المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا إنكليز هنا ـ عذراً **سمير عطالله


مشهور
24/12/2006, 10:41 PM
لا إنكليز هنا ـ عذراً

كنت اعتقد اننا في لبنان اكثر دولة هجرها اهلوها وابناؤها الى ديار الله الواسعة. غلط، فقد لاحظت في سفري الأخير الى لندن انها خلت من الانكليز إلا اللمم. الى أين يذهب الانكليز؟ كنت اعتقد في السابق انهم يبيعون بيوتهم المرتفعة الثمن في لندن ويذهبون الى الريف، الذي عرفوا انهم يشغفون به. لكن لا. الحقيقة، كما تشرح «الايكونوميست»، هي ان البريطانيين يهاجرون مثل كل شعوب الأرض الى بلدان اخرى: احيانا من اجل الشمس فقط، واحيانا من اجل العمل، مثلهم مثل اهالي الدول المحتاجة. وقد هجر بريطانيا العام الماضي نحو 200 الف بريطاني، مع قرار بعدم العودة. ويبلغ عدد المهاجرين البريطانيين في الخارج 5.5 مليون، فيما يدعي 58 مليوناً انهم من اصول بريطانية، مما يجعل البريطانيين ثالث اكبر شتات بعد الهنود والصينيين. ويختار البريطانيون البلدان الناطقة بالانكليزية ودول اوروبا. وذهبت اكثريتهم الساحقة الى استراليا واسبانيا واميركا. وقد ظل الايرلنديون طوال عقود يهاجرون الى بريطانيا المجاورة، طلباً للعمل وهرباً من بلدهم الفقير حتى الجوع. وحتى الخمسينات كان البريطانيون يضعون على ابوابهم: «غرف للإيجار»، الايرلنديون يمتنعون وتعرف ايرلندا الآن ازدهاراً لا سابق له. ودلت احصائية اخيرة ان بلد «المجاعة الكبرى» المعروفة «بمجاعة البطاطا» يتمتع اليوم بارفع مستوى معيشة في العالم. وبين ثماني دول، حلت ايرلندا في المرتبة الأولى وبريطانيا في المرتبة الثامنة. وحلت استراليا في المرتبة الثانية، اسبانيا ثالثة، اميركا رابعة، كندا خامسة، تليها نيوزيلندا ثم فرنسا.

كانت كل الروايات والقصائد الايرلندية في القرن الماضي تتحدث عن الفقر او تدور حوله، كما كانت جميع الافلام تصور ايرلندا شعباً معوزاً وبلداً يعاني من القحط، رغم امطاره المتواصلة. وملأ المهاجرون الايرلنديون اميركا، حيث جاء منهم عدد من الرؤساء، بينهم كينيدي وريغان وكلنتون. كذلك هاجرت الى فرنسا ايام «المجاعة الكبرى» احدى جدات ديغول.

ومن المفارقات ان الدول التي اقيمت كمنفى اصبحت الآن ملاذاً لاحفاد البريطانيين وملجأ اقتصادياً. وقد شهد اقتصاد الدول الثلاث المذكورة ازدهاراً شديداً في السنوات الأخيرة. وفيما كانت الولايات المتحدة نتاجاً بريطانياً، أي اميركا الشمالية، كانت اميركا الجنوبية ايضاً نتاجاً اوروبياً ومتحدرونا الاعزاء يشكلون في البرازيل والارجنتين جاليات واسعة النفوذ والثروات. وفيما اخفق اللبناني باولو معلوف في بلوغ الرئاسة البرازيلية، نجح السوري كارلوس منعم في بلوغ رئاسة الارجنتين. وترأس لبنانيان على الاكوادور. وأخفقت سيدة درزية في الوصول إلى رئاسة الدولة ذات الجبال الشديدة الارتفاع.