المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متحف ضد الحرب **خالد القشطيني


مشهور
13/01/2007, 01:06 AM
متحف ضد الحرب

من اول مشاهدات السائح في لندن، وهو يدور بين المتاحف والكنائس ومبنى البرلمان وقصر بكنغهام، منظر ذلك الرجل الوحيد الذي يقف مقابل بناية البرلمان في وستمنستر تحيط به شلة من الشعارات والاعلام والتصاوير. تقترب منه فتجده يضع على رأسه قبعة مغطاة بشتى العلامات. تدقق فيها فتجدها جميعا تحمل شعارات ضد الحرب وضد الأسلحة النووية وضد غزو العراق، وضد كذا وكذا من تصرفات الدول الكبرى. تحاول ان تقرأها فيقاطعك الرجل بسيل من الاشعار والكلمات تهيب بك ان تلعب دورك في منع انتشار الأسلحة او اندلاع الحروب والعنف. يقدم الرجل نفسه اليك. انه براين لو، احد دعاة السلام ومعارضي التسلح والحروب.

انه بعبارة اخرى يتحدى ويسفّه كل ما يجري من مناقشات وقرارات داخل البناية التي يواجهها، مجلسي العموم واللوردات. ولهذا حاولت الشرطة البريطانية منعه من مواصلة هذا المجهود الذي واظب عليه لما يقرب من عشر سنوات. يقف بشعاراته ولوحاته كل يوم من الفجر حتى منتصف الليل. لا يثنيه عن مسلكه البرد ولا المطر ولا الثلج ولا الرياح العاتية. يقف وبيده مكرفون ينادي ويخطب منه. حاولت الشرطة استغلال ذلك بأنه يسبب ازعاجا للجمهور ويعرقل حركة السير. اجبروه على ازالة بضاعته والنزوح عن المكان. ولكنه اقام دعوى على الشرطة بأنها تحرمه من حريته والتعبير عن رأيه. ايدت المحكمة دعواه وأمرت الشرطة بعدم التعرض له. وهكذا يقف الآن كمشهد من مشاهد لندن التي اهيب بالسائح ان يذهب ويتفرج عليه، وهو يدخل الآن العام الرابع من تحديه لسياسة الحكومة في غزو العراق.

ليس ذلك فقط، وانما اقتضى على دائرة المساعدة الوطنية ان تدفع له اجوره الكاملة عن الوقت الذي يقضيه في شتم الحكومة وتسفيه سياساتها. تمادى في هذا المجهود فتحدى توني بلير بأقسى العبارات في احد الاجتماعات الأخيرة. كانت المناسبة الوحيدة التي تغيب فيها عن ساحة البرلمان ليشتم توني بلير وجها لوجه. ومع ذلك فإن دائرة المساعدة الوطنية لم تقطع عنه اجرته عن ذلك اليوم الذي تغيب فيه عن ساحة البرلمان.

دخل الميدان مؤخرا داع آخر من دعاة السلام، الفنان الكبير نك بوتنغ فرسم لوحة زيتية رائعة لبراين لو، كاملة مع قبعته المحملة بشعارات السلام. سمع بها متحف الحرب فقرر شراءها لعرضها في المتحف. فمن طرائف الحياة البريطانية ان متحف الحرب الذي بني ليعرض بطولات المحاربين وما استعملوه من اسلحة وخاضوه من معارك، اصبح الآن يعرض كل من وقفوا ضد هذه البطولات. وهذا مكان آخر جدير بزيارة السائح. متحف الحرب البريطاني الذي اصبح يعرض كل ما هو ضد الحرب، تصاوير المظاهرت التاريخية ضد الاسلحة النووية وبشاعات المعارك التي خاضها الانجليز عبر تاريخهم الامبريالي، وبورتريتات الشخصيات السلامية من غاندي إلى مارتن لوثر كنغ.