مشهور
06/12/2006, 02:29 AM
مقالب عالم مقلوب
هذا تحذير لكل من يسافر في رحاب هذا العالم المقلوب. احذر من التعرض للقوميات. لن تعرف في العواصم الكبرى من هو الجالس امامك. ممكن يكون افغانيا هاربا من طالبان. او طلبانيا موفدا من جلال طالباني، او جلاليا مهاجرا من جلال اباد. كم وكم وقع زملاء لي في مقالب محرجة نتيجة تكلمهم في قطارات لندن. مهما كانت اللغة التي تستعملها ستجد هناك في العربة من يفهمها. احذر ايضا من التكلم بأي سوء عن النساء. فلربما تكتشف ان من حسبته رجلا بجانبك هو في الواقع امرأة متزيئة بزي الرجال. واحذر بنفس القوة من الاشادة بشارب رجل امامك فسرعان ما تكتشف انه امرأة لا تدري كيف تتخلص من شنبها.
حدثني زميلي الصحافي الايراني امير طاهري انه عندما كان في امريكا ابان ازمة الرهائن الامريكان في طهران، سافر بالقطار عربة درجة اولى ووجد نفسه بجانب مواطن امريكي يحب الكلام. دار بينهما حوار في شتى المواضيع. اعجب الرجل بثقافة زميلنا وطرافة حكاياته. اخيرا وصلا نهاية السفر فقام الرجل وصافح امير طاهري ليودعه قائلا: «شكرا على كل هذا الكلام الطريف. هذا من افضال السفر بالدرجة الاولى. يقابل الانسان هنا اناسا مثقفين ومهذبين. تصور لو انك سافرت بالدرجة الثانية، لربما وجدت نفسك مثلا بجانب واحد ايراني قذر».
حدث مثل هذا لزميلي حسين صالح اثناء حرب تحرير الكويت. خرج من المكتب مرهقا في امس الحاجة لسيكارة. ولكنه وجد انه نسي علبة السكائر وراءه. ازداد شوقا اليها وهو يرى رجلا امامه يدخن. لم يتمالك نفسه فتوسل بالرجل ان يبيعه سيكارة واحدة. فأجابه، يا للعار! ابيع سيكارة؟ سيطيب لي يا سيدي ان اهديك واحدة. انت تستحقها ما لم تكن واحدا من العراق. ابتسم حسين وقال له، الحقيقة ولا اخفيها عنك، انا عراقي! عندها ضحك الرجل وقال له «اذن تحتاج سيكارتين وليس سيكارة واحدة»، واعطاهما له.
اطرف تجربة جرت لي في هذا الصدد عندما كنت اسوق سيارتي ولمحت طفلة وامها تركضان في هلع. ثم اشرت لي الأم، فأوقفت السيارة وفتحت لهما الباب لأوصلهما الى حيث تقصدان. وبعد ان قدمت لي الأم تشكراتها، انطلقت تكلم ابنتها بصوت واطئ ولكن باللغة العربية واللهجة البغدادية. قالت لها، «شفت يا عيني. هنا الانكليز ناس مؤدبون ويساعدون الناس. مومثل شعبنا. يعني هذا الرجل لو كان عراقيا، كان يشوفك تموتين ولا يوقف سيارته ويساعدك». لا بد انها صعقت عندما اوصلتهما الى المدرسة التي تأخرت عنها البنت وقلت لهما بلهجتي البغدادية الكرخية، «الله وياكم عيني».
هذه كلها وقائع انتهت بنهايات سعيدة. ولكنني لن استطيع ان اضمن نفس النهاية السعيدة للقارئ الذي يخاطر بلغته ويتعرض للحساسيات القومية او الطائفية. فربما يكون المقابل عراقيا فيضربه بقنبلة
هذا تحذير لكل من يسافر في رحاب هذا العالم المقلوب. احذر من التعرض للقوميات. لن تعرف في العواصم الكبرى من هو الجالس امامك. ممكن يكون افغانيا هاربا من طالبان. او طلبانيا موفدا من جلال طالباني، او جلاليا مهاجرا من جلال اباد. كم وكم وقع زملاء لي في مقالب محرجة نتيجة تكلمهم في قطارات لندن. مهما كانت اللغة التي تستعملها ستجد هناك في العربة من يفهمها. احذر ايضا من التكلم بأي سوء عن النساء. فلربما تكتشف ان من حسبته رجلا بجانبك هو في الواقع امرأة متزيئة بزي الرجال. واحذر بنفس القوة من الاشادة بشارب رجل امامك فسرعان ما تكتشف انه امرأة لا تدري كيف تتخلص من شنبها.
حدثني زميلي الصحافي الايراني امير طاهري انه عندما كان في امريكا ابان ازمة الرهائن الامريكان في طهران، سافر بالقطار عربة درجة اولى ووجد نفسه بجانب مواطن امريكي يحب الكلام. دار بينهما حوار في شتى المواضيع. اعجب الرجل بثقافة زميلنا وطرافة حكاياته. اخيرا وصلا نهاية السفر فقام الرجل وصافح امير طاهري ليودعه قائلا: «شكرا على كل هذا الكلام الطريف. هذا من افضال السفر بالدرجة الاولى. يقابل الانسان هنا اناسا مثقفين ومهذبين. تصور لو انك سافرت بالدرجة الثانية، لربما وجدت نفسك مثلا بجانب واحد ايراني قذر».
حدث مثل هذا لزميلي حسين صالح اثناء حرب تحرير الكويت. خرج من المكتب مرهقا في امس الحاجة لسيكارة. ولكنه وجد انه نسي علبة السكائر وراءه. ازداد شوقا اليها وهو يرى رجلا امامه يدخن. لم يتمالك نفسه فتوسل بالرجل ان يبيعه سيكارة واحدة. فأجابه، يا للعار! ابيع سيكارة؟ سيطيب لي يا سيدي ان اهديك واحدة. انت تستحقها ما لم تكن واحدا من العراق. ابتسم حسين وقال له، الحقيقة ولا اخفيها عنك، انا عراقي! عندها ضحك الرجل وقال له «اذن تحتاج سيكارتين وليس سيكارة واحدة»، واعطاهما له.
اطرف تجربة جرت لي في هذا الصدد عندما كنت اسوق سيارتي ولمحت طفلة وامها تركضان في هلع. ثم اشرت لي الأم، فأوقفت السيارة وفتحت لهما الباب لأوصلهما الى حيث تقصدان. وبعد ان قدمت لي الأم تشكراتها، انطلقت تكلم ابنتها بصوت واطئ ولكن باللغة العربية واللهجة البغدادية. قالت لها، «شفت يا عيني. هنا الانكليز ناس مؤدبون ويساعدون الناس. مومثل شعبنا. يعني هذا الرجل لو كان عراقيا، كان يشوفك تموتين ولا يوقف سيارته ويساعدك». لا بد انها صعقت عندما اوصلتهما الى المدرسة التي تأخرت عنها البنت وقلت لهما بلهجتي البغدادية الكرخية، «الله وياكم عيني».
هذه كلها وقائع انتهت بنهايات سعيدة. ولكنني لن استطيع ان اضمن نفس النهاية السعيدة للقارئ الذي يخاطر بلغته ويتعرض للحساسيات القومية او الطائفية. فربما يكون المقابل عراقيا فيضربه بقنبلة