مشهور
08/04/2006, 03:23 PM
الحزن!
في سنة 1950 جاءت المعجزة، فقد ظهرت رواية للأديبة الفرنسية فرنسواز ساجان، الرواية اسمها (مرحبا أيها الحزن). ولم تكن ساجان في حاجة إلى طبل وزمر، إنها أديبة في السادسة عشرة من عمرها، وقد سبقتها زفة أدبية وأفراح نقدية في كل الصحف والمجلات، وقالوا إن روايتها كانت طويلة. ولكن الكاتب الكبير اندريه موروا قد اختصرها، ومن سطرها الأول حتى نهايتها كلام بديع. الرواية كلام جديد لفتاة صغيرة تعيش في مجتمع غارق في الإحباط والقرف واليأس من الحياة، أو في مفردات لا أول لها ولا آخر من خيبة الأمل واليأس من أن يظهر جديد ينقذ الناس من القديم.
وفي الرواية الصغيرة تعبيرات غريبة ومشاعر فجة، ولا يهم ماذا قال البطل، المهم أن كلاما جديدا ووعدا بشيء لا نعرف ما هو، وهذا الإحساس بانتظار الغائب لعله يعود، وانتظاره أن يجيء فلا يجيء. ففي أدب العبث مسرحية اسمها (في انتظار جودو) يجلس اثنان ينتظرانه فلا يجيء، وعلى الرغم من أنهما اثنان، فالثالث هو الذي لا يجيء.
ولي مسرحية ظهرت في الستينيات اسمها (الأحياء المجاورة) بطولة اثنين فقط هما : حمدي غيث وسناء جميل، والمسرحية كوميدية بوليسية ولا يظهر على المسرح في ثلاثة فصول أحد سواهما، واما الانتظار هو الثالث، والذي ينتظرونه لا يجيء، وفي مسرحية (الكراسي) للأديب الروماني الفرنسي يونسكو ملئ المسرح بالمقاعد، ولكن الضيوف لم يحضروا فهناك انتظار ينوء به المكان والزمان، ولكن أحدا لا يجيء.
ولكن جاءت فرانسواز ساجان، حقيقة مؤكدة، فتحت الباب أمام حقائق مثلها في أماكن كثيرة من الدنيا. ظهرت فتيات أديبات في أميركا وفي بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، وفي العالم العربي أيضا، ظهرت السورية غادة السمان وكتابها (عيناك قدري) واللبنانية ليلة بعلبكي وروايتها (أنا أحيا) وظهرت أديبة مصرية يهودية هي جويس منصور وديوانها بالفرنسية اسمه (صرخات)، وظهرت أديبة إسرائيل ياعيل ديان وروايتها (وجه جديد في المرآة). وقد أسعدني في ذلك الوقت أن أتلقى الزهور الأولى لثمار أدبية فكانت فرحتي عظيمة بالأديبات الصارخات بالحرية والمتفجرات بالحيوية واللاتي شرعن اظافرهن الطويلة، لقد نبتت عشرات من فرنسواز ساجان في كل مكان، فالدنيا ربيع، وربيع الحياة إبداع وشجاعة وحرية!
يوميات انيس منصور نقل عن جريدة الشرق الاوسط اليومية
في سنة 1950 جاءت المعجزة، فقد ظهرت رواية للأديبة الفرنسية فرنسواز ساجان، الرواية اسمها (مرحبا أيها الحزن). ولم تكن ساجان في حاجة إلى طبل وزمر، إنها أديبة في السادسة عشرة من عمرها، وقد سبقتها زفة أدبية وأفراح نقدية في كل الصحف والمجلات، وقالوا إن روايتها كانت طويلة. ولكن الكاتب الكبير اندريه موروا قد اختصرها، ومن سطرها الأول حتى نهايتها كلام بديع. الرواية كلام جديد لفتاة صغيرة تعيش في مجتمع غارق في الإحباط والقرف واليأس من الحياة، أو في مفردات لا أول لها ولا آخر من خيبة الأمل واليأس من أن يظهر جديد ينقذ الناس من القديم.
وفي الرواية الصغيرة تعبيرات غريبة ومشاعر فجة، ولا يهم ماذا قال البطل، المهم أن كلاما جديدا ووعدا بشيء لا نعرف ما هو، وهذا الإحساس بانتظار الغائب لعله يعود، وانتظاره أن يجيء فلا يجيء. ففي أدب العبث مسرحية اسمها (في انتظار جودو) يجلس اثنان ينتظرانه فلا يجيء، وعلى الرغم من أنهما اثنان، فالثالث هو الذي لا يجيء.
ولي مسرحية ظهرت في الستينيات اسمها (الأحياء المجاورة) بطولة اثنين فقط هما : حمدي غيث وسناء جميل، والمسرحية كوميدية بوليسية ولا يظهر على المسرح في ثلاثة فصول أحد سواهما، واما الانتظار هو الثالث، والذي ينتظرونه لا يجيء، وفي مسرحية (الكراسي) للأديب الروماني الفرنسي يونسكو ملئ المسرح بالمقاعد، ولكن الضيوف لم يحضروا فهناك انتظار ينوء به المكان والزمان، ولكن أحدا لا يجيء.
ولكن جاءت فرانسواز ساجان، حقيقة مؤكدة، فتحت الباب أمام حقائق مثلها في أماكن كثيرة من الدنيا. ظهرت فتيات أديبات في أميركا وفي بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، وفي العالم العربي أيضا، ظهرت السورية غادة السمان وكتابها (عيناك قدري) واللبنانية ليلة بعلبكي وروايتها (أنا أحيا) وظهرت أديبة مصرية يهودية هي جويس منصور وديوانها بالفرنسية اسمه (صرخات)، وظهرت أديبة إسرائيل ياعيل ديان وروايتها (وجه جديد في المرآة). وقد أسعدني في ذلك الوقت أن أتلقى الزهور الأولى لثمار أدبية فكانت فرحتي عظيمة بالأديبات الصارخات بالحرية والمتفجرات بالحيوية واللاتي شرعن اظافرهن الطويلة، لقد نبتت عشرات من فرنسواز ساجان في كل مكان، فالدنيا ربيع، وربيع الحياة إبداع وشجاعة وحرية!
يوميات انيس منصور نقل عن جريدة الشرق الاوسط اليومية