المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحسن الله عزاءك يا صديقي ** مت قاعد محمدصادق دياب


مشهور
03/12/2006, 02:05 AM
أحسن الله عزاءك يا صديقي

لي صديق متقاعد أو كما يقولون «موت قاعد» منذ أن قرأ قبل أسبوعين بأن المؤسسة العامة للتقاعد سوف تمنح المتقاعدين قروضا لشراء مساكن تقتطع بعد ذلك من استحقاقاتهم الشهرية وفق نظام التقسيط، وهو يقيم الأفراح والليالي الملاح، ويعد الأولاد وأمهم بأن زمن الاستئجار قد ولى، وأنهم لن يعودوا في حاجة إلى انتظار إطلالة الـ«لاند لورد» في نهاية كل شهر لتسلم الإيجار، لا بل إن صديقي قد غير عاداته اليومية، وبدلا من الهجوع في فترة القيلولة أمسى يقضي الوقت مع حرمه المصون في تفقد أحوال العقارات وأسعارها ونماذج معمارها، وغدا أولاده يبوحون لأقرانهم بمشاريعهم الأسرية المستقبلية، وأنهم سيغادرون حيهم التعيس ـ حي المليون طفل ـ قريبا في موسم الهجرة الجديد إلى شمال المدينة.

الخميس الماضي جاءني يتوكأ على أحزانه ليقذف بصحيفة محلية أمامي، وهو يحرك شفتيه توترا في كل جهات الأرض الست التي منها: «فوق» و«تحت».. وتناولت الصحيفة لأقرأ العنوان: «المتقاعدون لن يحصلوا على قروض التقاعد»، وأمضى في تفاصيل الخبر الذي أتى به مندوب صحيفة «الجزيرة» في مدينة عرعر، ويشير إلى أن مصدر مطلع في المؤسسة العامة للتقاعد يؤكد بأن القروض لن تمنح إلى لفئة المتقاعدين الأقل من سن «55» سنة كشرط أساسي!!

وفي تلك اللحظة انطلق مجلجلا صوت الممثلة أمينة رزق من التلفاز الذي كان يعرض مسلسلا مصريا عتيقا:

ـ يااااالهوتييييي.

وصديقي طبعا قد تجاوز الستين، وهذا يعني أن عمره واسمه وحلمه قد سقطوا سهوا أو مع سبق الإصرار والترصد من عقول وعاطفة الذين صمموا برامج القروض في المؤسسة العامة للتقاعد.. ويتساءل المرء: لماذا 55 سنة؟!.. فالناس تتقاعد في سن الستين، وهل الخمس سنوات الفرق هي التي ستكفل لمؤسسة التقاعد أن المقترضين لن يموتوا قبل أن يسددوا ما عليهم من قروض؟

حقا أشعر أن بعض الذين يخططون لمثل تلك المشاريع الاجتماعية أو الاقتصادية يتفننون في وضع العراقيل التي من شأنها أن تسرق الفرح من دواخل شريحة كبيرة من الناس، وأيضا أما كان أجدى بالإدارة العامة للتقاعد أن تعلن الشروط والضوابط لتلك القروض منذ اليوم الأول الذي أطلقوا فيه إعلانهم عن برنامج القروض بدلا من ترك الناس يشعلون فتيل أحلامهم لتخمدها بعد ذلك عاصفة التصريحات اللاحقة؟!

أحسن الله عزاءك يا صديقي.