المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القضية والبرنامج**سمير عطالله الشرق لاوسط


مشهور
05/03/2007, 01:16 AM
القضية والبرنامج

هنالك ظاهرة غريبة غير مألوفة إلا في العالم العربي، يمكن اختصارها بالقول إن القضية ـ أي قضية ـ ليست هي أبدا القضية. من فلسطين إلى هالة سرحان. ففي القضية الفلسطينية مثلا، الصراع ليس مع إسرائيل بل حول تشكيل الحكومة ومنصب وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء. وقد لاحظت من الجدل الدائر حول برنامج هالة سرحان أن المذيعة الشهيرة هي التي اخترعت حكاية وجود بنات ليل في البلاد في حين أن لا وجود لبنات الليل إلا في برنامجها.

لا وجود للفقر. لا وجود لظاهرة مرعبة اسمها أطفال الشوارع. ليس صحيحا أن في بلدان عربية كثيرة تبيع الفتيات أجسادهن لإعالة آباء منكوبين وأشقاء صغار وشقيقات يخشين التسول. وليس صحيحا أن نسب البطالة مرعبة، وان الشبان يموتون في القوارب المتسللة إلى أوروبا. ولا هو صحيح أن الذين يحلمون بالهجرة ويسعون إليها يفوق عددهم بكثير أعداد القابلين بالبقاء في أوطانهم.

الحقيقة الوحيدة هي أن هالة سرحان أقنعت فتيات لسن ببنات ليل أن يدعين ذلك لقاء مبالغ زهيدة. فكيف إذن قبلت تلك الفتيات الظهور على التلفزيون في تلك الصفة المعيبة لقاء إغراء مالي صغير أو كبير؟ وماذا يمكن تسميتهن في هذه الحال؟ ربما بنات نهار. أي أنهن يقبلن الصفة لكن لا يقبلن العمل نفسه. في حين انه معروف لدى الجميع أن شتيمة من هذا النوع تكفي أحيانا لوقوع مذبحة.

لا أريد القول انه يحق لهالة سرحان أو مخرج برامجها «تركيب» حلقة اجتماعية، مهما كان الغرض منها نبيلا أو هادفا. فهذا غير جائز في أدبيات المهنة وأصولها. وفي الإمكان الحصول على مئات ـ إن لم يكن آلافا ـ الضحايا الحقيقيات لتقديمهن إلى الناس كنماذج. ولكن هذه مسألة ينظر فيها القضاء أو النقابات. ولا تتحول بمثل هذه البساطة إلى قضية سياسية تستغلها الأحزاب، التي تعرف أكثر من سواها مدى التردي الاقتصادي والحياتي، وبالتالي الاجتماعي في العالم العربي. لقد أرادت هالة سرحان التنبيه إلى ظاهرة نراها في كل مكان ونرفض أن ننظر إليها. وهي ليست وقفا على القاهرة، بل إنها متمادية في المجتمعات الأخرى التي دمرتها السياسة والبطولات والدول التي لا تنتج سوى الفقر والحروب والتشريد الذي لا يتصوره عقل.

دعوا برنامج هالة سرحان للجنة تعينها النقابة أو وزارة الثقافة أو حتى القضاء المختص. فالقضية الحقيقية أكبر وأعمق وأفظع وأقسى من ذلك بكثير. إنها ليست قضية برنامج تلفزيوني، بل قضية مجتمع عربي ينخره سوس الفقر والتشرد والجوع.





التعليــقــــات
ِAhmed Ramy، «مصر»، 04/03/2007
القضية بالاساس في سطحية تناول المشاكل و ليس في اثبات وجودها،و الكثير من البرامج هو للاثارة و ليس لعرض معلومات عن مشكلة أو طرح أفكار للحل.

ربيع سليم مكة المكرمة، «المملكة العربية السعودية»، 04/03/2007
انه يا سيدي فيروس الفساد الذي تمكن من كل عضو في جسد الامة.. وما الفقر والتشرد والجوع الا نتيجة لهذا الفساد..وليس من خلاص الا بالرجوع الى الله.

سليم الاعور، «روسيا»، 04/03/2007
فعلاً انها من الظواهر الغريبة في العالم العربي هو اختلاط المفاهيم عن قصد أحيانًًاً أو عدم معرفة في الغالب؟ وبالنتيجة المحصلة واحدة إعاقة النهوض بضياع المعنى. القضية تعني الشمولية في القصد.. فنخلط بينها والمسألة..فنكبر ألاجزاء المتفرعة من القضية ونفرح بالانتصار على بعضها.

عصام على، «المملكة العربية السعودية»، 04/03/2007
الكاتب الكبير سمير عطا الله أسعد الله صباحك. الاعتراض على ما قدمته هالة سرحان ليس في أنها قدمت هذا الموضوع مع العلم بأن هذه الآفه (بنات الليل) موجودة في كل مكان في العالم ولا يستطيع أحد أن ينكرها وهي موجودة من آلاف السنين من ايام أصحاب الرايات الحمر ومن قبل ذلك بكثير وليس الاعتراض على أنها قدمت بنات حقيقيات أو غير حقيقيات فهذه مسألة يحسمها القضاء وحده وحتى اذا ثبت أنهن غير حقيقيات فيكفيهن عارا أنهن قبلن أداء هذا الدور المخزي مقابل ثمن حذاء ولكن الاعتراض على هذه الحلقات وغيرها من حلقات هالة سرحان في الأسلوب غير اللائق الذي قدمت به الحلقات والذي يتعارض مع قيمنا وديننا وظهور الحلقات وكأنها دعوة الى الرذيلة وكان يمكن تقديم الموضوع في مناقشة علمية موضوعية تعالج الأسباب وتطرح الحلول العملية التي يمكن تطبيبقها على أرض الواقع من خلال علماء في الدين والإجتماع وعلم النفس والإقتصاد والتعليم والقانون وغيرهم من المختصين مع عدم ظهور مثل هذه الفتيات وإجراء حوار معهن بعبارات مكشوفة تخدش حياء الأسرة العربية هكذا. هذا اذا افترضنا حسن النوايا وليس الفرقعة الاعلامية وحب الشهرة. يا سيدي الفاضل الغاية النبيلة لا تبرر الوسيلة السيئة.

أم رتيبة
06/06/2007, 07:05 PM
شكرا لك على طرحك للموضوع

وجزاك الله خيرا ولا يعلم الحقيقة إلا الله