تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مليون طن فيول **سمير عطالله


مشهور
24/02/2007, 03:06 AM
مليون طن فيول

كتب الدكتور احمد البغدادي ان «الدولة مصطلح غربي ليس له أصل في التراث العربي». وقال انه بعد ذهاب الاستعمار وتسلم الوطنيين الحكم، اصبحت الدولة عبئا. واخذ رجالها ينتقمون من الناس وينكلون بهم ويبتزونهم ويتعمدون توجيه الاهانات لهم.

اقيمت الدولة العربية نكاية بالناس. فالشعب عدوها لا نصيرها ولا ضميرها. ووقف الموظفون يسرقون اصحاب الحاجات بدل مساعدتهم. واحتكرت الزعامات والاحزاب الدولة لنفسها، بكل ما فيها، وعلق الحكام الجدد القانون وفرضوا قانونا واحدا هو القانون العرفي الذي يلغي جميع القوانين والحقوق. وخفضت موازنات التعليم لحساب موازنات السجون. وسخرت الجامعات والكليات للمحسوبية، اساتذة وطلابا. ونامت نواطير الدولة عن ثعالبها. وتحولت بعض دوائرها الى دوائر ابتزاز وترهيب واذلال.

وفي لبنان كانت الدولة تعاقب «معارضيها» بإرسالهم الى الجنوب المهمل والمنسي. فالاساتذة اليساريون عاقبتهم وارسلتهم الى قرى الجنوب، فكانت النتيجة انهم أنشأوا جيلا يساريا معاديا للدولة. والعسكريون غير المرضي عنهم كانت تعاقبهم بإرسالهم الى الحدود الجنوبية، فرسخ فيهم ان الحدود مع اسرائيل عقاب لا واجبا وطنيا. وعندما وصلت المقاومة الفلسطينية الى الجنوب رأت في استقبالها شعبا لا يعترف بدولة. ثم عندما جاءت «المقاومة الاسلامية» وجدت شعبا مل ممارسات المقاومة الفلسطينية كما مل من قبل موقف الدولة اللبنانية.

وعندما اسافر في بلاد العرب خارج العواصم، اول ما ألاحظه غياب الدولة وغياب الانسان. انه مخلوق بلا حقوق ومتروك لنفسه وحاله. وهي حال سيئة ومتخلفة. وعندما اسافر في بلاد الآخرين لا ارى ان الطرقات قد تغيرت او ان اشارات السير قد اختفت او ان مراكز الشرطة قد الغيت وحلت مكانها مراكز المخابرات. فالمواطن العربي مخلوق متهم ويجب العثور دائما على طريقة لتدجينه وليس لاسعاده. وهو كائن خاضع لجميع انواع الرقابات في كل مراحل العمر. ويتوفاه الله كأكبر معمر، فيما لا تزال دولته تعامله على انه لم يبلغ سن الرشد.

تميز العراق في العقود الماضية بكونه بلد اهم الرسامين العرب. فالرسوم التشكيلية كانت الفن الوحيد غير الخاضعة لمفوض الثقافة. او الكوميسار. اما الكاتب والشاعر والملحن والمغني والسينمائي فكان ابداعه محصورا في تمجيد السيد القائد وعبادته ونشر افكاره بين الناس، واعادة كتابة سيرته الشخصية بحيث لا يعود من فارق بينه وبين الانبياء، سوى مرحلة الظهور. كان الملهم لا يختار حوله سوى من يكذب عليه لأنه لا يريد ان يسمع سوى الكذب. وبعد قليل يصدق كل الزمرة. ثم يصل الى مرحلة يصدق فيها نفسه. وتكون النتيجة انهيار الدولة والوطن، لأن الدول لا تقوم الا على الحقيقة. وتتقبل الشعوب المجاعة في ظل الديكتاتورية الى حين. ثم يصل وقت يقايض فيه الرفيق كيم جونغ ايل كل شيء بمليون طن من الفيول. وصحن سوشي من طوكيو.


كتب الدكتور احمد البغدادي ان «الدولة مصطلح غربي ليس له أصل في التراث العربي». وقال انه بعد ذهاب الاستعمار وتسلم الوطنيين الحكم، اصبحت الدولة عبئا. واخذ رجالها ينتقمون من الناس وينكلون بهم ويبتزونهم ويتعمدون توجيه الاهانات لهم.

اقيمت الدولة العربية نكاية بالناس. فالشعب عدوها لا نصيرها ولا ضميرها. ووقف الموظفون يسرقون اصحاب الحاجات بدل مساعدتهم. واحتكرت الزعامات والاحزاب الدولة لنفسها، بكل ما فيها، وعلق الحكام الجدد القانون وفرضوا قانونا واحدا هو القانون العرفي الذي يلغي جميع القوانين والحقوق. وخفضت موازنات التعليم لحساب موازنات السجون. وسخرت الجامعات والكليات للمحسوبية، اساتذة وطلابا. ونامت نواطير الدولة عن ثعالبها. وتحولت بعض دوائرها الى دوائر ابتزاز وترهيب واذلال.

وفي لبنان كانت الدولة تعاقب «معارضيها» بإرسالهم الى الجنوب المهمل والمنسي. فالاساتذة اليساريون عاقبتهم وارسلتهم الى قرى الجنوب، فكانت النتيجة انهم أنشأوا جيلا يساريا معاديا للدولة. والعسكريون غير المرضي عنهم كانت تعاقبهم بإرسالهم الى الحدود الجنوبية، فرسخ فيهم ان الحدود مع اسرائيل عقاب لا واجبا وطنيا. وعندما وصلت المقاومة الفلسطينية الى الجنوب رأت في استقبالها شعبا لا يعترف بدولة. ثم عندما جاءت «المقاومة الاسلامية» وجدت شعبا مل ممارسات المقاومة الفلسطينية كما مل من قبل موقف الدولة اللبنانية.

وعندما اسافر في بلاد العرب خارج العواصم، اول ما ألاحظه غياب الدولة وغياب الانسان. انه مخلوق بلا حقوق ومتروك لنفسه وحاله. وهي حال سيئة ومتخلفة. وعندما اسافر في بلاد الآخرين لا ارى ان الطرقات قد تغيرت او ان اشارات السير قد اختفت او ان مراكز الشرطة قد الغيت وحلت مكانها مراكز المخابرات. فالمواطن العربي مخلوق متهم ويجب العثور دائما على طريقة لتدجينه وليس لاسعاده. وهو كائن خاضع لجميع انواع الرقابات في كل مراحل العمر. ويتوفاه الله كأكبر معمر، فيما لا تزال دولته تعامله على انه لم يبلغ سن الرشد.

تميز العراق في العقود الماضية بكونه بلد اهم الرسامين العرب. فالرسوم التشكيلية كانت الفن الوحيد غير الخاضعة لمفوض الثقافة. او الكوميسار. اما الكاتب والشاعر والملحن والمغني والسينمائي فكان ابداعه محصورا في تمجيد السيد القائد وعبادته ونشر افكاره بين الناس، واعادة كتابة سيرته الشخصية بحيث لا يعود من فارق بينه وبين الانبياء، سوى مرحلة الظهور. كان الملهم لا يختار حوله سوى من يكذب عليه لأنه لا يريد ان يسمع سوى الكذب. وبعد قليل يصدق كل الزمرة. ثم يصل الى مرحلة يصدق فيها نفسه. وتكون النتيجة انهيار الدولة والوطن، لأن الدول لا تقوم الا على الحقيقة. وتتقبل الشعوب المجاعة في ظل الديكتاتورية الى حين. ثم يصل وقت يقايض فيه الرفيق كيم جونغ ايل كل شيء بمليون طن من الفيول. وصحن سوشي من طوكيو.