مشاهدة النسخة كاملة : مقالات الكاتب خالد القشطيني
مشهور
29/10/2006, 03:09 AM
لا شكر على الواجب
حدث لرجل بريطاني في لندن ان فقد إحدى عينيه لسبب نعتبره تافها في عالمنا العربي. كان الرجل ينوي عبور الشارع. فأوقف احد السائقين سيارته ليسمح له بالعبور. وبعد ان عبر الشارع سالما، نزل السائق من السيارة وهرع وراءه وانهال ضربا عليه بقضيب حديدي، بما أدى الى فقد عينه اليمنى. ولدى سؤال السائق عما حمله على ذلك، قال، لقد وقفت له ليعبر ولم يقل لي أشكرك!
هذه الكلمة «اشكرك Thank you » واختها من فضلك Please تعني كل شيء عند الانجليز. وطالما وقع في محنتها المواطنون العرب عند مجيئهم الى بريطانيا. فنحن غير معتادين كثيرا على استعمال هاتين الكلمتين مما يحمل الانجليز على اعتبارنا قوما غير مؤدبين ولا متأدبين. كم وكم دخلت هذه النقطة في عرائض الطلاق ضد الازواج العرب؛ فالانجليزية تعتبر الزوج سيئ الخلق عندما تسلق له بيضة ولا يقول لها اشكرك. والعربية ربما تعتبر الزوج يسخر منها اذا فعلت ذلك وقال لها اشكرك. ربما ترد عليه وتقول «شنو يعني؟ ما عاجبك؟» بالطبع نحن عندنا هاتان الكلمتان. ولكننا نختلف في استعمالهما. وقد تمعنت في الموضوع مرارا وتوصلت الى هذه النتيجة، وهي اننا نقول أشكرك عندما يقدم لنا انسان شيئا خارج حدود الواجب. انه يتفضل علينا ومن واجبنا ان نشكره، وإلا فما الداعي لشكره؟
نقول مثل ذلك عن الزوجة. فمن حقها أن تطالبنا بالشكر عندما تقطع لسانها وتسكت. فالسكوت ليس من واجبات الزوجية. وعلينا ان نشكرها على هذا الفضل الكبير، سكوتها. ولكن ليس علينا ان نشكرها عندما تقبلنا فنحن نعتبر ذلك من واجبها. والقاعدة عندنا تقول: لا شكر على الواجب.
الحقيقة اننا أكثر منطقية وعقلانية في ذلك من الإنجليز. فهؤلاء القوم ينتظرون الشكر على كل شيء، مما يبطل قيمة الشكر ويجعله عبارة روتينية لا تنم عن تقدير خاص. فهم يشكرون المرأة إذا قطعت لسانها او أطلقت لسانها سواء بسواء. وهذا سر كثرة مشاكلهم الزوجية وكثرة طلاقاتهم. انه انعدام الحافز كما يقولون في عالم الصناعة. هذه نصيحتي لأي عربي يتعامل مع الانجليز. قل لهم اشكركم حتى عندما ينهبونك او يخدعونك. اذا لم تفعل سيتهمونك بقلة التمدن وانعدام الأدب وسوء السلوك. لماذا كل هذا التحامل علينا في صحافتهم؟ انا اقول لكم السبب. والسبب هو اننا لم نقل لهم نشكركم عندما استولوا على ديارنا ولم نقل لهم من فضلكم عندما طالبناهم بالجلاء وإعادة ثرواتنا الينا. كم قد كتب وقيل عن أسباب العدوان الثلاثي على مصر. كان كله هراء في هراء. هناك سبب واحد وهو ان المصريين لم يشكروهم على حكمهم لمصر ولا على تقسيم فلسطين وإعطائها للصهاينة. اغتاظ انطوني ايدن من ذلك وفعل بمصر مثلما فعله ذلك السائق بعابر الطريق. هذا في الواقع ما عبر عنه كثير من جنودهم وضباطهم المرابطين في العراق الآن. يستغربون لماذا لا يقول لهم العراقيون شكرا على كل شيء، شكرا على هذه الأحوال المزرية التي ألقيتم بها شعب العراق. والأميركان أيضا. كم سمعتهم يرددون في عجب واستغراب: عجيب أمر هؤلاء العراقيين، لماذا لا يشكروننا على ما فعلناه لهم؟ وبعد إبرام القوانين الاخيرة لتقسيم العراق الى فيدراليات، سيتوقعون ايضا وينتظرون من دعاة التقسيم ان يقولوا شكرا للعم سام، وإن لم يفعلوا فما ذلك إلا لإيماننا بأنه لا شكر على واجب.
مشهور
24/11/2006, 02:56 AM
أيام فاتت
في هذه الأيام الكالحة التي ابتليت فيها الامة الإسلامية بالمتطرفين ودعاة العنف، علينا ان نتذكر الايام الحلوة التي تمسك الناس فيها بالاعتدال وتحررت المرأة، وشق على المرء واستعاب ان يسأل جليسه عن طائفته او دينه، وتسمى النصارى باسم محمد وتسمى المسلمون باسم عيسى وموسى، والسنة باسم حسين وعلي والشيعة باسم عمر وعثمان، في تلك الايام الحلوة تتلمذت على يد استاذي الجليل حسين علي الاعظمي، رحمه الله، في كلية الحقوق العراقية.
كان الملا حسين، كما كان يعرف بين اهل محلته في الأعظمية بجوار الإمام ابي حنيفة النعمان، من مشايخ المسلمين عندما تأسست المملكة العراقية، رعى الله ذكراها، يعلّم الناس دينهم ودنياهم ويفتي بينهم. انتدبوه لتدريس الشريعة الاسلامية في كلية الحقوق. ما زلت اتذكر صوته الرخيم وابتسامته الوديعة ولهجته الأعظمية الأصيلة. ما زلت اتذكر مخاطبته لنا، اسمع ابني.. اسمعوا يا اولادي...
كان مستغرقا في النوم على سطح بيته على عادة العراقيين في الصيف، وقد دنت الساعة من منتصف الليل، عندما أفاقه طرق عنيف على الباب. وصوت رجل يناديه باسمه «ملا حسين!... يا ملا حسين!...» لم يتمالك استاذنا غير ان يطرد النوم من عينيه، ويتناول السلم بدشداشته وينزل ليفتح الباب. وجد امامه شابا بالدشداشة والطاقية من فئة بسطاء الكسبة والشغالين. من الواضح انه كان قد عاد توا من حانة ابو عتيشة. ورائحة ابو عتيشة تعج من فمه.
«ملا حسين، ابوس إيدك. اعطيني فتوى. بساعة عصبية وسوس لي الشيطان الله يلعنه، وطلقت مرتي بنت عمي بالثلاثة. وانا ندمان عليها. اريد ارجعها لكن الناس يقولون لي لازم اجحشها بالأول! ملا، شلون؟ هذي بنت عمي، شلون اخلي غريب ينام وياها؟ اريدك تحل لي هالمشكلة».
نظر استاذي الجليل في وجهه وشمّ رائحة ابو عيشة في انفاسه. ابتسم ابتسامته الوديعة ذاتها. وضع يده على كتف الشاب وقال له:
اسمع ابني. شأسمك انت»؟ ـ «يسموني فاضل ابو ورطة» ـ «اسمع ابني فاضل، كلهم يقولون لازم تجحشها بالأول. لكن آني حسين الأعظمي اقول لك روح رجعها لبنت عمك. اعقد عليها مهر من جديد ورجعها. وآني حسين الاعظمي خطيتك برقبتي اذا اكو خطيئة».
انكب الرجل على يد الاستاذ الفاضل ليقبلها ويشكره ويدعو له بطول العمر. لم انس ذلك. ولا نسيت ما كان يردده لنا من فقه الشريعة السمحة: «اذا ضاق الأمر اتسع».
ايام حلوة. ايام التسامح والمحبة ... وفاتت.
مشهور
06/12/2006, 02:33 AM
زلة لسان وعثرة بنان
عندما اشار توني بلير الى الحالة في العراق وقال انها كارثة، بادر المسؤولون الى ترقيع ما قاله بما قالوه وهو انها كانت مجرد زلة لسان! الحقيقة كما كشف عنها سيغموند فرويد وآمن بها معظم المحللين النفسيين واطباء النفس هي ان زلة اللسان كثيرا ما تعبر عن الواقع والحقيقة. فهي تصدر من اعتقاد داخلي يأبى ان ينقمع فيخترق السدود والقيود رغم صاحبه ويكشف عن نفسه. ثم يبادر الشخص فيقول عفوا، انها مجرد زلة لسان لا تأخذوا بها. واحمق من لا يأخذ بها.
زلة اللسان تقابلها في الكتابة عثرة البنان. يا ما وقعت بمثل ذلك. وايضا يا ما لاحظت ذلك في الآخرين. كانت هناك سكرتيرة تساعدني في كتابة مقالاتي. وطبعا كانت ككل من يستعملون الآلة الطابعة، كثيرا ما تقع في اخطاء طباعية. الفت نظرها اليها ولكنني لاحظت بعد آونة ان اخطائها غالبا ما كانت اقرب للحقيقة من الأصل المقصود. رحت اسجل عليها هذه الأخطاء. وهذه ادناه بعض ما وقعت فيه من عثرات البنان، او سمها زلة لسان إن شئت:
الشرق الأوسط: الخطأ الصحيح ...«الشر الأوسط».
إحلال السلام في المنطقة: الخطأ الصحيح ...«احلام السلام في المنطقة».
الشعر التقليدي: الخطأ الصحيح... «الشر التقليدي».
لو سمحوا لي لقلته: الخطأ الصحيح ... «لو سمحوا لي لقتلته».
صرح الرئيس قائلا: الخطأ الصحيح ...«صرخ الرئيس قائلا».
إنه يسعى لتمجيد مصر: الخطأ الصحيح ... «إنه يسعى لتجميد مصر».
الحزب القيسي: الخطأ ... «الحزب التيسي».
وزير المعارف: الخطأ ... «وزير المعارك».
تعبير هذا الكاتب: الخطأ ...«تبعير هذا الكاتب».
شقيقة الوزير: الخطأ ... «شقية الوزير».
الشعب العراقي: الخطأ ... «العشب العراقي».
وزير السياحة: الخطأ ... «وزير السباحة».
أبو الفداء: الخطأ... «أبوالداء».
حاربتم امريكا: الخطأ ... «حاببتم امريكا».
نبض المنتدى
06/12/2006, 10:23 AM
ولكنني لاحظت بعد آونة ان اخطائها غالبا ما كانت اقرب للحقيقة من الأصل المقصود.
عثرة بنان فعلا
صقر الجنوب
06/12/2006, 01:57 PM
مايحصل في العراق يعرفه الجميع لكننا نحاول ويحاولون تسمية الاشياء بغير مسمياتها
مشهور
08/12/2006, 01:26 AM
في ذمة الله
لقد سمعت في حياتي كثيرا من الخطب والقصائد في نعي شتى الأعزاء والأحباء من أقارب وغرباء. وفي كل مرة كنت أقول: «يا للأسف! كل هذا الكلام الحلو والفقيد غير قادر على سماعه». الواقع أن حياتنا ستكون أجمل وأسلم، لو اننا نعينا بعضنا البعض في حياتنا وعاكسناهم وشتمناهم بعد مماتهم.
أوجه مثل هذا الكلام لنفسي بصورة خاصة. فمما أتذكره قبل سنوات انني كتبت كلمة في رثاء صديقي بلند الحيدري من ارق ما قلته بحق أي شخص حيا أو ميتا. كل ذلك بعد حياة طويلة لم يتلق فيها المرحوم مني غير الشتم والتقريع والمهاوشة. أقول مثل ذلك عن زميل الأمس الآخر نجيب المانع. كنا نشتغل في غرفة واحدة في مبنى هذه الصحيفة. ولا أتذكر انني طوال تلك الأيام قلت له كلمة واحدة لطيفة. ولكن ما أن انتقل الى دار الآخرة حتى تناولت القلم ورحت اصيغ اعذب الكلام في رثائه. وما فائدته من ذلك؟ مصيبتي في الأمر ان المرحوم نجيب كان أذكى مني فمات قبلي وحصل مني على كل ذلك المدح. وعندما سأموت انا لن يكون هناك لأحصل على أي مدح منه. وفي هذا شيء من الظلم والاستغلال للأحياء.
لهذا ارى من الحكمة والعقل والعدالة ان نبادر الى رثاء بعضنا البعض اثناء حياتنا. وهو في الواقع ما يفعله بعض الكتاب الغربيين لبعضهم البعض. كان من ذلك ما كتبه الناقد الانجليزي مكس بيربم في رثاء زميله برناردشو أثناء حياته. اقترح ان يكتب على شاهد قبره هذه الكلمات:
«انا جورج برنارد شو. لقد تخانقت مع الجميع. ووجدت الجميع يستحقون المخانقة. وكرهت الطبيعة وكرهت الفن اكثر من كرهي للطبيعة. ووقفت على جليد الأرض لأبرد قدمي فانكسر تحتهما، فضرطت أعظم ضرطة!».
بودي ان اكتب رثاء للكثير من زملائي وأصدقائي في عالم الشعر والأدب والسياسة اثناء حياتهم. ربما يتصور القراء انه لم يبق لي أي اصدقاء بعد تأييدي للغزو الأمريكي للعراق. ولكنني اؤكد للجميع بأن مازال لي اصدقاء وأحباء كثيرون، اخص بالذكر منهم كل من سرقوا الملايين من أموال العراق، وأتمنى ان ارثيهم من كل قلبي، ولكن هذه الصحيفة لا تؤمن برثاء الأحياء مع الأسف. و كم منهم يستحق اقوى الرثاء. استطيع على الأقل ان ارثي نفسي فأقول:
«هنا يرقد رجل لم يؤمن برجولته. آمن بالوحدة العربية فتمزقت. آمن بالاشتراكية ففشلت. صدق حكومة جورج بوش وكذبت، استبعد قيام الطائفية وتفجرت، وقف ليحاضر عن مستقبل العراق فوجد سرواله مفتوحا فآمن برجولته».
مشهور
21/12/2006, 08:59 PM
ما أوسعها من لغة!
من ألذ ما في الأدب العربي في عالم الظرف والفكاهة المغالطات اللغوية. أورد ابن الجوزي شيئا منها في كتابه «أخبار الظراف والمتماجنين»، وطالما اصبحنا على ابواب الكرسمس فلأستشهد بما قال:
لما حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة قال: ابعثوا لي رجلا من عقلائكم. فبعثوا بعبد المسيح بن عمرو. وكان نصرانيا فجاء فقال لخالد، انعم صباحا ايها الملك. فقال قد اغنانا الله عن تحيتك هذه. فمن اين اقصي اثرك ايها الشيخ؟ قال من ظهر أبي. قال فمن اين خرجت؟ قال من بطن امي. قال فعلام انت؟ قال على الأرض. قال ففيم انت؟ قال في ثيابي. قال أتعقل؟ قال أي والله وأقيد. قال ابن كم انت؟ قال ابن رجل واحد. قال خالد ما رأيت كاليوم اسألك الشيء وتنحو غيره. فقال ما انبأتك الا عما تسألني!
وهذا كله حديث يذكرني بمناقشات القيادات الفلسطينية وكلامهم. ولكن للمبرد حكاية مشابهة:
قال رجل لهشام بن عمرو الغوطي، كم تعد؟ قال من واحد الى الف الف. قال ما أردت هذا. قال فما أردت؟ قال كم تعد من السن؟ قال اثنتان وثلاثون، ست عشرة من أعلى وست عشرة من اسفل. قال لم أرد هذا. قال فما اردت؟ قال كم لك من السنين؟ قال ما لي شيء منها. كلها لله عز وجل. قال فما سنك؟ قال عظم. قال فابن كم انت؟ قال ابن اثنين، أب وأم. قال فكم أتى عليك؟ قال لو أتى علي شيء لقتلني. قال فكيف أقول؟ قال قل كم مضى من عمرك؟!
ودخل رجل على عبد الملك بن عبد العزيز وقال: خرجت الى حائطي في الغابة فتعرض لي رجل فقال: اخلع ثيابك. قلت وما يدعوني لذلك؟ قال انا اولى بها. قلت ومن أين؟ قال لأني أخوك وأنا عريان وأنت مكتس. قلت فالمواساة؟ قال كلا قد لبستها برهة وأريد أن ألبسها أنا كما لبستها أنت. قلت فتعريني وتبدي عورتي؟ قال قد روينا عن مالك انه قال لا بأس للرجل ان يغتسل عريانا. فقلت اني اراك ظريفا فدعني أمضي الى حائطي وانزع الثياب. قال كلا. أردت ان توجه علي عبيدك فيحملوني الى السلطان فيحبسني. قلت أحلف لك ايمانا ان أفي لك. قال لا يلزم الأيمان التي يحلف بها اللصوص.
قلت أحلف لك الا احتال في ايماني. قال هذه يمين مركبة على ايمان اللصوص. قلت فدع المناظرة. فوالله لأوجهن لك ثيابي.
أطرق الرجل ثم رفع رأسه وقال: اتدري فيما فكرت؟ تصفحت امر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم اجد لصا أخذ نسيئة. واكره أن ابتدع في الاسلام بدعة يكون علي وزرها ووزر من عمل بها بعدي الى يوم القيامة!
وهذه مناظرة تذكرني بكلام العلاسين والخطافين، وكل لصوص الملايين المسروقة في العراق الآن. لا يقبلون بالدفع نسيئة!
العمدة
23/12/2006, 10:17 AM
اشكرك على موضوعك
لا عدمناك ولا عدمنا تواجدك
لك مني كل التقدير والاحترام
اخووووووووووك العمدة
مشهور
26/12/2006, 08:55 PM
النكتة النظيفة
من تقاليد احتفالات الكرسمس والعام الجديد في الغرب تقديم المفرقعات، او الطرقات (cracker) بعد الغداء، وهذا شيء عجيب وشاذ. فالمفرقعات ليست طبق حلوى او نوعا من الفاكهة او أي شيء يمكن اكله او شربه. انها اسطوانة ورقية مزركشة تمسك بطرف منها وتقدم الطرف الآخر لمن تشاء من الضيوف ليمسك به، ثم تشدان بها حتى تنفجر بانفجار ناعم رقيق يكشف عما في داخل الاسطوانة. وهو طاقية ورقية ملونة يلبسها الفائز وهدية تافهة له، مثلا خاتم بلاستيكي، او لعبة لغز، ثم وريقة تحمل نكتة وجيزة يقف الفائز ويقرأها للحاضرين. الفكرة طبعا إضحاك الجميع بما يساعد على الهضم واكل المزيد من الديك الرومي وحلوى الكرسمس البدنغ.
بيد ان هذه النكات اخذت تفقد اثرها على الجهاز الهظمي لم تعد تضحك احدا. تمتد تقاليد هذه الطرقات لعدة اجيال وأصبحت متكررة ورتيبة ومملة. نفس النكتة يسمعها الانسان عاما بعد عام، من المهد الى اللحد. واخذ الضحك ينصب في اكثر الاحيان على الشركة المسؤولة عن هذه النكات الهايفة الممجوجة. وحرصا على سمعتها بادرت شركة توم سمث التي تعتبر من المؤسسات الرئيسية في صناعة هذه النكات الى عقد جلسات خاصة يشرف عليها كبار الفكهاء والكتاب الهزليين لتصفية النكات التقليدية وتطوير المجموعة بما يتناسب مع روح العصر. لقد وجدوا مؤخرا ان مجموعة من النكات تقرب من 150 نكتة تستعملها الشركة لا تضم غير 14 نكتة فقط تستحق أي ابتسامة.
بالطبع سيقول القارئ، ما اسهل هذه المشكلة وفي العالم ملايين النكات. هذا ما يقوله ايضا الكثيرون لي.. عندك زاوية هزلية؟ ما اسعدك. الدنيا مليانة نكات وتقليعات. انقل منها وخلص المقالة بدقيقتين. ما يغيب عن التفكير هو ان 99% من النكات التي يرويها الناس كل يوم في المقاهي تخرب بيتي وبيت الجريدة اذا رويت شيئا منها للقراء. وهذه هي مشكلة المسكين توم سمث، مجهز هذه الطرقات. انه يبيع منتجاته للمدارس والمستشفيات والكنائس ويجهزها للأسرة المالكة ومسكن اسقف كانتربري وبيت توني بلير، وهلمجرا. نكتة واحدة على المسلمين ولبس الحجاب وتخسر بريطانيا كل علاقاتها مع العالم الاسلامي. نكتة واحدة على النقابات ويعلن عمال الكهرباء الاضراب ويطفئون كل شجرات الكرسمس.
نكات الطرقات نكات من فصيلة خاصة مطهرة من المشاكل والزعل، تماما مثل افتتاحيات معظم الجرائد الرسمية العربية. لا يجوز ان تتعرض لأي دين او تمس أي طائفة. لا يجوز ان تجري على حساب المرأة وهي المسؤولة عن طبخ الديك الرومي, ولا على حساب الأطفال وبيدهم كل هذه الهدايا من بنادق ورشاشات وطبول وأبواق، ولا تمس اسرائيل بشيء فتتهم الشركة بمعاداة السامية.
ما عليهم غير ان يستنجدوا بخبرة هذا الكاتب العراقي في تعامله بالفكاهة وإضحاك العرب والمسلمين وعالمهم يحترق ويعج بالقتل والخراب. وهذه نكتة العام الجديد.
مشهور
22/01/2007, 02:57 AM
أحلام الطلاق
عندما نتذكر ان نصف الزيجات في بريطانيا تنتهي بالطلاق والافتراق، نستطيع ان نفهم كل هذا التراث الجاري المعبر عن قرف الرجال من نسائهم. وقبل ان نتساءل لماذا اذن تزوجوهن، عليك ان تتساءل لماذا اذن بقي نصفهم معهن؟ الظاهر ان نساءهم لم يتركن لهم من الوقت ما يكفي لمراجعة محاكم الطلاق.
دعونا من هذا الاستقراء السوداوي للموضوع ولنواصل مراجعة بعض صفحات السخرية الرجالية بالمرأة.
تحدث احدهم لأصحابه فقال: إن زوجتي هدتني الى الايمان بالله والآخرة. قال: منذ ان تزوجتها اصبحت أومن بوجود الجحيم.
الطلاق في العالم الاسلامي امر سهل. ولكنه كان في الغرب حتى السنوات الاخيرة من اصعب الاجراءات. وما زالت تبعاته فظيعة بالنسبة للتسوية المالية كما نقرأ في الصحف باستمرار. وقد دمرت هذه التبعات كثيرا من اصحابي بالفعل. فلا تحتاج المرأة غير ان تعيش مع زوجها او عشيقها سنتين او ثلاثا حتى تطالبه عند الطلاق او الافتراق بنصف ثروته. ادت صعوبات الطلاق وتبعاته الى انتشار ظاهرة التخلص من الزوجة بالقتل. وهو شيء نادر جدا في عالمنا الاسلامي. انطلق الظرفاء ليصوغوا تقليعاتهم في هذا الخصوص.
سأل احدهم زميله: تقول ان زوجتيك الاولى والثانية ماتتا بأكل الفطر المسموم. والآن الثالثة ماتت بسقوطها من قمة جبل. شيء غريب! اجابه الزوج الأرمل قائلا، نعم الثالثة رفضت اكل الفطر الذي قدمته لها. هز الآخر رأسه قانطا وقال: مشكلتي مع زوجتي انها لا تفي بوعودها. قالت عند زواجي بها، انها تحبني وتموت من اجلي. ولكنها ما زالت حية!
من اطرف الوقائع التاريخية ما جرى بين ونستن تشرشل والليدي استر بعد مناقشة حادة بينهما. فقد كانت يسارية وكان هو زعيم المحافظين. قالت له: «آه! لو كنت زوجتك لما ترددت في دس السم في قهوتك». اجابها تشرشل، «ولو كنت زوجتي، لما ترددت في شرب تلك القهوة».
عبر آخر عن معاناته بزوجته فقال: الصحيح هو ان تكون الزوجة مثل الورقة النقدية. عندما تكون بالاربعين تصرفها وتحصل على اثنتين من ذوات العشرين!
اسراف بعض النساء عامل من عوامل غيظ الرجال عليهن، وبالتالي تهكمهم بهن. قالوا ان المستر غلبرت جعلت منه زوجته مليونيرا. كان قبل زواجه بها مليارديرا! تذمر رجل الى صاحبه فقال لا يدري كيف يعرف اين زوجته عندما يحتاج اليها. سأله :كيف انت تدبر حالك في العثور عليها؟ اجابه قائلا: مسألة سهلة, افتح جزدانك فتجدها على الفور امامك.
القبح باب آخر من ابواب السخرية الرجالية. ذكر احدهم ان زوجة فلان عندما تذهب الى حديقة الحيوان تشتري بطاقتين واحدة ليسمحوا لها بالدخول وواحدة ليسمحوا لها بالخروج!
وبعد ان اجريت لامرأة قبيحة اخرى عملية تجميل باهظة الكلفة، اتفق الجميع على ان الجراح المختص حقق معجزة في تحسين شكلها. كل ما في الأمر هو ان على المشاهد ان يعاينها كما يعاين لوحة فنية. عليه ان يبتعد مسافة كافية منها ليتحسس جمالها.
مشهور
07/03/2007, 01:34 AM
رقم (1)
حذار من المفاتيح الضائعة
المفاتيح وضياع المفاتيح من متاعب الحياة . لم يحدث لي أن التقيت برجل لم يمر بها، وبما تضمنته من شجون ومفارقات ومن مضحكات ومبكيات. من المشاهد التي لا أنساها مشهد رأيته في إحدى القرى الألمانية النائية. اجتمع فيها أهل القرية بملابسهم التاريخية التقليدية حول تمثال مريم المجدلية. ثم انصرفوا كل الى ناحية. ودفعتني فضوليتي الكرخية الى سؤال احدهم عن المناسبة، أهي عرس ؟! فأشار الى رجل كئيب واقف وقال، لقد أضاع الهر شتاين مفاتيح بيته ومضى عليه يومان، وهو وأسرته ينامون في الطريق. فاستنجد بالقس وأهل القرية لعل مريم المجدلية تساعده في العثور على مفاتيحه.
محنة أليمة، ولكنها لا تدنو بشيء من المحنة التي واجهتها قبل سنوات لا بسبب فقدان مفاتيحي وإنما بسبب عثورنا على مفاتيح غيرنا. اتضح أن ضياع مفتاح أيسر من العثور على مفتاح. ثبت ذلك بعد أن عثر ابني نائل على مفتاح صغير صدئ بجانب طريق ريفي في ويلز. وكنت قد وعظته عن أهمية الأمانة والصدق: إذا عثرت على شيء فسلمه للشرطة..الخ. ووجدت في لقيته مناسبة تطبيقية فراح ليسلم المفتاح العتيق لأحد الشرطة. بيد ان الشرطي البريطاني الحريص على القانون رفض تسلمه منه باعتباره طفلا قاصرا. سأله عن ولي امره، فأجابه «أبي». فقال له: إذن فعلى والدك أن يأتي بالمفتاح ويسلمه.
استسخفت الفكرة وهممت برمي المفتاح في القمامة، ولكن فكرة مزعجة طرأت لي. ما الذي يحدث إذا وقعت سرقة ؟ ستتجه الشبهات حالا الى الرجل الذي عثر على مفتاح ولم يسلمه. ركبت القطار عندئذ وقطعت ثلاثين ميلا الى اقرب مركز شرطة في سوانزي. وهنا فتح المأمور سجلا اكبر من سجل غوانتانامو: اسمك، اسم ابيك، لقب عائلتك، متزوج أم أعزب؟ بدأت بالتضايق من كل ذلك. فقاطعت المأمور: «يا سيدي، هل كل ذلك ضروريا؟ انه مجرد مفتاح قديم صغير. ربما يعود الى ما قبل الحرب العظمى ومات اهله أو غيروا قفلهم». فأجاب: «هذا شيء ثانوي. القانون قانون ولا بد من تطبيقه. والآن عنوانك، شغلك، عنوان عملك؟ تاريخ ومحل ولادتك»... استمر بالاستجواب حتى وصل موضوع الإفادة. ما أن أدليت بها حتى وضع القلم جانبا وأغلق السجل: «يا سيدي هذا الطريق الريفي خارج منطقتنا. عليك ان تسلم المفتاح لشرطة كاردف. ارجو ان تتأكد من المنطقة اولا في المستقبل».
فكرت ثانية برمي المفتاح في الزبالة. بيد ان الشرطة أصبحت على علم به وستتضاعف شبهاتها اذا لم اسلمه حسب القانون. فركبت القطار الى كاردف. وبعد كثير من البحث اهتديت الى مركز الشرطة الذي وجدته عامرا برجال سرقت بيوتهم ونساء اغتصبت أعراضهن. أخذت مكاني حتى جاء دوري وباشروا معي: «اسمك؟ اسم عائلتك؟... الخ». وبعد ان انتهيت من الإفادة والإعادة ، تسلم المأمور المفتاح ووضعه في ظرف خاص وختم ووقع عليه. ثم طلب مني التوقيع ايضا عليه وعلى السجل واستودعني بالله: «شكرا على امانتك وسنتصل بك». أثارت الكلمتان الأخيرتان القلق في نفسي. ما الذي يتطلب المزيد من الاتصال؟ وكما سيجد القارئ في حلقتي القادمة لم يكن قلقي بدون مبرر.
التعليــقــــات
أ/خالد الفقيه، «المملكة العربية السعودية»، 04/03/2007
أستاذ خالد القشطيني توقعت هذه الامور المعقدة والروتينية عندنا فقط قي العالم العربي صحيح الامانة مهمة لكن، لقد كره الناس الامانة بسبب القانون المغفل احيانا.
جيولوجي/محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 04/03/2007
استاذ خالد قليلون هم من يتسمون بالأمانة الفائقة كما فعلت انت في حكاية المفتاح خاصة في حالة التعامل مع نظام سين وجيم في مراكز الشرطة واعتقد انه لو حدث ذلك في احدى دولنا العربية لدار الحوار الآتي من جاويش مركز الشرطة:
ياعم انت باين عليك راجل فايق وفاضي روح بيتكم بلاش تعب دماغ وده مفتاح مصدي لايودي ولايجيب.
المصطفى خربوش كاتب المغرب، «المملكة المغربية»، 04/03/2007
الحياة تجربة ترى الأحسن والأسوء، فهي صراع من أجل البقاء، كل يوم تصادفك أمور غريبة، بالتعقل تجتاز المخاطر.
شمس نوفل، «روسيا»، 04/03/2007
إن ضياع المفاتيح مشكلة معقدة يعاني منها كل انسان وكذلك ايجاد مفتاح ما وخصوصا عندما يجعل الانسان منه مشكلة امانة وضمير لكن هل جرب احد منكم ان يضع مفتاحه في مكان ما ومن ثم يبحث عنه ولا يجده و هو امام عينيه لقد جربت تلك اللحظة و صدقني لهي اصعب اللحظات. لا ادري لماذا او كيف يصل الانسان في مجتمعنا الى هكذا حالات. لقد كانت جدتي تعلق مفتاحها بخيط في رقبتها حتى لا يضيع فهل سنصل نحن الى هكذا حل لهذه المشكلة. ربما...
Azad Shawkat، «المانيا»، 04/03/2007
الاستاذ العزيز خالد القشطيني المحترم، شوقتنا الى تكملة القصة...ماذا كان سيحصل إذا كان مع المفتاح محفظة نقود! لربما كانوا يمطرونك بالاسئلة! لأن صديقا لي في المانيا وجد محفظة نقود في محطة للقطار وسلمها الى شرطيين ظنا منه سوف يشكرانه ويحصل على نقطة إيجابية إضافية في سجله الشخصي.. لكن إستفسار الشرطيين والاسئلة المعقدة جعلته يشعر بالخوف أكثر من شعوره بالفرحة.. من ذلك اليوم قرر عدم تكرار هذا الامر مرة ثانية!
ساطع غريب الحاج، «الاردن»، 04/03/2007
جميل جدا أخي أبا نائل، وأبقاك الله لترسم ابتسامات على شفاه قراء تسيل أعينهم دمعا ودما على ما يجري اليوم في اليمن ولبنان وفلسطين والعراق والصومال والسودان. وبعد، هل لي أن أُذكِّرُ بأنك قد كتبت عن نفس الموضوع قبل خمس او ست سنين؟ حين كان اليمن السعيد يعيش دون حوثيين، وكانت مآتم لبنان أقل مما هي عليه الآن، وكانت فلسطين تحلم بالسلام، والعراق مقموعا بصدام وليس بالمرجعيات والميليشيات، والصومال يلهو لا يدري إلى أين يذهب، والسودان كان مشغولا بالجنوب فقط ولم تكن دارفور قد استفاقت على مد النزعات الانفصالية بعد.
مجدى شلبى، «مصر»، 04/03/2007
* معاناتك مع هذا المفتاح اللعين، تشبه إلى حد بعيد معاناة المفكرين والمبدعين، فهم يجدون مفاتيح العقول التى لاتلين وكانها من حديد!
* إلا أن الجهلاء يفضلون النوم فى العراء، ويرفضون تسلم المفتاح من باب (يادار مادخلك شر)!
* ألا ترى معى أن هذا العناء أدهى وأمر!
مجدى شلبى، «مصر»، 04/03/2007
في ظل أسلوب التسرع، نعاني كثيراً من افتقاد الصبر الذي هو (مفتاح) الفرج!
في أحيان كثيرة يتم سرقة الصندوق، رغم كون المفتاح معنا!
إذا كان لك عدو واحد يا أبا نائل، فلا شك أنه صاحب هذا المفتاح اللعين!
من السهل أن تُضَيع (مفتاحك) ، لكن من العسير أن تعيده إليك مرة أخرى!
رقم (2)
عود على بدء
بعد مرور عدة أسابيع على تسليم المفتاح الضائع لشرطة مدينة كاردف، كما ذكرت في الحلقة السابقة، تسلمت رسالة من مركز الشرطة. قلت يا ساتر. حدث ما كنت أخشاه. عادوا للاتصال بي. فتحت المظروف لأقرأ هذه السطور: «لقد قمت بتسليم مفتاح لهذا المركز. وقد مضت الآن مدة الشهر المنصوص عليها في المادة 65 من قانون الودائع واللقيات والمفقودات لعام 1887 وتعديله بذيل القانون 85 لسنة 1913، من دون أن يتقدم أحد للأدعاء بملكية المفتاح المذكور والمطالبة به تحريريا أو شفويا، وبالاصالة أو الوكالة أو النيابة. وعليه وبموجب قانون تعديل ذيل القانون المشار اليه أعلاه والنظام الصادر بموجبه بتاريخ 5 ابريل 1925 وتعليمات مديرية الشرطة العليا الموجهة الينا بتاريخ 17 مايو1929 فيسرنا أن نعلمكم بأن المفتاح المذكور الذي عثرتم عليه على طريق بريكن الريفي، قد اصبح ملككم الخاص. يرجى حضوركم لهذا المركز خلال مدة لا تتجاوز اسبوعين لتسلم المفتاح المذكور والتوقيع في السجل بدخوله في عهدتكم».
يعني ذلك بعبارة أخرى قطع مائتي ميل الى ويلز لتسلمه. بيد أن ملاحظة في اسفل الرسالة افرجت عني، وانقذت الموقف. «واذا لم تحضروا في المدة المنصوص عليها في الرسالة أعلاه، فستقوم مديرية شرطة كاردف ببيع المفتاح المذكور وتحويل مبلغ البيع لأيتام وأرامل الشرطة، بموجب مقتضيات قانون الودائع واللقيات والمفقودات لعام 1887 المشار اليه آنفا بعاليه، وتعليمات مديرية الشرطة العليا المؤرخة 17 مايو 1929 وبالإشارة للنظام الداخلي لجمعية مساعدة ايتام وأرامل الشرطة، الفقرة 12 من المادة 13. ويمكنكم الاطلاع على نسخة من النظام المذكور في المكتبة العامة».
قلت الحمد لله أصبحت مصدرا لرفاه أيتام وأرامل الشرطة البريطانية. وأرجو لهم كل الخير والازدهار بثمن هذا المفتاح. ولن يضيع عند الله أجر المحسنين. بيد أن ولدي نائل ثار على هذه اللامسؤولية من جانبي. لقد وعدته بالعودة لجبال ويلز إذا صدفت لي أي مهمة هناك. وذكرني بنصحي له «إذا وعدت فأوف بالوعد». وبينما كنا نتجادل في حكمة هذه الموعظة ونطاقها، وما اذا كانت تشمل قطع مائتي ميل الى ويلز لتسلم مفتاح قديم صدئ لا حاجة لأي أحد به، دوى صوت أم نائل من المطبخ يولول ويدمدم «وين حطيت مفتاح السرداب ما أدري.. ؟» وتطوع نائل ليدلي بنصيحته: «ماما تذكري وين آخر مرة شفت المفتاح». وبعد عدة ثوان من التفكير العميق واستعراض أحداث الحياة قالت: «اذا الله ما يكذبني آخر مرة شفت مفتاح السرداب معي، كانت في اثناء نزهتنا في طريق بريكن الريفي.. لازم وقع مني هناك!».
وقضى الله امرا كان مفعولا. وكتب علي أن اقطع المائتي ميل ثانية الى شرطة كاردف. وهناك درس وراء هذه الحكاية، بل استغفر الله درسان. الأول اذا رأيت مفتاحا فلا تلتقطه. الدرس الثاني إذا كنت مسافرا فلا تسلم مفاتيح بيتك لزوجتك.
التعليــقــــات
سعودالمقرن-استراليا، «استراليا»، 06/03/2007
أستاذي الكريم
هناك سر ربما لم تكتشفه بعد، و هو أن إغضاب أم نائل يكلف الكثير، فهل تستطيع الجزم بأن كل ما حدث لم يكن مدبرا، لعقابك على زلة اعتبرتها عابرة؟؟!
ليت كل عقاب مثل عقاب أم نائل(راح يصير مثل)، كان العالم بخير.
دم للجمال.
احمد بن عبدالله التويجري، «المملكة العربية السعودية»، 06/03/2007
سبحان الله ... نصيحتك لابنك نائل (ابقاه الله لك ) اثمرت وكنت انت اول واسرع المستفيدين منها.
الأستاذ
07/03/2007, 05:28 PM
أما و الله العظيم ، الراجل دة مسكين فعلا ، و كان الله فى عونة على ما يتعرض له سواء من الشرطة الإنجليزية ، أو من أم نائل ،،،،، و كان الأيسر له أن يقوم بكسر قفل السرداب ، أو حرق السرداب بأكملة ، إنتقاما لنفسة مما يفعل به .
المسكين ...... بسبب التمسك بمبدأ ..... أخذ درس محترم ......الله يعينه ويعيننا .
الهباق
07/03/2007, 07:06 PM
مشكور أخي مشهور مشهور
ويعطيك العافية
مشهور
08/03/2007, 02:29 AM
الاستاذ
ابو نائل تنيل بنيله ووقع وقعة عظيمه
راح يصيد فاستادوه والشرطة ورطة والقانون لايحمي المغفلين
ولاكن ابا نائل لم يكن كذالك ولامانه الزمته ان يعلم ابنه كيف
يكون امين فلابد ان يطبق ذالك امام ابنه وتذكر الدرس الذي
قد اعطاه لنائل عن الامانه والصدق في المعامله وقد ذكره
ابنه بذالك عند ما فكر ان يرمي المفتاح ورب ضارة نافعة
كيف حصل له هذا كله تداخلت الامور وجات ام نائل لكي
تكحلها فاعمتها عند ما ضاع منها المفتاح في الرحلة وابا نائل
قد تورط في كل ما جرى له والحبل على الجرار مسكين
مفتاح المخزن ضاع والشرطه سجل لديها محضر عن المفقود
واحسن الله عزاه في كل ما جراله 400مايل ليسة بالسهله
يقطعها بالسيارة ذهاب وعودة والتحقيق والوقت وضاياع
مفتاح مخزنهم وامستلزماتهم فيه الضرورية والمعيشية اعتقد
ان الحاله تحتاج الى دراسة ومحاضر لكي يخرج من الورطة
وقد فعل
مشهور
رحاب الرحمن
08/03/2007, 07:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير استاذ مشهور
ابو نائل مسكين حقا وقع فى حلقة مفرغة
الشرطة من ناحية و طريقة ام نائل اللى عمت الدنيا من جهة اخرى
و اصراره على الصدق و الامانة من ناحية
الله فى عونه
مشهور
20/03/2007, 04:40 PM
الديك باشي
تذكرني المرحلة التي يمر بها العراق اليوم بالحكاية المصلاوية، التي تقول إن رجلا في مدينة الموصل عانى الكثير من جاره بسبب الديك الذي يملكه وصياحه المستمر قبيل الفجر. لم يعد أمام الرجل الذي عانى وشقي بكل ذلك الصياح غير أن يتنازل ويطرق بيت جيرانه.
اهلا وسهلا شرفتمونا بهذه الزيارة. ولكن ما سر زيارتكم الطارئة يا جاري العزيز. قال له الرجل يا سيدي مع كل الاحترام والمودة لمقامكم ولكن هذا الديك الذي عندكم ينغص عيشي. ففي اللحظة التي أكون فيها غارقا في النوم يهب هذا الديك ويبدأ بالصياح، ويبقى يعوي الى أن انهض من فراشي واخرج من البيت. سأكون ممتنا لكم اذا وضعتم حلا له.
اجابه صاحب الديك فقال له: يا سيدي الجار قبل الدار. لخاطر عينك سأقوم بذبحه والتخلص منه وسأعمل منه عشاء بديعا وادعوك للتشرف وتناول الطعام معي. وهذا ما تم بالفعل. في هذه الأيام يكون الجواب، طز عليك وعلى ابيك. وهذا الديك الذي عندي يسوى اهلك وكل عشيرتك. ولن افرط به. ولكن في ايام زمان كان للجيران حقوق والناس تحترم الناس. ليس ذلك فقط وانما كانوا يصدقون كلامهم ووعودهم. وهو ما جرى.
ذبح الجار ديكه العزيز وطبخ منه أكلة دجاج محشو، أتمنى مثلها للقارئ الكريم في هذه الأيام الحامضة. ثم مضى فدعا جاره لتناول العشاء معه. فأكل واستمتع وحمد الله وشكر صاحب الدعوة وصاحب الديك.
مرت أيام وإذا بالرجل يعود طارقا باب جاره. ما خطبك يا سيدي وما الذي تريده مني الآن؟ قال يا رجل أنا ممتن لك على طيبتك وذبحك للديك. ولكنني الآن استفيق ليلا على صوت عشرين ديكا تصيح سوية وتمزق اذني وأعصابي. ما هذا ما كنت انتظره منك. قال له الجار صاحب الديك، يا سيدي انت اعترضت على ذلك الديك فذبحته لك ولعيونك. ولكن انا عندي عشرون ديكا آخر، وكان ذلك الديك الديك «باشي» عليها. يسيطر عليهم وتخاف منه. وكان لا يسمح لأحد غيره أن يصيح. وبالأمس انت طلبت مني التخلص منه ففعلت. ولكن الآن لم يعد أحد في الساحة يستطيع السيطرة على هؤلاء العشرين ديكا. انطلقت جميعا بالصياح ولا حول ولا قوة الا بالله.
سمعت هذه الحكاية من صديق مصلاوي، فقلت له يا سبحان الله. كم تنطبق هذه الحكاية على العراق الآن. لقد ذبحوا الديك الذي كان يسيطر عليهم ويخافون منه، فراح كل واحد منهم اليوم يعوي على ذوقه. قولوا معي كما قال ذلك الرجل، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
مشهور
08/05/2007, 11:16 PM
من طرائف القرويين
بين حين وآخر يتحفنا زميلنا عبد الله بن محمد الناصر، الأديب والدبلوماسي السعودي بحكايات لذيذة القراءة. وصلني منه مؤخرا كتابه بعنوان «من احاديث القرى ـ حكايات من ذاكرة الأرض». وضعته جانبا حرزا لأيام الشدة كما تقول العجائز. وأيام الشدة عند العراقيين في هذه الأيام كل يوم. استولى علي الأرق في ليلة من ليالي هذه الأيام فتذكرت أخانا الناصر وكتابه. فتحت صفحاته وبدأت بالقراءة . فزادني كتابه أرقا على ارق، ولكن في هذه المرة من النوع الممتع فلم استطع ان أغلق الكتاب واضعه في مكانه على الرف. استرسلت في قراءته حتى تملكتني الرغبة في الكتابة عنه. وها أنا فاعل.
حكايات من ذاكرة الأرض استعراض لحياة القرية والقرويين في المملكة العربية السعودية. وهي طبعا لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في بقية العالم العربي. ولكن الكاتب بمزاجه الفكه، انتخب منها الطريف والمؤنس والمضحك. كان منها «الديمخراطية»، التي يفضل البعض ان ينحتوها بصيغة «الديمضراطية»! انشق سكان إحدى القرى السعودية الى فريقين في اختيار إمام جديد لمسجد القرية. لم ينفع النقاش والتفضيل فقرروا في الأخير انتخاب أحد الإمامين بالاقتراع. تم ذلك ولكن مواطنا من قرية أخرى سمع بما فعلوه، فقال هذا انتخاب في صيغة الديمقراطية. ما أن سمعوا بذلك حتى ثارت ثائرتهم . قالوا هذه «الديمخراطية» اذن شيء مستورد من ديار الكفار، فرفضوا الأخذ بها أو بالإمام المنتخب بموجبها فاستقروا على إمام ثالث. وهكذا وبفضل «الديمخراطية» أصبح لمسجد القرية ثلاثة أئمة!
الحكاية ليست مجرد فكاهة بريئة تروى. السخرية فيها تغلب على البراءة كما نرى ذلك في العراق وفي الكثير من بلدان العالم الثالث التي سقطت في مطب «الديمخراطية».
في حكاية أخرى، يروي عبد الله محمد الناصر ما وقع به هو وأخوه عندما كلفتهما أم سالم بمهمة قتل الثعلب الذي راح يعيث قتلا وأكلا بدجاجاتها. أمسكا بالبندقية وتربصا له بدون أن يفطنا الى مكر الثعالب. ما أن بادرا الى إطلاق النار عليه حتى لاذ بالهرب وترك الدجاجات تتلقى وابل رصاصهما. فراحت ام سالم تنتحب وتبكي دجاجاتها.
يعتقد المؤلف ان هذا التراث القروي اخذ يختفي بمجيء المدنية الحديثة. لا أوافقه على ذلك. المدنية الحديثة أعطتنا طرائف جديدة بدخولها القرية. فاستعمال القرويين للوسائل العصرية، كثيرا ما أدى الى مقالب ومهازل جديدة ومؤنسة حقا. يكفينا منها ما روي عن استعمال القرويين للعازل ووسائل منع الحمل. أما سمعنا بحكاية القرية المصرية التي عمدت السلطات الى مدها بحنفية للماء النقي بدلا من ماء الترعة الملوث والمحمل بالمكروبات. فرح أهل القرية بذلك وراحت نساؤها يأخذن الماء من الحنفية. ولكن ذلك لم يدم طويلا. تركن الحنفية بعد ايام قليلة وعدن الى حمل ماء الترعة لبيوتهن. سألوهن عن ذلك فقلن ان ماء الحنفية لا فائدة به. انه يضعف «رجولة» أزواجهن!
مشهور
23/05/2007, 02:02 AM
يحيا الشخير
يظهر ان على الرجل المعاصر ان يختار بين المرأة والكرة. شيئان لا يجتمعان. ولكن قدر لي أن أحاول الجمع بينهما.
كنت قد اخذت بوضعي الاستراتيجي يوم السبت قبل سنوات أمام التلفزيون، انتظارا لبرنامج كرة القدم الاسبوعي. في اللحظة التي بدأت فيها اشارة البرنامج، فتحت زوجتي فمها وتثاءبت ثم قالت «كان هذا يوما متعبا جدا. فلنذهب للفراش وننام مبكرا». قلت لها «هذا حق. تعبت كثيرا اليوم. اذهبي ونامي. وانا آتي بعد مشاهدة البرنامج». قالت «لا، بل تأتي معي الآن. فأنا اذا نمت وجئت انت في ما بعد ستقطع علي نومتي. ولن استطيع ان انام بعد ذلك».
قول حكيم ومعقول، لم استطع ان اجادل فيه، لاسيما وقد وقفت ام نائل ماسكة الباب لأخرج طبعا، كما لو كنت جروا صغيرا لم اتعلم بعد على الدخول والخروج من الأبواب.
ذهبنا واضطجعنا على السرير ولكن فكري ظل منشغلا بمباراة اليوم، بين مانشستر يونايتد وفريق توتنام. ما الذي سيفعله كاري نفل لرد هجمات سولزكير وأي ضربات من جنوا سيكون على شمايكل ان يصدها. وهلمجرا.
لم استطع النوم وازددت تحرقا لمشاهدة المباراة. حقا كما قالوا، الحاجة أم الاختراع. أخذت أفكر بوسيلة أهرب بها الى غرفة الجلوس وافتح التلفزيون، ثم خطرت لي تلك الميزة الرائعة التي يتميز بها الرجال على النساء ليلا: الشخير. في ايام اجدادنا، كان الناس يعتبرون الشخير بركة وعافية. ولكن المرأة المعاصرة في هذه الايام اخذت تعتبره نوعا من الاضطهاد الذكوري لا يدانيه شيء اكثر من تصويرها في عملية اغتصاب. ولم لا، فهي تقضي نهارها بهذا الشخير السياسي المقرف من محطات الاذاعة والتلفزيون. ولا تريد المزيد من هذه المزعجات الصوتية الرجالية ليلا. تذكرت انني ما انغمرت بزوبعة من الشخير الا ولكزتني ام نائل في خصري، ثم رمت بي خارج الفراش وقالت: «اذهب ونم على الكنبة في الصالون. خذ معك بطانية احسن ما يصيبك برد».
خطر لي ذلك وعلى الفور، شرعت بالشخير. ولكن لم أكمل ثلاث او اربع شخرات حتى لكزتني وقالت: «يا، شيطان! ابليس بعينه! هذا ليس شخيرك الطبيعي. انك تريد ان تتظاهر بالشخير حتى أرسلك للنوم في الصالون وتروح تفتح التلفزيون وتتفرج على المباراة!».
المشكلة في الشخير ان الشاخر لا يسمع شخيره ليستطيع ان يقلده. كانت محاولتي لتقليد الشخير محاولة بائسة اشبه بمحاولة تركيا في تقليد الدول الاوربية. عادت ام نائل فقالت «حط رأسك ونام احسن لك. اقرأ نتيجة المباراة غدا في الجريدة». وقرأت نتيجة المباراة في اليوم التالي. النتيجة تعادل. هدفان ضد هدفين. يا ليتنا ننتهي مع المرأة بمثل هذا التعادل.
مشهور
06/09/2007, 02:49 AM
نوري السعيد والطفل
مما ذكره شكسبير في مسرحيته السياسية «يوليوس قيصر» ان حسنات الانسان تدفن معه، ولكن مساوئه تظل تذكر بعد موته. لكن هذا القول الحكيم لم ينطبق على نوري السعيد رحمه الله. فطوال حياته ظل الناس يهاجمونه ويذكرون سيئاته، ولكنهم الآن وبعد ان قتلوه أخذوا يتذكرون أفضاله. حيثما تذهب في هذه الايام تسمع هذا او ذاك ممن عاصر جيله أو قرأ تاريخه يروون الكثير من مآثره وحسن أفعاله.
لا نريد أن ندخل هنا في مناقشة أفعاله أو مواقفه، ولكننا نود أن نتذكر منه رحابة صدره واستعداده للمفاكهة.
في 1948 خرج من الحكم وسلم البلاد لصالح جبر الذي وقع مع بريطانيا معاهدة بورتسموث التي عارضها الشعب العراقي في مظاهرات صاخبة راحوا يرددون فيها بسخرية «نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها».
أخيرا قبرت المعاهدة وأصبحت في ذمة التاريخ، ولكن أهازيجها الشعبية ظلت عالقة في الاذهان كجزء من التراث السياسي, «نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها». من الواضح ان هذه الكلمات كانت ترمي الى التأكيد على أن نوري السعيد كان هو الحاكم الفعلي. ولم يكن صالح جبر غير صنيعة بيده. شاعت الأهزوجة في العراق، وراح يرددها الكبار والصغار، في المقاهي والمدارس وحتى في رياض الأطفال. وبالطبع سمع بها نوري السعيد من مصادره الخاصة.
اعتاد الشيخ فرحان العرس الذي كان يمثل لواء العمارة في المجلس النيابي أن يقيم حفلات دورية في بيته، او ما كان يسمى بالقبول الرجالي. وبصفته نائبا في المجلس ومن كبار رؤساء القبائل ، دأب كبار الساسة و الادارة على حضور حفلاته وقبوله. كان من بينهم ذات يوم نوري السعيد نفسه. سمع طفل صغير، واحد من أحفاد الشيخ فرحان العرس بأن نوري السعيد المذكور في تلك الهوسة، قد حضر الى الحفلة وكان جالسا فيها. فهزه الموقف. راح ينشد ببراءة الأطفال تلك الأهزوجة الشعبية، نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها... نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها. سمعه ابو صباح فنادى عليه وامسك به، «إش قلت؟ قول اش قلت؟ سمعنا!» ارتبك الطفل وحاول النجاة من قبضة رئيس الوزراء، ولكن رئيس الوزراء لم يفك عنه. «يا الله سمعنا أش قلت؟» تدخل الشيخ وشجع حفيده على ان يعيد ما قاله. ففعل. «نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها». عاد نوري السعيد فأمسك به وقال: «منو هو القندرة؟ تعرف منو القندرة؟» رفع الطفل يده الصغيرة مترددا ثم أشار بإصبعه الى وجه نوري السعيد وقال: «انت!» غص نوري السعيد بالضحك وقبل الطفل من وجنتيه واحتضنه بين ضجيج الحاضرين وضحكهم واستئناسهم.
أيام وفاتت، ويا من يرجعها.
مشهور
21/11/2007, 01:40 PM
من الكلام ما يقرف
من الألغاز التي حيرتني، لماذا دأب الشرق منذ ألوف السنين على التمسك بالأتوقراطية، في حين تطلع الغرب غالبا الى الديمقراطية؟ أقول منذ الوف السنين لأن هذا كان اول ما لاحظه الكساندر المقدوني عندما فتح الشرق الأوسط. قال إن الشرقيين يعيشون في العبودية لأنهم لم يتعلموا ان يقولوا «لا». إذن فكلمة «أيوه يا بيه» و«حاضر يا ريس»، وكلمات الزوجة في البيت «أمرك يا أبوعلي» كلمات لها تاريخ عريق.لا ادري متى سنتعلم ان نقول «لا يا سيادة الرئيس. هذا غير جائز». لكن الفلسطينيين أتقنوا أخيرا استعمال أداة النفي لدرجة أنهم ادخلوا اصطلاح اللاءات والموقف اللائي الى لغتنا بحيث ضحوا ببلدهم شغفا بها. قيل ان الطفل الفلسطيني الطفل الوحيد في العالم الذي لا يبدأ بنطق «ما» أو«با» أو«دادا» وإنما يبدأ بنطق «لا».
ولكننا بعد قرون من ممات المقدوني أضفنا عبارات مقرفة جديدة تأتي في مقدمتها «بتوجيه من سيادة الرئيس»، «اجتمع مجلس الوزراء بتوجيه من سيادة الرئيس»، و«صدر نظام حماية الأطفال بتوجيه من الرئيس»، و«أفرج عن المعتقلين بتوجيه منه».. وهلمجرا. يعني حضرات الوزراء لا يجتمعون إلا عندما يوجههم الرئيس للاجتماع! وحتى يتم ذلك، يبقون حائرين لا يكلم بعضهم بعضا! ولا يجرؤ أحد على حماية أطفال الشعب حتى يصدر الرئيس توجيهاته! والمعتقلون يبقون في السجن الى أبد الآبدين حتى يتذكر سيادته فيأمر بالإفراج عنهم!
وماذا عن هذه الكلمة اللذيذة الأخرى «مكرمة الرئيس»؟ «أمر الرئيس بتوزيع الطحين على المواطنين المخلصين للثورة، مكرمة منه». كلمة مزعجة حقا تعتبر الشعب بكامله شلة من الشحاذين ينتظرون الصدقات مكرمة من حاكم البلاد. وعليهم أن يثبتوا إخلاصهم للثورة ومحاربة الاستعمار ليحصلوا على كيلو طحين. يعني واحد مثلي ممن يدعون لعودة الاستعمار لن يحصلوا على أي طحين.
الحديث عن الثورة يذكرني بعبارة مقرفة أخرى: «انه لا يتجاوب مع الثورة». سمعتها أول مرة في عهد عبد الكريم قاسم. سمعتها عندئذ من مسؤول قصدته لرفع حيف عن موظف صغير مظلوم. قال لي نعم أتفق معك إنه موظف كفوء وشغّيل ولكنه لا يتجاوب مع الثورة. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ اكتشفت فيما بعد انه يتم عندما يشتري الانسان صحيفة «طريق الشعب».
ولكن ستظل عبارة «ماكو أوامر» من أخلد المبتكرات اللغوية التي نطق بها القائد العراقي في حرب 1948 تبريرا لامتناعه عن الانضمام للمعركة في فلسطين. أخذ سائر العرب يستعملونها كلما شاءوا الكسل أو الوقوف على التل أو عدم القيام بأي شيء وعدم أداء أي حق للمواطن قبل أن يدفع الرشوة. قيل لي إنه حتى الأمريكان تعلموها من العراقيين. فعندما نهبوا المتحف العراقي وسألوهم لماذا لم يدافعوا عنه قالوا «ماكو أوامر».
التعليــقــــات
عدنان حسين، «الامارت العربية المتحدة»، 20/11/2007
الاستاذ خالد القشطيني سيدي انت الان تكتب بقلمك لتنقل لهم معاناتنا كما هي عبر تجارب رائعه بطلها كل فرد منا. واسمح لي ان اتجاوز الاسكندر المقدوني بما نطق به وعصر الرسالة بما ضمه من الصحابة الكرام وانتقل الى بداية الدولة الاموية حيث وضع الانسان منا بين فكي الكماشة ليتم اخضاعه لمنطق السادة والعبيد منذ 1400 عام وهذا المنطق سيد الحوار بما تم تفسيره من الاية الكريمة (وأولي الامر منكم ) ليصبح الجميع أولي الامر فينا حتى الانقلابيون واصحاب الثورات البيضاء. المهم نحن فقد تم اخضاعنا لمنطق الاختلاف في الحقائق لنضيع في متاهة التفسير حول اية مفردة وردت الينا ولا زلنا نتحدث بكل وعي عن تأريخنا ولغته التي تطاردنا ليل نهار اما المستقبل فلا وجود لما يربطنا به. كل اجدادنا لم يقتربوا من الخطوط الحمراء وورثنا الخضوع عنهم لاننا وجدنا من يفسر الامر كما يريد الحاكم ليس اتقاء لشره ولكن امعانا في اذلالنا. السنا نحن العبيد؟ كيف يمكن للديمقراطيه ان تترعرع وسط وباء التخلف الابدي ولكن لتتفق معي سيدي اننا نحن الآن في نهاية النفق وبداية الشروع في التحرر من كل معاناتنا التاريخية حيث ينتشر النور عبر بوابات الظلام.
عبود الكرخي، «التشيك»، 20/11/2007
شرف لنا ان اول كلمة يقولها الطفل الفلسطيني والعراقي هي لا للاحتلال ولا لأعوانه.
علي رشيد هندي، «الاردن»، 20/11/2007
الأستاذ القشطيني طالما أتحفتنا بالمعلومات القيمة من خلال نافذتك المضيئة وأنا من الذين يوافقونك الرأي في عودة الأستعمار البريطاني الى وادي الرافدين ولكن من أين سنحظى بشخصية مثل الباشا السعيد رحمة الله عليه ومن أين سنجد مثل وزير داخليته المرحوم القزاز الذي أعتلى حبل المشنقة وقال قوله المأثور (سأعتلي حبل المشنقة وأجد الكثيرين من الذين لا يستحقون الحياة تحت قدمي) وأخير فان عبارة ماكو أوامر لم ينطق بها المقدمون الأربعة في معركة جنين الخالدة وكان منهم المقدم عمر علي والمقدم شليمو ولا تسعفني الذاكرة للباقين وهي أكبر دليل عن عدم تقاعسنا عن القتال .. أما ما ذكرته من رعاية الرئيس وعنايته فهذا لم يحصل إلا بعد ثورة الضباط اللأحرار في مصر بقيادة عبد الناصر والتي أتت بالويل على مجمل الأمة العربية فكان يمتدح الباشا السعيد صباحا ويعود ويذمه مساءا بعد أن يستلم من طرف آخر وهكذا دواليك والذي نراه في العراق الآن باسم الديمقراطية شرد أربعة ملايين واغتيل أكثر من مليون ورجل الكاوبوي الأمريكي بوش يقول نحن نسير الى تحقيق الديمقراطية فيا للديمقراطية البائسة.
جيولوجي/ محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 20/11/2007
استاذ خالد المقرف من الكلام الذي ذكرته أو السخيف بمعنى أخر هو السبب الرئيسي في تخلف معظم دولنا العربية وتجد العجب العجاب من هذا الكلام مثلا يقولون لنا في نشرات الأخبار الرئيسية ان الرئيس فلان او علان يأمر بتطوير التعليم في الدولة الفلانية او العلانية اي انه هو الذي يأمر بذلك فقط وهنا يتساءل المواطن البسيط في هذة الدولة ويصرخ اين الوزير ؟ أين وكلاء الوزارة ؟ أين مفتشوا التعليم؟ أين نظار المدارس ؟ أين رؤساء وأساتذة الجامعات ؟ اين هذا الكم من الموظفين الذي يلتهم اكثر من 1/4 ميزانية الدولة من أجل التعليم لكي يتدخل رئيس دولة في تطوير التعليم ؟ وهكذا تجد كثيرا من السخافات والكلام المقرف الذي لامعنى له يدق في أذاننا ليلا ونهارا وهذا كله ليس له معنى الا أننا مازلنا نعيش في العصور الحجرية للبشر والعالم يسير بسرعة الصاروخ من حولنا والله المستعان.
د هاشم حسن، «الاردن»، 20/11/2007
الاخ الزميل الاستاذ خالد القشطيني المحترم، تحية وتقدير،
مرة اخرى اعبر لكم عن اعجابي بمقالاتكم التي تلمس جروحنا الغائرة في عمق التاريخ فما زالت ارواح ضحايا الحرية في وطني تحوم فوق رؤوسنا منذ عصر فجر السلالات الى عصر المالكي والطلباني ومن سياتي بعدهما ليحل سيدا على اهالي هذه البلاد والذين مازالوا عبيدا حتى هذا اليوم وقد عاد من جديد الاسكندر المقدوني ولكن هذه المرة على راس قوات المارينز.... والحالة واحدة ياسيدي بين المحتل الاجنبي والمحتل المحلي لكرسي الحكم كليهما يريد الناس عبيدا ولايريدونهم احرارا والدليل مانراه الان من تقاسم للسلطة واستبداد بيد كتل وشخصيات,,, المهم ايها القشطيني الرائع ان التاريخ علم الشعب ان من يقول نعم ينعم في عيشه ويرفه في كنف المحتلين الاكبر والاصغر ... ومن يقول لا تحل عليه نقمة التاريخ والجغرافيه وان فلت من الموت لن يجد له وطننا ولن تسلم كرامته من ذل الغربة ... وسيلام من اكثر الناس قربا اليه خاصة الذين يشاطرونه حياته فقد بدد احلامهم بحياة مستقرة وخسروا كل شىء وربحوا شرف الموقف وهو شيك لايصرف في البنوك ولا يعجل بمنح لجوء او اقامة...
Sarmad el Kadhim، «هولندا»، 20/11/2007
من اكثر العبارات قرفا هي عبارة بالروح بالدم نفديك يا عبود .. فكلما ظهر نكرة ظهرت معه نفس الوجوه التي تنعق بهذه الكلمات الحقيرة.
مهيار العاني، «السويد»، 20/11/2007
اعتقد انك تقصد صحيفة اتحاد الشعب وليس طريق الشعب .. لان الصحيفة التي كانت تصدر ايام عبد الكريم قاسم كان اسمها اتحاد الشعب .. لذا اضطررت للتنويه ....مع الشكر والاعتزاز .
عبد الحكيم المرابط.، «اسبانيا»، 20/11/2007
وما خفي كان أعظم من الكلمات والمصطلحات والعبارات المقرفة والنمطية في قواميس النخب السياسية والأمنية والعسكرية وحتى الحزبية ـ مع أن الأحزاب التي ليست في السلطة من المفترض أنها في المعارضة ـ ويحق لها أن تقول ـ لاـ ومع ذلك فهي تقول ـ ما كو أوامر ـ و ـ مافيش أوامرـ وـ ما عانّاشْ أوامرـ و ما إلنا أوامرـ وـ معندْناش أوامرـ ! من المحيط إلى الخليج كالعفاريت التي تعمل عند سليمان (عليه السلام) لولا دابة الأرض لظلوا في الذل والهوان وظلت الشعوب معهم إلى يوم يبعثون! ،ويذكرني بهذا الصحاف الذي ما انفك يردد ـماكو أوامرـ إلى أن قضي الأمر وانتهى بما تعلمون ، أما رأيي الشخصي في عبارات التبجيل المبالغ فيها بمدح ولي الأمر إذا لم يكن يتصف بهذه المدائح فهي ذم وهجاء له ! لأن ولي الأمر لا أظنه يطرب لهذه المواويل الكذابة ، وإذا بالغ أحدهم في مدح ولي أمره بما ليس فيه استحق أن يضمه ولي أمره إلى حاشيته !!.
عادل جاسم الزبيدي/العراق، «النرويج»، 20/11/2007
ان ماذكرته يا أستاذ من ان الشعوب العربية أو الشرقية شعوب عصي عليها التغيير والديمقراطية هذا سببه برأيي هو ان هذه الشعوب تؤمن بمبدأ عبادة الفرد القائد وتضعه بمنزلة الاله المنزه من الاخطاء وايضا شعوبنا العربية لها تعويذة تؤمن بها وهي تقديس المنهزمين والمجرمين والجهلة وهذا التصرف هو عكس تصرف كل شعوب الارض التي تعتز وتقدر العلماء والمفكرين والمنتصرين اننا في العالم العربي قدسنا الحجاج وعبد الناصر وصدام وغيرهم من الطغاة المهزومين ولم نستطع ان نقدس بن جبير أو سيد قطب أو محمد الصدر اللهم الا صلاح الدين وبالمناسبة هو ليس عربي بل كردي .
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025