تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الملك في الصين.. منعطف جديد ونوعي في علاقة الرياض وبكين


صقر الجنوب
22/01/2006, 11:13 AM
الملك في الصين.. منعطف جديد ونوعي في علاقة الرياض وبكين
http://www.aleqt.com/nwspic/9750.jpg




"الاقتصادية" - الرياض - بكين - 22/12/1426هـ
تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الصين وعلاقات البلدين تقارب إكمال عقدين من الزمان، الأمر الذي يضعها في إطار نقلة نوعية ومؤسسية يتوقع أن تسهم فيها هذه الزيارة، وهي المرة الأولى التي تستقبل فيها الصين ملكا سعوديا. فعام 1988 سجل مفصلا في السياسة الدولية مع الانعطافة التي نجمت عن الصفقة التي زودت بموجبها الصين السعودية بصواريخ ومنصات إطلاقها التسع، وهي الصفقة التي فاجأت القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي حاولت التدخل عبر سفيرها وقتها هيوم هوران للاستفسار عن أبعاد هذه الصفقة، وهو ما لم ترتح له الرياض واعتبار الاستفسار تدخلا في شؤونها الداخلية وكان أن طلبت الرياض استبداله، وهو ما حدث.

هذه البداية العسكرية أفسحت المجال أمام توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين مهدت الطريق أمام قيام علاقات دبلوماسية مكتملة، أعطت العلاقات الثنائية بعدا تجاوز ما كان قاصرا على مجموعة الحجاج الصينيين، الذين كانوا يتوافدون إلى السعودية لأداء شعائر الحج منذ عام 1955، وتجاوز عددهم العشرة آلاف أخيرا. فتتالت المعارض التجارية بين البلدين ويقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين بنحو 14 مليار دولار، وسجل في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي زيادة بنسبة 59 في المائة عما كان عليه قبل عام. وفتح وزير الخارجية وقتها كيان كيشين باب الزيارات الرسمية بقيامه بزيارتين رسميتين للرياض عام 1990، أعقبه وزير الدفاع تشي هاوشيان عام 1996، ثم الرئيس الصيني نفسه جيان زيمين بعد ذلك بثلاث سنوات. أما من الجانب السعودي، فإن أبرز الزوار ولي العهد وقتها الأمير عبد الله بن العزيز الذي زار بكين عام 1998، وعليه فهذه زيارته الثانية للصين، وكذلك النائب الثاني وقتها الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والطيران. أما وزير النفط والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي فيبلغ عدد المرات التي زار فيها الصين ستا خلال العامين الماضيين فقط، الأمر الذي يشير إلى أهمية عنصر الطاقة في علاقات البلدين.

فالصين التي تحولت إلى مستورد للنفط منذ 1993 وحلت محل اليابان كثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة قبل ثلاثة أعوام، بدأت تشعر بالضغوط التي تفرضها عليها أوضاعها الاقتصادية من خلال النمو المتصاعد والحاجة الماسة إلى توفير الطاقة ومن مصادر مضمونة. ووفقا لأرقام صينية، فإن نمو الطلب على النفط أصبح يشكل عبئا على جانب توفير الإمدادات. وتشير هذه الأرقام إلى أنه في الفترة بين عامي 1993 - 2003 حقق الاستهلاك الصيني من النفط نسبة نمو بلغت 5.11 في المائة، وذلك مقابل متوسط نمو عالمي في حدود 1.37 في المائة، وفي خلال الفترة نفسها كان معدل الإمدادات يقل عن 1 في المائة.

الملمح الثاني لخريطة الطاقة الصينية يتمثل في اعتمادها المتزايد على النفط المستورد، إذ قفزت نسبة الاعتماد هذه من 7.6 في المائة عام 1995 إلى 34.5 في المائة قبل عامين. وفي عام 2004 ارتفع حجم الاستهلاك النفطي إلى ما يزيد على 300 مليون طن، منها 120 مليونا مستوردة، الأمر الذي يجعل النفط المستورد يشكل ما نسبته 40 في المائة بالنسبة لإجمالي الاستهلاك. ويتجاوز معدل النمو هذا ما كان متوقعا. فالتقدير أن الاستهلاك النفطي سيصل بحلول عام 2020 إلى نحو 500 مليون طن، يشكل المستورد منه نحو 60 في المائة، لكن التوقعات الأخيرة تضع حجم الاستهلاك في حدود 400 مليون طن العام المقبل ترتفع إلى 500 مليون بنهاية العقد الأول من هذا القرن، وإذا استقر الإنتاج المحلي عند 200 مليون طن، فإن اللجوء إلى النفط المستورد سيتضاعف ويتجاوز نسبة 60 في المائة. وعليه ففي عام 2010، وليس بعد ذلك بعشر سنوات يتوقع أن يرتفع حجم الفجوة في الإمدادات النفطية إلى 300 مليون طن، وهو ما يتطلب عدة قرارات على مستوى ترشيد الاستهلاك وتوفير الإمدادات وضمانتها، الأمر الذي يتطلب علاقات خارجية نشطة.


وخلال العقد الماضي سعت الصين إلى استكشاف إمكانية التحول إلى روسيا والمناطق المنتجة من آسيا الوسطى وجمهوريات بحر قزوين، لكن المراقبة الدقيقة للأوضاع والممارسة الفعلية خلال السنوات الماضية، أوضحت لبكين وبجلاء أن هذه المناطق، ورغم قربها الجغرافي، إلا أنها ستكون في أفضل الأحوال إضافة وليست بديلا لما يمكن أن تقدمه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسة أولها أن حجم الاحتياطيات في تلك المناطق خاصة روسيا ليس كبيرا، بل يبدو مرشحا للتراجع ابتداء من عام 2010، ثانيا تبدو البنية الأساسية من خطوط أنابيب ومرافق تحميل إلى جانب إدارة الحقول ضعيفة وتحتاج إلى تحديث شامل، الأمر الذي يحتاج إلى وقت واستثمارات وحتى حدوث هذا يظل ضعف البنية الأساسية قيدا على التوسع في الإنتاج، وهناك العامل الثالث الذي يجعل من روسيا مثلا قوة في مجال الغاز أكثر منها قوة نفطية. وفي الحالين فإن السياسات التي يتبعها الرئيس فلاديمير بوتين وإطلاقه لتيارات الوطنية الروسية واستخدامها لمواردها من النفط والغاز دعما لمواقفها وسياساتها تثير الكثير من علامات الاستفهام وعدم الارتياح بين متلقي الإمدادات الروسية ومن بينهم الصين. وما حدث أخيرا في ميدان الغاز من قبل شركة غازبروم مع زبائنها من دول الاتحاد الأوروبي دليل على هذا، إذ أثار علامات استفهام عن مدى وجدوى الاعتماد على روسيا مصدرا مضمونا لإمدادات النفط والغاز. بل ويضيف البعض أنه حتى مع افتراض حسم هذه القضايا، إلا أن ما يمكن ان تقدمه السوق الروسية لن يزيد على 100 مليون طن في غضون خمس إلى عشر سنوات، الأمر الذي سيجعل نسبة كبيرة لا تقل عن 70 في المائة لا بد من تأمينها من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهنا تلعب السعودية دورا رئيسا بصفتها صاحبة أكبر مخزون من الاحتياطيات النفطية المؤكدة إلى جانب الطاقة الإنتاجية العالية وموثوقية قدرتها كمصدر مأمون للإمدادات.

الصين من جانبها تمثل سوقا واعدة خاصة وهي تتميز باقتصاد كبير ينمو باستمرار، كما أنها أقل تأثرا بالممارسات الغربية فيما يتعلق بترشيد الاستهلاك، والاهتمامات البيئية، وفوق هذا فإن وضع الضرائب فيها لا يقارن إطلاقا بما هو سائد في الدول الغربية، حيث تحصل الحكومات على عائدات ضريبية من مبيعات النفط تتجاوز بمراحل ما تحصل عليه الدول المنتجة نفسها.

وخلال زيارة الرئيس زيمين إلى الرياض قبل ست سنوات تم التوصل إلى اتفاق يفتح الباب أمام الاستثمارات السعودية لولوج قطاع العمليات النهائية خاصة في قطاع التكرير، وكذلك السماح لبعض الشركات الصينية بالمنافسة في إطار مبادرة الغاز الطبيعي. ونتج عن هذا الاتفاق دخول أرامكو السعودية في شراكة مع شركة صينوبيك في مشروع لإقامة مصفاة في كنغداو في محافظة شاندونج مع "إكسون موبيل" وهو المشروع الذي يكلف 3.5 مليار دولار والإسهام في توسعة مجمع البتروكيماويات في محافظة فوجيان. وفي عام 2004 حصلت صينوبيك على عقد لتطوير مشروع للغاز الطبيعي في منطقة الربع الخالي، الأمر الذي يعزز من المصالح المشتركة ويضع أرضية لانطلاقة أخرى.
ومع الأخذ في الاعتبار أوضاع الصناعة النفطية العالمية واحتمالات توجهها المستقبلية، فإن الإمدادات التي ستصل إلى الصين وبنسب تتراوح بين 70 - 80 في المائة يتوقع لها أن تأتي من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

المحترف
23/01/2006, 10:53 AM
الله يعطيه الصحة والعافية وطيلة العمر إن شاء الله تعالى .