صقر الجنوب
08/10/2005, 11:48 AM
(مِنْ سِقـَـــَاها لَقـَـاهَا)
وهيب سعيد بن زقر
http://www.aleqt.com/SiteImages/RayAuthors/83.jpg
موضوع ''بين التخصيص الصحي'' و''لعبة الأسهم'' في الحياة تاريخ 4/10/2005 بقلم معالي الدكتور علي بن طلال الجهني شيق ومفيد، ويوضح جدارة الفكر المحاور عن محازير مخططات تكتيكية، ربما تُفرغ فوائد مرتقبة من إعادة هيكليات الملكية الحكومية، ويشرح ''لعبة الأسهم'' دولياً، ليتخذ منها عظة عند التخصيص محلياً موضحاً الخطوات الرسمية لمسار ''النقلة العملية''، وغير خاف عليه صعوبة ''تخصيص معظم مشاريع تحلية المياه المالحة ومعظم مشاريع إنشاء الطرق ومعظم مشاريع توليد الكهرباء، برسملتها ومن ثم طرح أسهمها للتداول على أسس اقتصادية صحيحة''، مضيفاً قوله ''إن السبب بسيط، إذ كيف يوافقون على تخصيص مشاريع أو قطاعات، إما أنْ يَضُر تخصيصها غالبية المواطنين إذا بيعت أسعار الخدمات المقدمة بالأسعار التي يريدها المؤسسون أو يكون مصيرها الإفلاس على المدى الطويل، بعد أنْ يتمكن المؤسسون من بيع الأسهم والخروج من ''ملكية الشركات'' التي ستبني وتشغل وتصون''.
وقفتي لفكر معاليه وإشارتي لمقالة الدكتور نابعة من المحبة التي نتبادلها في الكتمان، والصداقة الراسخة من قديم الزمان، وأهمية المواضيع العلمية الجدلية المثارة، ومدفوع بيقيني أن سوق الأسهم السعودية وليس العالمية من الأمور الحساسة لنا، إضافة إلى أن الرعيل الثالث من متداوليها المواطنين، لا ''يعرفون كوعهم من بوعهم''، في هذه الغابة المظلمة، المحفوفة بالمخاطر، تتطلب الأحداث معالجة أمورها بعلم ومعرفة توفر الشفافية من المؤسسات المالية والمدنية والإعلامية، خدمة للاقتصاد ودعماً لهيئة سوق المال، التي لابد أنها غارقة ''لشوشتها'' في مواجهة كثير من الشوشرات والمغالطات والتحديات والمعطيات، التي ربما لا تجد هيئة سوق المال الوسائل والمبررات للإفصاح عنها، وتفتقد توافر مرونة تبادل المعلومات لتحقيق أكبر قدر من العلم والمعرفة والشفافية لوقف الإشاعات، واستعراض العضلات، وتحقيق الأمان لمثل هذه الأمور. وقد ألمح الدكتور الجهني وأنذر لمن تسول له نفسه التقليل من جدية مهمة حسن إدارة التحويل من الملكية العامة لمساهمات خاصة ''على عكس ما قد يتوهمه من يجهلون أو لهم هدف في تجاهل خطوات اتخاذ القرار في السعودية''.
معالي الدكتور أخبر مني في أمور كثيرة وخاصة الأمور الاقتصادية المحلية التطبيقية، ما ظهر منها وما بطن، وحديثه ليس من فراغ، ولابد أنه متتبع لأوضاع وأحوال ظاهرة له وخافية عنا، ويعرفها بحكم قربه من منابع المعلومة وخبرته بهذه الأمور، خاصة وأن ''التخصيص قرار استراتيجي''، ومعاليه ممارس بدايات تجربة تخصيص الهاتف السعودي الناجحة، ونجاحاتها فتحت الأبواب لمشاركات جديدة ومتجددة، وواضح منها زيادة الأرباح للمؤسسين وانخفاض الرسوم والتكاليف للمستهلكين ، وتحسين الخدمات وتعددها . أما فيما يتعلق بالمياه، على سبيل المثال لا الحصر، فإن عائد الاستثمار على خفض فاقد المياه قد يعطي زيادة في الربح للمؤسسين ووفرة مياه بأسعار متدنية للمستهلكين. ررات
الهاجس الذي يُزعج الدكتور خاف علينا، لكن لابد أنه مهم ومن حقه أنْ يستخدم صفارة الخطر خشية من تفاقم المخاطر في الجانب الذي اختاره وحدد أنه ''ينحصر في طرح الأسهم'' دون أنْ يغفل أن ''هناك أنواعا أخرى من التخصيص الصحي المفيد عموماً، ويمكن تطبيقها في مشاريع توليد الكهرباء، وتحلية المياه المالحة ومشاريع الطرق والموانئ والسكك الحديدية، غير ''الرسملة''، وطرح الأسهم للاكتتاب العام ولكن تلك قضية أخرى''.مؤ
وما أُغفل في النقاش الفكري المكتوب في ''الحياة'' يوم 4/10/2005، توضيح عما إذا التخصيص أصبح أهم العوامل والأدوات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية، من الجانب الاقتصادي، أم أن التخصيص في سلامة طرحه وبراعة تنفيذه مهم في حد ذاته للاقتصاد الوطني، لأن ملكية الدولة أي دولة في المنظور الاقتصاد الكلاسيكي مقننة في المجالات المرتبطة بإدارتها وتأمين معيشة شعبها ورفاهيته وزيادة إنتاجهم وعمالتهم وتصغر وتكبر مداخلات الملكية للدولة وفقاً للظروف والاحتياجات والإمكانيات والمعاناة والتحديات والتي ظهرت لحكومات الدول الغربية المنتصرة، كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية، في صورة أعباء مالية حكومية ثقيلة من المنشآت والنشاطات الاقتصادية لملكيات قطارات السكك الحديدية والطيران والمطارات والنقل البري بأنواعه المختلفة والموانئ ..الخ، ولقيامها وإدارتها وصيانتها واستمرارية تحمل مسؤولياتها، وأعباء مالية لمشاريع استثماراتها عالية وإدارتها مكلفة وتزيد من الدين العام دون أن توفر قدرة الاستثمار لتحسين خدماتها وتطويرها، وفكرها لا يوفر عائدا مجزيا، مما دفع كثيراً من الدول الصناعية الغربية إلى مواجهة شكل الملكية الحكومية الخدمية ليس فقط من منظور تخفيض ملكية الدولة في الخدمات العامة بل حتى النشاطات الخدمية المهمة لاقتصاد البلاد، وكذلك الاستفادة من تحويل ملكيتها وتجير مسؤولياتها الخدمية مع بقاء فوائد الخدمات لتحقيق مكاسب مالية وقومية إضافية نتيجة أساليب اقتصادية، تختارها كل دولة وفقاً لفلسفتها وتطلعاتها .
وبداية هذه الأساليب ما أسبغت الحكومة البريطانية في عهد رئيس الوزراء المسسز ثاتشر، في برنامجها تحويل الملكية العامة للدولة إلى أهلية وخاصة مفاهيم تسويقية تخدم أهداف قومية من وراء تحقيق وترويج أغراض وطنية اقتصادية، وأعطتها مُسمى من كلمة باللغة الإنجليزية، ليست واردة أصلاً في قاموس لغتهم ونقل عنه العرب ترجمات لكلمات عربية مختلفة من المحيط إلى الخليج واستقر خيارنا الخليجي على كلمة ''الخصخصة والتخصيص''.
تحويل الملكية للمشاريع الخدمية الأساسية لتقدم الاقتصاد وتفعيلة من حكومية لأهلية أو خاصة بالكامل أو مشاركة ليس القضية لنعمل منها المعضلة الاقتصادية للوطن، خاصة ومع وفرة الأموال لدى الدولة في وقتنا الحاضر والمستقبل القريب، كما وأن السير في هذا الطريق سواء مجارات مع الفكر العالمي أو امتثالا لتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد لا يلزمنا في البقاء بين قُضيبي مسارين متوازيين للملكية الحكومية والمشاركة الأهلية، لأننا لسنا قطارا متوجها في اتجاه واحد دون رشد أو فكر، بل فيه من المرونة لاستحداث مفاهيم مضافة وسياسات اقتصادية مُتحررة للسير في هذا التوجه للتخفيف من السلبيات التي نمت وترعرعت في اقتصادنا الوطني في سنوات الوفرة التي ما زلنا نحياها ''نص نص''، وأصبحنا نشتكي من وجودها في الاقتصاد أكثر من الانشداد لمواجهة معالجتها لاكتمال ''النصفين''، بدلاً من الاكتفاء في تعظيم الإيجابيات الاقتصادية والاجتماعية التي تزخر بها البلاد ضمن حقيقة ما نتمسك به من قيم وثوابت وعادات وتقاليد. مار
بلوغ الحلم الذي استنفذ مجهود وصبر ما لا يقل عن عشر سنوات في توثيق رباطنا الاقتصادي الاجتماعي وارتباطنا عالمياً، عن طريق منظمات واتفاقات عالمية قارب ليصبح حقيقة نعيشها ونحياها، وموفر وعود لمستقبل الأبناء أكثر إشراقاً، والأحفاد أكثر اطمئناناً بالعمل بإيجابياته وسلبياته، وطموحه ومصاعبه ومكاسبه وخسائره، لنصبح مثل غيرنا في نتائج الأعمال التي نتقنها في مزاحمة الغير بعلم ومعرفة وكفاءة .. إلخ .
المكاسب والفوائد المرجوة من الخطوات العراض التي نسير عليها تتعاظم كلما توسعت مدارك علمنا وفهمنا عن ''الاختراقات'' المتوقعة لاقتصادنا، ومقدار إعدادنا من المعرفة والبناء والعلم والتقانة لزيادة حرافتنا، وتأقلمنا فكرياً وذهنياً لنتعايش مع انفتاح اقتصادنا ''لما نراه في الغير'' الذي سيصبح ضيفاً حراً طليقاً في بلادنا، بحكم الاتفاقيات الجديدة، ويصبح ''الغير'' في بلادنا حُراً طليقاً - الند بالند - كما جعلنا من أنفسنا أحراراً في بلادهم. إن حوارنا مع أنفسنا عما نحن عليه ونريده لأنفسنا، وتحديات العصر الذي أمامنا دون مشاركة الغير، يجعل ما ندرسه مثل حوار ''الطرش'' في الأمور الاقتصادية الاجتماعية، واستعداداتنا وقابليتنا الفردية، منقفلة على أنفسنا وليست حاضرة أو مهيئة عالمياً، للحقبة الاجتماعية المقبلة. لا
طالما أن الاجترار أسلوباً فكرياً مقبولاً لنا، فإن فعاليات اقتصادنا تبقى ضعيفة وغير منتظمة في نواحي كثيرة من نشاط الأعمال والقرارات، ونتضرر طالما أننا منقفلين على أنفسنا ونرفض تقانة وتقنية .. إلخ الغير، ونوافق على مشاركته في اتفاقيات نوقع عليها. ناهيك عن أن كثيراً من قراراتنا مركزية هرمية القمة المؤسساتية، والتدرج لأسفلها ''خاوي''. إن من هم مرتاحين لسير الأمور الإدارية هرمياً والأحوال التنظيمية القائمة، يستحسنون تركيز تصريف الأمور بمركزية مطلقة، ويعتقدون أنهم القادرون، وخلافهم المتخلفون، وإذا انفلتت الأمور بدون تدريب، فإن الخوف من الضياع، ومع التدريب يكون ضياعهم. إنهم يرون الأمور بعيون فيها كثير من التقليل من مخاطر الوضع التزاحمي للاقتصاد الجديد المفتوح، ويروجوا اتهامات في غير موضعها.نشداد لم
المهم وضع عدد من الرؤى الاقتصادية الاجتماعية من جهات متعددة علمية وفكرية بحثية ومتفرقة داخلية وخارجية، عن مقومات القوة والضعف الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والمعرفي والتقني، وخطط النهوض بالاقتصاد على ضوء أن ''التخصص قرار استراتيجي'' وانفتاح الأسواق المحلية مع بداية العام القادم متوقع أنها تكون متطابقة مع اقتصاديات العالم، وفي الحدود التي وفرتها الاتفاقيات. هنالك ركائز كثيرة لبناء الاقتصاد وتقدمه مع الاستفادة من فرصة التخصيص، فلا بأس من تبنيها واستخدامها، لكن استخدام برامج التخصيص بذكاء وحكمة وفطنة، لقيام نشاطات الأعمال في مؤسسات كبيرة وقوية من الدولة والمؤسسات المدنية والأهلية ربما يجد أصحاب الرؤى فوائد ومبررات كبيرة لأخذها بعين الاعتبار.ص
التخصيص الذي أقدمت عليه بريطانيا لم يكن أول محاولة في العالم لتحويل ممتلكات الدولة للأفراد، ولكنها كانت أول بادرة ومحاولة لاتخاذ التخصيص وسيلة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي كانت تعصف باقتصاديات بريطانيا، ووضعت حكومة البلاد خطة لمعالجة مشكلتها الاقتصادية، وتخطي ضعفها من إيجاد وعي تنموي عن طريق تحويل الملكية، ووضع مُسمى لعملية التحويل لكلمة مستحدثة أصاغوها بعناية، وراقت لكل من سمعها بالإنجليزية وترجمها إلى لغته. لكن كثيراً ممن استحسنها، اعتبرها السحر الذي يقلب مسار الاقتصاد للأحسن عند استعمالها، دون أنْ يعي القيمة المضافة من العملية التنموية التسويقية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي، المستهدف أنْ يعطي فوائد ومكاسب مضافة للاقتصاد الوطني من الأموال المدفوعة للدولة مقابل تحويل ملكيات عامة لمؤسسات أهلية وخاصة.
''اللعبة'' الاقتصادية الاجتماعية المثلى للدولة عند تحويل الملكية العامة إلى خاصة، تكمن في أنْ تكون قيمة الأجزاء ''المتفرقة'' المعروضة، للاقتصاد الوطني تحت البرنامج الاقتصادي الاجتماعي ''للتخصيص'' أكبر وأكثر من القيمة المقدرة لإجمالي البرنامج بأكمله، وبذلك لا يبقى إلا القليل ''للعبة الأسهم'' ويتصحح سوقها مع توافر الشفافية المؤسساتية. والله أعلم
وهيب سعيد بن زقر
http://www.aleqt.com/SiteImages/RayAuthors/83.jpg
موضوع ''بين التخصيص الصحي'' و''لعبة الأسهم'' في الحياة تاريخ 4/10/2005 بقلم معالي الدكتور علي بن طلال الجهني شيق ومفيد، ويوضح جدارة الفكر المحاور عن محازير مخططات تكتيكية، ربما تُفرغ فوائد مرتقبة من إعادة هيكليات الملكية الحكومية، ويشرح ''لعبة الأسهم'' دولياً، ليتخذ منها عظة عند التخصيص محلياً موضحاً الخطوات الرسمية لمسار ''النقلة العملية''، وغير خاف عليه صعوبة ''تخصيص معظم مشاريع تحلية المياه المالحة ومعظم مشاريع إنشاء الطرق ومعظم مشاريع توليد الكهرباء، برسملتها ومن ثم طرح أسهمها للتداول على أسس اقتصادية صحيحة''، مضيفاً قوله ''إن السبب بسيط، إذ كيف يوافقون على تخصيص مشاريع أو قطاعات، إما أنْ يَضُر تخصيصها غالبية المواطنين إذا بيعت أسعار الخدمات المقدمة بالأسعار التي يريدها المؤسسون أو يكون مصيرها الإفلاس على المدى الطويل، بعد أنْ يتمكن المؤسسون من بيع الأسهم والخروج من ''ملكية الشركات'' التي ستبني وتشغل وتصون''.
وقفتي لفكر معاليه وإشارتي لمقالة الدكتور نابعة من المحبة التي نتبادلها في الكتمان، والصداقة الراسخة من قديم الزمان، وأهمية المواضيع العلمية الجدلية المثارة، ومدفوع بيقيني أن سوق الأسهم السعودية وليس العالمية من الأمور الحساسة لنا، إضافة إلى أن الرعيل الثالث من متداوليها المواطنين، لا ''يعرفون كوعهم من بوعهم''، في هذه الغابة المظلمة، المحفوفة بالمخاطر، تتطلب الأحداث معالجة أمورها بعلم ومعرفة توفر الشفافية من المؤسسات المالية والمدنية والإعلامية، خدمة للاقتصاد ودعماً لهيئة سوق المال، التي لابد أنها غارقة ''لشوشتها'' في مواجهة كثير من الشوشرات والمغالطات والتحديات والمعطيات، التي ربما لا تجد هيئة سوق المال الوسائل والمبررات للإفصاح عنها، وتفتقد توافر مرونة تبادل المعلومات لتحقيق أكبر قدر من العلم والمعرفة والشفافية لوقف الإشاعات، واستعراض العضلات، وتحقيق الأمان لمثل هذه الأمور. وقد ألمح الدكتور الجهني وأنذر لمن تسول له نفسه التقليل من جدية مهمة حسن إدارة التحويل من الملكية العامة لمساهمات خاصة ''على عكس ما قد يتوهمه من يجهلون أو لهم هدف في تجاهل خطوات اتخاذ القرار في السعودية''.
معالي الدكتور أخبر مني في أمور كثيرة وخاصة الأمور الاقتصادية المحلية التطبيقية، ما ظهر منها وما بطن، وحديثه ليس من فراغ، ولابد أنه متتبع لأوضاع وأحوال ظاهرة له وخافية عنا، ويعرفها بحكم قربه من منابع المعلومة وخبرته بهذه الأمور، خاصة وأن ''التخصيص قرار استراتيجي''، ومعاليه ممارس بدايات تجربة تخصيص الهاتف السعودي الناجحة، ونجاحاتها فتحت الأبواب لمشاركات جديدة ومتجددة، وواضح منها زيادة الأرباح للمؤسسين وانخفاض الرسوم والتكاليف للمستهلكين ، وتحسين الخدمات وتعددها . أما فيما يتعلق بالمياه، على سبيل المثال لا الحصر، فإن عائد الاستثمار على خفض فاقد المياه قد يعطي زيادة في الربح للمؤسسين ووفرة مياه بأسعار متدنية للمستهلكين. ررات
الهاجس الذي يُزعج الدكتور خاف علينا، لكن لابد أنه مهم ومن حقه أنْ يستخدم صفارة الخطر خشية من تفاقم المخاطر في الجانب الذي اختاره وحدد أنه ''ينحصر في طرح الأسهم'' دون أنْ يغفل أن ''هناك أنواعا أخرى من التخصيص الصحي المفيد عموماً، ويمكن تطبيقها في مشاريع توليد الكهرباء، وتحلية المياه المالحة ومشاريع الطرق والموانئ والسكك الحديدية، غير ''الرسملة''، وطرح الأسهم للاكتتاب العام ولكن تلك قضية أخرى''.مؤ
وما أُغفل في النقاش الفكري المكتوب في ''الحياة'' يوم 4/10/2005، توضيح عما إذا التخصيص أصبح أهم العوامل والأدوات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية، من الجانب الاقتصادي، أم أن التخصيص في سلامة طرحه وبراعة تنفيذه مهم في حد ذاته للاقتصاد الوطني، لأن ملكية الدولة أي دولة في المنظور الاقتصاد الكلاسيكي مقننة في المجالات المرتبطة بإدارتها وتأمين معيشة شعبها ورفاهيته وزيادة إنتاجهم وعمالتهم وتصغر وتكبر مداخلات الملكية للدولة وفقاً للظروف والاحتياجات والإمكانيات والمعاناة والتحديات والتي ظهرت لحكومات الدول الغربية المنتصرة، كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية، في صورة أعباء مالية حكومية ثقيلة من المنشآت والنشاطات الاقتصادية لملكيات قطارات السكك الحديدية والطيران والمطارات والنقل البري بأنواعه المختلفة والموانئ ..الخ، ولقيامها وإدارتها وصيانتها واستمرارية تحمل مسؤولياتها، وأعباء مالية لمشاريع استثماراتها عالية وإدارتها مكلفة وتزيد من الدين العام دون أن توفر قدرة الاستثمار لتحسين خدماتها وتطويرها، وفكرها لا يوفر عائدا مجزيا، مما دفع كثيراً من الدول الصناعية الغربية إلى مواجهة شكل الملكية الحكومية الخدمية ليس فقط من منظور تخفيض ملكية الدولة في الخدمات العامة بل حتى النشاطات الخدمية المهمة لاقتصاد البلاد، وكذلك الاستفادة من تحويل ملكيتها وتجير مسؤولياتها الخدمية مع بقاء فوائد الخدمات لتحقيق مكاسب مالية وقومية إضافية نتيجة أساليب اقتصادية، تختارها كل دولة وفقاً لفلسفتها وتطلعاتها .
وبداية هذه الأساليب ما أسبغت الحكومة البريطانية في عهد رئيس الوزراء المسسز ثاتشر، في برنامجها تحويل الملكية العامة للدولة إلى أهلية وخاصة مفاهيم تسويقية تخدم أهداف قومية من وراء تحقيق وترويج أغراض وطنية اقتصادية، وأعطتها مُسمى من كلمة باللغة الإنجليزية، ليست واردة أصلاً في قاموس لغتهم ونقل عنه العرب ترجمات لكلمات عربية مختلفة من المحيط إلى الخليج واستقر خيارنا الخليجي على كلمة ''الخصخصة والتخصيص''.
تحويل الملكية للمشاريع الخدمية الأساسية لتقدم الاقتصاد وتفعيلة من حكومية لأهلية أو خاصة بالكامل أو مشاركة ليس القضية لنعمل منها المعضلة الاقتصادية للوطن، خاصة ومع وفرة الأموال لدى الدولة في وقتنا الحاضر والمستقبل القريب، كما وأن السير في هذا الطريق سواء مجارات مع الفكر العالمي أو امتثالا لتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد لا يلزمنا في البقاء بين قُضيبي مسارين متوازيين للملكية الحكومية والمشاركة الأهلية، لأننا لسنا قطارا متوجها في اتجاه واحد دون رشد أو فكر، بل فيه من المرونة لاستحداث مفاهيم مضافة وسياسات اقتصادية مُتحررة للسير في هذا التوجه للتخفيف من السلبيات التي نمت وترعرعت في اقتصادنا الوطني في سنوات الوفرة التي ما زلنا نحياها ''نص نص''، وأصبحنا نشتكي من وجودها في الاقتصاد أكثر من الانشداد لمواجهة معالجتها لاكتمال ''النصفين''، بدلاً من الاكتفاء في تعظيم الإيجابيات الاقتصادية والاجتماعية التي تزخر بها البلاد ضمن حقيقة ما نتمسك به من قيم وثوابت وعادات وتقاليد. مار
بلوغ الحلم الذي استنفذ مجهود وصبر ما لا يقل عن عشر سنوات في توثيق رباطنا الاقتصادي الاجتماعي وارتباطنا عالمياً، عن طريق منظمات واتفاقات عالمية قارب ليصبح حقيقة نعيشها ونحياها، وموفر وعود لمستقبل الأبناء أكثر إشراقاً، والأحفاد أكثر اطمئناناً بالعمل بإيجابياته وسلبياته، وطموحه ومصاعبه ومكاسبه وخسائره، لنصبح مثل غيرنا في نتائج الأعمال التي نتقنها في مزاحمة الغير بعلم ومعرفة وكفاءة .. إلخ .
المكاسب والفوائد المرجوة من الخطوات العراض التي نسير عليها تتعاظم كلما توسعت مدارك علمنا وفهمنا عن ''الاختراقات'' المتوقعة لاقتصادنا، ومقدار إعدادنا من المعرفة والبناء والعلم والتقانة لزيادة حرافتنا، وتأقلمنا فكرياً وذهنياً لنتعايش مع انفتاح اقتصادنا ''لما نراه في الغير'' الذي سيصبح ضيفاً حراً طليقاً في بلادنا، بحكم الاتفاقيات الجديدة، ويصبح ''الغير'' في بلادنا حُراً طليقاً - الند بالند - كما جعلنا من أنفسنا أحراراً في بلادهم. إن حوارنا مع أنفسنا عما نحن عليه ونريده لأنفسنا، وتحديات العصر الذي أمامنا دون مشاركة الغير، يجعل ما ندرسه مثل حوار ''الطرش'' في الأمور الاقتصادية الاجتماعية، واستعداداتنا وقابليتنا الفردية، منقفلة على أنفسنا وليست حاضرة أو مهيئة عالمياً، للحقبة الاجتماعية المقبلة. لا
طالما أن الاجترار أسلوباً فكرياً مقبولاً لنا، فإن فعاليات اقتصادنا تبقى ضعيفة وغير منتظمة في نواحي كثيرة من نشاط الأعمال والقرارات، ونتضرر طالما أننا منقفلين على أنفسنا ونرفض تقانة وتقنية .. إلخ الغير، ونوافق على مشاركته في اتفاقيات نوقع عليها. ناهيك عن أن كثيراً من قراراتنا مركزية هرمية القمة المؤسساتية، والتدرج لأسفلها ''خاوي''. إن من هم مرتاحين لسير الأمور الإدارية هرمياً والأحوال التنظيمية القائمة، يستحسنون تركيز تصريف الأمور بمركزية مطلقة، ويعتقدون أنهم القادرون، وخلافهم المتخلفون، وإذا انفلتت الأمور بدون تدريب، فإن الخوف من الضياع، ومع التدريب يكون ضياعهم. إنهم يرون الأمور بعيون فيها كثير من التقليل من مخاطر الوضع التزاحمي للاقتصاد الجديد المفتوح، ويروجوا اتهامات في غير موضعها.نشداد لم
المهم وضع عدد من الرؤى الاقتصادية الاجتماعية من جهات متعددة علمية وفكرية بحثية ومتفرقة داخلية وخارجية، عن مقومات القوة والضعف الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والمعرفي والتقني، وخطط النهوض بالاقتصاد على ضوء أن ''التخصص قرار استراتيجي'' وانفتاح الأسواق المحلية مع بداية العام القادم متوقع أنها تكون متطابقة مع اقتصاديات العالم، وفي الحدود التي وفرتها الاتفاقيات. هنالك ركائز كثيرة لبناء الاقتصاد وتقدمه مع الاستفادة من فرصة التخصيص، فلا بأس من تبنيها واستخدامها، لكن استخدام برامج التخصيص بذكاء وحكمة وفطنة، لقيام نشاطات الأعمال في مؤسسات كبيرة وقوية من الدولة والمؤسسات المدنية والأهلية ربما يجد أصحاب الرؤى فوائد ومبررات كبيرة لأخذها بعين الاعتبار.ص
التخصيص الذي أقدمت عليه بريطانيا لم يكن أول محاولة في العالم لتحويل ممتلكات الدولة للأفراد، ولكنها كانت أول بادرة ومحاولة لاتخاذ التخصيص وسيلة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي كانت تعصف باقتصاديات بريطانيا، ووضعت حكومة البلاد خطة لمعالجة مشكلتها الاقتصادية، وتخطي ضعفها من إيجاد وعي تنموي عن طريق تحويل الملكية، ووضع مُسمى لعملية التحويل لكلمة مستحدثة أصاغوها بعناية، وراقت لكل من سمعها بالإنجليزية وترجمها إلى لغته. لكن كثيراً ممن استحسنها، اعتبرها السحر الذي يقلب مسار الاقتصاد للأحسن عند استعمالها، دون أنْ يعي القيمة المضافة من العملية التنموية التسويقية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي، المستهدف أنْ يعطي فوائد ومكاسب مضافة للاقتصاد الوطني من الأموال المدفوعة للدولة مقابل تحويل ملكيات عامة لمؤسسات أهلية وخاصة.
''اللعبة'' الاقتصادية الاجتماعية المثلى للدولة عند تحويل الملكية العامة إلى خاصة، تكمن في أنْ تكون قيمة الأجزاء ''المتفرقة'' المعروضة، للاقتصاد الوطني تحت البرنامج الاقتصادي الاجتماعي ''للتخصيص'' أكبر وأكثر من القيمة المقدرة لإجمالي البرنامج بأكمله، وبذلك لا يبقى إلا القليل ''للعبة الأسهم'' ويتصحح سوقها مع توافر الشفافية المؤسساتية. والله أعلم