تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المحققون الدوليون يدهمون شققا استعملها مرتكبو الجريمة


صقر الجنوب
01/09/2005, 12:39 PM
الضباط الأربعة الموقوفون نقلوا إلى عهدة القضاء اللبناني والمحققون الدوليون يدهمون شققا استعملها مرتكبو الجريمة

فحوص جينية وانتشال عظام وقطع سيارات في موقع اغتيال الحريري

بيروت: «الشرق الأوسط»
تلاحقت أمس التطورات المتعلقة بملف جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، مع اتخاذ المحقق الدولي ديتليف ميليس المزيد من الإجراءات، ومنها دهم شقق سكنية في ضواحي بيروت تردد ان مرتكبي الجريمة كانوا يتخذون منها مقرا لاجتماعاتهم. وفي حين أخلي سبيل النائب السابق ناصر قنديل فجر امس، بقي مصير قائد لواء الحرس الجمهوري اللواء العميد مصطفى حمدان، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، والمدير السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، والمدير السابق للاستخبارات العسكرية العميد ريمون عازار، الذين احتجزوا قيد التحقيق منذ فجر أول من امس، معلقا بقرار من النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي في قضية اغتيال الرئيس الحريري، القاضي الياس عيد، بعدما تسلمتهم النيابة العامة فجرا في انتظار البت في مصيرهم لجهة توقيفهم أو إطلاق سراحهم.


أما رئيس الجمهورية اميل لحود، الذي يعتبر المتضرر الاول من هذه الإجراءات ـ خصوصا بعد دفاعه عن العميد حمدان ووصفه إياه بأفضل ضباط الجيش اللبناني ـ فقد شدد امس على ضرورة عدم تأثر التحقيقات بـ «الأجواء السياسية والإعلامية المفتعلة».

وكان الضباط الاربعة نقلوا فجر امس من مقر اللجنة الدولية في محلة المونتيفردي (شرق بيروت) الى ثكنة المقر العام لقوى الأمن الداخلي في حي السريان بالاشرفية وسط تدابير أمنية مشددة جرى تعزيزها قبل الظهر بمنع الوقوف في محيط المقر العام والشوارع المحيطة به. وقد وضع الضباط الاربعة في غرف منفردة وصفت بأنها «لائقة»، اذ جرى تجهيزها قبل منتصف الليل. وهي تتسع لأسرة وفيها مرحاض خاص بكل غرفة، وذلك بناء على أوامر اللواء أشرف ريفي، المدير العام لقوى الأمن الداخلي.

أما قنديل فقد ترك حراً وعاد الى منزله، معلناً انه لن يتطرق في احاديث اعلامية الى طبيعة علاقته بالتحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري «على الرغم من ان احدا لم يطلب مني ذلك». وقال في تصريح وزعه مكتبه الاعلامي: «بعدما لمست من عمل المحققين الاحتراف والسعي الجدي لكشف الحقيقة، ومن ضمنها الذهاب الى النهاية في متابعة اي افادات او تقارير توضع بتصرف اللجنة من جهات ذات صفة، لا يسعني الا الاستمرار في الرهان على حيادية ونزاهة عمل اللجنة والاستعداد الدائم لوضع كل ما يحتاجه التحقيق بتصرفها في حال اعتقدت اللجنة ان لدينا ما يمكن أن يفيد هذا التحقيق».

وشدد قنديل على «ان اللجنة لا علاقة لها بالتوظيف السياسي والاستثمار الاعلامي وتسرع المسؤولين اللبنانيين في إصابة الكرامات او توظيف التحقيقات لأغراض إعلامية وسياسية».

وأعلن المكتب الاعلامي لوزارة العدل في بيان أصدره ظهر أمس، ان النائب العام التمييزي، القاضي سعيد ميرزا، تسلم ظهر امس الملفات العائدة لبعض المستجوبين أمام اللجنة الدولية المستقلة المكلفة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وجميعها بالانكليزية وتضم مئات الصفحات، وان العمل جار على ترجمتها الى العربية تمهيدا لدراستها واتخاذ القرار المناسب في شأنها.

هذا وذكَّر المكتب الاعلامي للوزارة التي يتولاها الوزير شارل رزق المقرب من رئيس الجمهورية في بيان آخر أصدره لاحقاً «بمبدأ قرينة البراءة الذي بموجبه يقتضي اعتبار كل انسان سواء أكان مشتبهاً به او متهماً بريئاً حتى تثبت إدانته بموجب حكم قضائي». وناشد المكتب الاعلامي وسائل الاعلام «توخي الدقة وعدم التسرع في بث الاخبار والاستنتاجات والتحليلات التي ما من شأنها إلا التأثير سلباً على مجرى العدالة وكشف الحقيقة».

وصباح امس، توجهت مجموعتان من لجنة التحقيق الدولية تؤازرهما عناصر من الادلة الجنائية المركزية اللبنانية، الى شقة في حي معوض في الشياح قيل انها كانت مقراً لغرفة العمليات، واخرى قيل انها في تلال خلدة للكشف عليهما والحصول على عينات من اشياء قد تكون متروكة فيهما بعد اقفالهما اثر العملية لاخضاعهما لاحقا للفحوص الجينية ورفع البصمات عن ابوابهما وأي من مفروشاتهما، اذا وجدت، تمهيدا لإجراء مقارنة مع المشتبه بهم او معرفة اصحابها. وذكرت المعلومات انه جرى توقيف عدد من الاشخاص، أطلق سراح اربعة منهم لاحقا، كما تردد ان رافعتين من قوى الأمن انتقلتا قبل الظهر لنقل سيارتين اوقفتا في مكان ما وقيل انهما استخدمتا في عملية اغتيال الحريري ولأغراض واكبت الجريمة. ولم يعرف اذا كان قد تم نقلهما الى اي مركز أمني. وذكر لاحقا انه تم العثور على سيارة في موقف تحت الارض يعود للمبنى الذي يضم الشقة التي جرى تفتيشها في حي معوض.

وبموازاة ذلك، واصل الفريق الدولي، بمؤازرة فريق من الدفاع المدني، عملية المسح البحري قبالة موقع اغتيال الرئيس الحريري. وقد تم انتشال قطعة ملاصقة لإطار «بيك آب».

وفي إطار التحقيقات ايضا، نقلت صباح امس عبر مطار بيروت الدولي مجموعة من العظام التي قيل انه تم العثور عليها في البحر قبالة مسبح عجرم قرب موقع الجريمة الى الخارج، لإجراء الفحوص الجينية عليها ومقابلتها مع ما تحتفظ به لجنة التحقيق الدولية والمراجع الأمنية والقضائية اللبنانية من عينات أخذت من ضحايا الانفجار أو «الانتحاري» المزعوم او غيره ممن كانوا في مسرح الجريمة لحظة حصولها.

وفي السياق نفسه، غادر بيروت امس ثلاثة من اعضاء اللجنة الدولية، وهم: كامل يلمظ (تركي)، وسبستيان بوتا (روماني)، واوسكار باكسيون (فلبيني)، متوجهين الى باريس. فيما وصل الى بيروت عضو اللجنة الدولية الفرنسي جان ماري كوش لمواكبة التحقيقات الجارية.

وكان رئيس الجمهورية اميل لحود اجتمع امس في قصر بعبدا بوزير العدل شارل رزق والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. وعرض معهما دور القضاء اللبناني في التحقيقات الجارية في ضوء التطورات الاخيرة. كذلك، تم التداول في أجواء الاجتماع الذي عقد اول من امس بين الوزير رزق والقاضي ميرزا من جهة، ورئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي ديتليف ميليس، من جهة أخرى.

وخلال اللقاء، أكد الرئيس لحود وفق بيان وزعه مكتبه الاعلامي «ثقته بالقضاء اللبناني وبما قام به من تحقيقات حول الجريمة منذ وقوعها وحتى الآن وما توصل اليه من معطيات ساعدت اللجنة الدولية في تحقيقاتها». مشددا على «أهمية الوصول الى الحقيقة المنشودة والمبنية على الوقائع والأدلة الثبوتية والدامغة التي تحدد هوية المخططين والمنفذين والمحرضين، ولا تتأثر بالأجواء السياسية والاعلامية المفتعلة التي تهدف الى تحقيق غايات معروفة كشفت عنها مواقف بعض الاطراف السياسيين منذ اللحظة الأولى لوقوع الجريمة النكراء ولا تزال مستمرة». وأشاد السفير الأميركي في بيروت، جيفري فيلتمان، بدور لجنة التحقيق الدولية المستقلة وما قامت به لجهة استدعاء رؤساء قادة الاجهزة الأمنية. وقال عقب لقائه وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون امس ان بلاده ترى «ان ردة الفعل التي تعاطى بها الجسم القضائي اللبناني والجهات الأمنية اللبنانية في تجاوبها مع هذا العمل تعتبر مشجعة». وأضاف: «ما حصل البارحة (اول من امس) عملية لبنانية بامتياز. وعلى المواطن اللبناني ان يكون فخورا بمؤسساته التي اصبحت قادرة على التجاوب والمبادرة. ويستحق لبنان ان يعرف ماذا حصل ومن قتل الرئيس الحريري. واللائحة الطويلة من الجرائم السياسية التي لم يحل لغزها حتى اليوم يجب ان تتوقف»، مؤكداً ان الولايات المتحدة «تدعم عمل لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي ميليس، وتدعم ايضاً المؤسسات اللبنانية التي تعمل على كشف الحقيقة كاملة في مقتل الرئيس الحريري».

وفي الإطار نفسه، زار السفير السعودي لدى لبنان، عبد العزيز الخوجة، أمس وزير العدل اللبناني شارل رزق، وبحث معه تطورات التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري. وإذ نفى الخوجة ان يكون حمل أي نصيحة سعودية لوزير العدل، قال: «نحن لا نقدم النصائح لأحد ولا نتدخل في الشؤون الداخلية لأحد، لكن المملكة العربية السعودية هي مع لبنان وتواكب التحقيقات عن كثب شأنها شأن بلدان العالم»، مؤكدا أن بلاده «واثقة من قدرة اللبنانيين على الوحدة واجتياز المصاعب».