تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أفكر في الرجال**سمير عطالله


مشهور
10/02/2007, 03:35 PM
أفكر في الرجال

وانا اتابع اتفاق مكة كنت افكر في اشياء كثيرة. وكنت أتأمل الوجوه والملامح، وبعضها وجوه اصدقاء من الزمن الفلسطيني الماضي. وكنت أفكر، خصوصا في لبنان، فهل ستمتد المصالحة الى بيروت؟ ومتى؟ ان اهم ما حدث في الآونة الأخيرة في السياسة العربية، هو الحوار السعودي ـ الإيراني. ولولا هذا الحوار لما رأينا البعض يأتي حتى الى مكة. فعلى الأرض العربية تطورات كثيرة، كانت تبدو خيالية منذ سنين لكنها لم تعد خيالية الآن. تعاملت الديبلوماسية السعودية مع وقائع السياسة وليس مع متخيلاتها. واستضاف الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم كان ولياً للعهد، الزعيم الإيراني رفسنجاني لعدة ايام وليس لثلاثة كما هو حال الزيارات.

وفي الأشهر الأخيرة كان امام السياسة السعودية خياران: اما ان تنتقل الى صف المواجهة التي فتحتها ايران بكل علنية، واما ان تحاول انقاذ المنطقة من مغبات ومطبات الكثبان المتنقلة. والخيار الثاني فرض من فروض السياسة في الرياض.

طبعاً كان المشهد الفلسطيني هو الأكثر ايلاماً. دماء تهرق وقضية تصور للعالم على انها قضية قتال على السلطة والحقائب. وفيما يتذابح اللبنانيون علناً وبفصاحة حول الحقائب ويسمون المقاعد «حكومة وحدة وطنية»، التقط الفلسطينيون الشعار ونزلوا فوراً الى شوارع غزة وطلعوا الى سطوح البيوت وراحوا يطلقون الرشاشات على آخر معالم الوحدة واول معالم الوطن.

ولم يكن هناك حل سوى مكة. لعلهم يعقلون. لعلهم يتفكرون. وتابعنا اخبار مكة وايدينا على قلوبنا. واصغيت الى البيانات تقرأ. واحداً واحداً. وكان السيد اسماعيل هنية المتحدث الأكثر فصاحة. لغة عربية ممتازة. وذاكرة ما بعدها ذاكرة. وطلاقة ما شاء الله. ولم ينس موضوعاً برغم الارتجال. ولم ينس احداً. ولم ينس وعدا. وانا الذي اعيش في اللغة واحيا بها لا يطيب لي كثيرا ان اسمع السياسيين يغطون كل شيء بالبلاغة ويحرصون على لفظ عين المضارع اكثر من الحرص على دماء الناس. واعتذر عن ذلك بكل صدق، خصوصاً للرئيس هنية. انا أفضل كلاماً بسيطا ومباشرا ومختصرا وعملا كثيرا وترفعا وتضحيات وتكرسا.

سمعت جميع الكلام واصغيت الى الكلمة المختصرة التي ختم بها الملك عبد الله بن عبد العزيز. فأنا أتابع مساعيه. واحب صراحته. ولي ثقة مطلقة بأعماله ونواياه وشجاعته. هذه قامة قومية عملاقة تنتقل بالإرث والمدرسة. وتنشر حولها الثقة والمحبة والصدق. وتنشر خصوصاً الأمل. وعندما كان الملك عبد الله بن عبد العزيز يلقي كلمته، كنت أفكر في الرجال. والفرسان. واحلم بحل في لبنان.