صقر الجنوب
17/01/2006, 11:50 AM
جوخة الحارثي:
لا أومن بشروط النقاد في النص القصصي
http://www.aleqt.com/nwspic/9125.jpg
حوار: عبد الله زايد - - 17/12/1426هـ
ترى القاصة والروائية العمانية، جوخة الحارثي، أن المرأة الخليجية حققت حضورا لافتا على الساحة الأدبية، كما أنها تؤكد أن هناك غزارة في الإنتاج الروائي، ولا تعتبر هذا التوجه ظاهرة سرعان ما تختفي، وتقول: في حوارها مع "الاقتصادية" إنها لا تؤمن بالقيود والشروط التي يضعها بعض النقاد على النص القصصي.. فإلى نص الحوار:
قطعت المرأة الخليجية شوطا في مسيرتها الأدبية، كيف تقيمين هذه المسيرة؟
لا أزعم أني قد قرأت كل المنجز الأدبي للمرأة الخليجية عبر مسيرتها, فهذا المنجز ـ كما ترى ـ يشمل الفنون الأدبية كافة من شعر وقصة ورواية وغيرها مع كل ما ينطوي تحت هذه الأنواع من أشكال مختلفة ومتجددة, ولكني أستطيع القول- من خلال ما أتابعه- إن المرأة الخليجية قد حققت حضورا لافتا على الساحة الأدبية, واستطاعت بعض الأسماء أن تثبت نفسها بتفرد الإبداع وعمقه بغض النظر عن الغزارة الكمية, وهذا ما نعتز به في الحقيقة مع ملاحظة أن بعض الإنجازات تبدأ قوية ثم تخبو. ولعل هناك أسبابا خاصة لمثل هذه الظاهرة وإن كنت أعتقد أن المبدع الحقيقي ينزع دوما نحو التجدد والعمق. في بعض ما أقرأ للمرأة الخليجية لا تعجبني نبرة تكريس عقدة اضطهاد المرأة وقمعها, وبعض المغالطات في مفاهيم الحرية والمساواة.
صدرت لك رواية بعنوان: منامات، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2004، فما الذي حاولت قوله من خلال هذا المنجز؟
رواية منامات كانت شكلا من أشكال المغامرة في الكتابة, فبناؤها غير التقليدي والتشظي الزمني بداخلها واتكاؤها على لغة خاصة تميل للصوفية صنع منها عملا خاصا بالنسبة لي وربما غير مألوف بالنسبة لبعض القراء. رواية منامات تحاول أن تقرأ شيئا من الواقع العماني خاصة عبر رؤية فتاة تمر بتحولات نفسية, تختبر الحب كما تختبر الكراهية وتشتبك مع الشخصيات الأخرى بعلاقات جدلية, لا أريد أن أصادر رأي القارئ بتحديد ما أردت قوله ولكن الرواية ـ على ما آمل ـ تفتح نافذة للتأمل في مشاعر النفس الإنسانية وتحولات المجتمع وتفاعل البشر مع هذه التحولات. لعل الرواية تقول شيئا عن واقع المرأة خاصة وأحلامها بطريقة لا تسقط في فخ التسطيح والمباشرة والصوت العالي للحركات النسوية.
يلاحظ أن هناك اهتماما متزايدا بكتابة "الرواية" وغزارة في الإنتاج الروائي، هل هي ظاهرة من الظواهر الأدبية التي سرعان ما تختفي؟ وما الأسباب من وجهة نظرك في مثل تنامي هذا الاهتمام؟
أنا أتفق معك تماما أن هناك اهتماما متزايدا بكتابة الرواية وغزارة في الإنتاج الروائي ولكني لا أظن أنها مجرد ظاهرة وقتية سرعان ما تختفي, بل على العكس أظن أن الأيام المقبلة تعدنا بالمزيد والجديد في هذا الفن..أما الأسباب فمتنوعة وقد تختلف من تقدير متابع لآخر, ولكن من وجهة نظري أن طبيعة الرواية نفسها تشجع على الإقبال عليها: كتابة وقراءة, فهي تمتلك طبيعة مرنة وقدرة مدهشة على الاستيعاب شكلا ومضمونا, فلا عجب أن يجد كثير من الكتاب والقراء أنفسهم في الرواية.
إن الرواية ـ مهما كان توجهها وأسلوب كتابتها ـ تقول لنا الكثير عن أنفسنا وواقعنا وتاريخنا, وربما عن مستقبلنا أيضا بدون مبالغة. لكن هذا لا يعني أنها تقدم لنا مجرد انعكاس فج أو مرآة عادية بل تصنع لنا عالما موازيا لعالمنا مشتبك معه بعلاقة جدلية مثيرة.
كتبت في مجال القصة القصيرة، وصدرت لك عام 1999م مجموعة قصصية بعنوان "مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل" يرى البعض أن هناك شروطا ومتطلبات لا بد من توافرها في النص القصصي حتى يصح تسميته قصة قصيرة، فهل تعتقدين أن مثل هذه الضوابط والاشتراطات تخدم تطور وتحديث هذا الإنتاج الإنساني، وتساعده على الانتشار؟
نعم, كتبت القصة القصيرة وما زلت أستمتع بكتابتها, ولي غير المجموعة التي تفضلت بذكرها مجموعة أخرى بعنوان "ماء غير آسن" لم تنشر بعد, وكتابة القصة القصيرة تكبد كاتبها معاناة لا يتوقعها القارئ العادي, فصغر حجمها يفرض التكثيف على الكاتب, ويجبره على اختزال زخم الموقف في ومضات زمنية خاطفة, ولا شك أن لبعض النقاد شروطهم في النص القصصي ولكني لا أؤمن بمثل هذه القيود في الفن, فهو بطبيعته ينزع إلى التحرر والتجريب والمغامرة, ووضع الاشتراطات لن يكون طريقا للتطور, لكن من جهة أخرى إن أردت أن أطلق على نصي صفة القصة القصيرة فلا بد أن يشتمل هذا النص على حدث أو محور سردي مهما كانت طريقة روايته أو التعامل معه فالمهم أن يكون موجودا وإلا دخلت القصة في مجال الخواطر. وهكذا ترى أن رأيي في تحديد القصة لا يتقيد بالأسلوب أو الغاية وإنما يتقيد بالحدث, فليكن حدثا بسيطا أو مركبا, نهايته مفتوحة أو مغلقة, لغته شعرية أو مباشرة, يعتمد الحوار أو يخلو منه.. كل هذه مساحات حرية للكاتب بوسعه التحرك فيها كما يشاء مادام يقدم لي في النهاية نصا يمتعني كقصة.
هل أنت راضية عما تقدمه المؤسسات والمراكز الثقافية الخليجية الحكومية من دعم للمؤلف والكاتب الخليجي؟
من الواضح أن بعض هذه المؤسسات تبذل جهدا حقيقيا في دعم المؤلف الخليجي, ويتجلى ذلك في الاهتمام بالأنشطة الثقافية على تنوعها وبتسهيل النشر للكاتب والتعريف به عربيا وعالميا. ولكن يبدو لي أن مؤسسات أخرى تحمل اسم الثقافة وقد تخلت عن تبعاتها مما يؤدي إلى حالة من التوتر بين المثقف ومثل هذه المؤسسات.
لا أومن بشروط النقاد في النص القصصي
http://www.aleqt.com/nwspic/9125.jpg
حوار: عبد الله زايد - - 17/12/1426هـ
ترى القاصة والروائية العمانية، جوخة الحارثي، أن المرأة الخليجية حققت حضورا لافتا على الساحة الأدبية، كما أنها تؤكد أن هناك غزارة في الإنتاج الروائي، ولا تعتبر هذا التوجه ظاهرة سرعان ما تختفي، وتقول: في حوارها مع "الاقتصادية" إنها لا تؤمن بالقيود والشروط التي يضعها بعض النقاد على النص القصصي.. فإلى نص الحوار:
قطعت المرأة الخليجية شوطا في مسيرتها الأدبية، كيف تقيمين هذه المسيرة؟
لا أزعم أني قد قرأت كل المنجز الأدبي للمرأة الخليجية عبر مسيرتها, فهذا المنجز ـ كما ترى ـ يشمل الفنون الأدبية كافة من شعر وقصة ورواية وغيرها مع كل ما ينطوي تحت هذه الأنواع من أشكال مختلفة ومتجددة, ولكني أستطيع القول- من خلال ما أتابعه- إن المرأة الخليجية قد حققت حضورا لافتا على الساحة الأدبية, واستطاعت بعض الأسماء أن تثبت نفسها بتفرد الإبداع وعمقه بغض النظر عن الغزارة الكمية, وهذا ما نعتز به في الحقيقة مع ملاحظة أن بعض الإنجازات تبدأ قوية ثم تخبو. ولعل هناك أسبابا خاصة لمثل هذه الظاهرة وإن كنت أعتقد أن المبدع الحقيقي ينزع دوما نحو التجدد والعمق. في بعض ما أقرأ للمرأة الخليجية لا تعجبني نبرة تكريس عقدة اضطهاد المرأة وقمعها, وبعض المغالطات في مفاهيم الحرية والمساواة.
صدرت لك رواية بعنوان: منامات، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2004، فما الذي حاولت قوله من خلال هذا المنجز؟
رواية منامات كانت شكلا من أشكال المغامرة في الكتابة, فبناؤها غير التقليدي والتشظي الزمني بداخلها واتكاؤها على لغة خاصة تميل للصوفية صنع منها عملا خاصا بالنسبة لي وربما غير مألوف بالنسبة لبعض القراء. رواية منامات تحاول أن تقرأ شيئا من الواقع العماني خاصة عبر رؤية فتاة تمر بتحولات نفسية, تختبر الحب كما تختبر الكراهية وتشتبك مع الشخصيات الأخرى بعلاقات جدلية, لا أريد أن أصادر رأي القارئ بتحديد ما أردت قوله ولكن الرواية ـ على ما آمل ـ تفتح نافذة للتأمل في مشاعر النفس الإنسانية وتحولات المجتمع وتفاعل البشر مع هذه التحولات. لعل الرواية تقول شيئا عن واقع المرأة خاصة وأحلامها بطريقة لا تسقط في فخ التسطيح والمباشرة والصوت العالي للحركات النسوية.
يلاحظ أن هناك اهتماما متزايدا بكتابة "الرواية" وغزارة في الإنتاج الروائي، هل هي ظاهرة من الظواهر الأدبية التي سرعان ما تختفي؟ وما الأسباب من وجهة نظرك في مثل تنامي هذا الاهتمام؟
أنا أتفق معك تماما أن هناك اهتماما متزايدا بكتابة الرواية وغزارة في الإنتاج الروائي ولكني لا أظن أنها مجرد ظاهرة وقتية سرعان ما تختفي, بل على العكس أظن أن الأيام المقبلة تعدنا بالمزيد والجديد في هذا الفن..أما الأسباب فمتنوعة وقد تختلف من تقدير متابع لآخر, ولكن من وجهة نظري أن طبيعة الرواية نفسها تشجع على الإقبال عليها: كتابة وقراءة, فهي تمتلك طبيعة مرنة وقدرة مدهشة على الاستيعاب شكلا ومضمونا, فلا عجب أن يجد كثير من الكتاب والقراء أنفسهم في الرواية.
إن الرواية ـ مهما كان توجهها وأسلوب كتابتها ـ تقول لنا الكثير عن أنفسنا وواقعنا وتاريخنا, وربما عن مستقبلنا أيضا بدون مبالغة. لكن هذا لا يعني أنها تقدم لنا مجرد انعكاس فج أو مرآة عادية بل تصنع لنا عالما موازيا لعالمنا مشتبك معه بعلاقة جدلية مثيرة.
كتبت في مجال القصة القصيرة، وصدرت لك عام 1999م مجموعة قصصية بعنوان "مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل" يرى البعض أن هناك شروطا ومتطلبات لا بد من توافرها في النص القصصي حتى يصح تسميته قصة قصيرة، فهل تعتقدين أن مثل هذه الضوابط والاشتراطات تخدم تطور وتحديث هذا الإنتاج الإنساني، وتساعده على الانتشار؟
نعم, كتبت القصة القصيرة وما زلت أستمتع بكتابتها, ولي غير المجموعة التي تفضلت بذكرها مجموعة أخرى بعنوان "ماء غير آسن" لم تنشر بعد, وكتابة القصة القصيرة تكبد كاتبها معاناة لا يتوقعها القارئ العادي, فصغر حجمها يفرض التكثيف على الكاتب, ويجبره على اختزال زخم الموقف في ومضات زمنية خاطفة, ولا شك أن لبعض النقاد شروطهم في النص القصصي ولكني لا أؤمن بمثل هذه القيود في الفن, فهو بطبيعته ينزع إلى التحرر والتجريب والمغامرة, ووضع الاشتراطات لن يكون طريقا للتطور, لكن من جهة أخرى إن أردت أن أطلق على نصي صفة القصة القصيرة فلا بد أن يشتمل هذا النص على حدث أو محور سردي مهما كانت طريقة روايته أو التعامل معه فالمهم أن يكون موجودا وإلا دخلت القصة في مجال الخواطر. وهكذا ترى أن رأيي في تحديد القصة لا يتقيد بالأسلوب أو الغاية وإنما يتقيد بالحدث, فليكن حدثا بسيطا أو مركبا, نهايته مفتوحة أو مغلقة, لغته شعرية أو مباشرة, يعتمد الحوار أو يخلو منه.. كل هذه مساحات حرية للكاتب بوسعه التحرك فيها كما يشاء مادام يقدم لي في النهاية نصا يمتعني كقصة.
هل أنت راضية عما تقدمه المؤسسات والمراكز الثقافية الخليجية الحكومية من دعم للمؤلف والكاتب الخليجي؟
من الواضح أن بعض هذه المؤسسات تبذل جهدا حقيقيا في دعم المؤلف الخليجي, ويتجلى ذلك في الاهتمام بالأنشطة الثقافية على تنوعها وبتسهيل النشر للكاتب والتعريف به عربيا وعالميا. ولكن يبدو لي أن مؤسسات أخرى تحمل اسم الثقافة وقد تخلت عن تبعاتها مما يؤدي إلى حالة من التوتر بين المثقف ومثل هذه المؤسسات.