المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا جرى...تلك الليله؟


صقر الجنوب
04/03/2006, 08:15 PM
ماذا جرى...تلك الليله؟



http://www.iraq4all.dk/sh3er/story/ligon.jpg

الرياح أخذت تعصِفُ في كلِّ مكان..البرقُ اللامع أخذ يخطفُ الأسماعَ والأبصار.. تبعثرت بعض الوريقات المتساقطه من الأشجار... هنا وهناك..باحثة عن ملجإٍ يحميها عتوَّ الرياح...خلت الشوارعُ من الماره..الأزقة تصفرُ بها الريح دون هدأه...في إحدى زوايا ذلك الشارع.. على الجانب الأيمن.. في ذلك الزقاق المظلم..على حافة دكّان بائع الحلويات...كانت جالسه...لم يتجاوز عمرها السابعه ..بيضاء ذات شعرٍ أسود ..وعينان سوداويتان ...واضعةً رأسها بين رجليها .. ويديها بين طيات أثوابها الممزّقه تبحثُ عن دفء لهما.. جلست( القرفصاء) تحاول تغطية رجليها العاريتين لئلا يلذعهما البرد القارس ...الدموع كانت تتساقطُ من عينيها ..والحزن بادٍ مخيّم ٌ على قسمات وجهها الشاحب... وكأنها تحملُ حزناً دفيناً في أعماقها..الشوارع مظلمة..إلاّ من بعض المصابيح المنتشره ..الليل بهيم لا يُسمَعُ فيه رنّة ولا أنّة إلاّ أنّاتِ تلك البائسه...تلاعبت الريح بشعرها الأسود وكأنها تريد تخفيف بعض ذلك الألم ..ولكنّ الريح لم تكن تعرف كم هي مثلجةٌ وباردةٌ بل ..وكم هي قاسيه بالنسبه لتلك الطفله ....دبّت رعشة في جسدها المتعب ...بدأت تعلّلُ نفسها بالغدِ الموعود..لعلّها تتناسى ما حلّ بها.. أخذت تقلب الأفكار فوجدت في فكرها الصغير آلآف الكلمات التي تبتدأُها لعلّ .. فأخذت تؤآنس نفسها ..لعلّ غد سيأتي وانا انعم بنومٍ هادىء...على سريرٍ من حريرٍ ناعم.. ولعلّ الى جنبي طبقٌ من الحلوى أتناولُ منه متى أشاء لا ينتهرني أحد ولا يضربني أحد ...ولعلّني ألعبُ وأمرح كباقي الأطفال ..بل لعلّني أجدُ امي فاتحةً ذراعيها لتحتضنني.....لعلّ...لعلّ....لعلّ......تعللُّ نفسها بالأماني وتعلم أنها كاذبه ...ولكن مع هذا تناست بعض آلآمها...هنا ..... عصفت الريح بشده وكأن لم يَرُق لها الكلام عن الأماني ...قطعت سلسلة أفكار الصغيره...أخذت تعصف بشعرها يمنة ويسره...وهي مطرقة برأسها الى الأرض لا تنطقُ بشيء أخذتها غفوه ..فرأت أحلامها الصغيره أمامها رأت امها فاتحة ذراعيها وهي تنادي: تعالَي الى جنب امك يا غاليتي تعالَي ...تعالي معنا... ألاَ ترين هؤلاء الأطفال انهم اصدقاؤك.....

تناست همها وليلتها القارسه ....ارتمت في احضان امها تقبلها وتبكي....أين كنت ياماما أين؟ لماذا تركتيني اصارع المحن والآلآم وحدي ...لن أتخلى عنكِ أبداً ..خذيني معكِ أرجوكِ....انتبهت الطفلة الى امها رأتها ترتدي حلة ناصعة البياض ...مطرزة بأنواع الزهور الجميله ...رأت حدائق غنّاء....رأت أنهاراً تجري رأت الى جنبها نهراً صافياً كأنه الزلال ورأت ورقة من أشجار الخريف في ذلك النهر....يلعب معها بأمواجه .. زفرت زفرة كبيره...التفتت الى امّها .....ماما أهذه حقيقةٌ أم خيال؟ أنجوتُ من ذلك الشقاء؟ هنا مسحت أمّها على رأسها ..فرفعت الطفلة يدها لتلمس يَدَي امّها ...فلامست يداها رطوبةً كانت فوق شعرها...............انتبهت من نومها مذعورة باكيه وهي تنادي ماما ....ماما......ماما...لماذا لم تأخذيني معكِ؟ أخذت بالنشيج والبكاء.. وازداد هطول المطر..وكأن السماء تبكي لها.....رفعت صوتها لتصيح ماما ماما أينَ أنتِ ؟ رجعَ صداها ماما ماما أينَ أنتِ؟ وبرهة سكتت ولم تتكلم ....علمت أن توسلاتها عادت دون جدوى ....هنا أطرقت برأسها الى الأرض وعادت الى جلستها الأولى (القرفصاء) وارسلت دموعها مع المطر.....وفجأه......توقف المطر......وتوقفت الريح.... وسكت كل شيء ...حتى أنّات تلك الطفله الصغيره ....فقد توقف المطر وكذلك الريح مودعين روح الصغيره التي عرجت الى ما لا نهايه ....وفي الصباح عندما جاء صاحب الدكّان...رأى تلك الطفله وقد فارقت روحها الحياة ....فعلم أنها التي كانت تستجديه وتستعطيه ...وعلم أنها التي كانت تخدم عنده مقابل المبيت في احدى زوايا دكّانه ....وعلم أيضاً أنها التي أخذت منه نصف رغيف خبز دون أذنه بعد أن هدّها الجوع والتعب...فانتهرها وطردها من دكّانه....ها هو يجدها نائمةً على حافةِ دكّانه دونَ حِراك...عَلِمَ عنها كلَّ شيء....إلاّ أنّهُ لم يعلَم...ماذا جرى...تلك الليله.......



,,, ورود الموسوي

عصام شبير
05/03/2006, 07:52 PM
شكرا لك على القصة الجميلة