المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلا أن أكون شيخا أزهريا!**انيس منصور


مشهور
15/03/2007, 02:19 AM
إلا أن أكون شيخا أزهريا!

لم يكن أبي جادا عندما قرر أن أكمل دراستي في الأزهر ما دمت قد حفظت القرآن الكريم في التاسعة من عمري. فأحد اعمامي استاذ للشريعة في الجامعة الازهرية. ويلقى احتراما عظيما من الناس وكلهم يقبلون يده ـ وأنا أيضا!

ولنفس هذه الاسباب جمعت أمي حاجياتها وتركت البيت، لأنها لا تريد أن أكون استاذا معمما مثل عمي وابن خالة لها. وكانت أحلام أمي أن اكون مثل قريبها ابراهيم باشا عبد الهادي الذي كان رئيسا للديوان الملكي ورئيسا للوزراء. على أي أساس راحت تحلم بهذا اليوم؟ لا يوجد اساس. ولكنها مؤمنة بأني سوف أكون شيئا هاما. على أي أساس؟ لا أساس، وانما هي أحلام أم تحب ابنها وترى فيه تعويضا عن كل متاعبها وهمومها.. ولذلك فلم يكن والدي جادا في ان اذهب الى الازهر. فأمي تسد هذا الطريق. وهو يعلم انها عنيدة جدا.

وكنت اذا ذهبت الى صلاة الجمعة كانت أمي تحذرني من البقاء طويلا في المسجد بعد الصلاة .. فهي تخشى أن (اندمج) في دور المشايخ. وكانت تمنعني من حفلات الذكر.. وهي عادة في الريف يذهب إليها الأطفال ويقلدون الكبار في الذكر.. وكان والدي صديقا لأحد أئمة أحد المساجد اسمه الشيخ (روحه). وكان الشيخ يتوسم خيرا في هذا الطفل ـ الذي هو أنا. فأنا حفظت الى جانب القرآن الكريم.. بردة البوصيري ونهج البردة لشوقي والهمزية النبوية. ولم يكن ذلك لشعور ديني عميق وإنما طفل ذاكرته قوية. ويحفظ الى جانب هذا الشعر الصوفي والديني قصائد في الغزل..

وفي يوم دعتني أمي للسفر معها وليس من عادتي أن أسأل أمي الى أين. ولكن جمعت ملابسها وسافرنا. وبقينا أياما في بيت جدي. وعدنا الى المنصورة. أما السبب فهو ان عددا من المشايخ سوف يجتمعون في بيتنا بمناسبة العيد الأضحى. وشجعتني أمي على ان أصادق عددا من الزملاء الأقباط. على الرغم من ان احدهما ابن قسيس ولكن هناك فارقا كبيرا بين القسيس والشيخ.. وعرفت فيما بعد لماذا تحرص أمي على ان اذهب الى بعض اصدقائي وأبيت عندهم. لماذا؟ لأن اقاربي من المشايخ يجيئون الى بيتنا. فوالدي هو عميد الأسرة وهو رجل صوفي.. شاعر صوفي جميل الصوت والصورة لطيف رقيق لابد أن يحبه الناس.. وأحبوه.

فقط عندما ذهبت الى الجامعة ودخلت قسم الفلسفة. لم تعد امي تعبأ كثيرا بمن يجيء من المشايخ ولا بما يقولون، وكانوا يتمنون ان اكون شيخا أزهريا. وقد أيقنت أمي ان هذه آمال تأخرت. فأنا في مجال آخر. وقد انتصرت بآرائها على والدي وأعمامي وخالاتي.. يرحمها الله لقد ماتت دون ان اكون رئيسا للوزراء. والله لو اعطيت هذه الفرصة لرفضتها فلا أحد يسعده ذلك.. او كان يسعده ذلك إلا أمي!


لم يكن أبي جادا عندما قرر أن أكمل دراستي في الأزهر ما دمت قد حفظت القرآن الكريم في التاسعة من عمري. فأحد اعمامي استاذ للشريعة في الجامعة الازهرية. ويلقى احتراما عظيما من الناس وكلهم يقبلون يده ـ وأنا أيضا!

ولنفس هذه الاسباب جمعت أمي حاجياتها وتركت البيت، لأنها لا تريد أن أكون استاذا معمما مثل عمي وابن خالة لها. وكانت أحلام أمي أن اكون مثل قريبها ابراهيم باشا عبد الهادي الذي كان رئيسا للديوان الملكي ورئيسا للوزراء. على أي أساس راحت تحلم بهذا اليوم؟ لا يوجد اساس. ولكنها مؤمنة بأني سوف أكون شيئا هاما. على أي أساس؟ لا أساس، وانما هي أحلام أم تحب ابنها وترى فيه تعويضا عن كل متاعبها وهمومها.. ولذلك فلم يكن والدي جادا في ان اذهب الى الازهر. فأمي تسد هذا الطريق. وهو يعلم انها عنيدة جدا.

وكنت اذا ذهبت الى صلاة الجمعة كانت أمي تحذرني من البقاء طويلا في المسجد بعد الصلاة .. فهي تخشى أن (اندمج) في دور المشايخ. وكانت تمنعني من حفلات الذكر.. وهي عادة في الريف يذهب إليها الأطفال ويقلدون الكبار في الذكر.. وكان والدي صديقا لأحد أئمة أحد المساجد اسمه الشيخ (روحه). وكان الشيخ يتوسم خيرا في هذا الطفل ـ الذي هو أنا. فأنا حفظت الى جانب القرآن الكريم.. بردة البوصيري ونهج البردة لشوقي والهمزية النبوية. ولم يكن ذلك لشعور ديني عميق وإنما طفل ذاكرته قوية. ويحفظ الى جانب هذا الشعر الصوفي والديني قصائد في الغزل..

وفي يوم دعتني أمي للسفر معها وليس من عادتي أن أسأل أمي الى أين. ولكن جمعت ملابسها وسافرنا. وبقينا أياما في بيت جدي. وعدنا الى المنصورة. أما السبب فهو ان عددا من المشايخ سوف يجتمعون في بيتنا بمناسبة العيد الأضحى. وشجعتني أمي على ان أصادق عددا من الزملاء الأقباط. على الرغم من ان احدهما ابن قسيس ولكن هناك فارقا كبيرا بين القسيس والشيخ.. وعرفت فيما بعد لماذا تحرص أمي على ان اذهب الى بعض اصدقائي وأبيت عندهم. لماذا؟ لأن اقاربي من المشايخ يجيئون الى بيتنا. فوالدي هو عميد الأسرة وهو رجل صوفي.. شاعر صوفي جميل الصوت والصورة لطيف رقيق لابد أن يحبه الناس.. وأحبوه.

فقط عندما ذهبت الى الجامعة ودخلت قسم الفلسفة. لم تعد امي تعبأ كثيرا بمن يجيء من المشايخ ولا بما يقولون، وكانوا يتمنون ان اكون شيخا أزهريا. وقد أيقنت أمي ان هذه آمال تأخرت. فأنا في مجال آخر. وقد انتصرت بآرائها على والدي وأعمامي وخالاتي.. يرحمها الله لقد ماتت دون ان اكون رئيسا للوزراء. والله لو اعطيت هذه الفرصة لرفضتها فلا أحد يسعده ذلك.. او كان يسعده ذلك إلا أمي!

rola
02/09/2009, 08:35 AM
حمداً لله على عدم تأثير الأقباط عليه
وهذا هو نتاج العند بين الوالدين
ولكن نجاه الله من الطريق الضال وأصبح كاتب مرموق وكتابته جميله
شكرا لك على هذا المقال الذي يشرح فيه قصة حياته مع والديه

almooj
03/09/2009, 02:40 AM
الأخ مشهور : يعطيك العافية على هذه المقالات الرائعة حقيقة ، للكاتب المصري الكبير أنيس منصور ، فهو يكتب بأسلوب مقنع جدا ويميل للمرح في كتاباته بأسلوب هزلي ، لكن الحقيقة لو تصفحنا كتبه ومؤلفاته لوجدنا حقيقة أنه يحكي الواقع حقيقة ، ويقدمها بإسلوب مرح ويشدك هذا الكاتب من أول الصفحة إلى آخرها ، بحيث يقرأ القاريء ولا يمل من كتب الاستاذ أنيس منصور ،فهو حقا كاتب كبير من أكبر الكتاب من دولة مصر الشقيقة وتذكرني كتاباته بكتابات مصطفى محمود الذي تشتاق إلى قراءة كتبه لما فيها من أسلوب الحجة المقنعة وأسلوب مميز يختلف عن بقية الكتاب ، يعطيك العافية وتسلم الأخ مشهور .