تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من أين يأتي الدعم؟


صقر الجنوب
15/03/2006, 07:00 PM
من أساسيات دعم الاقتصاد واستقرار الأسواق المالية
http://www.aleqt.com/admpic/409.jpg




لؤي بن عبد الله الخليفة - مستشار مالي واقتصادي,عضو جمعية الاقتصاد السعودي - - 15/02/1427هـ
سبق ونشرنا على صفحات هذه المنارة المضيئة بتاريخ 29/5/2005 مقالاً بعنوان "لماذا لا تحدد أسعار الفائدة على عملاتنا محلياً؟", وكان يتمحور حول العلاقة ما بين عملاتنا الخليجية وعلى رأسها الريال السعودي من جهة والدولار الأمريكي من جهة أخرى، وتداعيات ذلك فيما يختص بأسعار النقد والسياسة النقدية المستقلة المفقودة في اقتصادياتنا النامية.
أََذَكر هنا بارتباط عملاتنا وأسعار الفائدة عليها بتلك المحددة للدولار الأمريكي، كما هو واضح بالرسم البياني المرفق:

وما تحتمه تلك التبعية الاقتصادية من المحدودية والجمود للخيارات في السياسات النقدية المتبعة وذلك نتيجة لخلوها من بعض أهم أدوات التدخل الحكومي النقدي لدى السلطات النقدية المحلية والمتمثلة بمؤسسة النقد العربي السعودي. والمتمثل في استخدام سعر الفائدة على العملة المحلية وبشكل مستقل للتأثير على مستوى النمو والاستقرار الاقتصادي بجميع مؤشراته.
ومن ذلك متابعة مجريات أسواق المال المحلية وتطوراتها دون الارتباط بما يتخذ من قرارات وسياسات نقدية خاصة بالعملة الأمريكية وموجهة للتعامل مع تطورات السوق والاقتصادي الأمريكي دون غيره. ولا يخفى على أي اقتصادي ما يمكن جنيه من هذه الاستقلالية من أثار وقائية من توفر القدرة على توجيه تسارع وتيرة دوران عجلة الاقتصاد زيادةً ونقصاناً حسب الحاجة, للوصول لبعض التوازن المنشود مبتعدين عن مخاطر وأضرار التضخم من جهة والنزول والركود الاقتصادي وتراجع الأسواق المالية من جهة أخرى.
وها نحن ذا ننجرف للمرحلة الثانية من فقد التوازن، التي تجعل الحاجة لتقديم الدعم والحفاظ على مكتسبات الاقتصادية الأخيرة وتنميتها أكثر إلحاحا.
إن النمو المطرد الأخير لسوق المال المحلية والمكانة المتقدمة التي تبوأتها عالميا، سواء من ناحية الأداء أو الحجم، وعلى الرغم من استمرارية وثبات صحة الاقتصاد السعودي الواعد بشكل عام وما يشكله من تربة خصبة ومباركة لتحقيق النجاحات المتوالية والمتزنة بقيادة ورعاية ودعم من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - أطال الله في عمره وأمده بقوته - قائد نهضتنا الاقتصادية, على الرغم من ذلك كله، إلا أن الضغوط الاقتصادية الأخيرة الناتجة عن التقلبات العاصفة في أسواق المال التي أتت وبشكل رئيس نتيجة المضاربات المضخمة لأسعار الأسهم تشكل خطرا حقيقيا بدأت آثاره تظهر على مؤشرات السوق على الرغم من تكرار تحذيرات الاقتصاديين من المبالغة بالتوقعات والمضاربات غير المدروسة، وما بث ويبث عبر وسائل الإعلان المختلفة المبتكرة من رسائل توعية وتنبيهية وحديثة من قبل الجهات المعنية في هيئة السوق المالية ضد المضاربات العشوائية الخطرة والمبنية على الشائعات والتوصيات غير المدروسة وغير المسؤولة، التي لا يهدف ناشروها في الغالب إلا إلى تحقيق المكاسب الشخصية على حساب المصلحة العامة للاقتصاد والسوق وصغار المستثمرين ومدخراتهم فيه بشكل خاص. إن أكثر المتضررين هم فئة الذين لم تسعفهم خبراتهم إما لكونها حديثة نسبياً لفقدانها أساسيات الاستثمار الآمن لتفادي الوقوع ضحية أولئك المروجين للشائعات والتوصيات بهدف التلاعب والتضليل في السوق.
ففي هذا الوقت الحرج, يحتاج اقتصادنا المحلي إلى الدعم والاستقرار اللذين يمكن بلوغهما بالسياسة النقدية الواعية، التي من شأنها توفير بساط الحماية للاقتصاد من تفاقم انخفاض وتذبذب لأسواق المال، وما يمكن أن يترتب عليه من انعكاسات وتداعيات سلبية قد تلقي بظلالها على صحة الاقتصاد وجاذبيته بشكل عام لا سمح الله.
فقد نكون الآن وأكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى تلك الأدوات والعوامل المساندة من تخفيض في أسعار الفائدة وغيرها.
من خطوات مساندة ومحفزة لدعم الأسواق والاقتصاد الوطني وتوفير السيولة اللازمة لوقف الخسائر والزحف الأحمر وغير المبرر تماماً على مؤشرات الأسهم والمحافظ المتداولة. كما وأنه قد تعدى صعوداً وبشكل غير مبرر أيضا حدود المنطق الاقتصادي السليم خلال الفترة القريبة السابقة، خاصة ونحن نمر وما زلنا مقبلين بمشيئة الله على مرحلة مهمة من البناء وترسيخ أساسيات الاقتصاد. وللأسواق المالية في هذه الفترة أهمية قصوى لا يمكن التساهل بها, مما سيتمكن اقتصادنا من تحمل العبء المتزايد من خلق فرص العمل والنهوض بمستوى المعيشة إن شاء الله. ويتحتم إعادة النظر في مجمل السياسات النقدية المتبعة، التي لا تكتمل صورة أي اقتصاد متين ولا تتصل أطراف شباك الأمان دونها.
ومن أهم تلك الإجراءات المتعلقة بالسياسات النقدية الفعالة المطلوبة تفعيل إمكانية خفض سعر الفائدة بفصلها ولو بشكل مؤقت مبدئياً عن تلك الخاصة بالدولار المستمرة بالارتفاع, وغيرها من أدوات التحكم والدعم النقدي كتعديل نسبة الخصم المقرة من مؤسسة النقد السعودي على البنوك المحلية، التي لها تأثير مباشر على مستوى عرض النقد (السيولة) المتوافرة في السوق، الذي تصب زيادته في وعاء الدعم الحقيقي والاقتصادي المطلوب حالياً لتخطي هذه المرحلة الصعبة والمؤقتة بإذن الله.
وبعيداً عن بعض المطالبات بالتدخل المباشر بعوامل العرض والطلب غير المجدية، خاصة على المدى المتوسط والطويل والمقللة من استقلالية أسواقنا ومتانة بنيتها الأساسية. كما أعلن أخيرا لدى بعض الدول الخليجية المجاورة وسط كثير من الجدل والرفض لدى الاقتصاديين لديهم. كما ثبت فشل تلك الأخيرة في تحقيق أي درجات الدعم المرجو.
والتركيز، كما ذكرنا، على رسم السياسات النقدية التفاعلية المفقودة حالياً. فكما يقال أفضل أن تصل متأخراً من ألا تصل.