صقر الجنوب
26/02/2006, 10:38 AM
مقهورات ومظلومات يلجأن لـ «سيدتي»: أنقذونا...
http://www.sayidaty.net/images/qad_4.jpghttp://www.sayidaty.net/images/qad_3.jpghttp://www.sayidaty.net/SiteImages/News/557.jpg http://www.sayidaty.net/images/Services/p1.jpg http://www.sayidaty.net/images/Services/p2.jpg
خلال أقل من اسبوعين وجدنا انفسنا امام حكايات مأساوية حقيقية، عشناها بتفاصيلها مع صاحباتها اللواتي وجدن في «سيدتي» ملاذا ليطلبن من خلالها النجدة.
فتيات ونساء في عمر الورود، كل منهن تعيش مأساة او مشكلة تهدد أمنها وحياتها.
طرقن ابواب «سيدتي» عبر مكاتبنا، باحثات عن امل أو رجاء، فلم نر بدّاً إلا من مناقشة مشاكلهن مع اصحاب الشأن.
الرياض: رنا زهير ـ عتاب نور ـ ألماز برهان جدة: ابتسام شوكاي ـ صنعاء: افتكار القاضي
تصوير: أحمد فتحي وعمرو فارس
? الفقيرة: لا أريد أن أصبح متسولة!
كانت البداية مع أم عبدالله التي بدأت بسرد قصتها قائلة:
ـ عشت حياتي مع أسرة بديلة، فأنا «لقيطة» ولا اعرف من هم أهلي، أما تلك العائلة فقد احتضنتني وقدمت لي كل الرعاية والحنان، فالأم حرمها الله من الإنجاب فمنحتني من الحب والاهتمام الذي أجزم أن والدتي الحقيقية لم تكن ستمنحني إياه، وكما وهبني الله أبا، وعلى الرغم من أنه كان له أبناء من زوجة ثانية، الا أنه لم يبخل عليّ بالعطف والرعاية، وكنا نقيم جميعا في نفس المنزل ولا يفصل بيننا سوى جدار واحد، إلا أنني لم أشعر يوما بأن والدي يفرق بيننا في التعامل، بل على العكس كنت أشعر بأنني ابنته المدللة، مع أنه لم يكن يعمل في وظيفة ثابتة ويقوم بتسليمي إعانة الشؤون الاجتماعية كاملة.
وطوال سنين وجودي مع هذه الأسرة لم أدرك أنني لست ابنتهم ولم انتبه يوما لاختلاف اسمي عن بقية اخوتي ولم أعرف هذه الحقيقة إلا عندما تقدم ابن عمتي (التي كنت اعتقد انها عمتي)، طالبا الزواج مني، فكان لا بد من الحصول على موافقة الشؤون الاجتماعية لإتمام مراسم الزواج، لكننا فوجئنا برفضهم للشخص المتقدم وأنه غير مناسب، وكان ذلك بعد إتمام كتابة العقد، وأصبح الرجل زوجي من الناحية الشرعية، فدخلت مع الوزارة في مشاحنات وشد وشذب، انتهى الأمر بإعادتي لدار الحضانة لفترة، ثم خروجي منها، وإتمام مراسم الزواج وقيامهم بدفع 25 ألف ريال كمكافأة لوالدي على تكفلهم برعايتي طوال تلك السنوات.
انتقلت بعد ذلك لمنزل زوجي الذي كان يقيم مع أهله، ثم انتقلت للعيش مع زوجي إلى مدينة جدة، وهناك عشت مع زوجي لسنوات أنجبت خلالها ولديّ الاثنين، ثم عصفت بنا الحياة بعد أن احترق منزلنا بالكامل نتيجة ماس كهربائي ولم أجد لي ملجأ مع أبنائي بعد الله سوى العودة لمنزل والدي، فظروف زوجي لا تسمح له باستئجار منزل آخر والقيام بتأثيثه، فلجأت للوزارة لعلّي أجد إعانة منهم، لكن للأسف طوال ثمانية أشهر كانت أوراقي تتناقل من مكتب إلى آخر وفي نهاية الأمر تم رفض طلبي بحجة أنني لا أستحق أية إعانة لأنني متزوجة وفي عصمة رجل، وبعد ذلك لجأت إلى المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام، الذين ساعدوني في استئجار منزل لمدة عام وشراء جزء من الأثاث وعدت مرة أخرى لمكتب الإشراف الاجتماعي، ليس لطلب اعانة، بل لمساعدتي في إدارة مشروع صغير أستطيع من خلاله مساعدة أسرتي بدلا من أن يراني أبنائي وأنا أمد يدي للغير، بل أريد أن أكون انسانة منتجة وأنا في بيتي ووسط أولادي.
? الطقاقة: لا أريد أن أمارس الرذيلة!
عندما حدثتنا هند عن مشكلتها لم نكن نتوقع أنها تلتقي مع حكاية أم عبــد الـله في بعض الجوانب، تقول: تزوجت من رجل، ظننت أن الحياة أخيرا بدأت تبتسم لي وأنه سيكون دليلي إلى عالم السعادة بعد أن عشت حياتي الماضية في دار الحضانة الاجتماعية، لكن يبدو أن السعادة لا تعرف طريقها لمن هم أمثالي، فلا بد من أن استمر طوال حياتي أدفع ثمن الخطيئة التي ارتكبها والداي، فلم تمض إلا سنوات قليلة على زواجنا حتى توفي زوجي تاركا لي أربع بنات، ولم يكن له إرث ولا مال يمكن أن نعيش من خلاله، وعندما ضاقت بي السبل توجهت لمكتب الإشراف طالبة مساعدتهم وإمدادي بالمال لأتمكن من رعاية صغيراتي، فلا أعرف أحدا غيرهم بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي، خاصة أنني لا أملك شهادة تؤهلني للعمل وكسب رزقي بيدي، لكنني خشيت من إعادتي أنا وبناتي لدار الحضانة بعد أن اعتدت على الحياة خارجها، و كانت النتيجة أنني انجرفت مع صديقات السوء واضطررت للعمل (كطقاقة) تقوم بإحياء حفلات الأفراح، ثم كان دخولي لعالم الرذيلة والعلاقات المحرمة، كل ذلك من أجل أن أؤمن لقمة لبناتي، لكن للأســـف عنــدما عــلم أهـــل زوجي بمستوى الانحدار الذي وصلت إليه استطاعوا أن يحرموني من بناتي، وأثبتوا للمحكمة عــدم صـــلاحيتي كــأم في تربيتــهن. أنا لا اريد ان أستمر في هذا الطريق، أشعر أني كأم أريد أن اكون كبيرة في عيني بناتي.
? المتسولة: لا أريد أن أتاجر بابنتي المعاقة!
«أم خالد» هاربة ايضا من قسوة الماضي، خاصة أنها تورطت بزواج قلب حياتها رأسا على عقب: بعد زواجي اكتشفت أن زوجي لم يكن ذلك الرجل الكفء الذي يمكن الاعتماد عليه في مواجهة نوائب الدهر، فلم يكن إلا بقايا إنسان مدمن لا همّ له سوى كيفية الحصول على المخدرات، فكل ما يحصل عليه من مال ينفقه للحصول عليه، بل انه في أحيان كثيرة كان يلجأ لبيع قطع الأثاث والاعتداء عليّ بالضرب، وتحولت حياتنا إلى جحيم لا يطاق وسرعان ما اندلعت الخلافات بيننا وباءت كل محاولاتي في أن أحوله إلى إنسان آخر بالفشل أمام إغراءات الشيطان ورفقاء السوء، وكان عليّ أن أتحمل كل ذلك من أجل أبنائي الثلاثة، والذين كانت من ضمنهم فتاة معاقة وبحاجة لرعاية طبية ولعلاج طبيعي، كما أنني كنت أخشى من الحصول على لقب مطلقة والعودة مرة أخرى لدار الحضانة وحرماني من أبنائي عند بلوغهم سنا معينة،
إذ يتم إيداعهم في دور خاصة بهم، ولم يكن أمامي سوى أن أتحول إلى متسولة أمد يدي للآخرين مستغلة ابنتي المعاقة في استدرار عطفهم.
? المعلمة: لا أريد أن أفسد أطفالي!
أما المرأة الرابعة فتدعى (سارة)، وقد ترعرعت وتربت في إحدى دور الحضانة، فلم تعرف لها أهلا غيرهم، وتدرجت في مراحل التعليم المختلفة إلى أن أصبحت معلمة، ولم تكتف بذلك، بل كانت لها طموحات أكبر،
فواصلت دراستها وبحثها إلى أن حصلت على الماجستير، وبعد ذلك تقدم لها شاب للزواج منها عن طريق دار الحضانة باعتبارهم الجهة المسؤولة عنها، وبعد الموافقة على الشاب تم الإعداد لحفل الزفاف وانتقلت للعيش معه، لكن حظها لم يكن بأفضل من غيرها من صاحبات القصص السابقة الذكر، فذاقت على يد زوجها كل أصناف العنف وفنون التعذيب التي كانت في كثير من الأحيان سببا في دخولها إلى قسم العناية المركزة، هذا بالإضافة إلى معاناتها الأخرى بعد إنجابها لأربعة أطفال مصابين بالكساح وبحالة نفسية سيئة نتيجة لما يتلقونه ويشاهدونه من عنف والدهم تجاههم وما يستمعون له من ألفاظ سيئة وبذيئة.
? الجامعية: لا أريد أن أبقى بلا شهادة تخرج!
لم تعتقد حنان العوفي أن شغفها بالدراسة وسعيها لتحصيل الماجستير قد يتسبب لها في الطرد بهدوء الذي أثار حفيظة الكثيرين، ومع ذلك لم يستطع أحد مساعدتها كما تقول، مما اضطرها الى اللجوء لـ «سيدتي» علها تستطيع إيصال صوتها للمسؤولين.. تقول:
ـ اضطرتني الظروف إلى اختيار اليمن لتحصيل درجة الماجستير من قسم علم النفس بعدما حصلت على البكالوريوس من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وقد درست فيها مدة عام وشهرين، ومر الفصل الأول بسلام، أما الفصل الثاني فقد كان مشحوناً بالأحداث من اضراب الطلبة تارة وأساتذة الجامعة تارة أخرى، ودام الحال كذلك مدة أربعة أشهر متقطعة ما بين دراسة وإضراب.
وتتابع حنان: في تلك الفترة ذهبت لمدينة جدة لحين انتهاء الإضراب ولضرورة إجراء عملية لابنتي، حينها وبعد حصولي على موعد للعملية تسلمت تقارير تثبت مرض ابنتي وسلمتها لرئيس الجامعة بعد عودتي، وكان قد فاتني شهر من بدئهم الدراسة، أما الاختبارات فقد بقي عليها ثلاثة أشهر، وبعد اطلاعه على التقارير وافق على دخولي الاختبارات على اعتبار أني طالبة مغتربة وأم لأطفال، لكن بعدها بأربعة أشهر عقد اجتماع لمجلس القسم من دون علمي وأجمعوا فيه على عدم حضوري الاختبار مبررين قرارهم بأنني لم أحضر المحاضرات بالنسبة المطلوبة.. الغريب في الموضوع دخولي الاختبار بشكل طبيعي، أثناء وجودي في قاعة الاختبار فوجئت بتهجم الدكتورة عليّ بطريقة غير لائقة والتلفظ عليّ بكلمات تتنافى مع العملية التربوية والتعليمية، فملأت أرجاء الكلية بصوت صراخها حتى أنها تجاوزت في حديثها معي حين قالت (انه عليّ العودة لبلدي إن كنت صاحبة كرامة)، وحاولت الاستعانة بأمن الجامعة لمنعي من حضور الاختبار رغم التوجيه الوارد من عميد الكلية بإلغاء قرار الحرمان باعتبار أني مررت بظروف طارئة وأدرس على نفقتي الخاصة. كل ذلك حدث خلال دقائق، وكانت صدمتي بأسلوبها أكثر من قرارها، ولم أعلم كيف أتصرف، وبالفعل قمت وانسحبت وأنا غير مدركة لما حدث لي.
نظراً لعدم وجود المسؤولين حينها، حيث كان الاختبار يوم الخميس تقدمت بشكوى لنائب رئيس الجامعة أحمد الكبيسي، بعدها توجهت للسفارة السعودية بصنعاء مستنجدة بها كمواطنة سعودية مغتربة تطالب برد اعتبارها من قِبل مسؤولي الجامعة، فقيل لي أن التحقيق جار بالموضوع، إلى الآن ما زالت محرومة من متابعة دراستي.
متابعة الملحق الثقافي السعودي
اتصلنا بالملحق الثقافي السعودي بصنعاء نايف العتيبي، الذي أكد لنا أنه من وجه خطابا لنائب رئيس الجامعة للتحقيق في موضوع الطالبة حنان وقد قابل أحد الموظفين هناك، والذي أثاره ما حصل ووافق أن يمتثل للشهادة فور أن يطلب منه ذلك. وقال إن الطالبة حنان ستأخذ حقها متى انتهى التحقيق، ونحن على اتصال بها لنطلعها على آخر المستجدات والحل وارد في القريب العاجل.
? المطلقة: لا أريد لزوجي أن ينكر ابنه!
بعد عودة أم ماجد من الطائف إلى مكة المكرمة، فكرت في استثمار مالها بمشروع كبير يقدر رأسماله بمليونين ونصف المليون ريال، دفعته من المال الذي ورثته عن زوجها الأول، فأعطت المال لزوجها الثاني، والد طفليها، على دفعات، فاستأجر معرضا تقدر مساحته بـ 3150 مترا للتحف والأواني المنزلية والماكياج يتكون من عدة أدوار. وتقول: أخبرته أنني سأترك له حرية العمل به شرط أن يكسب وينجح المشروع، وهكذا بدأ المشروع على يده ويوم الافتتاح حقق مبيعات كبيرة جدا تصل إلى أكثر من 150 ألفا، إلا أنه قال لي إن الأرباح كانت فقط 70 ألفا، ففاجأني كذبه وشعرت أنه بدأ النصب والطمع في مالي.
قررت مواجهته وسألته عن الأرباح التي حصل عليها، لكنه أنكر، الأمر الذي دفعني إلى توظيف محاسب موثوق به في المعرض لأعرف ما يدور بداخله، لكن المشكلة زادت بيني وبينه بسبب غشه وسرقته، خاصة بعد أن انهالت عليّ المشاكل وطالبني أصحاب المال بإعادة أموالهم، لأن زوجي أخذ بضائع تقدر بمليون وأربعمائة ألف ريال من 73 شركة ولم يدفع ثمنها، عندها لم أحتمل الأمر فأخذت منه المفاتيح وطردته من معرضي.
اضطررت إلى بيع بضاعتي المتبقية بمبالغ زهيدة لأدفع قدر المستطاع من تلك الأرباح المتواضعة رواتب للموظفين وإيجار المعرض وأرد الديون، بعد أن توالت الخسارة. وبسبب ذلك راح يتهمني بإقامة علاقة غير مشروعة مع المحاسب الذي يعمل في المعرض، كما انكر ابوته لابني الثاني، هذا بالاضافة الى انه استولى على مليوني ريال من شركتي!.
? المقهورة: لا أريد أن يكون أبي وليّ أمري!
بدأت نوف 26 عاماً حديثها قائلة:
«إنني ألجأ إليكم بعد الله، لعلكم تكونون سبباً في إيجاد حل لمشكلتي. فقد تزوج والدي ووالدتي زواجاً تقليدياً ثم ارتبط والدي بامرأة أخرى منذ 18 عاماً، وتركنا أنا ووالدتي وإخواني الـ 6 في منزل عمتي، التي تولت جميع المهام عن والدي الذي لا يستطيع أن يقول كلمة (لا) لعمتي، لكنها للأسف، لم تكن عادلة معنا طيلة حياتنا، ولا أستطيع وصف حجم معاناتنا معها طيلة هذه الأعوام، ولا وصف الظلم والضرب والإهانة التي ألمت بنا، سواء كان المبرر في ارتداء الملابس أو التعليم أو الخروج، فهي متحكمة بنا لأبعد الحدود.
أما بالنسبة لي، عمتي تعرف تعلقي الشديد وحبي للعلم، وبرأيها أنني إن أكملت دراستي سأتحول إلى متمردة وعاصية لكلامها، فوقفت عائقاً أمام تحصيلي الدراسي، إذ منعتني من الانتساب للجامعة بحجة أن معدلي غير عال، ولم تكتف بهذا إن تقدم لخطبتي أحد أبناء صديقاتها، من عائلة تستميلها لاهتمامها بالمظاهر والنسب، فأصرت عمتي على زواجي منه وهددتني إذا لم أوافق بحرماني من التعليم، ورغم موافقتي إلا أني فوجئت انه يؤجل مسألة الزواج كلما تناقشت معه فيها، فقررت مفاتحته وكانت المفاجأة باعترافه أنه لا يستطيع الزواج مني لأسباب شخصية وأنه عرض عليّ الزواج ليخرجني من جحيم عمتي فقط، فتيقنت أن هذا مصيري في الحياة ما دامت عمتي على قيد الحياة فالجهات الرسمية تطلب ولي أمري الذي لا يمكنه التفوه بكلمه أمام عمتي.ونسال نوف إذا كانت قد فكرت بطلب مساعدة من أحد فتقول فكرت كثيرا لكني لم أجد مخرجا الا في التماسي برفع الولاية عن ابي. فأنا لا أريد أن يكون والدي ولي أمري! وأطلب نقلها إلى خالي لتزويجي من شاب طيب يريد الزواج مني الآن وإنهاء معاناتي أنا وأخواتي.
http://www.sayidaty.net/images/qad_4.jpghttp://www.sayidaty.net/images/qad_3.jpghttp://www.sayidaty.net/SiteImages/News/557.jpg http://www.sayidaty.net/images/Services/p1.jpg http://www.sayidaty.net/images/Services/p2.jpg
خلال أقل من اسبوعين وجدنا انفسنا امام حكايات مأساوية حقيقية، عشناها بتفاصيلها مع صاحباتها اللواتي وجدن في «سيدتي» ملاذا ليطلبن من خلالها النجدة.
فتيات ونساء في عمر الورود، كل منهن تعيش مأساة او مشكلة تهدد أمنها وحياتها.
طرقن ابواب «سيدتي» عبر مكاتبنا، باحثات عن امل أو رجاء، فلم نر بدّاً إلا من مناقشة مشاكلهن مع اصحاب الشأن.
الرياض: رنا زهير ـ عتاب نور ـ ألماز برهان جدة: ابتسام شوكاي ـ صنعاء: افتكار القاضي
تصوير: أحمد فتحي وعمرو فارس
? الفقيرة: لا أريد أن أصبح متسولة!
كانت البداية مع أم عبدالله التي بدأت بسرد قصتها قائلة:
ـ عشت حياتي مع أسرة بديلة، فأنا «لقيطة» ولا اعرف من هم أهلي، أما تلك العائلة فقد احتضنتني وقدمت لي كل الرعاية والحنان، فالأم حرمها الله من الإنجاب فمنحتني من الحب والاهتمام الذي أجزم أن والدتي الحقيقية لم تكن ستمنحني إياه، وكما وهبني الله أبا، وعلى الرغم من أنه كان له أبناء من زوجة ثانية، الا أنه لم يبخل عليّ بالعطف والرعاية، وكنا نقيم جميعا في نفس المنزل ولا يفصل بيننا سوى جدار واحد، إلا أنني لم أشعر يوما بأن والدي يفرق بيننا في التعامل، بل على العكس كنت أشعر بأنني ابنته المدللة، مع أنه لم يكن يعمل في وظيفة ثابتة ويقوم بتسليمي إعانة الشؤون الاجتماعية كاملة.
وطوال سنين وجودي مع هذه الأسرة لم أدرك أنني لست ابنتهم ولم انتبه يوما لاختلاف اسمي عن بقية اخوتي ولم أعرف هذه الحقيقة إلا عندما تقدم ابن عمتي (التي كنت اعتقد انها عمتي)، طالبا الزواج مني، فكان لا بد من الحصول على موافقة الشؤون الاجتماعية لإتمام مراسم الزواج، لكننا فوجئنا برفضهم للشخص المتقدم وأنه غير مناسب، وكان ذلك بعد إتمام كتابة العقد، وأصبح الرجل زوجي من الناحية الشرعية، فدخلت مع الوزارة في مشاحنات وشد وشذب، انتهى الأمر بإعادتي لدار الحضانة لفترة، ثم خروجي منها، وإتمام مراسم الزواج وقيامهم بدفع 25 ألف ريال كمكافأة لوالدي على تكفلهم برعايتي طوال تلك السنوات.
انتقلت بعد ذلك لمنزل زوجي الذي كان يقيم مع أهله، ثم انتقلت للعيش مع زوجي إلى مدينة جدة، وهناك عشت مع زوجي لسنوات أنجبت خلالها ولديّ الاثنين، ثم عصفت بنا الحياة بعد أن احترق منزلنا بالكامل نتيجة ماس كهربائي ولم أجد لي ملجأ مع أبنائي بعد الله سوى العودة لمنزل والدي، فظروف زوجي لا تسمح له باستئجار منزل آخر والقيام بتأثيثه، فلجأت للوزارة لعلّي أجد إعانة منهم، لكن للأسف طوال ثمانية أشهر كانت أوراقي تتناقل من مكتب إلى آخر وفي نهاية الأمر تم رفض طلبي بحجة أنني لا أستحق أية إعانة لأنني متزوجة وفي عصمة رجل، وبعد ذلك لجأت إلى المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام، الذين ساعدوني في استئجار منزل لمدة عام وشراء جزء من الأثاث وعدت مرة أخرى لمكتب الإشراف الاجتماعي، ليس لطلب اعانة، بل لمساعدتي في إدارة مشروع صغير أستطيع من خلاله مساعدة أسرتي بدلا من أن يراني أبنائي وأنا أمد يدي للغير، بل أريد أن أكون انسانة منتجة وأنا في بيتي ووسط أولادي.
? الطقاقة: لا أريد أن أمارس الرذيلة!
عندما حدثتنا هند عن مشكلتها لم نكن نتوقع أنها تلتقي مع حكاية أم عبــد الـله في بعض الجوانب، تقول: تزوجت من رجل، ظننت أن الحياة أخيرا بدأت تبتسم لي وأنه سيكون دليلي إلى عالم السعادة بعد أن عشت حياتي الماضية في دار الحضانة الاجتماعية، لكن يبدو أن السعادة لا تعرف طريقها لمن هم أمثالي، فلا بد من أن استمر طوال حياتي أدفع ثمن الخطيئة التي ارتكبها والداي، فلم تمض إلا سنوات قليلة على زواجنا حتى توفي زوجي تاركا لي أربع بنات، ولم يكن له إرث ولا مال يمكن أن نعيش من خلاله، وعندما ضاقت بي السبل توجهت لمكتب الإشراف طالبة مساعدتهم وإمدادي بالمال لأتمكن من رعاية صغيراتي، فلا أعرف أحدا غيرهم بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي، خاصة أنني لا أملك شهادة تؤهلني للعمل وكسب رزقي بيدي، لكنني خشيت من إعادتي أنا وبناتي لدار الحضانة بعد أن اعتدت على الحياة خارجها، و كانت النتيجة أنني انجرفت مع صديقات السوء واضطررت للعمل (كطقاقة) تقوم بإحياء حفلات الأفراح، ثم كان دخولي لعالم الرذيلة والعلاقات المحرمة، كل ذلك من أجل أن أؤمن لقمة لبناتي، لكن للأســـف عنــدما عــلم أهـــل زوجي بمستوى الانحدار الذي وصلت إليه استطاعوا أن يحرموني من بناتي، وأثبتوا للمحكمة عــدم صـــلاحيتي كــأم في تربيتــهن. أنا لا اريد ان أستمر في هذا الطريق، أشعر أني كأم أريد أن اكون كبيرة في عيني بناتي.
? المتسولة: لا أريد أن أتاجر بابنتي المعاقة!
«أم خالد» هاربة ايضا من قسوة الماضي، خاصة أنها تورطت بزواج قلب حياتها رأسا على عقب: بعد زواجي اكتشفت أن زوجي لم يكن ذلك الرجل الكفء الذي يمكن الاعتماد عليه في مواجهة نوائب الدهر، فلم يكن إلا بقايا إنسان مدمن لا همّ له سوى كيفية الحصول على المخدرات، فكل ما يحصل عليه من مال ينفقه للحصول عليه، بل انه في أحيان كثيرة كان يلجأ لبيع قطع الأثاث والاعتداء عليّ بالضرب، وتحولت حياتنا إلى جحيم لا يطاق وسرعان ما اندلعت الخلافات بيننا وباءت كل محاولاتي في أن أحوله إلى إنسان آخر بالفشل أمام إغراءات الشيطان ورفقاء السوء، وكان عليّ أن أتحمل كل ذلك من أجل أبنائي الثلاثة، والذين كانت من ضمنهم فتاة معاقة وبحاجة لرعاية طبية ولعلاج طبيعي، كما أنني كنت أخشى من الحصول على لقب مطلقة والعودة مرة أخرى لدار الحضانة وحرماني من أبنائي عند بلوغهم سنا معينة،
إذ يتم إيداعهم في دور خاصة بهم، ولم يكن أمامي سوى أن أتحول إلى متسولة أمد يدي للآخرين مستغلة ابنتي المعاقة في استدرار عطفهم.
? المعلمة: لا أريد أن أفسد أطفالي!
أما المرأة الرابعة فتدعى (سارة)، وقد ترعرعت وتربت في إحدى دور الحضانة، فلم تعرف لها أهلا غيرهم، وتدرجت في مراحل التعليم المختلفة إلى أن أصبحت معلمة، ولم تكتف بذلك، بل كانت لها طموحات أكبر،
فواصلت دراستها وبحثها إلى أن حصلت على الماجستير، وبعد ذلك تقدم لها شاب للزواج منها عن طريق دار الحضانة باعتبارهم الجهة المسؤولة عنها، وبعد الموافقة على الشاب تم الإعداد لحفل الزفاف وانتقلت للعيش معه، لكن حظها لم يكن بأفضل من غيرها من صاحبات القصص السابقة الذكر، فذاقت على يد زوجها كل أصناف العنف وفنون التعذيب التي كانت في كثير من الأحيان سببا في دخولها إلى قسم العناية المركزة، هذا بالإضافة إلى معاناتها الأخرى بعد إنجابها لأربعة أطفال مصابين بالكساح وبحالة نفسية سيئة نتيجة لما يتلقونه ويشاهدونه من عنف والدهم تجاههم وما يستمعون له من ألفاظ سيئة وبذيئة.
? الجامعية: لا أريد أن أبقى بلا شهادة تخرج!
لم تعتقد حنان العوفي أن شغفها بالدراسة وسعيها لتحصيل الماجستير قد يتسبب لها في الطرد بهدوء الذي أثار حفيظة الكثيرين، ومع ذلك لم يستطع أحد مساعدتها كما تقول، مما اضطرها الى اللجوء لـ «سيدتي» علها تستطيع إيصال صوتها للمسؤولين.. تقول:
ـ اضطرتني الظروف إلى اختيار اليمن لتحصيل درجة الماجستير من قسم علم النفس بعدما حصلت على البكالوريوس من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وقد درست فيها مدة عام وشهرين، ومر الفصل الأول بسلام، أما الفصل الثاني فقد كان مشحوناً بالأحداث من اضراب الطلبة تارة وأساتذة الجامعة تارة أخرى، ودام الحال كذلك مدة أربعة أشهر متقطعة ما بين دراسة وإضراب.
وتتابع حنان: في تلك الفترة ذهبت لمدينة جدة لحين انتهاء الإضراب ولضرورة إجراء عملية لابنتي، حينها وبعد حصولي على موعد للعملية تسلمت تقارير تثبت مرض ابنتي وسلمتها لرئيس الجامعة بعد عودتي، وكان قد فاتني شهر من بدئهم الدراسة، أما الاختبارات فقد بقي عليها ثلاثة أشهر، وبعد اطلاعه على التقارير وافق على دخولي الاختبارات على اعتبار أني طالبة مغتربة وأم لأطفال، لكن بعدها بأربعة أشهر عقد اجتماع لمجلس القسم من دون علمي وأجمعوا فيه على عدم حضوري الاختبار مبررين قرارهم بأنني لم أحضر المحاضرات بالنسبة المطلوبة.. الغريب في الموضوع دخولي الاختبار بشكل طبيعي، أثناء وجودي في قاعة الاختبار فوجئت بتهجم الدكتورة عليّ بطريقة غير لائقة والتلفظ عليّ بكلمات تتنافى مع العملية التربوية والتعليمية، فملأت أرجاء الكلية بصوت صراخها حتى أنها تجاوزت في حديثها معي حين قالت (انه عليّ العودة لبلدي إن كنت صاحبة كرامة)، وحاولت الاستعانة بأمن الجامعة لمنعي من حضور الاختبار رغم التوجيه الوارد من عميد الكلية بإلغاء قرار الحرمان باعتبار أني مررت بظروف طارئة وأدرس على نفقتي الخاصة. كل ذلك حدث خلال دقائق، وكانت صدمتي بأسلوبها أكثر من قرارها، ولم أعلم كيف أتصرف، وبالفعل قمت وانسحبت وأنا غير مدركة لما حدث لي.
نظراً لعدم وجود المسؤولين حينها، حيث كان الاختبار يوم الخميس تقدمت بشكوى لنائب رئيس الجامعة أحمد الكبيسي، بعدها توجهت للسفارة السعودية بصنعاء مستنجدة بها كمواطنة سعودية مغتربة تطالب برد اعتبارها من قِبل مسؤولي الجامعة، فقيل لي أن التحقيق جار بالموضوع، إلى الآن ما زالت محرومة من متابعة دراستي.
متابعة الملحق الثقافي السعودي
اتصلنا بالملحق الثقافي السعودي بصنعاء نايف العتيبي، الذي أكد لنا أنه من وجه خطابا لنائب رئيس الجامعة للتحقيق في موضوع الطالبة حنان وقد قابل أحد الموظفين هناك، والذي أثاره ما حصل ووافق أن يمتثل للشهادة فور أن يطلب منه ذلك. وقال إن الطالبة حنان ستأخذ حقها متى انتهى التحقيق، ونحن على اتصال بها لنطلعها على آخر المستجدات والحل وارد في القريب العاجل.
? المطلقة: لا أريد لزوجي أن ينكر ابنه!
بعد عودة أم ماجد من الطائف إلى مكة المكرمة، فكرت في استثمار مالها بمشروع كبير يقدر رأسماله بمليونين ونصف المليون ريال، دفعته من المال الذي ورثته عن زوجها الأول، فأعطت المال لزوجها الثاني، والد طفليها، على دفعات، فاستأجر معرضا تقدر مساحته بـ 3150 مترا للتحف والأواني المنزلية والماكياج يتكون من عدة أدوار. وتقول: أخبرته أنني سأترك له حرية العمل به شرط أن يكسب وينجح المشروع، وهكذا بدأ المشروع على يده ويوم الافتتاح حقق مبيعات كبيرة جدا تصل إلى أكثر من 150 ألفا، إلا أنه قال لي إن الأرباح كانت فقط 70 ألفا، ففاجأني كذبه وشعرت أنه بدأ النصب والطمع في مالي.
قررت مواجهته وسألته عن الأرباح التي حصل عليها، لكنه أنكر، الأمر الذي دفعني إلى توظيف محاسب موثوق به في المعرض لأعرف ما يدور بداخله، لكن المشكلة زادت بيني وبينه بسبب غشه وسرقته، خاصة بعد أن انهالت عليّ المشاكل وطالبني أصحاب المال بإعادة أموالهم، لأن زوجي أخذ بضائع تقدر بمليون وأربعمائة ألف ريال من 73 شركة ولم يدفع ثمنها، عندها لم أحتمل الأمر فأخذت منه المفاتيح وطردته من معرضي.
اضطررت إلى بيع بضاعتي المتبقية بمبالغ زهيدة لأدفع قدر المستطاع من تلك الأرباح المتواضعة رواتب للموظفين وإيجار المعرض وأرد الديون، بعد أن توالت الخسارة. وبسبب ذلك راح يتهمني بإقامة علاقة غير مشروعة مع المحاسب الذي يعمل في المعرض، كما انكر ابوته لابني الثاني، هذا بالاضافة الى انه استولى على مليوني ريال من شركتي!.
? المقهورة: لا أريد أن يكون أبي وليّ أمري!
بدأت نوف 26 عاماً حديثها قائلة:
«إنني ألجأ إليكم بعد الله، لعلكم تكونون سبباً في إيجاد حل لمشكلتي. فقد تزوج والدي ووالدتي زواجاً تقليدياً ثم ارتبط والدي بامرأة أخرى منذ 18 عاماً، وتركنا أنا ووالدتي وإخواني الـ 6 في منزل عمتي، التي تولت جميع المهام عن والدي الذي لا يستطيع أن يقول كلمة (لا) لعمتي، لكنها للأسف، لم تكن عادلة معنا طيلة حياتنا، ولا أستطيع وصف حجم معاناتنا معها طيلة هذه الأعوام، ولا وصف الظلم والضرب والإهانة التي ألمت بنا، سواء كان المبرر في ارتداء الملابس أو التعليم أو الخروج، فهي متحكمة بنا لأبعد الحدود.
أما بالنسبة لي، عمتي تعرف تعلقي الشديد وحبي للعلم، وبرأيها أنني إن أكملت دراستي سأتحول إلى متمردة وعاصية لكلامها، فوقفت عائقاً أمام تحصيلي الدراسي، إذ منعتني من الانتساب للجامعة بحجة أن معدلي غير عال، ولم تكتف بهذا إن تقدم لخطبتي أحد أبناء صديقاتها، من عائلة تستميلها لاهتمامها بالمظاهر والنسب، فأصرت عمتي على زواجي منه وهددتني إذا لم أوافق بحرماني من التعليم، ورغم موافقتي إلا أني فوجئت انه يؤجل مسألة الزواج كلما تناقشت معه فيها، فقررت مفاتحته وكانت المفاجأة باعترافه أنه لا يستطيع الزواج مني لأسباب شخصية وأنه عرض عليّ الزواج ليخرجني من جحيم عمتي فقط، فتيقنت أن هذا مصيري في الحياة ما دامت عمتي على قيد الحياة فالجهات الرسمية تطلب ولي أمري الذي لا يمكنه التفوه بكلمه أمام عمتي.ونسال نوف إذا كانت قد فكرت بطلب مساعدة من أحد فتقول فكرت كثيرا لكني لم أجد مخرجا الا في التماسي برفع الولاية عن ابي. فأنا لا أريد أن يكون والدي ولي أمري! وأطلب نقلها إلى خالي لتزويجي من شاب طيب يريد الزواج مني الآن وإنهاء معاناتي أنا وأخواتي.