تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تصحيح مسار الأسهم السعودية


صقر الجنوب
16/03/2006, 11:33 AM
http://www.aleqt.com/admpic/5.jpg
د. عبد الله مرعي بن محفوظ - - - 16/02/1427هـ
نعم يمر الاقتصاد السعودي بطفرة كبيرة نتيجة للدعم الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للإنفاق الحكومي على التنمية الوطنية، الذي أدى إلى ارتفاع المعروض من النقد من 406 مليارات في كانون الثاني (يناير) 2005 إلى 454 مليارا في كانون الثاني (يناير) 2006، أي بنسبة 0.11 في المائة. ولهذا اتجهت السيولة النقدية إلى سوق الأسهم, خاصة بعد الإخفاقات الكبيرة في المساهمات العقارية وكذلك مساهمات توظيف الأموال التي انتهت دون إصدار أحكام إلى الآن اللهم سجن ثم إطلاق سراح لسداد الديون على قاعدة اقبل بما تبقى. وهكذا ظلت معاناة المواطن تتكرر مرة بعد أخرى، ولكن هذا المرة في سوق الأسهم بعد نزول وتراجع المؤشر العام إلى نحو 37 في المائة.
فليس من المعقول أو العدل أن يتحمل المواطن وحده هذه الانهيارات الاقتصادية؟ إن السوق السعودية لا تشهد تراجعاً تصحيحياً، بل تشهد إخفاقات، حيث تأثرت بالقرار الأخير بتخفيض نسبة التذبذب من 10 في المائة إلى 5 في المائة، حيث كان من المفترض أن يتم تطبيق هذا القرار على أسهم شركات المضاربة على الأقل في المرحلة الأولى، حيث التخوف من المضاربين في هذا القطاع وليس على الأسهم القيادية ذات النتائج الجيدة مثل الكهرباء، سابك، وقطاع البنوك. بمتابعة مسلسل الإخفاقات نرى ما حصل في إيقاف التداول على شركة الباحة الذي نتج عنه كثير من الأضرار لملاكها من صغار المساهمين، فظلت أموالهم رهينة القرار ومعلقة بقرار مفاجئ، أليس الأجدى معاقبة الشركة بغرامات مالية أو أي قرار آخر تأديبي دون الإضرار بالمواطنين الذين قد دخلوا بكل مدخراتهم وتجمدت أموالهم؟
كان من الواجب على الأقل أن يسبق ذلك إنذار معلن وشفافية متاحة للعامة. وهذا ينطبق على سهم الكهرباء بعد أن ظل السهم راكداً فترة طويلة وما لبث أن تحرك حتى تم إيقافه ولم يكن هناك أي ظهور لنتائج التحقيق وأسباب التوقيف بشفافية. وكان الانهيار ما بين التوقيف والسماح تحول سهم الكهرباء إلى نزول من 300 ريال إلى 144 ريالا تقريبا, فهل ما حصل كان نتيجة القرار وبسبب عدم كشف ملابساته ذهب ضحيتها الصغار قبل الكبار؟ كذلك قامت الهيئة أيضاً بإيقاف سهم المواشي فترة مسائية كاملة مع الكهرباء وحتى اليوم التالي ولم يصدر توضيح من الهيئة، وقد يكون القرار سليما، ولكن لماذا لا يعلن عن السبب؟ فهل المواطنين ممن يملكون السهم دوما مهمشين وعليهم دوما أن يتقبلوا قرارات الهيئة مهما كانت دون أي توضيح للملابسات؟
كذلك أخفقت الهيئة بالسكوت عن شركات كثيرة تنفي عن وجود أي إعلان إيجابي في الوقت الحاضر متلاعبين بكلمة "لا يوجد الآن" فينزل السهم ويبيع من يبيع بخسارة ثم ما تلبث الشركة أن تعلن عن ذلك بعد أسبوع أو أسبوعين أو أكثر فيستفيد من كان لديه العلم والخبر الصحيح من داخل الشركة.
إن تصريح الهيئة أن الأسعار وصلت إلى حد مبالغ فيه وأن هناك تلاعبا من المضاربين عمل ممتاز ورائع، ولكن للأسف في التوقيت السيئ جدا, فبعد أن استفاد القليل وضاع وتحمل الصغير خسائر لا حصر لها نزل الإعلان التحذيري يا سلام على مبدأ الشفافية والإفصاح. لقد وصلت "بيشة الزراعية" إلى 2500 و"فيبكو" إلى أكثر من 2000 و"الشرقية الزراعية" إلى 1500 و"الباحة" إلى 900 وقس على ذلك، فلماذا لم يكن الإعلان والتصريح يوم أن كانت تلك الشركات قد خرجت إلى نطاق اللامعقول؟
أعود إلى نسبة التذبذب 5 في المائة التي لم تنظر الهيئة الموقرة إلا لجانب واحد وهو محاولة تخفيف وطأة النزول المحتمل الذي نتج عن تأخر وضعف في مراقبة السوق والتوقيت المناسب في اتخاذ القرار بينما الحد من نسبة التذبذب إلى 5 في المائة يتعارض مع أساسيات السوق الحرة وقواعد العرض والطلب، وبلا شك أنه يتعارض مع أنظمة منظمة التجارة العالمية التي تسعى إلى تحرير الأسواق. حتى الإعلانات التحذيرية في الجرائد اليومية الذي دفع فيه أكثر من 30 مليون ريال ليس أهم من عقد ورش عمل مع أقطاب الصحافة الاقتصادية وخبراء اقتصاديين ورجال أعمال ممن خبرتهم تفوق الأكاديميين لشرح وجهة نظر كل طرف للآخر، حيث أهمية تداول نشر استبيان أسبوعي لبعض التوجهات مثل ما يحدث في CNN لتتمكن من التعرف على متطلبات المتداولين، وكذلك أهمية عمل دراسات على عينة عشوائية يصل عددها إلى أرقام مرضية إحصائيا ومن كافة الطبقات عن وضع السوق والهيئة والاقتراحات، ولا يمنع أن تقوم بذلك مراكز مستقلة، فأغلب الهيئات الكبيرة تعتمد على القرارات المعتمدة على البراهين والدراسات وليس على آراء الهيئة الموقرة فقط حتى وإن كان لديكم أعظم الخبراء الاقتصاديين فيجب مشاركة السوق وصناعها. نريد أن نعرف من الجهة التي تقوم بمراقبة جودة أداء الهيئة والتدقيق على أدائها داخليا، لتستطيع تقييم وتقويم أدائها بشكل مستمر وداخلي. وأين الشفافية التي تنادي بها الهيئة وهي بمعزل عنها؟ هل نقول إن الهيئة أخفقت في إيجاد قناة مباشرة بينها وبين المساهمين أو المتداولين مع أنهم هم عصب السوق وجعلت نفسها في معزل عنهم فلم يجدوا في يوم من الأيام أي إيضاحات لما يحصل من قرارات ولم نشاهد منهم أي أحد في لقاء تلفزيوني يجيب عن استفساراتهم وقلقهم إزاء بعض القرارات والإشاعات سوى مرة في قناة "العربية" مع مدير العلاقات العامة، حيث لم يفلح في الإقناع أو في قتل الإشاعات في مهدها، فكانت الحقيقة الصعبة أن الإشاعات انطلقت ولاكتها الألسن في صالات البنوك وفي البيوت وكذلك المنتديات، لأنها لم تجد أي تفسير أو تعليل أو تصديق أو تكذيب لها من مصدر رسمي، وآخرها إشاعة تجزئة الأسهم التي انتشرت إبان الارتفاعات الجنونية في الأسعار، إنها هي السبب وراء ذلك، فأين دور الهيئة في نفي أو تأكيد مثل تلك الشائعات؟ وأين الشفافية في مثل هذه الأمور؟
إن المواطن البسيط الذي ألقى بآماله وطموحاته على سوق الأسهم فوجدها أحلام يقظة، ندعو الله أن يكون إعلان خادم الحرمين الشريفين في المجلس الاقتصادي الأعلى بداية تصحيح المسار من قبل الجهات المختصة ووضع خطط وبرامج تعود بالنفع على المواطن والهيئة معاً.
ختاما أطالب نفسي والزملاء الكرام المحامين بالوقوف مع الزميل المحامي أسامة سعد يماني الذي رفع قضية لصغار المساهمين وهذه القضية تكتسب أهمية قصوى للمحافظة على أموال ومدخرات الصغار الذين بينهم متقاعدون وأرامل وسيدات تكبدوا خسائر مالية ومعنوية من جراء تلاعب البعض في تعاملاتهم وصفقاتهم في سوق الأسهم المحلية، حيث إن عمل المتلاعبين يمثل خرقا واضحا للأنظمة والتعليمات الصادرة من الجهات الرسمية، مما انعكس سلبا على رفع أسعار بعض الشركات بصورة غير حقيقية. لذا نحن نطالب بتعزيز طلب المحامي أسامة يماني لهيئة سوق المال بتزويده بأسماء المتلاعبين الذين أوقفتهم الهيئة فعليا وتمت إدانتهم ومعاقبتهم في الحق العام. ونريد المطالبة بحقوق المواطن في الحق الخاص وفي ذلك عدل.
إن إظهار أسماء المضاربين المدانين يجسد لنا حرص المسؤولين في الهيئة على المحافظة على النظام، وقوته، وتحقيق مبدأ الشفافية والإفصاح.