تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مرشح من نيويورك**سمير عطالله


مشهور
10/01/2007, 01:27 AM
مرشح من نيويورك

عندما ذهبت الى نيويورك اول مرة عام 1973، كان كل ما حولي تحذيرات: اياك والمشي في الشوارع. اياك وركوب الاندر غراوند. انتبه وانت في الباص. كن شديد الانتباه عندما يعبر بك التاكسي «السنترال بارك» من شرق مانهاتن الى غربها. ولا تركب القطار إلا اضطرارا.. واذا اضطررت، فودع أهلك واقاربك.

هناك رجلان سوف يخوضان معركة الرئاسة العام المقبل، كلاهما عمدة سابق لنيويورك: رودلف جولياني ومايكل بلومبرغ. تنتهي ولايته هذا العام. واهم ما فيهما انهما ليسا من اهل السياسة. لقد نجحا في ادارة مدينة اسمها نيويورك من «مدينة لا يمكن ان تحكم»، كما قال عنها حاكمها السابق جون ليندسي، الى احدى اهدأ مدن اميركا واكثرها نموا وازدهارا ونظافة. وغنى ايضا. كل شيء يتحسن ويتقدم في مدينة يزيد عدد سكانها مرتين على سكان لبنان.

اعتقد ان العالم سوف يتطور الى دنيا يحكمها الاداريون والناجحون ويرسل فيها السياسيون والثرثارون الى المقاهي. كلما تقدم العالم، قلت السفسطة الكاذبة وقل «اللعي». لقد ارتفعت نسبة التعليم في نيويورك ونسبة الاسكان ونسب العلاج والطبابة والكفاية والعناية بأصحاب الحاجات. ولم تعد مدينة خارجة على نفسها وخارجة عن القوانين ووحشية الاسلوب والنهج في التحرك وفي المخاطبة وفي العمل.

ان الذين يتقاضون اعلى الرواتب، التي تفوق احيانا الثروات، هم المديرون الآن هم الذين يعرفون كيف يضاعفون الرساميل ويؤمنون الازدهار لهم ولسواهم. ويترك العالم للسياسيين ان يصدروا التصريحات وان يعلنوا التهديدات. لا احد في هذا العالم في حاجة الى سياسيين وتضييع وقت ودمار وخراب وصف حكي. ولا يشبعون. حكي في الليل وحكي في النهار وحكي حتى في الحمامات. ولا يشبعون. والناس تريد خبزا لا ثرثرة. ولا تريد سياسة. ولا تريد قوالين وزجالين. ولا تريد من يهبط الحيطان، بل من يعمرها خلال ثلاثين عاما تحولت الرياض من مدينة بسيطة الى مدينة يسكنها 5 ملايين انسان. وفيها يسعون ويعملون ويزدهرون. ولا نسمع او نقرأ تصريحا لأميرها إلا في حفل للبر او في تدشين صرح جديد.

سوف يصبح معيار الرقي في العالم مستوى الارتقاء. وسوف يكون معيار الحكم خير الناس وعز الناس وسؤددهم. وسوف يكون الحاكم في بكين كما هو اليوم، رجلا لا نعرف اسمه (ولا نستطيع ان نلفظه في اي حال)، لكننا نعرف ان بكين اصبحت بين اغنى مدن العالم، وشانغهاي الاكثر ازدهارا. وسوف نعرف ان كوريا الشمالية تصنع القنبلة النووية، لكنها جائعة مجوعة، وان اليابان والمانيا ترفضان التسلح، لكنهما اكثر دول الارض ازدهارا وتقدما وكفاية فيما كوريا الشمالية تطلب رغيفها بالابتزاز. ولن يكون رئيس اميركا المقبل جورج بوش، بل سوف يكون قائدا اداريا يسدد ديون اميركا ويعيد لشعبه الازدهار، ويدفع بالعالم نحو مشاركة الجد والاجتهاد والانتاج فيما تحال قوافل الثرثرة على المقاهي.


عندما ذهبت الى نيويورك اول مرة عام 1973، كان كل ما حولي تحذيرات: اياك والمشي في الشوارع. اياك وركوب الاندر غراوند. انتبه وانت في الباص. كن شديد الانتباه عندما يعبر بك التاكسي «السنترال بارك» من شرق مانهاتن الى غربها. ولا تركب القطار إلا اضطرارا.. واذا اضطررت، فودع أهلك واقاربك.

هناك رجلان سوف يخوضان معركة الرئاسة العام المقبل، كلاهما عمدة سابق لنيويورك: رودلف جولياني ومايكل بلومبرغ. تنتهي ولايته هذا العام. واهم ما فيهما انهما ليسا من اهل السياسة. لقد نجحا في ادارة مدينة اسمها نيويورك من «مدينة لا يمكن ان تحكم»، كما قال عنها حاكمها السابق جون ليندسي، الى احدى اهدأ مدن اميركا واكثرها نموا وازدهارا ونظافة. وغنى ايضا. كل شيء يتحسن ويتقدم في مدينة يزيد عدد سكانها مرتين على سكان لبنان.

اعتقد ان العالم سوف يتطور الى دنيا يحكمها الاداريون والناجحون ويرسل فيها السياسيون والثرثارون الى المقاهي. كلما تقدم العالم، قلت السفسطة الكاذبة وقل «اللعي». لقد ارتفعت نسبة التعليم في نيويورك ونسبة الاسكان ونسب العلاج والطبابة والكفاية والعناية بأصحاب الحاجات. ولم تعد مدينة خارجة على نفسها وخارجة عن القوانين ووحشية الاسلوب والنهج في التحرك وفي المخاطبة وفي العمل.

ان الذين يتقاضون اعلى الرواتب، التي تفوق احيانا الثروات، هم المديرون الآن هم الذين يعرفون كيف يضاعفون الرساميل ويؤمنون الازدهار لهم ولسواهم. ويترك العالم للسياسيين ان يصدروا التصريحات وان يعلنوا التهديدات. لا احد في هذا العالم في حاجة الى سياسيين وتضييع وقت ودمار وخراب وصف حكي. ولا يشبعون. حكي في الليل وحكي في النهار وحكي حتى في الحمامات. ولا يشبعون. والناس تريد خبزا لا ثرثرة. ولا تريد سياسة. ولا تريد قوالين وزجالين. ولا تريد من يهبط الحيطان، بل من يعمرها خلال ثلاثين عاما تحولت الرياض من مدينة بسيطة الى مدينة يسكنها 5 ملايين انسان. وفيها يسعون ويعملون ويزدهرون. ولا نسمع او نقرأ تصريحا لأميرها إلا في حفل للبر او في تدشين صرح جديد.

سوف يصبح معيار الرقي في العالم مستوى الارتقاء. وسوف يكون معيار الحكم خير الناس وعز الناس وسؤددهم. وسوف يكون الحاكم في بكين كما هو اليوم، رجلا لا نعرف اسمه (ولا نستطيع ان نلفظه في اي حال)، لكننا نعرف ان بكين اصبحت بين اغنى مدن العالم، وشانغهاي الاكثر ازدهارا. وسوف نعرف ان كوريا الشمالية تصنع القنبلة النووية، لكنها جائعة مجوعة، وان اليابان والمانيا ترفضان التسلح، لكنهما اكثر دول الارض ازدهارا وتقدما وكفاية فيما كوريا الشمالية تطلب رغيفها بالابتزاز. ولن يكون رئيس اميركا المقبل جورج بوش، بل سوف يكون قائدا اداريا يسدد ديون اميركا ويعيد لشعبه الازدهار، ويدفع بالعالم نحو مشاركة الجد والاجتهاد والانتاج فيما تحال قوافل الثرثرة على المقاهي.

مشهور
10/01/2007, 01:29 AM
كل صوتها في عبارة : صباح الخير!

إحدى قريباتي عملت أخيرا موظفة. وأهلها سعداء بذلك وهي أكثر سعادة.. ولم تكن تعرف هي مواهبها الخاصة. ولكن في هذا العمل الجديد اكتشفت أنها ليست موظفة فقط، وإنما هي إحدى وكالات الأنباء.. فبسرعة غريبة عرفت الكثير عن كل الموظفين الزملاء والرؤساء: من هو الأعزب ومن هو المتزوج لأول مرة ولثاني مرة.. ومن الذي عنده تليفون سري في البيت أو في المكتب.. ومن الذي حضر ومن الذي غاب..

ومعنى ذلك أنها لم تضيع وقتها في القراءة. وإنما شغلته بالكلام، ولا بد أن يكون كلامها على شكل أسئلة.. وإلا فكيف استطاعت أن تعرف كل هذه الإجابات.. وهي لا تتحرك من مكانها.. وليس معقولا أن يجيء الناس إليها.. إذن فالتليفون هو «الساعي» الدائخ بينها وبين جميع الموظفين.. والتليفون عمومي ـ أي يجب إن يكون مشغولا بالعمل ولصالح العمل..

وعندما تزوج أحد أقاربها لم تجد وسيلة للتزويغ من العمل للمشاركة في الليالي الملاح.. ثم مات أحد أقاربها.. ولم تتمكن من تقديم واجب العزاء.. وإنما جاء الموظفون يواسون الموظفة الجديدة من باب الواجب أو الشكليات أو تضييع الوقت أو حب الاستطلاع.. ولم تكن أيديهم خالية، فقد ألقوا في يديها معلومات جديدة عن النظام والعمل والحضور والانصراف والاعتذار والغياب.. وفن التزويغ وادعاء الانشغال.. وفن التوقيع عند الانصراف وفن التوقيع من غير انصراف.. أي وهي موجودة في بيتها.. ومن الذي يتولى ذلك بالنيابة عنها.. أو تتولاه هي بالنيابة عن غيرها.. ومن الذي يفعل ذلك بانتظام، وكم تدفع ولمن.. لم يعد هناك خوف من شيء.. أو خوف على شيء..

وعرفت الموظفة الجديدة أيضا لعبة الإجازات المرضية والعرضية، والإجازات الشخصية.. وعرفت الأماكن التي يمكن أن تنتقل إليها بكلمة من قريب أو صديق.. وأين هي الغرف ذات الشبابيك البحرية والغرف التي يمكن النوم فيها على المكتب بدون أن يدري أحد.. والغرف التي تتجمع فيها الفتيات وفي أيديهن التريكو أو مجلات الأطفال بدون أن يسمعن كلمة واحدة من احد. ولما سألتها عن العمل الذي تؤديه أجابت: ولا حاجة!! ولما طلبت إليها أن توضح أكثر. قالت: ولا حاجة.. صباح الخير.. صباح الخير.. وفي هذه العبارة أضع كل نشاطي وحيويتي. وبعد ذلك أستطيع أن أنام حتى الثانية مساء!! وعلى الرغم من أنها لا تعمل ولا توجد لديها فرصة عمل.. فإنها قد عرفت بالدقة كل الظروف والقواعد والحيل التي تجعلها لا تعمل إطلاقا.. مع أن عملها ليس إلا: صباح الخير.. حتى هذه يمكن أن تأخذ منها إجازة!

ومثلها عشرات الألوف!



إحدى قريباتي عملت أخيرا موظفة. وأهلها سعداء بذلك وهي أكثر سعادة.. ولم تكن تعرف هي مواهبها الخاصة. ولكن في هذا العمل الجديد اكتشفت أنها ليست موظفة فقط، وإنما هي إحدى وكالات الأنباء.. فبسرعة غريبة عرفت الكثير عن كل الموظفين الزملاء والرؤساء: من هو الأعزب ومن هو المتزوج لأول مرة ولثاني مرة.. ومن الذي عنده تليفون سري في البيت أو في المكتب.. ومن الذي حضر ومن الذي غاب..

ومعنى ذلك أنها لم تضيع وقتها في القراءة. وإنما شغلته بالكلام، ولا بد أن يكون كلامها على شكل أسئلة.. وإلا فكيف استطاعت أن تعرف كل هذه الإجابات.. وهي لا تتحرك من مكانها.. وليس معقولا أن يجيء الناس إليها.. إذن فالتليفون هو «الساعي» الدائخ بينها وبين جميع الموظفين.. والتليفون عمومي ـ أي يجب إن يكون مشغولا بالعمل ولصالح العمل..

وعندما تزوج أحد أقاربها لم تجد وسيلة للتزويغ من العمل للمشاركة في الليالي الملاح.. ثم مات أحد أقاربها.. ولم تتمكن من تقديم واجب العزاء.. وإنما جاء الموظفون يواسون الموظفة الجديدة من باب الواجب أو الشكليات أو تضييع الوقت أو حب الاستطلاع.. ولم تكن أيديهم خالية، فقد ألقوا في يديها معلومات جديدة عن النظام والعمل والحضور والانصراف والاعتذار والغياب.. وفن التزويغ وادعاء الانشغال.. وفن التوقيع عند الانصراف وفن التوقيع من غير انصراف.. أي وهي موجودة في بيتها.. ومن الذي يتولى ذلك بالنيابة عنها.. أو تتولاه هي بالنيابة عن غيرها.. ومن الذي يفعل ذلك بانتظام، وكم تدفع ولمن.. لم يعد هناك خوف من شيء.. أو خوف على شيء..

وعرفت الموظفة الجديدة أيضا لعبة الإجازات المرضية والعرضية، والإجازات الشخصية.. وعرفت الأماكن التي يمكن أن تنتقل إليها بكلمة من قريب أو صديق.. وأين هي الغرف ذات الشبابيك البحرية والغرف التي يمكن النوم فيها على المكتب بدون أن يدري أحد.. والغرف التي تتجمع فيها الفتيات وفي أيديهن التريكو أو مجلات الأطفال بدون أن يسمعن كلمة واحدة من احد. ولما سألتها عن العمل الذي تؤديه أجابت: ولا حاجة!! ولما طلبت إليها أن توضح أكثر. قالت: ولا حاجة.. صباح الخير.. صباح الخير.. وفي هذه العبارة أضع كل نشاطي وحيويتي. وبعد ذلك أستطيع أن أنام حتى الثانية مساء!! وعلى الرغم من أنها لا تعمل ولا توجد لديها فرصة عمل.. فإنها قد عرفت بالدقة كل الظروف والقواعد والحيل التي تجعلها لا تعمل إطلاقا.. مع أن عملها ليس إلا: صباح الخير.. حتى هذه يمكن أن تأخذ منها إجازة!

ومثلها عشرات الألوف!