صقر الجنوب
23/01/2006, 12:23 PM
يلزم تعديل نظام الكفيل لتنجح السعودةhttp://www.aleqt.com/admpic/9.jpg
د. عبد الرحمن محمد السلطان - أكاديمي وكاتب أقتصادي 23/12/1426هـ
أن نظام الكفيل بوضعه الحالي يلعب دورا مهما في تضييق فرص العمل أمام العمالة السعودية من خلال إجبار العمالة الأجنبية على القبول بأجور متدنية توسع الهوة بين مستوى الأجر الذي يقبل به العامل السعودي.
في ورقة قدمت في منتدى الرياض الاقتصادي حول واقع ومستقبل القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص السعودي تم استعراض استبيان حول معوقات حصول المواطنين على وظائف في القطاع الخاص أظهر أن تدني أجور العمالة الوافدة أهم معوق للسعودة من وجهة نظر رجال الأعمال المشاركين في ذلك الاستبيان. وهي حقيقة قلما يعترف بها مقاومو السعودة في القطاع الخاص، فهم دائما ما يبررون اعتمادهم على العمالة الأجنبية بالقول إنها أكثر تأهيلا وتدريبا أو أعلى إنتاجية والتزاما.
ما يجعل من الضروري تصحيح هذا الخلل إن كان لجهود السعودة أن تنجح بصورة تزيد من فرص العمل المتاحة للعمالة السعودية في القطاع الخاص، وهناك خيان لتحقيق هذا التصحيح، الأول: رفع تكلفة توظيف العمالة الأجنبية من خلال رفع تكاليف الاستقدام والإقامة ورخص العمل، ما يقلل من الفجوة الشاسعة بين تكلفة توظيفها ومستويات الأجور المقبولة من العمالة السعودية. الخيار الآخر: إعادة النظر في نظام الكفيل الحالي بما يسمح بتحرير سوق العمل بصورة ترفع من معدلات أجور العمالة الأجنبية إلى المستويات التي يمليها توازن العرض والطلب في سوق العمل السعودية.
فاستمرار تدني أجور العمالة الأجنبية يعود إلى استقدامها بأجور تزيد على مستوى أجورها في بلدانها لكنها تقل كثيرا عن مستوى الأجر المناسب وفق معطيات سوق العمل السعودية، ونظام الكفيل بصورته الحالية يجعل من المستحيل على العامل المستقدم الحصول على أجره المناسب وفق توازن قوى العرض والطلب في سوق العمل، فلكفيله كامل الحق في إجباره على القبول بالأجر الذي أملي عليه عند استقدامه وإلا تم ترحيله. هذا الوضع أجبر العامل الأجنبي على الاستمرار في قبول أجر يقل كثيرا عن أجره العادل في سوق العمل، ولو أتيحت له الحرية في الانتقال إلى عمل آخر لما تردد في ذلك ولحصل في الغالب على أجر أكبر بكثير. ما يعني أن نظام الكفيل بوضعه الحالي يلعب دورا مهما في تضييق فرص العمل أمام العمالة السعودية من خلال إجبار العمالة الأجنبية على القبول بأجور متدنية توسع الهوة بين مستوى الأجر الذي يقبل به العامل السعودي ومستوى أجور العمالة الأجنبية، ما يزيد من جاذبية توظيفها ويقلل من فرص العمل المتاحة للعمالة المواطنة في القطاع الخاص.
وحيث إن جهود السعودة تواجه معارضة قوية من القطاع الخاص وتبرر هذه المقاومة بكل شيء إلا بتدني تكلفة العامل الأجنبي، فإن أحد الخيارات لتصحيح هذا الوضع غير العادل الذي تعانيه العمالة السعودية في القطاع الخاص هو تعديل نظام الكفيل بحيث يحدد التزام العامل المستقدم بالعمل لدى كفيله بسنتين فقط يسمح له بعدها بالانتقال إلى كفيل آخر إن رغب دون حاجة لإذن وموافقة كفيله، ما يسمح بتحرير سوق العمل السعودية بصورة تجعل تحديد أجر العامل الأجنبي خاضعا لظروف العرض والطلب لا أن يستمر تشغيله بأجر يقل كثيرا عن أجره العادل في السوق، ما يحقق توازنا نسبيا بين تكلفة العمالة الأجنبية وبين مستوى الأجر المناسب للعمالة السعودية تجبر معه مؤسسات القطاع الخاص على إعادة النظر في مقاومتها لجهود السعودة.
ويمتاز خيار رفع رسوم التوظيف على تعديل نظام الكفيل بأن رفع تكلفة العامل الأجنبي من خلال زيادة رسوم توظيفه يمثل زيادة في الإيرادات الحكومية يمكن الاستفادة منها في زيادة التوظيف الحكومي في الأجهزة التي تعاني من نقص في القوى العاملة كالتعليم مثلا، كما يمكن استخدامها في تطوير قدرات ومهارات القوى العاملة السعودية ودعم توظيفها في القطاع الخاص، في حين أن تعديل نظام الكفيل يحقق رفع تكلفة العامل الأجنبي من خلال رفع أجر العامل نفسه ما يعني مفاقمة مشكلة تحويلات العمالة الأجنبية لبلدانها، إلا أن أهمية ذلك ستتلاشى تدريجيا مع زيادة مساهمة القوى العاملة الوطنية في سوق العمل وتراجع أعداد العمالة الأجنبية. بينما يمتاز خيار تعديل نظام الكفيل بمساهمته في القضاء على تجارة الرقيق التي يمارسها تجار التأشيرات الذين يسرحون عمالتهم ويتقاضون مبلغا شهريا من العامل مستغلين حاجته لتجديد إقامته أو أي إجراء حكومي آخر لا يستطيع استكماله إلا من خلال كفيله، وتصبح تجارة غير مجدية، ما يقضي تماما على مشكلة العمالة السائبة ويحد كثيرا من مشكلات العمالة الأجنبية المرتبطة بمخالفاتها لأنظمة الإقامة والعمل.
إن مصلحتنا الوطنية العليا تقتضي تبني أحد هذين الخيارين لتحقيق اعتماد أكبر على عمالتنا الوطنية ليس فقط لانعكاسات ذلك على استقرارنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإنما أيضا لتفادي المخاطر المحدقة بنا جراء اعتمادنا على العمالة الأجنبية، ويجب ألا نبقى أسرى لمصالح القوى المتنفذة في القطاع الخاص التي لا تراعي أيا من ذلك وكل همها ضمان استمرار توظيفها لعمالة الأجنبية بأجر متدن بغض النظر عما يدفعه الوطن ثمنل لذلك.
د. عبد الرحمن محمد السلطان - أكاديمي وكاتب أقتصادي 23/12/1426هـ
أن نظام الكفيل بوضعه الحالي يلعب دورا مهما في تضييق فرص العمل أمام العمالة السعودية من خلال إجبار العمالة الأجنبية على القبول بأجور متدنية توسع الهوة بين مستوى الأجر الذي يقبل به العامل السعودي.
في ورقة قدمت في منتدى الرياض الاقتصادي حول واقع ومستقبل القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص السعودي تم استعراض استبيان حول معوقات حصول المواطنين على وظائف في القطاع الخاص أظهر أن تدني أجور العمالة الوافدة أهم معوق للسعودة من وجهة نظر رجال الأعمال المشاركين في ذلك الاستبيان. وهي حقيقة قلما يعترف بها مقاومو السعودة في القطاع الخاص، فهم دائما ما يبررون اعتمادهم على العمالة الأجنبية بالقول إنها أكثر تأهيلا وتدريبا أو أعلى إنتاجية والتزاما.
ما يجعل من الضروري تصحيح هذا الخلل إن كان لجهود السعودة أن تنجح بصورة تزيد من فرص العمل المتاحة للعمالة السعودية في القطاع الخاص، وهناك خيان لتحقيق هذا التصحيح، الأول: رفع تكلفة توظيف العمالة الأجنبية من خلال رفع تكاليف الاستقدام والإقامة ورخص العمل، ما يقلل من الفجوة الشاسعة بين تكلفة توظيفها ومستويات الأجور المقبولة من العمالة السعودية. الخيار الآخر: إعادة النظر في نظام الكفيل الحالي بما يسمح بتحرير سوق العمل بصورة ترفع من معدلات أجور العمالة الأجنبية إلى المستويات التي يمليها توازن العرض والطلب في سوق العمل السعودية.
فاستمرار تدني أجور العمالة الأجنبية يعود إلى استقدامها بأجور تزيد على مستوى أجورها في بلدانها لكنها تقل كثيرا عن مستوى الأجر المناسب وفق معطيات سوق العمل السعودية، ونظام الكفيل بصورته الحالية يجعل من المستحيل على العامل المستقدم الحصول على أجره المناسب وفق توازن قوى العرض والطلب في سوق العمل، فلكفيله كامل الحق في إجباره على القبول بالأجر الذي أملي عليه عند استقدامه وإلا تم ترحيله. هذا الوضع أجبر العامل الأجنبي على الاستمرار في قبول أجر يقل كثيرا عن أجره العادل في سوق العمل، ولو أتيحت له الحرية في الانتقال إلى عمل آخر لما تردد في ذلك ولحصل في الغالب على أجر أكبر بكثير. ما يعني أن نظام الكفيل بوضعه الحالي يلعب دورا مهما في تضييق فرص العمل أمام العمالة السعودية من خلال إجبار العمالة الأجنبية على القبول بأجور متدنية توسع الهوة بين مستوى الأجر الذي يقبل به العامل السعودي ومستوى أجور العمالة الأجنبية، ما يزيد من جاذبية توظيفها ويقلل من فرص العمل المتاحة للعمالة المواطنة في القطاع الخاص.
وحيث إن جهود السعودة تواجه معارضة قوية من القطاع الخاص وتبرر هذه المقاومة بكل شيء إلا بتدني تكلفة العامل الأجنبي، فإن أحد الخيارات لتصحيح هذا الوضع غير العادل الذي تعانيه العمالة السعودية في القطاع الخاص هو تعديل نظام الكفيل بحيث يحدد التزام العامل المستقدم بالعمل لدى كفيله بسنتين فقط يسمح له بعدها بالانتقال إلى كفيل آخر إن رغب دون حاجة لإذن وموافقة كفيله، ما يسمح بتحرير سوق العمل السعودية بصورة تجعل تحديد أجر العامل الأجنبي خاضعا لظروف العرض والطلب لا أن يستمر تشغيله بأجر يقل كثيرا عن أجره العادل في السوق، ما يحقق توازنا نسبيا بين تكلفة العمالة الأجنبية وبين مستوى الأجر المناسب للعمالة السعودية تجبر معه مؤسسات القطاع الخاص على إعادة النظر في مقاومتها لجهود السعودة.
ويمتاز خيار رفع رسوم التوظيف على تعديل نظام الكفيل بأن رفع تكلفة العامل الأجنبي من خلال زيادة رسوم توظيفه يمثل زيادة في الإيرادات الحكومية يمكن الاستفادة منها في زيادة التوظيف الحكومي في الأجهزة التي تعاني من نقص في القوى العاملة كالتعليم مثلا، كما يمكن استخدامها في تطوير قدرات ومهارات القوى العاملة السعودية ودعم توظيفها في القطاع الخاص، في حين أن تعديل نظام الكفيل يحقق رفع تكلفة العامل الأجنبي من خلال رفع أجر العامل نفسه ما يعني مفاقمة مشكلة تحويلات العمالة الأجنبية لبلدانها، إلا أن أهمية ذلك ستتلاشى تدريجيا مع زيادة مساهمة القوى العاملة الوطنية في سوق العمل وتراجع أعداد العمالة الأجنبية. بينما يمتاز خيار تعديل نظام الكفيل بمساهمته في القضاء على تجارة الرقيق التي يمارسها تجار التأشيرات الذين يسرحون عمالتهم ويتقاضون مبلغا شهريا من العامل مستغلين حاجته لتجديد إقامته أو أي إجراء حكومي آخر لا يستطيع استكماله إلا من خلال كفيله، وتصبح تجارة غير مجدية، ما يقضي تماما على مشكلة العمالة السائبة ويحد كثيرا من مشكلات العمالة الأجنبية المرتبطة بمخالفاتها لأنظمة الإقامة والعمل.
إن مصلحتنا الوطنية العليا تقتضي تبني أحد هذين الخيارين لتحقيق اعتماد أكبر على عمالتنا الوطنية ليس فقط لانعكاسات ذلك على استقرارنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإنما أيضا لتفادي المخاطر المحدقة بنا جراء اعتمادنا على العمالة الأجنبية، ويجب ألا نبقى أسرى لمصالح القوى المتنفذة في القطاع الخاص التي لا تراعي أيا من ذلك وكل همها ضمان استمرار توظيفها لعمالة الأجنبية بأجر متدن بغض النظر عما يدفعه الوطن ثمنل لذلك.