تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فقهاء الانتحار!


صقر الجنوب
02/10/2005, 01:38 PM
فقهاء الانتحار!

احمد عبدالرحمن العرفج

لو حكّم الإنسان ضميره، وعرف مصيره، لاختفى الكثير من مشاكل الكون، ولا نطفأ الوفير من الشر في الكون!

لقد جاء الحديث النبوي الشريف، بوصفه إيقاعاً يضبط التصرفات، ويقيسها بمقياس العقل، حيث أشار إلى أنه ''لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتىَّ يُحِبَّ لأَخِيهَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ''!

حسناً ما الداعي لهذه الفاتحة؟!

إنها رسالة نشرتها جريدة الحياة في 1/1/2002م، رسالة باكية محزنة كتبها والد أحد الصغار الذين ضحك عليهم فقهاء الموت، وزبانية التفجير والانتحار، فراح ضحيتهم، ومات موتة لم يذق مرارتها إلا والده الذي تفطّر قلبه حزناً وبكاءً وحسرة عليه، إذ يقول الوالد ''أبو صابر'' بعد أن فجّر ابنه -ابن السبعة عشر ربيعاً- نفسه، ليبدأ الوالد المفجوع قائلا في رسالته: (أكتبها بقلب يعتصر ألماً، وعيون لا تكفكف دموعها، فقد فقدت قبل أربعة أشهر ابني البكر، بعد أن غرّر به رفاقه، وزيّنوا له طريق الموت، وأقنعوه أن يفجر نفسه وسط إحدى المدن في إسرائيل، ناهيك عن التشرد الذي أصبحتُ أعانيه مع زوجتي وبقية أبنائي وبناتي)!

ثم يلتفت الوالد المفجوع إلى المحرّضين والمغرّرين وقادة الفصائل والحركات الإسلامية التي تقف وراء العمليات التي تسمى ''استشهادية''، يلتفت قائلاً: (يعلمون علم اليقين أن إرسال هؤلاء الشباب لم يردع عدواً، ولم يحرّر أرضاً، بل على العكس تمادى العدوان في قتل المدنيين، وهدْم البيوت، وإعادة احتلال المدن والقرى الفلسطينية)!

ثم يختم الوالد المهلوع رسالته بسؤال يصطدم مع مفهوم '' لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتىَّ يُحِبَّ لأَخِيهَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ''، إذ يقول الوالد المفجوع: (إذا كان هذا هو الطريق للتحرير، فلماذا لا يرسل هؤلاء الشيوخ -الذين نراهم يتسابقون على الفضائيات- أبناءهم للموت بنفس الطريقة التي يرسلون بها أولادنا)؟!

ثم يخصّص الوالد الحزين العام، ويحدد أسماء قائلاً: (إنهم يتهربون من إرسال أولادهم إلى ساحة الوغى، على شاكلة محمود الزهار، وإسماعيل أبو شنب، وعبد العزيز الرنتيسي، فالأول أرسل ابنه خالد إلى أمريكا، والثاني أرسل ابنه حسن إلى بريطانيا)!

إنها رسالة كُتبت منذ ثلاث سنوات، وقد أرجأ الحبر التعليق عليها لعلّ وعسى أن يتبدّل الحال، ولكن المتابع يلحظ أن الأمور تزداد سوءاً، حيث لم يعقل فقهاء الموت، وسماسرة الانتحار، بل خرج الموضوع عن أرض الصراع العربي الإسرائيلي، ليحل في كل أنحاء الوطن العربي، لنرى الكثير من فقهاء الانتحار، ومحرّضي الموت ينتشرون في المدائن محرّضين ومشجّعين ومحفّزين، إنهم يدعمون كل أحد للانتحار، ما عدا فلذات أكبادهم، فالله المستعان على ما يصفون!