المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فقاعة الأسهم .. مؤسسة النقد وهيئة سوق المال


صقر الجنوب
23/02/2006, 11:41 AM
http://www.aleqt.com/admpic/38.jpg
فواز بن حمد الفواز - كاتب سعودي - - 24/01/1427هـ
وصل مؤشر سوق الأسهم إلى حاجز نفسي بتجاوزه 20 ألف نقطة، وبهذا تصل قيمة الأسهم المملوكة للناس "عدا الحكومة" إلى أكثر من تريليون ريال. وتصل قيمة الأسهم السعودية إجمالاً إلى نحو ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي الوطني للاقتصاد السعودي. يختلف الكثيرون في تعريف الفقاعة ومن أعراضها أن يكون هناك انفصام حاد بين حجم الاقتصاد الحقيقي وقيمة سوق الأسهم الذي من المفترض أن يعكس قيمة تلك النشاطات الاقتصادية، وكذلك من أعراضها أن تصل قيمة أسهم شركات لا تحقق أرباحا من النشاطات التي أنشئت من أجلها والكثير منها يخسر وجزء منها لم يُعرف عنه حسن الإدارة إلى أسعار جنونية، هذه الأعراض من سمات السوق السعودي اليوم، وهنا تغلب الحالة النفسية على أي اعتبار قياسي للتقييم.
الأسواق عموماً وأسواق الأسهم خصوصاً تمر عليها هذه الحالات في الكثير من البلدان سواءً متقدمة أو أقل تقدما، وفي كل مرة وكل زمان تجد الكثيرين يوجدون المبررات من أنصاف الحقائق إلى الخيال وحتى الخداع من أجل مصالح آنية. ديناميكية الفقاعة تنشأ لأسباب موضوعية كالقروض المصرفية وتساهل السلطات الرقابية إلى عوامل نفسية. بعض هذه الأطراف تكون مؤسسات حكومية تجد نفسها انساقت وراء الركب.
يصعب توقع انفجار الفقاعات ولكن انفجارها عادةً ما يترتب عليه تداعيات مهمة اقتصادياً واجتماعياً وحتى سياسياً، لذلك يستحسن توخي الحذر وإدارة الأوضاع بدرجة من الحكمة حتى لا يتضرر الاقتصاد والعامة من الناس.
ما يميز هذه الفقاعة عن سابقاتها هو الحجم وعدد المشاركين من المواطنين "فيما لم يتجاوز عدد المساهمين 50 ألفا قبل سنوات قليلة، تجدهم اليوم أكثر من مليوني مواطن ومواطنة" وفرصة الجهات الحكومية في تفاديها بل تقاعسهم في التعامل معها من منطلق القيادة وليس المتفرج.
تحليلاً، هذه الفقاعة بدأت بتفاعل الناس مع أسعار النفط، وبدء الناس بالمراهنة على أن عوائد النفط سوف تزيد السيولة في النظام المالي، وبالتالي سوف تجد هذه السيولة طريقها إلى سوق الأسهم، بدأ الكثيرون بالاقتراض ووجدوا في البنوك السهل اللين في ظل أسعار فائدة منخفضة تاريخياً. فدارت العجلة وارتفعت أسعار الأسهم مما زاد قدرة البنوك على الإقراض، فزيادة الإقراض زادت من حجم أرباح البنوك وكذلك زاد حجم التداول فازدادت أرباح البنوك وهكذا.
تشير أرقام مؤسسة النقد إلى أن حجم الإقراض وصل إلى نحو 90 في المائة من الإيداعات لدى بعض البنوك، وهذه النسبة عالية جداً تاريخياً ولا تترك فرصة لدى البنوك لإقراض قطاعات أهم اقتصادياً وتزيد من المخاطر على النظام المالي في حالة انفجار هذه الفقاعة.
الغريب في الأمر أن القائمين على هيئه سوق المال أتوا من مؤسسة النقد حيث سياسة التحفظ المتوقعة من البنك المركزي ومراقبة أداء البنوك واستقرار الوضع المالي للاقتصاد.
يصعب التوقع بانفجار الفقاعة، فهي كمن يجر خيطاً مطاطياً لا يعرف متى ينقطع ولكنه يعرف أنه سوف ينقطع لا محالة، والشيء نفسه ينطبق على الفقاعات وصعوبة التوقيت وحتمية النتيجة. هذه النتيجة تؤثر سلباً في المواطنين وسوف يكون هناك لوم وافر يجب أن يذهب في معظمه على مؤسسة النقد وهيئة سوق المال في ظل تقاعسهم عن الدور المنوط بهم لحماية الاقتصاد من الهزات وعدم الاستقرار وكذلك وزارة المالية التي لم تحاول الحد من التضخم في الأسهم عن طريق بيع بعض أسهم الحكومة، خاصة أن الحكومة تعمل جاهدة على جذب المستثمرين الأجانب ورفع درجة الرفاهية للمواطنين عموماً، فعلى سبيل المثال عانت اليابان كثيراً بعد انفجار الفقاعة في عام 1989 ولمدة تزيد على 15 عاماً، وكذلك عانت الكويت طويلاً بعد أزمة المناخ التي استمرت تفاعلاتها والتعامل مع نتائجها لعدة سنوات، والتي لم تحل جذرياً إلا بفعل كارثة أكبر وهي غزو الكويت وضرورة بناء جديد، علماً بأن الحالة الكويتية تختلف عن الوضع في المملكة, خاصة بالبيع عن طريق الشيكات مؤجلة الدفع.
وكذلك دخلت أمريكا مرحلة ركود اقتصادي في عام 2001 على أثر انفجار فقاعة أسهم شركات التكنولوجيا هناك، ولعل الاختلاف بين الحالة اليابانية والحالة الأمريكية هو الفرق في تصرف البنوك المركزية في البلدين، ففي اليابان كان تخفيض أسعار الفائدة بطيئا بينما أتى التصرف من قبل بنك الاتحاد الفيدرالي سريعاً في سلسلة لتخفيض أسعار الفائدة حتى استطاع الاقتصاد هضم هذه الهزات. أما في الحالة السعودية، فليس لدى مؤسسة النقد الحرية في خفض أسعار الفائدة حيث إن حركة أسعار الفائدة تتبع الدولار ويثبت سعر صرف الريال مقابل الدولار.
يا ترى ما احتمالات التعامل مع هذه الفقاعة؟
في الاحتمال الأول يترتب على الحكومة أن تشتري أسهما خاصة أن هناك فائضاً مالياً، ولكن من ناحية اقتصادية هناك إشكاليتان في هذا الحل، الأولى في إيجاد سابقة في حماية المضاربين والمغامرين مما سوف يشجعهم مستقبلاً، فبدلاً من أن تكون ظاهرة الفقاعة حالة استثنائية وعابرة قد تصبح جزءا من هيكلة النظام المالي بتكررها. والإشكالية الثانية أنها مبدئياً تخالف سياسة الحكومة في التخصيص، إضافة على أن الحكومة تملك أساساً نحو 60 في المائة من سوق الأسهم.
الاحتمال الثاني هو أن تبدأ مؤسسة النقد بعمل جاد في الحد من الإقراض ولو تدريجياً, خاصة أن كل المعلومات عن المقترضين وأغراضهم متوافرة لديهم، وأن تخفف حمّى الأسهم تدريجياً.
كما أن هناك احتمالا ثالثا في زيادة العرض من الأسهم تدريجياً من خلال أطروحات عامة لزيادة العرض من خلال سياسة أكثر مرونة في هيئة سوق المال.