صقر الجنوب
03/09/2005, 01:50 PM
كتاب مصوَّر عن المملكة العربية السعودية:
المملكة أرض تختزن كنزاً من الحضارات آخرها الإسلام
بيروت - مكتب «الرياض» - سيمون نصار:
سامر معضاد، مصور فوتوغرافي لبناني يحمل الجنسية السويسرية، يعمل منذ العام 1987 لوحده، يصور الأشياء التي يعتبر أنها تشكل في ذاتها بعداً إنسانياً وحضارياً يستفاد منه مهنياً وثقافياً وأنثروبولوجياً. قبل أعوام أسس مع مجموعة أصدقاء وزملاء له، المؤسسة العربية للصورة التي يرأسها اليوم. هو إذن، ليس مجرد مصور فوتوغرافي عادي يلتقط في كاميرته الصغيرة، المشاهد المتنوعة التي ترضي، ربما، غروره، أو تشفي فوران موهبته التي تعمل على هذا النوع من الفنون.
في عمله الدؤوب والمنمنم، يشتغل معضاد على تأريخ الصورة، ليس التأريخ وحسب، بل تأريخ التأريخ على ما يفهم من كتابه (السعودية) الذي صدر حديثاً عن دار النشر الفرنسية - أكت سود - 2005 بالفرنسية والعربية، ويوزع في لبنان والعالم العربي عبر مكتبة البرج في بيروت. وهو الجزء الثاني من مشروع العالم العربي الذي يعمل عليه معضاد. الكتاب، هو رحلة استمرت حوالي اربع سنوات كاملة، بتسهيل كامل من مكتبة الملك عبد العزيز في مدينة الرياض، التي سهلت عمل معضاد الذي قام كذلك بالمساعدة في تأسيس «مركز الصور» في مكتبة الملك عبد العزيز (فرع المربع) الذي تحفظ بداخله أندر مجموعة صور فوتوغرافية عن المملكة منذ الثلث الثاني من القرن التاسع عشر. وقد بدأ الاهتمام بالصورة في المملكة في أواخر التسعينيات من القرن الفائت، حيث تم جمع التراث المصور لكي (يبنى على أساسه المستقبل)، كما أنه يوجد في المملكة اليوم مجموعة مشاريع (إيجابية) نحو العمل على التراث التاريخي للمملكة. أريد أن أقول شيئاً يقول معضاد (السعودية هي أول دولة عربية وربما في منطقة الشرق الأوسط وشرقي آسيا دخلت إلى حيز الفضاء كل هذا رغم بعض التقاليد الاجتماعية الصارمة داخل المجتمع والتي قد لا تنتمي بغالبيتها إلى العالم المعاصر) بل هي تقاليد (تناقلت شفوياً عبر الأجيال وكونت المجتمع الحالي الذي تتنازعه قيمتان، تمسكه القوي بهذه التقاليد من جهة ونزوعه الجامح نحو المعاصرة في كل شيء). على هذا فإن جمع التراث يفيد في (تأصيل الماضي وبناء روافد جديدة نحو المستقبل). فالمملكة، عاصرت حزمة من الأحداث الجسام في البدايات واحتلت في تلك الأثناء موقعاً متقدماً لأسباب كثيرة، جعلها في واجهة الأحداث الدولية. عدا، عن ذلك، فإن الحديث عن كتاب (السعودية) لسامر معضاد، يحتاج ليس إلى مقال عابرٍ في جريدة. بل إن الكتاب ومعه المملكة والصور المأخوذة لها والموجودة في هذا الكتاب القيم جداً. بحاجة إلى مراجعات تطال الكثير من الفروع العلمية. فقد قسم معضاد الكتاب إلى خمسة أجزاء وتم التصوير في مناطق عديدة، شملت كافة الاتجاهات والمدن في المملكة.
نقل الواقع كما هو:
أول الأقسام (مكان عملت عليه هو «نجد») كما يقول معضاد نفسه في الدردشة التي جمعتني إليه. ونجد بالنسبة لهذا المصوَّر اللبناني السويسري تعتبر جزءاً مميزاً من (وجداني) حيث كان يعرف منذ الصغر أن نجد هي أقسى مكان يمكن للمرء ان يعيش فيه. يقول سامر (كانت جدتي تقول إذا تمنت الشر لأحدهم، الله يرميك في أرض نجد) ويتابع (لم أكن اعرف نجد سابقاً ولكنها لشدة ما تردد ذكرها في طفولتي بقيت محفورة في وجداني ). وفي نجد يقول معضاد (المكان ليس ساحراً فقط، ولكنه زاخر بالمعاني التي يمكن للإنسان العادي أن يتفهمها ويحبها دون أن يألفها خاصة إذا كان قادما من خارج المكان، فأنا لم أعش قبل في صحراء مترامية الأطراف، ولكن في نجد عشت بكل تأكيد معنى الصحراء وسحرها وألقها وإيحاءاتها الفريدة ).
ثاني الأقسام، كان حول حوار الحضارات، وهي ورشة عمل ومحاضرات إقيمت في (جامعة الملك عبد العزيز في الرياض)، كانت ندوة (هامة) وقد أتاحت لي التعرف على (النمط الذي يجب علينا التفكير بضرورته في هذا الحوار)، يضيف (أنا كمواطن عربي دخلت إلى البلد كأجنبي كان علي ان أتصرف كشخص مزدوج، ولكن فارق كبير بين جنسيتي التي تتيح لي التنقل بسهولة بين البلدان، والأصول التربوية والحضارية التي نشأت عليها في بيئتي الأساسية في لبنان) وأريد القول بأن هذا الحوار بالنسبة لي (يعني الكثير) ولكن، أفضل أن يكون الحوار أولا (بين المسلمين انفسهم، ويطال تعريف ما هو الإسلام وماهي مكوناته وكيف نعرفه جيداً) هذا الأسلوب في معرفة الذات (يمكننا من خلال الحوار أن نعرف الآخر الذي يختلف عنا في التربية ونمط العيش والتفكير وما إلى هناك من اختلافات جوهرية في الدين والمجتمع)، وأود القول بأن (موضوع العلاقة المباشرة بين الرجل والمرأة عليه أن يكون أكثر رحابة في مجتمعاتنا العربية التي عليها أن تنجو من الصورة المعاكسة التي تروج عنها).
ثالث الأقسام، كان، العمل على، الوقت المعاصر. أي كيف تعيش المملكة يومياتها في هذا الزمن. وإن كان هذا الموضوع يحتاج إلى مجلدات كثيرة، والى دراسات في علم الاجتماع وعلم الاجتماع السكاني وعلم الاقتصاد والسياسة والإنثروبولوجيا، فإن الصورة تختصر في أحايين كثيرة كل ما يمكن أن يكتب من أبحاث، ذلك أنها تنقل الواقع بأمانة لا تغش. فلا يمكن لأحد (أن ينكر محتوى صورة، في حين يمكنه بكل سهولة أن يختلف مع بحث أكاديمي أو مقال مكتوب لعدم تميزه بخاصية فريدة ومميزة هي نقل الواقع) ما تراه في الصورة (ليس مكاناً آخر، بل هو المكان الذي تريد أن تعرفه أو تتناوله أو تشاهده) هذه الميزات (لا توجد في أي شيء آخر غير الصورة). لذلك (كان علي أن أكون واثقا بمعرفتي وحساسيتي تجاه المكان ). لقد (لمست من خلال جولتي) في كافة أراضي المملكة أن هناك نوعاً من (ازدواجية العيش) وتتمثل هذه الازدواجية (في طرق العيش والتعامل مع الأشياء) مثلاً يضيف معضاد (المرأة في المدينة ممنوعة من قيادة السيارة إضافة إلى الأشياء الاخرى العديدة ولكنها في البادية تقود السيارة بكل بساطة وتستقبل الضيوف نساء ورجالاً، وفي البادية لمست رغم بساطة العيش الكثير من الانفتاح الذي يعتبر أمراً مدهشاً، إذ تسير الحياة اليومية بدون أية تعقيدات تذكر ). هذا الأمر (يجعل من الدارس لأنماط الحياة يعتقد بهذه الازدواجية، ففي حين الحياة البدائية البدوية أكثر رحابة وتسامحاً وانفتاحاً تقف الحياة في المدن على الطرف المقابل الأكثر محافظة وتكتماً وتصل إلى الأكثر انغلاقاً وهو عكس ميزان التطور الطبيعي للحياة).
رابع الأقسام، في هذا الكتاب، أسماه معضاد «قبل الإسلام»، وهو قسم تتحدث فيه الصور عن مرحلة ما قبل وجود الإسلام في الجزيرة العربية والمملكة (التي هي قلب هذه الجزيرة). ففي هذا المكان (نشأ الإسلام الاول، ونزل الوحي الإلهي)، ولذلك، كان لابد بالنسبة لي يقول معضاد (أن أتعامل مع المكان بوصفه منجماً للحضارات)، وهكذا حصل. ففي الكتاب قسم مخصص يدرس من خلال الصورة الوجود الفعلي للحضارات التي سكنت المنطقة قبل وجود الإسلام بكثير. لقد وجدت (في مدائن صالح أثر الحضارة النبطية التي هي حضارة عربية أساسية وأصيلة، واكتشفت أن مكانها الأساسي كان هنا، في مدائن صالح وغيرها وليس في بقاع مختلفة للامتداد النبطي. بل في الأماكن الموزعة على كافة أراضي المملكة) أيضاً، فقد صورت يقول معضاد (عددا لابأس به من القلاع الرومانية القديمة جداً وهي في معظمها مهملة جداً لقلة الاهتمام من جهة وبسبب عوامل الزمن والطقس الصحراوي القاسي) أعتقد يضيف معضاد (أن المملكة من أكثر الأماكن التي يمكن أن تكون مناطق ما يسمى «سياحية» إذ تحتوي أرض المملكة على كنوز حضارية كبيرة جداً ما يمثل إرثاً حضارياً ووجودياً هاماً للبشرية بالقدر الذي ممكن أن يكون مهماً للتاريخ العريق والماضي الحافل الذي هو هذه الأرض بكل ما تحتوي من قيم المعاصرة وأصالة الماضي البعيد).
خامس أقسام الكتاب، حمل عنواناً ملفتاً هو «طريق الحجاج». ويقول معضاد (على خلاف النظام المتبع منذ بدء الإسلام في المشي على طريق الحج، او الشعائر المقدسة، فقد مشيت من الآخر إلى الأول، يعني مشيت عكس ما هو متبع لأراقب عن طريق العودة من الآخر إلى البداية الشكل الطقوسي الديني لشعائر الحج، وهي شعائر لا يمكن لأحد حين يراها سوى أن يتعجب ويندهش بشكل عارم جدا جداً)، يضيف (لقد صورت الكثير من الأماكن في الحج، أو في منطقتي مكة والمدينة المنورة، ورأيت مشاهد لا يمكن أن تنسى مهما طال الزمن، فكما بقيت صورة نجد في ذاكرتي طوال السنوات التي حملتني إلى هذا السن، فإن صور الحج مثلها لا يمكن أن تمحى). وقد كنت أشاهد هذه الشعائر (لأول مرة في حياتي ).
العودة إلى المكان. يستشف من خلال الصور التي التقطها معضاد، أن للكاميرا عدة أعين لاقطة لا سبيل إلى تلافيها أو إيقافها. فالواقع في المملكة الذي يرتسم على صفحات كتابه الموسوعي، لا يمكن سوى للعين العمياء أن تتجاهله، وهو يقول، إنه (يريد العودة مرة ثانية إلى الأمكنة إذ زيارة واحدة لا تكفي ربما حتى لو استمرت عدة سنوات).
المملكة أرض تختزن كنزاً من الحضارات آخرها الإسلام
بيروت - مكتب «الرياض» - سيمون نصار:
سامر معضاد، مصور فوتوغرافي لبناني يحمل الجنسية السويسرية، يعمل منذ العام 1987 لوحده، يصور الأشياء التي يعتبر أنها تشكل في ذاتها بعداً إنسانياً وحضارياً يستفاد منه مهنياً وثقافياً وأنثروبولوجياً. قبل أعوام أسس مع مجموعة أصدقاء وزملاء له، المؤسسة العربية للصورة التي يرأسها اليوم. هو إذن، ليس مجرد مصور فوتوغرافي عادي يلتقط في كاميرته الصغيرة، المشاهد المتنوعة التي ترضي، ربما، غروره، أو تشفي فوران موهبته التي تعمل على هذا النوع من الفنون.
في عمله الدؤوب والمنمنم، يشتغل معضاد على تأريخ الصورة، ليس التأريخ وحسب، بل تأريخ التأريخ على ما يفهم من كتابه (السعودية) الذي صدر حديثاً عن دار النشر الفرنسية - أكت سود - 2005 بالفرنسية والعربية، ويوزع في لبنان والعالم العربي عبر مكتبة البرج في بيروت. وهو الجزء الثاني من مشروع العالم العربي الذي يعمل عليه معضاد. الكتاب، هو رحلة استمرت حوالي اربع سنوات كاملة، بتسهيل كامل من مكتبة الملك عبد العزيز في مدينة الرياض، التي سهلت عمل معضاد الذي قام كذلك بالمساعدة في تأسيس «مركز الصور» في مكتبة الملك عبد العزيز (فرع المربع) الذي تحفظ بداخله أندر مجموعة صور فوتوغرافية عن المملكة منذ الثلث الثاني من القرن التاسع عشر. وقد بدأ الاهتمام بالصورة في المملكة في أواخر التسعينيات من القرن الفائت، حيث تم جمع التراث المصور لكي (يبنى على أساسه المستقبل)، كما أنه يوجد في المملكة اليوم مجموعة مشاريع (إيجابية) نحو العمل على التراث التاريخي للمملكة. أريد أن أقول شيئاً يقول معضاد (السعودية هي أول دولة عربية وربما في منطقة الشرق الأوسط وشرقي آسيا دخلت إلى حيز الفضاء كل هذا رغم بعض التقاليد الاجتماعية الصارمة داخل المجتمع والتي قد لا تنتمي بغالبيتها إلى العالم المعاصر) بل هي تقاليد (تناقلت شفوياً عبر الأجيال وكونت المجتمع الحالي الذي تتنازعه قيمتان، تمسكه القوي بهذه التقاليد من جهة ونزوعه الجامح نحو المعاصرة في كل شيء). على هذا فإن جمع التراث يفيد في (تأصيل الماضي وبناء روافد جديدة نحو المستقبل). فالمملكة، عاصرت حزمة من الأحداث الجسام في البدايات واحتلت في تلك الأثناء موقعاً متقدماً لأسباب كثيرة، جعلها في واجهة الأحداث الدولية. عدا، عن ذلك، فإن الحديث عن كتاب (السعودية) لسامر معضاد، يحتاج ليس إلى مقال عابرٍ في جريدة. بل إن الكتاب ومعه المملكة والصور المأخوذة لها والموجودة في هذا الكتاب القيم جداً. بحاجة إلى مراجعات تطال الكثير من الفروع العلمية. فقد قسم معضاد الكتاب إلى خمسة أجزاء وتم التصوير في مناطق عديدة، شملت كافة الاتجاهات والمدن في المملكة.
نقل الواقع كما هو:
أول الأقسام (مكان عملت عليه هو «نجد») كما يقول معضاد نفسه في الدردشة التي جمعتني إليه. ونجد بالنسبة لهذا المصوَّر اللبناني السويسري تعتبر جزءاً مميزاً من (وجداني) حيث كان يعرف منذ الصغر أن نجد هي أقسى مكان يمكن للمرء ان يعيش فيه. يقول سامر (كانت جدتي تقول إذا تمنت الشر لأحدهم، الله يرميك في أرض نجد) ويتابع (لم أكن اعرف نجد سابقاً ولكنها لشدة ما تردد ذكرها في طفولتي بقيت محفورة في وجداني ). وفي نجد يقول معضاد (المكان ليس ساحراً فقط، ولكنه زاخر بالمعاني التي يمكن للإنسان العادي أن يتفهمها ويحبها دون أن يألفها خاصة إذا كان قادما من خارج المكان، فأنا لم أعش قبل في صحراء مترامية الأطراف، ولكن في نجد عشت بكل تأكيد معنى الصحراء وسحرها وألقها وإيحاءاتها الفريدة ).
ثاني الأقسام، كان حول حوار الحضارات، وهي ورشة عمل ومحاضرات إقيمت في (جامعة الملك عبد العزيز في الرياض)، كانت ندوة (هامة) وقد أتاحت لي التعرف على (النمط الذي يجب علينا التفكير بضرورته في هذا الحوار)، يضيف (أنا كمواطن عربي دخلت إلى البلد كأجنبي كان علي ان أتصرف كشخص مزدوج، ولكن فارق كبير بين جنسيتي التي تتيح لي التنقل بسهولة بين البلدان، والأصول التربوية والحضارية التي نشأت عليها في بيئتي الأساسية في لبنان) وأريد القول بأن هذا الحوار بالنسبة لي (يعني الكثير) ولكن، أفضل أن يكون الحوار أولا (بين المسلمين انفسهم، ويطال تعريف ما هو الإسلام وماهي مكوناته وكيف نعرفه جيداً) هذا الأسلوب في معرفة الذات (يمكننا من خلال الحوار أن نعرف الآخر الذي يختلف عنا في التربية ونمط العيش والتفكير وما إلى هناك من اختلافات جوهرية في الدين والمجتمع)، وأود القول بأن (موضوع العلاقة المباشرة بين الرجل والمرأة عليه أن يكون أكثر رحابة في مجتمعاتنا العربية التي عليها أن تنجو من الصورة المعاكسة التي تروج عنها).
ثالث الأقسام، كان، العمل على، الوقت المعاصر. أي كيف تعيش المملكة يومياتها في هذا الزمن. وإن كان هذا الموضوع يحتاج إلى مجلدات كثيرة، والى دراسات في علم الاجتماع وعلم الاجتماع السكاني وعلم الاقتصاد والسياسة والإنثروبولوجيا، فإن الصورة تختصر في أحايين كثيرة كل ما يمكن أن يكتب من أبحاث، ذلك أنها تنقل الواقع بأمانة لا تغش. فلا يمكن لأحد (أن ينكر محتوى صورة، في حين يمكنه بكل سهولة أن يختلف مع بحث أكاديمي أو مقال مكتوب لعدم تميزه بخاصية فريدة ومميزة هي نقل الواقع) ما تراه في الصورة (ليس مكاناً آخر، بل هو المكان الذي تريد أن تعرفه أو تتناوله أو تشاهده) هذه الميزات (لا توجد في أي شيء آخر غير الصورة). لذلك (كان علي أن أكون واثقا بمعرفتي وحساسيتي تجاه المكان ). لقد (لمست من خلال جولتي) في كافة أراضي المملكة أن هناك نوعاً من (ازدواجية العيش) وتتمثل هذه الازدواجية (في طرق العيش والتعامل مع الأشياء) مثلاً يضيف معضاد (المرأة في المدينة ممنوعة من قيادة السيارة إضافة إلى الأشياء الاخرى العديدة ولكنها في البادية تقود السيارة بكل بساطة وتستقبل الضيوف نساء ورجالاً، وفي البادية لمست رغم بساطة العيش الكثير من الانفتاح الذي يعتبر أمراً مدهشاً، إذ تسير الحياة اليومية بدون أية تعقيدات تذكر ). هذا الأمر (يجعل من الدارس لأنماط الحياة يعتقد بهذه الازدواجية، ففي حين الحياة البدائية البدوية أكثر رحابة وتسامحاً وانفتاحاً تقف الحياة في المدن على الطرف المقابل الأكثر محافظة وتكتماً وتصل إلى الأكثر انغلاقاً وهو عكس ميزان التطور الطبيعي للحياة).
رابع الأقسام، في هذا الكتاب، أسماه معضاد «قبل الإسلام»، وهو قسم تتحدث فيه الصور عن مرحلة ما قبل وجود الإسلام في الجزيرة العربية والمملكة (التي هي قلب هذه الجزيرة). ففي هذا المكان (نشأ الإسلام الاول، ونزل الوحي الإلهي)، ولذلك، كان لابد بالنسبة لي يقول معضاد (أن أتعامل مع المكان بوصفه منجماً للحضارات)، وهكذا حصل. ففي الكتاب قسم مخصص يدرس من خلال الصورة الوجود الفعلي للحضارات التي سكنت المنطقة قبل وجود الإسلام بكثير. لقد وجدت (في مدائن صالح أثر الحضارة النبطية التي هي حضارة عربية أساسية وأصيلة، واكتشفت أن مكانها الأساسي كان هنا، في مدائن صالح وغيرها وليس في بقاع مختلفة للامتداد النبطي. بل في الأماكن الموزعة على كافة أراضي المملكة) أيضاً، فقد صورت يقول معضاد (عددا لابأس به من القلاع الرومانية القديمة جداً وهي في معظمها مهملة جداً لقلة الاهتمام من جهة وبسبب عوامل الزمن والطقس الصحراوي القاسي) أعتقد يضيف معضاد (أن المملكة من أكثر الأماكن التي يمكن أن تكون مناطق ما يسمى «سياحية» إذ تحتوي أرض المملكة على كنوز حضارية كبيرة جداً ما يمثل إرثاً حضارياً ووجودياً هاماً للبشرية بالقدر الذي ممكن أن يكون مهماً للتاريخ العريق والماضي الحافل الذي هو هذه الأرض بكل ما تحتوي من قيم المعاصرة وأصالة الماضي البعيد).
خامس أقسام الكتاب، حمل عنواناً ملفتاً هو «طريق الحجاج». ويقول معضاد (على خلاف النظام المتبع منذ بدء الإسلام في المشي على طريق الحج، او الشعائر المقدسة، فقد مشيت من الآخر إلى الأول، يعني مشيت عكس ما هو متبع لأراقب عن طريق العودة من الآخر إلى البداية الشكل الطقوسي الديني لشعائر الحج، وهي شعائر لا يمكن لأحد حين يراها سوى أن يتعجب ويندهش بشكل عارم جدا جداً)، يضيف (لقد صورت الكثير من الأماكن في الحج، أو في منطقتي مكة والمدينة المنورة، ورأيت مشاهد لا يمكن أن تنسى مهما طال الزمن، فكما بقيت صورة نجد في ذاكرتي طوال السنوات التي حملتني إلى هذا السن، فإن صور الحج مثلها لا يمكن أن تمحى). وقد كنت أشاهد هذه الشعائر (لأول مرة في حياتي ).
العودة إلى المكان. يستشف من خلال الصور التي التقطها معضاد، أن للكاميرا عدة أعين لاقطة لا سبيل إلى تلافيها أو إيقافها. فالواقع في المملكة الذي يرتسم على صفحات كتابه الموسوعي، لا يمكن سوى للعين العمياء أن تتجاهله، وهو يقول، إنه (يريد العودة مرة ثانية إلى الأمكنة إذ زيارة واحدة لا تكفي ربما حتى لو استمرت عدة سنوات).