُّ مِنْ قَصْدِي هذا، يُخَاطِبُ ابنةَ أَخِيهِ.
94- ولا تَجْعَلِينِي كَامْرِئٍ لَيْسَ هَمُّهُ = كَهَمِّي وَلا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَدِي
أيْ: لا يُغْنِي غَناءً مِثْلَ غَنَائِي؛ أيْ: لا يُغْنِي في الحربِ غَنَائِي، ومَشْهَدِي في المجالِسِ والخصوماتِ.
95- بَطِيءٍ عن الجُلَّى سَرِيعٍإلى الخَنَا = ذَليلٍ بأَجْمَاعِ الرِّجالِ مُلَهَّدِ
ويُرْوَى: (ذَلُولٍ).و(الجُلَّى): الأمرُ العظيمُ الذي يُدْعَى لهُ ذَوُو الرأيِ.و(الخَنَا): الفسادُ في المَنْطِقِ. و(الذليلُ): المقهورُ، وهوَ ضِدُّ العزيزِ. يُقَالُ: ذَلَّ يَذِلُّ ذُلاًّ، فهوَ ذَلِيلٌ وذَالٌّ.والذَّلُولُ ضِدُّ الصَّعْبِ.
وََجْمَاعٌ): جَمْعُ جُمْعٍ، وهوَ ظَهْرُ الكَفِّ، إذا جَمَعْتَ أَصَابِعَكَ وضَمَمْتَهَا. و(المُلَهَّدُ): المضروبُ، وهوَ المُدَفَّعُ.
96- فلَوْ كُنْتُ وَغْلاً في الرجالِ لَضَرَّنِي = عَدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ وَالْمُتَوَحِّدِ
(الوَغْلُ): الضعيفُ الخامِلُ الذي لا ذِكْرَ لهُ. و(المُتَوَحِّدُ): المُنْفَرِدُ.
97- ولَكِنْ نَفَى عَنِّي الأَعَادِيَّ جُرْأَتِي = عَلَيْهِم وإِقْدَامِي وَصِدْقِي ومَحْتِدِي
ويُرْوَى: (وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِي).ويُرْوَى: (ولكِنْ نَفَى الأعداءَ عَنِّي جُرْأَتِي).و(المَحْتِدُ): الأصلُ.
يقولُ: مَحْتِدِي وصِدْقِي وجُرْأَتِي نَفَيْنَ عنِّي إقدامَ الرِّجَالِ، وتَسَرُّعَ الأعداءِ إلى أنْ يُقْدِمُوا عَلَيَّ بالمَسَاءَةِ.
98- لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بِغُمَّةٍ = نَهَارِي وَلا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
(الغُمَّةُ): الأمرُ الذي لا يُهْتَدَى لهُ.والمعنى: أنِّي لا أَتَحَيَّرُ في أَمْرِي نهاراً، ولا أُؤَخِّرُهُ ليلاً، فيَطُولَ عَلَيَّ؛ لأنَّ (السَّرْمَدَ): الطويلُ.
99- ويَوْمٍ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ =حِفَاظاً عَلَى عَوْرَاتِهِ والتَّهَدُّدِ
ويُرْوَى: (وَيَوْمَ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِندَ عِراكِهَا). ويُرْوَى: (حِفَاظاً على رَوْعَاتِهِ).أصلُ (العِراكِ) الازْدِحَامُ؛ أيْ: صَبَّرْتُ النَّفْسَ عندَ ازْدِحَامِ القومِ في الحربِ والخصوماتِ على (رَوْعَاتِ) اليومِ، وهُنَّ فَزَعاتُهُ.
ومَنْ رَوَى: (على عَوْرَاتِهِ) فمعناهُ: على مَخافةِ العدوِّ.قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}؛ أيْ: إنَّها حِذاءَ العدوِّ.و(العَوْرَةُ) موضِعُ المخافةِ.ومَنْ رَوَى: (عندَ عِراكِهِ)؛ أيْ:عِرَاكِ اليومِ، وهوَ عِلاجُهُ. ومَنْ رَوَى: (عِنْدَ عِرَاكِهَا) أرادَ الحربَ.

100- علَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الْفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى = مَتَى تَعْتَرِكْ فِيهِ الفَرَائِصُ تُرْعَدِ
(المَوْطِنُ) هنا مُسْتَقَرُّ الحربِ.و(الرَّدَى): الهلاكُ.و(الفَرَائِصُ): جمعُ فَرِيصَةٍ، وهيَ المُضْغَةُ التي تَحْتَ الثَّدْيِ، وَمِمَّا يلي الجَنْبَ عندَ مَرْجِعِ الكَتِفِ، وهوَ أوَّلُ ما يُرْعَدُ من الإنسانِ ومنْ كلِّ دابَّةٍ إذا فَزِعَ. و(عَلَى) تَتَعَلَّقُ بقولِهِ: َبَسْتُ) في البيتِ الذي قبلَهُ.
ورَوَى أبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ - ولم يَرْوِهِ الأصمعيُّ ولا ابنُ الأعرابِيِّ - بيتاً، وهوَ:
101- وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَوَارَهُ = على النارِ وَاسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
عَنَى بـ(الأصفرِ): قِدْحاً.وإنَّما جَعَلَهُ أَصْفَرَ؛ لأنَّهُ منْ نَبْعٍ أوْ سِدْرٍ، والأصفرُ هنا الأسودُ.و(المَضْبُوحُ): الذي قدْ غَيَّرَتْهُ النارُ. و(الحَوَارُ): المَرَدُّ، يُقَالُ: ما أَدْرِي ما حَوَارُ هذا الكلامِ. والحِوارُ: مَصْدَرُ حَاوَرْتُهُ. و(علَى النَّارِ)؛ أيْ:عندَ النارِ، وذلكَ في شِدَّةِ البردِ، كَانُوا يُوقِدُونَ النيرانَ، ويَنْحَرُونَ الجُزُرَ، ويَضْرِبُونَ عليها بالقِدَاحِ، وأكثرُ ما يَفْعَلُونَ ذلكَ بالعَشِيِّ عندَ مجيءِ الضِّيفانِ.
وقولُهُ:َظَرْتُ حَوَارَهُ)؛ أي: انْتَظَرْتُ فَوْزَهُ. و و(اسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ)، المُجْمِدُ هنا: الذي يَضْرِبُ بالسِّهَامِ. والمُجْمِدُ: الذي يَأْخُذُ بكِلْتَا يَدَيْهِ، ولا يَخْرُجُ مِنْ يَدَيْهِ شيءٌ.ويُقَالُ: أَجْمَدَ الرجُلُ، إذا لم يَكُنْ عندَهُ خَيْرٌ.
102- سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً = ويَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
أيْ: سَتُظْهِرُ لكَ الأيَّامُ ما لم تَكُنْ تَعْلَمُهُ، ويَأْتِيكَ بالخبرِ مَنْ لم تَسْأَلْهُ عنْ ذلكَ، ولم تُزَوِّدْهُ.
ورَوَى جَرِيرٌ:
103- ويَأْتِيكَ بالأَنْبَاءِ مَنْ لم تَبِعْ لهُ = بَتاتاً ولم تَضْرِبْ لهُ وَقْتَ مَوْعِدِ
َبِعْ لَهُ * بَتاتاً): تَشْتَرِ لهُ زَاداً.
وأَنْشَدُوا بَيْتَيْنِ.وقِيلَ: إنَّهُمَا لعَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:
104- لَعَمْرُكَ مَا الأَيَّامُ إِلاَّ مُعَارَةٌ = فَمَا اسْطَعْتَ مِنْ مَعْرُوفِهَا فَتَزَوَّدِ
105- عَن المَرْءِ لا تَسْأَلْ وأَبْصِرْ قَرِينَهُ = فإنَّ القَرِينَ بالمُقَارِنِ مُقْتَدِي


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس
قديم 18/07/2016, 11:50 AM   #6
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



شرح القصائد السبع للقاضي: الحسين بن أحمد الزوزني
طرفة بن العبد
حدث المفضل بن محمد بن يعلى الضبي أن طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، كان في حسب كريم وعدد كثير، وكان شاعرا جريئا على الشعر، وكانت أخته عند عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس، وكان عبد عمرو سيد أهل زمانه وكان من أكرم الناس على عمرو بن هند الملك، فشكت أخت طرفة شيئا من أمر زوجها إلى طرفة فعاب عبد عمرو وهجاه وكان من هجائه إياه أن قال: [الطويل]
ولا خير فيه غير أن له غنى = وأن له كشحا إذا قام أهضما
تظل نساء الحي يعكفن حوله = يقلن: عسيب من سرارة ملهما
يعكفن: أي يطفن، العسيب: أغصان النخل. سرارة الوادي: قرارته وأنعمه وأجوده نبتا. الملهم: قرية باليمامة فبلغ ذلك عمرو بن هند الملك وما رواه فخرج يتصيد ومعه عبد عمرو فرمى حمارا فعقره فقال لعبد عمرو: انزل فاذبحه، فعالجه فأعياه فضحك الملك. وقال: لقد أبصرك طرفة حيث يقول، وأنشد: ولا خير فيه، وكان طرفة هجا قبل ذلك عمرو بن هند فقال فيه: [الوافر]
فليت لنا مكان الملك عمرو = رغوثا حول قبتنا تخور
من الزمرات أسبل قادماها = وضرتها مركنة درور
لعمرك إن قابوس بن هند = ليخلط ملكه نوك كثير
قسمت الدهر في زمن رخي = كذاك الحكم يقصد أو يجور
فلما قال عمرو بن هند لعبد عمرو ما قال طرفة قال: أبيت اللعن؟ ما قال فيك أشد مما قال في، فأنشده الأبيات فقال عمرو بن هند: أوقد بلغ من أمره أن يقول في مثل هذا الشعر؟ فأمر عمرو فكتب إلى رجل من عبد القيس بالبحرين وهو المعلى ليقتله فقال له بعض جلسائه: إنك إن قتلت طرفة هجاك المتلمس رجل مسن مجرب، وكان حليف طرفة وكان من بني ضبيعة، فأرسل عمرو إلى طرفة والمتلمس فأتياه فكتب لهما إلى عامله بالبحرين ليقتلهما وأعطاهما هدية من عنده وحملهما وقال: قد كتبت لكما بحباء فأقبلا حتى نزلا الحيرة، فقال المتلمس لطرفة: تعلمن والله أن ارتياح عمرو لي ولك لأمر عندي مريب وأن انطلاقي بصحيفة لا أدري ما فيها؟ فقال طرفة: إنك لتسيء الظن، وما نخاف من صحيفة إن كان فيها الذي وعدنا وإلا رجعنا فلم نترك منه شيئا؟ فأبى أن يجيبه إلى النظر فيها، ففك المتلمس ختمها ثم جاء إلى غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام؟ فقال: نعم، فأعطاه الصحيفة فقرأها فقال الغلام: أنت المتلمس؟ قال: نعم، قال: النجاء! قد أمر بقتلك، فأخذ الصحيفة فقذفها في البحيرة، ثم أنشأ يقول: [الطويل]
وألقيتها بالثني من جنب كافر = كذلك ألقي كل رأي مضلل
رضيت لها بالماء لما رأيتها = يجول بها التيار في كل جدول
فقال المتلمس لطرفة: تعلمن والله أن الذي في كتابك مثل الذي في كتابي فقال طرفة: لئن كان اجترأ عليك ما كان بالذي يجترئ علي، وأبى أن يطيعه، فسار المتلمس من فوره ذلك حتى أتى الشام فقال في ذلك: [الكامل]
من مبلغ الشعراء عن أخويهم = نبأ فتصدقهم بذاك الأنفس
أودى الذي علق الصحيفة منهما = ونجا حذار حياته المتلمس
ألقى صحيفته ونجت كوره = وجنا محمرة المناسم عرمس
عيرانة طبخ الهواجر لحمها = فكأن نقبتها أديم أملس
وخرج طرفة حتى أتى صاحب البحرين بكتابه، فقال له صاحب البحرين: إنك في حسب كريم وبيني وبين أهلك إخاء قديم وقد أمرت بقتلك فاهرب إذا خرجت من عندي فإن كتابك إن قرئ لم أجد بدا من أن أقتلك فأبى طرفة أن يفعله فجعل شبان عبد القيس يدعونه ويسقونه الخمر حتى قتل.
وقد كان قال في ذلك قصيدته التي أولها (لخولة أطلال) انقضى حديث طرفة برواية المفضل، وذكر العتبي سببا آخر في قتله، وذلك أنه كان ينادم عمرو بن هند يوما فأشرفت أخته فرأى طرفة ظلها في الجام، الذي في يده فقال: [الهزج]
ألا يا ثاني الظبي = الذي يبرق شنفاه
ولولا الملك القاعد = قد ألثمني فاه
فحقد ذلك عليه، قال: ويقال إن اسمه عمرو وسمي طرفة ببيت قاله، وأمه وردة، وكان من أحدث الشعراء سنا وأقلهم عمرا، قتل وهو ابن عشرين سنة فيقال له ابن العشرين. ورأيت أنا مكتوبا في قصته في موضع آخر أنه لما قرأ العامل الصحيفة عرض عليه فقال: اختر قتلة أقتلك بها، فقال: اسقني خمرا فإذا ثملت فافصد أكحلي ففعل حتى مات فقبره بالبحرين، وكان له أخ يقال له معبد بن العبد فطالب بديته فأخذها من الحوافر.
معلقة طرفة
1 - لخولة أطلال ببرقة ثهمد = تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
خولة: اسم امرأة كلبية، ذكر ذلك هشام بن الكلبي، الطلل: ما شخص من رسوم الدار، والجمع أطلال وطلول، البرقة والأبرق والبرقاء: مكان اختلط ترابه بحجارة أو حصى، والجمع الأبارق والبراق والبرق والبرقاوات إذا حمل على معنى البقعة أو الأرض قيل البرقاء، وإذا حمل على المكان أو الموضع قيل الأبرق ثهمد: موضع تلوح: تلمع، واللوح اللمعان، الوشم: غرز ظاهر اليد وغيره بإبرة وحشو المغارز بالكحل، أو النقش بالنيلج والفعل منه وشم يشم وشما، ثم جعل اسما لتلك النقوش، وتجمع بالوشام والوشوم، ومنه قوله، عليه الصلاة والسلام: ((لعن الله الواشمة والمستوشمة)) فالواشمة هي التي تشم اليد، والمستوشمة هي التي يفعل بها ذلك، ثم تبالغ فتقول: وشم يوشم توشيما إذا تكرر ذلك منه وكثر.
يقول: لهذه المرأة أطلال ديار بالموضع الذي يخالط أرضه حجارة وحصى من ثهمد، فتلمع تلك الأطلال لمعان بقايا الوشم في ظاهر الكف، شبه لمعان آثار ديارها، ووضوحها بلمعان آثار الوشم في ظاهر الكف.
2 - وقوفا بها صحبي علي مطيهم = يقولون لا تهلك أسى وتجلد
تفسير البيت هنا كتفسيره في قصيدة امرئ القيس. التجلد: تكلف الجلادة، وهو التصبر.
3 - كأن حدوج المالكية غدوة = خلايا سفين بالنواصف من دد
الحدج: مركب من مراكب النساء، والجمع حدوج وأحداج والحداجة مثله، وجمعها حدائج. المالكية: منسوبة إلى بني مالك قبيلة من كلب. الخلايا: جمع الخلية وهي السفينة العظيمة، السفين: جمع سفينة ثم يجمع السفين على السفن، وقد يكون السفين واحدا، وتجمع السفينة على السفائن.
النواصف: جمع الناصفة، وهي أماكن تتسع من نواحي الأودية مثال السكك وغيرها، دد قيل: هو اسم واد في هذا البيت وقيل دد مثل يد، وددا مثل عصا، وددن مثل بدن، وهذه الثلاثة بمعنى اللهو واللعب.
يقول: كأن مراكب العشيقة المالكية غدوة فراقها بنواحي وادي دد سفن عظام، شبه الإبل وعليها الهوادج بالسفن العظام. وقيل: بل حسبها سفنا عظاما من فرط لهوه وولهه، وهذا إذا حملت ددا على اللهو، وإن حملته على أنه واد بعينه فمعناه على القول الأول.
4 - عدولية أو من سفين بن يامن = يجور بها الملاح طورا ويهتدي
عدولى: قبيلة من أهل البحرين، وابن يامن: رجل من أهلها، وروى أبو عبيدة بن نبتل وهو رجل آخر منها. الجور: العدول عن الطريق، والباء هنا للتعدية: الطور: التارة، والجمع الأطوار.
يقول: هذه السفن التي تشبهها هذه الإبل من هذه القبيلة أو من سفن هذا الرجل، والملاح يجريها مرة على استواء واهتداء وتارة يعدل بها فيميلها عن سنن الاستواء وكذلك الحداة تارة يسوقون هذه الإبل على سمت الطريق وتارة يميلونها عن الطريق ليختصروا المسافة، وخص سفن هذه القبيلة وهذا الرجل لعظمها وضخمها ثم شبه سوق الإبل تارة على الطريق وتارة على غير الطريق بإجراء الملاح السفينة مرة على سمت الطريق ومرة عادلا عن ذلك السمت.
5 - يشق حباب الماء حيزومها بها = كما قسم الترب المفايل باليد
حباب الماء: أمواجه، الواحدة حبابة، الحيزوم: الصدر، والجمع: الحيازيم الترب والتراب والترباء والتورب والتيرب والتيراب والتوراب واحد، ثم يجمع التراب على أتربة وتربان وتربات والتربة على الترب، ذكر هذا كله ابن الأنباري الفيال: ضرب من اللعب، وهو أن يجمع التراب فيدفن فيه شيء، ثم يقسم التراب نصفين، ويسأل عن الدفين في أيهما هو، فمن أصاب قمر ومن أخطأ قمر. يقال: فايل هذا الرجل يفايل مفايلة وفيالا إذا لعب بهذا الضرب من اللعب، شبه شق السفن الماء بشق المفايل التراب المجموع بيده.
6 - وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن = مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد
الأحوى: الذي في شفتيه سمرة، والأنثى الحواء، والجمع الحو. وأيضا الأحوى ظبي في لونه حوة، والشادن أحوى لشدة سواد أجفانه ومقلتيه.
قال الأصمعي: الحوة: حمرة تضرب إلى السواد، يقال: حوي الفرس مال إلى السواد، فعلى هذا شادن صفة أحوى، وقيل بدل من أحوى، وينفض المرد صفة أحوى، الشادن: الغزال الذي قوي واستغنى عن أمه. المظاهر: الذي لبس ثوبا فوق ثوب أو درعا فوق درع أو عقدا فوق عقد. السمط: الخيط الذي نظمت فيه الجواهر، والجمع سموط.
يقول: وفي الحي حبيب يشبه ظبيا أحوى في كحل العينين وسمرة الشفتين في حال نفض الظبي ثمر الأراك لأنه يمد عنقه في تلك الحال. ثم صرح بأنه يريد إنسانا، وقال قد لبس عقدين أحدهما من اللؤلؤ والآخر من الزبرجد، شبهه بالظبي في ثلاثة أشياء: في كحل العينين، وحوة الشفتين وحسن الجيد، ثم أخبر أنه متحل بعقدين من لؤلؤ وزبرجد.
7 - خذول تراعي ربربا بخميلة = تناول أطراف البرير وترتدي
خذول: أي خذلت أولادها: تراعي ربربا: أي ترعى معه. الربرب: القطيع من الظباء وبقر الوحش الخميلة: رملة منبتة.
قال الأصمعي: هي أرض ذات شجر، والجمع الخمائل. البرير: ثمر الأراك المدرك البالغ، الواحدة بريرة الارتداء والتردي: لبس الرداء.
يقول: هذه الظبية التي أشبهها الحبيب ظبية خذلت أولادها وذهبت مع صواحبها في قطيع من الظباء ترعى معها في أرض ذات شجر أو ذات رملة منبتة تتناول أطراف الأراك وترتدي بأغصانه، وإنما خص تلك الحال لمدها عنقها إلى ثمر الشجرة شبه طول عنق الحبيب وحسنه بذلك.
8 - وتبسم عن ألمى كأن منورا = تخلل حر الرمل دعص له ند
الألمى: الذي يضرب لون شفتيه إلى السواد، والأنثى لمياء، والجمع لمي. والمصدر اللمى، والفعل لمي يلمى. البسم والتبسم والابتسام واحد. كأن منورا يعني أقحوانا منورا، فحذف الموصوف اجتزاء بدلالة الصفة عليه.
نور النبت إذا خرج نوره فهو منور، حر كل شيء: خالصه، الدعص: الكثيب من الرمل والجمع الأدعاص الندي يكون دون الابتلال والفعل ندي يندى ندى، ونديته تندية.
يقول: وتبسم الحبيبة عن ثغر ألمى الشفتين كأنه أقحوان خرج نوره في دعص ند يكون ذلك الدعص فيما بين رمل خالص لا يخالطه تراب، وإنما جعله نديا ليكون الأقحوان غضا ناضرا شبه به ثغرها وشرط لمى الشفتين ليكون أبلغ في بريق الثغر، وشرط كون الأقحوان في دعص ند لما ذكرنا، وتقدير الكلام كأن به أقحوانا منورا تخلل دعص له ند حر الرمل ثغرها، فحذف الخبر.
9 - سقته إياة الشمس إلا لثاته = أسف ولم تكدم عليه بإثمد
إياة الشمس وإياها: شعاعها، اللثة: مغرز الأسنان، والجمع اللثات الإسفاف: إفعال من سففت الشيء أسفه سفا. الإثمد: الكحل. الكدم: العض، ثم وصف ثغرها فقال: سقاه شعاع الشمس، أي كأن الشمس أعارته ضوءها ثم قال: إلا لثاته، يستثني اللثات لأنه لا يستحب بريقها ثم قال: أسف عليه الإثمد. أي ذر الإثمد على اللثة، ولم تكدم بأسنانها على شيء يؤثر فيها. وتقديره: أسف بإثمد ولم تكدم عليه بشيء، ونساء العرب تذر الإثمد على الشفاه واللثات فيكون ذلك أشد للمعان الأسنان.
10 - ووجه كأن الشمس ألقت رداءها = عليه نقي اللون لم يتخدد
التخدد: التشنج والتغضن.
يقول: وتبسم عن وجه كأن الشمس كسته ضياءها وجمالها، فاستعار لضياء الشمس اسم الرداء، ثم ذكر أن وجهها نقي اللون غير متشنج متغض وصف وجهها بكمال الضياء والنقاء والنضارة، وجر الوجه عطفا على ألمى.
11 - وإني لأمضي الهم عند احتضاره = بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
الاحتضار والحضور واحد. العوجاء: الناقة التي لا تستقيم في سيرها لفرط نشاطها، المرقال: مبالغة مرقل من الإرقال: وهو بين السير والعدو.
يقول: وإني لأمضي همي وأنفذ إرادتي عند حضورها بناقة نشيطة في سيرها تخب خببا وتذمل ذميلا في رواحها واغتدائها، يريد أنها تصل سير الليل بسير النهار وسير النهار بسير الليل، يقول: وإني لأنفذ همي عند حضوره بإتعاب ناقة مسرعة في سيرها.
12 - أمون كألواح الإران نصأتها = على لاحب كأنه ظهر برجد
الأمون: التي يؤمن عثارها. الإران: التابوت العظيم، نصأتها، بالصاد، زجرتها، ونسأتها، بالسين أي ضربتها بالمنسأة وهي العصا، اللاحب: الطريق الواضح، البرجد: كساء مخطط.
يقول: هذه الناقة الموثقة الخلق يؤمن عثارها في سيرها وعدوها وعظامها كألواح التابوت العظيم ضربتها بالمنسأة على طريق واضح كأنه كساء مخطط في عرضه. يريد أنه يمضي همه بناقة موثقة الخلق يؤمن عثارها. ثم شبه عرض عظامها بألواح التابوت ثم ذكر سوقه إياها بالعصا، ثم شبه الطريق بالكساء المخطط لأن فيه أمثال الخطوط العجيبة.
13 - جمالية وجناء تردي كأنها = سفنجة تبري لأزعر أربد
الجمالية: الناقة التي تشبه الجمل في وثاقة الخلق. الوجناء: المكتنزة اللحم، أخذت من الوجين وهي الأرض الصلبة والوجناء العظيمة الوجنات أيضا. الرديان: عدو الحمار بين متمرغه وآريه، هذا هو الأصل ثم يستعار للعدو، والفعل ردى يردي، السفنجة: النعامة، تبري: تعرض، والبري والانبراء واحد وكذلك التبري.
الأزعر: القليل الشعر، الأربد: الذي لونه لون الرماد.
يقول: أمضي همي بناقة تشبه الجمل في وثاقة الخلق مكتنزة اللحم تعدو كأنها نعامة تعرض لظليم قليل الشعر يضرب لونه إلى لون الرماد، شبه عدوها بعدو النعامة في هذه الحال.
14 - تباري عتاقا ناجيات وأتبعت = وظيفا وظيفا فوق مور معبد
باريت الرجل: فعلت مثل فعله مغالبا له. العتاق: جمع عتيق، وهو الكريم. الناجيات: المسرعات في السير، نجا ينجو نجا ونجاء أي أسرع في السير. الوظيف: ما بين الرسغ إلى الركبة وهو وظيف كله.
المور: الطريق المعبد: المذلل، والتعبيد: التذليل والتأثير.
يقول: هي تباري إبلا كراما مسرعات في السير وتتبع وظيف رجلها وظيف يدها فوق طريق مذلل بالسلوك والوطء بالأقدام والحوافر والمناسم في السير.
15 - تربعت القفين في الشول ترتعي = حدائق مولي الأسرة أغيد
التربع: رعي الربيع والإقامة بالمكان واتخاذه ربعا.
القف: ما غلظ من الأرض وارتفع لم يبلغ أن يكون جبلا، والجمع قفاف. الشول: النوق التي جفت ضروعها وقلت ألبانها الواحدة شائلة، بالتاء لا غير، وأما الشول جمع شائل، من شال البعير بذنبه إذا رفعه، يشول شولا ويقال: ناقة شائل وجمل شائل، والشول: الارتفاع ويعدى بالباء، والإشالة: الرفع.
الارتعاء: الرعي إذا اقتصر على مفعول واحد عن الرعي الحدائق: جمع حديقة، وهي كل روضة ارتفعت أطرافها وانخفض وسطها والحديقة: البستان أيضا، سميت بها لإحداق الحائط بها، والإحداق: الإحاطة.
المولي: الذي أصابه الولي وهو المطر الثاني من أمطار السنة، سمي به لأنه يلي الأول، والأول الوسمي، سمي به لأنه يسم الأرض بالنبات يقال: ولي المكان يولى فهو مولي إذا مطر الولي. سر الوادي وسرارته خيره وأفضله كلأ، والجمع الأسرة والسرار الأغيد: الناعم الخلق، وتأنيثه غيداء والجمع الغِيد، ومصدره الغَيد.
يقول: قد رعت هذه الناقة أيام الربيع كلأ القفين، وأراد بهما قفين معينين معروفين بين نوق جفت ضروعها وقلت ألبانها, ترعى هي حدائق واد قد وليت أسرتها وهو مع ذلك ناعم التربة، وصف الناقة برعيها أيام الربيع ليكون ذلك أوفر للحمها وأشد تأثيرا في سمنها ثم وصفها بأنها كانت في صواحب لها، وهي إذا رأت صواحبها ترعى كان ذلك أدعى لها إلى الرعي، ثم وصف مرعاها بأنه في واد اعتادته الأمطار وهو مع ذلك طيب التربة، وقوله: حدائق مولي الأسرة، تقديره حدائق واد مولي الأسرة، فحذف الموصوف ثقة بدلالة الصفة عليه.
16 - تريع إلى صوت المهيب وتتقي = بذي خصل روعات أكلف ملبد
الريع: الرجوع، والفعل راع يريع. الإهابة: دعاء الإبل وغيرها، يقال: أهاب بناقته إذا دعاها الاتقاء: الحجز بين شيئين يقال: اتقى قرنه بترسه إذا جعل حاجزا بينه وبينه، وقوله: بذي خصل، أراد بذنب ذي خصل، فحذف الموصوف اكتفاء بدلالة الصفة عليه، والخصل جمع خصلة من الشعر وهي قطعة منه. الروع: الإفزاع، والروعة فعلة منه، وجمعها الروعات. الأكلف: الذي يضرب إلى السواد الملبد: ذو وبر متلبد من البول والثلط وغيره روعات أكلف أي روعات فحل أكلف، فحذف الموصوف.
يقول: هي ذكية القلب ترجع إلى راعيها وتجعل ذنبها حاجزا بينها وبين فحل تضرب حمرته إلى السواد متلبد الوبر، يريد أنها لا تمكنه من ضرابها وإذا لم يصل الفحل إلى ضرابها لم تلقح، وإذا لم تلقح كانت مجتمعة القوى وافرة اللحم قوية على السير والعدو.
17 - كأن جناحي مضرحي تكنفا = حفافيه شكا في العسيب بمسرد
المضرحي: الأبيض من النسور، وقيل: هو العظيم منها، التكنف: الكون في كنف الشيء وهو ناحيته. الحفاف: الجانب، والجمع الأحفة. الشك: الغرز العسيب: عظم الذنب، والجمع العسب، والمسرد والمسراد: الإشفى والجمع المسارد والمساريد.
يقول: كأن جناحي نسر أبيض غرزا بإشفى في عظم ذنبها فصار في ناحية شبه شعر ذنبها بجناحي نسر أبيض في الباطن.
18 - فطورا به خلف الزميل وتارة = على حشف كالشن ذاو مجدد
قوله: فطورا به يعني فطورا تضرب بالذنب.
الزميل: الرديف الحشف: الأخلاف التي جف لبنها فتشنجت الواحدة حشفة وهو مستعار من حشف التمر أو من الحشيف وهو الثوب الخلق الشن: القربة الخلق، والجمع الشنان الذوي: الذبول، والفعل ذوى يذوي وذوي يذوى لغة أيضا.
المجدد: الذي جد لبنه أي قطع.
يقول: تارة تضرب هذه الناقة ذنبها على عجزها خلف رديف راكبها وتارة تضرب على أخلاف متشنجة خلقة كقربة بالية وقد انقطع لبنها.
19 - لها فخذان أكمل النحض فيهما = كأنهما بابا منيف ممرد
النحض: اللحم، وقوله: بابا منيف أي بابا قصر منيف فحذف الموصوف، والمنيف: العالي، والإنافة العلو. الممرد: المملس من قولهم: وجه أمرد وغلام أمرد لا شعر عليه، وشجرة مرداء لا ورق لها، والمممرد المطول أيضا، وقد أول قوله تعالى: {صرح ممرد من قوارير} بهما.
يقول: لهذه الناقة فخذان أكمل لحمهما فشابها مصراعي باب قصر عال مملس أو مطول في العرض.
20 - وطي محال كالحني خلوفه = وأجرنة لزت بدأي منضد
الطي: طي البئر. المحال: فقار الظهر. الواحدة محالة وفقارة، الحني: القسي، الواحدة حنية وتجمع أيضا على حنايا الخلوف: الأضلاع الواحد خلف الأجرنة: جمع جران، وهو باطن العنق.
اللز: الضم الدأي: خرز الظهر والعنق الواحدة دأية وتجمع أيضا على الدأيات التنضيد مبالغة النضد: وهو وضع الشيء على الشيء والمنضد أشد من المنضود.
يقول: ولها فقار مطوية متراصفة متداخلة كأن الأضلاع المتصلة بها قسي ولها باطن عنق ضم وقرن إلى خرز عنق قد نضد بعضه على بعض.
21 - كأن كناسي ضالة يكنفانها = وأطر قسي تحت صلب مؤيد
الكناس: بيت يتخذه الوحش في أصل شجرة، والجمع الكنس، وقد كنس الوحش يكنس كنساً وكنوسا: دخل كناسه. الضال: ضرب من الشجر وهو السدر البري، الواحدة الضالة كنفت الشيء: صرت في ناحيته، أكنفه كنفا، والكنف الناحية، والجمع الأكناف.
الأطر: العطف والانئطار الانعطاف. المؤيد: المقوى، والتأييد التقوية، من الأيد والآد وهما القوة شبه إبطيها في السعة ببيتين من بيوت الوحش في أصل شجرة، وشبه أضلاعها بقسي معطوفة.
يقول: كأن بيتين من بيوت الوحش في أصل ضالة صارا في ناحيتي هذه الناقة وقسيا معطوفة تحت صلب مقوى. وسعة الإبط أبعد لها من العثار، لذلك مدحها بها.
22 - لها مرفقان أفتلان كأنها = تمر بسلمي دالج متشدد
الأفتل: القوي الشديد، وتأنيثه فتلاء، السلم: الدلو لها عروة واحدة مثل دلاء السقائين الدالج: الذي يأخذ الدلو من البئر فيفرغها في الحوض. التشدد والاشتداد والشدة واحد، يقال: شد يشد شدة إذا قوي والباء في قوله: تمر بسلمي للتعدية ويجوز أن تكون بمعنى مع أيضا.
يقول: لهذه الناقة مرفقان قويان شديدان بائنان عن جنبيها فكأنها تمر مع دلوين من دلاء الدالجين الأقوياء شبهها بسقاء حمل دلوين إحداهما بيمناه والأخرى بيسراه فبانت يداه عن جنبيه، شبه بعد مرفقيها عن جنبيها ببعد هاتين الدلوين عن جنبي حاملهما القوي الشديد.
23 - كقنطرة الرومي أقسم ربها = لتكتنفن حتى تشاد بقرمد
القرمد: الآجر، وقيل هو الصاروج الواحدة قرمدة. الاكتناف: الكون في أكناف الشيء وهي نواحيه شبه الناقة في تراصف عظامها وتداخل أعضائها بقنطرة تبنى لرجل رومي قد حلف صاحبها ليحاطن بها حتى ترفع أو تجصص بالصاروج أو بالآجر.
الشيد: الرفع والطلي بالشيد وهو الجص، قوله: كقنطرة الرومي، أي كقنطرة الرجل الرومي. وقوله: لتكتنفن، أي والله لتكتنفن.
24 - صهابية العثنون موجدة القرا = بعيدة وخد الرجل موارة اليد
العثنون: شعرات تحت لحيه الأسفل، يقول: فيها صهبة أي حمرة. القرا: الظهر والجمع الأقراء. الموجدة: المقواة والإيجاد التقوية، ومنه قولهم: بعير أجد أي شديد الخلق قوي. الوخد والوخدان والوخيد، الذميل والفعل وخد يخد. المور: الذهاب والمجيء والموارة مبالغة المائرة، وقد مارت تمور مورا فهي مائرة.
يقول: في عثنونها صهبة وفي ظهرها قوة وشدة، ويبعد ذميل رجليها ومور يديها في السير، ويجوز جر صهابية العثنون على الصفة لعوجاء، ويجوز رفعها على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي صهابية العثنون.
25 - أمرت يداها فتل شزر وأجنحت = لها عضداها في سقيف مسند
الإمرار: إحكام الفتل. الفتل الشزر: ما أدير عن الصدر، والنظر الشزر والطعن الشزر ما كان في أحد الشقين. الإجناح: الإمالة، والجنوح الميل. السقف والسقيف واحد، والجمع السقف. المسند: الذي أسند بعضه إلى بعض.
يقول: فتلت يداها فتلا بعدتا به عن كركرتها، وأميلت عضداها تحت جنبين، كأنهما سقف أسند بعض لبنه إلى بعض.
26 - جنوح دفاق عندل ثم أفرعت = لها كتفاها في معالي مصعد
الجنوح مبالغة الجانحة: وهي التي تميل في أحد الشقين لنشاطها في السير. الدفاق: المندفقة في سيرها أي المسرعة غاية الإسراع. العندل: العظيمة الرأس. الإفراع: التعلية، يقال: فرعت الجبل أفرعه فرعا إذا علوته، وتفرعته أيضا وأفرعته غيري أي جعلته يعلوه. المعالاة والإعلاء والتعلية واحد، والتصعيد مثلها.
يقول: هذه الناقة شديدة الميلان عن سمت الطريق لفرط نشاطها في السير مسرعة غاية الإسراع عظيمة الرأس، وقد عليت كتفاها في خلق معالي مصعد، وقوله: في معالي، يريد في خلق معالي أو ظهر معالي، فحذف الموصوف اجتزاء بدلالة الصفة عليه، ويجوز في الجنوح الرفع والجر على ما مر.
27 - كأن علوب النسع في دأياتها = موارد من خلقاء في ظهر قردد
العلب: الأثر، والجمع العلوب، وقد علبت الشيء علبا إذا أثرت فيه. النسع: سير كهيئة العنان تشد به الأحمال، وكذلك النسعة، والجمع الأنساع والنسوع والنسع.
الموارد: جمع المورد وهو الماء الذي يورد الخلقاء: الملساء والأخلق الأملس، وأراد من خلقاء أي من صخرة خلقاء فحذف الموصوف القردد: الأرض الغليظة الصلبة التي فيها وهاد ونجاد.
يقول: كأن آثار النسع في ظهر هذه الناقة وجنبيها نقر فيها ماء من صخرة ملساء في أرض غليظة متعادية فيها وهاد ونجاد، شبه آثار النسع أو الأنساع بالنقر التي فيها الماء في بياضها، وجعل جنبها صلبا كالصخرة الملساء، وجعل خلقها في الشدة والصلابة كالأرض الغليظة.
28 - تلاقى وأحيانا تبين كأنها = بنائق غر في قميص مقدد
29 - وأتلع نهاض إذا صعدت به = كسكان بوصي بدجلة مصعد
الأتلع: الطويل العنق، النهاض: مبالغة الناهض، البوصي: ضرب من السفن. السكان: ذنب السفينة.
يقول: هي طويلة العنق فإذا رفعت عنقها أشبه ذنب سفينة في دجلة تصعد قوله: إذا صعدت به، أي بالعنق، والباء للتعدية، جعل عنقها طويلا سريع النهوض، ثم شبهه في الارتفاع والانتصاب بسكان السفينة في حال جريها في الماء.
30 - وجمجمة مثل العلاة كأنما = وعى الملتقى منها إلى حرف مبرد
الوعي: الحفظ والاجتماع والانضمام وهو في البيت على المعنى الثاني.
الحرف: الناحية، والجمع الأحرف والحروف.
يقول: ولها جمجمة تشبه العلاة في الصلابة فكأنما انضم طرفها إلى حد عظم يشبه المبرد في الحدة والصلابة الملتقى: موضع الالتقاء وهو طرف الجمجمة لأنه يلتقي به فراش الرأس.
31 - وخد كقرطاس الشآمي ومشفر = كسبت اليماني قده لم يحرد
قوله: كقرطاس الشآمي يعني كقرطاس الرجل الشآمي فحذف الموصوف اكتفاء بدلالة الصفة عليه. المشفر للبعير: بمنزلة الشفة للإنسان والجمع المشافر السبت: جلود البقر المدبوغة بالقرظ وقوله: كسبت اليماني يريد كسبت الرجل اليماني. التحريد: اضطراب القطع وتفاوته.
شبه خدها في الانملاس بالقرطاس ومشفرها بالسبت في اللين واستقامة القطع.
32 - وعينان كالماويتين استكنتا = بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد
الماوية: المرآة الاستكنان: طلب الكن، الكهف: الغار، الحجاج: العظيم المشرف على العين الذي هو منب شعر الحاجب، والجمع الأحجة. القلت: النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، والجمع القلات. المورد: الماء هنا.
يقول: لها عينان تشبهان مرآتين في الصفاء والنقاء والبريق، وتشبهان ماء في القلت في الصفاء، وشبه عينيها بكهفين في غؤورهما وحجاجيها بالصخرة في الصلابة، قول: حجاجي صخرة أي حجاجين من صخرة، كقولهم: باب حديد أي باب من حديد.
33 - طحوران عوار القذى فتراهما = كمكحولتي مذعورة أم فرقد
الطرح والطحر والدحر واحد والطحور مبالغة الطاحر والفعل طحر يطحر، العوار والقذى واحد، والجمع العواوير، أراد بالمكحولتين العينين ولا تكحل بقر الوحش ولكن العين محل الكحل على الإطلاق، الذعر: الإخافة الفرقد: ولد البقرة الوحشية، والجمع الفراقد.
يقول: عيناها تطرحان وتبعدان القذى عن أنفسهما ثم شبههما بعيني بقرة وحشية لها ولد وقد أفزعها صائد أو غيره، وعين الوحشية في هذه الحالة أحسن ما تكون.
34 - وصادقتا سمع التوجس للسرى = لهجس خفي أو لصوت مندد
التوجس: التسمع، السرى: سير الليل، الهجس: الحركة. التنديد: رفع الصوت.
يقول: ولها أذنان صادقتا الاستماع في حال سير الليل لا يخفى عليهما السر الخفي ولا الصوت الرفيع.
35 - مؤللتان تعرف العتق فيهما = كسامعتي شاة بحومل مفرد
التأليل: التحديد والتدقيق من الآلة وهي الحربة وجمعها آل وإلال وقد أله يؤله إلا إذا طعنه بالآلة والدقة والحدة تحمدان في آذان الإبل.
العتق: الكرم والنجابة، السامعتان: الأذنان، الشاة: الثور الوحشي. حومل: موضع بعينه.
يقول: لها أذنان محددتان تحديد الآلة تعرف نجابتها فيهما، وهما كأذني ثور وحشي منفرد في الموضع المعين، وخص المفرد لأنه أشد فزعا وتيقظا واحترازا.
36 - وأروع نباض أحذ ململم = كمرداة صخر في صفيح مصمد
الأروع: الذي يرتاع لكل شيء لفرط ذكائه. النباض: الكثير الحركة مبالغة النابض من نبض ينبض نبضانا الأحذ: الخفيف السريع. الململم: المجتمع الخلق الشديد الصلب، المرداة: الصخرة التي تكسر بها الصخور، الصفيحة: الحجر العريض، والجمع الصفائح والصفيح المصمد: المحكم الموثق.
يقول: لها قلب يرتاع لأدنى شيء لفرط ذكائه سريع الحركة خفيف صلب مجتمع الخلق، يشبه صخرة يكسر بها الصخور في الصلابة فيما بين أضلاع تشبه حجارة عراضا موثقة محكمة شبه القلب بين الأضلاع بحجر صلب بين حجارة عراض. وقوله: كمرداة صخر أي كمرداة من صخر مثل قولهم: هذا ثوب خز, وقوله: في صفيح، أي فيما بين صفيح، والمصمد نعت للصفيح على لفظه دون معناه.
37 - وأعلم مخروت من الأنف مارن = عتيق متى ترجم به الأرض تزدد
الأعلم: المشقوق الشفة العليا. المخروت: المثقوب، والخرت الثقب، المارن: ما لان من الأنف.
يقول: ولها مشفر مشقوق ومارن أنفها مثقوب، وهي عندما ترمي الأرض بأنفها ورأسها تزداد في سيرها.
38 - وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت = مخافة ملوي من القد محصد
الإرقال: دون العدو وفوق السير الإحصاد: الإحكام والتوثيق.
يقول: هي مذللة مروضة، فإن شئت أسرعت في سيرها، وإن شئت لم تسرع مخافة سوط ملوي من القد موثق.
39 - وإن شئت سامى واسط الكور رأسها = وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد
المساماة: المباراة في السمو وهو العلو: الكور: الرحل بأداته والجمع الأكوار والكيران، وواسطه له كالقربوس للسرج. العوم: السباحة، والفعل عام يعوم عوما، الضبع: العضد، النجاء: الإسراع الخفيدد: الظليم ذكر النعام.
يقول: إن شئت جعلت رأسها موازيا لواسط رحلها في العلو من فرط نشاطها وجذبي زمامها إلي، وأسرعت في سيرها حتى كأنها تسبح بعضديها إسراعا مثل إسراع الظليم.
40 - على مثلها أمضي إذا قال صاحبي = ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
يقول: على مثل هذه الناقة أمضي في أسفاري حين بلغ الأمر غايته يقول صاحبي: ألا ليتني أفديك من مشقة هذه الشقة فأخلصك منها وأنجي نفسي.
41 - وجاشت إليه النفس خوفا وخاله = مصابا ولو أمسى على غير مرصد
خاله: أي ظنه، والخيلولة الظن. المرصد: الطريق، والجمع المراصد. وكذلك المرصاد. يقول: وارتفعت نفسه أي زال قلبه عن مستقره لفرط خوفه فظنه هالكا وإن أمسى على غير الطريق.
يقول: إن صعوبة هذه الفلوات جعلته يظن أنه هالك، وإن لم يكن على طريق يخاف قطاع الطريق:
42 - إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني = عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
يقول: إذا القوم قالوا من فتى يكفي مهما أو يدفع شرا؟ خلت أنني المراد بقولهم فلم أكسل في كفاية المهم ودفع الشر ولم أتبلد فيهما وعنيت من قولهم: عنى يعني عنيا بمعنى أراد، ومنه قولهم: يعني كذا أي يريده، وأيش تعني بهذا أي أيش تريد بهذا، ومنه المعنى وهو المراد، والجمع المعاني.
43 - أحلت عليها بالقطيع فأجذمت = وقد خب آل الأمعز المتوقد
الإحالة: الإقبال هنا. القطيع السوط. الإجذام: الإسراع في السير.
الآل: ما يرى شبه السراب طرفي النهار والسراب ما كان نصف النهار، الأمعز: مكان يخالط ترابه حجارة أو حصى، وإذا حمل على الأرض أو البقعة قيل المعزاء، والجمع الأماعز.
يقول: أقبلت على الناقة أضربها بالسوط، فأسرعت في السير في حال خبب آل الأماكن التي اختلطت تربتها بالحجارة والحصى.
44 - فذالت كما ذالت وليدة مجلس = تري ربها أذيال سحل ممدد
الذيل: التبختر، والفعل ذال يذيل. الوليدة: الصبية والجارية، وهي في البيت بمعنى الجارية. السحل: الثوب الأبيض من القطن وغيره.
يقول: فتبخترت هذه الناقة كما تتبختر جارية ترقص بين يدي سيدها، فتريه ذيل ثوبها الأبيض الطويل في رقصها، شبه تبخترها في السير بتبختر الجارية في الرقص، وشبه طول ذنبها بطول ذيلها.
45 - ولست بحلال التلاع مخافة = ولكن متى يسترفد القوم أرفد
الحلال: مبالغة الحال من الحلول. التلعة: ما ارتفع من مسيل الماء وانخفض عن الجبال إلى قرار الأرض والجمع التلعات والتلاع، الرفد والإرفاد: الإعانة، والاسترفاد الاستعانة.
يقول: أنا لا أحل التلاع مخافة حلول الأضياف بي أو غزو الأعداء إياي، ولكني أعين القوم إذا استعانوا بي أما في قرى الأضياف، وإما في قتال الأعداء والحساد.
46 - فإن تبغني في حلقة القوم تلقني = وإن تقتنصني في الحوانيت تصطد
البغاء: الطلب، والفعل بغى يبغي، الحلقة تجمع على الحلق بفتح الحاء واللام وهذا من الشواذ وقد تجمع على الحلق مثل بدرة وبدر وثلة وثلل الحانوت: بيت الخمار، والجمع الحوانيت. الاصطياد: الاقتناص. يقول: وإن تطلبني في محفل القوم تجدني هناك، وإن تطلبني في بيوت الخمارين تصطدني هناك يريد أنه يجمع بين الجد والهزل.
47 - وإن يلتق الحي الجميع تلاقني = إلى ذروة البيت الشريف المصمد
الصمد: القصد، والفعل صمد يصمد، والتصميد مبالغة الصمد.
يقول: وإن اجتمع الحي للافتخار تلاقني أنتمي وأعتزي إلى ذروة البيت الشريف أي إلى أعلى الشرف يريد أنه أوفاهم حظا من الحسب وأعلاهم سهما من النسب. قوله: تلاقني إلى، يريد أعتزي إلى فحذف الفعل لدلالة الحرف عليه.
48 - نداماي بيض كالنجوم وقينة = تروح علينا بين برد ومجسد
الندامى: جمع الندمان وهو النديم، وجمع النديم ندام وندماء. وصفهم بالبياض تلويحا إلى أنهم أحرار ولدتهم حرائر. ولم تعرف الإماء فيهم فتورثهم ألوانهن، أو وصفهم بالبياض لإشراق ألوانهم وتلألؤ غررهم في الأندية والمقامات، إذ لم يلحقهم عار يعيرون به فتتغير ألوانهم لذلك، أو وصفهم بالبياض لنقائهم من العيوب، لأن البياض يكون نقيا من الدرن، والوسخ أو لاشتهارهم لأن الفرس الأغر مشهور فيما بين الخيل. والمدح بالبياض في كلام العرب لا يخرج من هذه الوجوه. القينة: الجارية المغنية، والجمع القينات والقيان. المجسد: الثوب المصبوغ بالجساد وهو الزعفران. ويقال: بل هو الثوب الذي أشبع صبغه فيكاد يقوم من إشباع صبغه، والمجسد لغة فيه، وقال جماعة من الأئمة: بل المجسد الثوب الذي يلي الجسد، والمجسد ما ذكرنا، والجمع المجاسد.
يقول: نداماي أحرار كرام تتلألأ ألوانهم وتشرق وجوههم، ومغنية تأتينا رواحا لابسة بردا أو ثوبا مصبوغا بالزعفران أو ثوبا مشبع الصبغ.
49 - رحيب قطاب الجيب منها رفيقة = بجس الندامى بضة المتجرد
الرحب والرحيب واحد، والفعل رَحَب رحباً ورحابة ورُحبا. قطاب الجيب: مخرج الرأس منه، الغضاضة والبضاضة: نعومة البدن ورقة الجلد والفعل غض يغض وبض يبض. المتجرد: حيث تجرد أي تعرى.
يقول: هذه القينة واسعة الجيب لإدخال الندامى أيديهم في جيبها للمسها ثم قال: هي رفيقة على جس الندامى إياها، وما يعرى من جسدها ناعم اللحم رقيق الجلد صافي اللون. والجس: اللمس، والفعل جس يجس جسا.
50 – إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا = على رسلها مطروقة لم تشدد
أسمعينا: أي غنينا. البري والانبراء والتبري: الاعتراض للشيء والأخذ فيه، على رسلها: أي على تؤدتها ووقارها، المطروقة: التي بها ضعف، ويروى مطروفة، وهي التي أصيب طرفها بشيء أي كأنها أصيب طرفها لفتور نظرها.
يقول: إذا سألناها الغناء عرضت تغنينا متئدة في غنائها على ضعف نغمتها لا تشدد فيها، أراد لم تتشدد فحذف إحدى التاءين استثقالا لهما في صدر الكلمة، ومثله {تنزل الملائكة} و{نارا تلظى} و{فأنت عنه تلهى} وما أشبه ذلك.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس
قديم 18/07/2016, 11:50 AM   #7
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



(تابع) شرح القصائد السبع للقاضي: الحسين بن أحمد الزوزني
51 - إذا رجعت في صوتها خلت صوتها = تجاوب أظآر على ربع رد
الترجيع: ترديد الصوت وتغريده. الظئر: التي لها ولد، والجمع الأظآر الربع من ولد الإبل: ما ولد في أول النتاج، الردى: الهلاك، والفعل ردي يردى والإرداء الإهلاك والتردي مثل الردى.
يقول: إذا طربت في صوتها ورددت نغمتها حسبت صوتها أصوات نوق تصيح عند جؤارها على هالك، شبه صوتها بصوتهن في التحزين، ويجوز أن يكون الأظآر النساء، والربع مستعار لولد الإنسان فشبه صوتها في التحزين والترقيق بأصوات النوادب والنوائح على صبي هالك.
52 - وما زال تشرابي الخمور ولذتي = وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
التشراب: الشرب، وتفعال من أوزان المصادر مثل التقتال بمعنى القتل والتنقاد بمعنى النقد. الطريف والطارف: المال الحديث. التليد والتلاد والمتلد: المال القديم الموروث.
يقول: لم أزل أشرب الخمر وأشتغل باللذات وبيع الأعلاق النفيسة وإتلافها حتى كأن هذه الأشياء لي بمنزلة المال المستحدث والمال الموروث يريد أنه التزم القيام بهذه الأشياء لزوم غيره القيام باقتنائه المال وإصلاحه.
53 - إلى أن تحامتني العشيرة كلها = وأفردت إفراد البعير المعبد
التحامي: التجنب والاعتزال. البعير المعبد: المذلل المطلي بالقطران والبعير يستلذ ذلك فيذل له.
يقول: فتجنبتني عشيرتي كما يتجنب البعير المطلي بالقطران. وأفردتني لما رأت أني لا أكف عن إتلاف المال والاشتغال باللذات.
54 - رأيت بني غبراء لا ينكرونني = ولا أهل هذاك الطراف المدد
الغبراء: صفة الأرض جعلت كالاسم لها. الطراف: البيت من الأدم والجمع الطروف، وكنى بتمديده عن عظمه.
يقول: لما أفردتني العشيرة رأيت الفقراء الذين لصقوا بالأرض من شدة الفقر لا ينكرون إحساني وإنعامي عليهم، ورأيت الأغنياء الذين لهم بيوت الأدم لا ينكرونني لاستطابتهم صحبتي ومنادمتي.
يقول: إن هجرتني الأقارب وصلتني الأباعد، وهم الفقراء والأغنياء فهولاء لطلب المعروف وهؤلاء لطلب العلا.
55 - ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى = وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟
الوغى: أصله صوت الأبطال في الحرب ثم جعل اسما للحرب. الخلود: البقاء، والفعل خلد يخلد والإخلاد والتخليد الإبقاء.
يقول: ألا أيها الإنسان الذي يلومني على حضور الحرب وحضور اللذات هل تخلدني إن كففت عنها؟
56 - فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي = فدعني أبادرها بما ملكت يدي
اسطاع يسطيع: لغة في استطاع.
يقول: فإن كنت لا تستطيع أن تدفع موتي عني فدعني أبادر الموت بإنفاق أملاكي يريد أن الموت لا بد منه فلا معنى للبخل بالمال وترك اللذات وامتناع الذوق.
57 - ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى = وجدك لم أحفل متى قام عودي
الجد: الحظ والبخت، والجمع الجدود، وقد جد الرجل يجد جدا فهو جديد، وجد يجد جدا فهو مجدود إذا كان ذا جد، وقد أجده الله إجدادا جعله ذا جد.
وقوله: وجدك قسم. الحفل: المبالاة. العود: جمع عائد من العيادة.
يقول: فلولا حبي ثلاث خصال هن من لذة الفتى الكريم لم أبال متى قام عودي من عندي آيسين من حياتي، أي لم أبال متى مت.
58 - فمنهن سبقي العاذلات بشربة = كميت متى ما تعل بالماء تزبد
يقول: إحدى تلك الخلال أني أسبق العواذل بشربة من الخمر كميت اللون متى صب الماء عليها أزبدت، يريد أنه يباكر شرب الخمر قبل انتباه العواذل.
59 - وكري إذا نادى المضاف محنبا = كسيد الغضا نبهته المتورد
الكر: العطف. والكرور: الانعطاف. المضاف: الخائف، والمذعور، والمضاف الملجأ. المحنب: الذي في يده انحناء والمجنب الذي في رجله انحناء السيد: الذئب، والجمع السيدان. الغضا: شجر الورد والتورد واحد.
يقول: والخصلة الثانية عطفي – إذا ناداني الملجأ إلي والخائف عدوه مستغيثا إياي – فرسا في يده انحناء، يسرع في عدوه إسراع ذئب يسكن فيما بين الغضا إذا نبهته وهو يريد الماء، جعل الخصلة الثانية إغاثته المستغيث وإعانته اللاجئ إليه، فقال: أعطف في إغاثته فرسي الذي في يده انحناء وهو محمود في الفرس إذا لم يفرط، ثم شبه فرسه بذئب اجتمع له ثلاث خلال: إحداها كونه فيما بين الغضا، وذئب الغضا أخبث الذئاب والثانية إثارة الإنسان إياه، والثالثة وروده الماء وهما يزيدان في شدة العدو.
60 - وتقصير يوم الدجن والدجن معجب = ببهكنة تحت الطراف المعمد
قصرت الشيء: جعلته قصيرا. الدجن: إلباس الغيم آفاق السماء. البهكنة: المرأة الحسنة الخلق السمينة الناعمة. المعمد: المرفوع بالعمد.
يقول: والخصلة الثالثة أني أقصر يوم الغيم بالتمتع بامرأة ناعمة حسنة الخلق تحت بيت مرفوع بالعمد، جعل الخصلة الثالثة استمتاعه بحبائبه، وشرط تقصير اليوم لأن أوقات اللهو والطرب أقصر الأوقات، ومنه قول الشاعر: [الوافر]
شهور ينقضين وما شعرنا = بأنصاف لهن ولا سرار
وقوله: والدجن معجب أي يعجب الإنسان.
61 - كأن البرين والدماليج علقت = على عشر أو خروع لم يخضد
البرة: حلقة من صفر أو شبه أو غيرهما تجعل في أنف الناقة، والجمع البرا والبرات والبرون في الرفع والبرين في النصب والجر، استعارها للأسورة والخلاخيل الدملج والدملوج: المعضد، والجمع الدماليج والدمالج، العشر والخروع: ضربان من الشجر، التخضيد: التشذيب من الأغصان والأوراق والعشر وصف البهكنة.
يقول: كأن خلاخيلها وأسورتها ومعاضدها معلقة على أحد هذين الضربين من الشجر، وجعله غير مخضد ليكون أغلظ، شبه ساعديها وساقيها بأحد هذين الشجرين في الامتلاء والنعمة والضخامة.
62 - كريم يروي نفسه في حياته = ستعلم إن متنا غدا أينا الصدي
يقول: أنا كريم يروي نفسه أيام حياته بالخمر، ستعلم إن متنا غدا أينا العطشان يريد أنه يموت ريان وعاذله يموت عطشان.
63 - أرى قبر نحام بخيل بماله = كقبر غوي في البطالة مفسد
النحام: الحريص على الجمع والمنع. الغوي: الغاوي الضال، والغي والغواية الضلالة، وقد غوي يغوي.
يقول: لا فرق بين البخيل والجواد بعد الوفاة فلم أبخل بأعلاقي، فقال: أرى قبر البخيل والحريص بماله كقبر الضال في بطالته المفسد بماله.
64 - ترى جثوتين من تراب عليهما = صفائح صم من صفيح منضد
الجثوة: الكومة من التراب وغيره، والجمع الجثى، التنضيد: مبالغة النضد.
يقول: أرى قبري البخيل والجواد كومتين من التراب عليهما حجارة عراض صلاب، فيما بين قبور عليها حجارة عراض قد نضدت.
65 - أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي = عقيلة مال الفاحش المتشدد
الاعتيام: الاختيار. العقائل: كرائم المال والنساء، الواحدة عقيلة الفاحش: البخيل.
يقول: أرى الموت يختار الكرام بالإفناء، ويصطفي كريمة مال البخيل المتشدد بالإبقاء، وقيل: بل معناه أن الموت يعم الأجواد والبخلاء، فيصطفي الكرام وكرائم أموال البخلاء، يريد أنه لا تخلص منه لواحد من الصنفين فلا يجدي البخل على صاحبه بخير فالجود أحرى لأنه أحمد.
66 - أرى العيش كنزا ناقصا كل ليلة = وما تنقص الأيام والدهر ينفد
شبه البقاء بكنز ينقص كل ليلة، وما لا يزال ينقص فإن مآله إلى النفاد، فقال: وما تنقصه الأيام والدهر ينفد لا محالة، فكذلك العيش صائر إلى النفاد لا محالة، والنفاد والنفود الفناء، والفعل نفد ينفد، والإنفاد الإفناء.
67 - لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى = لكالطول المرخى وثنياه باليد
العمر والعمر والعمر بمعنى، ولا يستعمل في القسم إلا بفتح العين. قوله: ما أخطأ الفتى، فما مع الفعل هنا بمنزلة مصدر حل محل الزمان، نحو: قولهم: آتيك خفوق النجم ومقدم الحاج، أي وقت خفوق النجم ووقت مقدم الحاج. الطول: الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه، الإرخاء: الإرسال الثني: الطرف، والجمع الأثناء.
يقول: أقسم بحياتك أن الموت في مدة إخطائه الفتى، أي مجاوزته إياه، بمنزلة حبل طول للدابة ترعى فيه وطرفاه بيد صاحبه، يريد أنه لا يتخلص منه كما أن الدابة لا تفلت ما دام صاحبها آخذاً بطرفي طولها لما جعل الموت بمنزلة صاحب الدابة التي أرخى طولها، قال: متى شاء الموت قاد الفتى لهلاكه، ومن كان في حبل الموت انقاد لقوده.
68 - فما لي أراني وابن عمي مالكا = متى أدن منه ينأ عني ويبعد
النأي والبعد واحد، فجمع بينهما للتأكيد وإثبات القافية، كقول الشاعر: [الطويل]
وهند أتى من دونها النأي والبعد
يقول: فما لي أراني وابن عمي متى تقربت منه تباعد عني؟ يستغرب هجرانه إياه مع تقربه منه.
69 - يلوم وما أدري علام يلومني = كما لامني في الحي قرط بن معبد
يلومني مالك وما أدرى ما السبب الداعي إلى لومه إياي، كما لامني هذا الرجل في القبيلة يريد أن لومه إياه ظلم صراح كما كان لوم قرط إياه كذلك.
70 - وأيأسني من كل خير طلبته = كأنا وضعناه إلى رمس ملحد
الرمس: القبر وأصله الدفن. ألحدت الرجل: جعلت له لحدا.
يقول: قنطني مالك من كل خير رجوته منه حتى كأنا وضعنا ذلك الطلب إلى قبر رجل مدفون في اللحد، يريد أنه آيسه من كل خير طلبه كما أن الميت لا يرجى خيره.
71 - على غير شيء قلته غير أنني = نشدت فلم أغفل حمولة معبد
النشدان: طلب المفقود، الإغفال: الترك. الحمولة: الإبل التي تطيق أن يحمل عليها. معبد: أخوه.
يقول: يلومني على غير شيء قلته وجناية جنيتها، ولكنني طلبت إبل أخي ولم أتركها، فنقم ذلك مني وجعل يلومني، وقوله: غير أنني، استثناء منقطع تقديره ولكنني.
72 - وقربت بالقربى وجدك إنني = متى يك أمر للنكيثة أشهد
القربى: جمع قربة وقيل هو اسم من القرب والقرابة، وهو أصح القولين. النكيثة: المبالغة في الجهد وأقصى الطاقة. يقال: بلغت نكيثة البعير أي أقصى ما يطيق من السير.
يقول: وقربت نفسي بالقرابة التي ضمنا حبلها ونظمنا خيطها، وأقسم بحظك وبختك أنه متى حدث له أمر يبلغ فيه غاية الطاقة ويبذل فيه المجهود أحضره وأنصره.
73 - وإن أدع للجلى أكن من حماتها = وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
الجلى: تأنيث الأجل، وهي الخطة العظيمة، والجلاء بفتح الجيم والمد لغة فيها. الحماة: جمع الحامي من الحماية.
يقول: وإن دعوتني للأمر العظيم والخطب الجسيم أكن من الذين يحمون حريمك، وإن يأتك الأعداء لقتالك أجهد في دفعهم عنك غاية الجهد، والباء في قوله بالجهد زائدة.
74 - وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم = بكأس حياض الموت قبل التهدد
القذع والقذع: الفحش. العرض: موضع المدح والذم من الإنسان، قاله ابن دريد، وقد يفسر بالحسب، والعرض النفس، ومنه قول حسان: [الوافر]
فإن أبي ووالده وعرضي = لعرض محمد منكم وقاء
أي نفسي فداء، والعرض: العرق وموضع العرق، والجمع الأعراض في جميع الوجوه. التهدد والتهديد: واحد. القذف: السب.
يقول: وإن أساء الأعداء القول فيك وأفحشوا الكلام، أوردتهم حياض الموت قبل أن أهددهم يريد أنه يبيدهم قبل تهديدهم أي لا يشتغل بتهديدهم بل يشتغل بإهلاكهم، ومن روى بشرب فهو النصيب من الماء والشرب، بضم الشين، مصدر شرب، يريد أسقهم شرب حياض الموت، فالباء زائدة والمصدر بمعنى المفعول والإضافة بتقدير من.
75 - بلا حدث أحدثته وكمحدث = هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي
يقول: أجفى وأهجر وأضام من غير حدث إساءة أحدثته، ثم أهجى وأشكى وأطرد كما يهجى من أحدث إساءة وجر جريرة وجنى جناية ويشكى ويطرد، والشاكية والشكوى والشكية والشكاة واحد، والمطرد بمعنى الإطراد، وأطردته صيرته طريدا.
76 - فلو كان مولاي امرأ هو غيره = لفرج كربي أو لأنظرني غدي
يقول: فلو كان ابن عمي غير مالك لفرج كربي أو لأمهلني زمانا. فرجت الأمر وفرجته كشفته والفرج انكشاف المكروه. كربه الغم: إذا ملأ صدره، والكربة اسم منه، والجمع كرب. الإنظار: الإمهال، والنظرة اسم بمعنى الإنظار.
77 - ولكن مولاي امرؤ هو خانفي = على الشكر والتسآل أو أنا مفتد
خنقت الرجل خنقا: عصرت حلقه. التسآل: السؤال.
يقول: ولكن ابن عمي رجل يضيق الأمر علي حتى كأنه يأخذ علي متنفسي على حال شكري إياه وسؤالي عوارفه وعفوه، أو كنت في حال افتدائي نفسي منه.
يقول: هو لا يزال يضيق الأمر علي سواء شكرته على آلائه أو سألته بره وعطفه، أو طلبت تخليص نفسي منه.
78 - وظلم ذوي القرب أشد مضاضة = على المرء من وقع الحسام المهند
مضني الأمر وأمضني: بلغ من قلبي وأثر في نفسي تهييج الحزن والغضب، يقول: ظلم الأقارب أشد تأثيرا في تهييج نار الحزن والغضب من وقع السيف القاطع المحدد أو المطبوع بالهند. الحسام: فعال من الحسم وهو القطع.
79 - فذرني وخلقي، إنني لك شاكر = ولو حل بيتي نائيا عند ضرغد
ضرغد: جبل. يقول: خل بيني وبين خلقي وكلني إلى سجيتي، فإني شاكر لك وإن بعدت غاية البعد حتى ينزل بيتي عند هذا الجبل الذي سمي بضرغد، وبينهم وبين ضرغد مسافة بعيدة وشقة شاقة وبينونة بليغة.
80 - فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد = ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
هذان سيدان من سادات العرب مذكوران بوفور المال ونجابة الأولاد، وشرف النسب وعظم الحسب.
يقول: لو شاء الله بلغني منزلتهما وقدرهما.
81 - فأصبحت ذا مال كثير وزارني = بنون كرام سادة لمسود
يقول: فصرت حينئذ صاحب مال كثير وزارني بنون موصوفون بالكرم والسؤدد لرجل مسود يعني به نفسه والتسويد مصدر سودته فساد.
يقول: لو بلغني الله منزلتهما لصرت وافر المال. كريم العقب، وهو الولد.
82 - أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه = خشاش كرأس الحية المتوقد
الضرب: الرجل الخفيف اللحم.
يقول: أنا الضرب الذي عرفتموه والعرب تتمدح بخفة اللحم لأن كثرته داعية إلى الكسل والثقل، وهما يمنعان من الإسراع في دفع الملمات وكشف المهمات، ثم قال: وأنا دخال في الأمور بخفة وسرعة، شبه تيقظه وذكاء ذهنه بسرعة حركة رأس الحية وشدة توقده.
83 - فآليت لا ينفك كشحي بطانة = لعضب رقيق الشفرتين مهند
لا ينفك: لا يزال، وما انفك ما زال. البطانة: نقيض الظهارة، العضب: السيف القاطع، شفرتا السيف: حداه، والجمع الشفرات والشفار.
يقول: ولقد حلفت أن لا يزال كشحي لسيف قاطع رقيق الحدين طبعته الهند بمنزلة البطانة للظهارة.
84 - حسام إذا ما قمت منتصرا به = كفى العود منه البدء ليس بمعضد
الانتصار: الانتقام. المعضد: سيف يقطع به الشجر، والعضد قطع الشجر، والفعل عضد يعضد.
يقول: لا يزال كشحي بطانة لسيف قاطع إذا ما قمت منتقما به من الأعداء كفى الضربة الأولى به الضربة الثانية فيغني البدء عن العود وليس سيفا يقطع به الشجر، نفى ذلك لأنه من أردإ السيوف.
85 - أخي ثقة لا ينثني عن ضريبة = إذا قيل مهلا قال حاجزه قدي
أخي ثقة: يوثق به، أي صاحب ثقة. الثني: الصرف، والفعل ثنى يثني، والانثناء الانصراف.
الضريبة: ما يضرب بالسيف، والرمية: ما يرمى بالسهم، والجمع الضرائب والرمايا. مهلا: أي كف، قدي وقدني: أي حسبي وقد جمعهما الراجز في قوله: [الرجز]
قدني من نصر الخبيبين قدي
يقول: هذا السيف سيف يوثق بمضائه كالأخ الذي يوثق بإخائه، لا ينصرف عن ضريبة أي لا ينبو عما ضرب به، إذا قيل لصاحبه كف عن ضرب عدوك قال مانع السيف وهو صاحبه. حسبي فإني قد بلغت ما أردت من قتل عدوي، يريد أنه ماض لا ينبو عن الضرائب، فإذا ضرب به صاحبه أغنته الضربة الأولى عن غيرها.
86 - إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني = منيعا إذا بلت بقائمه يدي
ابتدر القوم السلاح: استبقوه المنيع: الذي لا يقهر ولا يغلب، بل بالشيء يبل به بلا إذا ظفر به. يقول: إذا استبق القوم أسلحتهم وجدتني منيعا لا أقهر ولا أغلب إذا ظفرت يدي بقائم هذا السيف.
87 - وبرك هجود قد أثارت مخافتي = بواديها، أمشي بعضب مجرد
البرك: الإبل الكثيرة الباركة، الهجود: جمع هاجد وهو النائم، وقد هجد يهجد هجودا. مخافتي: مصدر مضاف إلى المفعول، بواديها: أوائلها وسوابقها.
يقول: ورب إبل كثيرة باركة قد أثارتها عن مباركها مخافتها إياي في حال مشي مع سيف قاطع مسلول من غمده، يريد أنه أراد أن ينحر بعيرا منها فنفرت منه لتعودها ذلك منه.
88 - فمرت كهاة ذات خيف جلالة = عقيلة شيخ كالوبيل يلندد
الكهاة والجلالة: الناقة الضخمة السمينة. الخيف: جلد الضرع، وجمعه أخياف. العقيلة: كريمة المال والنساء والجمع العقائل. الوبيل: العصا الضخمة، اليلندد والألندد والألد: الشديد الخصومة، وقد لد الرجل يلد لددا صار شديد الخصومة وقد لددته ألده لدا غلبته بالخصومة.
يقول: فمرت بي في حال إثارة مخافتي إياها ناقة ضخمة لها جلد الضرع وهي كريمة مال شيخ قد يبس جلده ونحل جسمه من الكبر حتى صار كالعصا الضخمة يبسا ونحولا، وهو شديد الخصومة، قيل: أراد به أباه، يريد أنه نحر كرائم مال أبيه لندمائه، وقيل: بل أراد غيره ممن يغير هو على ماله والقول الأول أحراهما بالصواب.
89 - يقول وقد تر الوظيف وساقها = ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد
تر: أي سقط. المؤيد: الداهية العظيمة الشديدة.
يقول: قال هذا الشيخ في حال عقري هذه الناقة الكريمة وسقوط وظيفها وساقها عند ضربي إياها بالسيف: ألم تر أنك أتيت بداهية شديدة بعقرك مثل هذه الناقة الكريمة النجيبة.؟
90 - وقال: ألا ماذا ترون بشارب = شديد علينا بغيه متعمد
يقول: قال هذا الشيخ للحاضرين: أي شيء ترون أن يفعل بشارب خمر اشتد بغيه علينا عن تعمد وقصد؟ يريد أنه استشار أصحابه في شأني، وقال: ماذا نحتال في دفع هذا الشارب الذي يشرب الخمر ويبغي علينا بعقر كرائم أموالنا ونحرها متعمداً قاصدا؟ ترون من الرأي والباء في قوله بشارب صلة محذوف تقديره أن يفعل ونحوه.
91 - وقال: ذروه إنما نفعها له = وإلا تكفوا قاصي البرك يزدد
ذروه: دعوه، والماضي منهما غير مستعمل عند جمهور الأئمة اجتزاء بـ (ترك) منهما، وكذلك اسم الفاعل والمفعول لاجتزائهم بالتارك والمتروك الكف: المنع والامتناع كفه فكف، والمضارع منهما يكف.
يقول: ثم استقر رأى الشيخ على أن قال دعوا طرفة إنما نفع هذه الناقة له. أو أراد إنما نفع هذه الإبل له، لأنه ولدي الذي يرثني، وإلا تردوا وتمنعوا ما بعد هذه الإبل، من الندود يزدد طرفة من عقرها ونحرها، أراد أنه أمرهم برد ما ند لئلا أعقر غير ما عقرت.
92 - فظل الإماء يمتللن حوارها = ويسعى علينا بالسديف المسرهد
الإماء: جمع أمة. الامتلال والملل: جعل الشيء في الملة وهي الجمر والرماد الحار. الحوار للناقة: بمنزلة الولد للإنسان يعم الذكر والأنثى، السديف: السنام، وقيل – قطع السنام المسرهد: المربى – والفعل سرهد يسرهد سرهدة.
يقول: فظل الإماء يشوين الولد الذي خرج من بطنها تحت الجمر والرماد الحار. ويسعى الخدم علينا بقطع سنامها المقطع، يريد أنهم أكلوا أطايبها وأباحوا غيرها للخدم، وذكر الحوار دال على أنها كانت حبلى، وهي من أنفس الإبل عندهم.
93 - فإن مت فانعيني بما أنا أهله = وشقي علي الجبب يا ابنة معبد
لما فرغ من تعداد مفاخره أوصى ابنة أخيه، ومعبد أخوة، فقال: إذا هلكت فأشيعي خبر هلاكي بثنائي الذي استحقه وأستوجبه، وشقي جيبك علي يوصيها بالثناء عليه والبكاء.
النعي: إشاعة خبر الموت والفعل نعى ينعى، أهله أي مستحقه، كقوله تعالى {وكانوا أحق بها وأهلها}.
94 - ولا تجعليني كامرئ ليس همه = كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي
يقول: ولا تسوي بيني وبين رجل لا يكون همه مطلب المعالي كهمي، ولا يكفي المهم والملم كفايتي، ولا يشهد الوقائع مشهدي والهم أصله القصد، يقال: هم بكذا أي قصد له، ثم يجعل الهم والهمة اسما لداعية النفس إلى العلى. الغناء: الكافية. المشهد في البيت بمعنى الشهود وهو الحضور، أي ولا يغني غناء مثل غنائي ولا يشهد الوقائع شهودا مثل شهودي.
يقول: لا تعدلي بي من لا يساويني في هذه الخلال فتجعلي الثناء عليه كالثناء علي والبكاء علي كالبكاء عليه.
95 - بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا = ذلول بأجماع الرجال ملهد
البطء: ضد العجلة، والفعل بطؤ يبطأ، الجلى: الأمر العظيم. الخنا: الفحش، جمع الكف، وجمعها لغتان يقال: ضربه بجمع كفه إذا ضربه بها مجموعة، والجمع الأجماع. التلهيد: مبالغة اللهد وهو الدفع بجمع الكف، يقال: لهده يلهده لهدا. والبيت كله من صفة من ينهى ابنة أخيه أن تعدل غيره به.
يقول: ولا تجعليني كرجل يبطأ عن الأمر العظيم ويسرع إلى الفحش، وكثيرا ما يدفعه الرجال بأجماع أكفهم فقد ذل غاية الذل.
96 - فلو كنت وغلا في الرجال لضرني = عداوة ذي الأصحاب والمتوحد
الوغل: أصله الضعيف ثم يستعار للئيم.
يقول: لو كنت ضعيفا من الرجال لضرتني معاداة ذي الأتباع والمنفرد الذي لا أتباع له، إياي، ولكنني قوي منيع لا تضرني معاداتهما إياي، ويروى وغدا وهو اللئيم.
97 - ولكن نفى عني الرجال جراءتي = عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
الجرأة والجراءة واحد، والفعل جرؤ يجرؤ والنعت جريء، وقد جرأه على كذا أي شجعه. المحتد: الأصل.
يقول: ولكن نفى عني مباراة الرجال ومجاراتهم شجاعتي وإقدامي في الحروب وصدق صريمتي وكرم أصلي.
98 - لعمرك ما أمري علي بغمة = نهاري ولا ليلي علي بسرمد
الغمة والغم واحد، وأصل الغم التغطية، والفعل غم يغم، ومنه الغمام لأنه يغم السماء أي يغطيها، ومنه الأغم والغماء، لأن كثرة الشعر تغطي الجبين والقفا.
يقول: أقسم ببقائك ما يغم أمري رأيي، أي ما تغطي الهموم رأيي في نهاري، ولا يطول علي ليلي حتى كأنه صار دائما سرمدا، وتلخيص المعنى: أنه تمدح بمضاء الصريمة وذكاء العزيمة. يقول: لا تغمني النوائب فيطول ليلي ويظلم نهاري.
99 - ويوم حبست النفس عند عراكه = حفاظا على عوراته والتهدد
العراك والمعاركة: القتال، وأصلهما من العرك وهو الدلك. الحفاظ: المحافظة على ما تجب المحافظة عليه من حماية الحوزة والذب عن الحريم ودفع الذم عن الأحساب.
يقول: ورب يوم حبست نفسي عن القتال والفزعات وتهدد الأقران محافظة على حسبي.
100 - على موطن يخشى الفتى عنده الردى = متى تعترك فيه الفرائص ترعد
الموطن: الموضع. الردى: الهلاك والفعل ردي يردي، والإرداء الإهلاك الاعتراك والتعارك واحد. الفرائص: جمع فريصة، وهي لحمة عند مجمع الكتف ترعد عند الفزع.
يقول: حبست نفسي في موضع من الحرب يخشى الكريم هناك الهلاك ومتى تعترك الفرائص فيه أرعدت من فرط الفزع وهول المقام.
101 - وأصفر مطبوح نظرت حواره = على النار واستودعته كف مجمد
ضبحت الشيء: قربته من النار حتى أثرت فيه، أضبحه ضبحا. الحوار والمحاورة: مراجعة الحديث، وأصله من قولهم: حار يحور إذا رجع، ومنه قول لبيد: [الطويل]
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه = يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
نظرت: أي انتظرت والنظر الانتظار، ومنه قوله تعالى: {انظرونا نقتبس من نوركم}. استودعته وأودعته واحد. المجمد: الذي لا يفوز، وأصله من الجمود.
يقول: ورب قدح أصفر قد قر ب من النار حتى أثرت فيه، وإنما فعل ذلك ليصلب ويصفر، انتظرت مراجعته؛ أي: انتظرت فوزه، أو خيبته، ونحن مجتمعون على النار له، وأودعت القدح كف رجل معروف بالخيبة، وقلة الفوز: يفتخر بالميسر، وإنما افتخرت العرب به؛ لأنه لا يركن إليه إلا سمح جواد، ثم كمل المفخرة بإيداع قدحه كف مجمد قليل الفوز.
102 - ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا = ويأتيك بالأخبار من لم تزود
يقول: ستطلعك الأيام على ما تغفل عنه وسينقل إليك الأخبار من لم تزوده.
103 - ويأتيك بالأخبار من لم تبع له = بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
باع قد يكون بمعنى اشترى، وهو في البيت بهذا المعنى. البتات: كساء المسافر وأداته والجمع أبتة ولم تضرب له أي: لم تبين له، كقوله تعالى: {ضرب الله مثلا}؛أي: بين وأوضح.
يقول: سينقل إليك الأخبار من لم تشتر له متاع المسافر، ولم تبين له وقتا لنقل الأخبار إليك.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس
إضافة رد


(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 :
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

الساعة الآن 07:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w