الأستاذ
03/03/2007, 06:22 PM
ان كنت فى الثلاثينيات من عمرك أو يزيد فإجلس قليلا مع نفسك ، فقط أنت و نفسك ، فى جو هادئ تسيطر علية الأضواء الخافتة ليلا ، و تأمل تلك الفكرة التى تأملتها فشعرت بمزيج من الحزن و الخوف ، الدهشة من أننى لا أعلم شيئا ، تفكر فى أى مرحلة سابقة من حياتك على أن تكون كاملة ، لها مجتمعها و أحداثها ، تذكر ذلك الشاب ، أو الصبى ( الذى هو أنت حاليا ) ، ستراة بكل تفاصيلة ، بشكلة و قوامة بل و سترى أفكارة و منهجة بوضوح ، و قد تستشعر مشاعره وقتها ، و لا عجب فى ذلك ، فما هو إلا أنت ، تأمل فى موقف من المواقف التى مر بها ، مع أصدقائة ، مع أهلة ،،، أيا كان ، سيجرى المشهد كله أمام ناظريك كأنه فيلما تسجيليا ، و كانك تشاهد أشخاصا لا تعرفهم ، الوجوة غير الوجوة ، الأماكن غير الأماكن ، الظروف غير الظروف ، و سينتهى المشهد و انت تتساءل : أين هؤلاء القوم الآن ، أين هذاالفتى ؟ قد يكونوا أحياء الآن ، نعم ، و لكن ليسوا هم من رأيت توا ، الإختلافات تصل إلى حد الإنفصال التام بينهم و بين هؤلاء الذين رأيت الآن ، و ستصل إلىإحساس مطابق للإحساس الذى تحسة عندما تتذكر عزيزا لديك توفاه الله منذ زمن بعيد ، أنت تحزن لفراقة و تفتقدة و لكن لطول الزمن على فراقة أصبح الإحساس بذلك ضعيفا ، و قد تتذكرة و انت تبتسم و تتندر بما كان له من مواقف ، و كأنه كان شخصا أسطوريا لم يكن له وجود فعلى من قبل ، ترى هل هذا ( الأنا ) الذى رأيتة منذ قليل فى خلوتى و البالغ من العمر العشرين أو ما ينوف ، قد مات ؟ هل أذكرة الآن ذكرى الأموات السالفين ؟ لابد من ذلك ، فالموقف كما رأيتة منذ برهه لست أنا البطل فية ، هو شاب أو طفل أو صبى ، أسمة هو أسمى ، أهله هم أهلى ، هو أنا و لكنة ليس أنا ،،،،،، أنظر إلى ولدى و أتذكرة حين مولدة ،،، ليس هو ذلك الصبى الواقف يكلمنى الآن ، فأين ذهب هذا المولود ، أين ذهب هذا الرضيع حين كان يحاول الوقوف مستندا الى الأثاث فى المنزل و عمرة عام أو مايزيد قليلا ، لا ليس هذا هو الواقف يكلمنى الآن عن دراستة و حفظة ، لا شكلا و لا مضمونا ،، هل مات كل هؤلاء موتا معنويا ؟ فما يميز الميت عن الحى أنك لا تستطيع إسترجاع عزيز لديك قد مات ، و كذلك الأمر هنا ، انت لا تستطيع إسترجاع هذا الرضيع ، و لا هذا الشاب ، و لا تستطيع إرجاع تلك الأحداث و الظروف المحيطة به آنذاك ، و لا الناس الموجودين معة فى ذلك الفيلم التسجيلى الذى كان يدور أمام ناظرى منذ برهة ، يتساوى فى ذلك من كان منهم حيا الآن مع من توفاه الله ، هذا طور آخر تماما ، فكم مرة يموت الإنسان ؟؟؟