تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مشروع أمريكي للاستغناء عن نفط الشرق الأوسط يسبق خطة بوش


صقر الجنوب
10/02/2006, 07:29 PM
مشروع أمريكي للاستغناء عن نفط الشرق الأوسط يسبق خطة بوش

روبرت ماكفرلين وجيمس وولسي - "الاقتصادية" - 11/01/1427هـ
قبل ما يزيد قليلا عن العام، نظمنا حملة وسط مجموعات تتألف من فئات مختلفة في الولايات المتحدة بهدف لفت نظر الرأي العام إلى الاحتمالات القائمة ببروز اتجاهين يمكن أن يتسببا في عرقلة نمو الاقتصاد العالمي. وهذان الاتجاهان اللذان يؤثران على السعر وتوافر إمدادات الطاقة هما الطلب المتزايد بسرعة غير متوقعة في الصين والهند، ومخاطر تعطيل الإمدادات التي تمر عبر الخليج بفعل هجوم إرهابي، إذ أسهم ذلك في رفع سعر النفط إلى مستوى يتجاوز 60 دولارا للبرميل مع وجود توقعات من قبل الخبراء بعدم تراجع السعر عن 50 دولارا إطلاقا.
إن الجدية التي تولدت عن هذين الاتجاهين لدى الحكومات وصناعة النفط تعززت أكثر بسبب جولة جديدة من النقاش تتعلق "بذروة" الاحتياطيات النفطية ـ قمة المنحنى الجرسي bell shaped التي تمثل احتياطيات النفط العالمية والمعدل الأدنى للإنتاج والتكلفة العالية لمنتجات النفط المنتظرة لدى الوصول إلى الذروة. ويتفق غالبية الخبراء على أننا سنصل إلى هذه الذروة خلال 25 ـ 30 عاما.
ولأن أثر الطلب المتنامي والإمدادات المتناقصة يحدث على المدى الطويل، فمن غير المستغرب إذن أن تكون هناك استجابة حذرة فقط لمثل هذه العوامل من قبل الحكومات وعدم اتخاذ أي خطوات ملموسة. ومن غير المفهوم الإخفاق الذي لازم الزعماء السياسيين من طوكيو إلى لندن وواشنطن في التعامل مع المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن حدوث أي تعطيل لتدفق النفط من الخليج.
وفي حال وقع هجوم، مثلا على رأس تنورة، المركز المهم لمعالجة النفط في السعودية، يمكن أن يحذف ما يصل إلى أربعة ملايين برميل يوميا من السوق، ومن ثم تندفع الأسعار بين عشية وضحاها إلى أكثر من 100 دولار للبرميل. ويمكن أن يستمر مثل هذا النقص الحاد في الإمداد لمدة ربما تصل إلى عام. ويمكن أن يؤدي في غضون بضعة أسابيع فقط في بداية الأمر، إلى ذوبان الاقتصاد الياباني نتيجة اعتماده الكامل على واردات النفط. وقبل أن يمضي وقت طويل، إلى انهيار اقتصادات دول صناعية أخرى.
ومع أن هذه ليست هي التوقعات الأكثر خطورة، إلا أنها باتت تحظى بإجماع وسط خبراء صناعة النفط والحكومات. إذن، لماذا لا تتخذ الحكومة الأمريكية إجراءات جريئة لإيجاد حل ما؟ وللإنصاف تحدث الرئيس جورج بوش بصراحة عن المخاطر التي تحيط باعتمادنا على النفط الأجنبي واقترح بعض التدابير للتعامل مع هذا الوضع تتمحور إلى حد كبير حول إمدادات النفط التقليدية، أي العمل على زيادة الإنتاج الأمريكي من محمية الحياة الفطرية في القطب الشمالي، والرواسب النفطية، ومكامن الغاز المعروفة في أعماق المياه قبالة السواحل الأمريكية.
أما الأنباء السارة فتتمثل في توافر مجموعة كبيرة ومتنوعة من التقنيات المجربة في الوقت الحاضر، يمكن أن تساعد على إنهاء اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبي في غضون 20 عاما، إلى جانب تخفيض اعتماد المستوردين الآخرين على الاستيراد بدرجة كبيرة أيضا. وعلى وجه التحديد بوسع أمريكا اتخاذ أربع خطوات نحو تحقيق الاستقلال النفطي:
أولا، يجب علينا التخلي من الاعتماد على البنزين والاتجاه نحو استخدام خليط من الكحول (الإيثانول والميثانول) والبنزين. وقد أثبتت البرازيل أن الإيثانول المنتج من قصب السكر يمكن أن يكون منافسا في طلمبات البنزين عندما يتجاوز سعر النفط 45 دولارا للبرميل. وتعمل معظم السيارات البرازيلية في الوقت الحاضر بوقود عبارة عن خليط من الإيثانول والنفط يكلف إنتاجه 1.75 دولار للجالون تقريبا، ويمكن إنتاج الميثانول من الفحم، والولايات المتحدة تعتبر سعودية الفحم ـ بتكلفة 50 سنتا للجالون تقريبا. ويجب أن تستخدم محركات الديزل وقود الديزل المنتج من المصادر المتجددة والفحم.
ثانيا، ضرورة تصنيع السيارات والشاحنات بطريقة تسمح بتشغيلها باستخدام أنواع مختلفة من الوقود. وكانت هذه التقنية مستخدمة منذ أعوام عديدة، والواقع أن نصف السيارات الجديدة التي تباع في البرازيل في الوقت الحاضر مركبات تعمل بالوقود المرن. ويمكن تزويد المركبات بمثل هذه الإمكانية بتكلفة لا تتجاوز 150 دولارا.
ثالثا، علينا التحرك نحو استخدام السيارات الهجين (تعمل بالكهرباء والبنزين). ونصف الـ 150 مليون سيارة وشاحنة التي تسير على الطرق في أمريكا تقطع 20 ميلا فقط في اليوم. ويمكن تزويد المركبة الهجين ببطارية ذات إمكانيات أكبر، بحيث يتم شحنها أثناء الليل بالكهرباء مقابل مبلغ ضئيل لا يتجاوز ما يعادل 25 سنتا لجالون البنزين، وبما يكفي لقطع مسافة الـ 20 ميلا نفسها دون فقدان البنزين.
رابعا، يجب تزويد ديترويت ـ عاصمة صناعة السيارات في الولايات المتحدة ـ بمزيد من الإمكانيات الحديثة من أجل استخدام مواد ذات مكونات كربونية أخف وأقوى، مع تحويل المركبات الأمريكية خلال الـ 20 عاما المقبلة حتى تصبح قابلة للتشغيل بهذه المواد. وبالتالي يمكن تخفيض واردات النفط بواقع 52 في المائة، وفي الوقت نفسه توفير مركبات أقوى وأخف وأكثر أمانا.
ومثلما هو متوقع، توجد مقاومة لهذه التقنيات على نطاق صناعتي السيارات والطاقة، غير أن قلق القطاعين بشأن الأمان والتكلفة يمكن الاستجابة له. فالوقود البديل يمكن توفيره والخصائص التكنولوجية للمركبة استبانت في اليابان بواسطة "تويوتا" والشركات الصانعة الأخرى. ومن المرجح أن تطرح اليابان السيارات الهجين في غضون عامين، ما يتيح لها الاستحواذ على حصة سوقية أكبر مما تستحوذ عليه ديترويت.
لكن حتى لو طبقت كل هذه الإجراءات، فإننا نحتاج إلى مهلة زمنية لا تقل عن 20 عاما قبل إحلال مركبات أخرى بـ 150 مليون مركبة تسير على الطرق في الولايات المتحدة، مع أن ثمن عدم اتخاذ أي خطوات يمكن أن يكون كارثيا. وفي العام الماضي برزت روح تضامنية مثيرة للإعجاب وسط نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي داخل الكونجرس ومجلس الشيوخ لمصلحة تنفيذ معظم الأفكار التي أوردناها آنفا.