تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "طــاحْ الرَّوشنْ على الصِّـــــفَّة"


صقر الجنوب
11/03/2006, 10:40 AM
"طــاحْ الرَّوشنْ على الصِّـــــفَّة"http://www.aleqt.com/admpic/11.jpg
وهيب سعيد بن زقـر - تاجر وكاتب اقتصاد 11/02/1427هـ
تنوَّعت نشاطات الاقتصاد السعودي الوطني الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، وتعدَّدت فرص الأعمال والتعامل لمواطنيه وتجددت مدخلاته الحضارية ومخرجاته الإبداعية، ضمن توجهات فكرية محلية متعددة وبمقاييس مختلفة في التعاملات والفكر، والشد والاسترخاء في التنظير للتيارات التي تربط أفراد المجتمع من جهة، والبشرية عالمياً من جهة أخرى، وبدرجات متفاوتة من داخل المجتمع في تقبل أو رفض فكر الحضارات والعقائد الغربية، وعدم الاهتمام بباقي الحضارات مثل الهندية أو الصينية أو دول إفريقيا، وتبدي ولعاً زائداً بالسياحة الخارجية والتجارة والمعرفة والعلوم الغربية من أستراليا مروراً بأمريكا وأوروبا، وبدرجات أقل لباقي دول العالم وبمعدلات متزايدة في "الْفرْنجة" من تسوُّق العواصم للتزحلق على الجليد، على مدار نصف قرن من التواصل لملايين المواطنين الأجانب وفقاً لعاداتهم في بلادهم ليعودوا للوطن، دون خلل في مظهرهم الخارجي، وبقاء نظرتهم للآخر وزيادة ولعهم الاستهلاكي بماديات الغرب وطرق ووسائل معيشتهم، مما يزيد القناعة ويرسخ التوجه في بقاء الفكر المؤرجح والقيم المضطربة دون تبديل للحريات الشخصية من تحجيم أو تهديد.
التعامل السلس المحفوف بمؤثرات على المظهر والمخبر بين بعضهم البعض، يرقى لما عليه تعارفهم من الخارج في كثير من سلوكياتهم المعيشية ويكشفها اختراق اللغة العربية عند التحادث الأنجلو عربية لتطغى على لهجات مناطق المملكة المختلفة. تضايقهم من أهل الغرب الصناعي يتأثر بالقراءات المتوافرة لهم للصراعات والنكبات التي تحل بالمنطقة لربع قرن، ويركزون مسؤولية الخلل الحادث اجتماعياً واقتصادياً في مجمله على الجهات الخارجية. يعتبرون ما يخسرونه أو يكتسبونه مما يقال حولهم يفتقد الاتزان والمنطق ويرون أن القرارات العالمية تستهدف منطقتهم لابتزاز خيراتها النفطية واستعادة ما حصلوا عليه من الأموال عن طريق تضخيم أسعار واردات البضائع والسلع الاستهلاكية والمعمرة. إنهم دوماً يذكرون المؤامرة التي تحاك حولهم خدمة لغيرهم وعلى حسابهم. المؤامرة في نظرهم موضوع قائم بذاته يكفي لمواجهة صراعاته الطروحات الصحافية ومناقشات الفضائيات. محصلة التقييم دخل متنام من مصدر رئيسي لنعمة المولى عزَّ وجل بتقنية غربية، حصيلتها تعود لهم في تشييد مشاريع تنموية إنتاجية واجتماعية تكافلية ومستوردات استهلاكية وإنفاق لمستويات معيشية ترتقي مع مرور الزمن لتغير الإنسان المواطن في مظهره وتفكيره وترسيخ التفاوت بين الطبقات بثبات الثوابت والقدرة لبقائها. ما يحدث مجرَّد تحرك للاستخدامات مجاراة لمتطلبات الحياة مع قدرة التعايش في فكر الاقتصاد والاجتماع الغربي الجديد للقرية الصغيرة من داخل العالم الكبير دون أي مبالاة أو دراية أو انتباه لاحتمال قيام صراعات متضاربة مثل البحر الهائج الذي يدفع السمك الصغير والكبير إلى أعماق البحر المجتمعي يأكل بعضه البعض. الفرق بين السمك والإنسان العقل المدبِّر والفكر الواعي والضمير الحي والإيمان بالله والإخلاص للوطن. البحر سطحه واضح شفاف وأعماقه سوداء. الحياة ليست أبيض وأسود، ولكن يمزجها التفاهم والتوافق ضمن العقيدة والعادات والثوابت ووفقاً للزمان والمكان وجرياً وراء التوافقات.
غطَّت الصحف المحلية في الأسابيع المنصرمة بعضاً من الأحداث المستجدة على اقتصاد الوطن. وأهمها باستحياء مخيف، غلفته وحرَّكته بانتظام يد خفية شعبية، أعطت نتائج تصب من بعيد أو قريب مع الطموحات والرغبات المطلوبة لتقديرات نتائجها محدودة، ودون معرفة حقيقة الأضرار الجانبية محليا ودوليا، ولا احتساب حصيلة المجهود للوطن من الربح والخسارة للاقتصاد ولا معرفة الصيانة والحماية المكتسبة للعقيدة والرسل دولياً. ترك الأمور دون الوصول إلى نهاية واضحة لصراع غربي بدايته باطلة وردة الفعل خلافية واقتصاد محلي مستقبله من الاستثمار الأجنبي يتأثر بقرارات هذه الجولة، خاصة إذا لم تكن واضحة. مثلنا لهذا الفكر مستنبط من لعبة كرة القدم التي صراعها وتصارعها أقل وطأة من صراع الحضارات، ونتيجة المجهود الكروي عند التعادل بين الفريقين يحرِّر نتيجتها الضربات الترجيحية ويفوز من يحصل على أكبرها. العالم شاهد بأن المعتدي على العقيدة والمتجنِّي على حامل رسالتها للمعرفة والعلم اعتذر ونحن "هجدنا" في إعادة البيت الاقتصادي، وأصبحنا بين مصدق ومكذب لنوعية الاعتذار من صدقه وعدمه. إن ما تقدَّم لنا من نجاح للمسيرة الشعبية شاهد لمن قاموا بالعمل الجليل ويستحقون أن تقام لهم الأفراح والليالي الملاح، وأن نعول عليهم بمؤازرة من غرفهم التجارية التي في الأمور الهامة تدير ظهرها وتتصرف مثل الأطرش في الزفة بدلا من أن يدرسوا ما اتبعه خلافهم لحماية السامية والمحرقة لصدور نظم وقوانين في الغرب لحماية العقيدة الإسلامية. جدير بنا أن نعرف أن تكرار الإساءة على العقيدة والرسول، صلى الله عليه وسلم، وارد واحتمال حدوثها بفظاعة غير مستبعد، والأمر يتطلب من الدولة والمؤسسات المدنية إعادة الوضع الدبلوماسي لمصلحة اقتصاد الوطن ودعم جهود التوجه للاستثمار الداخلي الوطني والأجنبي وتفعيل الحوار وفقا لأجنداتنا.
كما ونزل الرياض خلال الفترة نفسها ضيوف غربيون من أمريكا إلى أستراليا للمشاركات في فعاليات مختلفة وسمعت نقلاً عن صديق ثقة أن ضيفاً أمريكياً قال في نهاية زيارته إن ما شاهده وسمعه وعايشه في المملكة يختلف كثيراً عما كان يعتقده وأعضاء الوفد عن المملكة. لدرجة أنه لا يعرف إذا كانت الصحافة الأمريكية غير صادقة أو ليست عارفة لأوضاع المملكة الاقتصادية والاجتماعية أو أنها تتقصد وتتعمد، خلط الأمور ومغالطة الواقع، ويتمنى أن تتصحح توجهاتها وتقدم للشعب الأمريكي تقييماً قريباً من الواقع. كما وأنه يرى أن الإعلام السعودي مقصِّر في حق بلده، وضعيف في التواصل مع الفكر الأمريكي بصفة خاصة والعالم بصفة عامة. وأقرأنه والستة عشر تعلموا الكثير واطلعوا على الفرص المتوافرة والمعيشة المتحسِّنة وتحريك الاقتصاد من الإنفاق على التعليم الحديث والتدريب الواسع والتقانة والمعرفة وتقليل القيود المتوارثة لحركة الأفراد والبضائع والسلع. غير أنهم يخشون من غياب التدريب المكثَّف المواكب للعصر والمعرفة لأبسط الأمور وتوافر التسلسل في العمل والتعامل والإنتاج لكونه مرادفاً لنقص الإنتاجية وفقدان الالتزام بالمسؤولية المصحوبة بالثواب والعقاب.
فرصة زيارتهم لمناطق خارج الرياض واطلاعهم عن تنوُّع الاقتصاد، ظهرت وبانت لأنَّ الفعالية التي حضروا من أجلها ألغيت دون إعلامهم وعلمهم وتوافر لهم وقت ضائع . حقيقة أنَّ كل ضارة نافعة. النفع من هذه "الطرفة" أنَّ زيارتهم خرجت عن من "أمريكا للرياض"، وأظهرت أهمية مشاركة مناطق المملكة وترابط الخطط الإنمائية، لمعرفة الأسباب وتوفير الحلول المصحِّحة "للعلعلة" التي يواجهها زوار البلاد.
الوفد الزائر رأى في اقتصادنا ما نغفله، وقدَّم نصحاً. الأخذ به يفتح لنا نوافذ متعددة لتوجهاتنا في طريق التنمية الاقتصادية الاجتماعية ومشاركة العالم لمعرفة حقيقتنا، لنعي أن الخير الذي نحن فيه والثقل الذي نحن عليه له حُساد ومؤازرون. إذا المطر له محب وكاره، فإنَّ تنظيم الأمور يوضع في القوالب الصحيحة، خاصة أن الإنسان غاية لا تدرك. الإدراك مراميه متباعدة ومتأثرة لفوارق اجتماعية واسعة ومراحل النماء الاقتصادي للمناطق البعيدة والقرى والمدن متفاوتة ومتفرقة، ناهيك عن أضرار ارتكاز الاقتصاد الوطني في تحركاتٍ تنموية قوية على مساحاتٍ ضيقة ولمواقع قليلة ومحددة وأسوأ إذا كان الارتكاز المكثف في مكان واحد بعيد عن كامل رقعته، ليجعل ما يتبقى منه مجرَّد أطراف ضعيفة تتأثر مع الهزات ومسببة تصدعات اجتماعية وقلاقل داخلية في حالة عدم المبالاة والبعد عن تفهم حقيقة الأشياء.
الاقتصاد يعيش، وفقاً للمعلومات المتوافرة في الصحافة المحلية فورة لمشاريع عملاقة عقارية ومالية وصناعية وزراعية وتعدينية وكل ما يخطر على البال. غياب تحري حقيقة هذه المشاريع ومستقبلها قد يعظِّم من "ظهور المخانق" في الخدمات المساندة للمشاريع من توظيف وعمالة ومساكن ومكاتب واتصالات ومطارات وسفر وانتقال. الانتعاش المقروء نعيشه لفرحة الثري بزيادة ثرائه ولا نعطي أي اعتبار لمخاطر إحباط محدودي الدخل والفقير وزيادة مصاعبه من التغيرات الاجتماعية وزيادة تكلفة المعيشة من الاستثمار الذي لا يدخل الفقر والعطالة والبطالة ضمن طموحاته.
التوسع الاستثماري الذي يسير عليه الاقتصاد الوطني يعتبره كثيرون أنه ليس تنموياً متزناً ولا منضبطاً، وعلى "طريقة يارويكب" يركض خلفه من تتوافر له القدرة على الركوبة وينال مناه وتعاسة المتخلِّف. إن تشييد ثمانية عشر "هيبر ماركت" في المملكة خلال ثمانية عشر شهراً يترتب عليه تغير جذري في النشاطات التجارية المقدر له أن يرتفع سوقه من 14 في المائة من إجمالي مبيعات قطاع التجزئة إلى 28 في المائة ويزيد مع زيادة عدد الأسواق الفعلية التي إدارتها تسير وفقاً للأنماط الإدارية الغربية وتتطلب من المتعاملين معها نفس الأداء والنتائج المتوقعة لهذا التطور، ويقلل حجم المزاحمين وخراب بيوت التقليديين. قياساً على ما تقدَّم، كثير من النشاطات الاقتصادية يواجه تحديات التغير. دون خطة تنموية تطبيقية تفصيلية ومتابعة نشطة، حرارة التوسع غير المنتظم تزيد من اشتعال اللَّهب الذي لا يطفيه القناعة الرسمية لذوبان التضخم ويزيد لهيبه تباين توجه إدارة كميات النقود المتزايدة في الاقتصاد من جهة والفقر والعطالة من جهة أخرى.
إقامة ثمانية "هيبر ماركت" في ظل وبقاء النشاطات الاقتصادية التنموية "على حطة يدك" تتشابه مع بروز" كرش" رجل وسيم تحت ثوب أبيض جميل دون تغيير في باقي أجزاء الجسم واعتبار هذه الصورة ظاهرة صحية. التطوير في تجارة التجزئة كما نسمعه ونراه دون توفير " لزوم الشيء" يؤدي إلى خلل في تركيبة العمالة والتوظيف والمرور والكهرباء والمجاري.. إلخ، فما بالك عن التوسعات والتغيرات والتطويرات والتحويرات في المجالات الاقتصادية المختلفة. أهم نهج الاقتصاد التنموي المعاصر، أن نتائجه غير مسجلة إحصائياً، وتقييم النتائج اجتهادي، ونتائجه النقدية ينطبق عليها قوله تعالى "ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر". "الآخرون المهضومون" ووفقاً للمسموعات يمثلون ما لا يقل عن 50 في المائة من المواطنين. تهميشهم يضعف قوة احتمالهم ويصعد مكامن المخاطر الاجتماعية. الأرقام الإحصائية الدولية المختارة والمنتقاة من الجهات المسؤولة عن التقدُّم الاقتصادي الوطني منقولة من نشرات تربط أغراضها بارتباطات متعلقة بنشاطها ولا تمس واقع الحياة للاقتصاد النامي، ومنتقاه بحرفية تستهدف تبرير اتجاهات معينة لمسارات مختارة لاستثمار محدد ولا تمثل توفير القراءة الصحيحة للإنتاج القومي المضاف لما هو متوافر. الإنتاج الوطني دوره تحويل العطالة "السايبة" إلى عمالة متدربة تتماثل مع فرص العمل المقامة وهدف رفع الدخل الحقيقي للفرد وليس دخله من قسمة إجمالي الدخل على عدد المواطنين. والله أعلم.

المحترف
12/03/2006, 05:27 PM
مشكوووووووور