تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لا ارتباط بين قوة الاقتصاد وأداء سوق الأسهم


صقر الجنوب
13/03/2006, 10:50 AM
لا ارتباط بين قوة الاقتصاد وأداء سوق الأسهمhttp://www.aleqt.com/admpic/9.jpg
د. عبد الرحمن محمد السلطان - أكاديمي وكاتب أقتصادي 13/02/1427هـ
يربط البعض بين الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الأسهم السعودية خلال الأعوام الثلاثة الماضية وبين قوة الاقتصاد السعودي، ليصلوا إلى نتيجة مفادها أن قوة الاقتصاد السعودي تمثل ضمانة أكيدة لاستمرار تحقيق سوق الأسهم السعودية معدلات نمو مرتفعة خلال المرحلة القادمة، بغض النظر عن حقيقة الأداء المالي للشركات المتداولة، وحتى لو وصلت مكررات ربحيتها أضعاف المعدلات المقبولة عالميا. فطالما أن الاقتصاد السعودي بخير وأسعار النفط مرتفعة فلا داعي للقلق على مستقبل السوق أو الاعتقاد بأن المستويات التي وصلت إليها أسعار الشركات المدرجة غير قابلة للاستمرار أو أن مؤشر السوق لا يمكن أن يحافظ على اندفاعه القوي وتحقيق معدلات نمو قياسية من جديد.
والحقيقة أنه لا يوجد أي علاقة إيجابية مؤكدة تربط بين أداء السوق المالية وأداء الاقتصاد الكلي، بل على العكس فقوة أداء الاقتصاد الكلي في الغالب تتسبب في زيادة المتطلبات التمويلية في قطاعات الاقتصاد المختلفة ما يضغط على مستويات السيولة المحلية بدرجة تدفع أسعار الأسهم إلى الانخفاض. وارتفاع أسعار الأسهم السعودية لا يعود إلى تحقيق قطاعات الاقتصاد المختلفة معدلات نمو مرتفعة وإنما إلى ارتفاع سريع في قيمة الصادرات النفطية تبعا لارتفاع أسعار النفط العالمية والذي انعكس بقوة على معدلات السيولة المحلية ما تسبب في ضغوط تضخمية على السوق المالية ارتفعت بموجبها أسعار الشركات المتداولة بحدة.
وقوة الاقتصاد السعودي تتمثل في قدرته على ترجمة هذا النمو الهائل في القطاع النفطي إلى نمو مماثل في قطاعات الاقتصاد الأخرى والذي سيترتب عليه نمو كبير في متطلبات السيولة المحلية ما يحد من فائض السيولة، وقد يكون أحد مؤشراته في الواقع تراجع أداء السوق المالي, لا تحقيقها معدلات نمو مرتفعة. فمعدلات النمو الحالية في قطاعات اقتصادنا الوطني تعتبر متدنية مقارنة بمعدل نمو القطاع النفطي، ففي حين حقق القطاع النفطي معدل نمو بلغت نسبته 37.5 في المائة خلال عام 2005، فإن معدل النمو في الاقتصاد غير النفطي لم يتجاوز 6 في المائة، وأي تغير في هذا الوضع سيعني في الواقع ضغطا إضافيا على السوق المالية للتراجع نتيجة انخفاض معدلات السيولة المنجرفة نحو سوق الأسهم.
وللتدليل على خطأ الربط بين قوة الاقتصاد وأداء السوق المالية, فإن الهند والتي تحقق واحدا من أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم لم يرتفع فيها مؤشر بورصة بومباي BSE Sensitive Index 30 Scrips خلال عامي 2004 و2005 إلا بنسبة 60 في المائة مقارنة بارتفاع بلغت نسبته 277 في المائة في مؤشر الأسهم السعودية خلال الفترة نفسها. بل إن مؤشر بورصة شنغهاي في الصين The SSE 180 Index تراجع في الواقع خلال هذين العامين بنسبة 17 في المائة رغم أن الصين، وكما نعرف جميعا، تحقق أعلى معدل نمو اقتصادي في العالم. ومؤشرا نازداك وداو جونز في الولايات المتحدة لم يزيدا كثيرا خلال السنوات الخمس الماضية وبقيا يحومان حول مستوى الألفين والعشرة آلاف نقطة على التوالي رغم النمو المتواصل للاقتصاد الأمريكي.
لذا فإن تحسن الوضع الاقتصادي في السعودية يفسر الارتفاعات التي حققتها سوق الأسهم المحلية خلال الفترة من عام 2001 وحتى 2003، حيث كانت أسهم الشركات المدرجة يقل سعرها عن المستويات المناسبة وفق أدائها المالي، وتحسن الوضع المالي للدولة تبعا لارتفاع أسعار النفط الخام زاد من الثقة باقتصادنا الوطني ما دفع مؤشر السوق لتحقيق معدلات نمو مقبولة ومبررة. إلا أن تسارع وتيرة النمو في أسعار أسهم الشركات المتداولة بعد ذلك كان مدفوعا بمعدلات نمو السيولة المحلية، ومَن يراهن على استمرار سوق الأسهم السعودية في تحقيق معدلات نمو مرتفعة، لا تبررها مستويات أداء الشركات المدرجة، لا يراهن في الواقع على قوة الاقتصاد السعودي، وإنما على استمرار قطاعات اقتصادنا غير النفطي في تحقيق معدلات نمو متدنية، ما يترتب عليه استمرار نمو معدلات السيولة المحلية وفق معدلات تفوق حاجة اقتصادنا غير النفطي، وبالتالي مواصلة تغذيتها لمضاربات محمومة في سوق الأسهم.