تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل أتاك حديث البراغيث والصراصير؟!*** انيس منصور


مشهور
13/01/2007, 01:08 AM
هل أتاك حديث البراغيث والصراصير؟!

أتحدث عن الذي جرى في مصر. ولا اعرف هل اصاب البلاد الشقيقة شيء من هذا الهزل والتفاهة.

لقد ابتلينا في شهر رمضان المبارك بنوعين من الناس ليس احدهما اسوأ من الاخر: الطهاة وبعض الدعاة!

اما الطهاة فهم يحدثون سيدات البيوت عن الذي يجب ان يضعنه على المائدة في رمضان مع انه لا مكان لطعام جديد. فعلى المائدة: السخن والبارد والحار والحلو والخضراوات واللحوم والاسماك والحلويات.. وكلها نحشرها في مكان واحد. وتصاب الأمعاء بعد ذلك ونترامى ونتساقط امام التليفزيون نلاحق المسلسلات المصرية على كل القنوات..

وانا اتابع برامج الطهاة واشعر أن هناك صلة بين الكاتب وبين الطهاة.. فنحن جميعا نحاول ان نقدم شيئا مفيدا لذيذا من مفردات مختلفة. نضعها ونقدمها سائغة لكل الناس. أحيانا اشعر أن الأكواب والأطباق كلمات فارغة نملأها بالمعاني.. واحيانا اجد الاطباق ليموج والملاعق والسكاكين كريستوفل والاكواب كريستال ولكنها قد امتلأت بالطعام السخيف او بالكلام الفارغ.. واحيانا اجد الاطباق بسيطة والطعام ايضا. لكنها لذيذة، وكذلك صناعة الكلام. وهناك طعام نشبع منه حتى لو لم نأكله.. طعام نشبع منه بلا اكل. وطعام نأكله بلا شبع!

اما الدعاة فهم الذين يستحقون العقاب. ولا اعرف عددهم. ولا اعرف من الذي دعاهم الى الدعوة. والدعوة الى ماذا؟ الى ما لا يخطر على البال. فقد انفردوا بموضوعات غريبة عجيبة. هل هذه الموضوعات قد وضعوها واستدرجوا الناس إلى السؤال عنها.. كثيرون من الفنانين زمان كانوا يبعثون بخطابات الى الاذاعة والتليفزيون يطلبون اغنياتهم الجديدة.. وكانت الخطابات يقوم بارسالها عدد كبير من رجالهم في كل محافظات مصر والبلاد العربية.. فبعض القضايا التي يسأل عنها المستمعون غريبة وشاذة وكلها موجودة في كتب التاريخ والسير.. ولكنها تلفت النظر الى السائل والمسؤول!

مثلا: حديث عن ابي هريرة عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: وهل قتل البراغيث حلال أو حرام. فقال: بل حرام لانها توقظ النائمين الى صلاة الفجر!

وقد قرأت انا بعيني تعليقا على هذا الحديث وفي نفس المكان انه حديث كاذب وانه مفبرك. ومع ذلك وجد من يعثر عليه ويقدمه ويشغل الناس به.

وفي رواية اخرى ان الرسول عليه الصلاة والسلام عندما حرم البراغيث قال عمر بن الخطاب انه امضى ليلته متهجدا.. اي لم ينم لأن البراغيث تلسعه وقتلها حرام؟!

هل هناك ما هو أسخف من ذلك؟ طبعا هناك ما هو اسخف وهو: هل نقتل الصراصير أو لا نقتلها؟!

مشهور
13/01/2007, 01:10 AM
.. والآن جاء دور الصومال

كان كل ما تحتاجه وصول القاذفات الأمريكية فوصلت. وحل كل شيء، وما علينا بعد الغارة على قرية هايو في الجنوب سوى ان ننتظر: اولا: عودة اشلاء الصومال الى التوحد. ثانيا: نهاية الميليشيات التى فرقته اربا منذ عقدين وشردت أهله وزادت صحاريه وبالا. ثالثا: تعميم الازدهار والتقدم في بلد يرفض بكل إباء الخروج من ظلام القرون الاولى.

لم تتعلم أمريكا ان مشاكل الارض لا تحل من الجو، مهما كانت دقة القاذفة وتطورها الالكتروني، ولا تعلمت ان السياسة الدولية اوائل القرن العشرين لم تعد مثل السياسة الدولية اوائل القرن الثامن عشر، عندما كان المدفع البريطاني المحمول على السفن، يتكفل بإفزاع الناس بمجرد ان يطلق على الميناء، ولا ادركت انه تحفر القاذفة حفرة في الارض، يسارع الاعداء الى حفر الانفاق والخنادق تحت الارض.

لم يكن ممكنا ترك الصومال لحالة الحرب والنهب الدائمة التي يقبع فيها، فقد تولت زمر العابثين والقتلة محو كل أثر لاثار الدولة، وهي دولة لم تقم، بل قام مكانها ديكتاتورية ألحق بها الفساد وغطت جمهورية سياد بري نفسها بشعارات ثورية خلابة فيما كانت تتقاضى المال من الدول التي تدعي محاربتها. لكن سياد بري استطاع ، على الاقل، الحفاظ على شكل الوحدة في بلد تولى تجميعه الاستعمار البريطاني والاستعمار الايطالي، وكان الصومال في زمن سياد بري يحقق شيئا ولو ضئيلا من النمو واحيانا من بعض التقدم. لكن كل شيء انهار مع ذهابه، لأن الديكتاتور يعمل من اجل خلود نفسه لا من أجل بقاء بلده. وكان يمكن ان تترك أمريكا الصومال الى حاله المزرية عقودا أخرى، لولا وصول «المحاكم» الى مقديشو كما وصل «الطالبان» من قبل الى كابل، ومهما بدا الصومال بعيدا فهو أقرب الى مواقع الاستراتيجية الدولية، مما يبدو على الخريطة، وكما خيضت حرب «القرن الأفريقي» بين الأمريكيين والسوفييت من قبل في هذه المنطقة، تخوض أمريكا الآن المواجهة مع «الأشباح» الكامنة في الغابات الأفريقية والطالعة الى صحاريها.

فالخوف الحقيقي ليس على الصومال، التي أهملها الجميع، بل من الصوملة التي قد تمتد عبر الحدود. في المرة الأولى، عام 1992، لملمت أمريكا اطراف ثوبها المحترق، وخرجت من مقديشو. لكن الأمم المتحدة التي جاءت معها ما لبثت ان تركت البلد لحملة الكلاشينكوفات، كان يفترض إرسال قوة حقيقية تشرف على إعادة تأسيس الدولة وإقامة المؤسسات، من دون التدخل في خصوصيات الشخصية الصومالية او تقاليدها.

لكن العالم كان يتفرج على صور الميليشيات الفلتانة في شوارع مقديشو، ثم يدير وجهه الى الناحية الاخرى. وكما أفاقت أمريكا في أفغانستان لترى ان حلفاءها تحولوا الى طالبان، افاقت في الصومال لترى كم أن الأرض بعيدة عن الجو، ولم تصدق، انها تكرر التجربة بدل البحث عن حل حقيقي ودائم.