صقر الجنوب
04/03/2006, 07:23 PM
http://www.iraq4all.dk/sh3er/sh-iraq/qsaaeed.jpg
الامام علي بن أبي طالب
كم من خسيسٍ وضيعِ ليس له
في العِزّ بيتٌ ولا يَنْمي إلى نَسَبِ
قد صار بالأدب المحمودِ ذا شَرَفٍ
عالٍ وذا حسبٍ مَحْضٍ وذا نَشَبِ
يُعْلي التأدُّبُ أقواماً ويَرْفَعُهم
حتى يساووا ذوي العلياءِ في الرتبِ
الامام علي بن أبي طالب
تَغَرَّب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ
تفرُّج همٍّ واكتسابُ معيشةٍ
وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ
فإن قيلَ في الأسفار هَمٌّ وكربةٌ
وتشتيتُ شملٍ وارتكابُ الشدائدِ
فموتُ الفتى خيرٌ له من حياته
بدارِ هَوانٍ بين واشٍ وحاسدِ
ابن الرومي
كفى حَزَناً أَنّ الشبابَ مُعَجَّلٌ
قصيرُ الليالي والمشيبُ مخلَّدُ
وعَزَّاكَ عن ليلِ الشباب معاشِرٌ
فقالوا: نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ
فقلتُ: نهار المرء أهدى لسعيه
ولكنَّ ظِلَّ الليل أندى وأبردُ
محارُ الفتى شيخوخةٌ أو مَنِيّةٌ
ومرجوعُ وَهَّاج المصابيح رِمْدِدُ
أبو تمام
تعوّد بسطَ الكف حتى لو انه
ثناها لقبضٍ لم تُطعه أنامِلُه
تراه إذا ما جئتَه متهَللاً
كأنكَ تعطيه الذي أنت سائله
هو البحرُ من أي النواحي أتيتَه
فلجّته المعروف والجود ساحِلُه
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه
لجاد بها فليتق اللهَ سائله
أبو طالب
واللهِ لن يَصِلوا إليكَ بجمعهم
حتى أُوَسَّدَ في التراب دفينا
فامضِ لأِمرِكَ قد زعمتُك ناصحي
فلقد صَدَقتَ وكنتَ ثَمَّ أمينا
وعَرَضْتَ ديناً قد عَرَفتُ بأنّه
من خيرِ أديانِ البرِيةِ دينا
لولا المَلامة أو حِذار مَسَبَّةٍ
لَوَجدتني سمحاً بذاك يقينا
أبو القاسم الشابي
إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة
فلا بُدّ أن يَستجيبَ القَدَر
ولا بد للّيل أن ينجلي
ولا بُدّ للقيدِ أن ينكسر
ومن لم يعانِقْه شوق الحياةِ
تَبَخَّر في جَوِّها واندثر
كذلك قالت لي الكائناتُ
وحَدَّثَني روحُها المُستَتِر
ودمدمةُ الريحِ بين الفِجاجِ
وفوق الجبالِ وتحت الشجرْ
إذا ما طَمَحْتُ إلى غايةٍ
لبستُ المُنَى وخلعتُ الحَذَر
ولم أَتَخوَّف وعورَ الشِّعاب
ولا كبَّة اللَّهبِ المُسْتَعِر
ومن لا يُحِبُّ صعودَ الجبال
يَعِشْ أبدَ الدهر بين الحُفَر
أبو العتاهية
إن الشبابَ والفراغَ والجدهْ
مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفْسَدَه
يُغنيكَ عن كل قبيحٍ تَرْكُهُ
يَرتهن الرأيَ الأصيلَ شكُّهُ
ما تَطلعُ الشمسُ ولا تَغيبُ
إلا لأمرٍ شأنُه عجيبُ
لكل شيئٍ معدنٌ وجوهرٌ
وأوسطٌٌ وأصغرٌ وأكبرٌ
وكل شيئٍ لاحِقٌ بجوهرهِ
أصغرُه متّصلٌ بأكبرِهْ
الخيرُ والشرُّ هما أزواجُ
لذا نِتاجٌ ولذا نِتاجُ
والخيرُ والشرُّ إذا ما عُدّا
بونهما بونٌ بعيدٌ جدا
عَجِبْتُ حتى غَمَّني السكوتُ
صِرتُ كأني حائرٌ مبهوتُ
كذا قضى اللهُ فكيف أصنعُ
الصمتُ إن ضاق الكلامُ أوسعُ
أبو العتاهية
إذا المرءُ لم يُعْتق المالِ من نفسَه
تَمَلَّكه المالُ الذي هو مـالِكُهْ
ألا إنّما مالي الذي أنا مُنْفِقٌ
وليس لي المالُ الذي أنا تارِكُهْ
أبو فراس الحمداني
ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا
لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا
ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
أَعَزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العلا
وأكرمُ مَن فوقَ التراب ولا فخر
أبوالقاسم السهيلي
يا من يرى ما في الضمير ويسمعُ
أنت المُعِـدُّ لكلّ ما يتـوقَّـعُ
يا من يُرجَّي للشدائد كلِّها
يا من إليه المشْتَـكَي والمفْزعُ
يا من خزائن رزقه في قول كُنْ
أَمْنُـنْ فإن الخيرَ عندك أجمعُ
ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ
فبالافـتِـقارِ إليـكَ فقري أدْفعُ
ما لي سوى قَرعي لبابك حيلةٌ
فَلَئِن رُدِدْتُ فأيَّ بابٍ أقرعُ
ومَن الذي أدعو وأهتِف بإسمه
إن كان فضلُـك عن فقيرِك يُمْنَعُ
حاشا لفضلك أن تُقَنِّطَ عاصياً
الفضلُ أَجْـزلُ والمواهب أوْسَعُ
أبو محجن الثقفي
لقد عَلِمت ثقيفٌ غيرَ فخرٍ
بأنَّا نحن أكرمُهم سيوفا
وأكرمُهم دروعاً سابغاتٍ
وأصبرُهم إذا كرهوا الوقوفا
وليلةَ قادسٍ لم يشعروا بي
ولم أُشْعِر بِمَخْرَجيَ الزُّحوفا
وأنَّا وَفْدُهم في كل يومٍٍ
فإن عَتَبوا فَسَلْ بهِمُ عريفا
فإِن أُحْبَسْ فذلكمو بلائي
وإِن أُتْرك أَذَقْتُهُم الحتوفا
أبو العيناء
مَن كان يَمْلِك درهمين تعلَّمت
شَفتاه أنواعَ الكلام فقالا
وتقدَّم الفصحاءُ فاستمعوا له
ورأيتَه بين الوَرَى مختالا
لولا دراهمُه التي في كيسه
لرأيتَه شرَّ البرية حالا
إن الغَنِىَّ إذا تكلم كاذِباً
قالوا صَدقتَ وما نَطَقتَ مُحالا
وإذا الفقيرُ أصاب قالوا لم يُصِب
وكذبتَ يا هذا وقُلتَ ضلالا
إن الدراهمَ في المواطنِ كلِّها
تكسو الرجالَ مهابةً وجلالا
فهي اللسانُ لمن أراد فصاحةً
وهي السلاحُ لمن أراد قتالا
أسامة بن مرشد
وما أشكو تلوُّن أهلِ وُدي
ولو أجدت شَكِيَّتُهم شَكوْتُ
مَلِلتُ عِتابَهم ويئستُ منهم
فما أرجوهُم فيمن رَجَوت
إذا جرحت مساويهم فؤادي
صبرتُ على الإساءةِ وانطويتُ
ورحتُ عليهمُ طَلْقَ المحيّا
كأني ما سمعتُ ولا رأيتُ
تَجَنَّوا لي ذنوباً ما جَنَتها
يداي ولا أمَرتُ ولا نهيتُ
ولا والله ما أضمرتُ غدراً
كما قد أظهروه ولا نويتُ
ويومُ الحشر موعدُنا وتبدو
صحيفةُ ما جَنَوه وما جَنَيْتُ
اسماعيل صبري
أقصِر فؤادي فما الذكرى بنافعةٍ
ولا بشافعةٍ في ردِّ مــا كانا
سلا الفؤادُ الذي شاطرتَه زَمناً
حَمْلَ الصّبابةِ فاخفِق وَحْدك الآنا
هَلاّ أَخَذْتَ لهذا اليوم أُهبَتَهُ
مِن قَبلِ أن تُصبحَ الأشواقُ أحزانا
لهفي عليكَ قضيت العُمرَ مُقْتَحِماً
في الوصل ناراً وفي الهِجران نيرانا
امرؤ القيس
وقد أغتدى والطيرُ في وُكُناتِها
بِمُنْجَرِدٍ قَيدِ الأوابد هَيكَلِ
كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِهِ
كما زَلَّتِ الصفواءُ بالمُتَنَزِّلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً
كجُلمودِ صخرٍ حَطَّهُ السيلُ مِن عَلِ
على الذَّبلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهتزامَه
إذا جاشَ فيه حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ
مِسَحٍّ إذا ما السابحاتُ على الوَنَى
أَثَرْنَ الغُبارَ بالكَديدِ المُرَكَّلِ
يَزِلُّ الغُلامُ الخفُّ عن صَهَواتِهِ
ويُلْوي بأثوابِ العَنيفِ المُثَقَّل
دَريرٍ كَخُذروفِ الوليدِ أمَرَّه
تتابُعُ كَفَّيهِ بخيطٍ مُوَصَّلِ
له أيْطَلا ظبيٍ وساقا نَعامةٍ
وإرخاءُ سِرحانٍ وتَقريبُ تَنْفُلِ
ضَليعٍ إذا استدبرته سدَّ فَرْجَه
بضافٍ فُوَيْقَ الأرضِ لَيسَ بِأَعزلِ
كأنَّ على المَتْنينِ منهُ إذا انتحى
مَداكَ عَروسٍ أة صَلايَةَ حَنْظَلِ
كأنَّ دِماءَ الهادياتِ بنحرِه
عُصارَةُ حِنّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلِ
امرئ القيس
وليل كموجِ البحرِ أَرخى سدولَه
عليَّ بأنواعِ الهموم ليبتلي
فقلتُ له لمّا تمطّى بصُلْبه
وأردفَ أَعجازاً وناءَ بكلكلِ
ألا أيّها الليلُ الطويلُ أَلا انجلي
بِصُبْحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمثلِ
فيالَكَ من ليلٍ كأن نجومه
بِكُلِّ مُغارِ الفتل شُدَّت بيذْبُلِ
كأنَّ الثريا عُلِّقَت في مَصامِها
بأمراسِ كَتّانٍ إلى صُمِّ جَندلِ
الحصين بن الحمام المري
فلستُ مبتاع الحياةِ بذِلةٍ
ولا مُرْتَقٍ من خَشْيةِ الموتِ سُلَّما
ولما رأيت الوُدِّ ليس بنافعي
عَمَدت إلى الأمرِ الذي كان أَحزما
تأخَّرتُ أَستبقي الحياةَ فلم أجد
لنفسي حياةً مِثلَ أن أَتقدَّما
فلسْنا على الأعقاب تَدْمَى كُلومُنا
ولكن على أقدامِنا تقطُر الدِّما
الخنساء
وقائلةٍ والنعشُ قد فات خَطْوَها
لِتُدْرِكَه يا لَهفَ نفسي على صَخْرِ
ألا ثَكِلَت أمُّ الذين غَدَوا به
إلى القبرِ ماذا يحملون إلى القبرِ
وماذا يُواري القبرُ تحت تُرابِهِ
من الجود يا بؤسَ الحوادث والدَّهْرِ
فشأنُ المنايا إذ أصابَكَ رَيْبُها
لَتَغْدو على الفِتيانِ بعدك أو تَسْري
دريد بن الصمة
نصَحْتُ لِعارضٍ وأصحابِ عارِضٍ
ورَهْط بني السوداءِ والقومُ شُهَّدي
أمَرْتُهم أَمري بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى
فلم يستبينوا الرشدَ إلاَّ ضُحى الغَدِ
فلمّا عَصَوْني كنتُ منهم وقد أرَى
غَوايَتَهم أو أنني غيرُ مُهتدِ
وَهَل أنا إلاَّ مِن غَزِيَّةَ إن غَوَتْ
غَوَيْت وإِن تَرْشُد غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
شمس المعالي قابوس
قل للذي بصروفِ الدهرِ عَيَّرَنا
هل حارب الدَّهرُ إِلاَّ مَن له خَطَرُ
أما ترى البحرَ تعلو فوقه جِيَفٌ
ويستقر بأقصى قعرِه الدُّرَرُ
فإن تكن نَشِبت أيدي الزمان بنا
ونالنا من تمادي بؤسه الضررُ
ففي السماء نجومٌ ما لها عددٌ
وليس يُكْسَفُ إلاَّ الشمسُ والقمرُ
الشيخ السابوري
لصمتُ للمرء حليفُ السِّلمِ
وشاهِدٌ له بفضلِ الحُكم
وحارسٌ من زَلَلِ اللسانِ
في القولِ إِنْ عَيَّ عن البيانِ
فَعُذْ بِهِ مُعْتَصِماً من الخطا
أو سَقَطٍ يَفْرُطُ فيما فَرَطا
صالح بن عبدالقدوس
وإنَّ عناءً أن تُعَلِّمَ جالاً
فَيَحْسَبَ جهْلاً أنَّه منك أعلمُ
متى يَبْلُغُ البُنيانُ يوماً تمامَه
إذا كنتَ تبنيه وغيرُك يَهْدِمُ ؟
متى ينتهي عن سَيِّئٍ من أَتى به
إذا لم يكن منه عليه تَنَدُّمُ ؟
طرفة بن العبد
أرى الموتَ يعتام الكرامَ ويصطفي
عقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشدِّدِ
أرى العيشَ كنزاً ناقصاً كلَّ ليلةٍ
وما تَنْقُص الأيامُ والدهرُ يَنْفَدِ
لَعَمْرُكَ إن الموتَ ما أَخطأ الفتى
لكالطِّوَلِ المرْخَي وثِنْياه باليدِ
العباس بن الأحنف
بكيتُ على سِرْبِ القطا إذ مَرَرْنَ بي
فقلتُ ومثلي بالبكاءِ جديرُ
أَسِرب القطا هل مَن يُعير جناحَه
لَعلّي إلى مَن قد هويتُ أطيرُ
فجاوَبَنْني مِنْ فَوقِ غُصنِ أراكةٍ
ألا كُلُّنا يا مُستعيرُ مُعيرُ
وأيُّ قطاةٍ لم تُعِركَ جناحَها
فعاشت ببؤسٍ والجناحُ كسيرُ
هَرِمُ بن غنامٍ السَّـلولي
إذا قلتَ في شيئٍ "نعم" فأَتِـمَّهُ
فإنّ "نعم" دَينٌ على الحُرِّ واجِبُ
وإلاّ فقُل "لا" واسْتَرِح وأَرِح بها
لكيلا يقـولَ الناسُ إنـكَ كاذِبُ
منصور النميري
ما تنقضي حَسرةٌ مني ولا جزَعُ
إذا ذكرتُ شباباً ليس يرتجع
بانَ الشبابُ وفاتتني بلذته
صروفُ دهرٍ وأيامٌ لها خدع
ما كنتُ أوفي شبابي كُنَهَ قيمته
حتى انقضى فإذا الدنيا له تَبَعُ
معن بن زائدة
إِني حُسِدْتُ فزاد اللهُ في حَسدِي
لا عاش مَن عاش يوماً غيرَ محسودِ
ما يُحْسَدُ المرءُ إلاّ مِن فضائِله
بالعِلمِ والظُّرفِ أو بالباسِ والجودِ
المقنع الكندي
يعاتِبُني في الدَيْن قومي وإنما
دُيوني في أشياءَ تُكْسِبُهم حمدا
أسُدّ به ما قد أخلُّوا وضيّعوا
ثُغُورَ حقوقٍ ما أطاقوا لها سَدّا
وإنّ الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لَمُخْتَلِفٌ جدا
فإن أكَلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهم
وإن هَدَموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
وإنْ ضَيّعوا غيْبي حَفَظْتُ غيوبَهم
وإن هَوُوا غَيّي هَويت لهم رشدا
وإن زَجروا طيراً بنحسٍ تمرُّ بي
زَجَرتُ لهم طيراً تمرُّ بهم سَعْدا
ولا أحْمِل الحِقدَ القديمَ عليهمُ
وليس رئيسُ القومِ مَن يحمل الحِقدا
لهم جُلُّ مالي إن تتابع لي غِنىً
وإن قلَّ مالي لم أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا
وإِني لَعَبْدُ الضيفِ ما دام نازلاً
وما شيمةٌ لي غيرَها تُشبِه العَبدا
مروان بن أبي حفصة
ولمَّا وَقفنا للوداع ودمعُها
ودَمعي يَفيضان الصبابةَ والوَجْدا
بكت لؤلؤاً ففاضت مدامعي
عَقيقاً فصار الكُلُّ في جيدِها عِقدا
محمد بن وهيب
لَئِن كنتُ محتاجاً إلى الحلم إنني
إلى الجهل في بعض الأحايين أحوجُ
ولي فَرسٌ للحلم بالحِلم مُلْجَمٌ
ولي فرسٌ للجهل بالجهلِ مُسْرَجُ
فمن رام تقويمي فإني مقوَّم
ومن رام تعويجي فإني مُعوَّجُ
وما كنتُ أرضى الجهل خِدْناً وصاحباً
ولكنني أرضى به حين أُحْرَجُ
ألا رُبَّما ضاق الفضاءُ بأهله
وأمكَن من بين الأسنة مخرج
وإن قال بعض الناس: فيه سماجةٌ
فقد صدقوا، والذلُّ بالحرّ أسمج
أبو علي محمد بن محمد الأنباري
إذا ما ألمَّت شدةٌ فاصطبر لها
فخيرُ سلاحِ المرءِ في الشِّدَّةِ الصَّبْرُ
وإنّي لأَستحي من اللهِ أن أُرَى
إلى غيره أشكو وإن مَسَّني الضُرُّ
عسى فَرَجٌ يأتي به الدهرُ حازماً
صَبوراً فإن الخيرَ مِفْتاحُه الصبرُ
فكم من هُمومٍ بعد طولٍ تكشَّفت
وآخرُ معسور الأمور له يُسْرُ
المتنبي
ذا الفضلُ لم يَرْفَعْكَ عن شكرِ ناقصٍ
على هِبَةٍ فالفضلُ فيمن له الشكرُ
ومَن يُنْفِق الساعاتِ في جمع ماله
مخافةَ فقرٍ فالذي فعل الفقرُ
ليلى الأخيلية
لعمرُكَ ما بالموتِ عارٌ على الفتى
إذا لم تُصِبْه في الحياةِ المعايرُ
وما أَحَدٌ حياًّ وإن كان سالماً
بأَخْلَدَ مِمَّن غيَّبتْه المقابرُ
ومَن كان مما يُحدِث الدهرُ جازِعاً
فلابُدَّ يوماً أن يُرَى وهو صابرُ
وليس لذي عيشٍ من الموتِ مَذْهَبٌ
وليس على الأيامِ والدهرِ غابرُ
علي بن الخليل
لا أظلِمُ الليلَ ولا أدَّعي
أن نجومَ الليلِ ليست تزول
ليلي كما شاءت قصيرٌ إذا
جادت و إن ضنَّت فليلي طويل
صالح بن عبدالقدوس
دَعْ عنكَ ما قد فاتَ في زَمَنِ الصِّبا
واذْكر ذُنوبَـك وابْكِها يا مُذْنِبُ
واحْذَر من المظلومِ سَهماً صائباً
واعْلَم بِأَنَّ دُعاءَه لا يُحْجَبُ
واحذَر مُؤاخاةَ اللئيم فإِنّه
يُعدي كما يُعدي الصّحيح الأجربُ
إنّ القلوبَ إذا تنافر وِدُّها
شِبهُ الزجاجةِ كسرُها لا يُشْعَبُ
واحذَر عدوَّك إذ تراه باسماً
فالليث يبدو نابُه إذ يَغضبُ
يُعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوةً
ويروغُ منكَ كما يَروغُ الثَّعلَبُ
الطغرائي
جامِل عَدوَّك ما استطعتَ فإنه
بالرِّفقِ يُطْمَع في صلاح الفاسدِ
واحذَر حَسودَك ما استطعتَ فإنه
إنْ نِمتَ عنه فليس عنك براقِدِ
إنَّ الحسودَ وإن أَراك تَوَدُّداً
منه، أضرُّ من العدوّ الحاقِدِ
ولربما رَضى العدوُّ إذا رأى
منكَ الجميلَ فصار غيرَ معاندِ
ورِضا الحَسودِ زوالُ نعمتكَ التي
أُوتيتَها من طارفٍ أو تالدِ
فاصْبِر على غَيْظِ الحسودِ فنارُه
تَرمي حشاه بالعَذابِ الخالدِ
أوَما رأيتَ النارَ تأكلُ نَفسَها
حتى تعودَ الى الرَّمادِ الهامدِ
تَضْفو على المحسودِ نعمةُ ربه
ويَذوب مِن كَمَدٍ فؤادُ الحاسدِ
عنترة بن شداد العبسي
يَعيبون لوني بالسوادِ جَهالةً
ولولا سوادُ الليل ما طلع الفَجرُ
وإن كان لوني أسوداً فشمائلي
بياضٌ ومن كَفَّيَّ يُسْتَنْزَل القَطْرُ
عنترة بن شداد العبسي
لقد هــان عندي الدهر لما عرفته
وإني بما تأتي الملمات أخبرُ
وليس سباع البرِّ مثل ضباعه
ولا كل من خاض العجاجة عنترُ
سلي صرف هذا الدهر كم شنّ غارةً
فـفرجتها والـموتُ فيها مشمرُ
بصارم عزمٍ لوضربتُ بحدهِ
دجى الليل ولى وهو بالنجم يعثرُ
ابو فراس الحمداني
مصابي جليلٌ ، والعزاءُ جميلُ ،
وظني بأن الله سوفَ يُديلُ
جراحٌ ، تحاماها الأساةُ مخوفةٌ
وسُقمان : بادٍ ، منهما ، ودخيلُ
وأسرٌ أقاسيه ، وليلٌ نجومهُ،
أرى كلَّ شيءٍ ، غيرهن ، يزولُ
تطولُ بي الساعاتُ ، وهي قصيرةٌ
وفي كلِّ دهرٍ لا يسرك طولُ !
تناساني الأصحاب ، إلا عُصيبةً
ستلحق بالأخرى ، غدا وتحولُ!
ومن ذا الذي يبقى على العهد ؟
إنهم وإن كثُرتْ دعواهُمُ ، لقليلُ
المهلهل سالم يرثي اخاه كليب
دعوتكَ يا كليبُ فلم تجــبني
وكيف يجيبني البلدُ القَفارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
ضنيناتُ النفوس لها مَزارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
لقد فُجِعتْ بفارسها نِزارُ
سقاك الغيثُ إنك كنت غيثاً
ويُسراً حين يُلتمسُ اليسارُ
أبت عيناي بعدك أن تَكُفا
كأن غضا القتادِ لها شِفارُ
الامام علي بن أبي طالب
كم من خسيسٍ وضيعِ ليس له
في العِزّ بيتٌ ولا يَنْمي إلى نَسَبِ
قد صار بالأدب المحمودِ ذا شَرَفٍ
عالٍ وذا حسبٍ مَحْضٍ وذا نَشَبِ
يُعْلي التأدُّبُ أقواماً ويَرْفَعُهم
حتى يساووا ذوي العلياءِ في الرتبِ
الامام علي بن أبي طالب
تَغَرَّب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ
تفرُّج همٍّ واكتسابُ معيشةٍ
وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ
فإن قيلَ في الأسفار هَمٌّ وكربةٌ
وتشتيتُ شملٍ وارتكابُ الشدائدِ
فموتُ الفتى خيرٌ له من حياته
بدارِ هَوانٍ بين واشٍ وحاسدِ
ابن الرومي
كفى حَزَناً أَنّ الشبابَ مُعَجَّلٌ
قصيرُ الليالي والمشيبُ مخلَّدُ
وعَزَّاكَ عن ليلِ الشباب معاشِرٌ
فقالوا: نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ
فقلتُ: نهار المرء أهدى لسعيه
ولكنَّ ظِلَّ الليل أندى وأبردُ
محارُ الفتى شيخوخةٌ أو مَنِيّةٌ
ومرجوعُ وَهَّاج المصابيح رِمْدِدُ
أبو تمام
تعوّد بسطَ الكف حتى لو انه
ثناها لقبضٍ لم تُطعه أنامِلُه
تراه إذا ما جئتَه متهَللاً
كأنكَ تعطيه الذي أنت سائله
هو البحرُ من أي النواحي أتيتَه
فلجّته المعروف والجود ساحِلُه
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه
لجاد بها فليتق اللهَ سائله
أبو طالب
واللهِ لن يَصِلوا إليكَ بجمعهم
حتى أُوَسَّدَ في التراب دفينا
فامضِ لأِمرِكَ قد زعمتُك ناصحي
فلقد صَدَقتَ وكنتَ ثَمَّ أمينا
وعَرَضْتَ ديناً قد عَرَفتُ بأنّه
من خيرِ أديانِ البرِيةِ دينا
لولا المَلامة أو حِذار مَسَبَّةٍ
لَوَجدتني سمحاً بذاك يقينا
أبو القاسم الشابي
إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة
فلا بُدّ أن يَستجيبَ القَدَر
ولا بد للّيل أن ينجلي
ولا بُدّ للقيدِ أن ينكسر
ومن لم يعانِقْه شوق الحياةِ
تَبَخَّر في جَوِّها واندثر
كذلك قالت لي الكائناتُ
وحَدَّثَني روحُها المُستَتِر
ودمدمةُ الريحِ بين الفِجاجِ
وفوق الجبالِ وتحت الشجرْ
إذا ما طَمَحْتُ إلى غايةٍ
لبستُ المُنَى وخلعتُ الحَذَر
ولم أَتَخوَّف وعورَ الشِّعاب
ولا كبَّة اللَّهبِ المُسْتَعِر
ومن لا يُحِبُّ صعودَ الجبال
يَعِشْ أبدَ الدهر بين الحُفَر
أبو العتاهية
إن الشبابَ والفراغَ والجدهْ
مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفْسَدَه
يُغنيكَ عن كل قبيحٍ تَرْكُهُ
يَرتهن الرأيَ الأصيلَ شكُّهُ
ما تَطلعُ الشمسُ ولا تَغيبُ
إلا لأمرٍ شأنُه عجيبُ
لكل شيئٍ معدنٌ وجوهرٌ
وأوسطٌٌ وأصغرٌ وأكبرٌ
وكل شيئٍ لاحِقٌ بجوهرهِ
أصغرُه متّصلٌ بأكبرِهْ
الخيرُ والشرُّ هما أزواجُ
لذا نِتاجٌ ولذا نِتاجُ
والخيرُ والشرُّ إذا ما عُدّا
بونهما بونٌ بعيدٌ جدا
عَجِبْتُ حتى غَمَّني السكوتُ
صِرتُ كأني حائرٌ مبهوتُ
كذا قضى اللهُ فكيف أصنعُ
الصمتُ إن ضاق الكلامُ أوسعُ
أبو العتاهية
إذا المرءُ لم يُعْتق المالِ من نفسَه
تَمَلَّكه المالُ الذي هو مـالِكُهْ
ألا إنّما مالي الذي أنا مُنْفِقٌ
وليس لي المالُ الذي أنا تارِكُهْ
أبو فراس الحمداني
ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا
لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا
ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
أَعَزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العلا
وأكرمُ مَن فوقَ التراب ولا فخر
أبوالقاسم السهيلي
يا من يرى ما في الضمير ويسمعُ
أنت المُعِـدُّ لكلّ ما يتـوقَّـعُ
يا من يُرجَّي للشدائد كلِّها
يا من إليه المشْتَـكَي والمفْزعُ
يا من خزائن رزقه في قول كُنْ
أَمْنُـنْ فإن الخيرَ عندك أجمعُ
ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ
فبالافـتِـقارِ إليـكَ فقري أدْفعُ
ما لي سوى قَرعي لبابك حيلةٌ
فَلَئِن رُدِدْتُ فأيَّ بابٍ أقرعُ
ومَن الذي أدعو وأهتِف بإسمه
إن كان فضلُـك عن فقيرِك يُمْنَعُ
حاشا لفضلك أن تُقَنِّطَ عاصياً
الفضلُ أَجْـزلُ والمواهب أوْسَعُ
أبو محجن الثقفي
لقد عَلِمت ثقيفٌ غيرَ فخرٍ
بأنَّا نحن أكرمُهم سيوفا
وأكرمُهم دروعاً سابغاتٍ
وأصبرُهم إذا كرهوا الوقوفا
وليلةَ قادسٍ لم يشعروا بي
ولم أُشْعِر بِمَخْرَجيَ الزُّحوفا
وأنَّا وَفْدُهم في كل يومٍٍ
فإن عَتَبوا فَسَلْ بهِمُ عريفا
فإِن أُحْبَسْ فذلكمو بلائي
وإِن أُتْرك أَذَقْتُهُم الحتوفا
أبو العيناء
مَن كان يَمْلِك درهمين تعلَّمت
شَفتاه أنواعَ الكلام فقالا
وتقدَّم الفصحاءُ فاستمعوا له
ورأيتَه بين الوَرَى مختالا
لولا دراهمُه التي في كيسه
لرأيتَه شرَّ البرية حالا
إن الغَنِىَّ إذا تكلم كاذِباً
قالوا صَدقتَ وما نَطَقتَ مُحالا
وإذا الفقيرُ أصاب قالوا لم يُصِب
وكذبتَ يا هذا وقُلتَ ضلالا
إن الدراهمَ في المواطنِ كلِّها
تكسو الرجالَ مهابةً وجلالا
فهي اللسانُ لمن أراد فصاحةً
وهي السلاحُ لمن أراد قتالا
أسامة بن مرشد
وما أشكو تلوُّن أهلِ وُدي
ولو أجدت شَكِيَّتُهم شَكوْتُ
مَلِلتُ عِتابَهم ويئستُ منهم
فما أرجوهُم فيمن رَجَوت
إذا جرحت مساويهم فؤادي
صبرتُ على الإساءةِ وانطويتُ
ورحتُ عليهمُ طَلْقَ المحيّا
كأني ما سمعتُ ولا رأيتُ
تَجَنَّوا لي ذنوباً ما جَنَتها
يداي ولا أمَرتُ ولا نهيتُ
ولا والله ما أضمرتُ غدراً
كما قد أظهروه ولا نويتُ
ويومُ الحشر موعدُنا وتبدو
صحيفةُ ما جَنَوه وما جَنَيْتُ
اسماعيل صبري
أقصِر فؤادي فما الذكرى بنافعةٍ
ولا بشافعةٍ في ردِّ مــا كانا
سلا الفؤادُ الذي شاطرتَه زَمناً
حَمْلَ الصّبابةِ فاخفِق وَحْدك الآنا
هَلاّ أَخَذْتَ لهذا اليوم أُهبَتَهُ
مِن قَبلِ أن تُصبحَ الأشواقُ أحزانا
لهفي عليكَ قضيت العُمرَ مُقْتَحِماً
في الوصل ناراً وفي الهِجران نيرانا
امرؤ القيس
وقد أغتدى والطيرُ في وُكُناتِها
بِمُنْجَرِدٍ قَيدِ الأوابد هَيكَلِ
كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِهِ
كما زَلَّتِ الصفواءُ بالمُتَنَزِّلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً
كجُلمودِ صخرٍ حَطَّهُ السيلُ مِن عَلِ
على الذَّبلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهتزامَه
إذا جاشَ فيه حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ
مِسَحٍّ إذا ما السابحاتُ على الوَنَى
أَثَرْنَ الغُبارَ بالكَديدِ المُرَكَّلِ
يَزِلُّ الغُلامُ الخفُّ عن صَهَواتِهِ
ويُلْوي بأثوابِ العَنيفِ المُثَقَّل
دَريرٍ كَخُذروفِ الوليدِ أمَرَّه
تتابُعُ كَفَّيهِ بخيطٍ مُوَصَّلِ
له أيْطَلا ظبيٍ وساقا نَعامةٍ
وإرخاءُ سِرحانٍ وتَقريبُ تَنْفُلِ
ضَليعٍ إذا استدبرته سدَّ فَرْجَه
بضافٍ فُوَيْقَ الأرضِ لَيسَ بِأَعزلِ
كأنَّ على المَتْنينِ منهُ إذا انتحى
مَداكَ عَروسٍ أة صَلايَةَ حَنْظَلِ
كأنَّ دِماءَ الهادياتِ بنحرِه
عُصارَةُ حِنّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلِ
امرئ القيس
وليل كموجِ البحرِ أَرخى سدولَه
عليَّ بأنواعِ الهموم ليبتلي
فقلتُ له لمّا تمطّى بصُلْبه
وأردفَ أَعجازاً وناءَ بكلكلِ
ألا أيّها الليلُ الطويلُ أَلا انجلي
بِصُبْحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمثلِ
فيالَكَ من ليلٍ كأن نجومه
بِكُلِّ مُغارِ الفتل شُدَّت بيذْبُلِ
كأنَّ الثريا عُلِّقَت في مَصامِها
بأمراسِ كَتّانٍ إلى صُمِّ جَندلِ
الحصين بن الحمام المري
فلستُ مبتاع الحياةِ بذِلةٍ
ولا مُرْتَقٍ من خَشْيةِ الموتِ سُلَّما
ولما رأيت الوُدِّ ليس بنافعي
عَمَدت إلى الأمرِ الذي كان أَحزما
تأخَّرتُ أَستبقي الحياةَ فلم أجد
لنفسي حياةً مِثلَ أن أَتقدَّما
فلسْنا على الأعقاب تَدْمَى كُلومُنا
ولكن على أقدامِنا تقطُر الدِّما
الخنساء
وقائلةٍ والنعشُ قد فات خَطْوَها
لِتُدْرِكَه يا لَهفَ نفسي على صَخْرِ
ألا ثَكِلَت أمُّ الذين غَدَوا به
إلى القبرِ ماذا يحملون إلى القبرِ
وماذا يُواري القبرُ تحت تُرابِهِ
من الجود يا بؤسَ الحوادث والدَّهْرِ
فشأنُ المنايا إذ أصابَكَ رَيْبُها
لَتَغْدو على الفِتيانِ بعدك أو تَسْري
دريد بن الصمة
نصَحْتُ لِعارضٍ وأصحابِ عارِضٍ
ورَهْط بني السوداءِ والقومُ شُهَّدي
أمَرْتُهم أَمري بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى
فلم يستبينوا الرشدَ إلاَّ ضُحى الغَدِ
فلمّا عَصَوْني كنتُ منهم وقد أرَى
غَوايَتَهم أو أنني غيرُ مُهتدِ
وَهَل أنا إلاَّ مِن غَزِيَّةَ إن غَوَتْ
غَوَيْت وإِن تَرْشُد غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
شمس المعالي قابوس
قل للذي بصروفِ الدهرِ عَيَّرَنا
هل حارب الدَّهرُ إِلاَّ مَن له خَطَرُ
أما ترى البحرَ تعلو فوقه جِيَفٌ
ويستقر بأقصى قعرِه الدُّرَرُ
فإن تكن نَشِبت أيدي الزمان بنا
ونالنا من تمادي بؤسه الضررُ
ففي السماء نجومٌ ما لها عددٌ
وليس يُكْسَفُ إلاَّ الشمسُ والقمرُ
الشيخ السابوري
لصمتُ للمرء حليفُ السِّلمِ
وشاهِدٌ له بفضلِ الحُكم
وحارسٌ من زَلَلِ اللسانِ
في القولِ إِنْ عَيَّ عن البيانِ
فَعُذْ بِهِ مُعْتَصِماً من الخطا
أو سَقَطٍ يَفْرُطُ فيما فَرَطا
صالح بن عبدالقدوس
وإنَّ عناءً أن تُعَلِّمَ جالاً
فَيَحْسَبَ جهْلاً أنَّه منك أعلمُ
متى يَبْلُغُ البُنيانُ يوماً تمامَه
إذا كنتَ تبنيه وغيرُك يَهْدِمُ ؟
متى ينتهي عن سَيِّئٍ من أَتى به
إذا لم يكن منه عليه تَنَدُّمُ ؟
طرفة بن العبد
أرى الموتَ يعتام الكرامَ ويصطفي
عقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشدِّدِ
أرى العيشَ كنزاً ناقصاً كلَّ ليلةٍ
وما تَنْقُص الأيامُ والدهرُ يَنْفَدِ
لَعَمْرُكَ إن الموتَ ما أَخطأ الفتى
لكالطِّوَلِ المرْخَي وثِنْياه باليدِ
العباس بن الأحنف
بكيتُ على سِرْبِ القطا إذ مَرَرْنَ بي
فقلتُ ومثلي بالبكاءِ جديرُ
أَسِرب القطا هل مَن يُعير جناحَه
لَعلّي إلى مَن قد هويتُ أطيرُ
فجاوَبَنْني مِنْ فَوقِ غُصنِ أراكةٍ
ألا كُلُّنا يا مُستعيرُ مُعيرُ
وأيُّ قطاةٍ لم تُعِركَ جناحَها
فعاشت ببؤسٍ والجناحُ كسيرُ
هَرِمُ بن غنامٍ السَّـلولي
إذا قلتَ في شيئٍ "نعم" فأَتِـمَّهُ
فإنّ "نعم" دَينٌ على الحُرِّ واجِبُ
وإلاّ فقُل "لا" واسْتَرِح وأَرِح بها
لكيلا يقـولَ الناسُ إنـكَ كاذِبُ
منصور النميري
ما تنقضي حَسرةٌ مني ولا جزَعُ
إذا ذكرتُ شباباً ليس يرتجع
بانَ الشبابُ وفاتتني بلذته
صروفُ دهرٍ وأيامٌ لها خدع
ما كنتُ أوفي شبابي كُنَهَ قيمته
حتى انقضى فإذا الدنيا له تَبَعُ
معن بن زائدة
إِني حُسِدْتُ فزاد اللهُ في حَسدِي
لا عاش مَن عاش يوماً غيرَ محسودِ
ما يُحْسَدُ المرءُ إلاّ مِن فضائِله
بالعِلمِ والظُّرفِ أو بالباسِ والجودِ
المقنع الكندي
يعاتِبُني في الدَيْن قومي وإنما
دُيوني في أشياءَ تُكْسِبُهم حمدا
أسُدّ به ما قد أخلُّوا وضيّعوا
ثُغُورَ حقوقٍ ما أطاقوا لها سَدّا
وإنّ الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لَمُخْتَلِفٌ جدا
فإن أكَلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهم
وإن هَدَموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
وإنْ ضَيّعوا غيْبي حَفَظْتُ غيوبَهم
وإن هَوُوا غَيّي هَويت لهم رشدا
وإن زَجروا طيراً بنحسٍ تمرُّ بي
زَجَرتُ لهم طيراً تمرُّ بهم سَعْدا
ولا أحْمِل الحِقدَ القديمَ عليهمُ
وليس رئيسُ القومِ مَن يحمل الحِقدا
لهم جُلُّ مالي إن تتابع لي غِنىً
وإن قلَّ مالي لم أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا
وإِني لَعَبْدُ الضيفِ ما دام نازلاً
وما شيمةٌ لي غيرَها تُشبِه العَبدا
مروان بن أبي حفصة
ولمَّا وَقفنا للوداع ودمعُها
ودَمعي يَفيضان الصبابةَ والوَجْدا
بكت لؤلؤاً ففاضت مدامعي
عَقيقاً فصار الكُلُّ في جيدِها عِقدا
محمد بن وهيب
لَئِن كنتُ محتاجاً إلى الحلم إنني
إلى الجهل في بعض الأحايين أحوجُ
ولي فَرسٌ للحلم بالحِلم مُلْجَمٌ
ولي فرسٌ للجهل بالجهلِ مُسْرَجُ
فمن رام تقويمي فإني مقوَّم
ومن رام تعويجي فإني مُعوَّجُ
وما كنتُ أرضى الجهل خِدْناً وصاحباً
ولكنني أرضى به حين أُحْرَجُ
ألا رُبَّما ضاق الفضاءُ بأهله
وأمكَن من بين الأسنة مخرج
وإن قال بعض الناس: فيه سماجةٌ
فقد صدقوا، والذلُّ بالحرّ أسمج
أبو علي محمد بن محمد الأنباري
إذا ما ألمَّت شدةٌ فاصطبر لها
فخيرُ سلاحِ المرءِ في الشِّدَّةِ الصَّبْرُ
وإنّي لأَستحي من اللهِ أن أُرَى
إلى غيره أشكو وإن مَسَّني الضُرُّ
عسى فَرَجٌ يأتي به الدهرُ حازماً
صَبوراً فإن الخيرَ مِفْتاحُه الصبرُ
فكم من هُمومٍ بعد طولٍ تكشَّفت
وآخرُ معسور الأمور له يُسْرُ
المتنبي
ذا الفضلُ لم يَرْفَعْكَ عن شكرِ ناقصٍ
على هِبَةٍ فالفضلُ فيمن له الشكرُ
ومَن يُنْفِق الساعاتِ في جمع ماله
مخافةَ فقرٍ فالذي فعل الفقرُ
ليلى الأخيلية
لعمرُكَ ما بالموتِ عارٌ على الفتى
إذا لم تُصِبْه في الحياةِ المعايرُ
وما أَحَدٌ حياًّ وإن كان سالماً
بأَخْلَدَ مِمَّن غيَّبتْه المقابرُ
ومَن كان مما يُحدِث الدهرُ جازِعاً
فلابُدَّ يوماً أن يُرَى وهو صابرُ
وليس لذي عيشٍ من الموتِ مَذْهَبٌ
وليس على الأيامِ والدهرِ غابرُ
علي بن الخليل
لا أظلِمُ الليلَ ولا أدَّعي
أن نجومَ الليلِ ليست تزول
ليلي كما شاءت قصيرٌ إذا
جادت و إن ضنَّت فليلي طويل
صالح بن عبدالقدوس
دَعْ عنكَ ما قد فاتَ في زَمَنِ الصِّبا
واذْكر ذُنوبَـك وابْكِها يا مُذْنِبُ
واحْذَر من المظلومِ سَهماً صائباً
واعْلَم بِأَنَّ دُعاءَه لا يُحْجَبُ
واحذَر مُؤاخاةَ اللئيم فإِنّه
يُعدي كما يُعدي الصّحيح الأجربُ
إنّ القلوبَ إذا تنافر وِدُّها
شِبهُ الزجاجةِ كسرُها لا يُشْعَبُ
واحذَر عدوَّك إذ تراه باسماً
فالليث يبدو نابُه إذ يَغضبُ
يُعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوةً
ويروغُ منكَ كما يَروغُ الثَّعلَبُ
الطغرائي
جامِل عَدوَّك ما استطعتَ فإنه
بالرِّفقِ يُطْمَع في صلاح الفاسدِ
واحذَر حَسودَك ما استطعتَ فإنه
إنْ نِمتَ عنه فليس عنك براقِدِ
إنَّ الحسودَ وإن أَراك تَوَدُّداً
منه، أضرُّ من العدوّ الحاقِدِ
ولربما رَضى العدوُّ إذا رأى
منكَ الجميلَ فصار غيرَ معاندِ
ورِضا الحَسودِ زوالُ نعمتكَ التي
أُوتيتَها من طارفٍ أو تالدِ
فاصْبِر على غَيْظِ الحسودِ فنارُه
تَرمي حشاه بالعَذابِ الخالدِ
أوَما رأيتَ النارَ تأكلُ نَفسَها
حتى تعودَ الى الرَّمادِ الهامدِ
تَضْفو على المحسودِ نعمةُ ربه
ويَذوب مِن كَمَدٍ فؤادُ الحاسدِ
عنترة بن شداد العبسي
يَعيبون لوني بالسوادِ جَهالةً
ولولا سوادُ الليل ما طلع الفَجرُ
وإن كان لوني أسوداً فشمائلي
بياضٌ ومن كَفَّيَّ يُسْتَنْزَل القَطْرُ
عنترة بن شداد العبسي
لقد هــان عندي الدهر لما عرفته
وإني بما تأتي الملمات أخبرُ
وليس سباع البرِّ مثل ضباعه
ولا كل من خاض العجاجة عنترُ
سلي صرف هذا الدهر كم شنّ غارةً
فـفرجتها والـموتُ فيها مشمرُ
بصارم عزمٍ لوضربتُ بحدهِ
دجى الليل ولى وهو بالنجم يعثرُ
ابو فراس الحمداني
مصابي جليلٌ ، والعزاءُ جميلُ ،
وظني بأن الله سوفَ يُديلُ
جراحٌ ، تحاماها الأساةُ مخوفةٌ
وسُقمان : بادٍ ، منهما ، ودخيلُ
وأسرٌ أقاسيه ، وليلٌ نجومهُ،
أرى كلَّ شيءٍ ، غيرهن ، يزولُ
تطولُ بي الساعاتُ ، وهي قصيرةٌ
وفي كلِّ دهرٍ لا يسرك طولُ !
تناساني الأصحاب ، إلا عُصيبةً
ستلحق بالأخرى ، غدا وتحولُ!
ومن ذا الذي يبقى على العهد ؟
إنهم وإن كثُرتْ دعواهُمُ ، لقليلُ
المهلهل سالم يرثي اخاه كليب
دعوتكَ يا كليبُ فلم تجــبني
وكيف يجيبني البلدُ القَفارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
ضنيناتُ النفوس لها مَزارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
لقد فُجِعتْ بفارسها نِزارُ
سقاك الغيثُ إنك كنت غيثاً
ويُسراً حين يُلتمسُ اليسارُ
أبت عيناي بعدك أن تَكُفا
كأن غضا القتادِ لها شِفارُ